وبعضهم قد أطال في مناقشة الأدلة وذكر الاعتراضات عليها،والبعض الآخر ذكرها باختصار .
وجميعهم قد ضم إلى هذه المسألة - أعني حجية قول الصحابي - مسائل رأوا وثيق صلتها بالموضوع كتخصيص الحديث بقول الصحابي وتقييده به ، وحمل الصحابي الحديث على أحد محمليه ، وحمل الصحابي الحديث على خلاف ظاهره ، ومخالفة الصحابي الحديث بالكلية ، وحكم تفسير الصحابي ، وذكر أثر الاختلاف في حجية قول الصحابي في الفقه الإسلامي في بعض المسائل الفقهية ، وذكر أسماء المفتين من الصحابة وطبقاتهم ، ونحو ذلك .
وكما قلت - آنفاً - لقد استفدت كثيراً مما كتبه هؤلاء -جزاهم الله خير الجزاء - إلا أني تطرقت لحجية قول الصحابي من منظور معين - وهو ما حاولت إبرازه - ألا وهو حجية قول الصحابي عند السلف -رضي الله عنهم - من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة - رحمهم الله تعالى - مع الاجتهاد في توثيق نسبة أقوالهم إليهم ، وبيان زيف ما لم يثبت عنهم ، أو ما نسب إليهم مما أشتهر عنهم خلافه . ثم ذكرت أقوال من جاء بعدهم فيها .
كما أني استقصيت -حسب ظني - أدلة أئمة السلف في هذه المسألة ، فهدفي وغايتي بيان قول السلف والأئمة الأعلام ، وذكر أدلتهم ، مع عدم إلتزامي ذكر أدلة المخالفين لهم ممن جاء من بعدهم . فليس الدافع لي في الكتابة في الموضوع هو نصب الخلاف بين السلف وغيرهم ، و إنما - كما قلت - الدافع الرئيس للكتابة فيه هو: بيان وإيضاح قول السلف فيها ، وتمييزه عن غيره ، وذكر أدلتهم وحججهم فيما ذهبوا إليه ، ولم أتطرق - كما ذكرت سابقاً - إلى علاقة قول الصحابي بالأدلة الشرعية الأخرى كتقييده للمطلق وتخصيصه للعام وحمل المجمل على أحد محامله وغيرها من المسائل لهذا السبب ، ولعل الله أن ييسر لي فيما بعد بحث هذه المسائل بحثاً أصولياً دقيقاً .
هذا ...
وقد سميت هذا البحث:- بـ ( حجية قول الصحابي عند السلف ) .