الصفحة 14 من 92

23 -وله عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (( إن الله تبارك وتعالى إذا أَحبَّ عبدًا نادى: يا جبريلُ! إنَّ اللهَ بُحِبُّ فُلانًا فأَحِبًّهُ، فيُحِبُّهُ جبريلُ، ثمَّ ينادي جبريلُ في السَّماءِ: إنَّ اللهَ يُحِبُّ فلانًا فأَحِبُّوه، فيُحِبُّهُ أَهلُ السَّماءِ ويوضع له القَبُولُ في الأَرض ) ) [1] .

(1) الحديث الأول فيه إثبات صفة المحبة لله -جل وعلا- ولأن هذا الكتاب كتاب أصول الإيمان لإمام الدعوة -رحمه الله- ذكر في أوله الإيمان بالله ذكر صفات الربوبية والأولوهية والآن في الأسماء والصفات، فهنا الآن في ذكر الصفة صفة المحبة لله -جل وعلا-، (( أن الله إذا أحب عبدًا نادى جبريل أن الله يحب فلانًا فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي جبريل في السماء إن الله يحب فلانًا فأحبوه فيحبه أهل السماء ويوضع له القبول في الأرض ) )، ومحبة الله -جل وعلا- لعبده صفة اختياريه متعلقة بالحال عند أهل السنة ليست متعلقة بالمآل وأهل السنة في صفة المحبة وصفة الرضا، وأشباه ذلك يعلقونها بالحال يعني أن الله -جل وعلا- يحب من كان على الإيمان ولو كان سيؤول أمره إلى غيره؛ لأنه وهو موحد مؤمن قام بقلبه إخلاص العبادة لله وتوجه إلى الله فاستحق على ذلك المحبة، ومحبة الله مقتضية في حالها مقتضية آثارها على العبد والمبتدعة يجعلون المحبة واحدة أزلية غير متغيرة فيقولون إن الله يحب من علم موته على الإيمان ولو في حال كفره فعمر - رضي الله عنه - في حال الجاهلية في حال كفره كان محبوبًا لله -جل وعلا-، وفي حال إيمانه محبوبًا لله -جل وعلا-؛ لأنه سبحانه علم أن سيموت على الإيمان فأحبه من حين خرج من بطن أمه وقولهم هذا لأنهم ليس عندهم صفات اختيارية ولا صفات تقوم بالرب -جل وعلا- بمشيئته واختياره سبحانه لانتفاء التنزيه عندهم للقول بتجدد الصفات، أو ما يسمونه بحلول الحوادث في الله -جل وعلا- .. فإثبات صفة المحبة لله -جل وعلا- على ما يليق به سبحانه حق كما نطقت بذلك النصوص والمحبة معلومة المعنى كما يليق بجلاله وعظمته ويرضى ويغضب سبحانه وتعالى، وأن ذلك متعلق بالحال ليس متعلقًا بالمآل عند أهل السنة فيرضى عن العبد في حال إيمانه ويحب العبد في حال إيمانه ويغضب عليه في حال كفره قبل إيمانه ويبغضه ولا يحبه في حال كفره قبل إيمانه أو لو ارتد فيجتمع في حقه أنه أُحب في حال وأُبغض في حال حتى المؤمن الواحد يحبه الله - سبحانه وتعالى - إذا أحسن العمل ويبغضه إذا أساء العمل فإذا اجتمع في المؤمن إيمان وفسق ويكون مؤمنًا بإيمانه فاسقاً بكبيرته فيحب على الإيمان ويبغض على الكفر يعني أن المحبة والبغض تتبعض وأنها تكون في حال دون حال.

وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة خلافًا لأهل الكلام وأهل البدع الذين يقولون أن المحبة واحدة، حتى المؤمن في حال كفره قبل الإيمان محبوب، وإذا آمن فعاشر كبيرة في حال معاشرته للكبيرة فهو محبوب إلى آخر ذلك مما لا يليق أن ينسب أو يضاف إلى الرب - جل جلاله -.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام