الصفحة 11 من 31

والباعوث، فإذا كان المسلمون قد اتفقوا على منعهم من إظهارها فكيف يسوغ للمسلمين فعلها، أو ليس فعل المسلم لها أشد من فعل الكافر لها مظهراً لها، وذلك أنا إنما منعناهم من إظهارها لما فيه من الفساد: إما لأنها معصية: أو شعار المعصية، وعلى التقديرين فالمسلم ممنوع من المعصية ومن شعار المعصية، ولو لم يكن في فعل المسلم لها من الشر إلا تجرئة الكافر على إظهارها، لقوة قلبه بالمسلم، فكيف بالمسلم إذا فعلها، فكيف وفيها من الشر ما سننبه على بعضه إن شاء الله).

ومن الآثار التي ذكرها رحمه الله ها هنا؛ ما رواه البيهقي بإسناده عن عبد الله بن عمرو قال: (من بنى ببلاد الأعاجم، وصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة) .

ومنها أيضاً ما رواه البخاري في صحيحه عن قيس بن أبي حازم قال: (دخل أبو بكر الصديق رضي الله عنه على امرأة من أحمس يقال لها: زينب، فرآها لا تتكلم، فقال: ما لها لا تتكلم؟! قالوا حجت مصمتة، فقال لها: تكلمي، فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية، فتكلمت، فقالت: من أنت؟ قال: امرؤ من المهاجرين، فقالت: من أي المهاجرين؟ قال: من قريش، قالت: من أي قريش؟ قال: إنك لسؤول، وقال: أنا أبو بكر، قالت: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية؟ قال: بقاؤكم عليه ما استقامت لكم أئمتكم، قالت: وما الأئمة، قال: أما كان لقومكم رؤوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم؟ قالت: بلى قال: فهم أولئك على الناس) .

وقال رحمه الله [ص: 27] :(وأما الاعتبار في مسألة العبد فمن وجوه؛

أحدها؛ أن الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك التي قال الله سبحانه: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً} ، وقال: {لكل أمة جعلنا منسكاً هم ناسكوه} ، كالقبلة والصلاة والصيام.

فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المناهج، فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر، والموافقة في بعض فروع موافقة في بعض شعب الكفر، بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به بين الشرائع، ومن أظهر مالها من الشرائع، فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر وأظهر شعائره، ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة وشروطه) .

إلى أن قال: (الوجه الثاني من الاعتبار؛ أن ما يفعلونه في أعيادهم معصية لله، لأنه إما محدث مبتدع وإما منسوخ، وأحسن أحواله - ولا حسن فيه - أن يكون بمنزلة صلاة المسلم

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام