كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ : " فَأَمَّا أَنَا فَإِنَّمَا أُصَلِّي كَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابِي يُصَلُّونَ , وَأَمَّا أَنَا فَلَا أَنْهَى أَحَدًا أَنْ يُصَلِّيَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ غَيْرَ أَنِّي لَا أَتَحَرَّى طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ذَلِكَ "
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , عَنْ نَافِعٍ قَالَ : كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ : فَأَمَّا أَنَا فَإِنَّمَا أُصَلِّي كَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابِي يُصَلُّونَ , وَأَمَّا أَنَا فَلَا أَنْهَى أَحَدًا أَنْ يُصَلِّيَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ غَيْرَ أَنِّي لَا أَتَحَرَّى طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَفَعَلَ ذَلِكَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ , وَمَسْرُوقٌ , وَشُرَيْحٌ , وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْهُذَيْلِ , وَأَبُو بُرْدَةَ , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ , وَالْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ . قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي التَّطَوُّعِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ لَا نَفْعَلُهُ , وَلَا نَعِيبُ فَاعِلًا , وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ , وَأَبُو أَيُّوبَ , وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مَعْنَى قَوْلِهِ : لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِنَّمَا هُوَ لَا صَلَاةَ بَعْدَ مُضِيِّ آخِرِ وَقْتِهِ , وَآخِرُ وَقْتِهِ اصْفِرَارُ الشَّمْسِ ؛ لِأَنَّ لِلنَّاسِ أَنْ يَتَطَوَّعُوا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ مَا دَامُوا فِي وَقْتِهَا , فَإِذَا خَشُوا فَوَاتَ الْوَقْتِ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ أَنْ يَتَشَاغَلُوا بِغَيْرِ الْفَرْضِ لِئَلَّا يَفُوتَهُمُ الْوَاجِبُ , فَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ صَلَّى أَحَدُهُمَا الْعَصْرَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَأَخَّرَهَا الْآخَرُ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ يُكْرَهُ لِلَّذِي صَلَّى الْعَصْرَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَهَا لِلْمَعْنَى الَّذِي كَرِهَهَا لَهُ عُمَرُ ؛ وَذَلِكَ لِئَلَّا يُدَاوِمَ عَلَيْهَا حَتَّى يَأْتِيَ الْوَقْتُ الْمَنْهِيُّ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهِ , وَلَمْ يَكْرَهْ لِلَّذِي لَمْ يُصَلِّ الْعَصْرَ أَنْ يَتَطَوَّعَ قَبْلَهَا إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ بَيْضَاءَ , فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّطَوُّعَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ , وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا لَكَرِهَ ذَلِكَ لِلرَّجُلَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ : لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَهْيُهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّاعَاتِ الَّتِي نَهَى عَنْهَا عَلَى مَا وَصَفْتُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ لَا يَلْزَمُ , وَكُلُّ صَلَاةٍ كَانَ صَاحِبُهَا يُصَلِّيهَا فَأَغْفَلَهَا , وَكُلُّ صَلَاةٍ أُكِّدَتْ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَرْضًا كَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ , وَذِكْرِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ صَلَّاهُمَا النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعْدَ الْعَصْرِ كَانَ يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ , وَذِكْرِ الصَّلَاةِ لِلطَوَافِ , وَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ , وَجَعَلَ الشَّافِعِيُّ النَّهْيَ فِيمَا سِوَى مَا ذَكَرْنَاهُ , وَكَانَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ يَقُولَانِ : لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا صَلَاةً فَاتَتْهُ أَوْ عَلَى الْجَنَازَةِ إِلَى أَنْ تَدْخُلَ الشَّمْسُ لِلْغَيْبُوبَةِ , وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ : لَا يُصَلِّي رَجُلٌ تَطَوُّعًا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ إِلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ , وَلَا إِذَا قَامَتِ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ تَزُولَ , وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ إِلَّا صَلَاةً فَاتَتْهُ أَوْ عَلَى جَنَازَةٍ أَوْ عَلَى أَثَرِ طَوَافٍ أَوْ صَلَاةٍ لِبَعْضِ الْآيَاتِ , وَكُلَّمَا يَلْزَمُ مِنَ الصَّلَوَاتِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ , وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ : يُصَلِّي كُلَّ الْوَقْتِ مَا خَلَا الْأَرْبَعَ سَاعَاتٍ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ تَرْتَفِعَ , وَإِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ إِلَى أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ وَإِذَا احْمَرَّتِ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ تَغِيبَ , وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَأَكْثَرُ مَنْ رَأَيْتُ مِمَّنْ كَانَ يُشَدِّدُ وَيَمْنَعُ مِنَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ إِنَّمَا يَحْتَجُّ بِأَنَّ عُمَرَ كَانَ يَمْنَعُ النَّاسَ مِنْ ذَلِكَ , وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا كَانَ يَقُولُ : لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ , وَلَا غُرُوبَهَا ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَذَا كَانَ مَذْهَبَهُ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ