لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَوُلِّيَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَدِمَ عَلَيْهِ مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ , فَقَالَ : مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِي , وَلْيَأْخُذْ , فَأَتَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ : وَعَدَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ , أَعْطَانِي هَكَذَا وَهَكَذَا , وَهَكَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ , مِلْءَ كَفَّيْهِ قَالَ : خُذْ بِيَدِكَ , فَأَخَذَ بِيَدِهِ , فَوَجَدَهَا خَمْسَمِائَةٍ فَقَالَ : اعْدُدْ إِلَيْهَا أَلْفًا . ثُمَّ أَعْطَى مَنْ كَانَ وَعَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا , ثُمَّ قَسَمَ بَيْنَ النَّاسِ مَا بَقِيَ , فَأَصَابَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ , فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ , جَاءَهُ مَالٌ كَثِيرٌ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ , فَقَسَمَهُ بَيْنَ النَّاسِ , فَأَصَابَ كُلَّ إِنْسَانٍ عِشْرُونَ دِرْهَمًا , وَفَضَلَ مِنَ الْمَالِ فَضْلٌ , فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ , قَدْ فَضَلَ فَضْلٌ ، وَلَكُمْ خَدَمٌ يُعَالِجُونَ لَكُمْ , وَيَعْمَلُونَ لَكُمْ , فَإِنْ شِئْتُمْ رَضَخْنَا لَهُمْ , فَرَضَخَ لَهُمْ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ , خَمْسَةَ دَرَاهِمَ , فَقِيلَ : يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ فَضَّلْتَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ بِفَضْلِهِمْ , قَالَ : إِنَّمَا أُجُورُهُمْ عَلَى اللَّهِ , إِنَّمَا هَذَا مَغَانِمُ , وَالْأُسْوَةُ فِي الْمَغَانِمِ أَفْضَلُ مِنَ الْأَثَرَةِ , فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَاسْتُخْلِفَ عُمَرُ , فُتِحَتْ عَلَيْهِ الْفُتُوحُ , وَجَاءَهُمْ مَالٌ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْمَالِ رَأْيٌ وَلِي رَأْيٌ آخَرُ , رَأَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَقْسِمَ بِالسَّوِيَّةِ , وَرَأَيْتُ أَنْ أُفَضِّلَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ , وَلَا أَجْعَلُ مَنْ قَاتَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَنْ قَاتَلَ مَعَهُ , فَفَضَّلَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ , فَجَعَلَ لِمَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْهُمْ خَمْسَةَ آلَافٍ , وَمَنْ كَانَ لَهُ إِسْلَامٌ مَعَ إِسْلَامِهِمْ , إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا , أَرْبَعَةَ آلَافٍ أَرْبَعَةَ آلَافٍ , وَلِلنَّاسِ عَلَى قَدْرِ إِسْلَامِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ , وَفَرَضَ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا , لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ , إِلَّا صَفِيَّةَ وَجُوَيْرِيَةَ , فَرَضَ لَهُمَا سِتَّةَ آلَافٍ , سِتَّةَ آلَافٍ , فَأَبَتَا أَنْ تَأْخُذَا , فَقَالَ : إِنَّمَا فَرَضْتُ لَكُنَّ بِالْهِجْرَةِ , فَقَالَتَا : إِنَّمَا فَرَضْتُ لَهُنَّ لِمَكَانِهِنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَنَا مِثْلُ مَكَانِهِنَّ , فَأَبْصَرَ ذَلِكَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَجَعَلَهُنَّ سَوَاءً , وَفَرَضَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا , لِقَرَابَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَرَضَ لِنَفْسِهِ خَمْسَةَ آلَافٍ , وَفَرَضَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ خَمْسَةَ آلَافٍ , وَرُبَّمَا زَادَ الشَّيْءَ , وَفَرَضَ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , خَمْسَةَ آلَافٍ خَمْسَةَ آلَافٍ , أَلْحَقَهُمَا بِأَبِيهِمَا لِقَرَابَتِهِمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَرَضَ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , أَرْبَعَةَ آلَافٍ , وَفَرَضَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا , ثَلَاثَةَ آلَافٍ , فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : بِأَيِّ شَيْءٍ زِدْتَهُ عَلَيَّ ؟ قَالَ : فَبِمَا , فَمَا كَانَ لِأَبِيهِ مِنَ الْفَضْلِ , مَا لَمْ يَكُنْ لَكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَمْ يَكُنْ لِي فَقَالَ : إِنَّ أَبَاهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَبِيكَ , وَكَانَ هُوَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكَ , وَفَرَضَ لِأَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ , مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا , أَلْفَيْنِ أَلْفَيْنِ فَمَرَّ بِهِ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ : زِدْهُ أَلْفًا يَا غُلَامُ , وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ : لِأَيِّ شَيْءٍ زِدْتَهُ عَلَيَّ ؟ وَاللَّهِ مَا كَانَ لِأَبِيهِ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَمْ يَكُنْ لِآبَائِنَا , قَالَ : فَرَضْتُ لِأَبِي سَلَمَةَ أَلْفَيْنِ , وَزِدْتُهُ لِأُمِّ سَلَمَةَ أَلْفًا , فَلَوْ كَانَتْ لَكَ أُمٌّ مِثْلَ أُمِّ سَلَمَةَ , زِدْتُكَ أَلْفًا , وَفَرَضَ لِأَهْلِ مَكَّةَ ثَمَانِي مِائَةٍ فِي الشَّرَفِ مِنْهُمْ , ثُمَّ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ مَنَازِلِهِمْ , وَفَرَضَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرٍو , ثَمَانِي مِائَةٍ , وَفَرَضَ لِلنَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ فِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ , فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ : جَاءَكَ ابْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرٍو , وَنَسَبُهُ إِلَى جَدِّهِ , فَفَرَضْتَ لَهُ ثَمَانِي مِائَةٍ , وَجَاءَكَ هِنْبَةُ مِنَ الْأَنْصَارِ , فَفَرَضْتَ لَهُ فِي أَلْفَيْنِ , فَقَالَ : إِنِّي لَقِيتُ أَبَا هَذَا , يَوْمَ أُحُدٍ , فَسَأَلَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ : مَا أَرَاهُ إِلَّا قَدْ قُتِلَ , فَسَلَّ سَيْفَهُ , وَكَسَرَ غِمْدَهُ , وَقَالَ : إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُتِلَ , فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ , وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ , وَهَذَا يَرْعَى الْغَنَمَ بِمَكَّةَ أَفَتَرَانِي أَجْعَلُهُمَا سَوَاءً ؟ , قَالَ : فَعَمِلَ عُمَرُ , عُمْرَهُ كُلَّهُ بِهَذَا , حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ السَّنَةِ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ , حَجَّ فَقَالَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ : لَوْ مَاتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ , قُمْنَا إِلَى فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ , فَبَايَعْنَاهُ , قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ : يَعْنُونَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ فَلَمَّا قَدِمَ عُمَرُ الْمَدِينَةَ , خَطَبَ , فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ رَأَى أَبُو بَكْرٍ فِي هَذَا الْمَالِ رَأْيًا , رَأَى أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَرَأَيْتُ أَنْ أُفَضِّلَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ بِفَضْلِهِمْ , فَإِنْ عِشْتُ هَذِهِ السَّنَةَ أَرْجِعُ إِلَى رَأْيِ أَبِي بَكْرٍ , فَهُوَ خَيْرٌ مِنْ رَأْيِي
حَدَّثَنَا أَيْضًا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ , قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ الْهَاشِمِيُّ , قَالَ : ثنا أَبُو مَعْشَرٍ , عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , مَوْلَى غَفِرَةَ , قَالَ : لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَوُلِّيَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَدِمَ عَلَيْهِ مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ , فَقَالَ : مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِي , وَلْيَأْخُذْ , فَأَتَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ : وَعَدَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ , أَعْطَانِي هَكَذَا وَهَكَذَا , وَهَكَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ , مِلْءَ كَفَّيْهِ قَالَ : خُذْ بِيَدِكَ , فَأَخَذَ بِيَدِهِ , فَوَجَدَهَا خَمْسَمِائَةٍ فَقَالَ : اعْدُدْ إِلَيْهَا أَلْفًا . ثُمَّ أَعْطَى مَنْ كَانَ وَعَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ شَيْئًا , ثُمَّ قَسَمَ بَيْنَ النَّاسِ مَا بَقِيَ , فَأَصَابَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ , فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ , جَاءَهُ مَالٌ كَثِيرٌ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ , فَقَسَمَهُ بَيْنَ النَّاسِ , فَأَصَابَ كُلَّ إِنْسَانٍ عِشْرُونَ دِرْهَمًا , وَفَضَلَ مِنَ الْمَالِ فَضْلٌ , فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ , قَدْ فَضَلَ فَضْلٌ ، وَلَكُمْ خَدَمٌ يُعَالِجُونَ لَكُمْ , وَيَعْمَلُونَ لَكُمْ , فَإِنْ شِئْتُمْ رَضَخْنَا لَهُمْ , فَرَضَخَ لَهُمْ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ , خَمْسَةَ دَرَاهِمَ , فَقِيلَ : يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَوْ فَضَّلْتَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ بِفَضْلِهِمْ , قَالَ : إِنَّمَا أُجُورُهُمْ عَلَى اللَّهِ , إِنَّمَا هَذَا مَغَانِمُ , وَالْأُسْوَةُ فِي الْمَغَانِمِ أَفْضَلُ مِنَ الْأَثَرَةِ , فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَاسْتُخْلِفَ عُمَرُ , فُتِحَتْ عَلَيْهِ الْفُتُوحُ , وَجَاءَهُمْ مَالٌ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْمَالِ رَأْيٌ وَلِي رَأْيٌ آخَرُ , رَأَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَقْسِمَ بِالسَّوِيَّةِ , وَرَأَيْتُ أَنْ أُفَضِّلَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ , وَلَا أَجْعَلُ مَنْ قَاتَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَمَنْ قَاتَلَ مَعَهُ , فَفَضَّلَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ , فَجَعَلَ لِمَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْهُمْ خَمْسَةَ آلَافٍ , وَمَنْ كَانَ لَهُ إِسْلَامٌ مَعَ إِسْلَامِهِمْ , إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا , أَرْبَعَةَ آلَافٍ أَرْبَعَةَ آلَافٍ , وَلِلنَّاسِ عَلَى قَدْرِ إِسْلَامِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ , وَفَرَضَ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا , لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ , إِلَّا صَفِيَّةَ وَجُوَيْرِيَةَ , فَرَضَ لَهُمَا سِتَّةَ آلَافٍ , سِتَّةَ آلَافٍ , فَأَبَتَا أَنْ تَأْخُذَا , فَقَالَ : إِنَّمَا فَرَضْتُ لَكُنَّ بِالْهِجْرَةِ , فَقَالَتَا : إِنَّمَا فَرَضْتُ لَهُنَّ لِمَكَانِهِنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَلَنَا مِثْلُ مَكَانِهِنَّ , فَأَبْصَرَ ذَلِكَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَجَعَلَهُنَّ سَوَاءً , وَفَرَضَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا , لِقَرَابَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَفَرَضَ لِنَفْسِهِ خَمْسَةَ آلَافٍ , وَفَرَضَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ خَمْسَةَ آلَافٍ , وَرُبَّمَا زَادَ الشَّيْءَ , وَفَرَضَ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , خَمْسَةَ آلَافٍ خَمْسَةَ آلَافٍ , أَلْحَقَهُمَا بِأَبِيهِمَا لِقَرَابَتِهِمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَفَرَضَ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , أَرْبَعَةَ آلَافٍ , وَفَرَضَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا , ثَلَاثَةَ آلَافٍ , فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : بِأَيِّ شَيْءٍ زِدْتَهُ عَلَيَّ ؟ قَالَ : فَبِمَا , فَمَا كَانَ لِأَبِيهِ مِنَ الْفَضْلِ , مَا لَمْ يَكُنْ لَكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَمْ يَكُنْ لِي فَقَالَ : إِنَّ أَبَاهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ أَبِيكَ , وَكَانَ هُوَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْكَ , وَفَرَضَ لِأَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ , مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا , أَلْفَيْنِ أَلْفَيْنِ فَمَرَّ بِهِ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ : زِدْهُ أَلْفًا يَا غُلَامُ , وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ : لِأَيِّ شَيْءٍ زِدْتَهُ عَلَيَّ ؟ وَاللَّهِ مَا كَانَ لِأَبِيهِ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَمْ يَكُنْ لِآبَائِنَا , قَالَ : فَرَضْتُ لِأَبِي سَلَمَةَ أَلْفَيْنِ , وَزِدْتُهُ لِأُمِّ سَلَمَةَ أَلْفًا , فَلَوْ كَانَتْ لَكَ أُمٌّ مِثْلَ أُمِّ سَلَمَةَ , زِدْتُكَ أَلْفًا , وَفَرَضَ لِأَهْلِ مَكَّةَ ثَمَانِي مِائَةٍ فِي الشَّرَفِ مِنْهُمْ , ثُمَّ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ مَنَازِلِهِمْ , وَفَرَضَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرٍو , ثَمَانِي مِائَةٍ , وَفَرَضَ لِلنَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ فِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ , فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ : جَاءَكَ ابْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرٍو , وَنَسَبُهُ إِلَى جَدِّهِ , فَفَرَضْتَ لَهُ ثَمَانِي مِائَةٍ , وَجَاءَكَ هِنْبَةُ مِنَ الْأَنْصَارِ , فَفَرَضْتَ لَهُ فِي أَلْفَيْنِ , فَقَالَ : إِنِّي لَقِيتُ أَبَا هَذَا , يَوْمَ أُحُدٍ , فَسَأَلَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقُلْتُ : مَا أَرَاهُ إِلَّا قَدْ قُتِلَ , فَسَلَّ سَيْفَهُ , وَكَسَرَ غِمْدَهُ , وَقَالَ : إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قُتِلَ , فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ , وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ , وَهَذَا يَرْعَى الْغَنَمَ بِمَكَّةَ أَفَتَرَانِي أَجْعَلُهُمَا سَوَاءً ؟ , قَالَ : فَعَمِلَ عُمَرُ , عُمْرَهُ كُلَّهُ بِهَذَا , حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ السَّنَةِ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ , حَجَّ فَقَالَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ : لَوْ مَاتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ , قُمْنَا إِلَى فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ , فَبَايَعْنَاهُ , قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ : يَعْنُونَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ فَلَمَّا قَدِمَ عُمَرُ الْمَدِينَةَ , خَطَبَ , فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ رَأَى أَبُو بَكْرٍ فِي هَذَا الْمَالِ رَأْيًا , رَأَى أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَرَأَيْتُ أَنْ أُفَضِّلَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ بِفَضْلِهِمْ , فَإِنْ عِشْتُ هَذِهِ السَّنَةَ أَرْجِعُ إِلَى رَأْيِ أَبِي بَكْرٍ , فَهُوَ خَيْرٌ مِنْ رَأْيِي أَفَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , لَمَّا قَسَمَ , سَوَّى بَيْنَ النَّاسِ جَمِيعًا , فَلَمْ يُقَدِّمْ ذَوِي قُرْبَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ , وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ سَهْمًا فِي ذَلِكَ الْمَالِ أَبَانَهُمْ بِهِ عَنِ النَّاسِ , فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى لَهُمْ بَعْدَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَقًّا فِي مَالِ الْفَيْءِ , سِوَى مَا يَأْخُذُونَهُ كَمَا يَأْخُذُ مَنْ لَيْسَ بِذَوِي الْقُرْبَى , ثُمَّ هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , لَمَّا أَفْضَى إِلَيْهِ الْأَمْرُ وَرَأَى التَّفْضِيلَ بَيْنَ النَّاسِ عَلَى الْمَنَازِلِ , لَمْ يَجْعَلْ لِذَوِي الْقُرْبَى سَهْمًا يَبِينُونَ أَيْ يَمْتَازُونَ بِهِ عَلَى النَّاسِ , وَلَكِنَّهُ جَعَلَهُمْ وَسَائِرَ النَّاسِ سَوَاءً , وَفَضَّلَ بَيْنَهُمْ بِالْمَنَازِلِ , غَيْرَ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ بِالْقَرَابَةِ , لَوْ كَانَ لِأَهْلِهَا سَهْمٌ قَائِمٌ , فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ مِنَ ارْتِفَاعِ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِحَدِيثٍ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ