عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : أَخَذَنِي وَأَبِي الْمُشْرِكُونَ أَيَّامَ بَدْرٍ ، فَأَخَذُوا عَلَيْنَا عَهْدًا أَنْ لَا نُعِينَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : " فَوَلِّهِمْ ، وَلَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ "
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، عَنِ الْحَجَّاجِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : أَخَذَنِي وَأَبِي الْمُشْرِكُونَ أَيَّامَ بَدْرٍ ، فَأَخَذُوا عَلَيْنَا عَهْدًا أَنْ لَا نُعِينَ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : فَوَلِّهِمْ ، وَلَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ لِقَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ ، وَمَنْ وَافَقَهُ ، وَمَنْ حُجَّتُهُمْ مَعَ هَذَا الْحَدِيثِ قِصَّةُ أَبِي بَصِيرٍ فِي أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ ، كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَالَحَهُمْ أَنْ يَرُدَّ مَنْ جَاءَهُمْ بَعْدَ الصُّلْحِ مُسْلِمًا ، فَجَاءَ أَبُو جَنْدَلٍ فَرَدَّهُ إِلَى أَبِيهِ ، وَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ فَرَدَّهُ . وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ يُؤْسَرُ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ ، يَأْسِرُهُ الرُّومُ يُوثِقُوهُ ثُمَّ يُحِلُّونَهُ بَعْدُ ، فَيَهْرَبُ مِنْهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ : لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا لَا أَرَاهُ أَعْطَاهُمْ عَهْدًا وَلَا مِيثَاقًا ، وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَهْرُبَ مِنْهُمْ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَقَوْلُهُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ فِي هَذَا الْبَابِ كَمَذْهَبِ الْأَوْزَاعِيِّ ، وَقَالَ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ : إِذَا ائْتَمَنُوهُ عَلَى شَيْءٍ لَهُمْ فَلْيُؤَدِّ أَمَانَتَهُ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَهُ ، وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَقَدَرَ عَلَى أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْهُمْ ، وَيَأْخُذَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُؤْتَمَنْ عَلَيْهِ ، فَلْيَفْعَلْ . وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : إِذَا أَمَّنُوهُ ، فَأَمْنُهُمْ إِيَّاهُ أَمَانٌ لَهُمْ مِنْهُ ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَغْتَالَهُمْ وَلَا يَخُونَهُمْ ، فَأَمَّا الْهَرَبُ بِنَفْسِهِ فَلَهُ الْهَرَبُ ، وَإِنْ أُدْرِكَ لِيُؤْخَذَ ، فَلَهُ أَنْ يُدَافِعَ عَنْ نَفْسِهِ ، وَإِنْ قَتَلَ الَّذِي أَدْرَكَهُ ؛ لِأَنَّ طَلَبَهُ لِيُؤْخَذَ إِحْدَاثٌ مِنَ الطَّالِبِ غَيْرَ الْأَمَانِ ، فَيَقْتُلُهُ إِنْ شَاءَ وَيَأْخُذُ مَالَهُ مَا لَمْ يَرْجِعْ عَنْ طَلَبِهِ