الصفحة 8 من 18

وقد عقد ابن مفلح رحمه الله في الآداب الشرعية فصلاً في حكم هجر أهل المعاصي ذكر فيه آثاراً عن الصحابة وغيرهم في هجرة أهل البدع والأهواء نقلها عن القاضي أبي يعلى، منها:

وقال ابن عباس رضي الله عنهما في القدرية: (لا تكلمهم ولا تجالسهم) .

وقال سعيد بن جبير لأيوب: (لا تجالس طلق بن حبيب فإنه مرجئ) . [1]

وسرد آثاراً أخرى ثم قال: (قال القاضي: هو إجماع الصحابة والتابعين) .

وقال: (وأما المرتدون فإن الصحابة رضي الله عنهم باينتهم بالحروب والقتال وأي هجر أعظم من هذا) ؟

ونقل عن ابن قدامة قوله: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن اتبع سنتهم في جميع الأمصار والأعصار متفقين على وجوب إتباع الكتاب والسنة وترك علم الكلام وتبديع أهله وهجرانهم والخبر بزندقتهم وبدعتهم).

قال ابن مفلح: (وكلام الشيخ موفق الدين يقتضي أنه لا فرق بين الداعية إلى البدعة وغيره، وظاهره أنه إجماع السلف) .

وقال: (فصل في هجر الكافر والفاسق والمبتدع والداعي إلى بدعة مضلة) .

قال ابن عقيل: (إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة) [1/ 229 - 236]

(1) قال أيوب عن طلق: ما أدركت بالبصرة أعبد منه ولا أبر بوالديه منه. أهـ فطلق هذا لم يرتكب سوى تمذهبه بالإرجاء، ومع كونه من العباد الصالحين، وبالرغم من كل ذلك إلا أن سعيداً نهى عن مجالسته! فلا يخرج علينا أحد ويتعذر لهؤلاء المشرعين من دون الله بأن ثيابهم قصيرة ولحاهم طويلة، فلثوب أبي الحباب ابن سلول أقصر من ثيابهم، وللحيته أطول من لحاهم وأغلظ! ولكن:

ليس بطول اللحى ... يستوجب القضا

لو كان هذا بذا ... فالتيس عدلاً رضا!

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام