أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " دَعُوا النَّاسَ , فَلْيُصِبْ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ , وَإِذَا اسْتَنْصَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ , فَلْيَنْصَحْ لَهُ "
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : ثنا وُهَيْبٌ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ ، أَنَّهُ جَاءَهُ فِي حَاجَةٍ , قَالَ : فَحَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : دَعُوا النَّاسَ , فَلْيُصِبْ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ , وَإِذَا اسْتَنْصَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ , فَلْيَنْصَحْ لَهُ فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنَّمَا نَهَى الْحَاضِرَ أَنْ يَبِيعَ لِلْبَادِي , لِأَنَّ الْحَاضِرَ يَعْلَمُ أَسْعَارَ الْأَسْوَاقِ فَيَسْتَقْصِي عَلَى الْحَاضِرِينَ , فَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ رِبْحٌ , وَإِذَا بَاعَهُمُ الْأَعْرَابِيُّ عَلَى غِرَّتِهِ وَجَهْلِهِ , بِأَسْعَارِ الْأَسْوَاقِ , رَبِحَ عَلَيْهِ الْحَاضِرُونَ . فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يُخَلَّى بَيْنَ الْحَاضِرِينَ وَبَيْنَ الْأَعْرَابِ فِي الْبُيُوعِ , وَمَنَعَ الْحَاضِرِينَ أَنْ يَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ . فَإِذَا كَانَ مَا وَصَفْنَا كَذَلِكَ , وَثَبَتَ إِبَاحَةُ التَّلَقِّي الَّذِي لَا ضَرَرَ فِيهِ , بِمَا وَصَفْنَا مِنَ الْآثَارِ الَّتِي ذَكَرْنَا , صَارَ شِرَى الْمُتَلَقِّي مِنْهُمْ , شِرَى حَاضِرٍ مِنْ بَادٍ , فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ دَعُوا النَّاسَ , يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ خِيَارٌ لِلْبَائِعِ , لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ فِيهِ خِيَارٌ , إِذًا لَمَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ رِبْحٌ , وَلَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَاضِرًا أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَيْهِ , وَلَا أَنْ يَتَوَلَّى الْبَيْعَ لِلْبَادِي مِنْهُ , لِأَنَّهُ يَكُونُ بِالْخِيَارِ فِي فَسْخِ ذَلِكَ الْبَيْعِ , أَوْ يَرُدُّ لَهُ ثَمَنَهُ , إِلَى الْأَثْمَانِ الَّتِي تَكُونُ فِي بِيَاعَاتِ أَهْلِ الْحَضَرِ , بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ . فَفِي مَنْعِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْحَاضِرِينَ مِنْ ذَلِكَ , إِبَاحَةُ الْحَاضِرِينَ الْتِمَاسَ غِرَّةِ الْبَادِينَ فِي الْبَيْعِ مِنْهُمْ , وَالشِّرَاءِ مِنْهُمْ . وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ