الصفحة 12 من 31

إلى بيت المقدس، هذا إذا كان المفعول مما يتدين به، وأما ما يتبع ذلك من التوسع في العادات من الطعام واللباس واللعب والراحة فهو تابع له في دين الإسلام).

إلى أن قال: (الوجه الثالث من الاعتبار؛ يدل أنه إذا سوغ فعل القليل من ذلك أدى إلى فعل الكثير، ثم إذا سوغ فعل القليل من ذلك أدى إلى فعل الكثير، ثم إذا اشتهر الشيء دخل فيه عوام الناس وتناسوا أصله حتى يصير عادة للناس، بل عيداً، حتى يضاهى بعيد الله، بل قد يزيد عليه حتى يكاد أن يفضي إلى موت الإسلام وحياة الكفر) .

إلى أن قال: (الوجه الخامس من الإعتبار؛ أن مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل، خصوصاً إذا كانوا مقهورين تحت ذل الجزية والصغار، فإنهم يرون المسلمين قد صاروا فرعاً لهم في خصائص دينهم، فإن ذلك يوجب قوة قلوبهم وانشراح صدورهم) .

إلى أن قال: (الوجه الثامن من الاعتبار؛ أن المشابهة في الظاهر نورت نوع مودة ومحبة وموالات في الباطن، كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر، وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة، إلى أن قال رحمه الله: فإذا كانت المشابهة في أمور دينية تورث المحبة والموالاة، فكيف بالمشابهة في أمور دينية؟ فإن افضاءها إلى نوع من الموالاة أكثر وأشد، والمحبة والموالاة لهم تنافي الإيمان، قال الله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} ) .

وأما المواضع المتفرقة [1] ...

فقال رحمه الله [ص: 293] : (النوع الثاني؛ ماجرى فيه حادثة كما كان يجري في غيره من غير أن يوجب ذلك جعله موسماً ولا كان السلف يعظمونه كثامن عشر ذي الحجة الذي خطب فيه النبي صلى الله عليه وسلم بغدير خم مرجعه من حجة الوداع، فإنه صلى الله عليه وسلم خطب فيه خطبة وصى فيها باتباع كتاب الله، ووصى فيها بأهل بيته، كما رواه مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، فزاد بعض أهل الأهواء في ذلك حتى زعموا أنه عهد إلى علي رضي الله عنه بالخلافة بالنص الجلي) .

إلى أن قال: (وليس الغرض الكلام في"مسألة الإمامة"، وإنما الغرض أن اتخاذ هذا اليوم عيداً محدث لا أصل له فلم يكن في السلف لا من أهل البيت ولا من غيرهم من اتخذ ذلك عيداً حتى يحدث فيه أعمالاً، إذ الأعياد شريعة من الشرائع فيجب فيها الاتباع لا الابتداع، وللنبي صلى الله عليه وسلم خطب وعهود ووقائع في أيام متعددة؛ مثل بدر، وحنين، والخندق،

(1) أي من كتاب اقتضاء الصراط المستقيم التي أشار إليها في أول هذه الرسالة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام