الصفحة 63 من 92

والسمع والطاعة وإن كان عبداً حبشيًا، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بسنتي وسنَّةِ الخلفاءِ الراشدين المهديِّين من بعدي تمسكوا بها وعَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ، وإيَّاكم ومحدثاتِ الأمور، فإنَّ كلَّ محدَثَةٍ بِدعَةٌ وكُلَّ بدعةٍ ضلالة )) رواه أبوداود والترمذي وصححه وابن ماجه، وفي رواية له: (( لقد تركتُكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغُ عنها بعدي إلاَّ هالك، ومن يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا ... ) ). ثم ذكره بمعناه.

[خير الهدي هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -]

89 -ولمسلمٍ عن جابرٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (( أمَّا بعدُ؛ فإنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هديُ محمد - صلى الله عليه وسلم - وشرَّ الأُمور محدثاتُها وكلَّ بدعةٍ ضلالة ) ) [1] .

(1) رواه مسلم كتاب الجمعة (1/ 592) رقم: (867) .

من أصول الإيمان: الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وهذا من جهتين:

الجهة الأولى: أن الإيمان بنبينا - صلى الله عليه وسلم - في أول أركان الإسلام في الشهادة بأن محمدًا رسول الله.

والجهة الثانية: دخوله - صلى الله عليه وسلم - في الإيمان بالرسل: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ... }

فمن الإيمان بالرسل الإيمان بخاتمهم - صلى الله عليه وسلم - وذكرنا لكم معنى الإيمان به عليه الصلاة والسلام من الإيمان به اتباع سنته ومن كمال الإيمان به ألا يقدم عقل على سنته ولا رأي على ما قضى به - صلى الله عليه وسلم -، فإذا كان ما قضى به - صلى الله عليه وسلم - قطعي الدلالة في الأمر فإنه لا يحل لأحد مخالفته: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ... } . لهذا كان - صلى الله عليه وسلم - يكثر كما في حديث جابر وغيره من قوله: (( أما بعد فإن أحسن الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد عليه الصلاة والسلام ) )كما في الحديث الأول فأكمل هدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وأكرم هدي وأفضل هدي وأعظم سنة وطريقة وهدي وسلوك هو سبيل محمد عليه الصلاة والسلام لهذا من آمن حقيقة بأنه رسول الله وكمل عنده هذا الإيمان، فإنه لا يخالف السنة وإذا خالف السنة فإنه يضعف إيمانه بكونه مرسل من عند الله -جل وعلا- حقًا؛ لأن إيمان العبد بالرسل يزيد وينقص وإيمانه بأن محمد رسول الله يزيد وينقص فيزيد بكثرة المتابعة وينقص بكثرة المخالفة وليس أهله في أصله سواء.

فالمقصود من هذه الأحاديث التي ذكرها الإمام -رحمه الله تعالى- هو بيان هذا الأصل والتحريض على اتباع السنة وعدم مخالفتها.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام