[إثبات صفة الرضى لله - سبحانه وتعالى -]
14 -وله عنه مرفوعًا: (( إن اللهَ ليرضى عن العبدِ يأكُلُ الأَكْلَةَ فيحمَدُهُ عليها، ويشربٌ الشَّرْبةَ فيحمَدُهُ عليها ) ) [1] .
(1) رواه مسلم كتاب الذكر والدعاء (4/ 2095) رقم:
ثم قال وله عنه مرفوعا: (( إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمد الله عليها، ويشرب الشربة فيحمده عليها ) )وهذا الحديث فيه ذكر لأصل من أصول الإيمان بالصفات ألا وهو الإيمان بالصفات الاختيارية؛ لأن الرضى والغضب وأشباه هاتين الصفتين من الصفات الاختيارية، من الصفات الفعلية التي يتصف الله - جل وعلا - بها بمشيئته وقدرته تعالى إذا شاء كيف شاء، والأولى صفة الرحمة هذه صفة ذاتية، صفة الرحمة لله - جل وعلا - لا ينفك عنه اتصافه بالرحمة بل هو سبحانه رحيم في كل حال ولو لم يكن رحيما في آن من الأوان لهلك خلقه أجمعون، ولهذا عقب الشيخ - رحمه الله- بذكر الصفات الاختيارية على الصفات الذاتية؛ لأن الصفات الذاتية أعظم والصفات الاختيارية يتصف الله بها سبحانه في حال دون حال بمشيئته وقدرته، (( إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمد الله عليها ) )هذا دليل على أن الرضا يكون حين الأكل وحين الشرب إذا حمد الله رضي الله عنه ذلك بخلاف قول الأشاعرة وقول المبتدعة أن الرضا قديم، يقولون رضا الله عن عبده المؤمن قديم، رضي وانتهى فإذا كان كافرا في أول عمره ثم كان مكتوبا له أن يؤمن فإنه مرضي عنه حتى في حال كفره .. فالصحابة في حال كفرهم مرضي عنهم ولو في حال عبادة بعضهم للأوثان، والمؤمن الذي يختم حياته ـ نسأل الله العافية والسلامة ـ بردة مغضوب عليه حتى حين كان يصلي، وهذا باطل من القول لأنه في أساسه ناشئ عن الصفات الاختيارية والله - سبحانه وتعالى - بين في كتابه أم صفته الاختيارية تحل بعد أن لم تكن حالة كما قال سبحانه: { ... } فيحل بعد أن لم يكن حالاً، وكما جاء في حديث الشفاعة المعروف، قال: (( إن الله غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ) )، فدل على أن الغضب يتفاوت من جهة الصفة فبعض الغضب أعظم من بعض، وأيضا يتفاوت من جهة الزمن يغضب في حال دون حال فيتصف بذلك سبحانه كيف شاء.