عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا اللَّهُ قَالَ : وَكُلُّهُمْ قَدْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا ، وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتَ لَهُ اقْتِصَاصًا ، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ قَالُوا : قَالَتْ عَائِشَةُ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ ، فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ فَخَرَجَ سَهْمِي عَلَيْهِنَّ ، فَخَرَجَ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ . قَالَتْ : وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ ، لَمْ يَهْبُلْنَ بِاللَّحْمِ فَيَثْقُلْنَ ، وَكُنْتُ إِذَا رُحِلَ لِي بَعِيرٌ وَجَلَسْتُ فِي هَوْدَجِي ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمُ الَّذِينَ يَرْحَلُونَ لِي يَحْمِلُونَنِي فَيَأْخُذُونِي بِأَسْفَلِ الْهَوْدَجِ فَيَرْفَعُونَهُ وَيَضَعُونَهُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ فَيَشُدُّونَهُ بِحِبَالِهِ ثُمَّ يَأْخُذُونَ بِرَأْسِ الْبَعِيرِ فَيَنْطَلِقُونَ . قَالَتْ : فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرِهِ ذَلِكَ ، وَجَّهَ قَافِلًا حَتَّى إِذَا جَاءَ قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ نَزَلَ مَنْزِلًا فَبَاتَ بِهِ بَعْضَ اللَّيْلِ ، ثُمَّ أُذِّنَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ فَارْتَحَلَ النَّاسُ ، وَخَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي وَفِي عُنُقِي عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارٍ ، فَلَمَّا فَرَغْتُ انْسَلَّ مِنْ عُنُقِي وَلَا أَدْرِي ، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى الرَّحْلِ ذَهَبْتُ أَلْتَمِسُهُ فِي عُنُقِي فَلَمْ أَجِدْهُ ، وَقَدْ أَخَذَ النَّاسُ فِي الرَّحِيلِ ، فَرَجَعْتُ إِلَى مَكَانِي الَّذِي ذَهَبْتُ مِنْهُ فَالْتَمَسْتُهُ حَتَّى وَجَدْتُهُ ، وَجَاءَ الْقَوْمُ خِلَافِي الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِيَ الْبَعِيرَ وَقَدْ فَرَغُوا مِنْ رَحْلَتِهِ فَأَخَذُوا الْهَوْدَجَ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنِّي فِيهِ كَمَا كُنْتُ أَصْنَعُ ، فَاحْتَمَلُوهُ فَشَدُّوا عَلَى الْبَعِيرِ وَلَمْ يَشُكُّوا أَنِّي فِيهِ ، ثُمَّ أَخَذُوا بِرَأْسِ الْبَعِيرِ فَانْطَلَقُوا بِهِ ، فَرَجَعْتُ إِلَى الْعَسْكَرِ وَمَا فِيهِ دَاعٍ وَلَا مُجِيبٌ ، قَدِ انْطَلَقَ النَّاسُ . قَالَتْ : فَتَلَفَّعْتُ بِجِلْبَابِي ثُمَّ اضْطَجَعْتُ فِي مَكَانِي ، وَعَرَفْتُ أَنْ لَوِ افْتُقِدْتُ قَدْ رَجَعَ إِلَيَّ . قَالَتْ : فَوَاللَّهِ إِنِّي لَمُضْطَجِعَةٌ إِذْ مَرَّ بِي صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ، وَقَدْ كَانَ تَخَلَّفَ عَنِ الْعَسْكَرِ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ فَلَمْ يَتْبَعِ النَّاسَ ، فَرَأَى سَوَادِي فَأَقْبَلَ حَتَّى وَقَفَ عَلَيَّ وَقَدْ كَانَ يَرَانِي قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الْحِجَابُ ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ظَعِينَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُتَلَفِّعَةٌ فِي ثِيَابِي . وَقَالَ : مَا خَلَّفَكِ رَحِمَكِ اللَّهُ ؟ قَالَتْ : فَمَا كَلَّمْتُهُ ثُمَّ قَرَّبَ الْبَعِيرَ فَقَالَ : ارْكَبِي وَاسْتَأْخَرَ عَنِّي . قَالَتْ : فَرَكِبْتُ وَأَخَذَ بِرَأْسِ الْبَعِيرِ فَانْطَلَقَ سَرِيعًا يَطْلُبُ النَّاسَ ، فَوَاللَّهِ مَا أَدْرَكْنَا النَّاسَ وَمَا افْتُقِدْتُ حَتَّى أَصْبَحْنَا وَنَزَلَ النَّاسُ ، فَلَمَّا اطْمَأَنُّوا طَلَعَ الرَّجُلُ يَقُودُ بِي . فَقَالَ أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا فَارْتَجَّ الْعَسْكَرُ وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَلَمْ أَلْبَثْ أَنِ اشْتَكَيْتُ شَكْوَى شَدِيدَةً ، لَمْ يَبْلُغْنِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ ، وَقَدِ انْتَهَى الْحَدِيثُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَى أَبَوَيَّ ، لَا يَذْكُرُونَ مِنْهُ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا إِلَّا أَنِّي قَدْ أَنْكَرْتُ ذَلِكَ مِنْهُ : كَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيَّ وَعِنْدِي أُمِّي تُمَرِّضُنِي قَالَ : " كَيْفَ تِيكُمْ ؟ " لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ . قَالَتْ : حَتَّى وَجِدْتُ فِي نَفْسِي فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ - حِينَ رَأَيْتُ مَا رَأَيْتُ مِنْ جَفَائِهِ - لَوْ أَذِنْتَ لِي فَانْتَقَلْتُ إِلَى أُمِّي فَمَرَّضَتْنِي . قَالَ : " لَا عَلَيْكِ " . قَالَتْ : فَانْتَقَلْتُ إِلَى أُمِّي وَلَا أَعْلَمُ بِشَيْءٍ مِمَّا كَانَ حَتَّى نَقَهْتُ مِنْ وَجَعِي بَعْدَ بِضْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً ، وَكُنَّا قَوْمًا عَرَبًا لَا نَتَّخِذُ فِي بُيُوتِنَا هَذِهِ الْكُنُفَ الَّتِي يَتَّخِذُهَا الْأَعَاجِمُ نَعَافُهَا وَنَكْرَهُهَا ، إِنَّمَا كُنَّا نَذْهَبُ فِي سَبَخِ الْمَدِينَةِ ، وَإِنَّمَا كَانَ النِّسَاءُ يَخْرُجْنَ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي حَوَائِجِهِنَّ ، فَخَرَجْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ حَاجَتِي وَمَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتُ أَبِي رُهْمِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَكَانَتْ أُمُّهَا بِنْتَ صَخْرِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمٍ ، خَالَةَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ . قَالَتْ : فَوَاللَّهِ إِنَّهَا لِتَمْشِي مَعِي إِذْ عَثَرَتْ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَحٌ قَالَتْ : قُلْتُ : بِئْسَ - لَعَمْرُ اللَّهِ - مَا قُلْتِ لِرَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا قَالَتْ : وَمَا بَلَغَكِ الْخَبَرُ يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ ؟ قَالَتْ : قُلْتُ : وَمَا الْخَبَرُ ؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِالَّذِي كَانَ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ . قَالَتْ : قُلْتُ : وَقَدْ كَانَ هَذَا ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ . قَالَتْ : فَوَاللَّهِ مَا قَدَرْتُ عَلَى أَنْ أَقْضِيَ حَاجَتِي وَرَجَعْتُ ، فَوَاللَّهِ مَا زِلْتُ أَبْكِي حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ الْبُكَاءَ سَيَصْدَعُ كَبِدِي . قَالَتْ : وَقُلْتُ لِأُمِّي : يَغْفِرُ اللَّهُ لَكِ . تَحَدَّثَ النَّاسُ بِمَا تَحَدَّثُوا بِهِ وَلَا تَذْكُرِينَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ؟ قَالَتْ : أَيْ بُنَيَّةُ خَفِّفِي عَلَيْكِ الشَّأْنَ ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّ مَا كَانَتِ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا لَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا كَثَّرْنَ وَكَثَّرَ النَّاسُ عَلَيْهَا
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا اللَّهُ قَالَ : وَكُلُّهُمْ قَدْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا ، وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتَ لَهُ اقْتِصَاصًا ، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ قَالُوا : قَالَتْ عَائِشَةُ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَعَهُ ، فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ فَخَرَجَ سَهْمِي عَلَيْهِنَّ ، فَخَرَجَ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَعَهُ . قَالَتْ : وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ ، لَمْ يَهْبُلْنَ بِاللَّحْمِ فَيَثْقُلْنَ ، وَكُنْتُ إِذَا رُحِلَ لِي بَعِيرٌ وَجَلَسْتُ فِي هَوْدَجِي ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمُ الَّذِينَ يَرْحَلُونَ لِي يَحْمِلُونَنِي فَيَأْخُذُونِي بِأَسْفَلِ الْهَوْدَجِ فَيَرْفَعُونَهُ وَيَضَعُونَهُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ فَيَشُدُّونَهُ بِحِبَالِهِ ثُمَّ يَأْخُذُونَ بِرَأْسِ الْبَعِيرِ فَيَنْطَلِقُونَ . قَالَتْ : فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ سَفَرِهِ ذَلِكَ ، وَجَّهَ قَافِلًا حَتَّى إِذَا جَاءَ قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ نَزَلَ مَنْزِلًا فَبَاتَ بِهِ بَعْضَ اللَّيْلِ ، ثُمَّ أُذِّنَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ فَارْتَحَلَ النَّاسُ ، وَخَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي وَفِي عُنُقِي عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارٍ ، فَلَمَّا فَرَغْتُ انْسَلَّ مِنْ عُنُقِي وَلَا أَدْرِي ، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى الرَّحْلِ ذَهَبْتُ أَلْتَمِسُهُ فِي عُنُقِي فَلَمْ أَجِدْهُ ، وَقَدْ أَخَذَ النَّاسُ فِي الرَّحِيلِ ، فَرَجَعْتُ إِلَى مَكَانِي الَّذِي ذَهَبْتُ مِنْهُ فَالْتَمَسْتُهُ حَتَّى وَجَدْتُهُ ، وَجَاءَ الْقَوْمُ خِلَافِي الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِيَ الْبَعِيرَ وَقَدْ فَرَغُوا مِنْ رَحْلَتِهِ فَأَخَذُوا الْهَوْدَجَ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنِّي فِيهِ كَمَا كُنْتُ أَصْنَعُ ، فَاحْتَمَلُوهُ فَشَدُّوا عَلَى الْبَعِيرِ وَلَمْ يَشُكُّوا أَنِّي فِيهِ ، ثُمَّ أَخَذُوا بِرَأْسِ الْبَعِيرِ فَانْطَلَقُوا بِهِ ، فَرَجَعْتُ إِلَى الْعَسْكَرِ وَمَا فِيهِ دَاعٍ وَلَا مُجِيبٌ ، قَدِ انْطَلَقَ النَّاسُ . قَالَتْ : فَتَلَفَّعْتُ بِجِلْبَابِي ثُمَّ اضْطَجَعْتُ فِي مَكَانِي ، وَعَرَفْتُ أَنْ لَوِ افْتُقِدْتُ قَدْ رَجَعَ إِلَيَّ . قَالَتْ : فَوَاللَّهِ إِنِّي لَمُضْطَجِعَةٌ إِذْ مَرَّ بِي صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ، وَقَدْ كَانَ تَخَلَّفَ عَنِ الْعَسْكَرِ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ فَلَمْ يَتْبَعِ النَّاسَ ، فَرَأَى سَوَادِي فَأَقْبَلَ حَتَّى وَقَفَ عَلَيَّ وَقَدْ كَانَ يَرَانِي قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الْحِجَابُ ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ظَعِينَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَنَا مُتَلَفِّعَةٌ فِي ثِيَابِي . وَقَالَ : مَا خَلَّفَكِ رَحِمَكِ اللَّهُ ؟ قَالَتْ : فَمَا كَلَّمْتُهُ ثُمَّ قَرَّبَ الْبَعِيرَ فَقَالَ : ارْكَبِي وَاسْتَأْخَرَ عَنِّي . قَالَتْ : فَرَكِبْتُ وَأَخَذَ بِرَأْسِ الْبَعِيرِ فَانْطَلَقَ سَرِيعًا يَطْلُبُ النَّاسَ ، فَوَاللَّهِ مَا أَدْرَكْنَا النَّاسَ وَمَا افْتُقِدْتُ حَتَّى أَصْبَحْنَا وَنَزَلَ النَّاسُ ، فَلَمَّا اطْمَأَنُّوا طَلَعَ الرَّجُلُ يَقُودُ بِي . فَقَالَ أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا فَارْتَجَّ الْعَسْكَرُ وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَلَمْ أَلْبَثْ أَنِ اشْتَكَيْتُ شَكْوَى شَدِيدَةً ، لَمْ يَبْلُغْنِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ ، وَقَدِ انْتَهَى الْحَدِيثُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَإِلَى أَبَوَيَّ ، لَا يَذْكُرُونَ مِنْهُ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا إِلَّا أَنِّي قَدْ أَنْكَرْتُ ذَلِكَ مِنْهُ : كَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيَّ وَعِنْدِي أُمِّي تُمَرِّضُنِي قَالَ : كَيْفَ تِيكُمْ ؟ لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ . قَالَتْ : حَتَّى وَجِدْتُ فِي نَفْسِي فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ - حِينَ رَأَيْتُ مَا رَأَيْتُ مِنْ جَفَائِهِ - لَوْ أَذِنْتَ لِي فَانْتَقَلْتُ إِلَى أُمِّي فَمَرَّضَتْنِي . قَالَ : لَا عَلَيْكِ . قَالَتْ : فَانْتَقَلْتُ إِلَى أُمِّي وَلَا أَعْلَمُ بِشَيْءٍ مِمَّا كَانَ حَتَّى نَقَهْتُ مِنْ وَجَعِي بَعْدَ بِضْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً ، وَكُنَّا قَوْمًا عَرَبًا لَا نَتَّخِذُ فِي بُيُوتِنَا هَذِهِ الْكُنُفَ الَّتِي يَتَّخِذُهَا الْأَعَاجِمُ نَعَافُهَا وَنَكْرَهُهَا ، إِنَّمَا كُنَّا نَذْهَبُ فِي سَبَخِ الْمَدِينَةِ ، وَإِنَّمَا كَانَ النِّسَاءُ يَخْرُجْنَ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي حَوَائِجِهِنَّ ، فَخَرَجْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ حَاجَتِي وَمَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتُ أَبِي رُهْمِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَكَانَتْ أُمُّهَا بِنْتَ صَخْرِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمٍ ، خَالَةَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ . قَالَتْ : فَوَاللَّهِ إِنَّهَا لِتَمْشِي مَعِي إِذْ عَثَرَتْ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَحٌ قَالَتْ : قُلْتُ : بِئْسَ - لَعَمْرُ اللَّهِ - مَا قُلْتِ لِرَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا قَالَتْ : وَمَا بَلَغَكِ الْخَبَرُ يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ ؟ قَالَتْ : قُلْتُ : وَمَا الْخَبَرُ ؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِالَّذِي كَانَ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ . قَالَتْ : قُلْتُ : وَقَدْ كَانَ هَذَا ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ . قَالَتْ : فَوَاللَّهِ مَا قَدَرْتُ عَلَى أَنْ أَقْضِيَ حَاجَتِي وَرَجَعْتُ ، فَوَاللَّهِ مَا زِلْتُ أَبْكِي حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ الْبُكَاءَ سَيَصْدَعُ كَبِدِي . قَالَتْ : وَقُلْتُ لِأُمِّي : يَغْفِرُ اللَّهُ لَكِ . تَحَدَّثَ النَّاسُ بِمَا تَحَدَّثُوا بِهِ وَلَا تَذْكُرِينَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ؟ قَالَتْ : أَيْ بُنَيَّةُ خَفِّفِي عَلَيْكِ الشَّأْنَ ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّ مَا كَانَتِ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا لَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا كَثَّرْنَ وَكَثَّرَ النَّاسُ عَلَيْهَا ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ بِتَمَامِهِ عَلَى نَحْوِ مَا حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ *