الصفحة 31 من 92

42 -وقال إسحاق بن رَاهُوية: حدَّثنا بقية بن الوليد، قال: أخبرني الزُّبيديُّ محمد بن الوليد عن راشد بن سعد عن عبد الرحمن بن أبي قتادة عن أبيه عن هشام بن حكيم بن حزام أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله أَتُبْتَدَأُ الأعمالُ أم قد قُضِيَ القضاءُ؟ قال: (( إن الله لما أخرجَ ذُرِّيَّةَ آدمَ من ظهره أشهدهم على أنفسهم، ثم أفاض بهم في كفَّيْهِ، فقال: هؤلاء للجنة وهؤلاء للنار، فأهل الجنة مٌيسَّرون لعمل أهل الجنة وأهل النار مُيسَّرون لعمل أهل النار ) ) [1] .

[كتاب العمل والأجل والرزق

وشقي أو سعيد ونحن في بطون أمهاتنا]

43 -وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: حدثنا رسول الله - وهو الصادق المصدوق: (( إن أحدكم يجمع خلقُهُ في بطن أمه أربعين يوماً نطفةً، ثمَّ يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه ملكًا بأربع كلمات: فيكتب عمله وأجله ورِزقه وشقيٌّ أو سعيدٌ، ثم ينفخُ فيه الروح، فوالذي لا إله غيره إنَّ أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعٌ فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها؛ وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعٌ فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) ). متفق عليه [2] .

(1) صحيح، رواه البخاري في"تاريخه الكبير" (8/ 191 - 192)

(2) رواه البخاري كتاب بدء الخلق (6/ 303) رقم: (3208) ، والأنبياء (6/ 363) رقم: (3332) ، والقدر (11/ 477) رقم: (6594) ، والتوحيد (13/ 440) رقم: (7454) ، ومسلم كتاب القدر (4/ 2036) رقم: (2643) .

هذا الحديث حديث عظيم جليل مهيب يرويه عبد الله بن مسعود عن النبي - والمراد منه في هذا الموطن ذكر القدر، وهو قوله هنا: (( ثم يبعث الله إليه ملكًا بأربع كلمات فيكتب عمله وأجله ورزقه وشقي أو سعيد ) )يعني وهل هو شقي أو سعيد، هذه الكتابة مرتبة من مراتب القدر والكتابة كما ذكرنا لكم فيما سلف أنواع: منها الكتابة العامة المفصلة لكل شيء في اللوح المحفوظ وهذه هي التي جاءت في قول الله -جل وعلا-: - أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ -، وفي قوله - جل جلاله: - وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ -، ونحو ذلك من الآيات وفي قوله - في الحديث المتفق عليه: (( إن الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء ) )يعني كتبها وهذه كتابة عامة مفصلة في كل شيء، تلي هذه الكتابة كتابات عامة في أنحاء منها، الكتابة العمرية يعني لكل شخص أو لكل إنسان كتابة خاصة به عامة بما سيئول إليه أمره وهذه هي الكتابة في الرحم يعني حين يكون المخلوق جنيناً قبل أن تنفخ فيه الروح يكتب هذه الأربع كلمات، يكتب رزقه ويكتب أجله ويكتب عمله، ويكتب هل هو شقي أو سعيد؟ وهذا بما تؤول إليه الحال يعني يكتب رزقه على وجه الإجمال ويكتب عمله هل هو عمله صالح أم لا، ويكتب أجله إلى أين سينتهي ثم هل هو شقي أو سعيد؟ لذلك هذه الكتابة ليست تفصيلية وهناك كتابات أُخر تفصيلية، الكتابة السنوية التي تكون في ليلة القدر وتكون تفصيلاً لما يكون في هذه السنة بخصوصها لهذا المعين وقد يكون في هذه السنة ما يخالف ما هو مكتوب حين كان في الرحم يعني يكون في هذه السنة نسأل الله العافية، مسلم ويكتب في الرحم شقيًا لأنه سيؤول أمره إلى رده وكفر وهذا هو معنى قوله: (( فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ) )إلى آخره.

وهذا معنى أنه كُتِب شقي أو سعيد يعني فيما سيؤول إليه أمره أما فيما هو تفصيل لما في اللوح المحفوظ فهذا يكون الأمر مختلف يعني فيما هو في التقدير السنوي، فلذلك لا نفهم من كتابة هل هو شقي أو سعيد أو أنه يعمل بعمل أهل الجنة ثم يعمل بعمل أهل النار فيدخلها أن هذا مخالف للكتاب أو أن الكتاب جبر عليه لا، الكتاب كما ذكرنا لكم كاشف وما يجري الله -جل وعلا- على عبده هو بقدر لا شك، والقدر أنواع وهذا الكتاب لابد أنه سيكون فقد يكون يعمل بعمل أهل الجنة العمر كله ثم يسبق عليه الكتاب، يعني ما كتب الله -جل وعلا- في الكتاب أنه سيكون شقي فيختار هذه الشقاوة فيبطل عمله السالف، وهو باختياره اختار عمل أهل الجنة ثم باختياره أبطل عمله السابق فإذًا كتابة الكتاب في اللوح المحفوظ يكون على الوجه العام وعلى الوجه التفصيلي، على الوجه الإجمالي النهائي وعلى الوجه التفصيلي، ثم هناك كتب تفصيلية لما في اللوح المحفوظ ومنها الكتابة في الرحم، فإذًا الكتاب في الرحم رزقه وأجله وعمله وهل هو شقي أم سعيد هذا شقي أم سعيد، باعتبار العاقبة لا باعتبار ما يكون في تفاصيل حياته لهذا قال: (( وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) )لأنه كتب أنه سعيد فسيؤول أمره إلى أنه يسلم أو إلى أنه يتوب إلى أن يموت فيكون من أهل الجنة فإذًا الحديث هذا حديث عبدالله بن مسعود، حديث عظيم فيه مسائل تقرير مسائل كثيرة من مسائل القدر وأهمها مسألة الكتابة العمرية وأن الله -جل وعلا- يبعث إليه ملكاً فيكتب هذه الأمور على وجه الإجمال.

سؤال: ؟

الجواب: هذه قالها جمع من أهل العلم وهي آخر أنواع الكتابات، ما فيه مانع

سؤال: .... ؟

الجواب: لا - كل يوم هو في شأن - ما تدل على الكتابة، فهم يستدلون عليها بقوله عليه الصلاة والسلام: (( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل والنهار .... ) )إلى آخر الحديث، وبقوله: - كراماً كاتبين - يعني فيما يكتبون من عمل الإنسان في كل يوم فيطابقون بينه وبين ما هو موجود فيما في أيديهم من الصحف؛ لأن الكتابة السنوية هي في الواقع كتابة يومية مجموعة يعني في اليوم الفلاني سيحدصل كذا وفي اليوم الفلاني سيحصل كذا، إلى آخر هذه الكتابة السنوية، ثم بالنسبة للمكلف يكون تفاصيل الكتابة السنوية العامة للمكلفين أو للمخلوقات تكون بأيدي الملك الموكل بالعبد. فلذلك قال جماعة من أهل العلم إن الكتابة ثَم كتابة يومية كتفصيل للكتابة السنوية وهذه التي فيها التغيير المحو والإثبات والشروط .. إلى آخره - يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ -.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام