الصفحة 30 من 92

[أخذ الله الميثاق علينا ونحن في ظهر آدم - عليه السلام -]

41 -وعن مسلم بن يسارٍ الجُهَني قال: سُئِلَ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن هذه الآية: - وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ - [الأعراف: 172] . فقال عمر - رضي الله عنه - سمعتُ رسول الله - سُئل عنها فقال: (( إن الله خَلَقَ آدمَ ثُمَّ مسحَ ظهرَهُ بيمينِهِ، فاستخرج منهُ ذرية فقال: خَلقْتُ هؤلاء للجنةِ وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره فاستخرََج منه ذُرِّيَةً فقال: خلقتُ هؤلاء للنَّار ويعملِ أهل النار يعلمون ) )فقال رجلٌ: يا رسول الله ففيم العملُ؟ فقال: (( إنَّ الله إذا خلقَ العبدَ للجنَّةِ استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموتَ على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله به الجنة، وإذا خلق العبد للنَّارِ استعمله بعمل أهل النار حتى يموتَ على عملٍ من أعمال أهل النار فيدخله النار ) ).

رواه مالك والحاكم وقال: على شرط مسلم. ورواه أبو داود من وجه آخر عن مسلم بن يسار عن نُعيمٍ بن ربيعة عن عُمَرَ [1] .

(1) رواه مالك في"الموطأ"كتاب القدر (2/ 898 - 899) ، ومن طريق مالك أخرجه أبوداود كتاب السنَّة (4/ 226) رقم: (4703) ، والترمذي في"التفسير" (5/ 248) رقم: (3075) ، والنسائي في"الكبرى" (6/ 247) رقم: (11190) ، والآجري في"الشريعة" (ص:170) ، وابن حبان (14/ 37) رقم: (6166) ، والبيهقي في"الأسماء والصفات" (ص:325) ، والبغوي في"شرح السنة" (1/ 138) رقم: (77) ، والحاكم في"المستدرك" (1/ 27) ، كلهم من طريق مالك عن زيد بن ابي أُنيسة عن عبدالحميد بن عبدالرحمن بن زيد عن مسلم به.

هذا الحديث من الأحاديث المشكلة والتي غَلَطَ فيها المحققون من أهل العلم الرواة في إدخالهم بعض الأحاديث أو إدخالهم الاستخراج في الآية والصحيح أن الاستخراج، استخراج ذرية آدم هذا حق، والميثاق كما جاء في هذا الحديث وأنه استخرج من ظهر آدم ذريته وأنه أشهدهم -جل وعلا- وجعلهم فريقين إلى الجنة وإلى النار وأنهم كانوا كأمثال الذر إلى آخر ما جاء في الأحاديث الصحيحة، فالميثاق حق والإيمان به واجب لكن جعل هذا الميثاق تفسير لقول الله -جل وعلا- في سورة الأعراف: - وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ - هذا فيه نظر عند المحققين من أهل العلم ويجعلون الأحاديث مثل هذا الحديث أنه دخل على الرواة جعلوا حديثًا في حديث وأن مسألة أخذ الميثاق في آية الأعراف غير أخذ الميثاق من ذرية آدم من ظهره والفرق في هذا يمكن أن نفصله إن شاء الله تعالى في شرح الطحاوية في الأسبوع القادم عند قول الطحاوي -رحمه الله تعالى- [والميثاق الذي أخذه الله -جل وعلا- حق]

ش3 وجه أ 7/ 11، 14/ 11/1418 هـ

ثم قال (( من ظهورهم ) )الأخذ كان من الظهور ظهور بني آدم جميعاً (( ذريتهم ) )يعني ذراري كل بني آدم من ظهورهم - وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا - إلى آخر الآية كما سيأتي تفصيله.

المسألة الثانية في هذا الحديث: أن الله -جل وعلا- قسم خلقه لمَّا استخرج الذرية من ظهر آدم إلى طائفة في الجنة، وطائفة في النار وهذا لم علمه -جل وعلا- من حالهم وأن منهم من هو في الجنة باختياره وعمله ومنهم من هو في النار باختياره وعمله، والله سبحانه يضل من يشاء ويهدي من يشاء.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام