" لَمَّا وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَدِمَتْ حَلِيمَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ فِي نِسْوَةٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ يَلْتَمِسْنَ الرُّضَعَاءَ بِمَكَّةَ ، قَالَتْ حَلِيمَةُ : فَخَرَجْتُ فِي أَوَائِلِ النِّسْوَةِ عَلَى أَتَانٍ لِي قَمْرَاءَ ، وَمَعِي زَوْجِي الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى ، أَحَدُ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ ، ثُمَّ أَحَدُ بَنِي نَاضِرَةَ ، قَدْ أَدْمَتْ أَتَانُنَا ، وَمَعِي بِالرَّكْبِ شَارِفٌ ، وَاللَّهِ مَا تَبِضُّ بِقَطْرَةٍ مِنْ لَبَنٍ ، فِي سَنَةٍ شَهْبَاءَ ، قَدْ جَاعَ النَّاسُ حَتَّى خَلَصَ إِلَيْهِمُ الْجَهْدُ وَمَعِي ابْنٌ لِي ، وَاللَّهِ مَا يَنَامُ لَيْلَنَا ، وَمَا أَجِدُ فِي ثَدْيَيَّ شَيْئًا أُعَلِّلُهُ بِهِ ، إِلَّا أَنَّا نَرْجُو الْغَيْثَ , وَكَانَ لَنَا غَنَمٌ ، فَنَحْنُ نَرْجُوهَا فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ فَمَا بَقِيَ مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا عُرِضَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَرِهَتْهُ ، فَقُلْنَا : إِنَّهُ يَتِيمٌ ، وَإِنَّمَا يُكْرِمُ الظِّئْرَ وَيُحْسِنُ إِلَيْهَا الْوَالِدُ ، فَقُلْنَا : مَا عَسَى أَنْ تَصْنَعَ بِنَا أُمُّهُ أَوْ عَمُّهُ أَوْ جَدُّهُ ، فَكُلُّ صَوَاحِبِي أَخَذَ رَضِيعًا وَلَمْ آخُذْ شَيْئًا ، فَلَمَّا لَمْ أَجِدْ غَيْرَهُ رَجَعْتُ إِلَيْهِ فَأَخَذْتُهُ ، وَاللَّهِ مَا أَخَذْتُهُ إِلَّا أَنِّي لَمْ أَجِدْ غَيْرَهُ فَقُلْتُ لِصَاحِبِي : وَاللَّهِ لَآخُذَنَّ هَذَا الْيَتِيمَ ، مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَنَا بِهِ ، وَلَا أَرْجِعُ مِنْ بَيْنِ صَوَاحِبِي وَلَا آخُذُ شَيْئًا ، فَقَالَ : قَدْ أَصَبْتِ قَالَتْ : فَأَخَذْتُهُ ، فَأَتَيْتُ بِهِ الرَّحْلَ ، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ أَتَيْتُ بِهِ الرَّحْلَ ، فَأَمْسَيْتُ أَقْبَلَ ثَدْيَايَ بِاللَّبِنِ ، حَتَّى أَرْوَيْتُهُ ، وَأَرْوَيْتُ أَخَاهُ ، وَقَامَ أَبُوهُ إِلَى شَارِفِنَا تِلْكَ يَلْمَسُهَا ، فَإِذَا هِيَ حَافِلٌ فَحَلَبَهَا ، فَأَرْوَانِي وَرَوِيَ ، فَقَالَ : يَا حَلِيمَةُ ، تَعْلَمِينَ وَاللَّهِ لَقَدْ أَصَبْنَا نَسَمَةً مُبَارَكَةً ، وَلَقَدْ أَعْطَى اللَّهُ عَلَيْهَا مَا لَمْ نَتَمَنَّ قَالَتْ : فَبِتْنَا بِخَيْرِ لَيْلَةٍ شِبَاعًا ، وَكُنَّا لَا نَنَامُ مَعَ صَبِيِّنَا ، ثُمَّ اغْتَدَيْنَا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادِنَا أَنَا وَصَوَاحِبِي ، فَرَكِبْتُ أَتَانِيَ الْقَمْرَاءَ فَحَمَلْتُهُ مَعِي ، فَوَالَّذِي نَفْسُ حَلِيمَةٍ بِيَدِهِ لَقَطَعْتُ بِالرَّكْبِ حَتَّى إِنَّ النِّسْوَةَ لَيَقُلْنَ : أَمْسِكِي عَلَيْنَا ، أَهَذِهِ أَتَانُكِ الَّتِي خَرَجْتِ عَلَيْهَا ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ فَقَالُوا : إِنَّهَا كَانَتْ أَدْمَتْ حِينَ أَقْبَلْنَا ، فَمَا شَأْنُهَا ؟ قَالَتْ ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَقَدْ حَمَلْتُ عَلَيْهَا غُلَامًا مُبَارَكًا ، قَالَتْ : فَخَرَجْنَا فَمَا زَالَ يَزِيدُنَا اللَّهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَيْرًا ، حَتَّى قَدِمْنَا وَالْبِلَادُ مُسِنَّةٌ ، فَلَقَدْ كَانَتْ رُعَاتُنَا يَسْرَحُونَ ، ثُمَّ يُرِيحُونَ ، فَتَرُوحُ أَغْنَامُ بَنِي سَعْدٍ جِيَاعًا ، وَتَرُوحُ غَنَمِي شِبَاعًا ، بِطَانًا حُفَّلًا فَنَحْلِبُ وَنَشْرَبُ ، فَيَقُولُونَ : مَا شَأْنُ غَنَمِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ، وَغَنَمِ حَلِيمَةَ تَرُوحُ شِبَاعًا حُفَّلًا ، وَتَرُوحُ غَنَمُكُمْ جِيَاعًا وَيْلَكُمْ اسْرَحُوا حِينَ تَسْرَحَ رِعَائُهُمْ , فَيَسْرَحُونَ مَعَهُمْ فَمَا تَرُوحُ إِلَّا جِيَاعًا كَمَا كَانَتْ ، وَتَرْجِعُ غَنَمِي كَمَا كَانَتْ , قَالَتْ : وَكَانَ يَشِبُّ شَبَابًا مَا يَشِبُّهُ أَحَدٌ مِنَ الْغِلْمَانِ ، يِشِبُّ فِي الْيَوْمِ شَبَابَ الْغُلَامِ فِي الشَّهْرِ ، وَيَشِبُّ فِي الشَّهْرِ شَبَابَ السَّنَةِ ، فَلَمَّا اسْتَكْمَلَ سَنَتَيْنِ أَقْدَمْنَاهُ مَكَّةَ أَنَا وَأَبُوهُ ، فَقُلْنَا : وَاللَّهِ لَا نُفَارِقُهُ أَبَدًا وَنَحْنُ نَسْتَطِيعُ ، فَلَمَّا أَتَيْنَا أُمَّهُ ، قُلْنَا لَهَا : أَيُّ ظِئْرٍ وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا صَبِيًّا قَطُّ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْهُ ، وَأَنَّا نَتَخَوَّفُ عَلَيْهِ وَبَاءَ مَكَّةَ وَأَسْقَامَهَا ، فَدَعِيهِ ، نَرْجِعُ بِهِ حَتَّى تَبْرُئِي مِنْ ذَلِكَ ، فَلَمْ نَزَلْ بِهَا حَتَّى أَذِنَتْ ، فَرَجَعْنَا بِهِ ، فَأَقَمْنَا أَشْهُرًا ثَلَاثَةً 0 أَوْ أَرْبَعَةً فِينَا هُوَ يَلْعَبُ خَلْفَ الْبُيُوتِ هُوَ وَأَخُوهُ فِي غَنَمٍ بُهْمٍ لَهُ ، إِذْ أَتَى أَخُوهُ يَشْتَدُّ ، وَأَنَا وَأَبُوهُ فِي الْبَيْتِ ، فَقَالَ : إِنَّ أَخِي الْقُرَشِيَّ أَتَاهُ رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ فَأَخَذَاهُ ، فَأَضْجَعَاهُ فَشَقَّا بَطْنَهُ فَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُوهُ نَشْتَدُّ ، فَوَجَدْنَاهُ قَائِمًا قَدِ انْتُقِعَ لَوْنُهُ فَلَمَّا رَآنَا أَجْهَشَ إِلَيْنَا ، وَبَكَى ، قَالَتْ : فَالْتَزَمْتُهُ أَنَا وَأَبُوهُ فَضَمَمْنَاهُ إِلَيْنَا ، فَقُلْنَا : مَا لَكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ؟ فَقَالَ : أَتَانِي رَجُلَانِ فَأَضْجَعَانِي فَشَقَّا بَطْنِي فَصَنَعَا بِهِ شَيْئًا ، ثُمَّ رَدَّاهُ كَمَا هُوَ ، فَقَالَ أَبُوهُ : وَاللَّهِ مَا أَرَى ابْنِي إِلَّا وَقَدْ أُصِيبَ ، الْحَقِي بِأَهْلِهِ ، فَرُدِّيهِ إِلَيْهِمْ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ بِهِ مَا نَتَخَوَّفُ مِنْهُ ، قَالَ : فَاحْتَمَلْنَاهُ ، فَقَدِمْنَا بِهِ عَلَى أُمِّهِ فَلَّمَا رَأْتَنَا أَنْكَرَتْ شَأْنَنَا ، وَقَالَتْ : مَا رَجَعَكُمَا بِهِ قَبْلَ أَنْ أَسْأَلَكُمَاهُ ، وَقَدْ كُنْتُمَا حَرِيصَيْنِ عَلَى حَبْسِهِ ؟ فَقُلْنَا : لَا شَيْءَ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ قَضَى الرَّضَاعَةَ ، وَسَرَّنَا مَا تَرَيْنَ ، وَقُلْنَا نُؤَدِّيهِ كَمَا تُحِبُّونَ أَحَبُّ إِلَيْنَا قَالَ : فَقَالَتْ : إِنَّ لَكُمَا لَشَأَنًا فَأَخْبِرَانِي مَا هُوَ ، فَلَمْ تَدَعْنَا حَتَّى أَخْبَرْنَاهَا ، فَقَالَتْ : كَلَّا وَاللَّهِ يَصْنَعُ اللَّهُ ذَلِكَ بِهِ ، إِنَّ لَابْنِي شَأْنًا أَفَلَا أُخْبِرُكَمَا خَبَرَهُ ؟ إِنِّي حَمَلْتُ بِهِ فَوَاللَّهِ مَا حَمَلْتُ حَمْلًا قَطُّ كَانَ أَخَفَّ عَلَيَّ مِنْهُ ، وَلَا أَيْسَرَ مِنْهُ ، ثُمَّ رَأَيْتُ حِينَ حَمَلْتُهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنِّي نُورٌ أَضَاءَ مِنْهُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى أَوْ قَالَتْ : قُصُورَ بُصْرَى ، ثُمَّ وَضَعْتُهُ حِينَ وَضَعْتُهُ ، فَوَاللَّهِ مَا وَقَعَ كَمَا يَقَعُ الصِّبْيَانُ ، لَقَدْ وَقَعَ مُعْتَمِدًا بِيَدِهِ عَلَى الْأَرْضِ رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، فَدَعَاهُ عَنْكُمَا ، فَقَبَضَتْهُ وَانْطَلَقْنَا "
أنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ ، ثنا أَبِي ، قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ ، يَقُولُ : حَدَّثَنِي جَهْمُ بْنُ أَبِي الْجَهْمِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، أَوْ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ : لَمَّا وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَدِمَتْ حَلِيمَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ فِي نِسْوَةٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ يَلْتَمِسْنَ الرُّضَعَاءَ بِمَكَّةَ ، قَالَتْ حَلِيمَةُ : فَخَرَجْتُ فِي أَوَائِلِ النِّسْوَةِ عَلَى أَتَانٍ لِي قَمْرَاءَ ، وَمَعِي زَوْجِي الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى ، أَحَدُ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ ، ثُمَّ أَحَدُ بَنِي نَاضِرَةَ ، قَدْ أَدْمَتْ أَتَانُنَا ، وَمَعِي بِالرَّكْبِ شَارِفٌ ، وَاللَّهِ مَا تَبِضُّ بِقَطْرَةٍ مِنْ لَبَنٍ ، فِي سَنَةٍ شَهْبَاءَ ، قَدْ جَاعَ النَّاسُ حَتَّى خَلَصَ إِلَيْهِمُ الْجَهْدُ وَمَعِي ابْنٌ لِي ، وَاللَّهِ مَا يَنَامُ لَيْلَنَا ، وَمَا أَجِدُ فِي ثَدْيَيَّ شَيْئًا أُعَلِّلُهُ بِهِ ، إِلَّا أَنَّا نَرْجُو الْغَيْثَ , وَكَانَ لَنَا غَنَمٌ ، فَنَحْنُ نَرْجُوهَا فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ فَمَا بَقِيَ مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا عُرِضَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَكَرِهَتْهُ ، فَقُلْنَا : إِنَّهُ يَتِيمٌ ، وَإِنَّمَا يُكْرِمُ الظِّئْرَ وَيُحْسِنُ إِلَيْهَا الْوَالِدُ ، فَقُلْنَا : مَا عَسَى أَنْ تَصْنَعَ بِنَا أُمُّهُ أَوْ عَمُّهُ أَوْ جَدُّهُ ، فَكُلُّ صَوَاحِبِي أَخَذَ رَضِيعًا وَلَمْ آخُذْ شَيْئًا ، فَلَمَّا لَمْ أَجِدْ غَيْرَهُ رَجَعْتُ إِلَيْهِ فَأَخَذْتُهُ ، وَاللَّهِ مَا أَخَذْتُهُ إِلَّا أَنِّي لَمْ أَجِدْ غَيْرَهُ فَقُلْتُ لِصَاحِبِي : وَاللَّهِ لَآخُذَنَّ هَذَا الْيَتِيمَ ، مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَنَا بِهِ ، وَلَا أَرْجِعُ مِنْ بَيْنِ صَوَاحِبِي وَلَا آخُذُ شَيْئًا ، فَقَالَ : قَدْ أَصَبْتِ قَالَتْ : فَأَخَذْتُهُ ، فَأَتَيْتُ بِهِ الرَّحْلَ ، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ أَتَيْتُ بِهِ الرَّحْلَ ، فَأَمْسَيْتُ أَقْبَلَ ثَدْيَايَ بِاللَّبِنِ ، حَتَّى أَرْوَيْتُهُ ، وَأَرْوَيْتُ أَخَاهُ ، وَقَامَ أَبُوهُ إِلَى شَارِفِنَا تِلْكَ يَلْمَسُهَا ، فَإِذَا هِيَ حَافِلٌ فَحَلَبَهَا ، فَأَرْوَانِي وَرَوِيَ ، فَقَالَ : يَا حَلِيمَةُ ، تَعْلَمِينَ وَاللَّهِ لَقَدْ أَصَبْنَا نَسَمَةً مُبَارَكَةً ، وَلَقَدْ أَعْطَى اللَّهُ عَلَيْهَا مَا لَمْ نَتَمَنَّ قَالَتْ : فَبِتْنَا بِخَيْرِ لَيْلَةٍ شِبَاعًا ، وَكُنَّا لَا نَنَامُ مَعَ صَبِيِّنَا ، ثُمَّ اغْتَدَيْنَا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادِنَا أَنَا وَصَوَاحِبِي ، فَرَكِبْتُ أَتَانِيَ الْقَمْرَاءَ فَحَمَلْتُهُ مَعِي ، فَوَالَّذِي نَفْسُ حَلِيمَةٍ بِيَدِهِ لَقَطَعْتُ بِالرَّكْبِ حَتَّى إِنَّ النِّسْوَةَ لَيَقُلْنَ : أَمْسِكِي عَلَيْنَا ، أَهَذِهِ أَتَانُكِ الَّتِي خَرَجْتِ عَلَيْهَا ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ فَقَالُوا : إِنَّهَا كَانَتْ أَدْمَتْ حِينَ أَقْبَلْنَا ، فَمَا شَأْنُهَا ؟ قَالَتْ ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَقَدْ حَمَلْتُ عَلَيْهَا غُلَامًا مُبَارَكًا ، قَالَتْ : فَخَرَجْنَا فَمَا زَالَ يَزِيدُنَا اللَّهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَيْرًا ، حَتَّى قَدِمْنَا وَالْبِلَادُ مُسِنَّةٌ ، فَلَقَدْ كَانَتْ رُعَاتُنَا يَسْرَحُونَ ، ثُمَّ يُرِيحُونَ ، فَتَرُوحُ أَغْنَامُ بَنِي سَعْدٍ جِيَاعًا ، وَتَرُوحُ غَنَمِي شِبَاعًا ، بِطَانًا حُفَّلًا فَنَحْلِبُ وَنَشْرَبُ ، فَيَقُولُونَ : مَا شَأْنُ غَنَمِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ، وَغَنَمِ حَلِيمَةَ تَرُوحُ شِبَاعًا حُفَّلًا ، وَتَرُوحُ غَنَمُكُمْ جِيَاعًا وَيْلَكُمْ اسْرَحُوا حِينَ تَسْرَحَ رِعَائُهُمْ , فَيَسْرَحُونَ مَعَهُمْ فَمَا تَرُوحُ إِلَّا جِيَاعًا كَمَا كَانَتْ ، وَتَرْجِعُ غَنَمِي كَمَا كَانَتْ , قَالَتْ : وَكَانَ يَشِبُّ شَبَابًا مَا يَشِبُّهُ أَحَدٌ مِنَ الْغِلْمَانِ ، يِشِبُّ فِي الْيَوْمِ شَبَابَ الْغُلَامِ فِي الشَّهْرِ ، وَيَشِبُّ فِي الشَّهْرِ شَبَابَ السَّنَةِ ، فَلَمَّا اسْتَكْمَلَ سَنَتَيْنِ أَقْدَمْنَاهُ مَكَّةَ أَنَا وَأَبُوهُ ، فَقُلْنَا : وَاللَّهِ لَا نُفَارِقُهُ أَبَدًا وَنَحْنُ نَسْتَطِيعُ ، فَلَمَّا أَتَيْنَا أُمَّهُ ، قُلْنَا لَهَا : أَيُّ ظِئْرٍ وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا صَبِيًّا قَطُّ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْهُ ، وَأَنَّا نَتَخَوَّفُ عَلَيْهِ وَبَاءَ مَكَّةَ وَأَسْقَامَهَا ، فَدَعِيهِ ، نَرْجِعُ بِهِ حَتَّى تَبْرُئِي مِنْ ذَلِكَ ، فَلَمْ نَزَلْ بِهَا حَتَّى أَذِنَتْ ، فَرَجَعْنَا بِهِ ، فَأَقَمْنَا أَشْهُرًا ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً فِينَا هُوَ يَلْعَبُ خَلْفَ الْبُيُوتِ هُوَ وَأَخُوهُ فِي غَنَمٍ بُهْمٍ لَهُ ، إِذْ أَتَى أَخُوهُ يَشْتَدُّ ، وَأَنَا وَأَبُوهُ فِي الْبَيْتِ ، فَقَالَ : إِنَّ أَخِي الْقُرَشِيَّ أَتَاهُ رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ فَأَخَذَاهُ ، فَأَضْجَعَاهُ فَشَقَّا بَطْنَهُ فَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُوهُ نَشْتَدُّ ، فَوَجَدْنَاهُ قَائِمًا قَدِ انْتُقِعَ لَوْنُهُ فَلَمَّا رَآنَا أَجْهَشَ إِلَيْنَا ، وَبَكَى ، قَالَتْ : فَالْتَزَمْتُهُ أَنَا وَأَبُوهُ فَضَمَمْنَاهُ إِلَيْنَا ، فَقُلْنَا : مَا لَكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ؟ فَقَالَ : أَتَانِي رَجُلَانِ فَأَضْجَعَانِي فَشَقَّا بَطْنِي فَصَنَعَا بِهِ شَيْئًا ، ثُمَّ رَدَّاهُ كَمَا هُوَ ، فَقَالَ أَبُوهُ : وَاللَّهِ مَا أَرَى ابْنِي إِلَّا وَقَدْ أُصِيبَ ، الْحَقِي بِأَهْلِهِ ، فَرُدِّيهِ إِلَيْهِمْ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ بِهِ مَا نَتَخَوَّفُ مِنْهُ ، قَالَ : فَاحْتَمَلْنَاهُ ، فَقَدِمْنَا بِهِ عَلَى أُمِّهِ فَلَّمَا رَأْتَنَا أَنْكَرَتْ شَأْنَنَا ، وَقَالَتْ : مَا رَجَعَكُمَا بِهِ قَبْلَ أَنْ أَسْأَلَكُمَاهُ ، وَقَدْ كُنْتُمَا حَرِيصَيْنِ عَلَى حَبْسِهِ ؟ فَقُلْنَا : لَا شَيْءَ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ قَضَى الرَّضَاعَةَ ، وَسَرَّنَا مَا تَرَيْنَ ، وَقُلْنَا نُؤَدِّيهِ كَمَا تُحِبُّونَ أَحَبُّ إِلَيْنَا قَالَ : فَقَالَتْ : إِنَّ لَكُمَا لَشَأَنًا فَأَخْبِرَانِي مَا هُوَ ، فَلَمْ تَدَعْنَا حَتَّى أَخْبَرْنَاهَا ، فَقَالَتْ : كَلَّا وَاللَّهِ يَصْنَعُ اللَّهُ ذَلِكَ بِهِ ، إِنَّ لَابْنِي شَأْنًا أَفَلَا أُخْبِرُكَمَا خَبَرَهُ ؟ إِنِّي حَمَلْتُ بِهِ فَوَاللَّهِ مَا حَمَلْتُ حَمْلًا قَطُّ كَانَ أَخَفَّ عَلَيَّ مِنْهُ ، وَلَا أَيْسَرَ مِنْهُ ، ثُمَّ رَأَيْتُ حِينَ حَمَلْتُهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنِّي نُورٌ أَضَاءَ مِنْهُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى أَوْ قَالَتْ : قُصُورَ بُصْرَى ، ثُمَّ وَضَعْتُهُ حِينَ وَضَعْتُهُ ، فَوَاللَّهِ مَا وَقَعَ كَمَا يَقَعُ الصِّبْيَانُ ، لَقَدْ وَقَعَ مُعْتَمِدًا بِيَدِهِ عَلَى الْأَرْضِ رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، فَدَعَاهُ عَنْكُمَا ، فَقَبَضَتْهُ وَانْطَلَقْنَا وَقَالَ إِسْحَاقُ : أنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، أنا ابْنُ إِدْرِيسَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، ثنا جَهْمُ بْنُ أَبِي جَهْمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، أَوْ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ : قَالَتْ حَلِيمَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ ، أُمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ السَّعْدِيَّةُ : قَدِمْتُ فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ ، نَلْتَمِسُ الرُّضَعَاءَ بِمَكَّةَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَقَالَ أَبُو يَعْلَى : ثنا مَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ الْكُوفِيُّ ، وَالْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ ، - وَنَسَخْتُهُ مِنْ حَدِيثِ مَسْرُوقٍ - ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ جَهْمِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنْ حَلِيمَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ ، قَالَتْ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ