الصفحة 220 من 234

والاعتقاد بكرامة الإنسان على الله ، يرفع من اعتباره في نظر نفسه ، ويثير في ضميره الحياء من التدني عن المرتبة التي رفعه الله إليها . وهذا أرفع تصور يتصوره الإنسان لنفسه . . أنه كريم عند الله . . وكل مذهب أو تصور يحط من قدر الإنسان في نظر نفسه ، ويرده إلى منبت حقير ، ويفصل بينه وبين الملأ الأعلى . . هو تصور أو مذهب يدعوه إلى التدني والتسفل ولو لم يقل له ذلك صراحة!

ومن هنا كانت إيحاءات الدارونية والفرويدية والماركسية هي أبشع ما تبتلى به الفطرة البشرية والتوجيه الإنساني ، فتوحي إلى البشر بأن كل سفالة وكل قذارة وكل حقارة هي أمر طبيعي متوقع ، ليس فيه ما يستغرب ، ومن ثم ليس فيه ما يخجل . . وهي جناية على البشرية تستحق المقت والازدراء!

ونظافة المشاعر تجيء نتيجة مباشرة للشعور بكرامة الإنسان على الله . ثم برقابة الله على الضمائر واطلاعه على السرائر . وإن الإنسان السوي الذي لم تمسخه إيحاءات فرويد وكارل ماركس وأمثالهما ، ليستحيي أن يطلع إنسان مثله على شوائب ضميره وخائنة شعوره . والمؤمن يحس وقع نظر الله سبحانه في أطواء حسه إحساساً يرتعش له ويهتز . فأولى أن يطهر حسه هذا وينظفه!

والحاسة الأخلاقية ثمرة طبيعية وحتمية للإيمان بإله عادل رحيم عفو كريم ودود حليم ، يكره الشر ويحب الخير . ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .

وهناك التبعة المترتبة على حرية الإرادة وشمول الرقابة ، وما تثيره في حس المؤمن من يقظة وحساسية ، ومن رزانة وتدبر . وهي ليست تبعة فردية فحسب ، إنما هي كذلك تبعة جماعية ، وتبعة تجاه الخير في ذاته ، وإزاء البشرية جميعاً . . أمام الله . . وحين يتحرك المؤمن حركة فهو يحس بهذا كله ، فيكبر في عين نفسه ، ويقدر نتيجة خطوه قبل أن يمد رجله . . إنه كائن له قيمة في الوجود ، وعليه تبعة في نظام هذا الوجود ..

والارتفاع عن التكالب على أعراض الحياة الدنيا وهو بعض إيحاءات الإيمان واختيار ما عند الله ، وهو خير وأبقى . { وفي ذلك فليتنافس المتنافسون } والتنافس على ما عند الله يرفع ويطهر وينظف . . يساعد على هذا سعة المجال الذي يتحرك فيه المؤمن . . بين

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام