Warning: get_headers(): https:// wrapper is disabled in the server configuration by allow_url_fopen=0 in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 17

Warning: get_headers(): This function may only be used against URLs in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 17

Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 18

Warning: get_headers(): https:// wrapper is disabled in the server configuration by allow_url_fopen=0 in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 17

Warning: get_headers(): This function may only be used against URLs in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 17

Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 18

Warning: get_headers(): https:// wrapper is disabled in the server configuration by allow_url_fopen=0 in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 17

Warning: get_headers(): This function may only be used against URLs in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 17

Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 18

Warning: get_headers(): https:// wrapper is disabled in the server configuration by allow_url_fopen=0 in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 17

Warning: get_headers(): This function may only be used against URLs in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 17

Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 18

Warning: get_headers(): https:// wrapper is disabled in the server configuration by allow_url_fopen=0 in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 17

Warning: get_headers(): This function may only be used against URLs in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 17

Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 18

Warning: get_headers(): https:// wrapper is disabled in the server configuration by allow_url_fopen=0 in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 17

Warning: get_headers(): This function may only be used against URLs in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 17

Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 18

Warning: get_headers(): https:// wrapper is disabled in the server configuration by allow_url_fopen=0 in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 17

Warning: get_headers(): This function may only be used against URLs in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 17

Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 18

Warning: get_headers(): https:// wrapper is disabled in the server configuration by allow_url_fopen=0 in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 17

Warning: get_headers(): This function may only be used against URLs in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 17

Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/islamarchive/public_html/production/core/ISLIB.php on line 18
أرشيف الإسلام - موسوعة الحديث - حديث ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى) - صحيح مسلم حديث رقم: 3409
  • 2488
  • أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ ، أَخْبَرَهُ مِنْ فِيهِ إِلَى فِيهِ ، قَالَ : انْطَلَقْتُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَبَيْنَا أَنَا بِالشَّامِ إِذْ جِيءَ بِكِتَابٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ يَعْنِي عَظِيمَ الرُّومِ ، قَالَ : وَكَانَ دَحْيَةُ الْكَلْبِيُّ جَاءَ بِهِ ، فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ ، فَقَالَ هِرَقْلُ : هَلْ هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : فَدُعِيتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ ، فَأَجْلَسَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ : أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : فَقُلْتُ : أَنَا ، فَأَجْلَسُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي ، ثُمَّ دَعَا بِتَرْجُمَانِهِ ، فَقَالَ لَهُ : قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنِ الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ ، قَالَ : فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : وَايْمُ اللَّهِ ، لَوْلَا مَخَافَةُ أَنْ يُؤْثَرَ عَلَيَّ الْكَذِبُ لَكَذَبْتُ ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ : سَلْهُ كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ ، قَالَ : قُلْتُ : هُوَ فِينَا ذُو حَسَبٍ ، قَالَ : فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ ؟ قُلْتُ : لَا ، قَالَ : فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ؟ قُلْتُ : لَا ، قَالَ : وَمَنْ يَتَّبِعُهُ ؟ أَشْرَافُ النَّاسِ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ ؟ قَالَ : قُلْتُ : بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ ، قَالَ : أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لَا ، بَلْ يَزِيدُونَ ، قَالَ : هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لَا ، قَالَ : فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : تَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالًا يُصِيبُ مِنَّا وَنُصِيبُ مِنْهُ ، قَالَ : فَهَلْ يَغْدِرُ ؟ قُلْتُ : لَا ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا ، قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا أَمْكَنَنِي مِنْ كَلِمَةٍ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ ، قَالَ : فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لَا ، قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ : قُلْ لَهُ إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ حَسَبِهِ ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو حَسَبٍ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي أَحْسَابِ قَوْمِهَا ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَلِكٌ ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا ، فَقُلْتُ : لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ ، وَسَأَلْتُكَ عَنْ أَتْبَاعِهِ أَضُعَفَاؤُهُمْ أَمْ أَشْرَافُهُمْ ، فَقُلْتَ : بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا ، فَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ ، ثُمَّ يَذْهَبَ فَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَهُ سَخْطَةً لَهُ ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا ، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ إِذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ الْقُلُوبِ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ ، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّكُمْ قَدْ قَاتَلْتُمُوهُ فَتَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجَالًا يَنَالُ مِنْكُمْ وَتَنَالُونَ مِنْهُ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ يَغْدِرُ ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لَا يَغْدِرُ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا فَقُلْتُ : لَو قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ قُلْتُ رَجُلٌ ائْتَمَّ بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ ، قَالَ : ثُمَّ قَالَ : بِمَ يَأْمُرُكُمْ ؟ قُلْتُ : يَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالْعَفَافِ ، قَالَ : إِنْ يَكُنْ مَا تَقُولُ فِيهِ حَقًّا فَإِنَّهُ نَبِيٌّ ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ ، وَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّهُ مِنْكُمْ ، وَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ ، وَلَيَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ ، قَالَ : ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ، أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ ، وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ ، وَ {{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }} " فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ ارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ عِنْدَهُ وَكَثُرَ اللَّغْطُ ، وَأَمَرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا ، قَالَ ، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ خَرَجْنَا : لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ ، إِنَّهُ لَيَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ ، قَالَ : فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ ، حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ

    حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، وَاللَّفْظُ لِابْنِ رَافِعٍ ، قَالَ ابْنُ رَافِعٍ : وَابْنُ أَبِي عُمَرَ ، حَدَّثَنَا ، وقَالَ الْآخَرَانِ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ ، أَخْبَرَهُ مِنْ فِيهِ إِلَى فِيهِ ، قَالَ : انْطَلَقْتُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : فَبَيْنَا أَنَا بِالشَّامِ إِذْ جِيءَ بِكِتَابٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ يَعْنِي عَظِيمَ الرُّومِ ، قَالَ : وَكَانَ دَحْيَةُ الْكَلْبِيُّ جَاءَ بِهِ ، فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ ، فَقَالَ هِرَقْلُ : هَلْ هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : فَدُعِيتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ ، فَأَجْلَسَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ : أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : فَقُلْتُ : أَنَا ، فَأَجْلَسُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي ، ثُمَّ دَعَا بِتَرْجُمَانِهِ ، فَقَالَ لَهُ : قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنِ الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ ، قَالَ : فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : وَايْمُ اللَّهِ ، لَوْلَا مَخَافَةُ أَنْ يُؤْثَرَ عَلَيَّ الْكَذِبُ لَكَذَبْتُ ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ : سَلْهُ كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ ، قَالَ : قُلْتُ : هُوَ فِينَا ذُو حَسَبٍ ، قَالَ : فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ ؟ قُلْتُ : لَا ، قَالَ : فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ؟ قُلْتُ : لَا ، قَالَ : وَمَنْ يَتَّبِعُهُ ؟ أَشْرَافُ النَّاسِ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ ؟ قَالَ : قُلْتُ : بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ ، قَالَ : أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لَا ، بَلْ يَزِيدُونَ ، قَالَ : هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لَا ، قَالَ : فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : تَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالًا يُصِيبُ مِنَّا وَنُصِيبُ مِنْهُ ، قَالَ : فَهَلْ يَغْدِرُ ؟ قُلْتُ : لَا ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا ، قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا أَمْكَنَنِي مِنْ كَلِمَةٍ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ ، قَالَ : فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لَا ، قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ : قُلْ لَهُ إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ حَسَبِهِ ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو حَسَبٍ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي أَحْسَابِ قَوْمِهَا ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَلِكٌ ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا ، فَقُلْتُ : لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ ، وَسَأَلْتُكَ عَنْ أَتْبَاعِهِ أَضُعَفَاؤُهُمْ أَمْ أَشْرَافُهُمْ ، فَقُلْتَ : بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا ، فَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ ، ثُمَّ يَذْهَبَ فَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَهُ سَخْطَةً لَهُ ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا ، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ إِذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ الْقُلُوبِ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ ، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّكُمْ قَدْ قَاتَلْتُمُوهُ فَتَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجَالًا يَنَالُ مِنْكُمْ وَتَنَالُونَ مِنْهُ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ يَغْدِرُ ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لَا يَغْدِرُ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا فَقُلْتُ : لَو قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ قُلْتُ رَجُلٌ ائْتَمَّ بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ ، قَالَ : ثُمَّ قَالَ : بِمَ يَأْمُرُكُمْ ؟ قُلْتُ : يَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالْعَفَافِ ، قَالَ : إِنْ يَكُنْ مَا تَقُولُ فِيهِ حَقًّا فَإِنَّهُ نَبِيٌّ ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ ، وَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّهُ مِنْكُمْ ، وَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ ، وَلَيَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ ، قَالَ : ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ، أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ ، وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ ، وَ {{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }} فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ ارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ عِنْدَهُ وَكَثُرَ اللَّغْطُ ، وَأَمَرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا ، قَالَ ، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ خَرَجْنَا : لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ ، إِنَّهُ لَيَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ ، قَالَ : فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ ، حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ وَحَدَّثَنَاهُ حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ ، وَكَانَ قَيْصَرُ لَمَّا كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُ جُنُودَ فَارِسَ مَشَى مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ شُكْرًا لِمَا أَبْلَاهُ اللَّهُ ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ : مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَقَالَ : إِثْمَ الْيَرِيسِيِّينَ ، وَقَالَ : بِدَاعِيَةِ الْإِسْلَامِ

    وايم: وايم الله : أسلوب قسم بالله تعالى وأصلها ايمُن الله
    يؤثر: يؤثر علي : يعرف ويذكر عني
    لترجمانه: الترْجُمان بالضم والفتح : هو الذي يُتَرجم الكلام، أي يَنْقُله من لُغَة إلى لغة أخرى. وهو الذي يفسر الكلام ويوضحه أيضا
    حسبه: الحسب : الشَّرَف بالآباء وما يَعُدُّه الناس من مَفاخرهم
    ذو حسب: الحسَب في الأصل : الشَّرَف بالآباء وما يَعُدُّه الناس من مَفاخرهم.
    سخطة: السخط : الغضب أو كراهية الشيء وعدم الرضا به
    سجالا: الحرب سجال : مَرَّة لنا ومَرَّة علينا ونصرتها متداولة بين الفريقين
    أحساب: الأحساب : جمع حسب وهو الشرف والمجد والكرم
    ليدع: يدع : يترك ويذر
    تبتلى: البلاء والابتلاء : الاخْتِبار بالخير ليتَبَيَّن الشُّكر، وبالشَّر ليظْهر الصَّبْر
    العاقبة: العاقبة : الخاتمة
    ائتم: الائتمام : الاقتداء
    والعفاف: العفاف : الكَفُّ عن الحَرَام والسُّؤالِ من الناس
    يؤتك: يؤتيك : يعطيك
    إثم: الإثم : الذنب والوزر والمعصية والحرج
    اللغط: اللغط : الأصوات المختلطة المبهمة والضجة لا يفهم معناها
    موقنا: موقنا : مؤمنا واثقا متأكدا من قلبه
    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى
    حديث رقم: 7 في صحيح البخاري بدء الوحي كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
    حديث رقم: 4301 في صحيح البخاري كتاب تفسير القرآن باب قل: يا {أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله} "
    حديث رقم: 51 في صحيح البخاري كتاب الإيمان باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان، والإسلام، والإحسان، وعلم الساعة
    حديث رقم: 2563 في صحيح البخاري كتاب الشهادات باب من أمر بإنجاز الوعد
    حديث رقم: 2676 في صحيح البخاري كتاب الجهاد والسير باب قول الله عز وجل: {قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين} [التوبة: 52] والحرب سجال
    حديث رقم: 2845 في صحيح البخاري كتاب الجهاد والسير باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «نصرت بالرعب مسيرة شهر»
    حديث رقم: 3029 في صحيح البخاري كتاب الجزية باب فضل الوفاء بالعهد
    حديث رقم: 5658 في صحيح البخاري كتاب الأدب باب صلة المرأة أمها ولها زوج
    حديث رقم: 6809 في صحيح البخاري كتاب الأحكام باب ترجمة الحكام، وهل يجوز ترجمان واحد
    حديث رقم: 5930 في صحيح البخاري كتاب الاستئذان باب: كيف يكتب الكتاب إلى أهل الكتاب
    حديث رقم: 2769 في جامع الترمذي أبواب الاستئذان والآداب باب ما جاء كيف يكتب إلى أهل الشرك
    حديث رقم: 6664 في صحيح ابن حبان كِتَابُ التَّارِيخِ ذِكْرُ وَصْفِ كُتُبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 10624 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ التَّفْسِيرِ قَوْلُهُ تَعَالَى : قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ
    حديث رقم: 7102 في المعجم الكبير للطبراني بَابُ الصَّادِ مَنِ اسْمُهُ صَخْرٌ
    حديث رقم: 7103 في المعجم الكبير للطبراني بَابُ الصَّادِ مَنِ اسْمُهُ صَخْرٌ
    حديث رقم: 7104 في المعجم الكبير للطبراني بَابُ الصَّادِ مَنِ اسْمُهُ صَخْرٌ
    حديث رقم: 7105 في المعجم الكبير للطبراني بَابُ الصَّادِ مَنِ اسْمُهُ صَخْرٌ
    حديث رقم: 7106 في المعجم الكبير للطبراني بَابُ الصَّادِ مَنِ اسْمُهُ صَخْرٌ
    حديث رقم: 9421 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الْمَغَازِي غَزْوَةُ الْحُدَيْبِيَةِ
    حديث رقم: 19035 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ آدَابِ الْقَاضِي بَابٌ : كَيْفَ يُكْتَبُ إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ
    حديث رقم: 1150 في الأدب المفرد للبخاري بَابُ : كَيْفَ يَكْتُبُ إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ ؟
    حديث رقم: 2562 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي أَوَّلُ مُسْنَدِ ابْنِ عَبَّاسٍ
    حديث رقم: 5391 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْجِهَادِ بَيَانُ كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ ، وَأَنَّهُ
    حديث رقم: 1179 في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة للالكائي بَابُ جُمَّاعِ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَابْتِدَاءِ الْوَحْيِ إِلَيْهِ وَفَضَائِلِهِ وَمُعْجِزَاتِهِ سِيَاقُ مَا رُوِيَ فِي مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ ، وَخَرْقِ اللَّهِ الْعَادَةَ الْجَارِيَةَ ؛ لِوُضُوحِ دَلَالَتِهِ وَإِثْبَاتِ نُبُوَّتِهِ ، وَنَفْيِ الشَّكِّ وَالِارْتِيَابِ فِي أَمْرِهِ
    حديث رقم: 90 في غريب الحديث لإبراهيم الحربي غَرِيبُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَابُ : مر
    حديث رقم: 289 في الكنى والأسماء للدولابي ذِكْرُ الْمَعْرُوفِينَ بِالْكُنَى مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 3399 في معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني الأسمَاء صَخْرُ بْنُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ أَبُو سُفْيَانَ سَيِّدُ الْبَطْحَاءِ ، وَأَبُو الْأُمَرَاءِ عَاشَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً ، وَقِيلَ : ثَلَاثًا وَتِسْعِينَ ، مَوْلِدُهُ قَبْلَ الْفِيلِ بِعَشْرِ سِنِينَ ، وَإِسْلَامِهِ عَامَ الْفَتْحِ لَيْلَةَ الْفَتْحِ ، شَهِدَ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ َمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأُصِيبَتْ عَيْنَاهُ ، وَأُصِيبَتِ الْأُخْرَى يَوْمَ الْيَرْمُوكِ ، كَانَ رِبْعَةً عَظِيمَ الْهَامَةِ ، أَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ ، وَأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً تَأَلُّفًا ، وَأَعْطَى ابْنَيْهِ : زَيْد وَمُعَاوِيَةَ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ، وَاللَّهِ إِنَّكَ لَكَرِيمٌ ، وَلَقَدْ حَارَبْتُكَ فَنِعْمَ مُحَارِبِي كُنْتَ ، ثُمَّ سَالَمْتُكَ فَنِعْمَ الْمُسَالِمُ أَنْتَ ، فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا ، تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو سُفْيَانَ عَامِلُهُ عَلَى نَجْرَانَ امْرَأَتُهُ : صَفِيَّةُ بِنْتُ حَزْنٍ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ ، وَقِيلَ : اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ بِالْمَدِينَةِ وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بَعْدَمَا عَمِيَ بَصَرُهُ ، وَكَانَ غُلَامُهُ يَقُودُهُ
    حديث رقم: 1686 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    حديث رقم: 4884 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ فِيمَنْ قَرَأَ قَوْلَهُ : ( وَمَا
    حديث رقم: 1181 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَبْدِ

    [1773] قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي سُفْيَانَ انْطَلَقْتُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَعْنِي الصُّلْحَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَكَانَتِ الْحُدَيْبِيَةُ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ قَوْلُهُ (دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ) هُوَ بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ اخْتُلِفَ فِي الرَّاجِحَةِ مِنْهُمَا وادعى بن السِّكِّيتِ أَنَّهُ بِالْكَسْرِ لَا غَيْرَ وَأَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ أَنَّهُ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرَ قَوْلُهُ (عَظِيمُ)بُصْرَى) هِيَ بِضَمِّ الْبَاءِ وَهِيَ مَدِينَةُ حُورَانَ ذَاتُ قَلْعَةٍ وَأَعْمَالٍ قَرِيبَةٌ مِنْ طَرَفِ الْبَرِّيَّةِ الَّتِي بَيْنَ الشَّامِ وَالْحِجَازِ وَالْمُرَادُ بِعَظِيمِ بُصْرَى أَمِيرُهَا قَوْلُهُ عَنْ هِرَقْلَ (إنَّهُ سَأَلَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْأَلَهُ عَنْهُ) قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا سَأَلَ قَرِيبَ النَّسَبِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِحَالِهِ وَأَبْعَدُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ فِي نَسَبِهِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ إِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ أَيْ لَا تَسْتَحْيُوا مِنْهُ فَتَسْكُتُوا عَنْ تَكْذِيبِهِ إِنْ كَذَبَ قَوْلُهُ (وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ عَلَيْهِمْ أَهْوَنَ فِي تَكْذِيبِهِ إِنْ كَذَبَ لِأَنَّ مُقَابَلَتَهُ بِالْكَذِبِ فِي وَجْهِهِ صَعْبَةٌ بِخِلَافِ مَا إِذَا لَمْ يَسْتَقْبِلْهُ قَوْلُهُ (دَعَا بِتَرْجُمَانِهِ) هُوَ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ وَهُوَ الْمُعَبِّرُ عَنْ لُغَةٍ بِلُغَةٍ أُخْرَى وَالتَّاءُ فِيهِ أَصْلِيَّةٌ وَأَنْكَرُوا عَلَى الْجَوْهَرِيِّ كَوْنَهُ جَعَلَهَا زَائِدَةً قَوْلُهُ (لَوْلَا مَخَافَةُ أَنْ يُؤْثَرَ عَلَيَّ الْكَذِبُ لَكَذَبْتُ) مَعْنَاهُ لَوْلَا خِفْتُ أَنَّ رُفْقَتِي يَنْقُلُونَ عَنِّي الْكَذِبَ إِلَى قَوْمِي وَيَتَحَدَّثُونَهُ فِي بِلَادِي لَكَذَبْتُ عَلَيْهِ لِبُغْضِي إِيَّاهُ وَمَحَبَّتِي نَقْصَهُ وَفِي هَذَا بَيَانُ أَنَّ الْكَذِبَ قَبِيحٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَمَا هُوَ قَبِيحٌ فِي الْإِسْلَامِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ لَوْلَا الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثُرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ وَهُوَ بِضَمِّ الثَّاءِ وَكَسْرِهَا وَقَوْلُهُ (كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ) أَيْ نَسَبُهُ قَوْلُهُ (فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فَهَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مِنْ مَالِكٍوَرُوِيَ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا مِنْ بكسر الميم وملك بِفَتْحِهَا مَعَ كَسْرِ اللَّامِ وَالثَّانِي مَنْ بِفَتْحِ الميم وملك بِفَتْحِهَا عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَصَحُّ وَتُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ بِحَذْفِ مِنْ قَوْلُهُ (وَمَنْ يَتْبَعُهُ أَشْرَافُ النَّاسِ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ) يَعْنِي بِأَشْرَافِهِمْ كِبَارَهُمْ وَأَهْلَ الْأَحْسَابِ فِيهِمْ قَوْلُهُ (سَخْطَةً لَهُ) هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالسَّخَطُ كراهة الشيء وعدم الرضى بِهِ قَوْلُهُ (يَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالًا) هُوَ بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ نُوَبًا نَوْبَةٌ لَنَا وَنَوْبَةٌ لَهُ قَالُوا وَأَصْلُهُ مِنَ الْمُسْتَقِيِينَ بِالسَّجْلِ وَهِيَ الدَّلْوُ الْمَلْأَى يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَجْلٌ قَوْلُهُ (فَهَلْ يَغْدِرُ) هُوَ بِكَسْرِ الدَّالِ وَهُوَ تَرْكُ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ قَوْلُهُ وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا يَعْنِي مُدَّةَ الْهُدْنَةِ وَالصُّلْحِ الَّذِي جَرَى يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي أَحْسَابِ قَوْمِهَا) يَعْنِي فِي أَفْضَلِ أَنْسَابِهِمْ وَأَشْرَفِهَا قِيلَ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ أَبْعَدُ مِنَ انْتِحَالِهِ الْبَاطِلَ وَأَقْرَبُ إِلَى انْقِيَادِ النَّاسِ لَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّ الضُّعَفَاءَ هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ فَلِكَوْنِ الْأَشْرَافِ يَأْنَفُونَ مِنْ تَقَدُّمِ مِثْلِهِمْ عَلَيْهِمْ وَالضُّعَفَاءُ لَا يَأْنَفُونَ فَيُسْرِعُونَ إِلَى الِانْقِيَادِ وَاتِّبَاعِ الْحَقِّ وَأَمَّا سُؤَالُهُ عَنِ الرِّدَّةِ فَلِأَنَّ مَنْ دخل علىبَصِيرَةٍ فِي أَمْرٍ مُحَقَّقٍ لَا يَرْجِعُ عَنْهُ بِخِلَافِ مَنْ دَخَلَ فِي أَبَاطِيلَ وَأَمَّا سُؤَالُهُ عَنِ الْغَدْرِ فَلِأَنَّ مَنْ طَلَبَ حَظَّ الدُّنْيَا لَا يُبَالِي بِالْغَدْرِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى ذَلِكَ وَمَنْ طَلَبَ الْآخِرَةَ لَمْ يَرْتَكِبْ غَدْرًا وَلَا غَيْرَهُ مِنَ الْقَبَائِحِ قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ إِذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ الْقُلُوبِ) يَعْنِي انشراح الصدور وأصلها اللُّطْفُ بِالْإِنْسَانِ عِنْدَ قُدُومِهِ وَإِظْهَارُ السُّرُورِ بِرُؤْيَتِهِ يُقَالُ بَشَّ بِهِ وَتَبَشْبَشَ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ مَعْنَاهُ يَبْتَلِيهِمُ اللَّهُ بِذَلِكَ لِيَعْظُمَ أَجْرُهُمْ بِكَثْرَةِ صَبْرِهِمْ وَبَذْلِهِمْ وُسْعَهُمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلُهُ (قُلْتُ يَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالْعَفَافِ) أَمَّا الصِّلَةُ فَصِلَةُ الْأَرْحَامِ وَكُلُّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَذَلِكَ بِالْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ وَحُسْنِ الْمُرَاعَاةِ وَأَمَّا الْعَفَافُ الْكَفُّ عَنِ الْمَحَارِمِ وَخَوَارِمِ الْمُرُوءَةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ الْعِفَّةُ الْكَفُّ عَمَّا لَا يحل ولا يحمل يقال عف يعف عفة وَعَفَافًا وَعَفَافَةً وَتَعَفَّفَ وَاسْتَعَفَّ وَرَجُلٌ عَفٌّ وَعَفِيفٌوَالْأُنْثَى عَفِيفَةٌ وَجَمْعُ الْعَفِيفِ أَعِفَّةٌ وَأَعِفَّاءُ قَوْلُهُ (إِنْ يَكُنْ مَا يَقُولُ حَقًّا إِنَّهُ نَبِيٌّ) قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا الَّذِي قَالَهُ هِرَقْلُ أَخَذَهُ مِنَ الْكُتُبِ الْقَدِيمَةِ فَفِي التَّوْرَاةِ هَذَا أَوْ نَحْوَهُ مِنْ عَلَامَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَفَهُ بِالْعَلَامَاتِ وَأَمَّا الدَّلِيلُ الْقَاطِعُ عَلَى النُّبُوَّةِ فَهُوَ الْمُعْجِزَةُ الظَّاهِرَةُ الْخَارِقَةُ لِلْعَادَةِ فَهَكَذَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (وَلَوْ أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ) هَكَذَا هُوَ فِي مُسْلِمٍ وَوَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ وَهُوَ أَصَحُّ فِي الْمَعْنَى وَمَعْنَاهُ لَتَكَلَّفْتُ الْوُصُولَ إِلَيْهِ وَارْتَكَبْتُ الْمَشَقَّةَ فِي ذَلِكَ وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ أُقْتَطَعَ دُونَهُ وَلَا عُذْرَ لَهُ فِي هَذَا لِأَنَّهُ قَدْ عَرَفَ صِدْقَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا شَحَّ فِي الْمُلْكِ وَرَغِبَ فِي الرِّيَاسَةِ فَآثَرَهَا عَلَى الْإِسْلَامِ وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَلَوْ أَرَادَ اللَّهُ هِدَايَتَهُ لَوَفَّقَهُ كَمَا وَفَّقَ النَّجَاشِيَّ وَمَا زَالَتْ عَنْهُ الرِّيَاسَةُ وَنَسْأَلُ اللَّهَ تَوْفِيقَهُ قَوْلُهُ (ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ إثم الأريسيين ويا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وبينكم) الْآيَةَ فِي هَذَا الْكِتَابِ جُمَلٌ مِنَ الْقَوَاعِدِ وَأَنْوَاعٌ مِنَ الْفَوَائِدِ مِنْهَا 1 دُعَاءُ الْكُفَّارِ إِلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ قِتَالِهِمْ وَهَذَا الدُّعَاءُ وَاجِبٌ وَالْقِتَالُ قَبْلَهُ حَرَامٌ إِنْ لَمْ تَكُنْ بَلَغَتْهُمْ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَتْ بَلَغَتْهُمْ فَالدُّعَاءُ مُسْتَحَبٌّ هَذَا مَذْهَبُنَا وَفِيهِ خِلَافٌ لِلسَّلَفِ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْجِهَادِ وَمِنْهَا 2 وُجُوبُ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَإِلَّا فَلَمْ يَكُنْ فِي بَعْثِهِ مَعَ دِحْيَةَ فَائِدَةٌ وَهَذَا إِجْمَاعُ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ وَمِنْهَا 3 اسْتِحْبَابُ تَصْدِيرِ الْكِتَابِبِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَإِنْ كَانَ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ كَافِرًا وَمِنْهَا 4 أَنَّ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فهو أجزم الْمُرَادُ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا الْكِتَابُ كَانَ ذَا بَالٍ بَلْ مِنَ الْمُهِمَّاتِ الْعِظَامِ وَبَدَأَ فِيهِ بِالْبَسْمَلَةِ دُونَ الْحَمْدِ وَمِنْهَا 5 أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسَافِرَ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ بِالْآيَةِ وَالْآيَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا وَأَنْ يَبْعَثَ بِذَلِكَ إِلَى الْكُفَّارِ وَإِنَّمَا نَهَى عَنِ الْمُسَافَرَةِ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ أَيْ بِكُلِّهِ أَوْ بِجُمْلَةٍ مِنْهُ وَذَلِكَ أَيْضًا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا خِيفَ وُقُوعُهُ فِي أَيْدِي الْكُفَّارِ وَمِنْهَا 6 أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ وَالْكَافِرِ مَسُّ آيَةٍ أَوْ آيَاتٍ يَسِيرَةٍ مَعَ غَيْرِ الْقُرْآنِ وَمِنْهَا 7 أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْمُكَاتَبَةِ وَالرَّسَائِلِ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ يَبْدَأَ الْكَاتِبُ بِنَفْسِهِ فَيَقُولُ مِنْ زَيْدٍ إِلَى عَمْرٍو وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ فِي كِتَابِهِ صِنَاعَةُ الْكِتَابِ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِنَفْسِهِ كَمَا ذَكَرْنَا ثُمَّ رَوَى فِيهِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً وَآثَارًا قَالَ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ قَالَ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا تَصْدِيرُ الْكِتَابِ وَالْعُنْوَانِ قَالَ وَرَخَّصَ جَمَاعَةٌ فِي أَنْ يَبْدَأَ بِالْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ فَيَقُولَ فِي التَّصْدِيرِ وَالْعُنْوَانِ إِلَى فُلَانٍ مِنْ فُلَانٍ ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَبَدَأَ باسم معاوية وعن محمد بن الْحَنَفِيَّةِ وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ وَأَمَّا الْعُنْوَانُ فَالصَّوَابُ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْهِ إِلَى فُلَانٍ وَلَا يَكْتُبَ لِفُلَانٍ لِأَنَّهُ إِلَيْهِ لَا لَهُ إِلَّا عَلَى مَجَازٍ قَالَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمِنْهَا 8 التَّوَقِّي فِي الْمُكَاتَبَةِ وَاسْتِعْمَالُ الْوَرَعِ فِيهَا فَلَا يُفْرِطُ وَلَا يُفَرِّطُ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ فَلَمْ يَقُلْ مَلِكِ الرُّومِ لِأَنَّهُ لَا مُلْكَ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ إِلَّا بِحُكْمِ دِينِ الْإِسْلَامِ وَلَا سُلْطَانَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِمَنْ وَلَّاهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ وَلَّاهُ مَنْ أَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرْطٍ وَإِنَّمَا يَنْفُذُ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الْكُفَّارِ مَا تُنْفِذُهُ الضَّرُورَةُ وَلَمْ يَقُلْ إِلَى هِرَقْلَ فَقَطْ بَلْ أَتَى بِنَوْعٍ مِنَ الْمُلَاطَفَةِ فَقَالَ عَظِيمِ الرُّومِ أَيِ الَّذِي يُعَظِّمُونَهُ وَيُقَدِّمُونَهُ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِإِلَانَةِ الْقَوْلِ لِمَنْ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ تَعَالَى ادْعُ إِلَى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وقال تعالى فقولا له قولا لينا وَغَيْرَ ذَلِكَ وَمِنْهَا 9 اسْتِحْبَابُ الْبَلَاغَةِ وَالْإِيجَازِ وَتَحَرِّي الْأَلْفَاظِ الْجَزْلَةِ فِي الْمُكَاتَبَةِ فَإِنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْلِمْ تَسْلَمْ فِي نِهَايَةٍ مِنَ الِاخْتِصَارِ وَغَايَةٍ مِنَ الْإِيجَازِ وَالْبَلَاغَةِ وَجَمْعِ الْمَعَانِي مَعَ مَا فِيهِ مِنْ بَدِيعِ التَّجْنِيسِ وَشُمُولِهِ لِسَلَامَتِهِ مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا بِالْحَرْبِ وَالسَّبْيِ وَالْقَتْلِ وَأَخْذِ الدِّيَارِ وَالْأَمْوَالِ وَمِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ10 - أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنَ بِهِ فَلَهُ أَجْرَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ هُنَا وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي الصَّحِيحِ ثَلَاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ منهم رجل من أهل الكتاب الحديث 11 الْبَيَانُ الْوَاضِحُ أَنَّ مَنْ كَانَ سَبَبًا لِضَلَالَةٍ أَوْ سَبَبَ مَنْعٍ مِنْ هِدَايَةٍ كَانَ آثِمًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أثقالهم 12 وَمِنْهَا اسْتِحْبَابُ أَمَّا بَعْدُ فِي الْخُطَبِ وَالْمُكَاتَبَاتِ وَقَدْ تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ لِهَذِهِ بَابًا فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ ذَكَرَ فِيهِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ) هَكَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْأُولَى فِي مُسْلِمٍ الْأَرِيسِيِّينَ وَهُوَ الْأَشْهَرُ فِي رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ وَفِي كُتُبِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَعَلَى هَذَا اخْتُلِفَ فِي ضَبْطِهِ عَلَى أَوْجُهٍ أَحَدُهَا بِيَاءَيْنِ بَعْدَ السِّينِ وَالثَّانِي بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ بَعْدَ السِّينِ وَعَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الْهَمْزَةُ مَفْتُوحَةٌ وَالرَّاءُ مَكْسُورَةٌ مُخَفَّفَةٌ وَالثَّالِثُ الْإِرِّيسِينَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الراء وبيان وَاحِدَةٍ بَعْدَ السِّينِ وَوَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فِي مُسْلِمٍ وَفِي أَوَّلِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ إِثْمَ الْيَرِيسِيِّينَ بِيَاءٍ مَفْتُوحَةٍ فِي أَوَّلِهِ وَبِيَاءَيْنِ بَعْدَ السِّينِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِهِمْ عَلَى أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا وَأَشْهَرُهَا أَنَّهُمُ الْأَكَّارُونَ أَيِ الْفَلَّاحُونَ وَالزَّرَّاعُونَ وَمَعْنَاهُ أَنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ رَعَايَاكَ الَّذِينَ يَتْبَعُونَكَ وَيَنْقَادُونَ بِانْقِيَادِكَ وَنَبَّهَ بِهَؤُلَاءِ عَلَى جَمِيعِ الرَّعَايَا لِأَنَّهُمُ الْأَغْلَبُ وَلِأَنَّهُمْ أَسْرَعُ انْقِيَادًا فَإِذَا أَسْلَمَ أَسْلَمُوا وَإِذَا امْتَنَعَ امْتَنَعُوا وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ وَقَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي رِوَايَةٍ رُوِّينَاهَا فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ لِلْبَيْهَقِيِّ وَفِي غَيْرِهِ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَكَّارِينَ وَفِي رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ وَإِلَّا فَلَا يَحُلْ بَيْنَ الْفَلَّاحِينَ وَبَيْنَ الْإِسْلَامِ وَفِي رواية بن وَهْبٍ وَإِثْمُهُمْ عَلَيْكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْفَلَّاحِينَ الزَّرَّاعِينَ خَاصَّةً بَلِ الْمُرَادُ بِهِمْ جَمِيعُ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ الثَّانِي أَنَّهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَهُمْ أَتْبَاعُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَرِيسٍ الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ الْأَرُوسِيَّةُ مِنَ النَّصَارَى وَلَهُمْ مَقَالَةٌ فِي كُتُبِ الْمَقَالَاتِ وَيُقَالُ لَهُمْ الْأَرُوسِيَّونَ الثَّالِثُ أَنَّهُمُ الْمُلُوكُ الَّذِينَيَقُودُونَ النَّاسَ إِلَى الْمَذَاهِبِ الْفَاسِدَةِ وَيَأْمُرُونَهُمْ بِهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ) وَهُوَ بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ بِدَعْوَتِهِ وَهِيَ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذَا أَدْعُوكَ بِدَاعِيَةِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ بِمَعْنَى الْأُولَى وَمَعْنَاهَا الْكَلِمَةُ الدَّاعِيَةُ إِلَى الْإِسْلَامِ قَالَ الْقَاضِي وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ دَاعِيَةٌ هُنَا بِمَعْنَى دَعْوَةٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ليس لها من دون الله كاشفة أَيْ كَشْفٌ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى) هَذَا دَلِيلٌ لِمَنْ يَقُولُ لَا يُبْتَدَأُ الْكَافِرُ بِالسَّلَامِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَبْتَدِئَ كَافِرًا بِالسَّلَامِ وَأَجَازَهُ كَثِيرُونَ مِنَ السَّلَفِ وَهَذَا مَرْدُودٌ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَسَتَأْتِي فِي مَوْضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَجَوَّزَهُ آخَرُونَ لِاسْتِئْلَافٍ أَوْ لِحَاجَةٍ إِلَيْهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ قَوْلُهُ (وَكَثُرَ اللَّغَطُ) هُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَإِسْكَانِهَا وَهِيَ الْأَصْوَاتُ الْمُخْتَلِفَةُ قَوْلُهُ (لَقَدْ أمر أمر بن أَبِي كَبْشَةَ) أَمَّا أَمِرَ فَبِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الميم أي عظم وأما قوله بن أَبِي كَبْشَةَ فَقِيلَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ كَانَ يَعْبُدُ الشِّعْرَى وَلَمْ يُوَافِقْهُ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ فِي عِبَادَتِهَا فَشَبَّهُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ لِمُخَالَفَتِهِ إِيَّاهُمْ فِي دِينِهِمْ كَمَا خَالَفَهُمْ أَبُو كَبْشَةَ رُوِّينَا عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ فِي كِتَابِ الْأَنْسَابِ قَالَ لَيْسَ مُرَادُهُمْ بِذَلِكَ عَيْبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَادُوا بِذَلِكَ مُجَرَّدَ التَّشْبِيهِ وَقِيلَ إِنَّ أَبَا كَبْشَةَ جَدُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم من قبل أمه قال بن قُتَيْبَةَ وَكَثِيرُونَ وَقِيلَ هُوَ أَبُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَهُوَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى السَّعْدِيُّ حَكَاهُ بن بَطَّالٍ وَآخَرُونَ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ أَبُو الحسن الجرجاني التشابه إنما قالوا بن أَبِي كَبْشَةَ عَدَاوَةً لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَسَبُوهُ إِلَى نَسَبٍ لَهُ غَيْرِ نَسَبِهِ الْمَشْهُورِ إِذْ لَمْ يُمْكِنُهُمُ الطَّعْنُ فِي نَسَبِهِ الْمَعْلُومِ الْمَشْهُورِ قَالَ وَقَدْ كَانَ وَهْبُ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ جَدُّهُ أَبُو آمِنَةَ يُكَنَّى أَبَا كَبْشَةَ وَكَذَلِكَ عَمْرُو بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسَدٍ الْأَنْصَارِيُّ النَّجَّارِيُّ أَبُو سَلْمَى أُمِّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كَانَ يُدْعَى أَبَا كَبْشَةَ قَالَ وَكَانَ فِي أَجْدَادِهِ أَيْضًا مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ أَبُو كَبْشَةَ وَهُوَ أَبُو قَبِيلَةِ أُمِّ وَهْبِ بن عبد مناف أبو آمِنَةَ أُمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ خُزَاعِيٌّ وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَعْبُدُ الشِّعْرَى وَكَانَ أَبُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ يُدْعَى أَبَا كَبْشَةَ وَهُوَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى السَّعْدِيُّ قَالَ الْقَاضِي وَقَالَ مِثْلَ هَذَا كُلِّهِ مُحَمَّدُ بْنُ حبيبالبغدادي وزاد بن مَاكُولَا فَقَالَ وَقِيلَ أَبُو كَبْشَةَ عَمُّ وَالِدِ حَلِيمَةَ مُرْضِعَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ (إِنَّهُ لَيَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ) بَنُو الْأَصْفَرِ هم الروم قال بن الْأَنْبَارِيِّ سُمُّوا بِهِ لِأَنَّ جَيْشًا مِنَ الْحَبَشَةِ غَلَبَ عَلَى بِلَادِهِمْ فِي وَقْتٍ فَوَطِئَ نِسَاءَهُمْ فَوَلَدْنَ أَوْلَادًا صُفْرًا مِنْ سَوَادِ الْحَبَشَةِ وَبَيَاضِ الرُّومِ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيُّ نُسِبُوا إِلَى الْأَصْفَرِ بْنِ الرُّومِ بْنِ عِيصُو بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاضِي هَذَا أَشْبَهُ مِنْ قَوْلِ بن الْأَنْبَارِيِّ قَوْلُهُ (مَشَى مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ شُكْرًا لِمَا أَبْلَاهُ اللَّهُ) أَمَّا حِمْصُ فَغَيْرُ مصروفة لأنها مؤنثة علم عجمية وَأَمَّا إِيلِيَاءُ فَهُوَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ أَشْهَرُهَا إِيلِيَاءُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَاللَّامِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ بَيْنَهُمَا وَبِالْمَدِّ وَالثَّانِيَةُ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهَا بِالْقَصْرِ وَالثَّالِثَةُ إِلْيَاءُ بِحَذْفِ الْيَاءِ الْأُولَى وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَبِالْمَدِّ حَكَاهُنَّ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَآخَرُونَ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي يعلى الموصلي في سند بن عَبَّاسٍ الْإِيلِيَاءُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ قِيلَ مَعْنَاهُ بَيْتُ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ شُكْرًا لِمَا أَبْلَاهُ اللَّهُ فَمَعْنَاهُ شُكْرًا لِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ وَأَنَالَهُ إِيَّاهُ وَيُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ قَالَ اللَّهُ تعالى ونبلوكم بالشر والخير فتنة والله أعلمبُصْرَى) هِيَ بِضَمِّ الْبَاءِ وَهِيَ مَدِينَةُ حُورَانَ ذَاتُ قَلْعَةٍ وَأَعْمَالٍ قَرِيبَةٌ مِنْ طَرَفِ الْبَرِّيَّةِ الَّتِي بَيْنَ الشَّامِ وَالْحِجَازِ وَالْمُرَادُ بِعَظِيمِ بُصْرَى أَمِيرُهَا قَوْلُهُ عَنْ هِرَقْلَ (إنَّهُ سَأَلَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْأَلَهُ عَنْهُ) قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا سَأَلَ قَرِيبَ النَّسَبِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِحَالِهِ وَأَبْعَدُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ فِي نَسَبِهِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ إِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ أَيْ لَا تَسْتَحْيُوا مِنْهُ فَتَسْكُتُوا عَنْ تَكْذِيبِهِ إِنْ كَذَبَ قَوْلُهُ (وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ عَلَيْهِمْ أَهْوَنَ فِي تَكْذِيبِهِ إِنْ كَذَبَ لِأَنَّ مُقَابَلَتَهُ بِالْكَذِبِ فِي وَجْهِهِ صَعْبَةٌ بِخِلَافِ مَا إِذَا لَمْ يَسْتَقْبِلْهُ قَوْلُهُ (دَعَا بِتَرْجُمَانِهِ) هُوَ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ وَهُوَ الْمُعَبِّرُ عَنْ لُغَةٍ بِلُغَةٍ أُخْرَى وَالتَّاءُ فِيهِ أَصْلِيَّةٌ وَأَنْكَرُوا عَلَى الْجَوْهَرِيِّ كَوْنَهُ جَعَلَهَا زَائِدَةً قَوْلُهُ (لَوْلَا مَخَافَةُ أَنْ يُؤْثَرَ عَلَيَّ الْكَذِبُ لَكَذَبْتُ) مَعْنَاهُ لَوْلَا خِفْتُ أَنَّ رُفْقَتِي يَنْقُلُونَ عَنِّي الْكَذِبَ إِلَى قَوْمِي وَيَتَحَدَّثُونَهُ فِي بِلَادِي لَكَذَبْتُ عَلَيْهِ لِبُغْضِي إِيَّاهُ وَمَحَبَّتِي نَقْصَهُ وَفِي هَذَا بَيَانُ أَنَّ الْكَذِبَ قَبِيحٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَمَا هُوَ قَبِيحٌ فِي الْإِسْلَامِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ لَوْلَا الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثُرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ وَهُوَ بِضَمِّ الثَّاءِ وَكَسْرِهَا وَقَوْلُهُ (كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ) أَيْ نَسَبُهُ قَوْلُهُ (فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فَهَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مِنْ مَالِكٍوَرُوِيَ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا مِنْ بكسر الميم وملك بِفَتْحِهَا مَعَ كَسْرِ اللَّامِ وَالثَّانِي مَنْ بِفَتْحِ الميم وملك بِفَتْحِهَا عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَصَحُّ وَتُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ بِحَذْفِ مِنْ قَوْلُهُ (وَمَنْ يَتْبَعُهُ أَشْرَافُ النَّاسِ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ) يَعْنِي بِأَشْرَافِهِمْ كِبَارَهُمْ وَأَهْلَ الْأَحْسَابِ فِيهِمْ قَوْلُهُ (سَخْطَةً لَهُ) هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالسَّخَطُ كراهة الشيء وعدم الرضى بِهِ قَوْلُهُ (يَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالًا) هُوَ بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ نُوَبًا نَوْبَةٌ لَنَا وَنَوْبَةٌ لَهُ قَالُوا وَأَصْلُهُ مِنَ الْمُسْتَقِيِينَ بِالسَّجْلِ وَهِيَ الدَّلْوُ الْمَلْأَى يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَجْلٌ قَوْلُهُ (فَهَلْ يَغْدِرُ) هُوَ بِكَسْرِ الدَّالِ وَهُوَ تَرْكُ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ قَوْلُهُ وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا يَعْنِي مُدَّةَ الْهُدْنَةِ وَالصُّلْحِ الَّذِي جَرَى يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي أَحْسَابِ قَوْمِهَا) يَعْنِي فِي أَفْضَلِ أَنْسَابِهِمْ وَأَشْرَفِهَا قِيلَ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ أَبْعَدُ مِنَ انْتِحَالِهِ الْبَاطِلَ وَأَقْرَبُ إِلَى انْقِيَادِ النَّاسِ لَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّ الضُّعَفَاءَ هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ فَلِكَوْنِ الْأَشْرَافِ يَأْنَفُونَ مِنْ تَقَدُّمِ مِثْلِهِمْ عَلَيْهِمْ وَالضُّعَفَاءُ لَا يَأْنَفُونَ فَيُسْرِعُونَ إِلَى الِانْقِيَادِ وَاتِّبَاعِ الْحَقِّ وَأَمَّا سُؤَالُهُ عَنِ الرِّدَّةِ فَلِأَنَّ مَنْ دخل علىبَصِيرَةٍ فِي أَمْرٍ مُحَقَّقٍ لَا يَرْجِعُ عَنْهُ بِخِلَافِ مَنْ دَخَلَ فِي أَبَاطِيلَ وَأَمَّا سُؤَالُهُ عَنِ الْغَدْرِ فَلِأَنَّ مَنْ طَلَبَ حَظَّ الدُّنْيَا لَا يُبَالِي بِالْغَدْرِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى ذَلِكَ وَمَنْ طَلَبَ الْآخِرَةَ لَمْ يَرْتَكِبْ غَدْرًا وَلَا غَيْرَهُ مِنَ الْقَبَائِحِ قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ إِذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ الْقُلُوبِ) يَعْنِي انشراح الصدور وأصلها اللُّطْفُ بِالْإِنْسَانِ عِنْدَ قُدُومِهِ وَإِظْهَارُ السُّرُورِ بِرُؤْيَتِهِ يُقَالُ بَشَّ بِهِ وَتَبَشْبَشَ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ مَعْنَاهُ يَبْتَلِيهِمُ اللَّهُ بِذَلِكَ لِيَعْظُمَ أَجْرُهُمْ بِكَثْرَةِ صَبْرِهِمْ وَبَذْلِهِمْ وُسْعَهُمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلُهُ (قُلْتُ يَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالْعَفَافِ) أَمَّا الصِّلَةُ فَصِلَةُ الْأَرْحَامِ وَكُلُّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَذَلِكَ بِالْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ وَحُسْنِ الْمُرَاعَاةِ وَأَمَّا الْعَفَافُ الْكَفُّ عَنِ الْمَحَارِمِ وَخَوَارِمِ الْمُرُوءَةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ الْعِفَّةُ الْكَفُّ عَمَّا لَا يحل ولا يحمل يقال عف يعف عفة وَعَفَافًا وَعَفَافَةً وَتَعَفَّفَ وَاسْتَعَفَّ وَرَجُلٌ عَفٌّ وَعَفِيفٌوَالْأُنْثَى عَفِيفَةٌ وَجَمْعُ الْعَفِيفِ أَعِفَّةٌ وَأَعِفَّاءُ قَوْلُهُ (إِنْ يَكُنْ مَا يَقُولُ حَقًّا إِنَّهُ نَبِيٌّ) قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا الَّذِي قَالَهُ هِرَقْلُ أَخَذَهُ مِنَ الْكُتُبِ الْقَدِيمَةِ فَفِي التَّوْرَاةِ هَذَا أَوْ نَحْوَهُ مِنْ عَلَامَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَفَهُ بِالْعَلَامَاتِ وَأَمَّا الدَّلِيلُ الْقَاطِعُ عَلَى النُّبُوَّةِ فَهُوَ الْمُعْجِزَةُ الظَّاهِرَةُ الْخَارِقَةُ لِلْعَادَةِ فَهَكَذَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (وَلَوْ أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ) هَكَذَا هُوَ فِي مُسْلِمٍ وَوَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ وَهُوَ أَصَحُّ فِي الْمَعْنَى وَمَعْنَاهُ لَتَكَلَّفْتُ الْوُصُولَ إِلَيْهِ وَارْتَكَبْتُ الْمَشَقَّةَ فِي ذَلِكَ وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ أُقْتَطَعَ دُونَهُ وَلَا عُذْرَ لَهُ فِي هَذَا لِأَنَّهُ قَدْ عَرَفَ صِدْقَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا شَحَّ فِي الْمُلْكِ وَرَغِبَ فِي الرِّيَاسَةِ فَآثَرَهَا عَلَى الْإِسْلَامِ وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَلَوْ أَرَادَ اللَّهُ هِدَايَتَهُ لَوَفَّقَهُ كَمَا وَفَّقَ النَّجَاشِيَّ وَمَا زَالَتْ عَنْهُ الرِّيَاسَةُ وَنَسْأَلُ اللَّهَ تَوْفِيقَهُ قَوْلُهُ (ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ إثم الأريسيين ويا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وبينكم) الْآيَةَ فِي هَذَا الْكِتَابِ جُمَلٌ مِنَ الْقَوَاعِدِ وَأَنْوَاعٌ مِنَ الْفَوَائِدِ مِنْهَا 1 دُعَاءُ الْكُفَّارِ إِلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ قِتَالِهِمْ وَهَذَا الدُّعَاءُ وَاجِبٌ وَالْقِتَالُ قَبْلَهُ حَرَامٌ إِنْ لَمْ تَكُنْ بَلَغَتْهُمْ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَتْ بَلَغَتْهُمْ فَالدُّعَاءُ مُسْتَحَبٌّ هَذَا مَذْهَبُنَا وَفِيهِ خِلَافٌ لِلسَّلَفِ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْجِهَادِ وَمِنْهَا 2 وُجُوبُ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَإِلَّا فَلَمْ يَكُنْ فِي بَعْثِهِ مَعَ دِحْيَةَ فَائِدَةٌ وَهَذَا إِجْمَاعُ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ وَمِنْهَا 3 اسْتِحْبَابُ تَصْدِيرِ الْكِتَابِبِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَإِنْ كَانَ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ كَافِرًا وَمِنْهَا 4 أَنَّ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فهو أجزم الْمُرَادُ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا الْكِتَابُ كَانَ ذَا بَالٍ بَلْ مِنَ الْمُهِمَّاتِ الْعِظَامِ وَبَدَأَ فِيهِ بِالْبَسْمَلَةِ دُونَ الْحَمْدِ وَمِنْهَا 5 أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسَافِرَ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ بِالْآيَةِ وَالْآيَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا وَأَنْ يَبْعَثَ بِذَلِكَ إِلَى الْكُفَّارِ وَإِنَّمَا نَهَى عَنِ الْمُسَافَرَةِ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ أَيْ بِكُلِّهِ أَوْ بِجُمْلَةٍ مِنْهُ وَذَلِكَ أَيْضًا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا خِيفَ وُقُوعُهُ فِي أَيْدِي الْكُفَّارِ وَمِنْهَا 6 أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ وَالْكَافِرِ مَسُّ آيَةٍ أَوْ آيَاتٍ يَسِيرَةٍ مَعَ غَيْرِ الْقُرْآنِ وَمِنْهَا 7 أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْمُكَاتَبَةِ وَالرَّسَائِلِ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ يَبْدَأَ الْكَاتِبُ بِنَفْسِهِ فَيَقُولُ مِنْ زَيْدٍ إِلَى عَمْرٍو وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ فِي كِتَابِهِ صِنَاعَةُ الْكِتَابِ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِنَفْسِهِ كَمَا ذَكَرْنَا ثُمَّ رَوَى فِيهِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً وَآثَارًا قَالَ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ قَالَ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا تَصْدِيرُ الْكِتَابِ وَالْعُنْوَانِ قَالَ وَرَخَّصَ جَمَاعَةٌ فِي أَنْ يَبْدَأَ بِالْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ فَيَقُولَ فِي التَّصْدِيرِ وَالْعُنْوَانِ إِلَى فُلَانٍ مِنْ فُلَانٍ ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَبَدَأَ باسم معاوية وعن محمد بن الْحَنَفِيَّةِ وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ وَأَمَّا الْعُنْوَانُ فَالصَّوَابُ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْهِ إِلَى فُلَانٍ وَلَا يَكْتُبَ لِفُلَانٍ لِأَنَّهُ إِلَيْهِ لَا لَهُ إِلَّا عَلَى مَجَازٍ قَالَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمِنْهَا 8 التَّوَقِّي فِي الْمُكَاتَبَةِ وَاسْتِعْمَالُ الْوَرَعِ فِيهَا فَلَا يُفْرِطُ وَلَا يُفَرِّطُ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ فَلَمْ يَقُلْ مَلِكِ الرُّومِ لِأَنَّهُ لَا مُلْكَ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ إِلَّا بِحُكْمِ دِينِ الْإِسْلَامِ وَلَا سُلْطَانَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِمَنْ وَلَّاهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ وَلَّاهُ مَنْ أَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرْطٍ وَإِنَّمَا يَنْفُذُ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الْكُفَّارِ مَا تُنْفِذُهُ الضَّرُورَةُ وَلَمْ يَقُلْ إِلَى هِرَقْلَ فَقَطْ بَلْ أَتَى بِنَوْعٍ مِنَ الْمُلَاطَفَةِ فَقَالَ عَظِيمِ الرُّومِ أَيِ الَّذِي يُعَظِّمُونَهُ وَيُقَدِّمُونَهُ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِإِلَانَةِ الْقَوْلِ لِمَنْ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ تَعَالَى ادْعُ إِلَى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وقال تعالى فقولا له قولا لينا وَغَيْرَ ذَلِكَ وَمِنْهَا 9 اسْتِحْبَابُ الْبَلَاغَةِ وَالْإِيجَازِ وَتَحَرِّي الْأَلْفَاظِ الْجَزْلَةِ فِي الْمُكَاتَبَةِ فَإِنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْلِمْ تَسْلَمْ فِي نِهَايَةٍ مِنَ الِاخْتِصَارِ وَغَايَةٍ مِنَ الْإِيجَازِ وَالْبَلَاغَةِ وَجَمْعِ الْمَعَانِي مَعَ مَا فِيهِ مِنْ بَدِيعِ التَّجْنِيسِ وَشُمُولِهِ لِسَلَامَتِهِ مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا بِالْحَرْبِ وَالسَّبْيِ وَالْقَتْلِ وَأَخْذِ الدِّيَارِ وَالْأَمْوَالِ وَمِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ10 - أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنَ بِهِ فَلَهُ أَجْرَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ هُنَا وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي الصَّحِيحِ ثَلَاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ منهم رجل من أهل الكتاب الحديث 11 الْبَيَانُ الْوَاضِحُ أَنَّ مَنْ كَانَ سَبَبًا لِضَلَالَةٍ أَوْ سَبَبَ مَنْعٍ مِنْ هِدَايَةٍ كَانَ آثِمًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أثقالهم 12 وَمِنْهَا اسْتِحْبَابُ أَمَّا بَعْدُ فِي الْخُطَبِ وَالْمُكَاتَبَاتِ وَقَدْ تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ لِهَذِهِ بَابًا فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ ذَكَرَ فِيهِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ) هَكَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْأُولَى فِي مُسْلِمٍ الْأَرِيسِيِّينَ وَهُوَ الْأَشْهَرُ فِي رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ وَفِي كُتُبِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَعَلَى هَذَا اخْتُلِفَ فِي ضَبْطِهِ عَلَى أَوْجُهٍ أَحَدُهَا بِيَاءَيْنِ بَعْدَ السِّينِ وَالثَّانِي بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ بَعْدَ السِّينِ وَعَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الْهَمْزَةُ مَفْتُوحَةٌ وَالرَّاءُ مَكْسُورَةٌ مُخَفَّفَةٌ وَالثَّالِثُ الْإِرِّيسِينَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الراء وبيان وَاحِدَةٍ بَعْدَ السِّينِ وَوَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فِي مُسْلِمٍ وَفِي أَوَّلِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ إِثْمَ الْيَرِيسِيِّينَ بِيَاءٍ مَفْتُوحَةٍ فِي أَوَّلِهِ وَبِيَاءَيْنِ بَعْدَ السِّينِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِهِمْ عَلَى أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا وَأَشْهَرُهَا أَنَّهُمُ الْأَكَّارُونَ أَيِ الْفَلَّاحُونَ وَالزَّرَّاعُونَ وَمَعْنَاهُ أَنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ رَعَايَاكَ الَّذِينَ يَتْبَعُونَكَ وَيَنْقَادُونَ بِانْقِيَادِكَ وَنَبَّهَ بِهَؤُلَاءِ عَلَى جَمِيعِ الرَّعَايَا لِأَنَّهُمُ الْأَغْلَبُ وَلِأَنَّهُمْ أَسْرَعُ انْقِيَادًا فَإِذَا أَسْلَمَ أَسْلَمُوا وَإِذَا امْتَنَعَ امْتَنَعُوا وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ وَقَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي رِوَايَةٍ رُوِّينَاهَا فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ لِلْبَيْهَقِيِّ وَفِي غَيْرِهِ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَكَّارِينَ وَفِي رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ وَإِلَّا فَلَا يَحُلْ بَيْنَ الْفَلَّاحِينَ وَبَيْنَ الْإِسْلَامِ وَفِي رواية بن وَهْبٍ وَإِثْمُهُمْ عَلَيْكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْفَلَّاحِينَ الزَّرَّاعِينَ خَاصَّةً بَلِ الْمُرَادُ بِهِمْ جَمِيعُ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ الثَّانِي أَنَّهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَهُمْ أَتْبَاعُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَرِيسٍ الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ الْأَرُوسِيَّةُ مِنَ النَّصَارَى وَلَهُمْ مَقَالَةٌ فِي كُتُبِ الْمَقَالَاتِ وَيُقَالُ لَهُمْ الْأَرُوسِيَّونَ الثَّالِثُ أَنَّهُمُ الْمُلُوكُ الَّذِينَيَقُودُونَ النَّاسَ إِلَى الْمَذَاهِبِ الْفَاسِدَةِ وَيَأْمُرُونَهُمْ بِهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ) وَهُوَ بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ بِدَعْوَتِهِ وَهِيَ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذَا أَدْعُوكَ بِدَاعِيَةِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ بِمَعْنَى الْأُولَى وَمَعْنَاهَا الْكَلِمَةُ الدَّاعِيَةُ إِلَى الْإِسْلَامِ قَالَ الْقَاضِي وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ دَاعِيَةٌ هُنَا بِمَعْنَى دَعْوَةٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ليس لها من دون الله كاشفة أَيْ كَشْفٌ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى) هَذَا دَلِيلٌ لِمَنْ يَقُولُ لَا يُبْتَدَأُ الْكَافِرُ بِالسَّلَامِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَبْتَدِئَ كَافِرًا بِالسَّلَامِ وَأَجَازَهُ كَثِيرُونَ مِنَ السَّلَفِ وَهَذَا مَرْدُودٌ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَسَتَأْتِي فِي مَوْضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَجَوَّزَهُ آخَرُونَ لِاسْتِئْلَافٍ أَوْ لِحَاجَةٍ إِلَيْهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ قَوْلُهُ (وَكَثُرَ اللَّغَطُ) هُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَإِسْكَانِهَا وَهِيَ الْأَصْوَاتُ الْمُخْتَلِفَةُ قَوْلُهُ (لَقَدْ أمر أمر بن أَبِي كَبْشَةَ) أَمَّا أَمِرَ فَبِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الميم أي عظم وأما قوله بن أَبِي كَبْشَةَ فَقِيلَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ كَانَ يَعْبُدُ الشِّعْرَى وَلَمْ يُوَافِقْهُ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ فِي عِبَادَتِهَا فَشَبَّهُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ لِمُخَالَفَتِهِ إِيَّاهُمْ فِي دِينِهِمْ كَمَا خَالَفَهُمْ أَبُو كَبْشَةَ رُوِّينَا عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ فِي كِتَابِ الْأَنْسَابِ قَالَ لَيْسَ مُرَادُهُمْ بِذَلِكَ عَيْبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَادُوا بِذَلِكَ مُجَرَّدَ التَّشْبِيهِ وَقِيلَ إِنَّ أَبَا كَبْشَةَ جَدُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم من قبل أمه قال بن قُتَيْبَةَ وَكَثِيرُونَ وَقِيلَ هُوَ أَبُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَهُوَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى السَّعْدِيُّ حَكَاهُ بن بَطَّالٍ وَآخَرُونَ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ أَبُو الحسن الجرجاني التشابه إنما قالوا بن أَبِي كَبْشَةَ عَدَاوَةً لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَسَبُوهُ إِلَى نَسَبٍ لَهُ غَيْرِ نَسَبِهِ الْمَشْهُورِ إِذْ لَمْ يُمْكِنُهُمُ الطَّعْنُ فِي نَسَبِهِ الْمَعْلُومِ الْمَشْهُورِ قَالَ وَقَدْ كَانَ وَهْبُ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ جَدُّهُ أَبُو آمِنَةَ يُكَنَّى أَبَا كَبْشَةَ وَكَذَلِكَ عَمْرُو بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسَدٍ الْأَنْصَارِيُّ النَّجَّارِيُّ أَبُو سَلْمَى أُمِّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كَانَ يُدْعَى أَبَا كَبْشَةَ قَالَ وَكَانَ فِي أَجْدَادِهِ أَيْضًا مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ أَبُو كَبْشَةَ وَهُوَ أَبُو قَبِيلَةِ أُمِّ وَهْبِ بن عبد مناف أبو آمِنَةَ أُمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ خُزَاعِيٌّ وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَعْبُدُ الشِّعْرَى وَكَانَ أَبُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ يُدْعَى أَبَا كَبْشَةَ وَهُوَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى السَّعْدِيُّ قَالَ الْقَاضِي وَقَالَ مِثْلَ هَذَا كُلِّهِ مُحَمَّدُ بْنُ حبيبالبغدادي وزاد بن مَاكُولَا فَقَالَ وَقِيلَ أَبُو كَبْشَةَ عَمُّ وَالِدِ حَلِيمَةَ مُرْضِعَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ (إِنَّهُ لَيَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ) بَنُو الْأَصْفَرِ هم الروم قال بن الْأَنْبَارِيِّ سُمُّوا بِهِ لِأَنَّ جَيْشًا مِنَ الْحَبَشَةِ غَلَبَ عَلَى بِلَادِهِمْ فِي وَقْتٍ فَوَطِئَ نِسَاءَهُمْ فَوَلَدْنَ أَوْلَادًا صُفْرًا مِنْ سَوَادِ الْحَبَشَةِ وَبَيَاضِ الرُّومِ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيُّ نُسِبُوا إِلَى الْأَصْفَرِ بْنِ الرُّومِ بْنِ عِيصُو بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاضِي هَذَا أَشْبَهُ مِنْ قَوْلِ بن الْأَنْبَارِيِّ قَوْلُهُ (مَشَى مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ شُكْرًا لِمَا أَبْلَاهُ اللَّهُ) أَمَّا حِمْصُ فَغَيْرُ مصروفة لأنها مؤنثة علم عجمية وَأَمَّا إِيلِيَاءُ فَهُوَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ أَشْهَرُهَا إِيلِيَاءُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَاللَّامِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ بَيْنَهُمَا وَبِالْمَدِّ وَالثَّانِيَةُ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهَا بِالْقَصْرِ وَالثَّالِثَةُ إِلْيَاءُ بِحَذْفِ الْيَاءِ الْأُولَى وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَبِالْمَدِّ حَكَاهُنَّ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَآخَرُونَ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي يعلى الموصلي في سند بن عَبَّاسٍ الْإِيلِيَاءُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ قِيلَ مَعْنَاهُ بَيْتُ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ شُكْرًا لِمَا أَبْلَاهُ اللَّهُ فَمَعْنَاهُ شُكْرًا لِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ وَأَنَالَهُ إِيَّاهُ وَيُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ قَالَ اللَّهُ تعالى ونبلوكم بالشر والخير فتنة والله أعلم(بَاب كُتُبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى ملوك الكفار (يدعوهم إلى الإسلام قَوْلُهُ (حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَعْنِيُّ) هُوَ بِكَسْرِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى مَعْنٍ وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ هُوَ مِنْ وَلَدِ مَعْنِ بْنِ زَائِدَةَ قَوْلُهُ (حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَعْنِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مُسْلِمٌ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَالَ مُسْلِمٌ حَدَّثَنِيهِ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ أَخْبَرَنِي خَالِدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ) هَذِهِ الْأَسَانِيدُ الثَّلَاثَةُ كُلُّهُمْ بَصْرِيُّونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ بَصْرِيٌّ بَغْدَادِيٌّ وَلَا يَنْقُضُ هَذَا مَا ذَكَرْتُهُ وَفِي الْإِسْنَادِ الثَّانِي تَصْرِيحُ قَتَادَةَ بِالسَّمَاعِ مِنْ أَنَسٍ فَزَالَ مَا يُخَافُ مِنْ لَبْسِهِ لَوِ اقْتُصِرَ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ

    [1773] فِي الْمدَّة الَّتِي كَانَت يَعْنِي الصُّلْح يَوْم الْحُدَيْبِيَة هِرقل بِكَسْر الْهَاء وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْقَاف على الْمَشْهُور دحْيَة بِفَتْح الدَّال وَكسرهَا بصرى بصم الْبَاء مَدِينَة حوران بترجمانه بِفَتْح التَّاء وَضمّهَا سخطَة بِفَتْح السِّين سجالا بِكَسْر السِّين أَي نوبا نوبَة لنا ونوبة لَهُ بشاشته الْقُلُوب يَعْنِي انْشِرَاح الصَّدْر بِدِعَايَةِ الْإِسْلَام بِكَسْر الدَّال أَي بدعوته إِثْم الأريسيين هم الأكارون أَي الفلاحون والزراعون وَالْمعْنَى إِن عَلَيْهِ إِثْم رعاياه الَّذِي يتبعونه وينقادون بانقياده أَمر بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الْمِيم أَي عظم بن أبي كَبْشَة قَالَ أَبُو الْحسن الْجِرْجَانِيّ النسابة قَالُوا ذَلِك عَدَاوَة لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنسبوه إِلَى نسب لَهُ غير نسبه الْمَشْهُور وَكَانَ وهب جده أَبُو آمِنَة يكنى أَبَا كَبْشَة وَكَذَلِكَ عَمْرو بن زيد أوبو سلمى أم عبد الْمطلب وَكَذَلِكَ أَبُو قَبيلَة أم وهب أَبُو آمِنَة والدته وَهُوَ خزاعي وَهُوَ الَّذِي خَالف الْعَرَب فعبد الشعرى وَقيل المُرَاد بِأبي كَبْشَة أَبوهُ من الرضَاعَة وَهُوَ الْحَارِث بن عبد الْعُزَّى السَّعْدِيّ وَقيل عَم وَالِد حليمة مرضعته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني الْأَصْغَر هم الرّوم قَالَ الْحَرْبِيّ نسبوا إِلَى الْأَصْفَر بن الرّوم بن عيصو بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام لما أبلاه الله أَي أنعم عَلَيْهِ إِثْم اليريسيين هُوَ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاة تَحت بدل الْهمزَة فِي أَوله بداعية الْإِسْلَام أَي بِالْكَلِمَةِ الداعية إِلَيْهِ وَهِي كلمة التَّوْحِيد قَالَ القَاضِي وَيجوز أَن تكون دَاعِيَة بِمَعْنى دَعْوَة كَمَا فِي قَوْله لَيْسَ لَهَا من دون الله كاشف أَي كشف

    عن ابن عباس رضي الله عنهما أن أبا سفيان أخبره من فيه إلى فيه. قال: انطلقت في المدة التي كانت بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فبينا أنا بالشام إذ جيء بكتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يعني عظيم الروم. قال: وكان دحية الكلبي جاء به فدفعه إلى عظيم بصرى فدفعه عظيم بصرى إلى هرقل فقال: هرقل هل هاهنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قالوا: نعم. قال: فدعيت في نفر من قريش فدخلنا على هرقل فأجلسنا بين يديه فقال أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فقال أبو سفيان: فقلت: أنا فأجلسوني بين يديه وأجلسوا أصحابي خلفي ثم دعا بترجمانه فقال له: قل لهم إني سائل هذا عن الرجل الذي يزعم أنه نبي فإن كذبني فكذبوه قال: فقال أبو سفيان: وايم الله لولا مخافة أن يؤثر علي الكذب لكذبت. ثم قال لترجمانه: سله كيف حسبه فيكم؟ قال: قلت: هو فينا ذو حسب قال: فهل كان من آبائه ملك؟ قلت: لا قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا قال: ومن يتبعه أشراف الناس أم ضعفاؤهم؟ قال: قلت: بل ضعفاؤهم. قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قال: قلت: لا بل يزيدون قال: هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له؟ قال: قلت: لا. قال: فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قال: قلت: تكون الحرب بيننا وبينه سجالا يصيب منا ونصيب منه قال: فهل يغدر؟ قلت: لا ونحن منه في مدة لا ندري ما هو صانع فيها قال: فوالله ما أمكنني من كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه قال: فهل قال هذا القول أحد قبله؟ قال: قلت: لا قال لترجمانه: قل له إني سألتك عن حسبه فزعمت أنه فيكم ذو حسب وكذلك الرسل تبعث في أحساب قومها وسألتك هل كان في آبائه ملك فزعمت أن لا فقلت لو كان من آبائه ملك قلت رجل يطلب ملك آبائه وسألتك عن أتباعه أضعفاؤهم أم أشرافهم فقلت بل ضعفاؤهم وهم أتباع الرسل وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال فزعمت أن لا فقد عرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ثم يذهب فيكذب على الله وسألتك هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخله سخطة له فزعمت أن لا وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب وسألتك هل يزيدون أو ينقصون فزعمت أنهم يزيدون وكذلك الإيمان حتى يتم وسألتك هل قاتلتموه فزعمت أنكم قد قاتلتموه فتكون الحرب بينكم وبينه سجالا ينال منكم وتنالون منه وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة وسألتك هل يغدر فزعمت أنه لا يغدر وكذلك الرسل لا تغدر وسألتك هل قال هذا القول أحد قبله فزعمت أن لا فقلت لو قال هذا القول أحد قبله قلت رجل ائتم بقول قيل قبله قال: ثم قال بم يأمركم؟ قلت: يأمرنا بالصلاة والزكاة والصلة والعفاف. قال: إن يكن ما تقول فيه حقا فإنه نبي وقد كنت أعلم أنه خارج ولم أكن أظنه منكم ولو أني أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه وليبلغن ملكه ما تحت قدمي. قال: ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم. سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين وإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين و {يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} [آل عمران: 64] فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده وكثر اللغط وأمر بنا فأخرجنا. قال: فقلت لأصحابي حين خرجنا: لقد أمر أمر ابن أبي كبشة إنه ليخافه ملك بني الأصفر قال: فمازلت موقنا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام.
    المعنى العام:
    في أوائل سبع من الهجرة كتب النبي صلى الله عليه وسلم كتبا إلى الملوك والأمراء ورؤساء القبائل والعشائر يدعوهم في هذه الكتب إلى الله تعالى وإلى الإسلام. كتب إلى كسرى ملك الفرس فمزق الكتاب فقال صلى الله عليه وسلم حين بلغه ذلك: مزق الله ملكه كما مزق كتابي. وكتب إلى النجاشي ملك الحبشة فأحسن وفادة حامل الكتاب وظل كافرا مع أن أباه النجاشي كان قد أسلم وكان قد آوى المهاجرين إلى الحبشة وزوج الرسول صلى الله عليه وسلم أم حبيبة وأصدقها عنه ولما مات صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكتب إلى هوذة بن علي حاكم اليمامة والمنذر بن ساوى حاكم هجر وجيفر وعباد ابني الجلندي بعمان وابن أبي شمر الغساني وإلى مسيلمة وإلى المقوقس. وعلى رأس هؤلاء وهذه الكتب كتاب هرقل وهو ما يحدثنا عنه في هذا الحديث أبو سفيان بن حرب الذي أسلم يوم فتح مكة وكان في زمن كتاب هرقل هذا زعيم مشركي مكة وقائد أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أبو سفيان: في أوائل سريان الهدنة بين قريش وبين محمد صلى الله عليه وسلم المنصوص عليها في صلح الحديبية انطلقت على رأس نفر من قريش إلى الشام تجارا وبينما نحن في سوق الشام نتاجر إذ هجم علينا شرطة هرقل أنتم من مكة؟ قلنا نعم أنتم من قريش؟ قلنا: نعم أنتم تعرفون محمد بن عبد الله الذي يدعي أنه نبي؟ قلنا: نعم قالوا: هيا معنا إلى هرقل وساقونا جميعا نحوا من ثلاثين رجلا قلنا لهم ما الخبر؟ قالوا: إن هرقل جاءه كتاب من محمد الذي يدعي أنه نبي سلمه إليه حاكم بصرى إحدى مدن مملكة هرقل بعد أن سلمه إياه عربي مسلم يدعي دحية الكلبي ليوصله إلى هرقل فلما قرأ هرقل كتاب محمد صلى الله عليه وسلم قال: إن هذا كتاب خطير يهتم به كل الاهتمام ثم جمع حاشيته وخواصه وقال لهم: هل هنا في الشام في حمص هذه عاصمة ملكي أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قالوا: نعم إن الكثيرين منهم في سوق المدينة فنادى رئيس شرطته وبلهجة الحزم والشدة قال له: قلب المدينة ظهرا لبطن حتى تأتيني برجل أو رجال من قوم هذا الذي يدعي أنه نبي بحثنا عنكم حتى وجدناكم فهيا إلى القصر فلما علم بوصولنا دعانا إلى مجلسه فأدخلنا عليه فإذا هو جالس في مجلس ملكه وعليه التاج المرصع باللؤلؤ والجواهر وحوله عظماء الروم وعنده بطارقته والقسيسون والرهبان وبين يديه حراس مدججون بالسلاح منظرهم يثير الرعب والرهبة فأمر بنا أن نجلس أمامه بين يديه فجلسنا على فراش الأرض فدعا بترجمانه وطلب منه أن يسألنا: أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قال أبو سفيان: فقلت: أنا أقربهم إليه نسبا قال: ما قرابتك منه؟ قلت: هو ابن عمي قال: اقترب وأجلسوني وحدي بين يديه وأجلسوا أصحابي خلفي عند ظهري يا لهذا الداهية؟ إنه يخص الأقرب نسبا بالأسئلة لأنه الأكثر إطلاعا على أموره ظاهرا وباطنا ولأن الأبعد لا يؤمن أن يقدح في نسبه يا لهذا الداهية؟ أنه أجلسه وحده بين يديه وأجلس أصحابه خلفه لئلا يستحيوا منه إذ يكذبونه إن كذب لأن المواجهة بالتكذيب وبتكذيب السيد الكبير صعبة محرجة فكونهم خلفه يجعل تكذيبهم له أهون عليه. ثم قال لترجمانه: قل لهم: إني سائل هذا عن الرجل الذي يدعي أنه نبي والسؤال في الحقيقة موجه إليكم جميعا فإن كذبني فكذبوه وإن أخطأ فصوبوه وأصدقوني القول ولا تخفوا علي شيئا من الأمر يقول أبو سفيان: وكنت في داخلي أتمنى أن أسيء إلى محمد ولو كذبا ولكني كنت أخاف أن يمسك على قومي كذبا فأظل في نظرهم بعد عودتنا كذابا والكذب عند العرب لا يليق بكرام الرجال فضلا عن رؤسائهم إنني لا أخاف من أصحابي أن يكذبوني أمام هرقل فأنا واثق من عدم تكذيبهم لي لو كذبت لمقامي عندهم ولاشتراكهم معي في عداوة محمد صلى الله عليه وسلم فوالله لو كذبت ما ردوا علي ولكني كنت امرأ سيدا أتكرم عن الكذب وأخشى أن يأخذ على رفقائي كذبا وسألني هرقل: هذا الذي يزعم أنه نبي كيف حسبه فيكم؟ أهو من أشرافكم؟ ومن ذوي الأصل فيكم؟ قال أبو سفيان قلت: هو صاحب حسب كبير فينا. سأل هرقل عن طريق الترجمان: هل كان من آبائه ملك؟ قال أبو سفيان: لا لم يكن من آبائه من ملك. سأل هرقل: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ أجاب أبو سفيان: لا. سأل هرقل: ومن الذين يتبعونه؟ أشراف الناس؟ أم ضعفاؤهم؟ أجاب أبو سفيان: بل ضعفاؤهم. سأل هرقل: أيزيدون؟ أم ينقصون؟ أجاب أبو سفيان: بل يزيدون. سأل هرقل: هل يرتد أحد منهم عن دينه؟ ساخطا عليه بعد أن يدخله؟ أجاب أبو سفيان: لا. سأل هرقل: هل قاتلتموه؟ أجاب أبو سفيان: نعم. سأل هرقل: كيف كان قتالكم إياه؟ يغلبكم؟ أم تغلبونه؟ أجاب أبو سفيان: تارة يغلبنا وتارة نغلبه فالحرب بيننا وبينه نوبا نوبة له ونوبة لنا غلبنا مرة يوم بدر وأنا غائب وغزوته في بيته فبقرنا البطون وجدعنا الآذان. سأل هرقل: فهل يغدر بكم إذا عاهد؟ قال أبو سفيان: لا وأراد أبو سفيان أن ينال من محمد صلى الله عليه وسلم فلم يجد إلا أن يشكك في وفائه بالعهد فقال: وبيننا وبينه عهد لا ندري أيغدر بنا؟ أم يفي؟. سأل هرقل: هل ادعى أحد منكم قبله مثل ما يدعي؟ قال: لا. وهنا بدأ هرقل يعلن لهم هدفه من الأسئلة واستنتاجاته من الإجابات فقال: سألتك عن حسبه؟ فقلت: إنه فينا ذو حسب وكذلك الرسل تبعث في أفضل أنساب قومها. وسألتك هل كان في آبائه ملك؟ فزعمت أن لا فقلت: لو كان من آبائه ملك جاز أن يكون طالبا ملك آبائه وسألتك عن أتباعه الأشراف أم الضعفاء؟ فقلت: الضعفاء. وهكذا أتباع الرسل لأن الأشراف يأنفون من تقدم مثلهم عليهم والضعفاء لا يأنفون فيسرعون للانقياد واتباع الحق وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب؟ فقلت: لا فعرفت أنه ما كان ليترك الكذب على الناس ثم يكذب على الله وسألتك: هل يرتد أحد منهم عن دينه الجديد ساخطا عليه بعد أن يدخله؟ فقلت: لا وكذلك الإيمان إذا خالط غشاء القلوب لا يزول عنه وسألتك هل قاتلتموه؟ وكيف كانت نتيجة قتالكم إياه؟ فقلت: إن الحرب بينكم وبينه سجالا وهكذا الرسل يبتلون بالهزيمة ثم تكون لهم العاقبة وسألتك هل يغدر بكم؟ فقلت: لا وكذلك الرسل لا تغدر وسألتك: هل قال هذا القول أحد معاصر قبله؟ فقلت: لا قلت: لو قال هذا القول أحد قبله قلت: رجل يأتم بغيره ويقول ما يقولون ثم سألتك بم يأمركم؟ قلت: يأمرنا بالصلاة والصدقة وصلة الأرحام والعفة وكذلك الرسل ولقد كنت أعلم أن نبيا سيرسل في آخر الزمان لكني كنت أتوقعه من بني إسرائيل وليس منكم أما اليوم فقد ظهر أنه من العرب لقد كنت أقرأ أوصافه التي ذكرت ففي التوراة نحو ما سمعت من علامات النبوة إن يكن ما قلته حقا فهو النبي صلى الله عليه وسلم الذي سيملك أتباعه مكان قدمي وملكي ولو كنت أستطيع أن أصل إليه ماشيا لفعلت ولغسلت بيدي رجليه خضوعا له وتبركا به ولكني أخاف من قومي أن يقتلوني لقد كان لي صديق قسيس أسقف أظهر إسلامه وألقى ثيابه التي كانت عليه ولبس ثيابا بيضا وخرج على الروم فدعاهم إلى الإسلام وشهد شهادة الحق فقاموا إليه فضربوه حتى قتلوه إنني أخافهم ولولا ذلك لتكلفت المشي إليه ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه القارئ وترجمه الترجمان وسمعه بالعربية أبو سفيان فسمع: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعوة الإسلام أسلم تسلم في الدنيا والآخرة أسلم يؤتك الله أجرك مرتين مرة على إيمانك بعيسى ومرة على إيمانك بمحمد عليهما الصلاة والسلام فإن توليت ورفضت ولم تسلم فإنما عليك إثمك وإثم أتباعك الذين يقتدون بك ويتبعونك في دينك ثم ختم الكتاب بالآية الكريمة {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أرباب من دون الله} [آل عمران: 64]. ثم طوى الكتاب وبمظاهر التكريم حفظه وظهر عليه الميل نحو الإيمان فكثر اللغط في المجلس وارتفعت الأصوات باستنكار الكتاب واستنكار ما فيه فأمر هرقل بإخراج أبي سفيان وأصحابه فخرجوا فقال أبو سفيان لأصحابه لما خلا بهم إن أمر محمد سيعظم إن هرقل يخاف محمدا قال أبو سفيان: ودخلني الخوف من محمد وأيقنت أنه لا محالة ظاهر وغالب حتى أدخل الله في قلبي الإسلام فأسلمت عام الفتح بعد هذه الحادثة بسنتين. هذا ما كان مع أبي سفيان وأما ما كان من شأن هرقل فقد غزا جيش كسرى بلاده ثم انهزم الفرس فمشى هرقل على قدميه من حمص إلى بيت المقدس شكرا لله تعالى وهو مازال في داخله يعالج أمر الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ويجاهد أن يؤمن ويعلن إسلامه مع الاحتفاظ بعرشه وملكه إنه كان يتمنى أن يسلم قومه الروم بل حاول أن يدعوهم إلى ذلك صريحا فقد روى البخاري أنه دعا زعماء الروم وعظماءهم إلى قصره وأغلق عليهم أبوابه ثم طلع عليهم من شرفة عالية فقال لهم: يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد؟ وأن يثبت ملككم؟ بايعوا هذا النبي. فحاصوا حيصة حمر الوحش واتجهوا إلى الأبواب نفورا من هذه الدعوة ورفضا لها فوجدوا الأبواب مغلقة فأعادهم هرقل وهدأ من روعهم وغضبهم وقال لهم: إني قلت لكم ما قلت لأمتحن مدى تمسككم بدينكم فشكرا لكم على شدة تمسككم به فقد رأيت منكم ما سرني فسجدوا له ورضوا عنه. واستمر هرقل مظاهرا الروم وأعد جيوشه ووجهها لحروب المسلمين. المباحث العربية (أن أبا سفيان أخبره من فيه إلى فيه) هذا من أبي سفيان من قبيل التحمل كافرا والأداء مسلما وهذا جائز ولا شيء فيه لأن العبرة أن يكون الراوي لأداء ما تحمل وهو عاقل. وقوله من فيه إلى فيه قصد به التحقق من السماع والتوثيق بالرواية كقولهم سمعته أذناي ووعاه قلبي وهو أيضا يرفع إيهام الواسطة بين التلميذ والشيخ وكان حقه أن يقول: من فيه إلى أذني أي من فم أبي سفيان إلى أذن ابن عباس لكنه آثر المشاكلة لظهور المراد وهذا نوع بليغ من البديع. (انطلقت في المدة التي كانت بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم) المعنى انطلقت إلى الشام تاجرا في مدة سريان صلح الحديبية الذي عقد أواخر سنة ست من الهجرة وكانت مدة الصلح عشر سنين وقيل: أربع سنين والأول أشهر لكن قريشا نقضوا العهد فغزاهم النبي صلى الله عليه وسلم سنة ثمان وفتح مكة والظاهر أن انطلاق أبي سفيان كان في السنة الأولى من صلح الحديبية في المحرم سنة سبع وقوله بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أي بيننا معشر قريش في مكة وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان حينذاك زعيمهم والمتحدث باسمهم والمتعاقد عنهم وعند ابن إسحق في المغازي عن أبي سفيان قال: كنا قوما تجارا وكانت الحرب قد حصبتنا فلما كانت الهدنة خرجت تاجرا إلى الشام مع رهط من قريش فوالله ما علمت بمكة امرأة ولا رجلا إلا وقد حملتني بضاعة (فبينا أنا بالشام إذ جيء بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يعني عظيم الروم) بينا بين زيدت عليها الألف ظرف زمان منصوب بمعنى المفاجأة في إذ مضاف إلى الجملة بعده أي فاجأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هرقل وقت وجودي بالشام. وهرقل هو ملك الروم وهو بكسر الهاء وفتح الراء وسكون القاف هذا هو المشهور وحكي بكسر الهاء وإسكان الراء وكسر القاف وهو اسم علم لهذا الملك ولقبه قيصر وكذا كل ملك من ملوك الروم يقال له: قيصر كما يلقب ملك الفرس كسرى. (وكان دحية الكلبي جاء به) من رسول الله صلى الله عليه وسلم ودحية بكسر الدال وحكي فتحها لغتان ويقال: إن معناه الرئيس بلغة أهل اليمن وهو ابن خليفة الكلبي صحابي جليل كان أحسن الناس وجها وأسلم قديما ومات في خلافة معاوية. (فدفعه إلى عظيم بصرى) أي أميرها وبصرى بضم الباء وسكون الصاد والقصر مدينة ذات قلاع وأعمال بين المدينة ودمشق قريبة من طرف البرية التي بين الشام والحجاز وهي مدينة حوران. (فقال هرقل) لحاشيته وخواصه: هذا كتاب لم أسمع بمثله. (هل هنا) في الشام. (أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟) وعند ابن إسحق فقال هرقل لصاحب شرطته: قلب الشام ظهرا لبطن حتى تأتي برجل من قوم هذا أسأله عن شأنه قال أبو سفيان: فوالله إني وأصحابي بغرة إذ هجم علينا فساقنا جميعا. (فدعيت في نفر من قريش) الفاء فصيحة أفصحت عن جمل محذوفة أي فبحثوا فوجدونا فأخبروه فدعانا قيل: كانوا ثلاثين رجلا وقيل كانوا نحوا من عشرين رجلا وسمي منهم المغيرة بن شعبة. (فدخلنا على هرقل) عند البخاري فدعاهم في مجلسه أي دعاهم حالة كونه في مجلسه وحوله عظماء الروم ثم دعاهم ودعا بترجمانه وعند البخاري في الجهاد فأدخلنا عليه فإذا هو جالس في مجلس ملكه وعليه التاج وعند ابن السكن فأدخلنا عليه وعنده بطارقته والقسيسون والرهبان. (فأجلسنا بين يديه) أي أمامه. (فقال: أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟) الظاهر أن هذا السؤال وجه إليهم عن طريق ترجمان آخر غير الذي سيدعي وإنما سأل عن الأقرب نسبا لأنه أحرى بالاطلاع على أموره ظاهرا وباطنا أكثر من غيره ولأن الأبعد لا يؤمن أن يقدح في نسبه بخلاف الأقرب وفي رواية البخاري أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل؟ بالباء بدل من على تضمين أقرب معنى أوصل والزعم يستعمل كثيرا في المكذوب والمشكوك فيه وقد يستعمل بمعنى القول ويأتي في المستيقن كما في حديث زعم جبريل. (قال أبو سفيان: فقلت: أنا) وفي رواية البخاري قلت: أنا أقربهم نسبا وفي رواية ابن السكن فقالوا: هذا أقربنا به نسبا هو ابن عمه أخي أبيه وعند البخاري قال: ما قرابتك منه؟ قلت: هو ابن عمي قال أبو سفيان: ولم يكن في الركب من بني عبد مناف غيري. وعبد مناف الأب الرابع للنبي صلى الله عليه وسلم وكذا لأبي سفيان فعبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف هو ابن عم أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ففي كونه ابن عمه تجوز وفي رواية ابن السكن هو ابن عم أخي أبيه نظر. (فأجلسوني بين يديه) أي قربوني منه وقدموني على أصحابي. (وأجلسوا أصحابي خلفي) عند البخاري فقال: أدنوه مني وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره أي لئلا يستحيوا أن يواجهوه بالتكذيب إن كذب فكونهم خلفه يجعل تكذيبهم له أهون عليهم. (ثم دعا بترجمانه) بضم التاء وفتحها والفتح أفصح وهو المعبر عن لغة بلغة أخرى قال النووي: والتاء فيه أصلية وأنكروا على الجوهري كونه جعلها زائدة. (فقال له: قل لهم: إني سائل هذا عن الرجل الذي يزعم أنه نبي) أي إن السؤال في ظاهره سيتوجه إلى أبي سفيان ولكنه في الحقيقة موجه إليكم جميعا. (فإن كذبني فكذبوه) كذبني بتخفيف الذال أي إن نقل إلى كذبا فقولوا له: كذبت وأصدقوني القول. (وايم الله) اسم وضع للقسم وألفه ألف وصل عند أكثر النحويين وهو مبتدأ خبره محذوف أي وايم الله قسمي. (لولا مخافة أن يؤثر على الكذب لكذبت) يؤثر بضم الياء وسكون الهمزة وفتح الثاء مبني للمجهول يقال: أثر الحديث بفتح الألف والثاء نقله ورواه عن غيره يأثر بضم الثاء أثرا بسكونها وأثارة والمعنى هنا لولا مخافة أن ينقل عني رفقتي إلى قومي أني كذبت ويتحدثون بذلك عني في بلادي لكذبت عليه لبغضي إياه ومحبتي تنقيصه وفي رواية البخاري فوالله لولا الحياء من أن يأثروا على كذبا لكذبت عنه أي لكذبت عند الإخبار بحاله فعدم كذبه ناشئ من خوفه أن ينقلوا عنه أنه كذب لا خوف تكذيبهم له في المجلس فقد كان واثقا منهم بعدم التكذيب أن لو كذب لاشتراكهم معه في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم لكنه ترك ذلك استحياء وأنفة أن يتحدثوا بذلك بعد أن يرجعوا فيصير عند سامعي ذلك كذابا صرح بذلك في رواية ابن إسحق إذ قال فوالله لو قد كذبت ما ردوا علي ولكني كنت امرأ سيدا أتكرم عن الكذب وعلمت أن أيسر ما في ذلك إن أنا كذبته -أن يحفظوا ذلك عني ثم يتحدثوا به فلم أكذبه ثم يقول أبو سفيان عن هرقل وعن مهارته فوالله ما رأيت من رجل قط كان أدهى من ذلك الأقلف أي غير المختون. (كيف حسبه فيكم؟) المراد من الحسب -بفتح الحاء والسين- النسب وذلك أنهم كانوا يعدون مناقب الآباء وشرفهم حين التفاخر بهم أي ما حال نسبه فيكم؟ أهو من أشرافكم؟ أم لا؟. (هو فينا ذو حسب) التنوين في حسب للتعظيم وليس للتحقير كما ظن بعض الشارحين. (فهل كان من آبائه ملك)؟ وفي رواية فهل كان من آبائه من ملك بزيادة من حرف جر بكسر الميم قال النووي: هكذا هو في جميع نسخ صحيح مسلم فهل كان من آبائه ملك ووقع في صحيح البخاري فهل كان في آبائه من ملك وروي هذا اللفظ بكسر الميم وملك بفتح الميم وكسر اللام وروي بفتح ميم من وملك بفتح الميم واللام فعل ماض والمعنى في الكل واحد. (فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟) أي هل كنتم تتهمونه بالكذب على الناس؟ ولم يقل: هل عهدتم عليه الكذب؟ مبالغة في صدقه لأن إقرارهم بنفي التهمة بالكذب أدل على إقرارهم بصدقه من نفي الكذب فالتهمة بالكذب قد تكون مع وقوع الكذب غالبا ومع عدم وقوعه فإذا انتفت انتفى العلم بكذبه من باب أولى. وقوله قبل أن يقول ما قال من دعوى الرسالة لمحة ذكاء من هرقل لأنه علم أنهم لم يتبعوه فهم لم يصدقوه. (ومن يتبعه؟ أشراف الناس أم ضعفاؤهم؟) يعني بأشرافهم: كبارهم وأهل الأحساب فيهم وقيل: إن المراد بالأشراف هنا أهل النخوة والتكبر منهم لا كل شريف حتى لا يكون كاذبا في مثل أبي بكر وعمر ممن أسلم قبل هذا السؤال وفي رواية البخاري فأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ وفي رواية أيتبعه أشراف الناس؟. (قلت: بل ضعفاؤهم) في رواية ابن إسحق تبعه منا الضعفاء والمساكين فأما ذوو الأنساب والشرف فما تبعه منهم أحد وهو محمول على الأكثر الأغلب. (قلت: لا بل يزيدون) لا رد للنقصان أي لا ينقصون فلما كان المحتمل: لا يزيدون ولا ينقصون أضرب واستدرك بقوله: بل يزيدون. (هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له؟) سخطة بفتح السين وحكي بضمها والسخط كراهة الشيء وعدم الرضا به وأخرج بهذا القيد من ارتد مكرها أو لرغبة في حظ نفساني أو غيره كما وقع لعبيد الله بن جحش بالحبشة. (تكون الحرب بيننا وبينه سجالا) بكسر السين أي نوبا -بضم النون وفتح الواو جمع نوبة -أي نوبة لنا ونوبة له والسجل الدلو الملآى فكأنه شبه المحاربين بالمستقين يستقي هذا دلوا وهذا دلوا أي يكون لكل واحد منا سجل. (يصيب منا ونصيب منه) في رواية البخاري: ينال منا وننال منه يشير بذلك إلى ما وقع بينهم في غزوة بدر وغزوة أحد وفي رواية قال أبو سفيان: غلبنا مرة يوم بدر وأنا غائب ثم غزوتهم في بيوتهم ببقر البطون وجدع الآذان وقد صرح بذلك أبو سفيان يوم أحد إذ قال: يوم بيوم بدر والحرب سجال. (فهل يغدر؟) بكسر الدال والغدر عدم الوفاء. (قلت: لا ونحن منه في مدة لا ندري ما هو صانع فيها) يعني ونحن معه في مدة الهدنة والصلح الذي جرى بالحديبية ويلمح بذلك إلى أنه يخشى غدره في هذه الهدنة لأن أتباع أبي سفيان وحلفاءه من شيمتهم الغدر الذي يفتح الباب لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يرد هذا الغدر بغدر. وجاء في رواية إلا أن يغدر في هدنته هذه فقال: وما يخاف من هذه؟ فقال: إن قومي أمدوا حلفاءهم على حلفائه قال: إن كنتم بدأتم فأنتم أغدر. (قال: فوالله ما أمكنني من كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه) أي لم أتمكن في أثناء حديثي مع هرقل من كلمة أنتقصه فيها وبها إلا هذه الكلمة ووجه الانتقاص بها أن من يقطع بعدم غدره أرفع رتبة ممن يحتمل وقوع ذلك منه ولما كان هذا الأمر غيبا أمن أبو سفيان أن ينسب إليه أصحابه الكذب فيها ولهذا أوردها بالتردد ولهذا لم يعرج عليها هرقل ففي رواية ابن إسحق: قال أبو سفيان: فوالله ما التفت إليها مني. (فهل قال هذا القول أحد قبله؟) ممن عاصره وأمكنه الأخذ عنه؟ (وكذلك الرسل تبعث في أحساب قومها) يعني في أفضل أنسابهم وأشرفها قيل: الحكمة في ذلك أنه أبعد من انتحاله الباطل وأقرب إلى انقياد الناس له والظاهر أن إخبار هرقل بذلك بالجزم كان عن العلم المقرر عنده في الكتب السابقة. (بل ضعفاؤهم وهم أتباع الرسل) لكون الأشراف يأنفون من تقدم مثلهم عليهم والضعفاء لا يأنفون فيسرعون إلى الانقياد واتباع الحق. (وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب) أي وكذلك أمر الإيمان وشأنه إذا خالط انشراح الصدور تمكن منها وعند ابن إسحق وكذلك حلاوة الإيمان لا تدخل قلبا فتخرج منه وأصل البشاشة اللطف بالإنسان عند قدومه وإظهار السرور برؤيته يقال: بش به وتبشش به فهو بش وبشاش أي تهلل وضحك إليه. وكذلك الإيمان يدخل نوره في القلب فيظل في زيادة بسبب التعمق والترقي في تشاريعه حتى يتم قال تعالى {ويأبى الله إلا أن يتم نوره} [التوبة: 32]. وبشاشة القلوب روي هكذا بنصب بشاشة وجر القلوب على الإضافة وروي في البخاري بلفظ بشاشته بالهاء ورفع بشاشة ونصب القلوب أي إذا خالطت بشاشته ونوره وشرحه القلوب. (وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة) أي يبتليهم الله بذلك ليعظم أجرهم بكثرة صبرهم وبذلهم وسعهم في طاعة الله وفي النهاية يكون النصر لهم {إنا لننصر رسلنا} [غافر: 51]. (وكذلك الرسل لا تغدر) لأنها لا تطلب حظ الدنيا ومن طلب الآخرة لم يرتكب غدرا ولا شيئا من القبائح لكن من طلب الدنيا لم يبال بالغدر وغيره. (رجل ائتم بقول قيل قبله) في رواية البخاري رجل يأتسى بقول قيل قبله وفي رواية رجل تأسى بقول قيل قبله وفي رواية يتأسى. (بم يأمركم؟) في رواية البخاري بماذا يأمركم؟ (يأمرنا بالصلاة والزكاة والصلة والعفاف) قال النووي: أما الصلة فالمراد منها صلة الأرحام وكل ما أمر الله به أن يوصل وذلك بالبر والإكرام وحسن المراعاة وأما العفاف فهو الكف عن المحارم وخوارم المروءة قال صاحب المحكم: العفة الكف عما لا يحل ولا يجمل من قول أو فعل يقال: عف يعف عفة وعفافا وعفافة وتعفف واستعف ورجل عف وعفيف والأنثى عفيفة وجمع العفيف أعفة وأعفاء. اهـ. وفي رواية البخاري ويأمرنا بالصلاة والصدق وفي رواية له بالصلاة والصدقة بدل الصدق ورجحها بعضهم لرواية الزكاة واقتران الصلاة بالزكاة معتاد في الشرع ويرجحها أيضا أنهم كانوا يستقبحون الكذب فذكر ما لم يألفوه أولى قال الحافظ ابن حجر: وليس الأمر بالصدق ممتنعا فقد جاء في رواية أمرهم بوفاء العهد وأداء الأمانة وقد كانا من مألوف عقلائهم وقد ثبت الصدق والصدقة معا في رواية للبخاري في الجهاد ولفظها بالصلاة والصدق والصدقة. وقد جاء في رواية البخاري ماذا يأمركم؟ قلت: يقول اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا واتركوا ما يقول آباؤكم ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة فذكر بعض الرواة ما لم يذكر الآخر. قال المازني: هذه الأشياء التي سأل عنها هرقل ليست قاطعة على النبوة إلا أنه يحتمل أنها كانت عنده علامات على هذا النبي بعينه لأنه قال بعد ذلك: قد كنت أعلم أنه خارج ولم أكن أظن أنه منكم وقيل: هذا الذي قاله هرقل أخذه من الكتب القديمة ففي التوراة هذا أو نحوه من علامات رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفه بالعلامات وأما الدليل القاطع على النبوة فهو المعجزة الظاهرة الخارقة للعادة. (ولو أني أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه) قال النووي: هكذا هو في مسلم ووقع في البخاري لتجشمت لقاءه وهو أصح في المعنى ومعناه لتكلفت الوصول إليه وارتكبت المشقة في ذلك ولكن أخاف أن أقتطع دونه ولا عذر له في هذا لأنه قد عرف صدق النبي صلى الله عليه وسلم وإنما شح في الملك ورغب في الرياسة فآثرها على الإسلام وقد جاء ذلك مصرحا به في رواية البخاري ولفظها ولو أراد الله هدايته لوفقه كما وفق النجاشي ومازالت عنه الرياسة اهـ. والظاهر أنه كان يتحقق أنه لا يسلم من القتل إن هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم اعتبارا بالقس الذي أعلن الإيمان بمحمد فقتلوه. (ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه) اختلف في قول هرقل ما قال: هل آمن؟ وهل استمر على إيمانه أم لا؟ أو لم يؤمن أصلا؟ وسيأتي في فقه الحديث. (ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه) في رواية البخاري ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث به دحية إلى عظيم بصري فدفعه [عظيم بصرى] إلى هرقل فقرأه أي دعا هرقل من وكل إليه أمر الكتاب قبل هذه الجلسة فقرأه الترجمان. (عظيم الروم) فيه عدول عن ذكره بالملك أو الأمير قيل: لأنه معزول بحكم الإسلام لكنه أكرمه للتأليف بلفظ عظيم الروم. (سلام على من اتبع الهدى) في البخاري في الاستئذان السلام بالتعريف. (أما بعد) أما في معنى مهما يكن من شيء وهي هنا مستأنفة ليست لتفصيل ما قبلها وقد ترد لتفصيل ما قبلها بما يذكر بعدها وقال الكرماني: هي هنا للتفصيل وتقديره: أما الابتداء فهو اسم الله وأما المكتوب فهو من محمد رسول الله...إلخ كذا قال.اهـ. وبعد ظرف مبني على الضم وكان الأصل أن تفتح لو استمرت على الإضافة فلما قطعت عن الإضافة بنيت على الضم. (فإني أدعوك بدعاية الإسلام) دعاية بكسر الدال من قولك دعا يدعو دعاية نحو شكا يشكو شكاية وفي ملحق الرواية بداعية الإسلام أي بالكلمة الداعية إلى الإسلام وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله والباء في بداعية الإسلام بمعنى إلى. (أسلم تسلم) فيه جناس الاشتقاق وهو نوع من البديع غاية في البلاغة. (وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين) قيل: أسلم الأولى للدخول في الإسلام وأسلم الثانية للدوام عليه وإعطاؤه الأجر مرتين لكونه كان مؤمنا بنبيه ثم آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ويحتمل أن يكون تضعيف الأجر له من جهة إسلامه ومن جهة أن إسلامه يكون سببا لدخول أتباعه. (وإن توليت) أعرضت عن الإجابة إلى الدخول في الإسلام وحقيقة التولي إنما هي بالوجه ثم استعمل مجازا في الإعراض عن الشيء استعارة تبعية. (فإن عليك إثم الأريسيين) جمع أريسى وهو منسوب إلى أريس بوزن فعيل وقد تقلب همزته ياء كما في ملحق الرواية الأولى قال ابن سيدة: الأريس الأكار أي الفلاح وقيل: الأريس هو الأمير وأنكر ابن فارس أن تكون الكلمة عربية وقد جاء في رواية إثم الأكارين زاد في هذه الرواية يعني الحراثين وفي رواية مرسلة إثم الفلاحين والمراد بالفلاحين الفلاحون في مملكته قال الخطابي: أراد أن عليك إثم الضعفاء والأتباع إذا لم يسلموا تقليدا له لأن الأصاغر أتباع الأكابر قال الحافظ ابن حجر: وفي الكلام حذف دل المعنى عليه وهو: فإن عليك مع إثمك إثم الأريسيين لأنه إذا كان عليه إثم الأتباع بسبب أنهم تبعوه على استمرار الكفر فلأن يكون عليه إثم نفسه أولى وهذا يعد من مفهوم الموافقة وقال أبو عبيد: ليس المراد بالفلاحين الزراعيين خاصة بل المراد بهم جميع أهل مملكته وقيل المراد بالأريسيين اليهود والنصارى أتباع عبد الله بن أريس الذي تنسب إليه الأروسية من النصارى ولهم مقالات في كتب المقالات ويقال لهم الأروسيون وقيل المراد بالأريسيين الملوك الذين يقودون الناس إلى المذاهب الفاسدة ويأمرونهم بها. قال النووي: الأريسيين هكذا وقع في الرواية الأولى وهو الأشهر في روايات الحديث وفي كتب أهل اللغة وعلى هذا اختلف في ضبطه على أوجه: أحدها بياءين بعد السين والثاني بياء واحدة بعد السين وعلى هذين الوجهين الهمزة مفتوحة والراء مكسورة مخففة والثالث بكسر الهمزة وتشديد الراء وياء واحدة بعد السين. {يا أهل الكتاب تعالوا} الآية الكريمة بدون الواو قال الحافظ ابن حجر: وهكذا وقع بإثبات الواو في أوله وذكر القاضي عياض أن الواو ساقطة في رواية الأصيلي وأبي ذر وعلى ثبوتها فهي داخلة على مقدر معطوف على قوله أدعوك فالتقرير: أدعوك بدعاية الإسلام وأقول لك ولأتباعك: يا أهل الكتاب ويحتمل أن تكون من كلام أبي سفيان لأنه لم يحفظ جميع ألفاظ الكتاب فاستحضر منها أول الكتاب فذكره وكذا الآية وكأنه قال فيه: كان فيه كذا وكذا وكان فيه: يا أهل الكتاب فالواو من كلامه لا من نفس الكتاب وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم كتب ذلك قبل نزول الآية فوافق لفظه لفظها لما نزلت والسبب في هذا أن هذه الآية في قصة وفد نجران وكانت قصتهم سنة الوفود سنة تسع وقصة أبي سفيان كانت قبل ذلك سنة ست وجوز بعضهم نزول الآية مرتين وهو بعيد. اهـ. (فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده وكثر اللغط) اللغط بفتح الغين وإسكانها الأصوات المختلفة المتداخلة وهو الصخب واختلاط الأصوات في المخاصمة وفي رواية البخاري فلما قال ما قال وفرغ من قراءة الكتاب كثر عنده الصخب وارتفعت الأصوات وزاد في رواية فلا أدري ما قالوا والضمير في فرغ يعود على هرقل باعتباره الآمر. (وأمر بنا فأخرجنا) أمر بفتح الهمزة والميم وضمير الفاعل لهرقل وفي رواية البخاري فأخرجنا بالبناء للمجهول في الروايتين. (فقلت لأصحابي حين خرجنا) في رواية البخاري حين أخرجنا زاد في رواية حين خلوت بهم. (لقد أمر أمر ابن أبي كبشة) أمر الأولى بفتح الهمزة وكسر الميم المخففة فعل ماض معناه عظم يقال: أمر الشيء يأمر من باب سمع يسمع أمرا وإمارة كثر ونما فهو أمر بفتح الهمزة وكسر الميم المخففة فالمعنى لقد عظم أمر ابن أبي كبشة يعني محمدا صلى الله عليه وسلم قال النووي وغيره: قيل أبو كبشة أحد أجداد النبي صلى الله عليه وسلم وعادة العرب إذا انتقصت نسبت إلى جد غامض دون النسب المشهور إذا لم يمكنهم الطعن في نسبه المعلوم وقال أبو قتيبة وكثيرون: أبو كبشة جد النبي صلى الله عليه وسلم من قبل أمه جد وهب جد النبي صلى الله عليه وسلم لأمه قال الحافظ ابن حجر: وفيه نظر لأن وهبا جد النبي صلى الله عليه وسلم اسم أمه عاتكة بنت الأوقص بن مرة بن هلال ولم يقل أحد من أهل النسب: إن الأوقص يكنى أبا كبشة وقيل: هو جد عبد المطلب لأمه وفيه نظر أيضا لأن أم عبد المطلب سلمى بنت عمرو بن زيد الخزرجي ولم يقل أحد من أهل النسب: إن عمرو بن زيد يكنى أبا كبشة لكن ذكر ابن حبيب في المجتبى جماعة من أجداد النبي صلى الله عليه وسلم من قبل أبيه ومن قبل أمه كان واحد منهم يكنى أبا كبشة وقيل: هو أبوه من الرضاعة واسمه الحارث بن عبد العزى السعدي قيل: إنه أسلم وكانت له بنت تسمى كبشة يكنى بها وقيل: أبو كبشة عم والد حليمة مرضعته صلى الله عليه وسلم وقيل أبو كبشة رجل من خزاعة كان يعبد الشعري وهو كوكب في السماء ولم يوافقه أحد من العرب في عبادتها فشبهوا النبي صلى الله عليه وسلم به لمخالفتهم إياه في دينهم قال بعضهم: ولم يريدوا انتقاصه بذلك بل أرادوا مجرد التشبيه. (إنه ليخافه ملك بني الأصفر) ملك بفتح الميم وكسر اللام وبنو الأصفر هم الروم وهم في الأصل بيض لكن يقال: إن جدهم روم بن عيص تزوج بنت ملك الحبشة فجاء لون ولده بين البياض والسواد فقيل له: الأصفر وقيل: لقبوا بالأصفر لأن جيشا من الحبشة غلب على بلادهم في وقت فوطئ نساءهم فولدن أولادا صفرا من سواد الحبشة وبياض الروم والأول أشبه بالصواب. والجملة مستأنفة استئنافا تعليليا كأنه قيل: لم عظم أمر ابن أبي كبشة؟ فقيل: إنه ليخافه والضمير في إنه بكسر الهمزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وجملة يخافه ملك بني الأصفر خبر إن. (فمازلت موقنا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيظهر حتى أدخل الله على الإسلام) أي فمنذ ذلك الحين وأنا موقن بأن محمدا نبي وبأنه سيظهر دينه وينتشر حتى أدخل الله على طاعته وإعلان ما في قلبي وأسلمت وليس معنى ذلك أنه كان مؤمنا إيمانا شرعيا باطنا وانقيادا باطنا بل كان هذا اليقين مع الرفض والعناد كشأن اليهود الذين كانوا يعرفونه كما يعرفون أبناءهم لكنهم كفروا وجحدوا وعادوه. وقيل: المراد اليقين بظهوره وغلبته على من حوله وليس اليقين بالنبوة وفي رواية الطبراني فمازلت مرعوبا من محمد حتى أسلمت والغاية داخلة فهذا اليقين قد استمر ولم يرتفع. (وكان قيصر لما كشف الله عنه جنود فارس مشى من حمص إلى إيلياء شكرا لما أبلاه الله) قيصر لقب هرقل كما سبق وإيلياء هو بيت المقدس بهمزة مكسورة بعدها ياء ثم لام مكسورة بعدها ياء مفتوحة ثم ألف ثم همزة وحكي فيها القصر ويقال لها: الياء بدون الياء الأولى وسكون اللام وبالمد والهمزة قيل معناه بيت الله وحمص مدينة معروفة كانت عاصمة ملك هرقل ومعنى شكرا لما أبلاه الله أي شكرا لما أنعم الله به عليه من هزيمة الفرس وعودة الأمن إلى بلاده والنعمة ابتلاء والنقمة ابتلاء وكان كسرى قد غزا جيشه بلاد هرقل فخربوا كثيرا من بلاده ثم أراد كسرى أن يغير قائد الحملة وعزم على قتله فعلم القائد فتآمر القائد مع هرقل على كسرى وانهزم بجيشه أمام جنود هرقل فمشى هرقل على قدميه من حمص إلى بيت المقدس زاد ابن إسحق أنه كان يبسط له البسط وتوضع عليها الرياحين فيمشي عليها. (أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وإلى قيصر وإلى النجاشي وإلى كل جبار) قال النووي: كسرى بفتح الكاف وكسرها وهو لقب لكل ملك من ملوك الفرس وقيصر لقب لكل من ملك الروم والنجاشي لكل من ملك الحبشة وخاقان لكل من ملك الترك وفرعون لكل من ملك القبط والعزيز لكل من ملك مصر وتبع لكل من ملك حمير. اهـ. وأهل السير يختلفون في تاريخ هذه الكتب فقيل: سنة سبع في زمن الهدنة منصرفه من الحديبية وقيل: سنة تسع لما رجع من تبوك وقيل: إن الكتب تكررت. والمراد بكل جبار بعض الحكام ذكر منهم الطبراني أنه صلى الله عليه وسلم بعث بكتبه سليط بن عمرو إلى هوذة بن علي باليمامة والعلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى بهجر وعمرو بن العاص إلى جيفر وعباد بن الجلندي بعمان وشجاع بن وهب إلى ابن أبي شمر الغساني فرجعوا جميعا قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم غير عمرو بن العاص وزاد أصحاب السير أنه بعث المهاجر بن أبي أمية وجريرا إلى ذي الكلاع والسائب إلى مسيلمة وحاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس. (وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم) النجاشي الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم كان قد أسلم وهو الذي آوى المهاجرين إلى الحبشة ورد وفد كفار قريش خائبين وهو الذي زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم حبيبة وقد كاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن المقصود هنا النجاشي الذي ولي بعده وكان كافرا. وكاتبه صلى الله عليه وسلم سنة تسع وقيل: قبيل مرضه ووفاته صلى الله عليه وسلم. فقه الحديث يؤخذ من الحديث

    1- جواز تحمل الكافر للحديث على أن يكون مسلما حين الأداء.

    2- من قوله من فيه إلى فيه دقة الصحابة في الرواية والتصريح بما يؤكد التوثيق والاتصال.

    3- جواز مكاتبة الكفار ودعاؤهم إلى الإسلام.
    4- دعاء الكفار إلى الإسلام قبل قتالهم قال النووي: وهذا الدعاء واجب والقتال قبله حرام إن لم تكن بلغتهم دعوة الإسلام وإن كانت بلغتهم فالدعاء مستحب هذا مذهبنا وفيه خلاف للسلف حكاه المازري والقاضي على ثلاثة مذاهب: أحدها: يجب الإنذار مطلقا قاله مالك وغيره وهو ضعيف. والثاني: لا يجب مطلقا وهذا أضعف منه أو باطل. والثالث: يجب إن لم تبلغهم الدعوة ولا يجب إن بلغتهم لكن يستحب وهذا هو الصحيح. قال ابن المنذر: وهو قول أكثر أهل العلم وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة على معناه.
    5- من أسئلة هرقل يتبين ذكاؤه وحكمته ودقته وسعة علمه.
    6- من قول أبي سفيان: لولا مخافة أن يؤثر على الكذب لكذبت قبح الكذب في الجاهلية كما هو قبيح في الإسلام.
    7- من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل استحباب تصدير الكتاب بـ(بسم الله الرحمن الرحيم) وإن كان المبعوث إليه كافرا قال النووي: كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم فالمراد بحمد الله فيه ذكر الله تعالى وقد جاء في رواية له بذكر الله تعالى وقد بدأ صلى الله عليه وسلم هذا الكتاب ببسم الله دون الحمد لله وهذا الكتاب كان ذا بال بل من المهمات العظام.
    8- وأنه يجوز للمسافر إلى أرض العدو أن يصحب معه الآية والآيتين ونحوهما وأن يبعث بذلك إلى الكفار وإنما نهي عن المسافرة بالقرآن إلى أرض العدو أي بكماله أو بجملة من سوره وذلك أيضا محمول على ما إذا خيف وقوعه في أيدي الكفار وأغرب ابن بطال فادعى أن ذلك نسخ بالنهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو ويحتاج هذا القول إلى إثبات التاريخ.
    9- وأنه يجوز للمحدث والكافر مس آية أو آيات يسيرة منفصلة عن القرآن وقيل: في هذا دليل على جواز قراءة الجنب للآية أو الآيتين وفي الاستدلال بذلك من هذه القصة نظر فإنها واقعة عين لا عموم فيها فيفيد الجواز على ما إذا وقع احتياج إلى ذلك كالإبلاغ والإنذار كما في هذه القصة وأما الجواز مطلقا حيث لا ضرورة فلا يتجه. 10- وأن السنة في المكاتبة والرسائل بين الناس أن يبدأ الكتاب بنفسه فيقول: من فلان بن فلان إلى فلان وهذه مسألة مختلف فيها قال الإمام أبو جعفر في كتابه (صناعة الكتاب) قال: أكثر العلماء يستحب أن يبدأ بنفسه ثم روي فيه أحاديث كثيرة وآثارا قال: وهذا هو الصحيح عند أكثر العلماء لأنه إجماع الصحابة قال: وسواء في هذا تصدير الكتاب والعنوان قال: ورخص جماعة في أن يبدأ بالمكتوب إليه فيقول في التصدير والعنوان: إلى فلان من فلان ثم روي بإسناده أن زيد بن ثابت كتب إلى معاوية فبدأ باسم معاوية وعن محمد بن الحنفية أنه لا بأس بذلك قال: وأما العنوان فالصواب أن يكتب عليه: إلى فلان ولا يكتب لفلان لأنه إليه لا له إلا على سبيل المجاز قال: هذا هو الصواب الذي عليه أكثر العلماء من الصحابة والتابعين. 1

    1- والتوقي في المكاتبة واستعمال الورع فيها فلا يفرط ولا يفرط ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: إلى هرقل عظيم الروم فلم يقل: ملك الروم لأنه لا ملك له ولا غيره إلا بحكم دين الإسلام ولا سلطان لأحد إلا لمن ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ولاه من أذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرط وإنما ينفذ من تصرفات الكفار ما تنفذه الضرورة ولم يقل: إلى هرقل فقط بل أتى بنوع من الملاطفة فقال: عظيم الروم أي الذي يعظمونه ويقدمونه وقد أمر الله تعالى بإلانة القول لمن يدعي إلى الإسلام فقال تعالى {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} [النحل: 125] وقال تعالى {فقولا له قولا لينا} [طه: 44]. 1

    2- واستحباب البلاغة والإيجاز وتحري الألفاظ الجزلة في المكاتبة فإن قوله صلى الله عليه وسلم أسلم تسلم في نهاية من الاختصار وغاية من الإيجاز والبلاغة وجمع المعاني مع ما فيه من بديع التجنيس وشموله لسلامته من خزي الدنيا بالحرب والسبي والقتل وأخذ الديار والأموال ومن عذاب الآخرة. 1

    3- ومن قوله يؤتك الله أجرك مرتين أن من أدرك من أهل الكتاب نبينا صلى الله عليه وسلم فآمن به فله أجران وفي الحديث ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه ثم أدرك النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه وعبد مملوك أدى حق الله وحق مواليه فله أجران ورجل كانت له أمة فغذاها فأحسن غذاءها وأدبها فأحسن أدبها فأعتقها وتزوجها فله أجران. 1
    4- البيان الواضح أن من كان سببا لضلالة أو سبب منع من هداية كان آثما لقوله صلى الله عليه وسلم وإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين ومن هذا المعنى قوله تعالى {وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم} [العنكبوت: 13] ولا يعارض بقوله تعالى {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [فاطر: 18] لأن وزر الآثم لا يتحمله غيره ولكن الفاعل المتسبب والمتلبس بالسيئات يتحمل من جهتين جهة فعله وجهة تسببه. 1
    5- واستحباب أما بعد في الخطب والمكاتبات. 1
    6- ومن قوله سلام على من اتبع الهدى جواز مثله مع الكفار ولا يقال: إن الكافر لا يبدأ بالسلام فإنه ليس المراد هنا التحية وإنما المعنى سلم من عذاب الله من أسلم ولهذا جاء بعده {أن العذاب على من كذب وتولى} [طه: 48] حين قال موسى عليه السلام {والسلام على من اتبع الهدى} [طه: 47] وكذلك جاء في هذا الكتاب فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين فمحصل المقام أنه لم يبدأ الكافر بالسلام قصدا لأنه ليس ممن اتبع الهدى فلم يسلم عليه. مع أن المسألة خلافية فمذهب الشافعي وجمهور أصحابه وأكثر العلماء أنه لا يجوز للمسلم أن يبتدئ كافرا بالسلام وأجازه كثيرون من السلف قال النووي: وهذا مردود بالأحاديث الصحيحة في النهي عن ذلك وجوزه آخرون لاستئلاف أو لحاجة إليه أو نحو ذلك. 1
    7- وفي الحديث العمل بالكتاب. 1
    8- وفيه العمل بخبر الواحد. 1
    9- أخذ بعضهم من قول هرقل ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه وقوله في رواية البخاري فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه وقوله في رواية الطبراني أعرف أنه كذلك ولكن لا أستطيع أن أفعل إن فعلت ذهب ملكي وقتلني الروم أن هرقل أقر بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وآمن وأنه لم يصرح بالإيمان خوفا على نفسه من القتل وهكذا أطلق صاحب الاستيعاب فقال: إن هرقل آمن قال الحافظ ابن حجر: أمر هرقل في الإيمان عند كثير من الناس مشتبه لأنه يحتمل أن يكون عدم تصريحه بالإيمان للخوف على نفسه من القتل ويحتمل أن يكون استمر على الشك حتى مات كافرا. والجمهور على أن هرقل آثر ملكه على الإيمان واستمر على الضلال فقد حارب المسلمين في غزوة مؤتة سنة ثمان بعد هذه القصة بنحو السنتين وفي السير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إليه من تبوك يدعوه إلى الإسلام وأنه قارب الإجابة ولم يجب مما يدل على أنه استمر على الكفر أما قول بعضهم: يحتمل أنه كان يضمر الإيمان ويفعل هذه المعاصي مراعاة لملكه وخوفا من أن يقتله قومه فهذا القول مستبعد. ففي مسند أحمد أنه كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك: إني مسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كذب بل هو على نصرانيته وفي رواية أبي عبيد في كتاب الأموال كذب عدو الله ليس بمسلم. فالتحقيق: أنه أظهر بهذه القرائن التصديق لكنه لم يستمر عليه ولم يعمل بمقتضاه بل شح بملكه وآثر الفانية على الباقية وقد سبق في المعنى العام:
    نبذة عن آخر شأن هرقل تؤكد ما ذهبنا إليه وهي مستقاة من الروايات. ثم قال الحافظ ابن حجر: واختلف الإخباريون. هل هرقل هذا هو الذي حاربه المسلمون في زمن أبي بكر وعمر؟ أو ابنه؟ والأظهر أنه هو. اهـ. والله أعلم.

    حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَعَبْدُ بْنُ، حُمَيْدٍ - وَاللَّفْظُ لاِبْنِ رَافِعٍ - قَالَ ابْنُ رَافِعٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا وَقَالَ الآخَرَانِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ، أَخْبَرَهُ مِنْ، فِيهِ إِلَى فِيهِ قَالَ انْطَلَقْتُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ فَبَيْنَا أَنَا بِالشَّأْمِ إِذْ جِيءَ بِكِتَابٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَى هِرَقْلَ يَعْنِي عَظِيمَ الرُّومِ - قَالَ - وَكَانَ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ جَاءَ بِهِ فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ فَقَالَ هِرَقْلُ هَلْ هَا هُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ قَالُوا نَعَمْ - قَالَ - فَدُعِيتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ فَأَجْلَسَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَقُلْتُ أَنَا ‏.‏ فَأَجْلَسُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي ثُمَّ دَعَا بِتَرْجُمَانِهِ فَقَالَ لَهُ قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنِ الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ ‏.‏ قَالَ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَايْمُ اللَّهِ لَوْلاَ مَخَافَةَ أَنْ يُؤْثَرَ عَلَىَّ الْكَذِبُ لَكَذَبْتُ ‏.‏ ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ سَلْهُ كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ قَالَ قُلْتُ هُوَ فِينَا ذُو حَسَبٍ قَالَ فَهَلْ كَانَ مِن�� آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتُ لاَ ‏.‏ قَالَ فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ قُلْتُ لاَ ‏.‏ قَالَ وَمَنْ يَتَّبِعُهُ أَشْرَافُ النَّاسِ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ قَالَ قُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ ‏.‏ قَالَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ قَالَ قُلْتُ لاَ بَلْ يَزِيدُونَ ‏.‏ قَالَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ قَالَ قُلْتُ لاَ ‏.‏ قَالَ فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ قُلْتُ نَعَمْ ‏.‏ قَالَ فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ قَالَ قُلْتُ تَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالاً يُصِيبُ مِنَّا وَنُصِيبُ مِنْهُ ‏.‏ قَالَ فَهَلْ يَغْدِرُ قُلْتُ لاَ ‏.‏ وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لاَ نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا ‏.‏ قَالَ فَوَاللَّهِ مَا أَمْكَنَنِي مِنْ كَلِمَةٍ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ ‏.‏ قَالَ فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ قَالَ قُلْتُ لاَ ‏.‏ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُ إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ حَسَبِهِ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو حَسَبٍ وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي أَحْسَابِ قَوْمِهَا ‏.‏ وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَلِكٌ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ ‏.‏ فَقُلْتُ لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ ‏.‏ وَسَأَلْتُكَ عَنْ أَتْبَاعِهِ أَضُعَفَاؤُهُمْ أَمْ أَشْرَافُهُمْ فَقُلْتَ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ ‏.‏ وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ ‏.‏ فَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ يَذْهَبَ فَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ ‏.‏ وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَهُ سَخْطَةً لَهُ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ ‏.‏ وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ إِذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ الْقُلُوبِ ‏.‏ وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ ‏.‏ وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ فَزَعَمْتَ أَنَّكُمْ قَدْ قَاتَلْتُمُوهُ فَتَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجَالاً يَنَالُ مِنْكُمْ وَتَنَالُونَ مِنْهُ ‏.‏ وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لاَ يَغْدِرُ ‏.‏ وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لاَ تَغْدِرُ ‏.‏ وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ ‏.‏ فَقُلْتُ لَوْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ قُلْتُ رَجُلٌ ائْتَمَّ بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ ‏.‏ قَالَ ثُمَّ قَالَ بِمَ يَأْمُرُ كُمْ قُلْتُ يَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالْعَفَافِ قَالَ إِنْ يَكُنْ مَا تَقُولُ فِيهِ حَقًّا فَإِنَّهُ نَبِيٌّ وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ وَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّهُ مِنْكُمْ وَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ وَلَيَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَىَّ ‏.‏ قَالَ ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ ‏"‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلاَمِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ وَ ‏{‏ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ‏}‏ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ ارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ عِنْدَهُ وَكَثُرَ اللَّغْطُ وَأَمَرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا ‏.‏ قَالَ فَقُلْتُ لأَصْحَابِي حِينَ خَرَجْنَا لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ إِنَّهُ لَيَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ - قَالَ - فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَىَّ الإِسْلاَمَ ‏.‏

    It has been narrated on the authority of Ibn Abbas who learnt the tradition personally from Abu Safyan. The latter said:I went out (on a mercantile venture) during the period (of truce) between me and the Messenger of Allah (ﷺ). While I was in Syria, the letter of the Messenger of Allah (ﷺ) was handed over to Hiraql (Ceasar), the Emperor of Rome (who was on a visit to Jerusalem at that time). The letter was brought by Dihya Kalbi who delivered it to the governor of Busra The governor passed it on to Hiraql, (On receiving the letter), he said: Is there anyone from the people of this man who thinks that he is a prophet. People said: Yes. So, I was called along with a few others from the Quraish. We were admitted to Hiraql and he seated usbefore him. He asked: Which of you has closer kinship with the man who thinks that he is a prophet? Abu Sufyan said: I. So they seated me in front of him and stated my companions behind me. Then, he called his interpreter and said to him: Tell them that I am going to ask this fellow (i. e. Abu Sufyan) about the man who thinks that he is a prophet. It he tells me a lie, then refute him. Abu Sufyan told (the narrator): By God, if there was not the fear that falsehood would be imputed to me I would have lied. (Then) Hiraqi said to his interpreter: Inquire from him about his ancestry, I said: He is of good ancestry among us. He asked: Has there been a king among his ancestors? I said: No. He asked: Did you accuse him of falsehood before he proclaimed his prophethood? I said: No. He asked: Who are his follower people of high status or low status? I said: (They are) of low status. He asked: Are they increasing in number or decreasing? I said. No. they are rather increasing. He asked: Does anyone give up his religion, being dissatisfied with it, after having embraced it? I said: No. He asked: Have you been at war with him? I said: Yes. He asked: How did you fare in that war? I said: The war between us and him has been wavering like a bucket, up at one turn and down at the other (i. e. the victory has been shared between us and him by turns). Sometimes he suffered loss at our hands and sometimes we suffered loss at his (hand). He asked: Has he (ever) violated his covenant? I said: No. but we have recently concluded a peace treaty with him for a petiod and we do not know what he is going to do about it. (Abu Sufyin said on oath that he could not interpolate in this dialogue anything from himself more than these words ) He asked: Did anyone make the proclamation (Of prophethood) before him? I said: No. He (now) said to his interpreter: Tell him, I asked him about his ancestry and he had replied that he had the best ancestry. This is the case with Prophets; they are the descendants of the noblest among their people (Addressing Abu Sufyan), he continued: I asked you if there had been a king among his ancestors. You said that there had been none. If there had been a king among his ancestors, I would have said that he was a man demanding his ancestral kingdom. I asked you about his followers whether they were people of high or low status, and you said that they were of rather low status. Such are the followers of the Prophets. I asked you whether you used to accuse him of falsehood before he proclaimed his prophethood, and you said that you did not. So I have understood that when he did not allow himself to tell a lie about the poeple, he would never go to the length of forging a falsehood about Allah. I asked you whether anyone renounced his religion being dissatisfied with it after he had embraced it, and you replied in the negative. Faith is like this when it enters the depth of the heart (it perpetuates them). I asked you whether his followers were increasing or decreasing. You said they were increasing. Faith is like this until it reaches its consummation. I asked you whether you had been at war with him, and you replied that you had been and that the victory between you and him had been shared by turns, sometimes he suffering loss at your hand and sometimes you suffering lost at his. This is how the Prophets are tried before the final victory its theirs. I asked you whether he (ever) violated his covenant, and you said that he did not. This is how the Prophets behave. They never violate (their covenants). I asked you whether anyone before him had proclaimed the same thing, and you replied in the negative. I said: If anyone had made the same proclamation before, I would have thought that he was a man following what had been proclaimed before. (Then) he asked: What does he enjoin upon you? I said: He exhorts us to offer Salat, to pay Zakat, to show due regard to kinship and to practise chastity. He said: It what you have told about him is true, he is certainly a Prophet. I knew that he was to appear but I did not think that he would be from among you. If I knew that I would be able to reach him. I would love to meet him; and it I had been with him. I would have washed his feet (out of reverence). His dominion would certainly extend to this place which is under my feet. Then he called for the letter of the Messenger of Allah (may pface be upon him) and read it. The letter ran as follows:" In the name of Allah, Most Gracious and Most Merciful. From Muhammad, the Messenger of Allah, to Hiraql, the Emperor of the Romans. Peace be upon him who follows the guidance. After this, I extend to you the invitation to accept Islam. Embrace Islam and you will be safe. Accept Islam, God will give you double the reward. And if you turn away, upon you will be the sin of your subjects." O People of the Book, come to the word that is common between us that we should worship none other than Allah, should not ascribe any partner to Him and some of us should not take their fellows as Lords other than Allah. If they turn away, you should say that we testify to our being Muslims [iii. 64]." When he hid finished the reading of the letter, noise and confused clamour was raise around him, and he ordered us to leave. Accordingly, we left. (Addressing my companions) while we were coming out (of the place). I said: Ibn Abu Kabsha (referring sarcastically to the Holy Prophet) has come to wield a great power. Lo! (even) the king of the Romans is afraid of him. I continued to believe that the authority of the Messenger of Allah (ﷺ) would triumph until God imbued me with (the spirit of) Islam

    Abou Sufyân (que Dieu l'agrée) a dit : Durant la période de trêve que j'ai (encore polythéiste) conclue avec l'Envoyé de Dieu, je partis en voyage. J'étais alors en Syrie, lorsqu'on apporta une lettre adressée de l'Envoyé de Dieu (paix et bénédiction de Dieu sur lui) à Héraclius. Dihya Al-Kalbî avait été chargé de la remettre au gouverneur de Bossra, qui à son tour devait la remettre à Héraclius. Héraclius demanda alors : "Y a-t-il quelqu'un qui soit proche de cet homme présumant être un Prophète?". On lui répondit que oui. Sur ce, on me manda avec quelques-uns des Qoraychites. Nous entrâmes chez Héraclius et il nous fit asseoir devant lui en disant : "Lequel d'entre vous est le plus proche de cet homme qui prétend être un Prophète?". Abou Sufyân répondit : "C'est moi". On me fit alors asseoir devant lui et mes compagnons derrière moi. Puis il manda son interprète et lui dit : "Dis-leur que je vais interroger cet homme au sujet de celui qui prétend être un Prophète, si cet homme ment, ses compagnons doivent relever ses mensonges". Abou Sufyân dit (tout bas) : "Par Dieu! Si je ne craignais pas d'être qualifié de menteur, j'aurais forgé des mensonges au sujet du Prophète". Il (Héraclius) demanda à son interprète : "Interroge-le : Quel rang occupe sa famille (du Prophète) parmi vous?". Je répondis : "Elle jouit d'une grande considération". Puis il dit : "L'un de ses ancêtres, était-il un roi?". - "Non", répondis-je. - "Le traitez-vous de menteur avant qu'il ait tenu de tels propos?". - "Non". - "Ceux qui le suivent, sont-ils des honorables ou des humbles?". - "Ils sont plutôt des humbles". - "Leur nombre s'accroît-il ou bien diminue?". - "Il s'accroît". - "Quelqu'un de ceux qui ont embrassé sa religion, l'a-t-il ensuite abandonnée en la répugnant?". - "Non, aucun". - "L'avez-vous combattu?". - "Oui". - "Quel a été le résultat de cette guerre entre vous et lui?". - "La guerre entre nous a eu des alternatives : tantôt il l'emporta et tantôt nous l'emportions". - "Trahit-il ses engagements?". - "Non, mais nous sommes en trêve avec lui et nous ignorons ce qu'il peut y faire". Le transmetteur ajoute : Par Dieu, je n'ai pas pu insinuer un mot autre de ce que je viens de dire. Il (Héraclius) poursuivit : "Y a-t-il quelqu'un autre que lui qui a déjà tenu de tels propos?". - "Non". - "Eh bien! Je t'ai demandé au sujet du rang de sa famille et tu as répondu qu'elle jouit d'une grande considération, ainsi sont les familles de tous les Prophètes qui l'ont devancé. Je t'ai demandé si quelqu'un de ses ancêtres était un roi et tu as présumé que non. Je me suis dit alors : si l'un de ses ancêtres avait régné, il aurait cherché le trône de ses ancêtres. Je t'ai ensuite questionné au sujet de ceux qui le suivent, tu as répondu qu'ils sont les humbles et en réalité, ils sont eux qui suivent toujours les Prophètes. Je t'ai également demandé si vous le traitiez de menteur avant qu'il ne tienne de tels discours, tu as prétendu que non et j'ai constaté que celui qui s'abstient de mentir aux hommes, tient forcément à ne pas mentir sur Dieu. Et lorsque je t'ai demandé si quelqu'un après avoir embrassé sa religion l'abandonna et la répugna, tu as répondu que non, ainsi est la foi quand elle pénètre les cœurs. Je t'ai aussi demandé si le nombre de ses adeptes augmente ou diminue, tu as répondu qu'il augmente, ainsi est la foi qui s'accroît jusqu'à ce qu'elle devienne parfaite. Je t'ai également demandé si vous avez mené la guerre contre lui, tu as répondu que vous l'avez combattu et que la guerre a eu des alternatives entre vous, tel est le cas de tous les Envoyés qui sont mis à l'épreuve mais qui, à la fin triomphent. Je t'ai demandé s'il trahit ses engagements et tu as répondu qu'il ne les trahit point, tel est le cas des Envoyés, ils tiennent à leurs engagements. Enfin, je t'ai demandé si quelqu'un avant lui a tenu de tels discours, tu as répondu que non et je me suis dit : si quelqu'un avant lui avait tenu les mêmes propos, donc il ne fait qu'imiter ses prédécesseurs". Il (Héraclius) ajouta : "Que vous ordonne-t-il donc?". - "Il nous ordonne de faire la prière (Salâ), de verser l'aumône légale (Az-Zakâ), de tenir les liens de parenté et d'être chastes". - "Si ce que tu viens de dire est vrai, il doit être un Prophète. De ma part, je savais qu'un Prophète apparaîtrait, mais je ne savais pas qu'il serait des vôtres. Et si je pouvais me rendre chez lui, j'aurais bien aimé sa rencontre. Enfin, si j'étais auprès de lui, j'aurais lavé ses pieds (par révérence) et il aurait dominé même la place où je mets mes pieds". Puis il ordonna qu'on lui apporte la lettre de l'Envoyé de Dieu (paix et bénédiction de Dieu sur lui) et il la lut : "Au nom de Dieu, le Tout Miséricordieux, le Très Miséricordieux. De Muhammad, l'Envoyé de Dieu à Héraclius le chef des Romains. Salut à quiconque suit la bonne voie. Ensuite, je t'appelle à l'islam. Convertis-toi à l'islam, tu trouveras le salut et Dieu te donnera une double récompense, mais si tu te détournes (de l'islam), tu seras chargé des péchés de ceux qui, de ton peuple, te suivront : Ô gens du Livre, venez à une parole commune entre nous et vous : que nous n'adorions que Dieu, sans rien Lui associer et que nous ne prenions point les uns les autres pour seigneurs en dehors de Dieu. Puis s'ils détournent le dos, dites : 'Soyez témoins que nous, nous sommes soumis. Le transmetteur (lui-même Abou Sufyân) ajoute : Lorsque Héraclius finit la lecture de la lettre, des voix s'élevèrent et un grand tumulte se produit dans son entourage et on nous fit sortir. Je dis alors à mes compagnons quand nous fûmes dehors : "L'affaire d'Ibn Abou Kabcha (désignant ironiquement le Prophète) a pris de l'importance puisque le roi des Banû Al-'Asfar (les Romains) le redoute". Et je ne cessai d'être convaincu que l'affaire de l'Envoyé de Dieu (paix et bénédiction de Dieu sur lui) aille l'emporter jusqu'à ce que Dieu me fit embrasser l'Islam. Bataille de Hunayn

    Telah menceritakan kepada kami [Ishaq bin Ibrahim Al Hanzhali] dan [Ibnu Abu Umar] serta [Muhammad bin Rafi'] dan [Abd bin Humaid] sedangkan lafadznya dari Ibnu Rafi', Ibnu Rafi' dan Ibnu Abu Umar mengatakan; telah menceritakan kepada kami, sedangkan yang dua mengatakan; telah mengabarkan kepada kami [Abdurrazaq] telah mengabarkan kepada kami [Ma'mar] dari [Az Zuhri] dari [Ubaidullah bin Abdullah bin 'Utbah] dari [Ibnu Abbas] bahwa [Abu Sufyan] mengisahkan dari mulutnya sendiri sebagai berikut, "Pada saat berlangsungnya perjanjian damai antara aku dengan Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam, aku pergi berniaga ke negeri Syam. Ketika aku berada di sana, ada seseorang yang mengirim sepucuk surat dari Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam kepada kaisar Heraclius, penguasa agung Rumawi, yang membawa surat itu adalah Dihyah Al Kalbi kepada pembesar Bushra, kemudian pembesar Bushra menyampaikannya kepada Heraclius. Lantas Heraclius bertanya, "Adakah di sini orang yang berasal dari kaumnya laki-laki yang mengaku sebagai Nabi ini (Rasulullah)? ' mereka menjawab, "Ya." Lalu aku dipanggil untuk menghadap Heraclius bersama beberapa kawanku dari suku Quraisy, kami masuk dan duduk menghadap Hiraclius. Heraclius lantas bertanya, "Siapakah di antara kalian, yang dekat pertalian darahnya dengan orang yang mendakwakan dirinya menjadi Nabi itu?" Abu Sufyan berkata, "Lalu aku menjawab, "Aku." Lalu aku duduk di depan, sedangkan kawan-kawanku duduk di belakangku. Kemudian dia memanggil penerjemahnya, lalu dia berkata kepada penerjemahnya, "Katakanlah kepada mereka, bahwa aku menanyakan kepada mereka perihal laki-laki yang mendakwakan dirinya sebagai Nabi, jika dia berdusta, katakan dia telah berdusta." Abu Sufyan berkata, "Demi Allah, kalaulah aku tidak takut dicap sebagai pendusta, sungguh telah ku dustai mereka." Kemudian Heraclius berkata kepada penerjemahnya, "Tanyakan kepadanya, bagaimana kebangsaan orang itu di kalanganmu." Abu Sufyan berkata, "Jawabku, "Dia seorang bangsawan di kalangan kami." Dia bertanya, "Apakah dia keturunan raja?" aku menjawab, "Tidak." Dia bertanya, "Pernahkah kalian mengatakannya sebagai pembohong sebelum ia menjadi seorang Nabi?" Jaawabku, "Tidak." Dia bertanya, "Apakah orang-orang yang mengikutinya dari kalangan pembesar ataukah hanya rakyat kecil?" jawabku, "Hanya rakyat kecil." Dia bertanya, "Apakah pengikutnya selalu bertambah?" Jawabku, "Mereka selalu bertambah." Dia bertanya, "Adakah di antara pengikutnya itu murtad karena benci terhadap agama yang dikembangkannya?" Jawabku, "Tidak." Dia bertanya, "Apakah kamu berperang melawannya?" Jawabku, "Ya, pernah." Dia bertanya, "Bagaimana perjalanan peperanganmu melawannya?" Jawabku, "Peperangan kami berjalan silih berganti antara menang dan kalah. Kadang-kadang kamilah yang menang dan dia yang kalah, dan terkadang pula kami yang kalah dan dia yang menang." Dia bertanya, "Apakah dia pernah ingkat janji?" Jawabku, "Tidak, bahkan kami sedang dalam masa perjanjian damai, yaitu tidak akan serang menyerang dengannya. Aku tidak tahu apa yang akan dibuatnya terhadap perjanjian tersebut." Kata Abu Sufyan selanjutnya, "Demi Allah, tidak ada kalimat lain yang dapat kami ucapkan selain dari pada itu semua." Dia bertanya, "Apakah ada orang lain sebelum dia, yang mendakwakan dirinya sebagai Nabi seperti dia?" Jawabku, "Tidak." Kemudian dia berkata kepada penerjemahnya, "Katakan kepadanya, "Kutanyakan kepadamu tentang bangsanya (status sosialnya), maka kalian katakan dia termasuk dari bangsawan. Memang demikianlah halnya semua para rasul, mereka dibangkitkan dari kalangan bangsawan kaumnya. Kutanyakan pula kepadamu, apakah dia dari keturunan para raja? Jawabmu 'tidak', kalau sekiranya bapak dan kakeknya yang menjadi raja, tentunya ada sangkaan bahwa dia ingin mengembalikan kekusaan nenek moyangnya. Kutanyakan pula tentang pengikutnya, apakah terdiri dari rakyat kecil atau dari orang-orang besar? Kamu menjawab 'hanya terdiri dari rakyat kecil', memang merekalah pengikut para rasul. Kutanyakan pula, pernahkah kamu menuduhnya sebagai pembohong sebelumnya? Kamu menjawab 'tidak', aku tahu, bahwa dia tidak akan pernah berdusta kepada manusia, apalagi bedusta kepada Allah. Aku tanyakan kepadamu; adakah pengikutnya yang murtad atau mereka membenci agama baru setelah memeluknya? Jawabmu 'tidak', memang begitulah halnya, apabila iman telah tertanam dalam hati seseorang. Aku bertanya kepadamu, apakah pengikutnya berkurang? Jawabmu 'bahkan mereka selalu bertambah', memang seperti itulah iman hingga ia tumbuh sempurna. Kutanya pula, pernahkah kamu memeranginya? Jawabmu 'ya kami memerangi, dan peperangan silih berganti, terkadang menang dan terkadang kalah'. Memang demikianlah halnya, para rasul itu selalu diuji. Namun demikian, kemengangan terakhir selalu dipihak mereka. Kutanyakan pula, pernahkah dia ingkar janji? Jawabmu 'tidak pernah', memang demikian para rasul tidak mungkin ingkar janji. Kutanyakan pula kepadamu, adakah orang lain sebelum dia yang mengaku menjadi Nabi seperti dia? Jawabmu 'tidak', begitulah, kalau ada orang sebelumnya yang mendakwakan dirinya sebagai Nabi seperti dia, mungkin dia hanya ikut-ikutan dengan orang yang sebelumnya." Kemudian dia bertanya, "Apa saja yang diperintahkanya kepadamu?" Jawabku, "Dia menyuruh kami shalat, membayar zakat, menjalin tali silaturrahmi dan menjaga kehormatan diri." dia berkata, "Jika yang kamu katakan itu benar semuanya, maka tak salah lagi bahwa lelaki tersebut adalah seorang Nabi, aku tahu bahwa dia akan muncul, akan tetapi aku tidak menduga bahwa dia akan muncul dari kalangan kalian, sekiranya aku dapat bertemu dengannya, saat di sampingnya maka sungguh aku akan membasuh kedua kakinya. Dan daerah kekuasaannya kelak, akan sampai ke daerah kekuasanku ini." Abu Sufyan berkata, "Kemudian dia meminta surat dari Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam dan membacanya, di dalamnya tertulis: "Dengan nama Allah yang Maha pengasih lagi Maha penyayang, dari Muhammad Rasulullah kepada Heraclius pembesar Rumawi. Keselamatan bagi orang yang mengikuti petunjuk, sesungguhnya aku mengajak anda untuk masuk Islam, masuk Islamlah anda niscaya anda akan selamat. Masuk Islamlah anda, niscaya Allah akan memberi pahala kepada anda dengan berlipat ganda. Jika anda menolak, maka anda akan memikul dosa kaum 'arisyiyun. '(Hai ahli kitab, marilah (berpegang) kepada suatu kalimat (ketetapan) yang tidak ada perselisihan antara kami dan kamu, bahwa kita tidak akan menyembah kecuali Allah dan tidak kita persekutukan dia dengan sesuatupun dan tidak (pula) sebagian kita menjadikan sebagian yang lain sebagai Tuhan selain Allah. jika mereka menolak, maka Katakanlah kepada mereka: "Saksikanlah, bahwa kami adalah orang-orang yang berserah diri (kepada Allah) ' (Qs. Ali Imran: 64) Setelah dia selesai membaca surat tersebut, tiba-tiba terdengar suara heboh di sekitarnya. Dia memerintahkan kami supaya keluar. Sesampainya di luar, aku berkata kepada kawan-kawanku, "Sungguh luar biasa urusan Ibnu Abu Kabsyah (maksudnya Rasulullah), hingga dia diikuti oleh raja bani Ashfar (bangsa berkulit kuning), karena itu aku senantiasa yakin bahwa agama Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam ini pasti menang, dan akhirnya Allah memasukkan hidayah Islam ke dalam hati sanubariku." Dan telah menceritakan kepada kami [Hasan Al Khulwani] dan [Abd bin Humaid] keduanya berkata; telah menceritakan kepada kami [Ya'qub] -yaitu Ibnu Ibrahim bin Sa'd- telah menceritakan kepada kami [ayahku] dari [Shalih] dari [Ibnu Syihab] dengan isnad ini, dan ia menambahkan dalam haditsnya, "Setelah Allah memenangkan tentara Persi atasnya, maka Kaisar berjalan kaki dari daerah Himsha hingga Iliya` sebagai bentuk syukur akan ujian Allah." Dan dalam hadits itu pula disebutkan, "Dari Muhammad, seorang hamba Allah dan Rasul-Nya." Dan dia juga menyebutkan, "Dosa kaum Yarisiyin." Dan dia menyebutkan, "Dengan seruan Islam

    Bize ishâk b. ibrâhîm EI-Hanzalî ile ibni Ebî Ömer, Muhammed b. Râfi' ve Abd b. Humeyd rivayet ettiler. Lâfız İbni Râfi'-indir, İbni Râfi' ile îbni Ömer «haddesenâ» tâbirini kullandılar. Diğer ikisi: Bize Abdürrazzâk haber verdi, dediler. (Demişki): Bize Mamer Zührî'den, o da Ubeydullah b. Abdillâh b. Utbe'den, o da îbni Abbâs'dan naklen haber verdi ki, ona da Ebû Süfyân leb beleb haber vermiş. (De­miş ki).; Resûlullah (Sallallahu Aleyhi ve Sellem)'le aramızda geçen müddette seyahata çıktım. Ben Şam'da iken Resûlullah (Sallallahu Aleyhi ve Sellem)'den Hirakl'e yâni Roma imparatoruna bir mektub getiriverdiler. Mektubu Dihyetül-Kelbî getirmişti. Onu Busrâ emîrine verdi. Busrâ emîri de Hirakl'e verdi. Hirakl: — Kendisinin Nebi olduğunu söyleyen bu adamın kavminden burada kimse var mı? diye sordu. — Evet! dediler. Bunun üzerine Kureyş'den birkaç kişi ile birlikte beni de çağırdılar. Hirakl'in yanına girdik. Bizi huzuruna oturttu. Ve : — Kendisinin Nebi olduğunu söyleyen bu adama soyca hanginiz daha yakındır? dedi. Ebû Süfyân demiş ki: — Ben! diye cevap verdim. Ve beni onun önüne, arkadaşlarımı da benim arkama oturttular. Sonra tercümanını çağırarak ona şunu söyledi: — Bunlara söyle! Ben kendisinin Nebi olduğunu söyleyen bu adamın kim olduğunu soruyorum! Eğer bana yalan söyledi ise siz de onu yalanlayın! Râvi diyor ki: Bunun üzerine Ebû Süfyân: — Allah'a yemîn olsun ki, yalanım nakledileceğinden korkmasam mutlaka yalan söylerdim! dedi. Sonra Hirakl tercümanına : — Buna sor! Onun sizin aranızda asaleti nasıl? dedi. Ebû Süfyân demiş ki: Ben : — O aramızda asalet sahibidir; dedim. — Babalarından kıral olan var mı idi? — Hayır! — Onu bu söylediğini söylemezden önce yalanla itham eder mi idiniz? — Hayır! — Peki ona tâbi' olanlar kim? Halkın eşrafı mı yoksa zayıfları mı? — Yok, zayıfları! — Bunlar artıyorlar mı, eksiliyorlar mı? — Hayır, bilâkis artıyorlar! — Onlardan hiç biri onun dînine girdikten sonra beğenmeyerek dininden dönüyor mu? — Hayır! — Onunla hiç harb ettiniz mi? — Evet! — Onunla harbiniz nasıl olmuştu? — Onunla bizim aramızdaki harb nevbetleşe olur. Kimi o bizi mağlûb eder, kimi biz onu! — Vefasızlık eder mi? — Hayır! Ama biz onunla bir müddet (anlaşma) içindeyiz; o müddette ne yapacağını bilmeyiz! dedim. Vallahi içerisine bundan başka bir şey sokabileceğim bir söz söylemeye bana imkân vermedi. — Bu sözü ondan önce hiç bir kimse söyledi mi? diye sordu. — Hayır! dedim. Tercümanına dedi kî: — Buna söyle! Ben sana onun asaletini sordum; sen de onun aranızda asalet sahibi olduğunu söyledin. Nebiler de böyledir; kavimlerinin asaletlilerinden gönderilirler. Babalarının içerisinde kıral olan var mı? dedim. Hayır! diye cevap verdin, tmdi ben de derim ki: Babalarından kıral olan bulunsa idi, babalarının saltanatını arayan bir adam!., derdim. Sana onun tâbi'lerini sordum. Kavminin zayıfları mı, eşrafımı? dedim. Yok. zayıfları... dedin. Nebilerin tabileri de bunlardır! Sana: Onu bu söylediğini söylemezden önce yalanla itham edermi idiniz? diye sordum. Hayır! diye cevap verdin! Gerçekten anladım kî, bu zât inamlara yalan söylemeyi bırakıp da giderek Allah'a karşı yalan uyduracak 4eğildir. Sana: Onlardan hiç biri onun dînine girdikten sonra beğenmeyerek dîninden dönüyor niu? diye sordum! Hayır! diye cevap verdin! işte kalplerin hoşnûdisi ile karıştığı zaman îman da böyledir. Sana: Onun tabileri artıyorlar mı, eksiliyorlar mı? diye sordum; arttıklarını söyledin ! işte îmân da tamam oluncaya kadar böyledir. Sana: Onunla hiç harb ettiniz mî? diye sordum. Onunla harhettiğinizi, aranızda geçen harblerin nevbetleşe olduğunu, kimi onun sizi mağlûb ettiğini, kimi de sizin onu mağlûb ettiğinizi söyledin! Nebiler de böyledir; (evvelâ) ibtilâ edilirler; sonra akıbet onların olur! Sana: Vefasızlık eder mi?, diye sordum. Vefasızlık etmezdiğini söyledin. Nebiler de böyledir; vefasızlık etmezler. Sana: Bu sözü ondan önce hiç bir kimse söyledi mi? diye sordum. Hayır! diye eevâp verdin! imdi ben de derim ki: Eğer bu sözü ondan önce biri söylemiş olsaydı, ben: Kendinden önce söylenmiş bir söze uyan bir adam!., derdim. Ebû Süfyan demiş ki: Bundan sonra: — Size neyi emrediyor? diye sordu. Ben : — Bize namazı, zekâtı, akrabaya yardımı ve iffeti emrediyor; dedim. — Eğer onun hakkında söylediklerin doğru ise o hakîkaten Peygamberdir. Onun çıkacağını biliyordum; ama sizden olacağını zannetmezdim. Ona kavuşacağımı bilsem mutlaka onunla görüşmek isterdim. Yanında olsam ayaklarını yıkardım! Onun mülkü behemehal ayaklarımın altındaki yere erişecektir! dedi. Sonra Resûlullah (Sallallahu Aleyhi ve Sellem)'in mektubunu istedi; ve onu okudu. Bir de baktı ki mektupta şunlar var : «Rahman ve Rahîm olan Allah'ın adiyle: Allah'ın Resulü Muhammed'den Romalıların büyüğü Hirakl'e: Doğru yola tâbi' olana selâm!.. Bundan sonra: (malûmun olsun ki :) Ben seni islâm daveti ile davet ediyorum. Müslüman ol, selâmet bul! Müslüman ol da Allah senin ecrini iki defa versin! Şayet, yüz çevirirsen ırgatların, çiftçilerin vebali de muhakkak senin üzerine olur! Ey kitap ehli! Sizinle aramızda dosdoğru bir kelimeye gelin! Allah'tan başka hiç bir şeye tapmayalım! Ona hiç bir şeyi şerik koşmayalım! Allah'ı bırakıp da birbirimizi Rabb ittihâz etmeyelim! Eğer yüz çevirirlerse! Şahid olunki biz müslümanlarız! deyiverin!» [Al-i İmran 64] Mektubu okumayı bitirince yanında sesler yükseldi ve gürültü çoğaldı. Bizim için de emir verdi ve dışarı çıkarıldık. Çıktığımız vakit ben arkadaşlarıma: Artık ibni Ebî Kebşe'nin işi iştir!.. Ondan Benî Asfar'ın kıralı bile korkuyor! dedim. Ve artık Resûlullah (Sallallahu Aleyhi ve Sellem)'in muzaffer olacağına yüzde yüz inanmaya devam ettim. Nihayet Allah İslâm'ı bana nasib etti

    معمر نے ہمیں زہری سے خبر دی ، انہوں نے عبیداللہ بن عبداللہ بن عتبہ سے اور انہوں نے حضرت ابن عباس رضی اللہ عنہ سے روایت کی کہ حضرت ابوسفیان رضی اللہ عنہ نے انہیں روبرو بتایا ، کہا : ( معاہدہ صلح کی ) اس مدت کے دوران میں جو میرے اور رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کے درمیان تھی ، میں سفر پر گیا ۔ کہا : اس اثنا میں ، جب میں شام میں تھا ، ہر قل ، یعنی شامِ روم کے پاس رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کی طرف سے ایک خط لایا گیا ۔ کہا : اسے دحیہ کلبی رضی اللہ عنہ لے کر آئے اور حاکم بُصریٰ کے حوالے کیا ، بصریٰ کے حاکم نے وہ ہرقل تک پہنچا دیا تو ہرقل نے کہا : کیا اس شخص کی قوم میں سے ، جو دعویٰ کرتا ہے کہ وہ نبی ہے ، کوئی شخص یہاں موجود ہے؟ انہوں نے کہا : ہاں ۔ کہا : تو قریش کے کچھ افراد سمیت مجھے بلایا گیا ، ہم ہرقل کے پاس آئے تو اس نے ہمیں اپنے سامنے بٹھایا اور پوچھا : تم میں سے نسب میں اس آدمی کے سب سے زیادہ قریب کون ہے جو دعویٰ کرتا ہے کہ وہ نبی ہے؟ ابوسفیان نے کہا : میں نے جواب دیا : میں ہوں ۔ تو ان لوگوں نے مجھے ان کے سامنے بٹھا دیا اور میرے ساتھیوں کو میرے پیچھے بٹھا دیا ، پھر اس نے اپنے ترجمان کو بلایا اور اس سے کہا : ان سے کہہ دو : میں اس آدمی سے اس شخص کے بارے میں پوچھنے لگا ہوں جو دعویٰ کرتا ہے کہ وہ نبی ہے ، اگر یہ میرے سامنے جھوٹ بولے تو تم لوگ اس کی تکذیب کر دینا ۔ کہا : ابوسفیان نے کہا : اللہ کی قسم! اگر یہ ڈر نہ ہوتا کہ میری طرف جھوٹ کی نسبت کی جائے گی تو میں جھوٹ بولتا ۔ پھر اس نے اپنے ترجمان سے کہا : اس سے پوچھو : تم میں اس کا حسب ( خاندان ) کیسا ہے؟ کہا : میں نے جواب دیا : وہ ہم میں حسب والا ہے ۔ اس نے پوچھا : کیا اس کے آباء و اجداد میں سے کوئی بادشاہ بھی تھا؟ میں نے جواب دیا : نہیں ۔ اس نے پوچھا : کیا اس نے ( نبوت کے حوالے سے ) کو کہا ، اس کے کہنے سے پہلے تم اس پر جھوٹ بولنے کا الزام لگاتے تھے؟ میں نے جواب دیا : نہیں ۔ اس نے پوچھا : اس کے پیروکار کون لوگ ہیں؟ بڑے لوگ ہیں یا کمزور لوگ ہیں؟ میں نے جواب دیا : بلکہ کمزور لوگ ہیں ۔ اس نے پوچھا : کیا وہ بڑھ رہے ہیں یا کم ہو رہے ہیں؟ کہا : میں نے جواب دیا : نہیں ، بلکہ وہ بڑھ رہے ہیں ۔ اس نے پوچھا : کیا ان میں سے کوئی اس کے دین میں داخل ہونے کے بعد اسے ناپسند کرتے ہوئے مرتد بھی ہوتا ہے؟ میں نے جواب دیا : نہیں ۔ اس نے پوچھا : کیا تم نے اس سے جنگ بھی کی ہے؟ میں نے جواب دیا : ہاں ۔ اس نے پوچھا : تو تمہاری اس سے جنگ کیسی رہی؟ میں نے جواب دیا : ہمارے اور اس کے درمیان جنگ کنویں کے ڈول کی طرح ہے ، وہ ہمیں نقصان پہنچاتا ہے اور ہم اسے نقصان پہنچاتے ہیں ۔ اس نے پوچھا : کیا وہ بدعہدی کرتا ہے؟ میں نے جواب دیا : نہیں ، ہم اس کی جانب سے ( کی گئی ) صلح کے زمانے میں ہیں ، ہمیں معلوم نہیں ، وہ اس میں کیا کرے گا ۔ کہا : اللہ کی قسم! اس ایک کلمے کے سوا اس میں کوئی اور بات ملانا میرے لیے ممکن نہ ہوا ۔ اس نے پوچھا : کیا اس سے پہلے کسی نے وہ بات کہی ہے؟ میں نے جواب دیا : نہیں ۔ اس نے اپنے ترجمان سے کہا : ان سے کہو : میں نے تم سے اس کے حسب کے بارے میں پوچھا تو تم نے کہا کہ وہ تم میں ( اونچے ) حسب والا ہے ۔ رسول اسی طرح ہوتے ہیں ، اپنی قوم کے اعلیٰ خاندانوں میں بھیجے جاتے ہیں ۔ اور میں نے پوچھا : کیا اس کے آباء و اجداد میں کوئی بادشاہ تھا؟ تو تم نے دعویٰ کیا : نہیں ، میں نے ( دل میں ) کہا : اگر اس کے آباء و اجداد میں کوئی بادشاہ ہوتا تو میں کہتا : وہ آدمی اپنے آباء کی بادشاہت حاصل کرنا چاہتا ہے اور میں نے تم سے اس کے پیروکاروں کے بارے میں پوچھا : وہ کمزور لوگ ہیں یا اشراف ہیں؟ تو تم نے کہا : بلکہ وہ کمزور لوگ ہیں ، رسولوں کے پیروکار وہی لوگ ہوتے ہیں ۔ اور میں نے تم سے پوچھا کہ جو وہ کہتا ہے اس سے پہلے تم اس پر جھوٹ کا الزام لگاتے تھے تو تم نے کہا : نہیں ، اس طرح میں جان گیا کہ یہ ممکن نہیں کہ وہ لوگوں پر تو جھوٹ نہ بولے مگر اللہ پر جھوٹ باندھنے لگے ۔ اور میں نے تم سے پوچھا : کیا اس کے دین میں داخل ہونے کے بعد کوئی اس سے ناراض ہو کر اس کے دین سے نکلا ہے؟ تو تم نے کہا : نہیں ، ایمان جب دلوں میں رچ بس جاتا ہے تو اسی طرح ہوتا ہے ۔ اور میں نے تم سے پوچھا : کیا وہ بڑھ رہے ہیں یا کم ہو رہے ہیں؟ تو تم نے کہا کہ وہ بڑھ رہے ہیں ، ایمان ایسا ہی ہوتا ہے یہاں تک کہ وہ مکمل ہو جاتا ہے ۔ اور میں نے تم سے پوچھا : کیا تم نے اس سے لڑائی کی؟ تو تم نے کہا کہ ( ہاں ) تم نے اس سے لڑائی کی ہے اور تمہارے اور اس کے درمیان جنگ ڈول کی طرح ہے ، وہ تم میں سے لوگوں کو قتل کرتا ہے اور تم اس کے لوگوں میں سے قتل کرتے ہو ، رسول اسی طرح ہوتے ہیں ، انہیں آزمایا جاتا ہے ، پھر انجام انہی کے حق میں ہوتا ہے ۔ اور میں نے تم سے پوچھا : کیا وہ عہد شکنی کرتا ہے؟ تو تم نے کہا کہ وہ عہد شکنی نہیں کرتا اور رسول اسی طرح ہوتے ہیں ، وہ بدعہدی نہیں کرتے ۔ اور میں نے تم سے پوچھا : کیا اس سے پہلے کسی نے یہ بات کہی ( کہ وہ اللہ کا رسول ہے؟ ) تو تم نے کہا : نہیں ، میں نے ( دل میں ) کہا : اگر کسی نے اس سے پہلے یہ بات کہی ہوتی تو میں کہتا : یہ آدمی وہی بات کہنا چاہتا ہے جو اس سے پہلے کہی جا چکی ہے ۔ کہا : پھر اس نے پوچھا : وہ تمہیں کس چیز کا حکم دیتا ہے؟ میں نے جواب دیا : وہ ہمیں نماز ، زکاۃ ، صلہ رحمی اور پاکبازی کا حکم دیتا ہے ۔ اس نے کہا : اگر تم جو اس کے بارے میں کہتے ہو ، سچ ہے ، تو بلاشبہ وہ نبی ہے اور میں جانتا تھا کہ اس کا ظہور ہونے والا ہے لیکن میں یہ نہیں سمجھتا تھا کہ وہ تم میں سے ہو گا ، اور اگر مجھے علم ہو جائے کہ میں ان تک پہنچ سکتا ہوں تو میں ان سے ملنے کو محبوب رکھوں ۔ اور اگر میں ان کے پاس ہوتا تو میں ان کے پاؤں دھوتا اور ان کی حکومت اس زمین تک پہنچ کر رہے گی جو میرے قدموں کے نیچے ہے ۔ کہا : پھر اس نے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کا خط منگوایا اور اسے پڑھا تو اس میں ( لکھا ) تھا : اللہ کے نام سے جو بہت زیادہ رحم کرنے والا ، ہمیشہ مہربانی کرنے والا ہے ، اللہ کے رسول محمد صلی اللہ علیہ وسلم کی طرف سے شاہ ، روم ہرقل کے نام ، اس پر سلامتی ہو جس نے ہدایت کا اتباع کیا ، اس کے بعد ، میں تمہیں اسلام کے بلاوے کے ساتھ دعوت دیتا ہوں ، اسلام قبول کر لو ، سلامتی پا لو گے ، اسلام قبول کر لو ، اللہ تمہیں دو بار اجر دے گا اور اگر تم نے منہ موڑ لیا تو کسانوں ( عام لوگوں ) کا گناہ ( جو تمہارے پیچھے چلتے ہیں ) تم پر ہو گا ۔ اور "" اے اہل کتاب! اس بات کی طرف آؤ جو ہمارے اور تمہارے درمیان ایک جیسی ہے کہ ہم اللہ کے سوا کسی کی عبادت نہ کریں ، اس کے ساتھ کسی چیز کو شریک نہ کریں ، ہم میں سے کوئی کسی کو اللہ کے سوا رب نہ بنائے ، پھر اگر وہ منہ موڑ لیں تو کہہ دیں ، ( تم ) گواہ رہو کہ ہم فرماں بردار ( اسلام قبول کرنے والے ) ہیں ۔ "" جب وہ خط پڑھنے سے فارغ ہوا تو اس کے پاس آوازیں بلند ہونے لگیں اور شور بڑھ گیا ، اس نے ہمارے بارے میں حکم دیا تو ہمیں باہر بھیج دیا گیا ۔ کہا : جب ہم باہر نکلے تو میں نے اپنے ساتھیوں سے کہا : ابوکبشہ کے بیٹے کا معاملہ تو بہت بڑا ہو گیا ہے ، اس سے تو بنو اصفر ( اہل روم ) کا بادشاہ بھی خوف کھاتا ہے ۔ کہا : اس کے بعد رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کے معاملے میں مجھے ہمیشہ یقین رہا کہ وہ غالب آئیں گے ، یہاں تک کہ اللہ نے مجھ میں اوپر سے ( غالب کر کے ) اسلام داخل کر دیا

    ইসহাক ইবনু ইবরাহীম হান্‌যালী, ইবনু আবূ উমার, মুহাম্মাদ ইবনু রাফি' ও 'আবদ ইবনু হুমায়দ (রহঃ) ... ইবনু আব্বাস (রাযিঃ) হতে বর্ণিত যে, আবূ সুফইয়ান (রাযিঃ) তাকে সামনা-সামনি খবর দিয়েছেন, আমি তথায় (শাম দেশে) যাত্রা করলাম। যখন আমার মধ্যে এবং রসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম এর মধ্যে (হুদাইবিয়ার) সন্ধির সময়কাল কার্যকর ছিল (যষ্ঠ হিজরীতে)। যখন আমি শাম দেশে উপস্থিত হলাম, তখন রসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম এর প্রেরিত একটি পত্র হিরাকল (হিরাক্লিয়াস) বাদশাহর নিকট পৌছল। দিহইয়াতুল কালবী (রাযিঃ) (দূত) এ পত্র নিয়ে গিয়েছিলেন। তিনি সে পত্র বসরার এক নেতাকে প্রদান করেন। এরপর বসরার সে নেতা, হিরাকল বাদশাহর নিকট পত্রটি হস্তান্তর করেন। তখন হিরাকল বাদশাহ বললেন, এখানে ঐ লোকটির (মুহাম্মাদ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম এর) সম্প্রদায়ের কোন লোক আছে কি, যিনি নিজেকে নবী বলে দাবী করছেন? তারা বলল, হ্যাঁ। তখন কুরায়শের এক দল লোকের সঙ্গে আমাকেও ডাকা হল। এরপর আমরা হিরাকল বাদশাহর দরবারে প্রবেশ করলাম। আমাদেরকে তার সম্মুখেই বসান হল। তখন তিনি জিজ্ঞেস করলেন, যিনি নবী দাবী করছেন তার সাথে আত্মীয়তার দিক দিয়ে তোমাদের মধ্যে কে অধিক নিকটবর্তী? তখন আবূ সুফইয়ান বললেন, আমি। তখন তারা আমাকে বাদশাহর সামনেই বসালেন এবং আমার সঙ্গীদেরকে আমার পিছনে বসালেন। এরপর তিনি তার দোভাষীকে ডাকালেন এবং তাকে বললেন, "আপনি তাদেরকে আমার পক্ষ হতে বলে দিন যে, আমি তাকে (আবূ সুফইয়ানকে) ঐ লোকটি সম্পর্কে কিছু জিজ্ঞেস করব নবী বলে যিনি দাবী করছেন। যদি তিনি (আবূ সুফইয়ান) আমার নিকট মিথ্যা কথা বলেন, তবে আপনারাও তাকে মিথ্যাবাদী বলে ঘোষণা দেবেন। তখন আবূ সুফইয়ান বললেন, আল্লাহর শপথ! যদি আমার এ ভয় না হত যে, মিথ্যা বললে তা আমার বরাতে বর্ণিত হতে থাকবে তবে নিশ্চয়ই (তার সম্পর্কে) মিথ্যা কথা বলতাম। অতঃপর বাদশাহ তার দোভাষীকে বললেন, আপনি তাকে (আবূ সুফইয়ানকে) জিজ্ঞেস করুন, আপনাদের মাঝে ঐ লোকটির বংশ পরিচয় কেমন? আমি প্রতি উত্তরে বললাম, তিনি আমাদের মাঝে সম্ভ্রান্ত বংশীয়। এরপর জিজ্ঞেস করলেন, তার পূর্ব পুরুষদের মধ্যে কি কেউ কখনও বাদশাহ ছিলেন? আমি বললাম, না। এরপর জিজ্ঞেস করলেন, আপনারা কি কখনও তাকে এ কথা বলার পূর্বে, যা তিনি বলেছেন, মিথ্যা বলার অভিযোগ করেছেন? আমি বললাম, না। তিনি আবার জিজ্ঞেস করলেন, সমাজের কোন শ্রেণীর লোক তার অনুসরণ করে? সন্ত্রান্ত প্রভাবশালীরা, না দুর্বলেরা? আমি বললাম, সম্ভ্রান্ত ব্যক্তিরা নয়; বরং দুর্বল শ্রেণীর লোকেরা। তিনি আবার জিজ্ঞেস করলেন, তার অনুগামীর সংখ্যা কি বৃদ্ধি পাচ্ছে, না কমছে? আমি বললাম, কমছে না, বরং দিন দিন বৃদ্ধি পাচ্ছে। এরপর তিনি জিজ্ঞেস করলেন, যেসব লোক তার ধর্মে দীক্ষিত হচ্ছে তারা কি পরবর্তীতে তার প্রতি অসন্তুষ্ট হয়ে সে ধর্ম থেকে ফিরে আসছে? আমি বললাম, না। এরপর তিনি বললেন, আপনারা কি কখনও তার সাথে কোন যুদ্ধ করেছেন? আমি বললাম, হ্যাঁ। তিনি জিজ্ঞেস করলেন, আপনাদের এবং তার মাঝে সংঘটিত যুদ্ধের ফলাফল কিরূপ? আমি বললাম, আমাদের এবং তার মাঝে যুদ্ধের অবস্থা পালাবদল হচ্ছে। কখনও তিনি বিজয়ী হন এবং কখনও বা আমরা বিজয়ী হই। সম্রাট হিরাকল আবার জিজ্ঞেস করলেন, তিনি কি কখনও সন্ধির শর্ত ভঙ্গ করেছেন? আমি বললাম, না। কিন্তু আমরা বর্তমানে তার সঙ্গে একটি নির্দিষ্ট সময়সীমা পর্যন্ত সন্ধি চুক্তিতে আবদ্ধ আছি। আমরা জানি না যে, পরিশেষে তিনি তাতে কী করেন। আবূ সুফইয়ান বললেন, আল্লাহর শপথ। প্রশ্ন উত্তরে আমার পক্ষ হতে এ কথাটি ছাড়া অন্য কোন অতিরিক্ত কথা সংযোগ করা সম্ভব হয়নি। এরপর সম্রাট হিরাকল বললেন, (আপনাদের দেশে) তীর নবুওয়াত দাবীর পূর্বে কি কোন ব্যক্তি কখনও এরূপ দাবী করেছে? আমি বললাম, না। এরপর সম্রাট হিরাকল তার দোভাষীকে বললেন, আপনি তাকে (আবূ সুফইয়ানকে) বলে দিন যে, আমি আপনাকে জিজ্ঞেস করেছিলাম, তার (মুহাম্মাদ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম এর) বংশ পরিচয় সম্পর্কে। আপনি তখন উত্তর দিয়েছিলেন যে, তিনি সম্ভ্রান্ত বংশীয়। এমনিভাবে রসূলগণ স্বীয় সম্প্রদায়ের উত্তম বংশে প্রেরিত হয়ে থাকেন। এরপরে জিজ্ঞেস করেছিলাম, তার পিতৃপুরুষদের মধ্যে কি কেউ বাদশাহ ছিলেন? আপনি এর উত্তরে বলেছিলেন, না। আমি এ কথা বলেছিলাম এ কারণে যে, যদি তার পিতৃপুরুষদের মধ্য হতে কেউ বাদশাহ থাকতেন, তবে আমি মনে করতাম যে, হয়ত বা তিনি তাঁর পিতৃপুরুষদের রাজত্ব পুনরুদ্ধার করতে চান। তারপর আমি আপনাকে জিজ্ঞেস করেছিলাম যে, তার অনুসারীগণ কি সমাজের দুর্বল শ্রেণীর লোক, না সম্রান্ত শ্রেণীর লোক? আপনি উত্তরে বলেছিলেন, দুর্বল শ্রেণীর লোক তার অনুসারী হয়ে থাকে। এরপর আমি আপনাকে জিজ্ঞেস করেছিলাম, যে তিনি (নুবুওয়াতের) যে কথা বলছেন এর পূর্বে কি আপনারা তাকে কখনও মিথ্যার অভিযোগে অভিযুক্ত করেছেন? প্রতি উত্তরে আপনি বলেছিলেন যে, না। এতে আমি বুঝতে পারলাম, যে ব্যক্তি জাগতিক ব্যাপারে মিথ্যা কথা বলেন না, তিনি কি কারণে আল্লাহর উপর মিথ্যারোপ করতে যাবেন? এরপর আমি আপনাকে প্রশ্ন করেছিলাম যে, কোন ব্যক্তি কি তার ধর্মে দীক্ষিত হওয়ার পর তার প্রতি অসন্তুষ্ট হয়ে তাঁর ধর্ম পরিত্যাগ করেছে? আপনি উত্তরে বলেছিলেন, না। ঈমানের প্রকৃত অবস্থা এটাই। যখন অন্তরের অন্তঃস্থলে একবার তা প্রবেশ করে তখন সেখানেই স্থায়ীভাবে অবস্থান করে। এরপর আমি জিজ্ঞেস করেছিলাম, তার অনুগামীদের সংখ্যা কি দিন দিন বাড়ছে, না কমছে? প্রতি উত্তরে আপনি বলেছিলেন, তারা সংখ্যায় বৃদ্ধি পাচ্ছে। এটাই হল ঈমানের প্রকৃত অবস্থা। তা বৃদ্ধি পেতে পেতে অবশেষে পূর্ণত্ব লাভ করে। এরপর আমি আপনাকে জিজ্ঞেস করেছিলাম, আপনারা কি তার সঙ্গে কোন যুদ্ধ করেছেন? উত্তরে আপনি বলেছিলেন, হ্যাঁ, আপনারা তার সাথে যুদ্ধ করেছেন। তবে আপনাদের মাঝে এবং তার মাঝে যুদ্ধের অবস্থা হল পালাবদলের মত। কখনও তিনি বিজয়ী হন, আবার কখনও আপনারা বিজয়ী হন। এভাবে রসূলগণকে পরীক্ষার সম্মুখীন করা হয়। পরিণামে তারাই বিজয়ী হয়ে থাকেন। এরপর আমি আপনাকে প্রশ্ন করেছিলাম, তিনি কি কখনও কোন সন্ধির চুক্তি ভঙ্গ করেছেন? প্রতি উত্তরে আপনি বলেছিলেন, তিনি কোন চুক্তিভঙ্গ করেননি! এভাবে রসূলগণ কখনও কোন চুক্তি ভঙ্গ করেন না। আর আমি আপনাকে জিজ্ঞেস করেছিলাম যে, তার এ কথা (নুবুওয়াতের কথা) বলার পূর্বে কি কোন ব্যক্তি অনুরূপ কথা বলেছেন? আপনি বলেছিলেন যে, না। আমি তা এ কারণে জিজ্ঞেস করেছিলাম যে, যদি তার পূর্বে কেউ এরূপ দাবী করে থাকতো, তবে আমি মনে করতাম যে, সে ব্যক্তি তার পূর্বে যে কথা বলা হয়েছিল তার অনুকরণ করেছে। রাবী বলেন, এরপর হিরাকল জিজ্ঞেস করলেন, তিনি আমাদেরকে সালাত আদায় করতে, যাকাত দিতে, নিকট আত্মীয় ও হকদার ব্যক্তিদের প্রতি সদ্ব্যবহার করতে এবং অবৈধ ও অসৌজন্যমূলক কাজ থেকে বিরত থাকতে নির্দেশ দিয়ে থাকেন। বাদশাহ্ হিরাকল বললেন, তিনি আপনাদেরকে কী কাজের নির্দেশ দিয়ে থাকেন? আমি বললাম আপনি তার সম্পর্কে যা বললেন তার অবস্থা যদি ঠিক তাই হয় তবে তিনি অবশ্যই নবী। আমি জানতাম যে, একজন নবীর আবির্ভাব ঘটবে। কিন্তু আমি ধারণা করিনি যে, তিনি আপনাদের থেকে হবেন। যদি আমি জানতাম যে, আমি তার নিকট নির্বিঘ্নে পৌছতে পারবো তবে নিশ্চয়ই আমি তার মুবারক পদদ্বয় ধুয়ে দিতাম। (জেনে রেখো) নিশ্চয়ই তার রাজত্ব আমার দু'পায়ের নীচ পর্যন্ত পৌছবে। এরপর তিনি রসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম এর চিঠিটি তলব করলেন এবং তা পাঠ করলেন। এতে ছিল- “বিসমিল্লা-হির রহমা-নির রহীম। এটা মুহাম্মাদুর রসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম এর পক্ষ থেকে রোমের মহান ব্যক্তি হিরাকল-এর প্রতি। শান্তি ধারা সে ব্যক্তির উপর, যিনি সঠিক পথ অনুসরণ করেন। অতঃপর, নিশ্চয়ই আমি আপনাকে ইসলামের আহবান জানাচ্ছি। ইসলাম গ্রহণ করুন, নিরাপত্তা লাভ করুন। আপনি মুসলিম হোন, আল্লাহ আপনাকে দ্বিগুণ পুরস্কার দান করবেন। আর যদি আপনি (ইসলাম থেকে) মুখ ফিরিয়ে নেন, তবে নিশ্চয়ই প্রজাদের অপরাধ আপনার উপর আরোপিত হবে। "হে আহলে কিতাব! তোমরা এসো সে কথায়, যা আমাদের ও তোমাদের মধ্যে একই; যেন আমরা আল্লাহ ব্যতীত অন্য কারও ইবাদাত না করি, কোন কিছুকেই তার শরীক না করি ... তবে বল, তোমরা সাক্ষী থাক আমরা মুসলিম" পর্যন্ত। এরপর তিনি পত্র পাঠ শেষ করলে তার নিকটে শোরগোল এবং অযথা কথাবার্তা হতে লাগল। এদিকে আমাদেরকে বেরিয়ে আসার নির্দেশ দেয়া হল। আমরা বেরিয়ে এলাম। আবূ সুফইয়ান বলেন, আমরা যখন বেরিয়ে এলাম তখন আমি আমার সঙ্গীদের বললাম, আবূ কাবশার* পুত্রের মর্যাদা অনেক বেড়ে গেছে। রোমীয়দের বাদশাহও তাকে ভয় করছে। তিনি আরও বলেন, সেদিন থেকে রসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম এর ব্যাপারে আমার দৃঢ় প্রত্যয় হল যে, নিশ্চয়ই তিনি বিজয়ী হবেন। অবশেষে আল্লাহ তা'আলা আমার অন্তরে ইসলাম প্রবেশ করিয়ে দিলেন। (ইসলামিক ফাউন্ডেশন ৪৪৫৬, ইসলামিক সেন্টার)