[تحريم سب الدهر]
38 -ولهما عن أَبي هُريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: (( قال الله تعالى: يُؤذيني ابنُ آدمَ يسبُّ الدَّهرَ، وأنا الدَّهرُ بِيدِي الأَمرُ أُقلِّبُ الليلَ والنَّهارَ ) ) [1] .
(1) رواه البخاري في التفسير (8/ 574) رقم: (4826) ، والتوحيد (13/ 464) رقم: (7491) ، ومسلم الأدب (4/ 1762) رقم: (2246) .
ش2 وجه ب 15/ 6، 29/ 6، 22/ 10، 29/ 101418 هـ
بالوسيلة لأنه إن سب الدهر فسب الدهر راجع إلى سب مقلب الدهر فقوله سبحانه: (( يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر ) )يعني سب من لا يملك شيئًا من هو مدَّبر فيرجع السب إلى من دبره فإذا سب الدهر فقد سب الله -جل وعلا- يعني شتم الدهر وصف الدهر النقائص، قال هذه الأيام إنما هي خبط عشواء مثلاً، قال هذه السنون إنما هي تأتي وتذهب دون حكمة مثلاً أو يقول أيامنا هذه أو يقول الأيام تأخذ وتعطي عمياء فيما تأخذ وتعطي تميت بعمى وتعطي بعمى ونحو ذلك مما فيه سب وانتقاص وهذا سب لله -جل وعلا- في المآل؛ لأن الدهر مخلوق يقلبه الله -جل وعلا- كيف يشاء، وقوله: (( وأنا الدهر ) )ليس فيه أن الدهر من أسماء الله -جل وعلا- ولكن بوسيلة قوله يسب الدهر وأنا الدهر يعني إذا كان يسب الدهر وهو لا يستحق هذا السب لكونه مَدَّبرًا فأنا الدهر؛ لأن المسبة إذاً وقعت على الله -جل وعلا- والإيذاء وقع على الله -جل وعلا- وينبغي أن يعلم أن وصف الأيام بالسوء أو بالنحس أو بالسواد أو بالظلمة ونحو ذلك مما فيه إضافة للعبد ليس من سب الدهر، السب كما يقال مثلاً هذا يوم نحس أو هذا يوم أسود أو هذه أيام مظلمة أو سنة مظلمة وأشباه ذلك.
هذا وصف ليس من السب إنما هو وصف لتلك الأيام بالإضافة إلى من حصل له فيها أشياء سيئة، وهذا كما قال -جل وعلا- - فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ - وكما قال -جل وعلا- في آية فصلت: - فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ ... - الآية، فوصف الأيام بالنحس والسوء والإظلام أو يوم أسود أو نحو ذلك بعناية أو بقصد أنه بالنسبة للقائل هو كذلك يعني حصل له فيه سوء فهذا لا بأس به؛ لأن الشر ليس إلى الله -جل وعلا- وإنما هو قد يضاف إلى العبد فيكون يوم نحس بالنسبة للعبد، يوم سوء بالنسبة للعبد، وهكذا.