أهدكم، يا عبادي، كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي، كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم"."
وفي"سنن ابن ماجه"من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من لم يسأل الله يغضب عليه"وقد قوّى هذا الحديث بعض أهل العلم، والحديث فيه ضعف، ولكن نصوص الكتاب والسنة تشهد لمعناه، فالذي لا يسأل الله تعالى مطلقاً ولا في شيء من أموره، لا شك أن الله تعالى يغضب عليه، لأنه لم يتخذ الله رباً وإلهاً، والدعاء: منه ما هو واجب مثل سؤال الله الهداية، لقوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة: 6] وسؤال الله المغفرة، ومثل الدعاء بين السجدتين.
وقد نظم بعضهم هذا المعنى فقال:
الرب يغضب إن تركت سؤاله ... وبني آدم حين يُسأل يغضب
وقال بعضهم:
أبا هانئ لا تسأل الناس والتمس ... بكفيك فضل الله والله أوسع ...
ولو تسأل الناس التراب لأوشكوا ... إذا قلت هاتوا أن يملوا ويمنعوا
الوجه التاسع: كما أن الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة دلت على منع سؤال غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، ففطرة الإنسان دلت على ذلك؛ لأن الله -عز وجل- فطر العباد على التوجه إليه ودعاءه في وقت الشدة وحلول المصيبة، وهذا في كل الناس حتى الكافر منهم، كما ذكر الله -تعالى- عن المشركين، فقال: (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) [يونس: 22] .
وقال عنهم: (وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُوراً) [الإسراء: 67] .
بل حتى الحيوانات مفطورة على التوجه إلى ربها وفاطرها، قال تعالى عن هدهد سليمان -عليه السلام-: (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ،