الصفحة 26 من 31

وفي أعياد الميلاد وجه آخر من الزور، وهو ما يذكره المؤرخون من أن تاريخ ميلاد عيسى - عليه السلام - غير معروف على وجه الدقة واليقين، وإنما هو تخرص وظن.

السفر للاحتفال ... معصية أخرى:

ويعظم الإثم بما يفعله بعض المسلمين اليوم من السفر إليهم في الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر لمشاركة النصارى حفلاتهم، وفي هذا مفاسد أخرى؛ كإقرارهم على هذا الباطل، وصرف المال في ديارهم على ما لا يفيد بل يضر .. إضافة إلى ما يشوب هذه الأيام من شرب الخمور والاختلاط والرقص.

والسفر عند الفقهاء - كأي عمل بشري - تجري عليه الأحكام الخمسة، ولا شك أن هذا - سفر معصية - يأثم صاحبه.

ونقل ابن تيمية عن عبد الرحمن بن القاسم - صاحب مالك وأحد كبار المجتهدين في مذهبه - أنه سئل عن الركوب في السفن التي تركب فيها النصارى إلى أعيادهم؟ فكره ذلك مخافة نزول السخط عليهم بشركهم الذي اجتمعوا عليه [20] .

ولعل قارئاً يعترض عليَّ بالكتابة في هذا الموضوع"الجزئي الهامشي"، وترك ما هو أعم وأهم ... والجواب؛ أن التغريب يضرب بأطنابه في كل شيء، ولا يريد أن يستبقي لنا شيئاً خاصاً بنا ومن صميم حضارتنا، فهو ينفذ إلى طرائق التفكير ومناهج السلوك وأساليب العلم وأشكال تخطيط المدن وأنواع اللباس والمأكل ... حتى الأعياد التي هي شعار الأمم وأعلامها لم تنجُ من أثره.

فهذا من مظاهر العولمة الضارة والغزو الفكري ... أن صارت الأعياد المسيحية تزاحم أعيادنا ... وفي عقر ديارنا ... إن من حقنا أن ندافع عن قيمنا وهويتنا في زمن أصبحت فيه حتى فرنسا تخاف على تميزها من طغيان العولمة الجارف [21] ... وما الهوية والشخصية الذاتية إن لم تكن مجموع الدين واللغة والتقاليد والأعياد؟

ثم أترى النصارى يشاركوننا أعيادنا؟ إنهم - حتى - لا يعترفون بها، ويعتبرون بعضها - خاصة عيد الأضحى - نوعاً من الهمجية، وها هي الممثلة الفرنسية العجوز؛"بريجيت باردو"تطلع على العالم عشية كل أضحى فتسب الإسلام والمسلمين، وتصفهم بالقسوة والبدائية؛ لأنهم يتقربون إلى الله تعالى بالذبيحة.

فهل هانت علينا أنفسنا إلى هذا الحد؟

[بقلم؛ إلياس بلكا]

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام