عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَاتُ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي بَيْعِ الْخَمْرِ
مَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ : ثنا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ وَالْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَاتُ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي بَيْعِ الْخَمْرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ ثنا مُسَدَّدٌ ، قَالَ : ثنا يَحْيَى ، عَنْ شُعْبَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ ، عَنْ مُسْلِمٍ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، مِثْلَهُ فَلَمَّا حُرِّمَ الرِّبَا حُرِّمَتْ أَشْكَالُهُ كُلُّهَا وَرُدَّتِ الْأَشْيَاءُ الْمَأْخُوذَةُ إِلَى أَبْدَالِهَا الْمُسَاوِيَةِ لَهَا وَحُرِّمَ بَيْعُ اللَّبَنِ فِي الضُّرُوعِ فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ النَّهْيُ عَنِ النَّفَقَةِ الَّتِي يَمْلِكُ بِهَا الْمُنْفِقُ لَبَنًا فِي الضُّرُوعِ وَتِلْكَ النَّفَقَةُ فَغَيْرُ مَوْقُوفٍ عَلَى مِقْدَارِهَا وَاللَّبَنُ كَذَلِكَ أَيْضًا . فَارْتَفَعَ بِنَسْخِ الرِّبَا أَنْ تَجِبَ النَّفَقَةُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِالْمَنَافِعِ الَّتِي يَجِبُ لَهُ عِوَضُهَا مِنْهَا وَبِاللَّبَنِ الَّذِي يَحْتَلِبُهُ فَيَشْرَبُهُ وَيُقَالُ لِمَنْ صَرَفَ ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِنِ فَجَعَلَ لَهُ اسْتِعْمَالَ الرَّهْنِ : أَيَجُوزُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَرْهَنَ رَجُلًا دَابَّةً هُوَ رَاكِبُهَا ؟ فَلَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ أَنْ يَقُولَ : لَا . فَيُقَالُ لَهُ : فَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُخَلًّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرْتَهِنِ فَيَقْبِضُهُ وَيَصِيرُ فِي يَدِهِ دُونَ يَدِ الرَّاهِنِ كَمَا وَصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الرَّهْنَ بِقَوْلِهِ {{ فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ }} فَيَقُولُ : نَعَمْ . فَيُقَالُ لَهُ : فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الرَّهْنَ عَلَى مَا الرَّاهِنُ رَاكِبُهُ لَمْ يَجُزْ ثُبُوتُهُ فِي يَدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ رَهْنًا بِحَقِّهِ إِلَّا لِذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّ دَوَامَ الْقَبْضِ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الرَّهْنِ إِذَا كَانَ الرَّاهِنُ إِنَّمَا هُوَ احْتِبَاسُ الْمُرْتَهِنِ لِلشَّيْءِ الْمَرْهُونِ بِالدَّيْنِ وَفِي ذَلِكَ أَيْضًا مَا يَمْنَعُ الْمُرْتَهِنَ مِنِ اسْتِخْدَامِ الْأَمَةِ الرَّهْنِ لِأَنَّهَا تَرْجِعُ بِذَلِكَ إِلَى حَالٍ لَا يَجُوزُ عَلَيْهَا اسْتِقْبَالُ الرَّهْنِ . وَحُجَّةٌ أُخْرَى أَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْأَمَةَ الرَّهْنَ لَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَطَأَهَا وَلِلْمُرْتَهِنِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ . فَكَمَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ يَمْنَعُ الرَّاهِنَ بِحَقِّ الرَّهْنِ مِنْ وَطْئِهَا كَانَ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَمْنَعَهُ بِحَقِّ الرَّهْنِ مِنِ اسْتِخْدَامِهَا . وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ .