قال أبو زرعة الرازي ( [33] ) - رحمه الله -: ( قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مئة ألف وأربعة عشر ألفاً من الصحابة ممن روى عنه وسمع منه ) وفي رواية: ( ممن رآه وسمع منه ) قاله لما قيل له - رضي الله عنه -: أليس يقال: حديث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث ؟ قال: ( ومن قال ذا ؟ قلقل الله أنيابه ، هذا قول الزنادقة ، ومن يحصي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قبض رسول الله …) فذكره ، فقيل له: هؤلاء أين كانوا ؟ وأين سمعوا منه ؟ فقال: ( أهل المدينة ، وأهل مكة ، ومن بينهما ، والأعراب ، ومن شهد معه حجة الوداع ، كل رآه وسمع منه بعرفة )
وذهب جمهور الأصوليين من معتزلة ومتكلمين وفقهاء إلى اشتراط طول الصحبة ، وكثرة اللقاء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، على سبيل التبع له ، والأخذ عنه . ولهذا قالوا: إن الرجل لا يوصف ولو أطال مجالسة العالم بأنه من أصحابه إذا لم يكن على طريق التبع له والأخذ عنه ( [34] ) .
ومما لا شك فيه أن المعول عليه في تعريف الصحابي إنما هم أئمة الحديث والسنة ؛ لأنهم هم أهل الشأن والاختصاص ( [35] ) ،كما أن المعول عليه في المباحث اللغوية هم علماء اللغة وأربابها. فعلماء الحديث -مثلاً- يقومون بتعريف الصحابي ، وعلماء الأصول يبحثون ما يتعلق بحجية قوله من عدمه ، كما أن الأصولي يقرر القواعد الأصولية ليأتي الفقيه فيأخذها مسلمةً ويبني عليها فقهه .