والبشر الذين ادعوا الألوهية لم يكلفوا أنفسهم مشقة ادعاء ذلك. فمن المقطوع به أن وظيفة الخلق والإبراز من العدم ، لم ينتحلها لنفسه إنسان ولا حيوان ولا جماد. ومن المقطوع به كذلك أن شيئًا لا يحدث من تلقاء نفسه، فلم يبق إلا الله . وقد قرر القرآن الكريم هذا الدليل: (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون * أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون ) . ويلفت أنظار العرب إلى مظاهر الإبداع في المجتمع الساذج الذي يحيون فيه. (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت * وإلى السماء كيف رفعت * وإلى الجبال كيف نصبت * وإلى الأرض كيف سطحت ) . ويسمى هذا الدليل: دليل الإبداع. (ب) لو دخل المرء دارًا، فوجد بها غرفة مهيأة للطعام، وأخرى للمنام، وأخرى للنظافة، وأخرى للضيافة... إلخ ، لجزم بأن هذا الترتيب لم يتم وحده، وأن هذا الإعداد النافع لابد قد نشأ عن تقدير وحكمة، وأشرف عليه فاعل يعرف ما يفعل . والناظر في الكون وآفاقه، والمادة وخصائصها، يعرف أنها محكومة بقوانين مضبوطة ، شرحت الكثير منها علوم الطبيعة والكيمياء والنبات والحيوان والطب، وأفاد منها الناس أجل الفوائد. وما وصل إليه علم الإنسان من أسرار العالم، حاسم في إبعاد كل شبهة توهم أنه وجد كيفما اتفق. كلا. إن النظام الدقيق المختفي في طوايا الذرة؟ مطرد فيما بين أفلاك السماء الرحبة من أبعاد: ص _019