أَنَّ ابْنَ عُمَرَ : " أُغْمِيَ عَلَيْهِ شَهْرًا فَلَمْ يَقْضِ ، وَصَلَّى صَلَاةَ يَوْمِهِ الَّذِي أَفَاقَ فِيهِ "
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ الثَّوْرِيِّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ : أُغْمِيَ عَلَيْهِ شَهْرًا فَلَمْ يَقْضِ ، وَصَلَّى صَلَاةَ يَوْمِهِ الَّذِي أَفَاقَ فِيهِ وَحَكَى الْفِرْيَابِيُّ عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُعْجِبُهُ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ صَلَاةَ يَوْمِهِ وَلَيْلِهِ ، وَكَانَ الزُّهْرِيُّ ، وَقَتَادَةُ ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ يَقُولُونَ : إِذَا أَفَاقَ نَهَارًا صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ ، فَإِنْ أَفَاقَ لَيْلًا صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ ، وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ النَّخَعِيِّ ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ : إِذَا أَفَاقَ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ يَقْضِي صَلَاةَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَقِيلَ لَهُ : الْفَجْرُ ؟ فَقَالَ : لَا . وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْحَائِضِ تَطْهُرُ ، وَالنَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ ، وَالصَّبِيِّ يَحْتَلِمُ ، وَالْمُغْمَى وَالْمَجْنُونِ يَعْنِي يَفِيقَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ بِرَكْعَةٍ : عَلَيْهِمُ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ ، وَقَبْلَ الْفَجْرِ بِرَكْعَةٍ عَلَيْهِمُ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ ، وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ : إِنْ أَفَاقَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ مِنَ النَّهَارِ قَدْرُ مَا يُصَلِّي فِيهِ الظُّهْرَ وَرَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ، وَإِنْ لَمْ يَفِقْ إِلَّا قَدْرَ مَا يُصَلِّي فِيهِ أَحَدَهُمَا صَلَّى الْعَصْرَ قَالَ : وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ إِنْ أَفَاقَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَعَلَيْهِ قَدْرُ مَا يُصَلِّي فِيهِ الْمَغْرِبَ وَرَكْعَةً مِنَ الْعِشَاءِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : الْإِغْمَاءُ مَرَضٌ مِنَ الْأَمْرَاضِ ، وَالَّذِي يَلْزَمُ الْمَرِيضَ إِذَا عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا وَيَسْقُطُ عَنْهُ فَرْضُ الْقِيَامِ لِعَجْزِهِ عَنْ ذَلِكَ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا صَلَّى عَلَى جَنْبٍ يُومِئُ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ ، وَسَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الْقُعُودِ ، فَإِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصَّلَاةِ بِحَالٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، لِأَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا : يَسْقُطُ عَنِ الْمَرِيضِ كُلُّ عَمَلٍ لَا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهِ فَكَذَلِكَ لَا سَبِيلَ لِلْمُغْمَى عَلَيْهِ إِلَى الصَّلَاةِ فِي حَالَةِ الْإِغْمَاءِ ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ صَلَاةٌ لَمْ يُجَزْ أَنْ يُوجَبَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ، وَإِلْزَامُ الْقَضَاءِ إِلْزَامُ فَرْضٍ ، وَالْفَرْضُ لَا يَجِبُ بِاخْتِلَافٍ ، وَلَا حُجَّةَ مَعَ مَنْ فُرِضَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي حَالِ الْإِغْمَاءِ ، وَلَيْسَ كَالنَّائِمِ الَّذِي يُوجَدُ السَّبِيلُ إِلَى انْتِبَاهِهِ وَهُوَ سَلِيمُ الْجَوَارِحِ ، لِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَاهِي الْجَوَارِحِ مِنْ تَعَبِهَا لَا سَبِيلَ لِأَهْلِهِ إِلَى تَنْبِيهٍ ، فَإِنْ أَفَاقَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَقَدْ بَقِيَ مِقْدَارُ مَا يُصَلِّي رَكْعَةً قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَعَلَيْهِ الْعَصْرُ ، وَإِنْ أَفَاقَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِرَكْعَةٍ صَلَّى الْعِشَاءَ ، وَإِنْ أَفَاقَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِرَكْعَةٍ صَلَّى الصُّبْحَ ، وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ بَيَانٌ لِمَنْ وُفِّقَ لِفَهْمِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُدْرِكٍ لِغَيْرِهَا إِذْ لَوْ كَانَ مُدْرِكًا لِغَيْرِهَا لَكَانَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ ، وَفِي مَعْنَى قَوْلِهِ : فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ غَيْرَهَا كَمَا كَانَ فِي قَوْلِهِ : الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَكُونُ إِلَّا لِمُعْتِقٍ