الصفحة 7 من 234

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (64) سورة آل عمران..

هذه دعوة عادلة إلى أهل الكتاب .. يدعوهم فيها رسول اللّه ، إلى كلمة يجتمع عليها المسلمون وأهل الكتاب ، تلك الكلمة هى: « أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ » فالتوحيد الخالص للّه ، توحيدا مصفّى من كل ضلالات الشرك وأوهامه ـ هو مضمون تلك الكلمة ومحتواها. وقوله تعالى: « وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ » هو تعريض بأتباع المسيح الذين اتخذوا المسيح ـ وهو بعض الناس ـ اتخذوه إلها من دون اللّه .. فالمسيح هو إنسان من الناس ، فكيف يتخذ الناس بعضهم أربابا وآلهة ؟ إنه مهما بلغ تقديرنا وإعزازنا لبعض الناس منا ، فإن ذلك لا يخرج بهم عن دائرة الإنسانية ، ولا يخرج بنظرنا إليهم عن الحدود البشرية ، وإن وضعناهم على الذروة منها.

وقوله تعالى: « فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ » إلفات للمسلمين إلى ما بين أيديهم من حقّ ، فى تلك الكلمة التي دعوا أهل الكتاب إليها .. فإن أباها أهل الكتاب ، وأعطوها ظهورهم ، فإن على المسلمين أن يؤذّنوا بها فى أسماع العالمين ، وأن يملئوا أفواههم وقلوبهم بها ، وأن يقولوها صريحة مدوية ، بمحضر من هؤلاء الذين صمّوا آذانهم عنها ، وأمسكوا ألسنتهم عن النطق بها .. وإشهاد أهل الكتاب على إيمان المؤمنين ، هو شهادة عليهم ، وحجة قائمة على موقفهم العنادىّ من دعوة الحق. [1]

وإنها لدعوة منصفة من غير شك. دعوة لا يريد بها النبي - صلى اللّه عليه وسلم - أن يتفضل عليهم هو ومن معه من المسلمين .. كلمة سواء يقف أمامها الجميع على مستوى

(1) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (2 / 485)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام