عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى فَهِيَ لَهُ وَلِعَقِبِهِ بَتَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُعْطِي فِيهَا شَرْطٌ وَلَا ثُنْيَا
حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ ، قَالَ : ثنا أَسَدٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى فَهِيَ لَهُ وَلِعَقِبِهِ بَتَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُعْطِي فِيهَا شَرْطٌ وَلَا ثُنْيَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ فَهِيَ لِلَّذِي عَمَرَهَا لَا تَرْجِعُ إِلَى الْمُعْطِي بِشَرْطٍ وَلَا ثُنْيَا لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ . فَقَالَ الَّذِينَ أَجَازُوا الشَّرْطَ فِي الْعُمْرَى : بِهَذَا نَقُولُ إِذَا وَقَعَتِ الْعُمْرَى عَلَى هَذَا لَمْ تَرْجِعْ إِلَى الْمُعْطِي أَبَدًا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا ذِكْرُ الْعَقِبِ فَهِيَ رَاجِعَةٌ إِلَى الْمُعْطِي بَعْدَ زَوَالِ الْمُعْمَرِ . قَالُوا : وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا رَوَى عَطَاءٌ وَأَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ لِأَنَّ أَبَا سَلَمَةَ زَادَ عَلَيْهِمَا قَوْلَهُ وَلِعَقِبِهِ وَلَيْسَ هُوَ بِدُونِهِمَا وَالزِّيَادَةُ أَوْلَى . فَكَانَ مِنْ حُجَّتِنَا لِلْآخَرِينَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْعُمْرَى حَدِيثٌ غَيْرُ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ هَذَا لَكَانَ فِيهِ أَكْثَرُ الْحُجَّةِ لِلَّذِينَ يَقُولُونَ : إِنَّ الْعُمْرَى لَا تَرْجِعُ إِلَى الْمُعْمِرِ أَبَدًا وَلَا يَجُوزُ شَرْطُهُ . وَذَلِكَ أَنَّ الْعُمْرَى لَا تَخْلُو مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ دَاخِلَةً فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ فَيَنْفُذُ لِلْمُعْمَرِ فِيهَا الشَّرْطُ عَلَى مَا شَرَطَهُ لَا يَبْطُلُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ كَمَا يَنْفُذُ الشُّرُوطُ مِنَ الْمُوقِفِ فِيمَا وَقَفَ أَوْ تَكُونُ خَارِجَةً مِنَ الْمُعْمِرِ دَاخِلَةً فِي مِلْكِ الْمُعْمَرِ فَيَصِيرُ بِذَلِكَ فِي سَائِرِ مَالِهِ وَيَبْطُلُ مَا شَرَطَ عَلَيْهِ فِيهَا . فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَإِذَا الْعُمْرَى إِذَا أُوقِعَتْ عَلَى أَنَّهَا لِلْمُعْمَرِ وَلِعَقِبِهِ فَمَاتَ وَلَهُ عَقِبٌ وَزَوْجَةٌ أَوْ أَوْصَى بِوَصَايَا أَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَنَّ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ تَنْفُذُ فِيهَا كَمَا تَنْفُذُ فِي مَالِهِ وَلَا يَمْنَعُهَا الشَّرْطُ الَّذِي كَانَ مِنَ الْمُعْمِرِ فِي جَعْلِهِ إِيَّاهَا لَهُ وَلِعَقِبِهِ وَزَوْجَتُهُ لَيْسَتْ مِنْ عَقِبِهِ وَلَا غُرَمَاؤُهُ وَلَا أَهْلُ وَصَايَاهُ . وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْمُعْمَرُ وَلَا عَقِبَ لَهُ لَمْ يَرْجِعْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَى الْمُعْمِرِ . فَلَمَّا كَانَ مَا وَصَفْنَا كَذَلِكَ كَانَتْ كَذَلِكَ أَبَدًا يَجُوزُ عَلَى مَا جَعَلَهَا عَلَيْهِ الْمُعْمِرُ وَيَبْطُلُ شَرْطُهُ الَّذِي اشْتَرَطَ فِيهَا وَلَا يَنْفُذُ مِنْهُ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ وَيَخْرُجُ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ فَيَكُونُ شُرُوطُهَا لَيْسَتْ مِنَ الشُّرُوطِ الَّتِي عَنَاهَا النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذَلِكَ . وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي صَحَّحْنَاهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ . وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِثْلُ ذَلِكَ