عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ لَمَّا ذُكِرَ مِنْ شَأْنِي الَّذِي ذُكِرَ وَمَا عَلِمْتُ بِهِ ، قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيَّ خَطِيبًا فَتَشَهَّدَ وَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ : " أَمَّا بَعْدُ : أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي أُنَاسٍ أَبَنُوا أَهْلِي وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي مِنْ سُوءٍ قَطُّ وَأَبَنُوا بِمَنْ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَطُّ وَلَا دَخَلَ بَيْتِي قَطُّ إِلَّا وَأَنَا حَاضِرٌ وَلَا غِبْتُ فِي سَفَرٍ إِلَّا غَابَ مَعِي " ، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ : ائْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ أَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ ، وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الخَزْرَجِ وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ رَهْطِ ذَلِكَ الرَّجُلِ ، فَقَالَ : كَذَبْتَ ، أَمَا وَاللَّهِ أَنْ لَوْ كَانُوا مِنَ الأَوْسِ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ تُضْرَبَ أَعْنَاقُهُمْ حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ شَرٌّ فِي المَسْجِدِ وَمَا عَلِمْتُ بِهِ ، فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ ذَلِكَ اليَوْمِ خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي وَمَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ فَعَثَرَتْ ، فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَحٌ ، فَقُلْتُ لَهَا : أَيْ أُمُّ تَسُبِّينَ ابْنَكِ ؟ فَسَكَتَتْ ، ثُمَّ عَثَرَتِ الثَّانِيَةَ فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَحٌ ، فَقُلْتُ لَهَا : أَيْ أُمُّ تَسُبِّينَ ابْنَكِ ؟ فَسَكَتَتْ ، ثُمَّ عَثَرَتِ الثَّالِثَةَ فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَحٌ فَانْتَهَرْتُهَا ، فَقُلْتُ لَهَا : أَيْ أُمُّ تَسُبِّينَ ابْنَكِ ؟ فَقَالَتْ : وَاللَّهِ مَا أَسُبُّهُ إِلَّا فِيكِ ، فَقُلْتُ : فِي أَيِّ شَيْءٍ ؟ قَالَتْ : فَبَقَرَتْ لِي الحَدِيثَ ، قُلْتُ : وَقَدْ كَانَ هَذَا ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، وَاللَّهِ لَقَدْ رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي وَكَأَنَّ الَّذِي خَرَجْتُ لَهُ لَمْ أَخْرُجْ . لَا أَجِدُ مِنْهُ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا ، وَوُعِكْتُ ، فَقُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرْسِلْنِي إِلَى بَيْتِ أَبِي ، فَأَرْسَلَ مَعِي الغُلَامَ ، فَدَخَلْتُ الدَّارَ ، فَوَجَدْتُ أُمَّ رُومَانَ فِي السُّفْلِ وَأَبُو بَكْرٍ فَوْقَ البَيْتِ يَقْرَأُ ، فَقَالَتْ أُمِّي : مَا جَاءَ بِكِ يَا بُنَيَّةُ ؟ قَالَتْ : فَأَخْبَرْتُهَا ، وَذَكَرْتُ لَهَا الحَدِيثَ ، فَإِذَا هُوَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا مَا بَلَغَ مِنِّي ، قَالَتْ : يَا بُنَيَّةُ خَفِّفِي عَلَيْكِ الشَّأْنَ ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتْ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا ، لَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا حَسَدْنَهَا وَقِيلَ فِيهَا ، فَإِذَا هِيَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا مَا بَلَغَ مِنِّي ، قَالَتْ : قُلْتُ : وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أَبِي ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، قُلْتُ : وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، وَاسْتَعْبَرْتُ وَبَكَيْتُ ، فَسَمِعَ أَبُو بَكْرٍ صَوْتِي وَهُوَ فَوْقَ البَيْتِ يَقْرَأُ فَنَزَلَ فَقَالَ لِأُمِّي : مَا شَأْنُهَا ؟ قَالَتْ : بَلَغَهَا الَّذِي ذُكِرَ مِنْ شَأْنِهَا ، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ، فَقَالَ : أَقَسَمْتُ عَلَيْكِ يَا بُنَيَّةُ إِلَّا رَجَعْتِ إِلَى بَيْتِكِ ، فَرَجَعْتُ ، وَلَقَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِي فَسَأَلَ عَنِّي خَادِمَتِي فَقَالَتْ : لَا وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا عَيْبًا إِلَّا أَنَّهَا كَانَتْ تَرْقُدُ حَتَّى تَدْخُلَ الشَّاةُ فَتَأْكُلَ خَمِيرَتَهَا أَوْ عَجِينَتَهَا ، وَانْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَقَالَ : أَصْدِقِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ ، فَقَالَتْ : سُبْحَانَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلَّا مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ ، فَبَلَغَ الأَمْرُ ذَلِكَ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ ، فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَاللَّهِ مَا كَشَفْتُ كَنَفَ أُنْثَى قَطُّ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَقُتِلَ شَهِيدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، قَالَتْ : وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي فَلَمْ يَزَالَا حَتَّى دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ صَلَّى العَصْرَ ، ثُمَّ دَخَلَ وَقَدْ اكْتَنَفَ أَبَوَايَ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي ، فَتَشَهَّدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، ثُمَّ قَالَ : " " أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ ، إِنْ كُنْتِ قَارَفْتِ سُوءًا أَوْ ظَلَمْتِ فَتُوبِي إِلَى اللَّهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ " " ، قَالَتْ : وَقَدْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَهِيَ جَالِسَةٌ بِالبَابِ ، فَقُلْتُ : أَلَا تَسْتَحْيِي مِنْ هَذِهِ المَرْأَةِ أَنْ تَذْكُرَ شَيْئًا ، فَوَعَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَالتَفَتُّ إِلَى أَبِي فَقُلْتُ : أَجِبْهُ ، قَالَ : فَمَاذَا أَقُولُ ؟ فَالتَفَتُّ إِلَى أُمِّي فَقُلْتُ : أَجِيبِيهِ ، قَالَتْ : أَقُولُ مَاذَا ؟ قَالَتْ : فَلَمَّا لَمْ يُجِيبَا تَشَهَّدْتُ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، ثُمَّ قُلْتُ : أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي لَمْ أَفْعَلْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنِّي لَصَادِقَةٌ مَا ذَاكَ بِنَافِعِي عِنْدَكُمْ لِي لَقَدْ تَكَلَّمْتُمْ وَأُشْرِبَتْ قُلُوبُكُمْ ، وَلَئِنْ قُلْتُ إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَفْعَلْ لَتَقُولُنَّ إِنَّهَا قَدْ بَاءَتْ بِهِ عَلَى نَفْسِهَا ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا . قَالَتْ : وَالتَمَسْتُ اسْمَ يَعْقُوبَ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ إِلَّا أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ : {{ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ }} قَالَتْ : وَأُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَاعَتِهِ ، فَسَكَتْنَا ، فَرُفِعَ عَنْهُ وَإِنِّي لَأَتَبَيَّنُ السُّرُورَ فِي وَجْهِهِ وَهُوَ يَمْسَحُ جَبِينَهُ وَيَقُولُ : " أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ ، فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَكِ " قَالَتْ : وَكُنْتُ أَشَدَّ مَا كُنْتُ غَضَبًا ، فَقَالَ لِي أَبَوَايَ ، قُومِي إِلَيْهِ ، فَقُلْتُ : لَا وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ وَلَا أَحْمَدُهُ وَلَا أَحْمَدُكُمَا ، وَلَكِنْ أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي ، لَقَدْ سَمِعْتُمُوهُ فَمَا أَنْكَرْتُمُوهُ وَلَا غَيَّرْتُمُوهُ ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ : أَمَّا زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِدِينِهَا فَلَمْ تَقُلْ إِلَّا خَيْرًا ، وَأَمَّا أُخْتُهَا حَمْنَةُ فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ ، وَكَانَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيهِ مِسْطَحٌ وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَالمُنَافِقُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَسْتَوْشِيهِ وَيَجْمَعُهُ ، وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ هُوَ وَحَمْنَةُ ، قَالَتْ : فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ لَا يَنْفَعَ مِسْطَحًا بِنَافِعَةٍ أَبَدًا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ {{ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ }} إِلَى آخِرِ الآيَةِ - يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ - {{ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي القُرْبَى وَالمَسَاكِينَ وَالمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ }} - يَعْنِي مِسْطَحًا - إِلَى قَوْلِهِ {{ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }} قَالَ أَبُو بَكْرٍ : بَلَى وَاللَّهِ يَا رَبَّنَا ، إِنَّا لَنُحِبُّ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا ، وَعَادَ لَهُ بِمَا كَانَ يَصْنَعُ
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ لَمَّا ذُكِرَ مِنْ شَأْنِي الَّذِي ذُكِرَ وَمَا عَلِمْتُ بِهِ ، قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيَّ خَطِيبًا فَتَشَهَّدَ وَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ : أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي أُنَاسٍ أَبَنُوا أَهْلِي وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي مِنْ سُوءٍ قَطُّ وَأَبَنُوا بِمَنْ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَطُّ وَلَا دَخَلَ بَيْتِي قَطُّ إِلَّا وَأَنَا حَاضِرٌ وَلَا غِبْتُ فِي سَفَرٍ إِلَّا غَابَ مَعِي ، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ : ائْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ أَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ ، وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الخَزْرَجِ وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ رَهْطِ ذَلِكَ الرَّجُلِ ، فَقَالَ : كَذَبْتَ ، أَمَا وَاللَّهِ أَنْ لَوْ كَانُوا مِنَ الأَوْسِ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ تُضْرَبَ أَعْنَاقُهُمْ حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ شَرٌّ فِي المَسْجِدِ وَمَا عَلِمْتُ بِهِ ، فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ ذَلِكَ اليَوْمِ خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي وَمَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ فَعَثَرَتْ ، فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَحٌ ، فَقُلْتُ لَهَا : أَيْ أُمُّ تَسُبِّينَ ابْنَكِ ؟ فَسَكَتَتْ ، ثُمَّ عَثَرَتِ الثَّانِيَةَ فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَحٌ ، فَقُلْتُ لَهَا : أَيْ أُمُّ تَسُبِّينَ ابْنَكِ ؟ فَسَكَتَتْ ، ثُمَّ عَثَرَتِ الثَّالِثَةَ فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَحٌ فَانْتَهَرْتُهَا ، فَقُلْتُ لَهَا : أَيْ أُمُّ تَسُبِّينَ ابْنَكِ ؟ فَقَالَتْ : وَاللَّهِ مَا أَسُبُّهُ إِلَّا فِيكِ ، فَقُلْتُ : فِي أَيِّ شَيْءٍ ؟ قَالَتْ : فَبَقَرَتْ لِي الحَدِيثَ ، قُلْتُ : وَقَدْ كَانَ هَذَا ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، وَاللَّهِ لَقَدْ رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي وَكَأَنَّ الَّذِي خَرَجْتُ لَهُ لَمْ أَخْرُجْ . لَا أَجِدُ مِنْهُ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا ، وَوُعِكْتُ ، فَقُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَرْسِلْنِي إِلَى بَيْتِ أَبِي ، فَأَرْسَلَ مَعِي الغُلَامَ ، فَدَخَلْتُ الدَّارَ ، فَوَجَدْتُ أُمَّ رُومَانَ فِي السُّفْلِ وَأَبُو بَكْرٍ فَوْقَ البَيْتِ يَقْرَأُ ، فَقَالَتْ أُمِّي : مَا جَاءَ بِكِ يَا بُنَيَّةُ ؟ قَالَتْ : فَأَخْبَرْتُهَا ، وَذَكَرْتُ لَهَا الحَدِيثَ ، فَإِذَا هُوَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا مَا بَلَغَ مِنِّي ، قَالَتْ : يَا بُنَيَّةُ خَفِّفِي عَلَيْكِ الشَّأْنَ ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتْ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا ، لَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا حَسَدْنَهَا وَقِيلَ فِيهَا ، فَإِذَا هِيَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا مَا بَلَغَ مِنِّي ، قَالَتْ : قُلْتُ : وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أَبِي ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، قُلْتُ : وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، وَاسْتَعْبَرْتُ وَبَكَيْتُ ، فَسَمِعَ أَبُو بَكْرٍ صَوْتِي وَهُوَ فَوْقَ البَيْتِ يَقْرَأُ فَنَزَلَ فَقَالَ لِأُمِّي : مَا شَأْنُهَا ؟ قَالَتْ : بَلَغَهَا الَّذِي ذُكِرَ مِنْ شَأْنِهَا ، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ، فَقَالَ : أَقَسَمْتُ عَلَيْكِ يَا بُنَيَّةُ إِلَّا رَجَعْتِ إِلَى بَيْتِكِ ، فَرَجَعْتُ ، وَلَقَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى بَيْتِي فَسَأَلَ عَنِّي خَادِمَتِي فَقَالَتْ : لَا وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا عَيْبًا إِلَّا أَنَّهَا كَانَتْ تَرْقُدُ حَتَّى تَدْخُلَ الشَّاةُ فَتَأْكُلَ خَمِيرَتَهَا أَوْ عَجِينَتَهَا ، وَانْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَقَالَ : أَصْدِقِي رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ ، فَقَالَتْ : سُبْحَانَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلَّا مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ ، فَبَلَغَ الأَمْرُ ذَلِكَ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ ، فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَاللَّهِ مَا كَشَفْتُ كَنَفَ أُنْثَى قَطُّ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَقُتِلَ شَهِيدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، قَالَتْ : وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي فَلَمْ يَزَالَا حَتَّى دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقَدْ صَلَّى العَصْرَ ، ثُمَّ دَخَلَ وَقَدْ اكْتَنَفَ أَبَوَايَ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي ، فَتَشَهَّدَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ ، إِنْ كُنْتِ قَارَفْتِ سُوءًا أَوْ ظَلَمْتِ فَتُوبِي إِلَى اللَّهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ، قَالَتْ : وَقَدْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَهِيَ جَالِسَةٌ بِالبَابِ ، فَقُلْتُ : أَلَا تَسْتَحْيِي مِنْ هَذِهِ المَرْأَةِ أَنْ تَذْكُرَ شَيْئًا ، فَوَعَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَالتَفَتُّ إِلَى أَبِي فَقُلْتُ : أَجِبْهُ ، قَالَ : فَمَاذَا أَقُولُ ؟ فَالتَفَتُّ إِلَى أُمِّي فَقُلْتُ : أَجِيبِيهِ ، قَالَتْ : أَقُولُ مَاذَا ؟ قَالَتْ : فَلَمَّا لَمْ يُجِيبَا تَشَهَّدْتُ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، ثُمَّ قُلْتُ : أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي لَمْ أَفْعَلْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنِّي لَصَادِقَةٌ مَا ذَاكَ بِنَافِعِي عِنْدَكُمْ لِي لَقَدْ تَكَلَّمْتُمْ وَأُشْرِبَتْ قُلُوبُكُمْ ، وَلَئِنْ قُلْتُ إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَفْعَلْ لَتَقُولُنَّ إِنَّهَا قَدْ بَاءَتْ بِهِ عَلَى نَفْسِهَا ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا . قَالَتْ : وَالتَمَسْتُ اسْمَ يَعْقُوبَ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ إِلَّا أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ : {{ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ }} قَالَتْ : وَأُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ سَاعَتِهِ ، فَسَكَتْنَا ، فَرُفِعَ عَنْهُ وَإِنِّي لَأَتَبَيَّنُ السُّرُورَ فِي وَجْهِهِ وَهُوَ يَمْسَحُ جَبِينَهُ وَيَقُولُ : أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ ، فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَكِ قَالَتْ : وَكُنْتُ أَشَدَّ مَا كُنْتُ غَضَبًا ، فَقَالَ لِي أَبَوَايَ ، قُومِي إِلَيْهِ ، فَقُلْتُ : لَا وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ وَلَا أَحْمَدُهُ وَلَا أَحْمَدُكُمَا ، وَلَكِنْ أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي ، لَقَدْ سَمِعْتُمُوهُ فَمَا أَنْكَرْتُمُوهُ وَلَا غَيَّرْتُمُوهُ ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ : أَمَّا زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِدِينِهَا فَلَمْ تَقُلْ إِلَّا خَيْرًا ، وَأَمَّا أُخْتُهَا حَمْنَةُ فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ ، وَكَانَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيهِ مِسْطَحٌ وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَالمُنَافِقُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَسْتَوْشِيهِ وَيَجْمَعُهُ ، وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ هُوَ وَحَمْنَةُ ، قَالَتْ : فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ لَا يَنْفَعَ مِسْطَحًا بِنَافِعَةٍ أَبَدًا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ {{ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ }} إِلَى آخِرِ الآيَةِ - يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ - {{ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي القُرْبَى وَالمَسَاكِينَ وَالمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ }} - يَعْنِي مِسْطَحًا - إِلَى قَوْلِهِ {{ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }} قَالَ أَبُو بَكْرٍ : بَلَى وَاللَّهِ يَا رَبَّنَا ، إِنَّا لَنُحِبُّ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا ، وَعَادَ لَهُ بِمَا كَانَ يَصْنَعُ . هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، وَقَدْ رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، وَمَعْمَرٌ ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، هَذَا الحَدِيثَ أَطْوَلَ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَأَتَمَّ