حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ ، مِنْ فِيهِ إِلَى فِي قَالَ : انْطَلَقْتُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : فَبَيْنَا أَنَا بِالشَّامِ إِذْ جِيءَ بِكِتَابٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ قَالَ : وَكَانَ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ جَاءَ بِهِ فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ فَقَالَ هِرَقْلُ : أَهَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ قَالُوا : نَعَمْ قَالَ : فَدُعِيتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ فَقَالَ : أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ؟ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : قُلْتُ : أَنَا ، فَأَجْلَسُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي ، ثُمَّ دَعَا بِتَرْجُمَانِهِ فَقَالَ : قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، فَإِنْ كَذَبَ فَكَذِّبُوهُ ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : وَايْمُ اللَّهِ لَوْلَا أَنْ يُؤْثَرَ عَلِيَّ الْكَذِبَ لَكَذَبْتُ ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ : سَلْهُ كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ ؟ قَالَ : قُلْتُ : هُوَ فِينَا ذُو حَسَبٍ قَالَ : فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لَا قَالَ : فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لَا قَالَ : فَمَنِ اتَّبَعَهُ ؟ أَشْرَافُكُمْ أُمْ ضُعَفَاؤُكُمْ ؟ قُلْتُ : بَلْ ضُعَفَاؤُنَا قَالَ : هَلْ يَزِيدُونَ أُمْ يَنْقُصُونَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لَا بَلْ يَزِيدُونَ قَالَ : هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ ؟ قُلْتُ : لَا قَالَ : فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ قَالَ : فَكَيْفَ يَكُونُ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : يَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالًا يُصِيبُ مِنَّا ، وَنُصِيبُ مِنْهُ قَالَ : فَهَلْ يَغْدُرُ ؟ قُلْتُ : لَا ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي هُدْنَةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا أَمْكَنَنِي مِنْ كَلِمَةٍ أُدْخِلُ فِيهَا غَيْرَ هَذِهِ قَالَ : فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ ؟ قُلْتُ : لَا قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ : قُلْ لَهُ إِنِّي سَأَلْتُكُمْ عَنْ حَسَبُهُ فَقُلْتَ : إِنَّهُ فِينَا ذُو حَسَبٍ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تَبْعَثُ فِي أَحْسَابِ قَوْمِهَا ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَلِكٌ ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ : لَا ، فَقُلْتُ : لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ ، قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ ، وَسَأَلْتُكَ عَنْ أَتْبَاعِهِ أَضُعَفَاؤُهُمْ أَمْ أَشِدَّاؤُهُمْ ؟ قَالَ : فَقُلْتَ : بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ : لَا ، فَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعِ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ ، ثُمَّ يَذْهَبُ فَيَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ : لَا ، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ إِذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ الْقُلُوبِ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ ، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ لَا يَزَالُ إِلَى أَنْ يَتِمَّ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّكُمْ قَاتَلْتُمُوهُ ، فَيَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجَالًا ، يَنَالُ مِنْكُمْ وَتَنَالُونَ مِنْهُ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ، ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدُرُ ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لَا يَغْدُرُ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدُرُ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا ، فَقُلْتُ : لَوْ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ قَالَهُ أَحَدٌ قَبْلَهُ قُلْتُ : رَجُلٌ ائْتَمَّ بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ قَالَ : بِمَ يَأْمُرُكُمْ ؟ قُلْتُ : يَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ ، وَالزَّكَاةِ ، وَالْعَفَافِ ، وَالصِّلَةِ قَالَ : إِنْ يَكُ مَا تَقُولُهُ حَقًّا فَإِنَّهُ نَبِيٌّ ، وَإِنِّي كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَخَارِجٌ ، وَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّهُ مِنْكُمْ ، وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ ، وَلَيَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ قَالَ : ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَرَأَهُ ، فَإِذَا فِيهِ ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ، أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ ، وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمُ الْأَرِيسِيِّينَ وَ {{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ }} إِلَى قَوْلِهِ {{ اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }} فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ ارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ عِنْدَهُ وَكَثُرَ اللَّغَطُ وَأَمْرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا قَالَ : فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ خَرَجْنَا : لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ ، حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ قَالَ الزُّهْرِيُّ : فَدَعَا هِرَقْلُ عُظَمَاءَ الرُّومِ فَجَمَعَهُمْ فِي دَارٍ لَهُ فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الرُّومِ هَلْ لَكُمْ إِلَى الْفَلَاحِ وَالرُّشْدِ آخِرَ الْأَبَدِ ؟ وَأَنْ يَثْبُتْ لَكُمْ مُلْكُكُمْ ؟ قَالَ : فَحَاصَوْا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إِلَى الْأَبْوَابِ فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ قَالَ : فَدَعَاهُمْ فَقَالَ : إِنِّي اخْتَبَرْتُ شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ فَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكُمُ الَّذِي أَحْبَبْتُ فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضَوْا عَنْهُ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ ، مِنْ فِيهِ إِلَى فِي قَالَ : انْطَلَقْتُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : فَبَيْنَا أَنَا بِالشَّامِ إِذْ جِيءَ بِكِتَابٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ قَالَ : وَكَانَ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ جَاءَ بِهِ فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ فَقَالَ هِرَقْلُ : أَهَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ قَالُوا : نَعَمْ قَالَ : فَدُعِيتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ فَقَالَ : أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ؟ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : قُلْتُ : أَنَا ، فَأَجْلَسُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي ، ثُمَّ دَعَا بِتَرْجُمَانِهِ فَقَالَ : قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، فَإِنْ كَذَبَ فَكَذِّبُوهُ ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : وَايْمُ اللَّهِ لَوْلَا أَنْ يُؤْثَرَ عَلِيَّ الْكَذِبَ لَكَذَبْتُ ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ : سَلْهُ كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ ؟ قَالَ : قُلْتُ : هُوَ فِينَا ذُو حَسَبٍ قَالَ : فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لَا قَالَ : فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لَا قَالَ : فَمَنِ اتَّبَعَهُ ؟ أَشْرَافُكُمْ أُمْ ضُعَفَاؤُكُمْ ؟ قُلْتُ : بَلْ ضُعَفَاؤُنَا قَالَ : هَلْ يَزِيدُونَ أُمْ يَنْقُصُونَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لَا بَلْ يَزِيدُونَ قَالَ : هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ ؟ قُلْتُ : لَا قَالَ : فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ قَالَ : فَكَيْفَ يَكُونُ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : يَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالًا يُصِيبُ مِنَّا ، وَنُصِيبُ مِنْهُ قَالَ : فَهَلْ يَغْدُرُ ؟ قُلْتُ : لَا ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي هُدْنَةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا أَمْكَنَنِي مِنْ كَلِمَةٍ أُدْخِلُ فِيهَا غَيْرَ هَذِهِ قَالَ : فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ ؟ قُلْتُ : لَا قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ : قُلْ لَهُ إِنِّي سَأَلْتُكُمْ عَنْ حَسَبُهُ فَقُلْتَ : إِنَّهُ فِينَا ذُو حَسَبٍ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تَبْعَثُ فِي أَحْسَابِ قَوْمِهَا ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَلِكٌ ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ : لَا ، فَقُلْتُ : لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ ، قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ ، وَسَأَلْتُكَ عَنْ أَتْبَاعِهِ أَضُعَفَاؤُهُمْ أَمْ أَشِدَّاؤُهُمْ ؟ قَالَ : فَقُلْتَ : بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ : لَا ، فَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعِ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ ، ثُمَّ يَذْهَبُ فَيَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ : لَا ، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ إِذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ الْقُلُوبِ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ ، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ لَا يَزَالُ إِلَى أَنْ يَتِمَّ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّكُمْ قَاتَلْتُمُوهُ ، فَيَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجَالًا ، يَنَالُ مِنْكُمْ وَتَنَالُونَ مِنْهُ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ، ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدُرُ ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لَا يَغْدُرُ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدُرُ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا ، فَقُلْتُ : لَوْ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ قَالَهُ أَحَدٌ قَبْلَهُ قُلْتُ : رَجُلٌ ائْتَمَّ بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ قَالَ : بِمَ يَأْمُرُكُمْ ؟ قُلْتُ : يَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ ، وَالزَّكَاةِ ، وَالْعَفَافِ ، وَالصِّلَةِ قَالَ : إِنْ يَكُ مَا تَقُولُهُ حَقًّا فَإِنَّهُ نَبِيٌّ ، وَإِنِّي كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَخَارِجٌ ، وَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّهُ مِنْكُمْ ، وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ ، وَلَيَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ قَالَ : ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَرَأَهُ ، فَإِذَا فِيهِ ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ، أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ ، وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمُ الْأَرِيسِيِّينَ وَ {{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ }} إِلَى قَوْلِهِ {{ اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }} فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ ارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ عِنْدَهُ وَكَثُرَ اللَّغَطُ وَأَمْرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا قَالَ : فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ خَرَجْنَا : لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ ، حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ قَالَ الزُّهْرِيُّ : فَدَعَا هِرَقْلُ عُظَمَاءَ الرُّومِ فَجَمَعَهُمْ فِي دَارٍ لَهُ فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الرُّومِ هَلْ لَكُمْ إِلَى الْفَلَاحِ وَالرُّشْدِ آخِرَ الْأَبَدِ ؟ وَأَنْ يَثْبُتْ لَكُمْ مُلْكُكُمْ ؟ قَالَ : فَحَاصَوْا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إِلَى الْأَبْوَابِ فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ قَالَ : فَدَعَاهُمْ فَقَالَ : إِنِّي اخْتَبَرْتُ شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ فَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكُمُ الَّذِي أَحْبَبْتُ فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضَوْا عَنْهُ