• 449
  • حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ ، مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ ، قَالَ : انْطَلَقْتُ فِي المُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَبَيْنَا أَنَا بِالشَّأْمِ ، إِذْ جِيءَ بِكِتَابٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ ، قَالَ : وَكَانَ دَحْيَةُ الكَلْبِيُّ جَاءَ بِهِ ، فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ ، قَالَ : فَقَالَ هِرَقْلُ : هَلْ هَا هُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ؟ فَقَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : فَدُعِيتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ فَأُجْلِسْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ : أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : فَقُلْتُ : أَنَا ، فَأَجْلَسُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي ، ثُمَّ دَعَا بِتَرْجُمَانِهِ ، فَقَالَ : قُلْ لَهُمْ : إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : وَايْمُ اللَّهِ ، لَوْلاَ أَنْ يُؤْثِرُوا عَلَيَّ الكَذِبَ لَكَذَبْتُ ، ثُمَّ قَالَ : لِتَرْجُمَانِهِ ، سَلْهُ كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ ؟ قَالَ : قُلْتُ : هُوَ فِينَا ذُو حَسَبٍ ، قَالَ : فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لاَ ، قَالَ : فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ؟ قُلْتُ : لاَ ، قَالَ : أَيَتَّبِعُهُ أَشْرَافُ النَّاسِ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ ؟ قَالَ : قُلْتُ : بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ ، قَالَ : يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ ؟ قَالَ : قُلْتُ لاَ بَلْ يَزِيدُونَ ، قَالَ : هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لاَ ، قَالَ : فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : تَكُونُ الحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالًا يُصِيبُ مِنَّا وَنُصِيبُ مِنْهُ ، قَالَ : فَهَلْ يَغْدِرُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لاَ ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي هَذِهِ المُدَّةِ لاَ نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا ، قَالَ : وَاللَّهِ مَا أَمْكَنَنِي مِنْ كَلِمَةٍ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ ، قَالَ : فَهَلْ قَالَ هَذَا القَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ ؟ قُلْتُ : لاَ ، ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ : قُلْ لَهُ : إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ حَسَبِهِ فِيكُمْ ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو حَسَبٍ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي أَحْسَابِ قَوْمِهَا ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَلِكٌ ، فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ ، فَقُلْتُ : لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ ، قُلْتُ : رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ ، وَسَأَلْتُكَ عَنْ أَتْبَاعِهِ أَضُعَفَاؤُهُمْ أَمْ أَشْرَافُهُمْ ، فَقُلْتَ : بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ، فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ ، ثُمَّ يَذْهَبَ فَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ ، فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ إِذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ القُلُوبِ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يُزِيدُونَ وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ فَزَعَمْتَ أَنَّكُمْ قَاتَلْتُمُوهُ ، فَتَكُونُ الحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجَالًا يَنَالُ مِنْكُمْ وَتَنَالُونَ مِنْهُ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ العَاقِبَةُ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لاَ يَغْدِرُ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لاَ تَغْدِرُ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ قَالَ أَحَدٌ هَذَا القَوْلَ قَبْلَهُ ، فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ ، فَقُلْتُ : لَوْ كَانَ قَالَ هَذَا القَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ ، قُلْتُ : رَجُلٌ ائْتَمَّ بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ ، قَالَ : ثُمَّ قَالَ : بِمَ يَأْمُرُكُمْ ؟ قَالَ : قُلْتُ : يَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالعَفَافِ ، قَالَ : إِنْ يَكُ مَا تَقُولُ فِيهِ حَقًّا ، فَإِنَّهُ نَبِيٌّ ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ ، وَلَمْ أَكُ أَظُنُّهُ مِنْكُمْ ، وَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ ، وَلَيَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ ، قَالَ : ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهُ : " فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ ، سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى ، أَمَّا بَعْدُ : فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلاَمِ ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ ، وَ : {{ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ، أَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ }} إِلَى قَوْلِهِ : {{ اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }} " فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الكِتَابِ ، ارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ عِنْدَهُ وَكَثُرَ اللَّغَطُ ، وَأُمِرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا ، قَالَ : فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ خَرَجْنَا : لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ ، إِنَّهُ لَيَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ ، فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الإِسْلاَمَ ، قَالَ الزُّهْرِيُّ : فَدَعَا هِرَقْلُ عُظَمَاءَ الرُّومِ فَجَمَعَهُمْ فِي دَارٍ لَهُ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الرُّومِ ، هَلْ لَكُمْ فِي الفَلاَحِ وَالرَّشَدِ آخِرَ الأَبَدِ ، وَأَنْ يَثْبُتَ لَكُمْ مُلْكُكُمْ ، قَالَ : فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ ، فَقَالَ : عَلَيَّ بِهِمْ ، فَدَعَا بِهِمْ فَقَالَ : إِنِّي إِنَّمَا اخْتَبَرْتُ شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ ، فَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكُمُ الَّذِي أَحْبَبْتُ فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ

    حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، ح وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ ، مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ ، قَالَ : انْطَلَقْتُ فِي المُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : فَبَيْنَا أَنَا بِالشَّأْمِ ، إِذْ جِيءَ بِكِتَابٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ ، قَالَ : وَكَانَ دَحْيَةُ الكَلْبِيُّ جَاءَ بِهِ ، فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ ، قَالَ : فَقَالَ هِرَقْلُ : هَلْ هَا هُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ؟ فَقَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : فَدُعِيتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ فَأُجْلِسْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ : أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : فَقُلْتُ : أَنَا ، فَأَجْلَسُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي ، ثُمَّ دَعَا بِتَرْجُمَانِهِ ، فَقَالَ : قُلْ لَهُمْ : إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : وَايْمُ اللَّهِ ، لَوْلاَ أَنْ يُؤْثِرُوا عَلَيَّ الكَذِبَ لَكَذَبْتُ ، ثُمَّ قَالَ : لِتَرْجُمَانِهِ ، سَلْهُ كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ ؟ قَالَ : قُلْتُ : هُوَ فِينَا ذُو حَسَبٍ ، قَالَ : فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لاَ ، قَالَ : فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ؟ قُلْتُ : لاَ ، قَالَ : أَيَتَّبِعُهُ أَشْرَافُ النَّاسِ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ ؟ قَالَ : قُلْتُ : بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ ، قَالَ : يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ ؟ قَالَ : قُلْتُ لاَ بَلْ يَزِيدُونَ ، قَالَ : هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لاَ ، قَالَ : فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : تَكُونُ الحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالًا يُصِيبُ مِنَّا وَنُصِيبُ مِنْهُ ، قَالَ : فَهَلْ يَغْدِرُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لاَ ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي هَذِهِ المُدَّةِ لاَ نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا ، قَالَ : وَاللَّهِ مَا أَمْكَنَنِي مِنْ كَلِمَةٍ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ ، قَالَ : فَهَلْ قَالَ هَذَا القَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ ؟ قُلْتُ : لاَ ، ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ : قُلْ لَهُ : إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ حَسَبِهِ فِيكُمْ ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو حَسَبٍ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي أَحْسَابِ قَوْمِهَا ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَلِكٌ ، فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ ، فَقُلْتُ : لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ ، قُلْتُ : رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ ، وَسَأَلْتُكَ عَنْ أَتْبَاعِهِ أَضُعَفَاؤُهُمْ أَمْ أَشْرَافُهُمْ ، فَقُلْتَ : بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ، فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ ، ثُمَّ يَذْهَبَ فَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ ، فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ إِذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ القُلُوبِ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يُزِيدُونَ وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ فَزَعَمْتَ أَنَّكُمْ قَاتَلْتُمُوهُ ، فَتَكُونُ الحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجَالًا يَنَالُ مِنْكُمْ وَتَنَالُونَ مِنْهُ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ العَاقِبَةُ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لاَ يَغْدِرُ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لاَ تَغْدِرُ ، وَسَأَلْتُكَ : هَلْ قَالَ أَحَدٌ هَذَا القَوْلَ قَبْلَهُ ، فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ ، فَقُلْتُ : لَوْ كَانَ قَالَ هَذَا القَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ ، قُلْتُ : رَجُلٌ ائْتَمَّ بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ ، قَالَ : ثُمَّ قَالَ : بِمَ يَأْمُرُكُمْ ؟ قَالَ : قُلْتُ : يَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالعَفَافِ ، قَالَ : إِنْ يَكُ مَا تَقُولُ فِيهِ حَقًّا ، فَإِنَّهُ نَبِيٌّ ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ ، وَلَمْ أَكُ أَظُنُّهُ مِنْكُمْ ، وَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ ، وَلَيَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ ، قَالَ : ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَرَأَهُ : فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ ، سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى ، أَمَّا بَعْدُ : فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلاَمِ ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ ، وَ : {{ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ، أَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ }} إِلَى قَوْلِهِ : {{ اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }} فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الكِتَابِ ، ارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ عِنْدَهُ وَكَثُرَ اللَّغَطُ ، وَأُمِرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا ، قَالَ : فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ خَرَجْنَا : لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ ، إِنَّهُ لَيَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ ، فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الإِسْلاَمَ ، قَالَ الزُّهْرِيُّ : فَدَعَا هِرَقْلُ عُظَمَاءَ الرُّومِ فَجَمَعَهُمْ فِي دَارٍ لَهُ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الرُّومِ ، هَلْ لَكُمْ فِي الفَلاَحِ وَالرَّشَدِ آخِرَ الأَبَدِ ، وَأَنْ يَثْبُتَ لَكُمْ مُلْكُكُمْ ، قَالَ : فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ ، فَقَالَ : عَلَيَّ بِهِمْ ، فَدَعَا بِهِمْ فَقَالَ : إِنِّي إِنَّمَا اخْتَبَرْتُ شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ ، فَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكُمُ الَّذِي أَحْبَبْتُ فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ

    في: الهدي : ما يُهْدَى إلى البَيْت الحَرام من النَّعَم لِتُنْحر تقربًا إلى الله أو تكفيرا عن خطأ وأُطْلق على جَميع الإبِل وإن لم تَكُنْ هَدْياً وقيل : الهدي كل ما يهدى إلى البيت من مال أو متاع أيضا
    عظيم: عظيم : حاكم أو ملك
    وايم: وايم الله : أسلوب قسم بالله تعالى وأصلها ايمُن الله
    يؤثروا: آثر : أعطى وأفرد وخص وفضل وقدم وميز
    لترجمانه: الترْجُمان بالضم والفتح : هو الذي يُتَرجم الكلام، أي يَنْقُله من لُغَة إلى لغة أخرى. وهو الذي يفسر الكلام ويوضحه أيضا
    حسبه: الحسب : الشَّرَف بالآباء وما يَعُدُّه الناس من مَفاخرهم
    سخطة: السخط : الغضب أو كراهية الشيء وعدم الرضا به
    سجالا: الحرب سجال : مَرَّة لنا ومَرَّة علينا ونصرتها متداولة بين الفريقين
    أحساب: الأحساب : جمع حسب وهو الشرف والمجد والكرم
    ليدع: يدع : يترك ويذر
    تبتلى: البلاء والابتلاء : الاخْتِبار بالخير ليتَبَيَّن الشُّكر، وبالشَّر ليظْهر الصَّبْر
    العاقبة: العاقبة : الخاتمة
    ائتم: الائتمام : الاقتداء
    والعفاف: العفاف : الكَفُّ عن الحَرَام والسُّؤالِ من الناس
    يؤتك: يؤتيك : يعطيك
    إثم: الإثم : الذنب والوزر والمعصية والحرج
    اللغط: اللغط : الأصوات المختلطة المبهمة والضجة لا يفهم معناها
    موقنا: موقنا : مؤمنا واثقا متأكدا من قلبه
    الفلاح: الفَلاح : البَقَاء والفَوْزُ والظَّفَرُ
    فحاصوا: حاصوا : نفروا وكروا
    حيصة: الحيصة : الجولة من جولات الفرار
    مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ ، سَلاَمٌ عَلَى
    حديث رقم: 7 في صحيح البخاري بدء الوحي كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
    حديث رقم: 51 في صحيح البخاري كتاب الإيمان باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان، والإسلام، والإحسان، وعلم الساعة
    حديث رقم: 2563 في صحيح البخاري كتاب الشهادات باب من أمر بإنجاز الوعد
    حديث رقم: 2676 في صحيح البخاري كتاب الجهاد والسير باب قول الله عز وجل: {قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين} [التوبة: 52] والحرب سجال
    حديث رقم: 2845 في صحيح البخاري كتاب الجهاد والسير باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «نصرت بالرعب مسيرة شهر»
    حديث رقم: 3029 في صحيح البخاري كتاب الجزية باب فضل الوفاء بالعهد
    حديث رقم: 5658 في صحيح البخاري كتاب الأدب باب صلة المرأة أمها ولها زوج
    حديث رقم: 6809 في صحيح البخاري كتاب الأحكام باب ترجمة الحكام، وهل يجوز ترجمان واحد
    حديث رقم: 5930 في صحيح البخاري كتاب الاستئذان باب: كيف يكتب الكتاب إلى أهل الكتاب
    حديث رقم: 3409 في صحيح مسلم كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ بَابُ كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ يَدْعُوهُ إِلَى
    حديث رقم: 2769 في جامع الترمذي أبواب الاستئذان والآداب باب ما جاء كيف يكتب إلى أهل الشرك
    حديث رقم: 6664 في صحيح ابن حبان كِتَابُ التَّارِيخِ ذِكْرُ وَصْفِ كُتُبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 10624 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ التَّفْسِيرِ قَوْلُهُ تَعَالَى : قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ
    حديث رقم: 7102 في المعجم الكبير للطبراني بَابُ الصَّادِ مَنِ اسْمُهُ صَخْرٌ
    حديث رقم: 7103 في المعجم الكبير للطبراني بَابُ الصَّادِ مَنِ اسْمُهُ صَخْرٌ
    حديث رقم: 7104 في المعجم الكبير للطبراني بَابُ الصَّادِ مَنِ اسْمُهُ صَخْرٌ
    حديث رقم: 7105 في المعجم الكبير للطبراني بَابُ الصَّادِ مَنِ اسْمُهُ صَخْرٌ
    حديث رقم: 7106 في المعجم الكبير للطبراني بَابُ الصَّادِ مَنِ اسْمُهُ صَخْرٌ
    حديث رقم: 9421 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الْمَغَازِي غَزْوَةُ الْحُدَيْبِيَةِ
    حديث رقم: 19035 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ آدَابِ الْقَاضِي بَابٌ : كَيْفَ يُكْتَبُ إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ
    حديث رقم: 1150 في الأدب المفرد للبخاري بَابُ : كَيْفَ يَكْتُبُ إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ ؟
    حديث رقم: 2562 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي أَوَّلُ مُسْنَدِ ابْنِ عَبَّاسٍ
    حديث رقم: 5391 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْجِهَادِ بَيَانُ كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ ، وَأَنَّهُ
    حديث رقم: 1179 في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة للالكائي بَابُ جُمَّاعِ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَابْتِدَاءِ الْوَحْيِ إِلَيْهِ وَفَضَائِلِهِ وَمُعْجِزَاتِهِ سِيَاقُ مَا رُوِيَ فِي مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ ، وَخَرْقِ اللَّهِ الْعَادَةَ الْجَارِيَةَ ؛ لِوُضُوحِ دَلَالَتِهِ وَإِثْبَاتِ نُبُوَّتِهِ ، وَنَفْيِ الشَّكِّ وَالِارْتِيَابِ فِي أَمْرِهِ
    حديث رقم: 90 في غريب الحديث لإبراهيم الحربي غَرِيبُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَابُ : مر
    حديث رقم: 289 في الكنى والأسماء للدولابي ذِكْرُ الْمَعْرُوفِينَ بِالْكُنَى مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 3399 في معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني الأسمَاء صَخْرُ بْنُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ أَبُو سُفْيَانَ سَيِّدُ الْبَطْحَاءِ ، وَأَبُو الْأُمَرَاءِ عَاشَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً ، وَقِيلَ : ثَلَاثًا وَتِسْعِينَ ، مَوْلِدُهُ قَبْلَ الْفِيلِ بِعَشْرِ سِنِينَ ، وَإِسْلَامِهِ عَامَ الْفَتْحِ لَيْلَةَ الْفَتْحِ ، شَهِدَ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ َمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأُصِيبَتْ عَيْنَاهُ ، وَأُصِيبَتِ الْأُخْرَى يَوْمَ الْيَرْمُوكِ ، كَانَ رِبْعَةً عَظِيمَ الْهَامَةِ ، أَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ ، وَأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً تَأَلُّفًا ، وَأَعْطَى ابْنَيْهِ : زَيْد وَمُعَاوِيَةَ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ، وَاللَّهِ إِنَّكَ لَكَرِيمٌ ، وَلَقَدْ حَارَبْتُكَ فَنِعْمَ مُحَارِبِي كُنْتَ ، ثُمَّ سَالَمْتُكَ فَنِعْمَ الْمُسَالِمُ أَنْتَ ، فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا ، تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو سُفْيَانَ عَامِلُهُ عَلَى نَجْرَانَ امْرَأَتُهُ : صَفِيَّةُ بِنْتُ حَزْنٍ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ ، وَقِيلَ : اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ بِالْمَدِينَةِ وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بَعْدَمَا عَمِيَ بَصَرُهُ ، وَكَانَ غُلَامُهُ يَقُودُهُ
    حديث رقم: 1686 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    حديث رقم: 4884 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ فِيمَنْ قَرَأَ قَوْلَهُ : ( وَمَا
    حديث رقم: 1181 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَبْدِ

    [4553] قَوْلُهُ حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ إِنَّمَا لَمْ يَقُلْ إِلَى أُذُنِي يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنَ الْإِصْغَاءِ إِلَيْهِ بِحَيْثُ يُجِيبُهُ إِذَا احْتَاجَ إِلَى الْجَوَابِ فَلِذَلِكَ جَعَلَ التَّحْدِيثَ مُتَعَلِّقًا بِفَمِهِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِأُذُنِهِ وَاتَّفَقَ أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ كُلَّهُ مِنْ رِوَايَةِ بن عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ إِلَّا مَا وَقَعَ مِنْ رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الْجِهَادِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلَ الْحَدِيثِ عَنِ بن عَبَّاسٍ إِلَى قَوْلِهِ فَلَمَّا جَاءَ قَيْصَرَ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حِين قَرَأَهُ التمسوا لي هَا هُنَا أحدا من قومه لأسألهم عَنهُ قَالَ بن عَبَّاسٍ فَأَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ أَنَّهُ كَانَ بِالشَّامِ الْحَدِيثَ كَذَا وَقَعَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى مِنْ رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الْمُفَصَّلَةُ تُشْعِرُ بِأَنَّ فَاعِلَ قَالَ الَّذِي وَقَعَ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ قَالَ وَكَانَ دِحْيَةُ الخ هُوَ بن عَبَّاسٍ لَا أَبُو سُفْيَانَ وَفَاعِلُ قَالَ وَقَالَ هِرَقْلُ هَلْ هُنَا أَحَدٌ هُوَ أَبُو سُفْيَانَ قَوْلُهُ هِرَقْلُ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْقَافِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الرِّوَايَاتِ وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ سُكُونَ الرَّاءِ وَكَسْرَ الْقَافِ وَهُوَ اسْمٌ غَيْرُ عَرَبِيٍّ فَلَا يَنْصَرِفُ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ قَوْلُهُ فَدُعِيتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَجَاءَنَا رَسُولُهُ فَتَوَجَّهْنَا مَعَهُ فَاسْتَأْذَنَ لَنَا فَأَذِنَ فَدَخَلْنَا وَهَذِهِ الْفَاءُ تُسَمَّى الْفَصِيحَةُ وَهِيَ الدَّالَّةُ عَلَى مَحْذُوفٍ قَبْلَهَا هُوَ سَبَبٌ لِمَا بَعْدَهَا سُمِّيَتْ فَصَيْحَةً لِإِفْصَاحِهَا عَمَّا قَبْلَهَا وَقِيلَ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى فَصَاحَةِ الْمُتَكَلِّمِ بِهَا فَوُصِفَتْ بِالْفَصَاحَةِ عَلَى الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ وَلِهَذَا لَا تَقَعُ إِلَّا فِي كَلَامٍ بَلِيغٍ ثُمَّ إِنَّ ظَاهِرَ السِّيَاقِ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ بِعَيْنِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَ الْمَطْلُوبُ مَنْ يُوجَدُ مِنْ قُرَيْشٍ وَوَقَعَ فِي الْجِهَادِ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَوَجَدْنَا رَسُولَ قَيْصَرَ بِبَعْضِ الشَّامِ فَانْطَلَقَ بِي وَبِأَصْحَابِي حَتَّى قَدِمْنَا إِلَى إِيلِيَاءَ وَتَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَعْضِ غَزَّةُ وَقَيْصَرُ هُوَ هِرَقْلُ وَهِرَقْلُ اسْمُهُ وَقَيْصَرُ لَقَبُهُ قَوْلُهُ فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ بِلَفْظِ فَأَتَوْهُ وَهُوَ بِإِيلِيَاءَ وَفِي رِوَايَةٍ هُنَاكَ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ وَاسْتُشْكِلَتْ وَوُجِّهَتْ أَنَّ الْمُرَادَ الرُّومُ مَعَ مَلِكِهِمْ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ قَوْلُهُ فَأَجْلَسَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَقُلْتُ أَنَا فَأَجْلَسُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي ثُمَّ دَعَا بِتُرْجُمَانِهِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ هِرَقْلَ خَاطَبَهُمْ أَوَّلًا بِغَيْرِ تُرْجُمَانٍ ثُمَّ دَعَا بالترجمانلَكِنْ وَقَعَ فِي الْجِهَادِ بِلَفْظِ فَقَالَ لِتُرْجُمَانِهِ سَلْهُمْ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا إِلَخْ فَيُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا الِاخْتِلَافِ بِأَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ دَعَا بِتُرْجُمَانِهِ أَيْ فَأَجْلَسَهُ إِلَى جَنْبِ أَبِي سُفْيَانَ لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَانَ غَائِبًا فَأَرْسَلَ فِي طَلَبِهِ فَحَضَرَ وَكَأَنَّ التُّرْجُمَانَ كَانَ وَاقِفًا فِي الْمَجْلِسِ كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ مُلُوكِ الْأَعَاجِمِ فَخَاطَبَهُمْ هِرَقْلُ بِالسُّؤَالِ الْأَوَّلِ فَلَمَّا تَحَرَّرَ لَهُ حَالُ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يُخَاطِبَهُ مِنْ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ أَمْرَ التُّرْجُمَانَ بِالْجُلُوسِ إِلَيْهِ لِيُعَبِّرَ عَنْهُ بِمَا أَرَادَ وَالتُّرْجُمَانُ مَنْ يُفَسِّرُ لُغَةً بِلُغَةٍ فَعَلَى هَذَا لَا يُقَالُ ذَلِكَ لِمَنْ فَسَّرَ كَلِمَةً غَرِيبَةً بِكَلِمَةٍ وَاضِحَةٍ فَإِنِ اقْتَضَى مَعْنَى التُّرْجُمَانِ ذَلِكَ فَلْيُعْرَفْ أَنَّهُ الَّذِي يُفَسِّرُ لَفْظًا بِلَفْظٍ وَقَدِ اخْتُلِفَ هَلْ هُوَ عَرَبِيٌّ أَوْ مُعَرَّبٌ وَالثَّانِي أَشْهَرُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَنُونُهُ زَائِدَةٌ اتِّفَاقًا ثُمَّ قِيلَ هُوَ مِنْ تَرْجِيمِ الظَّنِّ وَقِيلَ مِنَ الرَّجْمِ فَعَلَى الثَّانِي تَكُونُ التَّاءُ أَيْضًا زَائِدَةً وَيُوجِبُ كَوْنُهُ مِنَ الرَّجْمِ أَنَّ الَّذِي يُلْقِي الْكَلَامَ كَأَنَّهُ يَرْجُمُ الَّذِي يُلْقِيِهِ إِلَيْهِ قَوْلُهُ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ مِنْ كَأَنَّهَا ابْتِدَائِيَّةٌ وَالتَّقْدِيرُ أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مَبْدَؤُهُ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ أَوْ هِيَ بِمَعْنَى الْبَاءِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي بَدْءِ الْوَحْيِ بِهَذَا الرَّجُلِ وَفِي رِوَايَةِ الْجِهَادِ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ وَلَا إِشْكَالَ فِيهِ فَإِنَّ أَقْرَبَ يَتَعَدَّى بِإِلَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَنَحْنُ أقرب إِلَيْهِ من حَبل الوريد وَالْمُفَضَّلُ عَلَيْهِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ مِنْ غَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي رِوَايَةِ الْبَابِ بِمَعْنَى الْغَايَةِ فَقَدْ ثَبَتَ وُرُودُهَا لِلْغَايَةِ مَعَ قِلَّةٍ قَوْلُهُ وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي فِي رِوَايَةِ الْجِهَادِ عِنْدَ كَتِفِي وَهِيَ أَخَصُّ وَعِنْدَ الْوَاقِدِيِّ فَقَالَ لِتُرْجُمَانِهِ قل لأَصْحَابه إِنَّمَا جعلتكم عِنْد كَتِفَيْهِ لِتَرُدُّوا عَلَيْهِ كَذِبًا إِنْ قَالَهُ قَوْلُهُ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ أَشَارَ إِلَيْهِ إِشَارَةَ الْقُرْبِ لِقُرْبِ الْعَهْدِ بِذِكْرِهِ أَوْ لِأَنَّهُ مَعْهُودٌ فِي أَذْهَانِهِمْ لِاشْتِرَاكِ الْجَمِيعِ فِي مُعَادَاتِهِ وَوَقَعَ عِنْدَ بن إِسْحَاقَ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَجَعَلْتُ أُزَهِّدُهُ فِي شَأْنِهِ وَأُصَغِّرُ أَمْرَهُ وَأَقُولُ إِنَّ شَأْنَهُ دُونَ مَا بَلَغَكَ فَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فَإِنْ كَذَبَنِي بِالتَّخْفِيفِ فَكَذِّبُوهُ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ يَقُولُ لَكُمْ ذَلِكَ وَلَمَّا جَرَتِ الْعَادَةُ أَنَّ مَجَالِسَ الْأَكَابِرِ لَا يُوَاجَهُ أَحَدٌ فِيهَا بِالتَّكْذِيبِ احْتِرَامًا لَهُمْ أَذِنَ لَهُمْ هِرَقْلُ فِي ذَلِكَ لِلْمَصْلَحَةِ الَّتِي أَرَادَهَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّيْمِيُّ كَذَبَ بِالتَّخْفِيفِ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ مِثْلَ صَدَقَ تَقُولُ كَذَبَنِي الْحَدِيثَ وَصَدَقَنِي الْحَدِيثَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ وَكَذَّبَ بِالتَّشْدِيدِ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ وَهُمَا مِنْ غَرَائِبِ الْأَلْفَاظِ لِمُخَالَفَتِهِمَا الْغَالِبَ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ تُنَاسِبُ الزِّيَادَةَ وَبِالْعَكْسِ وَالْأَمْرُ هُنَا بِالْعَكْسِ قَوْلُهُ وأيم الله بِالْهَمْز وَبِغير الْهَمْز وَفِيهَا لُغَاتٌ أُخْرَى تَقَدَّمَتْ قَوْلُهُ يُؤْثَرُ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ يُنْقَلُ قَوْلُهُ كَيْفَ حَسَبُهُ كَذَا هُنَا وَفِي غَيْرِهَا كَيْفَ نَسَبُهُ وَالنَّسَبُ الْوَجْهُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْإِدْلَاءُ مِنْ جِهَةِ الْآبَاءِ وَالْحَسَبُ مَا يَعُدُّهُ الْمَرْءُ مِنْ مَفَاخِرِ آبَائِهِ وَقَوْلُهُ هُوَ فِينَا ذُو حَسَبٍ فِي غَيْرِهَا ذُو نَسَبٍ وَاسْتُشْكِلَ الْجَوَابُ لِأَنَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا فِي السُّؤَالِ لِأَنَّ السُّؤَالَ تَضَمَّنَ أَنَّ لَهُ نَسَبًا أَوْ حَسَبًا وَالْجَوَابَ كَذَلِكَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّنْوِينَ يَدُلُّ عَلَى التَّعْظِيمِ كَأَنَّهُ قَالَ هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ كَبِيرٍ أَوْ حسب رفيع وَوَقع فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ قَالَ فِي الذِّرْوَةِ وَهِيَ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَعْلَى مَا فِي الْبَعِيرِ مِنَ السَّنَامِ فَكَأَنَّهُ قَالَ هُوَ مِنْ أَعْلَانَا نَسَبًا وَفِي حَدِيثِ دِحْيَةَ عِنْدَ الْبَزَّارِ حَدِّثْنِي عَنْ هَذَا الَّذِي خَرَجَ بِأَرْضِكُمْ مَا هُوَ قَالَ شَابٌّ قَالَ كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ قَالَ هُوَ فِي حَسَبِ مَا لَا يَفْضُلُ عَلَيْهِ أَحَدٌ قَالَ هَذِهِ آيَةٌ قَوْلُهُ هَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَلِكٌ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْ آبَائِهِ وَمَلِكٌ هُنَا بِالتَّنْوِينِ وَهِيَ تُؤَيِّدُ أَنَّ الرِّوَايَةَ السَّابِقَةَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ بِلَفْظِ مِنْ مَلِكٍ لَيْسَتْ بِلَفْظِ الْفِعْلِ الْمَاضِي قَوْلُهُ قَالَ يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ كَذَا فِيهِ بِإِسْقَاط همزَة الِاسْتِفْهَام وَقد جزم بن مَالِكٍ بِجَوَازِهِ مُطْلَقًا خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِالشِّعْرِ قَوْلُهُ قَالَ هَلْ يَرْتَدُّ إِلَخْ إِنَّمَا لَمْيَسْتَغْنِ هِرَقْلُ بِقَوْلِهِ بَلْ يَزِيدُونَ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ لِأَنَّهُ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ الِارْتِدَادِ وَالنَّقْصِ فَقَدْ يَرْتَدُّ بَعْضُهُمْ وَلَا يَظْهَرُ فِيهِمُ النَّقْصُ بِاعْتِبَارِ كَثْرَةِ مَنْ يَدْخُلُ وَقِلَّةِ مَنْ يَرْتَدُّ مَثَلًا قَوْلُهُ سَخْطَةً لَهُ يُرِيدُ أَنَّ مَنْ دَخَلَ فِي الشَّيْءِ عَلَى بَصِيرَةٍ يَبْعُدُ رُجُوعُهُ عَنْهُ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ صَمِيمِ قَلْبِهِ فَإِنَّهُ يَتَزَلْزَلُ بِسُرْعَةٍ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ حَالُ مَنِ ارْتَدَّ مِنْ قُرَيْشٍ وَلِهَذَا لَمْ يُعَرِّجْ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى ذِكْرِهِمْ وَفِيهِمْ صِهْرُهُ زَوْجُ ابْنَتِهِ أُمِّ حَبِيبَةَ وَهُوَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ فَإِنَّهُ كَانَ أَسْلَمَ وَهَاجَرَ إلىالحبشة بِزَوْجَتِهِ ثُمَّ تَنَصَّرَ بِالْحَبَشَةِ وَمَاتَ عَلَى نَصْرَانِيَّتِهِ وَتَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ حَبِيبَةَ بَعْدَهُ وَكَأَنَّهُ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ عَلَى بَصِيرَةٍ وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ وَغَيْرُهُ مِنْ قُرَيْشٍ يَعْرِفُونَ ذَلِكَ مِنْهُ وَلِذَلِكَ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ خَشْيَةَ أَنْ يُكَذِّبُوهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونُوا عَرَفُوهُ بِمَا وَقَعَ لَهُ مِنَ التَّنَصُّرِ وَفِيهِ بُعْدٌ أَوِ الْمُرَادُ بِالِارْتِدَادِ الرُّجُوعُ إِلَى الدِّينِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ وَلَمْ يَطَّلِعْ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى مَنْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ زَادَ فِي حَدِيثِ دِحْيَةَ أَرَأَيْتَ مَنْ خَرَجَ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَيْكُمْ هَلْ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قَوْلُهُ فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ نَسَبَ ابْتِدَاءَ الْقِتَالِ إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَقُلْ قَاتَلَكُمْ فَيُنْسَبُ ابْتِدَاءُ الْقِتَالِ إِلَيْهِ مُحَافَظَةً عَلَى احْتِرَامِهِ أَوْ لِاطِّلَاعِهِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ لَا يَبْدَأُ قَوْمَهُ بِالْقِتَالِ حَتَّى يُقَاتِلُوهُ أَوْ لِمَا عَرَفَهُ مِنَ الْعَادَةِ مِنْ حَمِيَّةِ مَنْ يُدْعَى إِلَى الرُّجُوعِ عَنْ دِينِهِ وَفِي حَدِيثِ دِحْيَةَ هَلْ يُنْكَبُ إِذَا قَاتَلَكُمْ قَالَ قَدْ قَاتَلَهُ قَوْمٌ فَهَزَمَهُمْ وَهَزَمُوهُ قَالَ هَذِهِ آيَةٌ قَوْلُهُ يُصِيبُ مِنَّا وَنُصِيبُ مِنْهُ وَقَعَتِ الْمُقَاتَلَةُ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ قَبْلَ هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ بَدْرٌ وَأُحُدٌ وَالْخَنْدَقُ فَأَصَابَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي بَدْرٍ وَعَكْسُهُ فِي أُحُدٍ وَأُصِيبَ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ نَاسٌ قَلِيلٌ فِي الْخَنْدَقِ فَصَحَّ قَوْلُ أَبِي سُفْيَانَ يُصِيبُ مِنَّا وَنُصِيبُ مِنْهُ وَلَمْ يُصِبْ مَنْ تَعَقَّبَ كَلَامَهُ وَأَنَّ فِيهِ دَسِيسَةً لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَى قَوْلِهِ وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَمْ يَدُسَّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ شَيْئًا وَقَدْ ثَبَتَ مِثْلُ كَلَامِهِ هَذَا مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ قَوْلُهُ إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ حَسَبِهِ فِيكُمْ ذَكَرَ الْأَسْئِلَةَ وَالْأَجْوِبَةَ عَلَى تَرْتِيبِ مَا وَقَعَتْ وَأَجَابَ عَنْ كُلِّ جَوَابٍ بِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ وَحَاصِلُ الْجَمِيعِ ثُبُوتُ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الْجَمِيعِ فَالْبَعْضُ مِمَّا تَلَقَّفَهُ مِنَ الْكُتُبِ وَالْبَعْضُ مِمَّا اسْتَقْرَأَهُ بِالْعَادَةِ وَوَقَعَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ إِعَادَةُ الْأَجْوِبَةِ مُشَوَّشَةَ التَّرْتِيبِ وَهُوَ مِنَ الرَّاوِي بِدَلِيلِ أَنَّهُ حَذَفَ مِنْهَا وَاحِدَةً وَهِيَ قَوْلُهُ هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ إِلَخْ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْجِهَادِ شَيْءٌ خَالَفَتْ فِيهِ مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَإِنَّهُ أَضَافَ قَول بِمَ يَأْمُرُكُمْ إِلَى بَقِيَّةِ الْأَسْئِلَةِ فَكَمُلَتْ بِهَا عَشَرَةً وَأَمَّا هُنَا فَإِنَّهُ أَخَّرَ قَوْلَهُ بِمَ يَأْمُرُكُمْ إِلَى مَا بَعْدَ إِعَادَةِ الْأَسْئِلَةِ وَالْأَجْوِبَةِ وَمَا رُتِّبَ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُ أَيْ قُلْ لِأَبِي سُفْيَانَ إِنِّي سَأَلْتُكَ أَيْ قُلْ لَهُ حَاكِيًا عَنْ هِرَقْلَ إِنِّي سَأَلْتُكَ أَوِ الْمُرَادُ إِنِّي سَأَلْتُكَ عَلَى لِسَانِ هِرَقْلَ لِأَنَّ التُّرْجُمَانَ يُعِيدُ كَلَامَ هِرَقْلَ وَيُعِيدُ لِهِرَقْلَ كَلَامَ أَبِي سُفْيَانَ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ هِرَقْلُ كَانَ يَفْقَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَيَأْنَفُ مِنَ التَّكَلُّمِ بِغَيْرِ لِسَانِ قَوْمِهِ كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْمُلُوكِ مِنَ الْأَعَاجِمِ قَوْلُهُ قُلْتُ لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ أَيْ قُلْتُ فِي نَفْسِي بن وَأَطْلَقَ عَلَى حَدِيثِ النَّفْسِ قَوْلًا قَوْلُهُ مُلْكَ أَبِيهِ أَفْرَدَهُ لِيَكُونَ أَعْذَرَ فِي طَلَبِ الْمُلْكِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ مُلْكَ آبَائِهِ أَوِ الْمُرَادُ بِالْأَبِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ حَقِيقَتِهِ وَمَجَازُهُ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ إِذَا خَالَطَ يُرَجِّحُ أَنَّ الرِّوَايَةَ الَّتِي فِي بَدْءِ الْوَحْيِ بِلَفْظِ حَتَّى يُخَالِطَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ حِينَ كَمَا لِلْأَكْثَرِ قَوْلُهُ قُلْتُ يَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ إِلَخْ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ فَقُلْتُ يَقُولُ اعْبُدُوا اللَّهَ إِلَخْ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى إِطْلَاقِ الْأَمْرِ عَلَى صِيغَةِ افْعَلْ وَعَلَى عَكْسِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ من تصرف الروَاة وَيُسْتَفَاد مِنْهُ أَن المأموارت كُلَّهَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً عِنْدَ هِرَقْلَ وَلِهَذَا لَمْ يَسْتَفْسِرْهُ عَنْ حَقَائِقِهَا قَوْلُهُ إِنْ يَكُ مَا تَقُولُ فِيهِ حَقًّا فَإِنَّهُ نَبِيٌّ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْجِهَادِ وَهَذِهِ صِفَةُ نَبِيٍّوَفِي مُرْسل سعيد بن الْمسيب عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ فَقَالَ هُوَ نَبِيٌّ وَوَقَعَ فِي أَمَالِي الْمَحَامِلِيِّ رِوَايَةَ الْأَصْبَهَانِيِّينَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّ صَاحِبَ بُصْرَى أَخَذَهُ وَنَاسًا مَعَهُ وَهُمْ فِي تِجَارَةٍ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ مُخْتَصَرَةً دُونَ الْكِتَابِ وَمَا فِيهِ وَزَادَ فِي آخِرِهَا قَالَ فَأَخْبَرَنِي هَلْ تَعْرِفُ صُورَتَهُ إِذَا رَأَيْتَهَا قُلْتُ نَعَمْ فَأُدْخِلْتُ كَنِيسَةً لَهُمْ فِيهَا الصُّوَرُ فَلَمْ أَرَهُ ثُمَّ أُدْخِلْتُ أُخْرَى فَإِذَا أَنَا بِصُورَةِ مُحَمَّدٍ وَصُورَةِ أَبِي بَكْرٍ إِلَّا أَنَّهُ دُونَهُ وَفِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ لِأَبِي نُعَيْمٍ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ إِنَّ هِرقل أخرج لَهُم سقطا مِنْ ذَهَبٍ عَلَيْهِ قُفْلٌ مِنْ ذَهَبٍ فَأَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً مَطْوِيَّةً فِيهَا صُوَرٌ فَعَرَضَهَا عَلَيْهِمْ إِلَى أَنْ كَانَ آخِرُهَا صُورَةَ مُحَمَّدٍ فَقُلْنَا بِأَجْمَعِنَا هَذِهِ صُورَةُ مُحَمَّدٍ فَذَكَرَ لَهُمْ أَنَّهَا صُوَرُ الْأَنْبِيَاءِ وَأَنَّهُ خَاتَمُهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ وَلَمْ أَكُ أَظُنُّهُ مِنْكُمْ أَيْ أَعْلَمُ أَنَّ نَبِيًّا سَيُبْعَثُ فِي هَذَا الزَّمَانِ لَكِنْ لَمْ أَعْلَمْ تَعْيِينَ جِنْسِهِ وَزَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِكَثْرَةِ الْأَنْبِيَاءِ فِيهِمْ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ اعْتِمَادَ هِرَقْلَ فِي ذَلِكَ كَانَ عَلَى مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ وَهِيَ طَافِحَةٌ بِأَنَّ النَّبِيَّ الَّذِي يخرج فِي آخِرِ الزَّمَانِ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ أَيْ مِنْ قُرَيْشٍ قَوْلُهُ لَأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ لَتَجَشَّمْتُ بِجِيمٍ وَمُعْجَمَةٍ أَيْ تَكَلَّفْتُ وَرَجَّحَهَا عِيَاضٌ لَكِنْ نَسَبَهَا لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ خَاصَّةً وَهِيَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا وَقَالَ النَّوَوِيُّ قَوْلُهُ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ أَيْ تَكَلَّفْتُ الْوُصُولَ إِلَيْهِ وَارْتَكَبْتُ الْمَشَقَّةَ فِي ذَلِكَ وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ أُقْتَطَعَ دُونَهُ قَالَ وَلَا عُذْرَ لَهُ فِي هَذَا لِأَنَّهُ عَرَفَ صِفَةَ النَّبِيِّ لَكِنَّهُ شَحَّ بِمُلْكِهِ وَرَغِبَ فِي بَقَاء رياسته فآثرها وَقد جَاءَ ذَلِك مُصَرَّحًا بِهِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ كَذَا قَالَ وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الْحَدِيثِ فِي الْبُخَارِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قُلْتُ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ النَّوَوِيَّ عَنَى مَا وَقَعَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ دُونَ مُسْلِمٍ مِنَ الْقِصَّةِ الَّتِي حَكَاهَا بن النَّاطُورِ وَأَنَّ فِي آخِرِهَا فِي بَدْءِ الْوَحْيِ أَنَّ هِرَقْلَ قَالَ إِنِّي قُلْتُ مَقَالَتِي آنِفًا أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ فَقَدْ رَأَيْتُ وَزَادَ فِي آخِرِ حَدِيثِ الْبَابِ فَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِي أَحْبَبْتُ فَكَأَنَّ النَّوَوِيَّ أَشَارَ إِلَى هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ وَقَعَ التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ شَحَّ بِمُلْكِهِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ قَوْلُهُ ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ هِرَقْلَ هُوَ الَّذِي قَرَأَ الْكِتَابَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التُّرْجُمَانُ قَرَأَهُ وَنُسِبَتْ قِرَاءَتُهُ إِلَى هِرَقْلَ مَجَازًا لِكَوْنِهِ الْآمِرَ بِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ الْجِهَادِ بِلَفْظِ ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُرِئَ وَفِي مُرْسَلِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ عِنْدَ الْوَاقِدِيِّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَدَعَا التُّرْجُمَانَ الَّذِي يَقْرَأُ بِالْعَرَبِيَّةِ فَقَرَأَهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْجِهَادِ مَا ظَاهِرُهُ أَنَّ قِرَاءَةَ الْكِتَابِ وَقَعَتْ مَرَّتَيْنِ فَإِنَّ فِي أَوَّلِهِ فَلَمَّا جَاءَ قَيْصَرَ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حِينَ قَرَأَهُ الْتَمِسُوا لِي هَا هُنَا أحدا من قومه لأسالهم عَنهُ قَالَ بن عَبَّاسٍ فَأَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ أَنَّهُ كَانَ بِالشَّامِ فِي رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ إِلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُرِئَ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ هِرَقْلَ قَرَأَهُ بِنَفْسِهِ أَوَّلًا ثُمَّ لَمَّا جَمَعَ قَوْمَهُ وَأَحْضَرَ أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ وَسَأَلَهُ وَأَجَابَهُ أَمَرَ بِقِرَاءَةِ الْكِتَابِ عَلَى الْجَمِيعِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا فَقَالَ حِينَ قَرَأَهُ أَيْ قَرَأَ عُنْوَانَ الْكِتَابِ لِأَنَّ كِتَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَخْتُومًا بِخَتْمِهِ وَخَتْمُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَلِهَذَا قَالَ إِنَّهُ يَسْأَلُ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْأَسْئِلَةِ قَوْلَ هِرَقْلَ بِمَ يَأْمُرُكُمْ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ يَقُولُ اعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَهَذَا بِعَيْنِهِ فِي الْكِتَابِ فَلَوْ كَانَ هِرَقْلُ قَرَأَهُ أَوَّلًا مَا أحتاج إِلَى السُّؤَال عَنهُ ثَانِيًا نعم يحْتَمل أَن يكون سَأَلَ عَنهُ ثَانِيًا مُبَالَغَةً فِي تَقْرِيرِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَوَائِدُ مِنْهَا جَوَازُ مُكَاتَبَةِ الْكُفَّارِ وَدُعَاؤُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ الْقِتَالِ وَفِيهِتَفْصِيلٌ فَمَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ وَجَبَ إِنْذَارُهُمْ قَبْلَ قِتَالِهِمْ وَإِلَّا اسْتُحِبَّ وَمِنْهَا وُجُوبُ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فِي بَعْثِ الْكِتَابِ مَعَ دِحْيَةَ وَحْدَهُ فَائِدَةٌ وَمِنْهَا وُجُوبُ الْعَمَلِ بِالْخَطِّ إِذَا قَامَتِ الْقَرَائِنُ بِصِدْقِهِ قَوْلُهُ فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ اسْتِحْبَابُ تَصْدِيرِ الْكُتُبِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَإِنْ كَانَ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ كَافِرًا وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَقْطَعُ أَيْ بِذِكْرِ اللَّهِ كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فَإِنَّهُ رُوِيَ عَلَى أَوْجُهٍ بِذِكْرِ اللَّهِ بِبِسْمِ اللَّهِ بِحَمْدِ اللَّهِ قَالَ وَهَذَا الْكِتَابُ كَانَ ذَا بَالٍ مِنَ الْمُهِمَّاتِ الْعِظَامِ وَلَمْ يُبْدَأْ فِيهِ بِلَفْظِ الْحَمْدِ بَلْ بِالْبَسْمَلَةِ انْتَهَى وَالْحَدِيثُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَخْرَجَهُ أَبُو عوَانَة فِي صَحِيحه وَصَححهُ بن حِبَّانَ أَيْضًا وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّته فَالرِّوَايَة الْمَشْهُورَة فِيهِ بِلَفْظ حمد الله وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنَ الْأَلْفَاظِ الَّتِي ذَكَرَهَا النَّوَوِيُّ وَرَدَتْ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ بِأَسَانِيدَ وَاهِيَةٍ ثُمَّ اللَّفْظُ وَإِنْ كَانَ عَامَّا لَكِنْ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ وَهِيَ الْأُمُورُ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى تَقَدُّمِ الْخُطْبَةِ وَأَمَّا الْمُرَاسَلَاتُ فَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ الشَّرْعِيَّةُ وَلَا الْعُرْفِيَّةُ بِابْتِدَائِهَا بِذَلِكَ وَهُوَ نَظِيرُ الْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا بِلَفْظِ كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا شَهَادَةٌ فَهِيَ كَالْيَدِ الْجَذْمَاءِ فَالِابْتِدَاءُ بِالْحَمْدِ وَاشْتِرَاطُ التَّشَهُّدِ خَاصٌّ بِالْخُطْبَةِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ فَبَعْضُهَا يَبْدَأُ فِيهِ بِالْبَسْمَلَةِ تَامَّةً كَالْمُرَاسَلَاتِ وَبَعْضُهَا بِبِسْمِ اللَّهِ فَقَطْ كَمَا فِي أَوَّلِ الْجِمَاعِ وَالذَّبِيحَةِ وَبَعْضُهَا بِلَفْظٍ مِنَ الذِّكْرِ مَخْصُوصٍ كَالتَّكْبِيرِ وَقَدْ جُمِعَتْ كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُلُوكِ وَغَيْرِهِمْ فَلَمْ يَقَعْ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا الْبُدَاءَةُ بِالْحَمْدِ بَلْ بِالْبَسْمَلَةِ وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا قَرَّرْتُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَيْضِ اسْتِدْلَالُ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا الْكِتَابِ عَلَى جَوَازِ قِرَاءَةِ الْجُنُبِ الْقُرْآنَ وَمَا يَرِدُ عَلَيْهِ وَكَذَا فِي الْجِهَادِ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى جَوَازِ السَّفَرِ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ وَمَا يَرِدُ عَلَيْهِ بِمَا أَغْنَى عَنِ الْإِعَادَةِ وَوَقَعَ فِي مُرْسَلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عِنْدَ بن أَبِي شَيْبَةَ أَنَّ هِرَقْلَ لَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ قَالَ هَذَا كِتَابٌ لَمْ أَسْمَعْهُ بَعْدَ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَأَنَّهُ يُرِيدُ الِابْتِدَاءَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِأَخْبَارِ أَهْلِ الْكِتَابِ قَوْلُهُ مِنْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَعَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ وَفِي الْجِهَادِ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ رُسُلَ اللَّهِ وَإِنْ كَانُوا أَكْرَمَ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ فَهُمْ مَعَ ذَلِكَ مَقْرُونٌ بِأَنَّهُمْ عَبِيدُ اللَّهِ وَكَأَنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى بُطْلَانِ مَا تَدَّعِيهِ النَّصَارَى فِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ أَنَّ الْقَارِئَ لَمَّا قَرَأَ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى عَظِيمِ الرُّومِ غَضِبَ أَخُو هِرَقْلَ وَاجْتَذَبَ الْكِتَابَ فَقَالَ لَهُ هِرقل مَالك فَقَالَ بَدَأَ بِنَفْسِهِ وَسَمَّاكَ صَاحِبَ الرُّومِ فَقَالَ هِرَقْلُ إِنَّكَ لَضَعِيفُ الرَّأْيِ أَتُرِيدُ أَنْ أَرْمِيَ بِكِتَابٍ قَبْلَ أَنْ أَعْلَمَ مَا فِيهِ لَئِنْ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَأَحَقُّ أَنْ يَبْدَأَ بِنَفْسِهِ وَلَقَدْ صَدَقَ أَنَا صَاحِبُ الرُّومِ وَاللَّهُ مَالِكِي وَمَالِكُهُمْ وَأَخْرَجَ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنِ دِحْيَةَ بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ إِلَى هِرَقْلَ فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ فَأَعْطَيْتُهُ الْكتاب وَعِنْده بن أَخٍ لَهُ أَحْمَرُ أَزْرَقُ سَبْطُ الرَّأْسِ فَلَمَّا قَرَأَ الْكتاب نخر بن أَخِيهِ نَخْرَةً فَقَالَ لَا تَقْرَأْ فَقَالَ قَيْصَرُ لِمَ قَالَ لِأَنَّهُ بَدَأَ بِنَفْسِهِ وَقَالَ صَاحِبُ الرُّومِ وَلَمْ يَقُلْ مَلِكُ الرُّومِ قَالَ اقْرَأْ فَقَرَأَ الْكِتَابَ قَوْلُهُ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ عَظِيمِ بِالْجَرِّ عَلَى الْبَدَلِ وَيَجُوزُ الرَّفْعِ عَلَى الْقَطْعِ وَالنَّصْبُ عَلَى الِاخْتِصَاصِ وَالْمُرَادُ مَنْ تُعَظِّمُهُ الرُّومُ وَتُقَدِّمُهُ لِلرِّيَاسَةِ عَلَيْهَا قَوْلُهُ أَمَّا بَعْدُ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ فِي بَابِ مَنْ قَالَ فِي الْخُطْبَةِ بَعْدَ الثَّنَاءِ أَمَّا بَعْدُ الْإِشَارَةُ إِلَى عَدَدِ مَنْ رَوَى مِنَ الصَّحَابَةِ هَذِهِ الْكَلِمَةَ وَتَوْجِيهُهَا وَنَقَلْتُ هُنَاكَ أَنَّ سِيبَوَيْهِ قَالَ إِنَّ مَعْنَى أَمَّا بَعْدُ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ وَأَقُولُ هُنَا سِيبَوَيْهِ لَا يَخُصُّ ذَلِكَ بِقَوْلِنَا أَمَّا بَعْدُ بَلْ كُلُّ كَلَامٍ أَوَّلُهُ أَمَّا وَفِيهِ مَعْنَى الْجَزَاءِ قَالَهُ فِي مِثْلِ أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَمُنْطَلِقٌ وَالْفَاءُ لَازِمَةٌ فِي أَكْثَرِ الْكَلَامِوَقَدْ تُحْذَفُ وَهُوَ نَادِرٌ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ فَإِنْ قُلْتَ أَمَّا لِلتَّفْصِيلِ فَأَيْنَ الْقَسِيمُ ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ التَّقْدِيرَ أَمَّا الِابْتِدَاءُ فَهُوَ بِسْمِ اللَّهِ وَأَمَّا الْمَكْتُوبُ فَهُوَ مِنْ مُحَمَّدٍ إِلَخْ وَأَمَّا الْمَكْتُوبُ بِهِ فَهُوَ مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ تَوْجِيهٌ مَقْبُولٌ لَكِنَّهُ لَا يَطَّرِدُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَمَعْنَاهَا الْفَصْلُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ مَنْ قَالَهَا فَقِيلَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقِيلَ يَعْرُبُ بْنُ قَحْطَانَ وَقِيلَ كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ وَقِيلَ قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ وَقِيلَ سَحْبَانُ وَفِي غَرَائِبِ مَالِكٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَهَا فَإِنْ ثَبَتَ وَقُلْنَا إِنَّ قَحْطَانَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ فَيَعْقُوبُ أَوَّلُ مَنْ قَالَهَا مُطْلَقًا وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ قَحْطَانَ قَبْلَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَعْرُبُ أَوَّلُ مَنْ قَالَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ أَسْلِمْ تَسْلَمْ فِيهِ بِشَارَةٌ لِمَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يَسْلَمُ مِنَ الْآفَاتِ اعْتِبَارًا بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِهِرَقْلَ كَمَا أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْحُكْمِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُهُ أَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ عَامٌّ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا بِنَبِيِّهِ ثُمَّ آمَنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ فِيهِ تَقْوِيَةٌ لِأَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ وَأَنَّهُ أَعَادَ أَسْلِمْ تَأْكِيدًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ أَسْلِمْ أَوَّلًا أَيْ لَا تَعْتَقِدْ فِي الْمَسِيحِ مَا تَعْتَقِدُهُ النَّصَارَى وَأَسْلِمْ ثَانِيًا أَيِ ادْخُلْ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ فَلِذَلِكَ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ تَنْبِيهٌ لَمْ يُصَرِّحْ فِي الْكِتَابِ بِدُعَائِهِ إِلَى الشَّهَادَةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرِّسَالَةِ لَكِنَّ ذَلِكَ مُنْطَوٍ فِي قَوْلِهِ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى وَفِي قَوْلِهِ أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ وَفِي قَوْلِهِ أَسْلِمْ فَإِنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ بِالشَّهَادَتَيْنِ قَوْلُهُ إِثْمُ الْأَرِيسِيِّينَ تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ وَشَرْحُهُ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ وَوَجَدْتُهُ هُنَاكَ فِي أَصْلٍ مُعْتَمَدٍ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَحَكَى هَذِهِ الرِّوَايَةَ أَيْضًا صَاحِبُ الْمَشَارِقِ وَغَيْرُهُ وَفِي أُخْرَى الْأَرِيسِينَ بِتَحْتَانِيَّةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ بن الْأَعْرَابِيِّ أَرَسَ يَأْرِسُ بِالتَّخْفِيفِ فَهُوَ أَرِيسٌ وَأَرَّسَ بِالتَّشْدِيدِ يُؤَرِّسُ فَهُوَ إِرِّيسٌ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ بِالتَّخْفِيفِ وَبِالتَّشْدِيدِ الْأَكَّارُ لُغَةٌ شَامِيَّةٌ وَكَانَ أَهْلُ السَّوَادِ أَهْلَ فِلَاحَةٍ وَكَانُوا مَجُوسًا وَأَهْلُ الرُّومِ أَهْلَ صِنَاعَةٍ فَأُعْلِمُوا بِأَنَّهُمْ وَإِنْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ فَإِنَّ عَلَيْهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا مِنَ الْإِثْمِ إِثْمَ الْمَجُوسِ انْتَهَى وَهَذَا تَوْجِيهٌ آخَرُ لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُهُ وَحَكَى غَيْرُهُ أَنَّ الْأَرِيسِيِّينَ يُنْسَبُونَ إِلَى عبد الله بن أريس رجل كَانَ تُعَظِّمُهُ النَّصَارَى ابْتَدَعَ فِي دِينِهِمْ أَشْيَاءَ مُخَالِفَةً لِدِينِ عِيسَى وَقِيلَ إِنَّهُ مِنْ قَوْمٍ بُعِثَ إِلَيْهِمْ نَبِيٌّ فَقَتَلُوهُ فَالتَّقْدِيرُ عَلَى هَذَا فَإِنَّ عَلَيْك مثل إِثْم الاريسيين وَذكر بن حَزْمٍ أَنَّ أَتْبَاعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَرِيسٍ كَانُوا أَهْلَ مَمْلَكَةِ هِرَقْلَ وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْأَرِيسِيِّينَ كَانُوا قَلِيلًا وَمَا كَانُوا يُظْهِرُونَ رَأْيَهُمْ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُنْكِرُونَ التَّثْلِيثَ وَمَا أَظُنُّ قَوْلَ بن حَزْمٍ إِلَّا عَنْ أَصْلٍ فَإِنَّهُ لَا يُجَازِفُ فِي النَّقْلِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ الْيَرِيسِيِّينَ بِتَحْتَانِيَّةٍ فِي أَوَّلِهِ وَكَأَنَّهُ بِتَسْهِيلِ الْهَمْزَةِ وَقَالَ بن سِيدَهْ فِي الْمُحْكَمِ الْأَرِيسُ الْأَكَّارُ عِنْدَ ثَعْلَبٍ وَالْأَمِينُ عِنْدَ كُرَاعٍ فَكَأَنَّهُ مِنَ الْأَضْدَادِ أَيْ يُقَالُ لِلتَّابِعِ وَالْمَتْبُوعِ وَالْمَعْنَى فِي الْحَدِيثِ صَالِحٌ عَلَى الرَّأْيَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ التَّابِعَ فَالْمَعْنَى إِنَّ عَلَيْكَ مِثْلُ إِثْمِ التَّابِعِ لَكَ عَلَى تَرْكِ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْمَتْبُوعُ فَكَأَنَّهُ قَالَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْمَتْبُوعِينَ وَإِثْمُ الْمَتْبُوعِينَ يُضَاعَفُ بِاعْتِبَارِ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ عَدَمِ الْإِذْعَانِ إِلَى الْحَقِّ مِنْ إِضْلَالِ أَتْبَاعِهِمْ وَقَالَ النَّوَوِيُّ نَبَّهَ بِذِكْرِ الْفَلَّاحِينَ عَلَى بَقِيَّةِ الرَّعِيَّةِ لِأَنَّهُمُ الْأَغْلَبُ وَلِأَنَّهُمْ أَسْرَعُ انْقِيَادًا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ مِنَ الرَّعَايَا غَيْرِ الْفَلَّاحِينَ مَنْ لَهُ صَرَامَةٌ وَقُوَّةٌ وَعَشِيرَةٌ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ دُخُولِ الْفَلَّاحِينَ فِي الْإِسْلَامِ دُخُولُ بَقِيَّةِ الرَّعَايَا حَتَّى يَصِحَّ أَنَّهُ نَبَّهَ بِذِكْرِهِمْ عَلَى الْبَاقِينَ كَذَا تَعَقَّبَهُ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَن مُرَاد النَّوَوِيّ أَنه نبه بِذكر طَائِفَةً مِنَ الطَّوَائِفِ عَلَى بَقِيَّةِ الطَّوَائِفِ كَأَنَّهُ يَقُولُ إِذَا امْتَنَعَتْ كَانَ عَلَيْكَ إِثْمُ كُلِّ مَنِ امْتَنَعَ بِامْتِنَاعِكَ وَكَانَ يُطِيعُ لَوْ أَطَعْتَ الْفَلَّاحِينَ فَلَا وَجْهٌ لِلتَّعَقُّبِ عَلَيْهِ نَعَمْ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ لَيْسَ الْمُرَادُبالفلاحين الزراعين فَقَطْ بَلِ الْمُرَادُ بِهِ جَمِيعُ أَهْلِ الْمَمْلَكَةِ إِنْ أَرَادَ بِهِ عَلَى التَّقْرِيرِ الَّذِي قَرَّرْتُ بِهِ كَلَامَ النَّوَوِيِّ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ مُعْتَرَضٌ وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ أَيْضًا أَنَّ الْأَرِيسِيِّينَ هُمُ الْخَوَلُ وَالْخَدَمُ وَهَذَا أَخَصُّ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْخَوَلِ مَا هُوَ أَعَمُّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ يَحْكُمُ الْمَلِكُ عَلَيْهِ وَحَكَى الْأَزْهَرِيُّ أَيْضًا أَنَّ الْأَرِيسِيِّينَ قَوْمٌ مِنَ الْمَجُوسِ كَانُوا يَعْبُدُونَ النَّارَ وَيُحَرِّمُونَ الزِّنَا وَصِنَاعَتُهُمُ الْحِرَاثَةُ وَيُخْرِجُونَ الْعُشْرَ مِمَّا يَزْرَعُونَ لَكِنَّهُمْ يَأْكُلُونَ الْمَوْقُوذَةَ وَهَذَا أَثْبَتُ فَمَعْنَى الْحَدِيثِ فَإِنَّ عَلَيْكَ مِثْلَ إِثْمِ الْأَرِيسِيِّينَ كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ فَلَمَّا فَرَغَ أَيِ الْقَارِئُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ هِرَقْلَ وَنَسَبَ إِلَيْهِ ذَلِكَ مَجَازًا لِكَوْنِهِ الْآمِرَ بِهِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ عِنْدَهُ فَإِنَّ الضَّمِيرَ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ لِهِرَقْلَ جَزْمًا قَوْلُهُ ارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ عِنْدَهُ وَكَثُرَ اللَّغَطُ وَوَقَعَ فِي الْجِهَادِ فَلَمَّا أَنْ قَضَى مَقَالَتَهُ عَلَتْ أَصْوَاتُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مِنْ عُظَمَاءِ الرُّومِ وَكَثُرَ لَغَطُهُمْ فَلَا أَدْرِي مَا قَالُوا لَكِنْ يُعْرَفُ مِنْ قَرَائِنِ الْحَالِ أَنَّ اللَّغَطَ كَانَ لِمَا فَهِمُوهُ مِنْ هِرَقْلَ مِنْ مَيْلِهِ إِلَى التَّصْدِيقِ قَوْلُهُ لَقَدْ أَمر أَمر بن أَبِي كَبْشَةَ تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ وَأَنَّ أَمِرَ الْأَوَّلَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَالثَّانِي بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْمِيم وَحكى بن التِّينِ أَنَّهُ رُوِيَ بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْضًا وَقَدْ قَالَ كُرَاعٌ فِي الْمُجَرَّدِ وَرِعَ أَمِرُ بِفَتْحٍ ثُمَّ كَسْرٍ أَيْ كَثِيرٌ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ الْمَعْنَى لقد كثر كثيرا بن أَبِي كَبْشَةَ وَفِيهِ قَلَقٌ وَفِي كَلَامِ الزَّمَخْشَرِيِّ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الثَّانِيَ بِفَتْحِ الْمِيمِ فَإِنَّهُ قَالَ أَمَرَةٌ عَلَى وَزْنِ بَرَكَةٍ الزِّيَادَةُ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي سُفْيَانَ لَقَدْ أَمِرَ أَمَرُ مُحَمَّدٍ انْتَهَى هَكَذَا أَشَارَ إِلَيْهِ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ سِرَاجُ الدِّينِ فِي شَرْحِهِ وَرَدَّهُ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ إِنَّمَا أَرَادَ تَفْسِيرَ اللَّفْظَةِ الْأُولَى وَهِيَ أَمِرَ بِفَتْحٍ ثُمَّ كَسْرٍ وَأَنَّ مَصْدَرَهَا أَمَرٌ بِفَتْحَتَيْنِ وَالْأَمَرُ بِفَتْحَتَيْنِ الْكَثْرَةُ وَالْعِظَمُ وَالزِّيَادَةُ وَلَمْ يُرِدْ ضَبْطَ اللَّفْظَةِ الثَّانِيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَدَعَا هِرَقْلُ عُظَمَاءَ الرُّومِ فَجَمَعَهُمْ إِلَخْ هَذِهِ قِطْعَةٌ مِنَ الرِّوَايَةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ عَقِبَ الْقِصَّةِ الَّتِي حَكَاهَا بن النَّاطُورِ وَقَدْ بَيَّنَ هُنَاكَ أَنَّ هِرَقْلَ دَعَاهُمْ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنَّ رَجَعَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَكَاتَبَ صَاحِبَهُ الَّذِي بِرُومِيَّةَ فَجَاءَهُ جَوَابُهُ يُوَافِقُهُ عَلَى خُرُوجِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى هَذَا فَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَدَعَا فَصَيْحَةٌ وَالتَّقْدِيرُ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَسَارَ هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ فَكَتَبَ إِلَى صَاحِبِهِ بِرُومِيَّةَ فَجَاءَهُ جَوَابُهُ فَدَعَا الرُّومَ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي سيرة بن إِسْحَاقَ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِ حَدِيثِ الْبَابِ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ بَعْضُ الْقِصَّةِ الَّتِي حَكَاهَا الزُّهْرِيّ عَن بن النَّاطُورِ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ حَدِيثٌ فِي حَدِيثٍ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ حَكَى قِصَّةَ الْكِتَابِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أُسْقُفٌّ مِنَ النَّصَارَى قَدْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ قُلْتُ وَهَذَا هُوَ بن النَّاطُورِ وَقِصَّةُ الْكِتَابِ إِنَّمَا ذَكَرَهَا الزُّهْرِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سُفْيَانَ وَقَدْ فَصَّلَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ الْحَدِيثَ تَفْصِيلًا وَاضِحًا وَهُوَ أوثق من بن إِسْحَاق وأتقن فروايته هِيَ المحفوظة وَرِوَايَة بن إِسْحَاقَ شَاذَّةٌ وَمَحَلُّ هَذَا التَّنْبِيهِ أَنْ يَذْكُرَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ لَكِنْ فَاتَ ذِكْرُهُ هُنَاكَ فَاسْتَدْرَكْتُهُ هُنَا قَوْلُهُ فَجَمَعَهُمْ فِي دَارٍ لَهُ فَقَالَ تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ أَنَّهُ جَمَعَهُمْ فِي مَكَانٍ وَكَانَ هُوَ فِي أَعْلَاهُ فَاطلع عَلَيْهِم وَصَنَعَ ذَلِكَ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُنْكِرُوا مَقَالَتَهُ فَيُبَادِرُوا إِلَى قَتْلِهِ قَوْلُهُ آخِرَ الْأَبَدِ أَيْ يَدُومُ مُلْكُكُمْ إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ لِأَنَّهُ عَرَفَ مِنَ الْكُتُبِ أَنْ لَا أُمَّةَ بَعْدَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَا دِينَ بَعْدَ دِينِهَا وَأَنَّ مَنْ دَخَلَ فِيهِ آمَنَ عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ لَهُمْ ذَلِكَ قَوْلُهُ فَقَالَ عَلَيَّ بِهِمْ فَدَعَا بِهِمْ فَقَالَ فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَرَدُّوهُمْ فَقَالَ قَوْله فقد رَأَيْت مِنْكُم الَّذِي أَحْبَبْت يُفَسر مَا وَقَعَ مُخْتَصَرًا فِي بَدْءِ الْوَحْيِ مُقْتَصِرًا عَلَى قَوْلِهِ فَقَدْ رَأَيْتُ وَاكْتَفَى بِذَلِكَ عَمَّا بَعْدَهُ قَوْلُهُ فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ كَانَ مِنْ عَادَتِهِمُ السُّجُودُ لِمُلُوكِهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِشَارَةً إِلَى تَقْبِيلِهِمُ الْأَرْضَ حَقِيقَةً فَإِنَّ الَّذِييَفْعَلُ ذَلِكَ رُبَّمَا صَارَ غَالِبًا كَهَيْئَةِ السَّاجِدِ وَأَطْلَقَ أَنَّهُمْ رَضُوا عَنْهُ بِنَاءً عَلَى رُجُوعِهِمْ عَمَّا كَانُوا هَمُّوا بِهِ عِنْدَ تَفَرُّقِهِمْ عَنْهُ مِنَ الْخُرُوجِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ الْبُدَاءَةُ بِاسْمِ الْكَاتِبِ قَبْلَ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ عَامِلَهُ عَلَى الْبَحْرَيْنِ فَبَدَأَ بِنَفْسِهِ مِنَ الْعَلَاءِ إلىمحمد رَسُولِ اللَّهِ وَقَالَ مَيْمُونٌ كَانَتْ عَادَةُ مُلُوكِ الْعَجَمِ إِذَا كَتَبُوا إِلَى مُلُوكِهِمْ بَدَءُوا بِاسْمِ مُلُوكِهِمْ فَتَبِعَتْهُمْ بَنُو أُمَيَّةَ قُلْتُ وَسَيَأْتِي فِي الْأَحْكَام أَن بن عُمَرَ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَبَدَأَ بِاسْمِ مُعَاوِيَةَ وَإِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ كَذَلِكَ وَكَذَا جَاءَ عَنْ زيد بن ثَابت إِلَى مُعَاوِيَة وَعند الْبَزَّارِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ حَنْظَلَةَ الْكَاتِبِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَّهَ عَلِيًّا وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ خَالِدٌ فَبَدَأَ بِنَفْسِهِ وَكَتَبَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ فَبَدَأَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَعِبْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى أَمَّا بعد فِي كتاب الْجُمُعَة (قَوْلُهُ بَابُ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ الْآيَةَ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ إِلَى بِهِ عَلِيمٌ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ بَيْرُحَاءَ وَقَدْ تَقَدَّمَ ضَبْطُهَا فِي الزَّكَاةِ وَشَرْحُ الْحَدِيثَ فِي الْوَقْفِ

    باب {{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ}} سَوَاءٌ: قَصْدٌهذا (باب) بالتنوين وسقط لغير أبي ذر ({{قُل يا أهل الكتاب}}) هم نصارى نجران أو يهود المدينة أو الفريقان لعموم اللفظ ({{تعالوا}}) أي هلموا ({{إلى كلمة}}) من إطلاقها على الجمل المفيدة ثم وصفها بقوله تعالى: ({{سواء بيننا وبينكم}}) أي عدل ونصف نستوي نحن وأنتم فيها ثم فسرها بقوله: ({{أن لا نعبد إلا الله}}) [آل عمران: 64] الآية ({{سواء}}) بالجر على الحكاية ولأبي ذر: سواء بالنصب أي استوت استواء ويجوز الرفع قال أبو عبيدة أي (قصد) بالجر أو قصد بالنصب كما لأبي ذر وبالرفع كما مر في سواء.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:4301 ... ورقمه عند البغا: 4553 ]
    - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، عَنْ هِشَامٍ عَنْ مَعْمَرٍ ح وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، حَدَّثَنِيابْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ قَالَ: انْطَلَقْتُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا بِالشَّاْمِ إِذْ جِيءَ بِكِتَابٍ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى هِرَقْلَ قَالَ: وَكَانَ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ جَاءَ بِهِ فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ قَالَ: فَقَالَ هِرَقْلُ هَلْ هَا هُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَدُعِيتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ فَأُجْلِسْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا. فَأَجْلَسُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي ثُمَّ دَعَا بِتُرْجُمَانِهِ فَقَالَ: قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَايْمُ اللَّهِ لَوْلاَ أَنْ يُؤْثِرُوا عَلَيَّ الْكَذِبَ لَكَذَبْتُ ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ: سَلْهُ كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ؟ قَالَ: قُلْتُ هُوَ فِينَا ذُو حَسَبٍ، قَالَ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ؟ قَالَ: قُلْتُ. لاَ، قَالَ فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: أَيَتَّبِعُهُ أَشْرَافُ النَّاسِ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ قَالَ: قُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ، قَالَ: يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ قَالَ: قُلْتُ لاَ، بَلْ يَزِيدُونَ قَالَ: هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: لاَ، قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ قَالَ: قُلْتُ نَعَمْ، قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟ قَالَ: قُلْتُ تَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالًا يُصِيبُ مِنَّا وَنُصِيبُ مِنْهُ، قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قَالَ: قُلْتُ: لاَ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، لاَ نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَمْكَنَنِي، مِنْ كَلِمَةٍ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ، قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ؟ قُلْتُ: لاَ، ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ حَسَبِهِ فِيكُمْ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو حَسَبٍ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي أَحْسَابِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَلِكٌ فَزَعَمْتَ، أَنْ لاَ، فَقُلْتُ لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتُ: رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ، وَسَأَلْتُكَ عَنْ أَتْبَاعِهِ أَضُعَفَاؤُهُمْ أَمْ أَشْرَافُهُمْ؟ فَقُلْتَ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ؟ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ يَذْهَبَ فَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ إِذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ الْقُلُوبِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ. وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّكُمْ قَاتَلْتُمُوهُ فَتَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجَالًا يَنَالُ مِنْكُمْ وَتَنَالُونَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لاَ يَغْدِرُ وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لاَ تَغْدِرُ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ قَالَ: هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ، قُلْتُ رَجُلٌ ائْتَمَّ بِقَوْلٍ، قِيلَ قَبْلَهُ قَالَ: ثُمَّ قَالَ: بِمَ يَأْمُرُكُمْ؟ قَالَ: قُلْتُ يَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصِّلَةِ، وَالْعَفَافِ. قَالَ: إِنْ يَكُ مَا تَقُولُ فِيهِ حَقًّا فَإِنَّهُ نَبِيٌّ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، وَلَمْ أَكُ أَظُنُّهُ مِنْكُمْ، وَلَوْ أَنِّيأَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ وَلَيَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ، قَالَ: ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ:بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِمِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلاَمِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ وَ {{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ}} -إِلَى قَوْلِهِ- {{اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}} فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ ارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ عِنْدَهُ وَكَثُرَ اللَّغَطُ وَأُمِرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا قَالَ: فَقُلْتُ لأَصْحَابِي حِينَ خَرَجْنَا لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ أَنَّهُ لَيَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ، فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الإِسْلاَمَ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَدَعَا هِرَقْلُ عُظَمَاءَ الرُّومِ فَجَمَعَهُمْ فِي دَارٍ لَهُ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ هَلْ لَكُمْ فِي الْفَلاَحِ وَالرَّشَدِ آخِرَ الأَبَدِ وَأَنْ يَثْبُتَ لَكُمْ مُلْكُكُمْ قَالَ: فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِقَتْ فَقَالَ: عَلَيَّ بِهِمْ فَدَعَا بِهِمْ فَقَالَ: إِنِّي إِنَّمَا اخْتَبَرْتُ شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكُمُ الَّذِي أَحْبَبْتُ فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ.وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (إبراهيم بن موسى) أبو إسحاق الفراء الرازي الصغير (عن هشام) هو ابن يوسف الصنعاني (عن معمر) هو ابن راشد. قال المؤلّف: (وحدّثني) بالإفراد (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا (عبد الرزاق) بن همام قال: (أخبرنا معمر) هو ابن راشد المذكور (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه قال: (أخبرني) بالإفراد (عبيد الله) بضم العين مصغرًا (ابن عبد الله بن عتبة) بن مسعود (قال: حدّثني) بالإفراد (ابن عباس قال: حدّثني) بالإفراد أيضًا (أبو سفيان) صخر بن حرب حال كونه (من فيه إلى فيّ) عبر بفيه موضع أذنه إشارة إلى تمكنه من الإصغاء إليه بحيث يجيبه إذا احتاج إلى الجواب (قال: انطلقت فى المدة التي كانت بيني وبين
    رسول الله)
    ولأبي ذر وبين النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مدة الصلح بالحديبية على وضع الحرب عشر سنين (قال: فبينا) بغير ميم (أنا بالشام إذ جيء بكتاب من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى هرقل) الملقب قيصر عظيم الروم (قال) أبو سفيان: (وكان دحية) بن خليفة (الكلبي جاء به) من عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في آخر سنة ست (فدفعه) دحية (إلى عظيم) أهل (بصرى) الحرث بن أبي شمر الغساني (فدفعه عظيم بصرى إلى هرقل) فيه مجاز لأنه أرسل به إليه صحبة عدي بن حاتم كما عند ابن السكن في الصحابة.(قال) أبو سفيان: (فقال هرقل: هل هاهنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي فقالوا: نعم. قال) أبو سفيان: (فدعيت) بضم الدال مبنيًا للمفعول (في) أي مع (نفر) ما بينالثلاثة إلى العشرة (من قريش فدخلنا على هرقل) الفاء فصيحة أفصحت عن محذوف أي فجاءنا رسول هرقل فطلبنا فتوجهنا معه حتى وصلنا إليه فاستأذن لنا فأذن لنا فدخلنا عليه (فأجلسنا بين يديه) بضم الهمزة وسكون الجيم وكسر اللام وسكون السين (فقال: أيكم أقرب نسبًا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فقال أبو سفيان: فقلت: أنا) أي أقربهم نسبًا واختار هرقل ذلك لأن الأقرب أحرى بالإطلاع على قريبه من غيره (فأجلسوني بين يديه) أي يدي هرقل (وأجلسوا أصحابي) القرشيين (خلفي). وعند الواقدي فقال لترجمانه قل لأصحابه إنما جعلتكم عند كتفيه لتردوا عليه كذبًا إن قاله (ثم دعا بترجمانه) الذي يفسر لغة بلغة (فقال) له: (قل لهم إني سائل) بالتنوين (هذا) أي أبا سفيان (عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي) أشار إليه إشارة القريب لقرب العهد بذكره (فإن كذبني) بتخفيف المعجمة أي نقل إليّ الكذب (فكذبوه) بتشديدها مكسورة يتعدى إلى مفعول واحد والمخفف إلى مفعولين تقول كذبني الحديث وهذا من الغرائب.(قال أبو سفيان: وأيم الله) بالهمزة وبغيره (لولا أن يؤثروا) بضم التحتية وكسر المثلثة بصيغة الجمع (علي الكذب) نصب على المفعولية ولأبي ذر: أن يؤثر بفتح المثلثة مع الإفراد مبنيًّا للمفعول عليّ الكذب رفع مفعول ناب عن الفاعل أي لولا أن يرووا ويحكوا عني الكذب وهو قبيح (لكذبت) أي عليه (ثم قال لترجمانه: سله كيف حسبه فيكم)؟ وفي كتاب الوحي: كيف نسبه فيكم؟ والحسب ما بعده الإنسان من مفاخر آبائه قاله الجوهري، والنسب: الذي يحصل به الإدلاء من جهة الآباء (قال) أبو سفيان: (قلت هو فينا ذو حسب) رفيع، وعند البزار من حديث دحية قال: كيف حسبه فيكم؟ قال: هو في حسب ما لا يفضل عليه أحد. (قال: فهل) ولأبي ذر: هل (كان من) وللمستملي في (آبائه ملك؟) بفتح الميم وكسر اللام (قال) أبو سفيان: (قلت: لا. قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب) على الناس (قبل أن يقول ما قال؟) قال أبو سفيان (قلت: لا. قال: أيتبعه) بتشديد المثناة الفوقية وهمزة الاستفهام (أشراف الناس أم ضعفاؤهم. قال) أبو سفيان: (قلت: بل ضعفاؤهم. قال) هرقل: (يزيدون أو ينقصون) بحذف همزة الاستفهام وجوزه ابن مالك مطلقًا خلافًا لمن خصه بالشعر (قال) أبو سفيان: (قلت: لا) ينقصون (بل يزيدون. قال) هرقل: (هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له؟) بضم السين وفتحها والنصب مفعولًا لأجله أو حالًا وقال العيني: السخطة بالتاء إنما هي بفتح السين فقط أي هل يرتد أحد منهم كراهة لدينه وعدم رضا (قال) أبو سفيان (قلت: لا. قال: فهل قاتلتموه؟ قال) أبو سفيان (قلت: نعم) قاتلناه (قال) هرقل: (فكيف كان قتالكم إياه؟) بفصل ثاني الضميرين (قال) أبو سفيان (قلت: تكون) بالفوقية (الحرب بيننا وبينه سجالًا) بكسر السين وفتح الجيم أي نوبًا أي نوبة له ونوبة لنا كما قال (يصيب منا ونصيب منه) وقد كانت المقاتلة وقعت بينه عليه الصلاة والسلام وبينهم في بدر فأصاب المسلمون منهم وفي أحد فأصاب المشركون من المسلمين وفي الخندق فأصيب من الطائفتين ناس قليل (قال) هرقل: (فهل يغدر؟) بكسر الدال أي ينقض
    العهد (قال) أبو سفيان: (قلت: لا) يغدر (ونحن منه في هذه المدة) مدة صلح الحديبية أو غيبته وانقطاع أخبارهعنا (لا ندري ما هو صانع فيها) لم يجزم بغدره (قال) أبو سفيان: (والله ما أمكنني من كلمة أدخل فيها شيئًا) أنتقصه به (غير هذه) الكلمة (قال) هرقل: (فهل قال هذا القول أحد) من قريش (قبله؟ قال) أبو سفيان (قلت: لا ثم قال) هرقل: (لترجمانه: قل له) أي لأبي سفيان (إني سألتك) أي قل له حاكيًا عن هرقل إني سألتك أو المراد إني سألتك على لسان هرقل لأن الترجمان يعيد كلام هرقل ويعيد لهرقل كلام أبي سفيان (عن) رتبة (حسبه فيكم فزعمت أنه فيكم ذو حسب) رفيع (وكذلك الرسل تبعث في) أرفع (أحساب قومها، وسألتك هل كان في آبائه ملك) بفتح الميم وكسر اللام وإسقاط من الجارة (فزعمت أن لا، فقلت) أي في نفسي وأطلق على حديث النفس قولاً (لو كان من آبائه ملك قلت رجل يطلب ملك آبائه) بالجمع وفي كتاب الوحي ملك أبيه بالإفراد (وسألتك عن أتباعه) بفتح الهمزة وسكون الفوقية (أضعفاؤهم أم أشرافهم؟ فقلت: بل ضعفاؤهم) اتبعوه (وهم أتباع الرسل) عليهم الصلاة والسلام غالبًا بخلاف أهل الإستكبار المصرين على الشقاق بغضًا وحسدًّا كأبي جهل (وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال فزعمت أن لا، فعرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس) قبل أن يظهر رسالته (ثم يذهب فيكذب على الله) بعد إظهارها ويذهب ويكذب نصب عند أبي ذر عطفًا على المنصوب السابق (وسألتك هل يرتد أحد منهم عن دينه) الإسلام (بعد أن يدخل فيه سخطة له) بفتح السين (فزعمت أن لا، وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب) التي يدخل فيها والقلوب بالجر على الإضافة (وسألتك هل يزيدون أم ينقصون فزعمت أنهم يزيدون وكذلك الإيمان) لا يزال في زيادة (حتى يتم) بالأمور المعتبرة فيه من الصلاة وغيرها (وسألتك هل قاتلتموه فزعمت أنكم قاتلتموه فتكون الحرب بينكم وبينه سجالًا ينال منكم وتنالون منه) هو معنى قوله في الأول يصيب منا ونصيب منه (وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة) وهذه الجملة من قوله وسألتك هل قاتلتموه إلى هنا حذفها الراوي في كتاب الوحي (وسألتك هل يغدر) بكسر الدال (فزعمت أنه لا يغدر وكذلك الرسل لا تغدر) لأنها لا تطلب حظ الدنيا الذي لا يبالي طالبه بالغدر. (وسألتك هل قال أحد هذا القول قبله؟ فزعمت أن لا فقلت: لو كان قال هذا القول أحد قبله قلت رجل ائتم) وفي كتاب الوحي لقلت رجل يأتسي (بقول قيل قبله) ذكر الأجوبة على ترتيب الأسئلة. وأجاب عن كل بما يقتضيه الحال مما دل على ثبوت النبوّة مما رآه في كتبهم أو استقرأه من العادة ولم يقع في بدء الوحي مرتبًا وأخر هنا بقية الأسئلة وهو العاشر إلى بعد الأجوبة كما أشار إليه بقوله:(قال) أي أبو سفيان: (ثم قال) أي هرقل: (بم) بغير ألف بعد الميم (يأمركم؟ قال) أبو سفيان: (قلت: يأمرنا بالصلاة والزكاة والصلة) للأرحام (والعفاف) بفتح العين المهملة أي الكف عن المحارم وخوارم المروءة وزاد في الوحي الجواب عن هذه (قال) أي هرقل: (إن يك ما) ولأبي ذر كما (تقول فيه حقًّا فإنه نبي) وفي دلائل النبوة لأبي نعيم بسند ضعيف أن هرقل أخرج لهم سفطًا من ذهب عليه قفل من ذهب فأخرج منه حريرة مطوية فيها صور فعرضها عليهم إلى أن كان آخرها صورة محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال: فقلنا جميعًا هذه صورة محمد فذكر لهم أنها صور الأنبياء وأنهخاتمهم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (وقد كنت أعلم أنه خارج) أي أنه سيبعث في هذا الزمان (ولم أك) بحذف النون ولأبي ذر ولم أكن (أظنه منكم) معشر قريش (ولو أني أعلم أني أخلص) بضم اللام أي أصل (إليه لأحببت لقاءه) وفي بدء الوحي لتجشمت بجيم وشين معجمة أي لتكلفت الوصول إليه (ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه) ما لعله يكون عليهما قاله مبالغة في خدمته (وليبلغن ملكه ما تحت قدميّ) بالتثنية وزاد في بدء الوحي هاتين أي أرض بيت المقدس
    أو أرض ملكه. (قال) أبو سفيان: (ثم دعا) هرقل (بكتاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقرأه) بنفسه أو الترجمان بأمره (فإذا فيه) (بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى هرقل عظيم) طائفة (الروم سلام على من اتبع الهدى) هو كقول موسى وهارون لفرعون والسلام على من اتبع الهدى (أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام) بكسر الدال المهملة أي بالكلمة الداعية إلى الإسلام وهي شهادة التوحيد (أسلم) بكسر اللام (تسلم) بفتحها (وأسلم) بكسرها توكيد (يؤتك الله أجرك مرتين) لكونه مؤمنًا بنبيه ثم آمن بمحمد عليه الصلاة والسلام أو أن إسلامه سبب لإسلام أتباعه والجزم في أسلم على الأمر والثالث تأكيد له والثاني جواب للأوّل ويؤتك بحذف حرف العلة جواب آخر، ويحتمل أن يكون أسلم أوّلًا أي لا تعتقد في المسيح ما يعتقده النصارى وأسلم ثانيًا أي دخل في دين الإسلام ولذا قال: يؤتك الله أجرك مرتين (فإن توليت فإن عليك) مع إثمك (إثم الأريسيين) بهمزة وتشديد التحتية بعد السين أي الزراعين نبه بهم على جميع الرعايا وقيل: الأريسيين ينسبون إلى عبد الله بن أريس رجل كان تعظمه النصارى ابتدع في دينه أشياء مخالفة لدين عيسى عليه السلام و ({{يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله}}) بدل من كلمة بدل كل من كل إلى قوله: ({{اشهدوا بأنا مسلمون}}) والخطاب في اشهدوا للمسلمين أي فإن تولوا عن هذه الدعوة فأشهدوهم أنتم على استمراركم على الإسلام الذي شرعه الله لكم.فإن قلت: إن هذه القصة كانت بعد الحديبية وقبل الفتح كما صرح به في الحديث، وقد ذكر ابن إسحاق وغيره أن صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها نزلت في وفد نجران.وقال الزهري: هم أول من بذل الجزية ولا خلاف أن آية الجزية نزلت بعد الفتح فما الجمع بين كتابة هذه الآية قبل الفتح إلى هرقل في جملة الكتاب، وبين ما ذكره ابن إسحاق والزهري؟أجيب: باحتمال نزول الآية مرة قبل الفتح، وأخرى بعده وبأن قدوم وفد نجران كان قبل الحديبية وما بذلوه كان مصالحة عن المباهلة لا عن الجزية، ووافق نزول الجزية بعد ذلك على وفق ذلك كما جاء وفق الخمس والأربعة الأخماس وفق ما فعله عبد الله بن جحش في تلك السرية قبل بدر، ثم نزلت فريضة القسم على وفق ذلك، وباحتمال أن يكون -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر بكتابتها قبل نزولها ثم نزل القرآن موافقة له كما نزل بموافقة عمر في الحجاب وفي الأسارى وعدم الصلاة على المنافقين قاله ابن كثير.(فلما فرغ) هرقل (من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده وكثر اللغط) من عظماء الروم ولعله بسبب ما فهموه من ميل هرقل إلى التصديق (وأمر بنا فأخرجنا) بضم الهمزة وكسر الراء فيالثاني والميم في الأول (قال) أبو سفيان: (فقلت لأصحابي) القرشيين (حين خرجنا) والله (لقد أمر) بفتح الهمزة مع القصر وكسر الميم أي عظم (أمر ابن أبي كبشة) بسكون الميم أي شأن ابن أبي كبشة بفتح الكاف وسكون الموحدة كنية أبي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الرضاع الحرث بن عبد العزى كما عند ابن ماكولا وقيل غير ذلك مما سبق في بدء الوحي (إنه) بكسر الهمزة على الاستئناف (ليخافه ملك بني الأصفر) وهم الروم قال أبو سفيان (فما زلت موقنًا بأمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه سيظهر حتى أدخل الله عليّ الإسلام) فأظهرت ذلك اليقين.(قال الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (فدعا هرقل) الفاء فصيحة أي فسار هرقل إلى حمص فكتب إلى صاحبه ضغاطر الأسقف برومية فجاء جوابه فدعا (عظماء الروم فجمعهم في دار له) وفي بدء الوحي أنه جمعهم في دسكرة أي قصر حوله بيوت وأغلقه ثم اطلع عليهم من مكان فيه عال خوفًا على نفسه أن ينكروا مقالته فيبادروا إلى قتله ثم خاطبهم (فقال: يا معشر الروم هل لكم) رغبة (في الفلاح والرشد) بفتح الراء والمعجمة ولأبي ذر والرشد بضم الراء وسكون المعجمة (آخر الأبد)
    أي الزمان (وأن يثبت لكم ملككم) لأنه علم من الكتب أن لا أمة بعد هذه الأمة (قال: فحاصوا حيصة حمر الوحش) بحاء وصاد مهملتين أي نفروا نفرتها (إلى الأبواب) التي للبيوت الكائنة في الدار الجامعة ليخرجوا منها (فوجدوها قد غلقت) بضم الغين وكسر اللام مشددة (فقال) هرقل: (عليّ بهم) أي أحضروهم لي (فدعا بهم) فردهم (فقال) لهم (إني إنما اختبرت شدتكم على دينكم) بمقالتي هذه (فقد رأيت منكم الذي أحببت فسجدوا له) حقيقة إذ كانت عادتهم ذلك لملوكهم أو كناية عن تقبيلهم الأرض بين يديه لأن فاعل ذلك يصير غالبًا كهيئة الساجد (ورضوا عنه) أي رجعوا عما كانوا هموا به عند نفرتهم من الخروج عليه.

    (بابٌُ: {{قُلْ يَا أهْل الكِتابِ تَعَالَوْ إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أنْ لَا نَعْبُدَ إِلَّا الله}} (آل عمرَان: 64)أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: {{قل يَا أهل الْكتاب}} الْآيَة. وَهَذَا الْمِقْدَار وَقع من الْآيَة الْمَذْكُورَة فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر هَكَذَا {{قل يَا أهل الْكتاب تَعَالَوْا إِلَى كلمة سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُم}} الْآيَة. قَوْله: (قل) أَي: يَا مُحَمَّد (يَا أهل الْكتاب) قيل: هم أهل الْكِتَابَيْنِ، وَقيل: وَفد نَجْرَان، وَقيل: يهود الْمَدِينَة. قَوْله: (إِلَى كلمة) أَرَادَ بهَا الْجُمْلَة المفيدة ثمَّ وصفهَا بقوله: (سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُم) نستوي نَحن وَأَنْتُم فِيهَا وفسرها بقوله: (أَن لَا نعْبد إِلَّا الله وَلَا نشْرك بِهِ شَيْئا) لَا وثنا وَلَا صنما وَلَا صليبا وَلَا طاغوتا وَلَا نَارا بل نعْبد الله وَحده لَا شريك لَهُ. وَلَا يتَّخذ بَعْضنَا بَعْضًا أَرْبابًُُا من دون الله، فَلَا نقُول عُزَيْر ابْن الله. وَلَا الْمَسِيح ابْن، لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا بشر مثلنَا (فَإِن توَلّوا فَقولُوا أشهدوا بِأَنا مُسلمُونَ) .سَوَاءٌ قَصْداهَكَذَا وَقع بِالنّصب فِي رِوَايَة أبي، وَفِي رِوَايَة غَيره بِالْجَرِّ فيهمَا على الْحِكَايَة، وَالنّصب قِرَاءَة الْحسن الْبَصْرِيّ. وَقيل: وَجه النصب على أَنه مصدر تَقْدِيره: اسْتَوَت اسْتِوَاء. قَوْله: (قصدا) ، تَفْسِير اسْتِوَاء أَي: عدلا. وَكَذَا فسر أَبُو عُبَيْدَة فِي قَوْله: سَوَاء. أَي: عدل، وَكَذَا أخرجه الطَّبَرِيّ وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الرّبيع بن أنس وَأخرج الطَّبَرِيّ أَيْضا عَن قَتَادَة نَحوه.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:4301 ... ورقمه عند البغا:4553 ]
    - ح دَّثني إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى عنْ هِشَامِ عنْ مَعْمَرٍ وحدَّثني عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أخبرنَا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيَّ قَال أخْبَرَنِي عُبَيْدُ الله بنُ عَبْدِ الله بنِ عُتَيْبَةَ قَالَ حدَّثني ابنُ عَبَّاسٍ قَالَ حدَّثني أبُو سُفْيَانَ مِنْ فِيهِ إلَى فِيَّ قَالَ انْطَلَقْتُ فِي المُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَال فَبَيْنَا أنَا بِالشَّامِ إذْ جِيءَ بكتابٍ مِنَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلَى هَرْقَلَ قَالَ وَكَانَ دَحْيَةُ الْكَلْبِيُّ جَاءَ بِهِ إلَى عَظِيمِ بُصْرَى فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بَصْرَى إلَى هَرْقَلَ قَال فَقَال هِرَقْلُ هَلْ هاهُنَا أحدٌ مِنْ قَوْمِ هاذا الرَّجُلِ يَزْعُمُ أنَّهُ نَبِيٌّ فَقَالُوا
    نَعَمْ قَالَ فَدُعِيتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ فَأُجْلِسْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ أيُّكُمْ أقْرَبُ نَسَبا مِنْ هاذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعَمُ أنَّهُ نَبِيٌّ فَقَالَ أبُو سُفْيَانَ فَقُلْتُ أنَا فَأَجْلَسُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَجْلَسُوا أصْحَابِي خَلْفِي ثُمّ دَعَا بِتَرْجُمانِهِ فَقَالَ قُلْ لَهُمْ إنِّي سَائِلٌ هاذا عَنْ هاذا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أنَّهُ نَبِيٌّ فَإنْ كَذَبَنِي فَكَذَّبُوهُ قَالَ أبُو سُفْيَانَ وايْمُ الله لَوْلا أنْ يُؤْثِرُوا عَلَيَّ الْكَذِبَ لَكَذَبْتُ ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ سَلْه كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ قَال قُلْتُ هُوَ فِينا ذُو حَسَبٍ قَالَ فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قَال قُلْتُ لَا قَالَ فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكِذِبِ قَبْلَ أنْ يَقُولَ مَا قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ أيَتَّبِعُهُ أشَرَافُ النَّاسِ أمْ ضُعَفَاؤُهُمْ قَالَ قُلْتُ بلْ ضُعَفَاؤُهُمْ قَالَ يَزِيدُونَ أوْ يَنْقُصُونَ قَال قُلْتُ لَا بَلْ يَزِيدُونَ قَال هَلْ يَرْتَدُّ أحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ قَال قُلْتُ نَعَمْ قَال فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إيَّاهُ قَالَ قُلْتُ تَكُونُ الحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجالاً يُصِيبُ مِنا وَنُصِيبُ مِنْهُ قَالَ فَهَلْ يَغْدِرُ قَالَ قُلْتُ لَا وَنَحْنُ مِنْهُ فِي هاذِهِ المُدَّةِ لَا نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا قَالَ وَالله مَا أمْكَنَنِي مِنْ كَلِمَةٍ أُدْخِلُ فِيها شَيْئا غَيْرَ هاذِهِ قَالَ فَهَلَ قَالَ هاذَا القَوْلَ أحَدٌ قَبْلُهُ قُلْتُ لَا ثُمَّ قَالَ لَتَرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُ إنِّي سَألْتُكَ عَنْ حَسَبِهِ فِيكُمْ فَزَعَمْتَ أنَّهُ فِيكُمْ ذُو حَسَبٍ وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي أحْسَابِ قَوْمِها وَسألْتُكَ هَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَلِكٌ فَزَعَمْتَ أنْ لَا فَقُلْتُ لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ وَسألْتُكَ عنْ أتْبَاعِهِ أضُعَفَاؤهُمْ أمْ أشْرَافُهُمْ فَقُلْت بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ وَهُمْ أتْبَاعُ الرُّسُلِ وَسألْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أنْ يَقُولَ مَا قَالَ فَزَعَمْتَ أنْ لَا فَعَرَفْتُ أنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ يَذْهَبَ فَيَكْذِبَ عَلَى الله وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ فَزَعَمْتَ أنْ لَا وَكَذَلِكَ الإيمانُ إذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ القُلُوبِ وَسألْتُكَ هَلْ يَزِيدُونَ أمْ يَنْقُصُونَ فَزَعَمْتَ أنَّهُمْ يَزِيدُونَ وَكَذَلِكَ الإيمانُ حَتَّى يَتِمَّ وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ فَزَعَمْتَ أنَّكُمْ قَاتَلْتُمُوهُ فَتَكُونُ الحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجالاً يَنَالُ مِنْكُم وَتَنَالُونَ مِنهُ وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمْ العاقِبَةُ وَسألْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فَزَعَمْتَ أنَّهُ لَا يَغْدِرُ وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ وَسألَتُكَ هَلْ قَال أحَدٌ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ فَزَعَمْتَ أنْ لَا فَقُلْتُ لَوْ كَانَ قَال هَذَا الْقَوْل أحَدٌ قَبْلَهُ قُلْتُ رَجُلٌ ائْتَمَّ بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ قَال ثُمَّ قَالَ بِمَ يَأْمُرُكُمْ قَال قُلْتُ يَأْمُرُنَا بِالصَّلاةِ وَالزكاةِ وَالصِّلَةِ وَالعَفَافِ قَالَ إنْ يَك مَا تَقول فِيه حَقا فَإنَّهُ نَبي وَقَدْ كُنْتُ أعْلَمُ أنَّهُ خَارِجٌ وَلَمْ أكُ أظُنَّهُ مِنْكُمْ وَلَوْ أنِّي أعْلَمُ أنِّي أخْلُصُ إلَيْهِ لأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ وَليَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ قَالَ ثُمَّ دَعا بِكتابِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَهُ فَإذَا فِيهِ بِسْمِ الله الرَّحمانِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله إلَى هَرِقَلَ عَظِيمِ الرُّومِ سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى أما بَعْدُ فَإنِّي أدعُوكَ
    بِدِعَايَةِ الإسْلامِ أسْلِمْ تَسْلَمْ وَأسْلِمْ يُؤْتِكَ الله أجْرَكَ مَرَّتَيْنِ فَإنْ تَوَلَيْتَ فَإنَّ عَلَيْكَ إثْمَ الأرِيسيِّينَ وَيَا أهْلَ الكِتَابِ تَعَالوا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءِ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أنْ لَا نَعْبُدَ إلاَّ الله إلَى قَوْلِهِ اشْهَدُوا بأنَّا مُسْلِمُونَ فَلَمَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الكِتَابِ ارْتَفَعَتِ الأصْوَاتُ عِنْدَهُ وَكَثُرَ اللَّفْظُ وَأُمِرَ بِنا فَأُخْرِجْنَا قَال فَقُلْتُ لأصْحَابِي حِينَ خَرَجْنَا لَقَدْ أُمِرَ أمْرُ ابنُ أبِي كَبْشَةَ أنَّهُ لَيخافُهُ مَلِكُ بَنِي الأصْفَرِ فَمَا زِلْتُ مُوقِنا بأمْرِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَيَظْهَرُ حَتَّى أدْخَلَ الله عَلَيَّ الإسْلامَ. قَالَ الزُّهْرِيُّ فَدَعَا هرَقْلُ عُظَمَاءَ الرُّومِ فَجَمَعَهُمْ فِي دَارٍ لهُ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الرُّومِ هَلْ لَكُمْ فِي الفَلاحِ وَالرُّشْدِ آخِرَ الأبَدِ وأنْ يَثبُتَ لَكُمْ مُلْكُكُمْ قَالَ فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إلَى الأبوَابِ فَوَجَدُوها قَدْ غُلِقَتْ فَقَال عَلَيَّ بِهِمْ فَدَعَا بِهِمْ فَقال إنِّي إِنَّمَا اخْتَبَرْتُ شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ فَقَدْ رَأيْتُ مِنْكُمْ الَّذِي أحْبَبْتُ فَسَجَدُوا لهُ وَرَضُوا عَنْهُ.مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأخرجه من طَرِيقين. (الأول) : عَن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى أَبُو إِسْحَاق الْفراء عَن هِشَام بن يُوسُف عَن معمر بن رَاشد عَن الزُّهْرِيّ. الخ (وَالْآخر) : عَن عبد الله بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالمسندي عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ إِلَى آخِره، وَقد مر الحَدِيث فِي أول الْكتاب، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ بأتم مِنْهُ عَن أبي الْيَمَان الحكم بن نَافِع عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن الزُّهْرِيّ إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مطولا ولنذكر بعض شَيْء لطول الْمسَافَة.قَوْله: (من فِيهِ إِلَى فِي) أَي: حَدثنِي حَال كَونه من فَمه إِلَى فمي وَأَرَادَ بِهِ شدَّة تمكنه من الإصغاء إِلَيْهِ. وَغَايَة قربه من تحديثه، وإلاّ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَة أَن يُقَال إِلَى أُذُنِي. قَوْله: (فِي الْمدَّة) أَي: فِي مُدَّة الْمُصَالحَة. قَوْله: (فَدُعِيت) ، على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (فِي نفر) كلمة فِي بِمَعْنى: مَعَ نَحْو ادخُلُوا فِي أُمَم أَي: مَعَهم، وَيجوز أَن يكون التَّقْدِير: فَدُعِيت فِي جملَة نفر، والنفر اسْم جمع يَقع على جمَاعَة من الرِّجَال خَاصَّة مَا بَين الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه. قَوْله: (فَدَخَلْنَا) الْفَاء فِيهِ تسمى فَاء الفصيحة لِأَنَّهَا تفصح عَن مَحْذُوف قبلهَا لِأَن التَّقْدِير: فجاءنا رَسُول هِرقل فطلبنا فتوجهنا مَعَه حَتَّى وصلنا إِلَيْهِ فَاسْتَأْذن لنا فَأذن فَدَخَلْنَا. قَوْله: (فأجلسنا) بِفَتْح اللَّام جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَالْمَفْعُول. قَوْله: (إِنِّي سَائل هَذَا) أَي: أَبَا سُفْيَان. قَوْله: (بترجمانه) هُوَ الَّذِي يترجم لُغَة بلغَة ويفسرها. قيل إِنَّه عَرَبِيّ. وَقيل: مُعرب وَهُوَ الْأَشْهر فعلى الأول النُّون زَائِدَة. قَوْله: (فَإِن كَذبَنِي) بتَخْفِيف الذَّال (فَكَذبُوهُ) بِالتَّشْدِيدِ. وَيُقَال: كذب. بِالتَّخْفِيفِ يتَعَدَّى إِلَى مفعولين مثل: صدق تَقول كَذبَنِي الحَدِيث وصدقني الحَدِيث. قَالَ الله: {{لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا}} (الْفَتْح: 27) وَكذب بِالتَّشْدِيدِ يتَعَدَّى إِلَى مفعول وَاحِد، وَهَذَا من الغرائب قَوْله: (لَوْلَا أَن يؤثروا عَليّ) ، بِصِيغَة الْجمع وَصِيغَة الْمَعْلُوم، ويروي: ويؤثر، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة بِصِيغَة الْإِفْرَاد على بِنَاء الْمَجْهُول. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: لَوْلَا أَن يؤثروا عني. أَي: لَوْلَا أَن يؤثروا عني ويحكوا قَوْله: (كَيفَ حَسبه) ؟ والحسب مَا يعده الْمَرْء من مفاخر آبَائِهِ. فَإِن قلت: ذكر فِي كتاب الْوَحْي، كَيفَ نسبه؟ قلت: الْحسب مُسْتَلْزم للنسب الَّذِي يحصل بِهِ الإدلاء إِلَى جِهَة الْآبَاء قَوْله: (فَهَل كَانَ من آبَائِهِ ملك) وَفِي رِوَايَة غير الْكشميهني (فِي آبَائِهِ ملك) ؟ . قَوْله: (يزِيدُونَ أَو ينقصُونَ) ؟ كَذَا فِيهِ بِإِسْقَاط همزَة الِاسْتِفْهَام. وَأَصله أيزيدون أَو ينقصُونَ، ويروى: (أم ينقصُونَ) . وَقَالَ ابْن مَالك: يجوز حذف همزَة الِاسْتِفْهَام مُطلقًا. وَقَالَ بَعضهم: لَا يجوز إِلَّا فِي الشّعْر. قَوْله: (هَل يرْتَد) ؟ إِلَى آخِره. فَإِن قلت:؟ لَم لمْ يسْتَغْن هِرقل عَن هَذَا السُّؤَال بقول أبي سُفْيَان: بل يزِيدُونَ؟ قلت: لَا مُلَازمَة بَين الارتداد وَالنَّقْص. فقد يرْتَد بَعضهم وَلَا يظْهر فيهم النَّقْص بِاعْتِبَار كَثْرَة من يدْخل وَقلة من يرْتَد، مثلا. قَوْله: (سخطَة لَهُ) ، يُرِيد أَن من دخل فِي الشَّيْء على بَصِيرَة يبعد رُجُوعه عَنهُ بِخِلَاف من لم يكن ذَلِك من صميم قلبه فَإِنَّهُ يتزلزل سرعَة، وعَلى هَذَا يحمل حَال من ارْتَدَّ من قُرَيْش، وَلِهَذَا لم يعرج أَبُو سُفْيَان على ذكرهم وَفِيهِمْ صهره زوج ابْنَته أم حَبِيبَة وَهُوَ عبد الله بن جحش فَإِنَّهُ كَانَ أسلم وَهَاجَر إِلَى الْحَبَشَة وَمَات على
    نصرانيته وَتزَوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم حَبِيبَة بعده، وَكَأَنَّهُ لم يكن دخل فِي الْإِسْلَام على بَصِيرَة. وَكَانَ أَبُو سُفْيَان وَغَيره من قُرَيْش يعْرفُونَ ذَلِك مِنْهُ فَلذَلِك لم يعرج عَلَيْهِ خشيَة أَن يكذبوه قَوْله: (قَالَ: فَهَل قاتلتموه) ؟ إِنَّمَا نسب ابْتِدَاء الْقِتَال إِلَيْهِم وَلم يقل هَل قاتلكم؟ لاطلاعه على أَن النَّبِي لَا يبْدَأ قومه حَتَّى يبدؤا. قَوْله: (يُصِيب منا وَنصِيب مِنْهُ) ، الأول بِالْيَاءِ بِالْإِفْرَادِ وَالثَّانِي بالنُّون عَلامَة الْجمع. قَوْله: (إِنِّي سَأَلتك عَن حَسبه فِيكُم) ذكر الأسئلة والأجوبة المذكورتين على تَرْتِيب مَا وَقعت وَحَاصِل الْجَمِيع ثُبُوت عَلَامَات النُّبُوَّة فِي الْكل فالبعض مَا تلقفه من الْكتب وَالْبَعْض مِمَّا استقرأه بِالْعَادَةِ وَلم تقع فِي كتاب بَدْء الْوَحْي الْأَجْوِبَة بترتيب. وَالظَّاهِر أَنه من الرَّاوِي بِدَلِيل أَنه حذف مِنْهَا وَاحِدَة. وَهِي قَوْله: (هَل قاتلتموه) ؟ وَوَقع فِي رِوَايَة الْجِهَاد مُخَالفَة فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَإِنَّهُ أضَاف قَوْله: بِمَ يَأْمُركُمْ؟ إِلَى بَقِيَّة الأسئلة، فكملت بهَا عشرَة. وَأما هُنَا فَإِنَّهُ أخر قَوْله: بِمَ يَأْمُركُمْ؟ إِلَى مَا بعد إِعَادَة الأسئلة والأجوبة وَمَا رتب عَلَيْهَا. قَوْله: (وَقَالَ لِترْجُمَانِهِ: قل لَهُ) ، أَي: قَالَ هِرقل لِترْجُمَانِهِ: قل لأبي سُفْيَان. قَوْله: (فَإِنَّهُ نَبِي) ، وَوَقع فِي رِوَايَة الْجِهَاد (وَهَذِه صفة نَبِي) وَفِي مُرْسل سعيد بن الْمسيب عِنْد ابْن أبي شيبَة فَقَالَ: (هُوَ نَبِي) . قَوْله: (لأحببت لقاءه) ، وَفِي كتاب الْوَحْي: (لتشجشمت) . أَي: لتكلفت، وَرجح عِيَاض هَذِه لَكِن نَسَبهَا إِلَى مُسلم خَاصَّة وَهِي عِنْد البُخَارِيّ أَيْضا. قَوْله: (ثمَّ دَعَا بِكِتَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فقرأه) ، قيل: ظَاهره أَن هِرقل هُوَ الَّذِي قَرَأَ الْكتاب، وَيحْتَمل أَن يكون الترجمان قَرَأَهُ فنسبت إِلَى هِرقل مجَازًا لكَونه آمرا بهَا. قلت: ظَاهر الْعبارَة يَقْتَضِي أَن يكون فَاعل: دَعَا، هُوَ هِرقل، وَيحْتَمل أَن يكون الْفَاعِل الترجمان لكَون هِرقل آمرا بِطَلَبِهِ وقراءته فَلَا يرتكب فِيهِ الْمجَاز. وَعند ابْن أبي شيبَة فِي مُرْسل سعيد بن الْمسيب: أَن هِرقل لما قَرَأَ الْكتاب قَالَ: هَذَا لم أسمعهُ بعد سُلَيْمَان. عَلَيْهِ السَّلَام، فَكَأَنَّهُ يُرِيد الِابْتِدَاء: بِبسْم الله الرحمان الرَّحِيم، وَهَذَا يدل على أَن هِرقل كَانَ عَالما بأخبار أهل الْكتاب. قَوْله: (من مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ذكر المدايني أَن القارىء لما قَرَأَ بِسم الله الرحمان الرَّحِيم. من مُحَمَّد رَسُول الله، غضب أَخُو هِرقل واجتذب الْكتاب. فَقَالَ هِرقل: مَالك؟ فَقَالَ: بَدَأَ بِنَفسِهِ وَسماك صَاحب الرّوم. قَالَ: إِنَّك لضعيف الرَّأْي، أَتُرِيدُ أَن أرمي بِكِتَاب قبل أَن أعلم مَا فِيهِ؟ لَئِن كَانَ رَسُول الله فَهُوَ حق أَن يبْدَأ بِنَفسِهِ. وَلَقَد صدق أَنا صَاحب الرّوم، وَالله مالكي ومالكهم. قَوْله: (عَظِيم الرّوم) بِالْحرِّ على أَنه بدل من هِرقل، وَيجوز بِالرَّفْع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، وَيجوز بِالنّصب أَيْضا على الِاخْتِصَاص وَمَعْنَاهُ: من تعظمه الرّوم، وتقدمه للرياسة. قَوْله: (ثمَّ الأريسين) ، قد مضى ضَبطه مشروحا وَجزم ابْن التِّين أَن المُرَاد هُنَا بالأريسيين أَتبَاع عبد الله بن أريس كَانَ فِي الزَّمن الأول بعث إِلَيْهِم نَبِي فاتفقواكلهم على مُخَالفَة نَبِيّهم. فَكَأَنَّهُ قَالَ: عَلَيْك إِن خَالَفت إِثْم الَّذين خالفوا نَبِيّهم، وَقيل: الأريسيون الْمُلُوك وَقيل: الْعلمَاء، وَقَالَ ابْن فَارس: الزراعون، وَهِي شامية الْوَاحِد أويس وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مستقصىً فِي أول الْكتاب. قَوْله: (فَلَمَّا فرغ) أَي: قارىء الْكتاب. وَقَالَ بَعضهم: يحْتَمل أَن يكون هِرقل وَنسب إِلَيْهِ ذَلِك مجَازًا لكَونه الْآمِر بِهِ. قلت: الَّذِي يظْهر أَن الضَّمِير فِي: فرغ، يرجع إِلَى هِرقل وَيُؤَيّد. قَوْله: عِنْده بعد قَوْله: فَلَمَّا فرغ من قِرَاءَة الْكتاب ارْتَفَعت الْأَصْوَات عِنْده. أَي: عِنْدهم هِرقل، فَحِينَئِذٍ يكون حَقِيقَة لَا مجَازًا. قَوْله: (لقد أُمِرَ أَمْرُ ابْن أبِي كَبْشَة) بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الْمِيم وَفتح الرَّاء على وزن علم وَمَعْنَاهُ، عظم وقوى أَمر ابْن أبي كَبْشَة، وَهَذَا يكون الْمِيم وَضم الرَّاء لِأَنَّهُ فَاعل أَمر الأول. وَقَالَ الْكرْمَانِي: ابْن أبي كَبْشَة كِتَابَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، شبهوه بِهِ فِي مُخَالفَته دين آبَائِهِ. قلت: هَذَا تَوْجِيه بعيد. وَقد مر فِي بَدْء الْوَحْي بَيَان ذَلِك مَبْسُوطا. قَوْله: (قَالَ الزُّهْرِيّ) أَي: أحد الروَاة الْمَذْكُورين فِي الحَدِيث: هَذِه قِطْعَة من الرِّوَايَة الَّتِي وَقعت فِي يَده الْوَحْي عقيب الْقِصَّة الَّتِي حَكَاهَا ابْن الناطور، وَقد بَين هُنَاكَ أَن هِرقل دعاهم فِي دسكرة لَهُ بحمص وَذَلِكَ بعد أَن رَجَعَ من بَيت الْمُقَدّس، فَعَاد جَوَابه يُوَافقهُ على خُرُوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وعَلى هَذَا فالفاء فِي قَوْله: فَدَعَا فَاء فصيحة، وَالتَّقْدِير: قَالَ الزُّهْرِيّ: فَسَار هِرقل إِلَى حمص فَكتب إِلَى صَاحبه ضغاطر الأسقف برومية فَجَاءَهُ جَوَابه، فَدَعَا الرّوم. قَوْله: (آخر الْأَبَد) أَي: إِلَى آخر الزَّمَان. قَوْله: (فحاصوا) بالمهملتين أَي: نفروا قَوْله: (فَقَالَ: عليّ بهم) أَي: هاتوهم لي، يُقَال: عَليّ يزِيد. أَي: احضروه لي. قَوْله: (اختبرت) أَي: جربت. قَوْله: (الَّذِي أَحْبَبْت) أَي: الشَّيْء الَّذِي أحببته. <

    حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مَعْمَرٍ،‏.‏ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ، مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ قَالَ انْطَلَقْتُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ـ قَالَ ـ فَبَيْنَا أَنَا بِالشَّأْمِ إِذْ جِيءَ بِكِتَابٍ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى هِرَقْلَ قَالَ وَكَانَ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ جَاءَ بِهِ فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى ـ هِرَقْلَ ـ قَالَ فَقَالَ هِرَقْلُ هَلْ هَا هُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَقَالُوا نَعَمْ‏.‏ قَالَ فَدُعِيتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ، فَأُجْلِسْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَقُلْتُ أَنَا‏.‏ فَأَجْلَسُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي، ثُمَّ دَعَا بِتُرْجُمَانِهِ فَقَالَ قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ‏.‏ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَايْمُ اللَّهِ، لَوْلاَ أَنْ يُؤْثِرُوا عَلَىَّ الْكَذِبَ لَكَذَبْتُ‏.‏ ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ سَلْهُ كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ قَالَ قُلْتُ هُوَ فِينَا ذُو حَسَبٍ‏.‏ قَالَ فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قَالَ قُلْتُ لاَ‏.‏ قَالَ فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ قُلْتُ لاَ‏.‏ قَالَ أَيَتَّبِعُهُ أَشْرَافُ النَّاسِ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ قَالَ قُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ‏.‏ قَالَ يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ قَالَ قُلْتُ لاَ بَلْ يَزِيدُونَ‏.‏ قَالَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ، بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، سَخْطَةً لَهُ قَالَ قُلْتُ لاَ‏.‏ قَالَ فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ‏.‏ قَالَ فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ قَالَ قُلْتُ تَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالاً، يُصِيبُ مِنَّا وَنُصِيبُ مِنْهُ‏.‏ قَالَ فَهَلْ يَغْدِرُ قَالَ قُلْتُ لاَ وَنَحْنُ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ لاَ نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا‏.‏ قَالَ وَاللَّهِ مَا أَمْكَنَنِي مِنْ كَلِمَةٍ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ‏.‏ قَالَ فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ قُلْتُ لاَ‏.‏ ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُ إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ حَسَبِهِ فِيكُمْ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو حَسَبٍ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي أَحْسَابِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَلِكٌ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ فَقُلْتُ لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ، وَسَأَلْتُكَ عَنْ أَتْبَاعِهِ أَضُعَفَاؤُهُمْ أَمْ أَشْرَافُهُمْ فَقُلْتَ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ يَذْهَبَ فَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ إِذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ الْقُلُوبِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ فَزَعَمْتَ أَنَّكُمْ قَاتَلْتُمُوهُ فَتَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجَالاً، يَنَالُ مِنْكُمْ وَتَنَالُونَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى، ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لاَ يَغْدِرُ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لاَ تَغْدِرُ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، فَقُلْتُ لَوْ كَانَ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ قُلْتُ رَجُلٌ ائْتَمَّ بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ‏.‏ قَالَ ثُمَّ قَالَ بِمَ يَأْمُرُكُمْ قَالَ قُلْتُ يَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالْعَفَافِ‏.‏ قَالَ إِنْ يَكُ مَا تَقُولُ فِيهِ حَقًّا فَإِنَّهُ نَبِيٌّ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، وَلَمْ أَكُ أَظُنُّهُ مِنْكُمْ، وَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ، وَلَيَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَىَّ‏.‏ قَالَ ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَرَأَهُ، فَإِذَا فِيهِ ‏"‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلاَمِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ، وَ‏{‏يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ‏}‏ إِلَى قَوْلِهِ ‏{‏اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ‏}‏‏"‏‏.‏ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ ارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ عِنْدَهُ، وَكَثُرَ اللَّغَطُ، وَأُمِرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا قَالَ فَقُلْتُ لأَصْحَابِي حِينَ خَرَجْنَا لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، أَنَّهُ لَيَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَىَّ الإِسْلاَمَ‏.‏ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَدَعَا هِرَقْلُ عُظَمَاءَ الرُّومِ فَجَمَعَهُمْ فِي دَارٍ لَهُ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، هَلْ لَكُمْ فِي الْفَلاَحِ وَالرَّشَدِ آخِرَ الأَبَدِ، وَأَنْ يَثْبُتَ لَكُمْ مُلْكُكُمْ قَالَ فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِقَتْ، فَقَالَ عَلَىَّ بِهِمْ‏.‏ فَدَعَا بِهِمْ فَقَالَ إِنِّي إِنَّمَا اخْتَبَرْتُ شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكُمُ الَّذِي أَحْبَبْتُ‏.‏ فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ‏.‏

    Narrated Ibn `Abbas:Abu Sufyan narrated to me personally, saying, "I set out during the Truce that had been concluded between me and Allah's Messenger (ﷺ). While I was in Sham, a letter sent by the Prophet (ﷺ) was brought to Heraclius. Dihya Al-Kalbi had brought and given it to the governor of Busra, and the latter forwarded it to Heraclius. Heraclius said, 'Is there anyone from the people of this man who claims to be a prophet?' The people replied, 'Yes.' So I along with some of Quraishi men were called and we entered upon Heraclius, and we were seated in front of him. Then he said, 'Who amongst you is the nearest relative to the man who claims to be a prophet?' So they made me sit in front of him and made my companions sit behind me. Then he called upon his translator and said (to him). 'Tell them ( i.e. Abu Sufyan's companions) that I am going to ask him (i.e. Abu Sufyan) regarding that man who claims to be a prophet. So, if he tell me a lie, they should contradict him (instantly).' By Allah, had I not been afraid that my companions would consider me a liar, I would have told lies. Heraclius then said to his translator, 'Ask him: What is his (i.e. the Prophet's) family status amongst you? I said, 'He belongs to a noble family amongst us." Heraclius said, 'Was any of his ancestors a king?' I said, 'No.' He said, 'Did you ever accuse him of telling lies before his saying what he has said?' I said, 'No.' He said, 'Do the nobles follow him or the poor people?' I said, 'It is the poor who followed him.' He said, 'Is the number of his follower increasing or decreasing?' I said, 'The are increasing.' He said, 'Does anyone renounce his religion (i.e. Islam) after embracing it, being displeased with it?' I said, 'No.' He said, 'Did you fight with him?' I replied, 'Yes.' He said, 'How was your fighting with him?' I said, 'The fighting between us was undecided and victory was shared by him and us by turns. He inflicts casualties upon us and we inflict casualties upon him.' He said, 'Did he ever betray?' I said, 'No, but now we are away from him in this truce and we do not know what he will do in it" Abu Sufyan added, "By Allah, I was not able to insert in my speech a word (against him) except that. Heraclius said, 'Did anybody else (amongst you) ever claimed the same (i.e. Islam) before him? I said, 'No.' Then Heraclius told his translator to tell me (i.e. Abu Sufyan), 'I asked you about his family status amongst you, and you told me that he comes from a noble family amongst you Verily, all Apostles come from the noblest family among their people. Then I asked you whether any of his ancestors was a king, and you denied that. Thereupon I thought that had one of his fore-fathers been a king, I would have said that he (i.e. Muhammad) was seeking to rule the kingdom of his fore-fathers. Then I asked you regarding his followers, whether they were the noble or the poor among the people, and you said that they were only the poor (who follow him). In fact, such are the followers of the Apostles. Then I asked you whether you have ever accused him of telling lies before saying what he said, and your reply was in the negative. Therefore, I took for granted that a man who did not tell a lie about others, could ever tell a lie about Allah. Then I asked you whether anyone of his followers had renounced his religion (i.e. Islam) after embracing it, being displeased with it, and you denied that. And such is Faith when it mixes with the cheerfulness of the hearts. Then I asked you whether his followers were increasing or decreasing. You claimed that they were increasing. That is the way of true faith till it is complete. Then I asked you whether you had ever fought with him, and you claimed that you had fought with him and the battle between you and him was undecided and the victory was shared by you and him in turns; he inflicted casual ties upon you and you inflicted casualties upon them. Such is the case with the Apostles; they are out to test and the final victory is for them. Then I asked you whether he had ever betrayed; you claimed that he had never betrayed. I need, Apostles never betray. Then I asked you whether anyone had said this statement before him; and you denied that. Thereupon I thought if somebody had said that statement before him, then I would have said that he was but a man copying some sayings said before him." Abu Safyan said, "Heraclius then asked me, 'What does he order you to do?' I said, 'He orders us (to offer) prayers and (to pay) Zakat and to keep good relationship with the Kith and kin and to be chaste.' Then Heraclius said, 'If whatever you have said, is true, he is really a prophet, and I knew that he ( i.e. the Prophet (ﷺ) ) was going to appear, but I never thought that he would be from amongst you. If I were certain that I can reach him, I would like to meet him and if I were with him, I would wash his feet; and his kingdom will expand (surely to what is under my feet.' Then Heraclius asked for the letter of Allah's Messenger (ﷺ) and read it wherein was written: "In the Name of Allah, the Most Beneficent, the Most Merciful. This letter is) from Muhammad, Apostle of Allah, to Heraclius, the sovereign of Byzantine........ Peace be upon him who follows the Right Path. Now then, I call you to embrace Islam. Embrace Islam and you will be saved (from Allah's Punishment); embrace Islam, and Allah will give you a double reward, but if you reject this, you will be responsible for the sins of the tillers (i.e. the people of your kingdom) and (Allah's Statement):--"O the people of the Scripture (Jews and Christians)! Come to a word common to you and us that we worship None but Allah....bear witness that we are Muslims.' (3.64) When he finished reading the letter, voices grew louder near him and there was a great hue and cry, and we were ordered to go out." Abu Sufyan added, "While coming out, I said to my companions, 'The situation of Ibn Abu Kabsha (i.e. Muhammad) has become strong; even the king of Banu Al14 Asfar is afraid of him.' So I continued to believe that Allah's Messenger (ﷺ) would be victorious, till Allah made me embrace Islam." Az-Zuhri said, "Heraclius then invited all the chiefs of the Byzantines and had them assembled in his house and said, 'O group of Byzantines! Do you wish to have a permanent success and guidance and that your kingdom should remain with you?' (Immediately after hearing that), they rushed towards the gate like onagers, but they found them closed. Heraclius then said, 'Bring them back to me.' So he called them and said, 'I just wanted to test the strength of your adherence to your religion. Now I have observed of you that which I like.' Then the people fell in prostration before him and became pleased with him." (See Hadith No. 6,Vol)

    Telah menceritakan kepadaku [Ibrahim bin Musa] dari [Hisyam] dari [Ma'mar]; Demikian juga diriwayatkan dari jalur lainnya, Dan telah menceritakan kepadaku ['Abdullah bin Muhammad]; Telah menceritakan kepada kami ['Abdur Razzaq]; Telah mengabarkan kepada kami [Ma'mar] dari [Az Zuhri] berkata; Telah mengabarkan kepadaku ['Ubaidullah bin 'Abdullah bin 'Utbah] berkata; Telah menceritakan kepadaku [Ibnu 'Abbas] berkata; Telah menceritakan kepadaku [Abu Sufyan] dari lisannya ke lisanku, ia berkata; Aku berangkat pada masa-masa Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam diutus. Dan ketika aku berada di Syam, ada sebuah surat dari Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam kepada Kaisar Ramawi, yang membawa surat itu adalah Dahyah Al Kalbi, lalu ia menyerahkan kepada pembesar Bashrah, kemudian pembesar Bashrah menyerahkannya kepada Kaisra Ramawi. Abu Sufyan berkata; Maka Kaisar berkata; Apakah di sini ada seseorang yang berasal dari kaum orang yang mengaku nabi ini? Mereka menjawab; 'Ya.' Lalu aku dipanggil bersama orang-orang Quraisy. Kami pun masuk menemui Kaisar, kemudian disuruh duduk dihadapannya. Kaisar berkata; Siapakah di antara kalian yang lebih dekat nasabnya dengan orang yang mengaku nabi ini? Abu Sufyan berkata; Aku menjawab; 'Aku.' Lalu mereka mendudukkanku lebih depan lagi. Sedangkan para sahabatku duduk dibelakangku. Kemudian dipanggilah penerjamah. Kaisar berkata; Katakan kepada orang ini, bahwa aku akan menanyakannya tentang orang yang mengaku nabi itu, apabila ia berdusta, maka dustakanlah. Abu Sufyan berkata; Demi Allah, kalaulah berdusta itu menguntungkanku tentu aku akan berdusta. Kaisar bertanya kepada penerjemahnya; Bagaimana kedudukannya diantara kalian? Aku menjawab; ia mempunyai kedudukan diantara kami. Kaisar berkata; Apakah dari nenek moyangnya ada seorang raja? Aku menjawab; 'Tidak ada.' Kaisar bertanya; Apakah kalian menganggapnya sebagai pendusta sebelum ia menyerukan dakwahnya? Aku menjawab; Tidak.' Kaisar bertanya; 'Apakah yang mengikutinya dari kalangan bangsawan atau dari kalangan orang-orang lemah? Aku menjawab; 'Bahkan dari kalangan orang-orang yang lemah.' Kaisar bertanya: 'Apakah jumlahnya semakin banyak atau semakin berkurang? ' AKu menjawab; 'Semakin bertambah. Kaisar berkata; 'Apakah diantara pengikutnya ada yang murtad setelah ia masuk Islam, karena menyesal dan benci kepadanya? Aku menjawab; 'Tidak ada.' Kaisar bertanya; Apakah kalian memeranginya? Aku menjawab; Ya. Kaisar bertanya; 'Bagaimana kalian memeranginya? Aku menjawab; kami memeranginya secara bergantian kadang kami menang, dan kadang kami yang kalah.' Kaisar bertanya; Apakah ia berkhianat? Dan kami tidak tahu apa yang dia lakukan sekarang. Abu Sufyan berkata; Demi Allah, Tidak ada yang dapat aku katakana kecuali itu. Kemudian Kaisar berkata; Apakah ada yang menyerukan sebelumnya seperti apa yang ia serukan. Aku menjawab; Tidak. Lalu Kaisar berkata kepada penerjemahnya; "Katakan padanya, Sesungguhnya aku tanyakan padamu tentang nasab keturunannya, lalu kau sebutkan bahwa ia mempunyai nasab yang terhormat, memang begitulah para rasul, mereka diutus (dari keluarga) yang mempunyai nasab luhur di antara kaumnya. Aku tanyakan padamu apakah ada seseorang dari kalian yang menyerukan kepada hal ini sebelumnya, engkau jawab belum pernah, menurutku, Bila ada orang yang pernah menyeru kepada hal ini sebelumnya, niscaya aku akan berkata; 'Dia Cuma mengikuti perkataan yang pernah diucapkan sebelumnya.' Aku tanyakan apakah kalian pernah menuduhnya berdusta sebelum ia mengatakan ini (mengaku menjadi Nabi), kau jawab belum pernah. Aku tahu tidaklah mungkin ia meninggalkan perkataan dusta kepada manusia kemudian dia berani berbohong kepada Allah 'azza wajalla. Aku tanyakan apakah kakek-kakeknya ada yang pernah menjadi raja, kau jawab tidak ada. Menurutku, Bila ada di antara kakek-kakeknya menjadi raja, pasti aku katakan; 'Dia hanya ingin mengembalikan kekuasaan leluhurnya.' Aku tanyakan kepadamu, apakah pemuka-pemuka masyarakat yang menjadi pengikutnya ataukah orang-orang lemah di antara mereka, kau jawab, orang-orang lemahlah yang mengikutinya. (Aku tahu), memang orang-orang lemahlah pengikut para rasul. Aku tanyakan kepadamu, apakah mereka bertambah atau berkurang, kau jawab bahwa mereka selalu bertambah. Begitulah halnya perkara iman sampai ia sempurna. Aku tanyakan kepadamu, apakah ada seseorang yang murtad karena benci kepada agamanya setelah memeluknya, kau jawab, tidak ada. Begitulah halnya perkara iman ketika telah bercampur pesonanya dengan hati, tidak seorang pun membencinya. Aku tanyakan kepadamu, apakah ia pernah berkhianat, kau jawab, belum pernah. Begitulah para rasul, mereka tidak pernah berkhianat. Aku tanyakan kepadamu, apakah kalian memeranginya dan dia pun memerangi kalian, kau jawab, bahwa itu memang terjadi, dan peperangan kalian dengannya seimbang. Kadang kalian menang dan kadang kalah. Demikian juga para rasul, mereka mendapati berbagai ujian lalu memperoleh hasil yang baik. Lalu Kaisar bertanya; "Dia menyuruh kalian untuk apa?" Abu Sufyan berkata; Aku menjawab; "Dia menyuruh kami agar menyembah Allah semata dan tidak mempersekutukanNya dengan sesuatu pun. Dia juga melarang kami dari menyembah sesembahan nenek moyang kami. Serta menyuruh kami untuk shalat, berkata jujur, menjaga kehormatan, menepati janji dan menunaikan amanah." Kaisar berkata; Ini adalah sifat nabi. Aku tahu bahwa dia akan diutus, tapi aku tidak menyangka bahwa dia dari (bangsa) kalian. Jika apa yang telah kau katakan adalah benar, maka ia akan dapat memiliki tempat kedua kakiku berdiri ini. Demi Allah, jika saja aku dapat memastikan bahwa aku akan bertemu dengannya niscaya aku memilih bertemu dengannya. Jika ada di sisinya, pasti aku cuci kedua kakinya (sebagai bentuk penghormatan)." Abu Sufyan berkata; Kemudian ia meminta Surat Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam dan membacakan. Isi surat itu; BISMILLAHIRRAHMAANIRRAHIIM (dengan nama Allah yang maha Pengasih lagi maha Penyayang). Dari Muhammad hamba Allah dan Rasul-Nya kepada Heraclius penguasa Romawi, semoga keselamatan menyertai siapa saja yang mengikuti petunjuk (kebenaran). Amma Ba'du. Sesungguhnya aku menyerumu untuk memenuhi panggilan Islam, masuk Islamlah niscaya engkau selamat. Dan masuk Islamlah, niscaya Allah akan memberikan pahalaNya padamu dua kali lipat. Tapi jika engkau berpaling (menolak), maka engkau akan menanggung seluruh dosa orang-orang Romawi. Dan "Katakanlah: 'Hai Ahli Kitab, marilah (berpegang) kepada suatu kalimat (ketetapan) yang tidak ada perselisihan antara kami dan kamu, bahwa tidak kita sembah kecuali Allah dan tidak kita persekutukan dia dengan sesuatupun dan tidak (pula) sebagian kita menjadikan sebagian yang lain sebagai Tuhan selain Allah'. jika mereka berpaling Maka Katakanlah kepada mereka: 'Saksikanlah, bahwa kami adalah orang-orang yang berserah diri (kepada Allah) '". Setelah ia selesai dengan bacaannya, terjadilah kegaduhan di antara para pembesar Romawi yang ada di sekitarnya, dan menjadi semakin ribut, sehingga aku tidak tahu apa yang mereka katakan. Lalu keluarlah perintah, dan kami dibawa keluar. Abu Sufyan berkata; Ketika aku dan kawan-kawanku telah keluar dan menyelesaikan urusanku dengan mereka, aku berkata pada mereka; "Urusan Ibnu Abu Kabsyah telah menjadikan ia ditakuti oleh raja-raja Bani Al Ashfar (kulit kuning)." Abu Sufyan berkata; Demi Allah. Aku senantiasa meyakini bahwa Muhammad akan meraih kejayaan, hingga akhirnya Allah memasukkan Islam ke dalam hatiku. Az Zuhri berkata; lalu Kaisar Ramawi menyeru para pembesar Ramawi dan mengumpulkan mereka di rumahnya. Ia berseru; Wahai bangsa Ruum, Apakah kalian mau menang dan jaya selama-lamanya? Dan kerajaan kalian tetap langgeng? Lalu mereka berontak dengan marah dan melempari pintu, hingga pintunya ditutup. Lalu Kaisar berkata; Sesungguhnya aku hanya ingin menguji kalian apakah kalian masih mencintai agama kalian atau tidak, dan sungguh aku telah melihat kalian dalam keadaan yang aku sukai. Lalu merekapun bersujud dan ridla atas ungkapan kaisar

    İbn Abbas şöyle demiştir: Ebu Süfyan bizzat kendisi doğrudan bana şunu anlattı: Nebi ile anlaştığımız barış süresinde [ticari bir yolculuğa] çıktım. Ebu Süfyan şöyle devam etti: Şam'da bulunduğum sırada Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'den [Bizans imparatoru] Herakleios'a gönderilmiş bir mektup geldi. Mektubu Dıhye el-Kelbi getirmişti. Onu Busra'nın en ileri gelenine teslim etti. O da mektupu Herakleios'a ulaştırdı. [Mektubu alan] Herakleios, "Burada Nebi olduğunu iddia eden bu adamın halkından biri var mı?" diye sormuş. Etrafındakiler "Evet" diye cevap vermişler. Bunun üzerine bir grup Kureyşli ile birlikte imparatorla görüşmeye çağırıldım ve Herakleios ile görüşmeye gittim. Bizi önüne oturttu. Sonra, "Hanginiz soy bakımından kendisinin Nebi olduğunu iddia eden bu adama yakın?" diye sordu. "Ben." diye cevap verdim. Bunun üzerine beni önünde kendisine daha yakın bir yere oturttu, arkadaşlarımı ise benim arkama oturttu. Ardından tercümanını çağırdı. Ona, "Onlara, benim bu adama Nebilik iddiasında bulunan kişi hakkında bir takım sorular soracağımı, eğer bana yalan söylerse onun yalanını ortaya çıkarmalarını söyle," dedi. Bunun üzerine "Allah'a yemin ederim ki, arkadaşlarımın yalanını ortaya çıkaracaklarını bilmesem kesinlikle onun hakkında yalan söylerdim," diye düşündüm. Sonra Herakleios tercümanına ona "Haseb bakımından aranızdaki durumu nasıl?" sorusunu sormasını istedi. Ebu Süfyan "O içimizde haseb sahibidir," diye cevap verdi. [Bundan sonra Ebu Süfyan ile Herakleios arasında şu konuşma geçmiştir:] Herakleios - Ataları arasında bir kral var mıydı? Ebu Süyem - Hayır. Herakleios - Size mesajını iletmeye başlamadan önce onu hiç yalanla suçladınız mı? Ebu Süfyan - Hayır. Herakleios - Elit tabaka mı, yoksa güçsüz kimseler mi ona tabi oluyor? Ebu Süfyan - Doğrusu güçsüz insanlar ona tabi oluyor. Herakleios - Ona inananların sayısı artıyor mu, eksiliyor mu? Ebu Süfyan - Eksilmiyor. Aksine artıyor. Herakleios - Onun dinine girdikten sonra beğenmeyip dininden dönen var mı? Ebu Süfyan - Hayır. Herakleios - Onunla hiç savaştınız mı? Ebu Süfyan - Evet. Herakleios - Onunla savaşınız nasıl neticelendi? Ebu Süfyan - Bir o galip geldi, bir biz. O bize zarar verdi, biz de ona zarar verdik. Herakleios - Peki o, aldatıyor mu? Sözleşmesini çiğniyor mu? Ebu Süfyan - Hayır. Ancak şu an onunla barış halindeyiz. Bu zaman içinde ne yapacağını bilmiyoruz. Ebu Süfyan bu cümle hakkında şöyle demiştir: Allah'a yemin edirim ki, bu ifade dışında [nebi'i s.a.v. kötüleyen] başka bir ifade söyleme imkanı bulamadım. Herakleios - Daha önce aranızda onun gibi Nebilik iddiasında bulu- nan oldu mu? Ebu Süfyan - Hayır. Sonra Herakleios tercümanına şu sözlerini bana aktarmasını emretti: - Ben sana onun içinizdeki hasebini sordum. Onan aranızda iyi bir hasebe sahip olduğunu söyledin. Bu, bütün Nebilerin özelliğidir. Onlar gönderildikleri toplumda hasep sahibidirler. Ben sana "Onun ataları arasında kral var mı?" diye sordum. Senbana "Hayır," cevabını verdin. Eğer ataları arasında kralolsaydı, "Bu adam atalarının krallığını yeniden kurmak istiyor," derdim. Sana "Ona tabi olanlar elit tabaka mı, yoksa güçsüz insanlar mı?" diye sordum. Sen, "Doğrusu güçsüz kimseler ona tabi oluyor," cevabını verdin. Nebilerin tabiieri de zaten onlardır. Ben sana "Nebilik iddiasından önce hiç onu yalan söylemekle suçladınız mı?" diye sordum. Sen, "Hayır," cevabını verdin. Buradan anladım ki, o insanlara yalan söylemekten kaçındığına göre Allah'a karşı hiç yalan söylemez. Ben sana "Onun dinine girenlerden herhangi biri memnuniyesizliğinden dolayı dininden döndü mü?" diye sordum. Sen, "Hayır," cevabını verdin. İşte gönül huzuru ile bütünleşen iman da böyledir. Ben sana, "Ona inananların sayısı artıyor mu, yoksa eksiliyor mu?" diye sordum. Sen, "Her geçen gün sayılarının arttığını söyledin." Tamamlanıncaya kadar iman da böyledir. Ben sana, "Hiç onunla savaştınız mı?" diye sordum. Sen, onunla savaştığınızı ve savaşın bir sizin lehinize, bir onun lehine neticelendiğini; bazen onun size zarar verdiğini, bazen de sizin ona zarar verdiğinizi haber verdin. İşte Nebilerin durumu böyledir. Bu şekilde onlar imtihana tabi tutulurlar. Ama neticede onlar üstün gelir. Ben sana, "O aldatıyor mu?" diye sordum. Sen onun aldatmadığını söyledin. Nebiler böyledir. Onlar asla aldatmazlar. Ben sana, "Ondan önce Nebilik iddiasında bulunan oldu mu?" diye sordum. Sen, "Hayır," cevabını verdin. Eğer ondan önce başka biri Nebilik iddiasında bulunmuş olsaydı, onun için 'kendisinden önce dillendiriimiş bir iddianın peşine düşüyor,' derdim. Sonra Herakleios şöyle sordu: O size neyi emrediyor? Ben de şöyle cevap verdim: Bize namaz kılmamızı, zekat vermemizi, akrabalı'bağlarını gözetmemizi ve iffetli olmamızı emrediyor. Bunun üzerine o şöyle dedi: Eğer onun hakkında söylediklerin doğruysa, kuşkusuz o bir Nebidir. Ben bir Nebiin çıkacağını biliyordum. Ama onun sizlerden çıkacağını zannetmiyordum. Ona ulaşacağımı bilsem, onunla buluşmayı isterdim. Eğer onun yanındaolsam ayaklarını yıkardım. Elbette o, şu ayaklarımı bastığım toprakları egemenliği altına alacak. Sonra Herakleios Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in kendisine gönderdiği mektubu istedi ve onu okudu. Mektupta şöyle yazıyordu: Rahman ve Rahim olan Allah'ın adıyla; Allah'ın Nebii Muhammed'den sallallahu aleyhi ve sellem RumIarın büyüğü Herakleios'a; Selam hidayete tabi olanların üzerine olsun! Seni İslam'a davet ediyorum. Müslüman ol, kurtul! İslam'a gir ki, Yüce Allah seni iki defa ödüllendirsin. Şayet müslüman olmaya yanaşmazsan farisilerin - tüm Bizans halkının vebali de senin boynunadır. "(Resulüm!) De ki: Ey Ehl-i Kitap' Sizinle bizim aramızda müşterek olan bir söze gelin: Allah'tan başkasına tapmayalım; O'na hiçbir şeyi eş tutmayalım ve Allah'ı bırakıp da kimimiz kimimizi ilCihlaştırmasın. Eğer onlar yine yüz çevirirlerse, işte o zaman: Şahit olun ki biz müslümanlarız! deyin." Herakleios mektubu okumayı bitirince etrafında sesler yükselmeye başladı. Gürültü gittikçe arttı. Dışarı çıkarılmamız emredildi ve biz dışarı çıkarıldık. Dışarı çıkınca arkadaşlarıma şöyle dedim: İbn Ebi Kebşe'nin konumu güçleniyor. Hatta Asfaroğullarının [sarıoğullarının - Bizans'ın] kralı onlardan korkuyor. Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in konumunun güçleneceğine olan inancım tamdı. Nihayet Rabbim müslüman olmayı bana nasip etti." Zühri şöyle söylemiştir: "Herakleios Bizans'ın ileri gelenlerini davet etti. Kendisine ait bir salonda onlarla toplantı yaptı. Onlara "Ey RumIarın ileri gelenleri! Bu adama iman ederek kurtuluşa erip ahir zamana kadar hakimiyetinizi sürdürmeye ne dersiniz?" diye sordu. Bunun üzerine toplantıya katılanlar yaban eşeklerinin kaçtığı gibi kapılara yöneldiler. Bir de baktılar ki, kapılar kilitlenmiş. Bunun üzerine Herakleios "Onları bana getirinı" diye emir buyurup onların huzuruna getirilmesini istedi. Sonra onlara şöyle hitap etti: Doğrusu ben sizi denedim. Ne derece dininize bağlı olduğunuzu öğrenmek istedim. Kuşkusuz arzu ettiğim tavırları sergilediniz. Bunun üzerine toplantıya katılanlar Herakleios'a saygıdan dolayı secde edip ondan razı oldular." Fethu'l-Bari Açıklaması: "Haseb bakımından aranızdaki durumu nasıl?" Ebu Süfyan bu soruya ....hüve flnazu hasebin (O içimizde haseb sahibidir) şeklinde cevap Jermiştir. Bu cevap biraz problemli görülmüştür. Bunun tam olarak soruya cevap teşkil ettiği düşünülmemiştir. Çünkü soru, nebi'in soyunun veya hasebinin olduğunu zaten içermektedir. Cevap da bunun aynısıdır. Bu şekilde bir düşünceye şöyle cevap verilmiştir:......zu hasebin ifadesinde geçen tenvin, tarzım içindir. Bu durumda Ebu SüfYan şöyle söylemiş demektir: "O içimizde şan lı bir soy veya büyük bir haseb sahibidir." İbn İshak rivayetinde Herakleios'un bu sorusu "Soy bakımından aranızdaki durumu nasıl?" şeklinde geçmektedir. Ebu Süfyan'ın cevabı da şu şekildedir: "En asil soya sahiptir. Onun soyu devenin hörgücünden daha yüksektir." Bu cevabı ile Ebu Süfyan, "O, soy bakımından bizim en şereflimizdir," demek istemiştir. "Onunla hiç savaştınız mı?" Herakleios savaşa başlamayı onlara nispet etmiştir. Sorusunu "Hiç o sizinle savaştı mı?" şeklinde sormamıştır. Bunun birkaç nedeni olabilir. Bunları şu şekilde sıralayabiliriz: 1-Ona olan saygısını korumak için. 2-Nebi'in halkı kendisiyle savaşmadığı sürece onlara savaş açmayacağını bildiği için. 3-Mevcut inançlarını bırakmaya davet edilen insanların genellikle şiddetle karşılık verdiklerini bildiği için. Dihye'den nakledilen hadiste ise Herakleios "O sizinle savaşınca zor durumda kalıyor mu?" şeklin'de sormuş. Ebu Süfyan da "Onu an la bir halk savaştı. Bir keresinde onlar üstün geldi, diğer defasında o üstün geldi," şeklinde cevap vermiş. Bunun üzerine Herakleios şöyle demiş: İşte bu, onun Nebiliğini gösteren bir alamettir. "O bize zarar verdi, biz de ona zarar verdik." Herakleios ile Ebu Süfyan'ın görüşmesinden önce Kureyşliler ile Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem üç kez savaşmışlardı. Bedir, Uhud ve Hendek savaşları yapılmıştı. Bedir'de müslümanlar müşrikleri bozguna uğratmıştı. Uhud'da ise onlar üstün gelmişti. Hendek de ise her iki taraf az da olsa diğer tarafa kayıp verdirmişti. Bu yüzden Ebu Süfyan'ın "O bize zarar verdi, biz de ona zarar verdik," sözü doğrudur. "Ben sana onun içinizdeki hasebini sordum." Hadisteki soru ve cevaplar meydana geldiği şekilde anlatılmıştır. Herakleios her cevap karşısında söylenmesi gerekeni söylemiştir. Sonuç olarak, bu soru-cevabın her biri Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in Nebilik alametlerini taşımaktadır. Herakleios bunların bir kısmını okuduğu kitaplardan öğrenmiş, diğer bir kısmını ise geleneğe bakarak tespit etmiştir. "Ben bir Nebiin çıkacağını biliyordum. Ama onun sizlerden çıkacağını zannetmiyordum." Bu ifadeler, Herakleios'un o dönemde bir Nebi gönderileceğinden haberdar olduğunu, ancak söz konusu Nebiin hangi milletten çıkacağını bilmediğini gösterir. "Ona ulaşacağımı bilsem, onunla buluşmayı isterdim." Hadisin bu kısmı "Bedu'l-vahy Bölümü"nde413 "onunla buluşmak için her türlü zahmete katlanırım" anlamına gelen ......ıe teceşşemtü likaehu ifadesi ile nakledilmiştir. Kadı Iyaz bu lafzı tercih etmiştir. Ancak onun bu tercihi İmam Müslim'in naklettiği rivayete hastır. Ayrıca söz konusu rivayet İmam Buharı tarafından da nakledilmiştir. İmam Nevevı bu ifade hakkında şöyle demiştir: .....le teceşşemtü likaehu "Ona ulaşmak için her türlü sıkıntıya, meşakkate katlanırım, ama ona ulaşamamaktan endişe ediyorum." anlamına gelir. Aslında Herakleios'un bu konuda bir mazereti yoktur. Çünkü Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in özelliklerini öğrenmişti. Ama imparatorluk hırsına yenik düştü. İmparatorluğunun sürmesini arzuladı ve tercihini bu yönde kullandı." Ayrıca İmam Nevevı bu hadis hakkında şunları söylemiştir: Bu kıssadan birçok faydalı bilgiye ulaşılır. Bunları şu şekilde sıralamamız mümkündür: 1-Kafirlerle savaşmadan önce onları mektup yazarak İslam'a davet etmek caizdir. Bu konu ayrıntılı biçimde ele alınmıştır. Kendilerine İslamı davetin ulaştığı kimseleri uyarmak farzdır. Diğer insanları ise uyarmak müstehaptır. 2-Haber-i vahid ile amel etmek gereklidir. Eğer gerekli olmasaydı, mektubun Dıhye el-Kelbı ile gönderilmesinin bir anlamı olmazdı. 3.-Karineler doğru olduğunu gösterdiği takdirde yazılı metnin gereği ile amel etmek gereklidir. "Rahman ve Rahım olan Allah'ın adıyla;" Nevevı bu konuda şöyle demiştir: "Hadisin bu kısmından mektuba besmele ile başlamanın müstehap olduğu sonucu ortaya çıkar. Hatta mektubun gönderildiği kişi kafir olsa bile bu hüküm değişmez." "Allah'ın Nebii Muhammed'den sallalliıhu aleyhi ve sellem" Bu ifade "Bed'u'lvahy" ve "Cihad" Bölümlerinde "Allah'ın Nebii Muhammed İbn Abdillah'tan" şeklinde geçmektedir. Bu cümle, Nebilerin her ne kadar Allah katında insanların en değerlisi olsa da, aynı zamanda O'nun kulu olduklarına da işaret eder. Sanki bu ifade, Hıristiyanların Hz. İsa hakkındaki iddialarının batıl olduğuna bir işarette bulunmaktadır. Medainı'nin anlattığına göre Herakleios "Allah'ın Nebii Muhammed s.a.v.'den Rumların liderine" ifadesini okuyunca, kardeşi buna çok sinirlenmiş ve mektubu çekip almış. Herakleios ona "Neyin var?" demiş. Kardeşi, "Baksana! Önce mektuba kendi ismi ile başlamış. Seni de 'Sahibu'r-rOm" olarak isimlendirmiş. Bunun üzerine Herakleios ona şöyle demiş: "Kuşkusuz sen, düşüncesizin birisin. Ne yazdığını okuyup öğrenmeden bu mektubu atmamı mı istiyorsun? Eğer o bir Nebise, mektuba kendi adıyla başlaması daha uygundur. Ayrıca 'Sahibu'r-ROm' demesi de doğrudur. Benim ve onların sahibi de Allah'tır." "Rumiarın büyüğü" Bu ifade, onların saygı gösterip lider olarak benimsedikIeri kimse anlamına gelir. "Müslüman ol kurtul!" Bu ifade, İslam'a girenlerin afetlerden kurtulacağına dair bir müjdedir. Bu müjde sadece Herakleios'a ait değildir. Aynı şekilde "İslam'a gir ki, Yüce Allah seni iki defa ödüllendirsin," hükmü de sadece onun için değildir. Aksine bu, kendi Nebiine ve Nebi s.a.v.'e iman eden herkes için geçerlidir. "İslam'a gir ki, Yüce Allah seni iki defa ödüllendirsin." Bu ifadede geçen ...eslim (Müslüman ol!İslam'a gir) ifadesi "Bed'u'l-vahy Bölümü"nde geçen iki ihtimalden birini tekit etmek için kullanılmıştır. Allah Resulü s.a.v. bu ifadeyi tekit için tekrarlamıştır. Ancak mektupta ş:ıeçen ilk i!eslim emri, "Mesih hakkında Hıristiyanlar gibi inanma!"; ikinci i!eslim emri ise, Islam dinine gir anlamına gelir. Bundan dolayı Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem bu ifadeden sonra "Allah seni ki defa ödüllendirsin," demiştir. Önemli Açıklama : Allah Resulü Sallallahu Aleyhi ve Sellem Herakleios'a gönderdiği İslam'a davet mektubunda açıkça, kelime-i şehadetin ikinci rüknü olan kendi Nebiliğini kabule çağırmamıştır. Ama bu, "Hidayete tabi olanlara selam olsun!", "Seni İslam'a davet ediyorum", "Müslüman all" cümleleinde mevcuttur. Çünkü bu sözlerin tamamı kelime-i şehadetin iki rüknünü de içermektedir. "Arısılerinitüm Bizans halkının" Bu ifadenin açıklaması "Bed'u'l-vahy Bülümü"nde yapılmıştı. İbn Sıde (vefatı. 458) "el-Muhkem" adlı eserinde şöyle demiştir: Arıs, Sa'leb kabilesinin lehçesine göre çiftçi, Küra' lehçesine göre ise emin anlamına gelir. Bu kelime zıt anlama gelen kelimelere benzer. Yani başkasına uyan ve kendisine uyulan kimse için kullanılır. Bu kelimenin hadisteki kullanımı her iki manaya da uygundur. Eğer burada başkasına uyan manası kastedilmiş ise, hadisin anlamı şu şekilde olur: "İslam'ı girmeyi reddetme konusunda sana uyanların - halkının da vebali senin boynunadır." Yok eğer kendisine uyulan manası kastedilmiş ise, hadisin anlamı şu şekilde olur: "[İslam'ı girmeyi reddetme konusunda] kendisine uyulan insanların da vebali senin boynunadır. Kendilerine bağlı olanları haktan saptırdıkları ölçüde onların günahı sana yazılır." "Kendisine ait bir salonda onlarla toplantı yaptı." "Bed'u'l-vahy Bölümü"nde anlatıldığı üzere Herakleios ileri gelenleri bir yerde toplamış, kendisi de yüksek bir yere kurulmuştu. Oturduğu yerden onların ne yaptıklarını görebiliyordu. Canındanendişe etiği için böyle yapmıştı. Çünkü onların sözlerinden hoşlanmayıp aniden kendisini öldürmelerinden korkuyordu. "Ahir zamana kadar hakimiyetinizi sürdürmeye ne dersiniz?" Herakleios kitaplardan şunları öğrendiği için bu cümleyi kurmuştur: 1-Muhammed ümmetinden sonra başka bir ümmet meydana gelmeyecektir. 2-Muhammed ümmetinin dininden başka bir din gönderilmeyecektir. 3-Muhammed'in dinine iman edenler kurtuluşa erecektir. "Herakleios'a saygıdan dolayı secde edip ondan razı oldular." Bu ifade, RumIarın krallarına eğilerek saygı gösterme geleneğine sahip olduklarına işaret eder. Yine ihtimal dahilindedir ki, onların gerçekten yeri öptüğüne dair bir işaret de olabilir. Bu şekilde krallarını selamlayanlar çoğunlukla secdeye kapanan insanlar gibi eğilirler. Toplantıya katılanlar Herakleios'un yanından kaçmaya yeltendikten sonra, kendilerini rahatsız eden durumun ortadan kalktığını fark edip tekrar krallarına dönmüşlerdir. Böylece ondan razı olmuşlardır. NOT : Mektuba, kime gönderildiğini yazmadan önce besmele ile başlanılır. Ahmed İbn Hanbel ve Ebu Davud'un rivayetine göre Ala İbn el-Hadramı Nebi s.a.v.'e bir mektup yazmıştır. O esnada Ala, Allah Resulü Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in Bahreyn valisi idi. Mektuba, "Ala'dan Allah'ın Elçisine Sallallahu Aleyhi ve Sellem" şeklinde başlamıştı. Meymun şöyle demiştir: Acemler krallarına mektup yazarken önce krallarının ismini zikretmeyi adet haline getirmişlerdir. Bu konuda Ümeyye Oğulları da onlara tabi olmuştur. ''Ahkam'' konusunda, İbn Ömer'in Muaviye'Ye mektup yazdığı ve mektuba Muaviye'nin adıyla başladığı anlatılacaktır. Yine aynı şekilde onun Abudlmelik'e bu tarz bir mektup yazdığından bahsedilecektir. Zeyd İbn Sabit'in de Muaviye'ye bu şekilde mektup yazdığı rivayet edilmiştir

    ہم سے ابراہیم بن موسیٰ نے بیان کیا، کہا ہم سے ہشام نے، ان سے معمر نے (دوسری سند) امام بخاری رحمہ اللہ نے کہا کہ اور مجھ سے عبداللہ بن محمد مسندی نے بیان کیا، کہا ہم کو عبدالرزاق نے خبر دی، کہا ہم کو معمر نے خبر دی، ان سے امام زہری نے بیان کیا، انہیں عبیداللہ بن عبداللہ بن عتبہ نے خبر دی، کہا کہ مجھ سے ابن عباس رضی اللہ عنہما نے بیان کیا، کہا کہ مجھ سے ابوسفیان رضی اللہ عنہ نے منہ در منہ بیان کیا، انہوں نے بتلایا کہ جس مدت میں میرے اور رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کے درمیان صلح ( صلح حدیبیہ کے معاہدہ کے مطابق ) تھی، میں ( سفر تجارت پر شام میں ) گیا ہوا تھا کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کا خط ہرقل کے پاس پہنچا۔ انہوں نے بیان کیا کہ دحیہ الکلبی رضی اللہ عنہ وہ خط لائے تھے اور عظیم بصریٰ کے حوالے کر دیا تھا اور ہرقل کے پاس اسی سے پہنچا تھا۔ ابوسفیان رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہ ہرقل نے پوچھا کیا ہمارے حدود سلطنت میں اس شخص کی قوم کے بھی کچھ لوگ ہیں جو نبی ہونے کا دعویدار ہے؟ درباریوں نے بتایا کہ جی ہاں موجود ہیں۔ ابوسفیان رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہ پھر مجھے قریش کے چند دوسرے آدمیوں کے ساتھ بلایا گیا۔ ہم ہرقل کے دربار میں داخل ہوئے اور اس کے سامنے ہمیں بٹھا دیا گیا۔ اس نے پوچھا، تم لوگوں میں اس شخص سے زیادہ قریبی کون ہے جو نبی ہونے کا دعویٰ کرتا ہے؟ ابوسفیان رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہ میں نے کہا کہ میں زیادہ قریب ہوں۔ اب درباریوں نے مجھے بادشاہ کے بالکل قریب بٹھا دیا اور میرے دوسرے ساتھیوں کو میرے پیچھے بٹھا دیا۔ اس کے بعد ترجمان کو بلایا اور اس سے ہرقل نے کہا کہ انہیں بتاؤ کہ میں اس شخص کے بارے میں تم سے کچھ سوالات کروں گا، جو نبی ہونے کا دعویدار ہے، اگر یہ ( یعنی ابوسفیان رضی اللہ عنہ ) جھوٹ بولے تو تم اس کے جھوٹ کو ظاہر کر دینا۔ ابوسفیان رضی اللہ عنہ کا بیان تھا کہ اللہ کی قسم! اگر مجھے اس کا خوف نہ ہوتا کہ میرے ساتھی کہیں میرے متعلق جھوٹ بولنا نقل نہ کر دیں تو میں ( نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کے بارے میں ) ضرور جھوٹ بولتا۔ پھر ہرقل نے اپنے ترجمان سے کہا کہ اس سے پوچھو کہ جس نے نبی ہونے کا دعویٰ کیا ہے وہ اپنے نسب میں کیسے ہیں؟ ابوسفیان رضی اللہ عنہ نے بتلایا کہ ان کا نسب ہم میں بہت ہی عزت والا ہے۔ اس نے پوچھا کیا ان کے باپ دادا میں کوئی بادشاہ بھی ہوا ہے؟ بیان کیا کہ میں نے کہا، نہیں۔ اس نے پوچھا، تم نے دعویٰ نبوت سے پہلے کبھی ان پر جھوٹ کی تہمت لگائی تھی؟ میں نے کہا نہیں۔ پوچھا ان کی پیروی معزز لوگ زیادہ کرتے ہیں یا کمزور؟ میں نے کہا کہ قوم کے کمزور لوگ زیادہ ہیں۔ اس نے پوچھا، ان کے ماننے والوں میں زیادتی ہوتی رہتی ہے یا کمی؟ میں نے کہا کہ نہیں بلکہ زیادتی ہوتی رہتی ہے۔ پوچھا کبھی ایسا بھی کوئی واقعہ پیش آیا ہے کہ کوئی شخص ان کے دین کو قبول کرنے کے بعد پھر ان سے بدگمان ہو کر ان سے پھر گیا ہو؟ میں نے کہا ایسا بھی کبھی نہیں ہوا۔ اس نے پوچھا، تم نے کبھی ان سے جنگ بھی کی ہے؟ میں نے کہا کہ ہاں۔ اس نے پوچھا، تمہاری ان کے ساتھ جنگ کا کیا نتیجہ رہا؟ میں نے کہا کہ ہماری جنگ کی مثال ایک ڈول کی ہے کہ کبھی ان کے ہاتھ میں اور کبھی ہمارے ہاتھ میں۔ اس نے پوچھا، کبھی انہوں نے تمہارے ساتھ کوئی دھوکا بھی کیا؟ میں نے کہا کہ اب تک تو نہیں کیا، لیکن آج کل بھی ہمارا ان سے ایک معاہدہ چل رہا ہے، نہیں کہا جا سکتا کہ اس میں ان کا طرز عمل کیا رہے گا۔ ابوسفیان رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہ اللہ کی قسم! اس جملہ کے سوا اور کوئی بات میں اس پوری گفتگو میں اپنی طرف سے نہیں ملا سکا، پھر اس نے پوچھا اس سے پہلے بھی یہ دعویٰ تمہارے یہاں کسی نے کیا تھا؟ میں نے کہا کہ نہیں۔ اس کے بعد ہرقل نے اپنے ترجمان سے کہا، اس سے کہو کہ میں نے تم سے نبی کے نسب کے بارے میں پوچھا تو تم نے بتایا کہ وہ تم لوگوں میں باعزت اور اونچے نسب کے سمجھے جاتے ہیں، انبیاء کا بھی یہی حال ہے۔ ان کی بعثت ہمیشہ قوم کے صاحب حسب و نسب خاندان میں ہوتی ہے اور میں نے تم سے پوچھا تھا کہ کیا کوئی ان کے باپ دادوں میں بادشاہ گزرا ہے، تو تم نے اس کا انکار کیا میں اس سے اس فیصلہ پر پہنچا کہ اگر ان کے باپ دادوں میں کوئی بادشاہ گزرا ہوتا تو ممکن تھا کہ وہ اپنی خاندانی سلطنت کو اس طرح واپس لینا چاہتے ہوں اور میں نے تم سے ان کی اتباع کرنے والوں کے متعلق پوچھا کہ آیا وہ قوم کے کمزور لوگ ہیں یا اشراف، تو تم نے بتایا کہ کمزور لوگ ان کی پیروی کرنے والوں میں ( زیادہ ) ہیں۔ یہی طبقہ ہمیشہ سے انبیاء کی اتباع کرتا رہا ہے اور میں نے تم سے پوچھا تھا کہ کیا تم نے دعویٰ نبوت سے پہلے ان پر جھوٹ کا کبھی شبہ کیا تھا، تو تم نے اس کا بھی انکار کیا۔ میں نے اس سے یہ سمجھا کہ جس شخص نے لوگوں کے معاملہ میں کبھی جھوٹ نہ بولا ہو، وہ اللہ کے معاملے میں کس طرح جھوٹ بول دے گا اور میں نے تم سے پوچھا تھا کہ ان کے دین کو قبول کرنے کے بعد پھر ان سے بدگمان ہو کر کوئی شخص ان کے دین سے کبھی پھرا بھی ہے، تو تم نے اس کا بھی انکار کیا۔ ایمان کا یہی اثر ہوتا ہے جب وہ دل کی گہرائیوں میں اتر جائے۔ میں نے تم سے پوچھا تھا کہ ان کے ماننے والوں کی تعداد بڑھتی رہتی ہے یا کم ہوتی ہے، تو تم نے بتایا کہ ان میں اضافہ ہی ہوتا ہے، ایمان کا یہی معاملہ ہے، یہاں تک کہ وہ کمال کو پہنچ جائے۔ میں نے تم سے پوچھا تھا کہ کیا تم نے کبھی ان سے جنگ بھی کی ہے؟ تو تم نے بتایا کہ جنگ کی ہے اور تمہارے درمیان لڑائی کا نتیجہ ایسا رہا ہے کہ کبھی تمہارے حق میں اور کبھی ان کے حق میں۔ انبیاء کا بھی یہی معاملہ ہے، انہیں آزمائش میں ڈالا جاتا ہے اور آخر انجام انہیں کے حق میں ہوتا ہے اور میں نے تم سے پوچھا تھا کہ اس نے تمہارے ساتھ کبھی خلاف عہد بھی معاملہ کیا ہے تو تم نے اس سے بھی انکار کیا۔ انبیاء کبھی عہد کے خلاف نہیں کرتے اور میں نے تم سے پوچھا تھا کہ کیا تمہارے یہاں اس طرح کا دعویٰ پہلے بھی کسی نے کیا تھا تو تم نے کہا کہ پہلے کسی نے اس طرح کا دعویٰ نہیں کیا، میں اس سے اس فیصلے پر پہنچا کہ اگر کسی نے تمہارے یہاں اس سے پہلے اس طرح کا دعویٰ کیا ہوتا تو یہ کہا جا سکتا تھا کہ یہ بھی اسی کی نقل کر رہے ہیں۔ بیان کیا کہ پھر ہرقل نے پوچھا وہ تمہیں کن چیزوں کا حکم دیتے ہیں؟ میں نے کہا نماز، زکوٰۃ، صلہ رحمی اور پاکدامنی کا۔ آخر اس نے کہا کہ جو کچھ تم نے بتایا ہے اگر وہ صحیح ہے تو یقیناً وہ نبی ہیں اس کا علم تو مجھے بھی تھا کہ ان کی نبوت کا زمانہ قریب ہے لیکن یہ خیال نہ تھا کہ وہ تمہاری قوم میں ہوں گے۔ اگر مجھے ان تک پہنچ سکنے کا یقین ہوتا تو میں ضرور ان سے ملاقات کرتا اور اگر میں ان کی خدمت میں ہوتا تو ان کے قدموں کو دھوتا اور ان کی حکومت میرے ان دو قدموں تک پہنچ کر رہے گی۔ ابوسفیان رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہ پھر اس نے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کا خط منگوایا اور اسے پڑھا، اس میں یہ لکھا ہوا تھا، اللہ، رحمن، رحیم کے نام سے شروع کرتا ہوں۔ اللہ کے رسول صلی اللہ علیہ وسلم کی طرف سے عظیم روم ہرقل کی طرف، سلامتی ہو اس پر جو ہدایت کی اتباع کرے۔ امابعد! میں تمہیں اسلام کی طرف بلاتا ہوں، اسلام لاؤ تو سلامتی پاؤ گے اور اسلام لاؤ تو اللہ تمہیں دوہرا اجر دے گا۔ لیکن تم نے اگر منہ موڑا تو تمہاری رعایا ( کے کفر کا بار بھی سب ) تم پر ہو گا اور اے کتاب والو! ایک ایسی بات کی طرف آ جاؤ جو ہم میں اور تم میں برابر ہے، وہ یہ کہ ہم سوائے اللہ کے اور کسی کی عبادت نہ کریں۔ اللہ تعالیٰ کے فرمان «اشهدوا بأنا مسلمون‏» تک جب ہرقل خط پڑھ چکا تو دربار میں بڑا شور برپا ہو گیا اور پھر ہمیں دربار سے باہر کر دیا گیا۔ باہر آ کر میں نے اپنے ساتھیوں سے کہا کہ ابن ابی کبشہ کا معاملہ تو اب اس حد تک پہنچ چکا ہے کہ ملک بنی الاصفر ( ہرقل ) بھی ان سے ڈرنے لگا۔ اس واقعہ کے بعد مجھے یقین ہو گیا کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم غالب آ کر رہیں گے اور آخر اللہ تعالیٰ نے اسلام کی روشنی میرے دل میں بھی ڈال ہی دی۔ زہری نے کہا کہ پھر ہرقل نے روم کے سرداروں کو بلا کر ایک خاص کمرے میں جمع کیا، پھر ان سے کہا اے رومیو! کیا تم ہمیشہ کے لیے اپنی فلاح اور بھلائی چاہتے ہو اور یہ کہ تمہارا ملک تمہارے ہی ہاتھ میں رہے ( اگر تم ایسا چاہتے ہو تو اسلام قبول کر لو ) راوی نے بیان کیا کہ یہ سنتے ہی وہ سب وحشی جانوروں کی طرح دروازے کی طرف بھاگے، دیکھا تو دروازہ بند تھا، پھر ہرقل نے سب کو اپنے پاس بلایا کہ انہیں میرے پاس لاؤ اور ان سے کہا کہ میں نے تو تمہیں آزمایا تھا کہ تم اپنے دین میں کتنے پختہ ہو، اب میں نے اس چیز کا مشاہدہ کر لیا جو مجھے پسند تھی۔ چنانچہ سب درباریوں نے اسے سجدہ کیا اور اس سے راضی ہو گئے۔

    ইবনু ‘আব্বাস (রাঃ) হতে বর্ণিত। তিনি বলেন, আবূ সুফ্ইয়ান (রাঃ) আমাকে সামনাসামনি হাদীস শুনিয়েছেন। আবূ সুফ্ইয়ান বলেন, আমাদের আর রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু ‘আলাইহি ওয়াসাল্লাম-এর মধ্যে সম্পাদিত চুক্তির মেয়াদকালে আমি ভ্রমণে বের হয়েছিলাম। আমি তখন সিরিয়ায় অবস্থান করছিলাম। তখন নবী সাল্লাল্লাহু ‘আলাইহি ওয়াসাল্লাম-এর পক্ষ থেকে হিরাক্লিয়াসের নিকট একখানা পত্র পৌঁছান হল। দাহ্ইয়াতুল কালবী এ চিঠিটা বসরার শাসককে দিয়েছিলেন। এরপর তিনি হিরাক্লিয়াসের নিকট পৌঁছিয়ে দিলেন। পত্র পেয়ে হিরাক্লিয়াস বললেন, নবীর দাবীদার ব্যক্তির গোত্রের কেউ এখানে আছে কি? তারা বলল, হ্যাঁ আছে। কয়েকজন কুরাইশীসহ আমাকে ডাকা হলে আমরা হিরাক্লিয়াসের নিকট গেলাম এবং আমাদেরকে তাঁর সম্মুখে বসানো হল। এরপর তিনি বললেন, নবীর দাবীদার ব্যক্তির তোমাদের মধ্যে নিকটতম আত্মীয় কে? আবূ সুফ্ইয়ান বলেন, উত্তরে বললাম, আমিই। তারা আমাকে তার সম্মুখে এবং আমার সাথীদেরকে আমার পেছনে বসালেন। তারপর দোভাষীকে ডাকলেন এবং বললেন, এদেরকে জানিয়ে দাও যে, আমি নবীর দাবীদার ব্যক্তিটি সম্পর্কে (আবূ সুফ্ইয়ানকে) কিছু জিজ্ঞেস করলে সে যদি আমার নিকট মিথ্যা বলে তোমরা তার মিথ্যা বলা সম্পর্কে ধরবে। আবূ সুফ্ইয়ান বলেন, যদি তাদের পক্ষ থেকে আমাকে মিথ্যুক প্রমাণের আশঙ্কা না থাকত তাহলে আমি অবশ্যই মিথ্যা বলতাম। এরপর দোভাষীকে বললেন, একে জিজ্ঞেস কর যে, তোমাদের মধ্যে এ ব্যক্তির বংশ মর্যাদা কেমন? আবূ সুফ্ইয়ান বললেন, তিনি আমাদের মধ্যে অভিজাত বংশের অধিকারী। তিনি জিজ্ঞেস করলেন যে, তাঁর পূর্বপুরুষদের কেউ কি রাজা-বাদশাহ ছিলেন? আমি বললাম, না। তিনি জিজ্ঞেস করলেন, তাঁর বর্তমানের কথাবার্তার পূর্বে তোমরা তাঁকে কখনো মিথ্যাচারের অপবাদ দিয়েছ কি? আমি বললাম, না। তিনি বললেন, সম্ভ্রান্ত ব্যক্তিরা তাঁর অনুসরণ করছে, না দুর্বলগণ? আমি বললাম, বরং দুর্বলগণ। তিনি বললেন, তাদের সংখ্যা বাড়ছে না কমছে। আমি বললাম, বরং বৃদ্ধি পাচ্ছে। তিনি বললেন, তাঁর ধর্মে প্রবিষ্ট হওয়ার পর তাঁর প্রতি বিতৃষ্ণাবশতঃ কেউ কি ধর্ম ত্যাগ করে? আমি বললাম, না। তিনি বললেন, তোমরা তাঁর বিরুদ্ধে কোন যুদ্ধ করেছ কি? বললাম, জ্বী হ্যাঁ। তিনি বললেন, তাঁর বিরুদ্ধে যুদ্ধের ফলাফল কী হয়েছে? আমি বললাম, আমাদের ও তাদের মধ্যে যুদ্ধের ফলাফল হলঃ একবার তিনি জয়ী হন, আর একবার আমরা জয়ী হই। তিনি বললেন, তিনি প্রতিশ্রতি ভঙ্গ করেননি? বললাম, না। তবে বর্তমানে আমরা একটি সন্ধির মেয়াদে আছি। দেখি এতে তিনি কী করেন। আবূ সুফ্ইয়ান বলেন, আল্লাহর শপথ! এটি ব্যতীত অন্য কোন কথা ঢুকিয়ে দেয়া আমার পক্ষে সম্ভব হয়নি। বললেন, তাঁর পূর্বে এমন কথা কেউ বলেছে কি? বললাম, না। তারপর তিনি তাঁর দোভাষীকে বললেন যে, একে জানিয়ে দাও যে, আমি তোমাকে তোমাদের মধ্যে সে ব্যক্তির বংশমর্যাদা সম্পর্কে জিজ্ঞেস করেছিলাম। তারপর তুমি বলেছ যে, সে আমাদের মধ্যে সম্ভ্রান্ত। তদ্রূপ রাসূলগণ শ্রেষ্ঠ বংশেই জন্মলাভ করে থাকেন। আমি জিজ্ঞেস করেছিলাম যে, তাঁর পূর্বপুরুষের কেউ রাজা-বাদশাহ ছিলেন কিনা? তুমি বলেছ ‘না’। তাই আমি বলছি যে, যদি তাঁর পূর্বপুরুষদের কেউ রাজা-বাদশাহ থাকতেন তাহলে বলতাম, তিনি তাঁর পূর্বপুরুষদের রাজত্ব ফিরে পেতে চাচ্ছেন। আমি তোমাকে জিজ্ঞেস করেছিলাম যে, দুর্বলগণ তাঁর অনুসারী, না সম্ভ্রান্তগণ? তুমি বলেছ, দুর্বলগণই। আমি বলেছি যে, যুগে যুগে দুর্বলগণই রাসূলদের অনুসারী হয়ে থাকে। আমি জিজ্ঞেস করেছিলাম যে, এ দাবীর পূর্বে তোমরা কখনও তাঁকে মিথ্যাবাদিতার অপবাদ দিয়েছিলে কি? তুমি উত্তরে বলেছ যে, না। তাতে আমি বুঝেছি যে, যে ব্যক্তি প্রথমে মানুষদের সঙ্গে মিথ্যাচার ত্যাগ করেন, তারপর আল্লাহর সঙ্গে মিথ্যাচারিতা করবেন, তা হতে পারে না। আমি তোমাদের জিজ্ঞেস করেছিলাম যে, তাঁর ধর্মে দীক্ষিত হওয়ার পর তাঁর প্রতি বিরক্ত হয়ে কেউ ধর্ম ত্যাগ করে কিনা? তুমি বলেছ, ক্রমশ বৃদ্ধি পাচ্ছে। আমি বলছি, ঈমান এভাবেই পূর্ণতা লাভ করে। আমি জিজ্ঞেস করেছিলাম যে, তোমরা তাঁর বিরুদ্ধে যুদ্ধ করেছ কি? তুমি বলেছ যে, যুদ্ধ করেছ এবং তাঁর ফলাফল হচ্ছে পানি তোলার বালতির মত। কখনো তোমাদের বিরুদ্ধে তারা জয়লাভ করে আবার কখনো তাদের বিরুদ্ধে তোমরা জয়লাভ কর। এমনিভাবেই রাসূলদের পরীক্ষা করা হয়, তারপর চূড়ান্ত বিজয় তাদেরই হয়ে থাকে। আমি জিজ্ঞেস করেছিলাম, তিনি প্রতিজ্ঞা ভঙ্গ করেন কিনা? তুমি বলেছ, না। তদ্রূপ রাসূলগণ প্রতিজ্ঞা ভঙ্গ করেন না। আমি জিজ্ঞেস করেছিলাম, তাঁর পূর্বে কেউ এ দাবী উত্থাপন করেছিল কিনা? তুমি বলেছ, না। আমি বলি যদি কেউ তাঁর পূর্বে এ ধরনের দাবী করে থাকত তাহলে আমি মনে করতাম এ ব্যক্তি পূর্ববর্তী দাবীর অনুসরণ করছে। আবূ সুফ্ইয়ান বলেন, তারপর তিনি জিজ্ঞেস করলেন, তিনি তোমাদের কী কাজের হুকুম দেন? আমি বললাম, সালাত কায়িম করতে, যাকাত প্রদান করতে, আত্মীয়তা রক্ষা করতে এবং পাপকাজ থেকে পবিত্র থাকার হুকুম দেন। হিরাক্লিয়াস বললেন, তাঁর সম্পর্কে তোমার বক্তব্য যদি সঠিক হয়, তাহলে তিনি ঠিকই নবী সাল্লাল্লাহু ‘আলাইহি ওয়াসাল্লাম, তিনি আবির্ভূত হবেন তা আমি জানতাম বটে তবে তোমাদের মধ্যে আবির্ভূত হবেন তা মনে করিনি। যদি আমি তাঁর সান্নিধ্যে পৌঁছার সুযোগ পেতাম তাহলে আমি তাঁর সাক্ষাৎকে অগ্রাধিকার দিতাম। যদি আমি তাঁর নিকট অবস্থান করতাম তাহলে আমি তাঁর পদযুগল ধুয়ে দিতাম। আমার পায়ের নিচের জমিন পর্যন্ত তাঁর রাজত্ব সীমা পৌঁছে যাবে। আবূ সুফ্ইয়ান বলেন, তারপর হিরাক্লিয়াস রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু ‘আলাইহি ওয়াসাল্লাম-এর পত্রখানি আনতে বললেন। এরপর পাঠ করতে বললেন। তাতে লেখা ছিলঃ দয়াময় পরম দয়ালু আল্লাহর নামে, আল্লাহর রাসূল মুহাম্মাদ সাল্লাল্লাহু ‘আলাইহি ওয়াসাল্লাম-এর পক্ষ থেকে রোমের অধিপতি হিরাক্লিয়াসের প্রতি। হিদায়াতের অনুসারীর প্রতি শান্তি বর্ষিত হোক। এরপর আমি আপনাকে ইসলামের দাওয়াত দিচ্ছি, ইসলাম গ্রহণ করুন, মুক্তি পাবেন। ইসলাম গ্রহণ করুন, আল্লাহ তা‘আলা আপনাকে দ্বিগুণ প্রতিদান দেবেন। আর যদি মুখ ফিরিয়ে থাকেন তাহলে সকল প্রজার পাপরাশিও আপনার উপর নিপতিত হবে। ‘‘হে কিতাবীগণ! এসো সে কথায়, যা আমাদের ও তোমাদের মধ্যে একই যে, আমরা আল্লাহ ব্যতীত অন্য কারো ‘ইবাদাত করব না, কোন কিছুতেই তাঁর সঙ্গে শরীক করব না। আর আমাদের একে অন্যকে আল্লাহ ব্যতীত প্রতিপালকরূপে গ্রহণ করব না। যদি তারা মুখ ফিরিয়ে নেয় তবে বল, তোমরা সাক্ষী থাক, আমরা মুসলিম।’’ যখন তিনি পত্র পাঠ সমাপ্ত করলেন চতুর্দিকে উচ্চ রব উঠল এবং গুঞ্জন বৃদ্ধি পেল। তারপর তাঁর নির্দেশে আমাদের বাইরে নিয়ে আসা হল। আবূ সুফ্ইয়ান বলেন, আমরা বেরিয়ে আসার পর আমি আমার সাথীদের বললাম যে, আবূ কাবশার সন্তানের তো বিস্তার ঘটেছে। রোমের রাষ্ট্রনায়ক পর্যন্ত তাঁকে ভয় পায়। তখন থেকে আমার মনে এ দৃঢ় বিশ্বাস জন্মেছিল যে, রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু ‘আলাইহি ওয়াসাল্লাম-এর দ্বীন অতি সত্বর বিজয় লাভ করবে। শেষ পর্যন্ত আল্লাহ তা‘আলা আমাকে ইসলামে দীক্ষিত করলেন। ইমাম যুহরী (রহ.) বলেন, তারপর হিরাক্লিয়াস রোমের নেতৃবৃন্দকে ডেকে একটি কক্ষে একত্রিত করলেন এবং বললেন, হে রোমবাসী! তোমরা কি আজীবন সৎপথ ও সফলতার প্রত্যাশী এবং তোমরা কি চাও তোমাদের রাজত্ব অটুট থাকুক? এতে তারা বন্য-গর্দভের মত প্রাণপণে পলায়নরত হল। কিন্তু দরজাগুলো সবই বন্ধ পেল। এরপর বাদশাহ নির্দেশ দিলেন যে, তাদের সবাইকে আমার নিকট নিয়ে এসো। তিনি তাদের সবাইকে ডাকলেন এবং বললেন, তোমাদের ধর্মের উপর তোমাদের দৃঢ়তা আমি পরীক্ষা করলাম। আমি যা আশা করেছিলাম তা তোমাদের থেকে পেয়েছি। তখন সবাই তাঁকে সিজদা্ করল এবং তাঁর উপর সন্তুষ্ট রইল। [৭] (আধুনিক প্রকাশনীঃ ৪১৯২, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    இப்னு அப்பாஸ் (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: அபூசுஃப்யான் (ரலி) அவர்கள் தம் வாய்ப்பட எனக்கு அறிவித்ததாவது: (குறைஷியரின் முக்கிய தலைவராயிருந்த) எனக்கும் அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்களுக்கும் இடையிலான (ஹுதைபியா சமாதான ஒப்பந்தம் நடைமுறையில் இருந்த) காலகட்டத்தில் நான் (வியாபாரத்திற்காக வணிகக் குழுவினருடன் ஷாம் நாட்டிற்குச்) சென்றிருந்தேன். நான் ஷாம் (சிரியா) நாட்டில் இருந்துகொண்டிருந்தபோது நபி (ஸல்) அவர்களிடமிருந்து (கிழக்கு ரோமானியப் பேரரசர் சீசர்) ஹிரக்ளீயஸிற்குக் கடிதமொன்று கொண்டுவரப்பட்டது. அதை நபி (ஸல்) அவர்களிடமிருந்து “திஹ்யா அல்கல்பீ' அவர்கள் கொண்டுவந்து, “புஸ்ரா'வின் அரசரிடம் கொடுக்க, அவர் அதை ஹிரக்ளீயஸிடம் கொடுத்தனுப்பியிருந்தார். அப்போது ஹிரக்ளீயஸ் (தம்மைச் சூழ அமர்ந்திருந்த பிரதிநிதிகளிடம்) “தம்மை இறைவனின் தூதரெனக் கூறிக்கொண்டிருக்கும் இந்த மனிதரின் (முஹம்மதின்) சமுதாயத்தைச் சேர்ந்த எவரேனும் இங்கு (நம் நாட்டில்) இருக்கின்றார்களா?” என்று கேட்டார். அதற்கு அவர்கள், “ஆம்' என்று பதிலளித் தார்கள். அப்போது (ஷாமில் வியாபாரத் திற்காகத் தங்கியிருந்த) நான் குறைஷியர் சிலருடன் அழைக்கப்பட்டேன். ஆகவே, நாங்கள் ஹிரக்ளீயஸிடம் சென்றோம். அவர் முன்னிலையில் (அரசவையில்) எங்களை அமரச் செய்தார்கள். அப்போது ஹிரக்ளீயஸ், “தம்மை அல்லாஹ்வின் தூதர் என்று சொல்óக்கொண்டிருக்கும் அந்த மனிதருக்கு உங்களில் நெருங்கிய உறவினர் யார்?” என்று கேட்டார். அதற்கு நான், “நான்(தான் நெருங்கிய உறவினன்)” என்று சென்னேன். ஆகவே, அவரது முன்னிலையில் என்னை அமரவைத்தனர். என் சகாக்களை எனக்குப் பின்னால் அமரவைத்தனர். பிறகு ஹிரக்ளீயஸ் தம் மொழிபெயர்ப்பாளரை அழைத்து (அவரிடம்), “தம்மை அல்லாஹ்வின் தூதர் என்று சொல்லிக்கொண்டிருக்கும் இந்த மனிதரைப் பற்றி இவரிடம் கேட்கப்போகிறேன்; இவர் என்னிடம் பொய் சொன்னால் (நமக்குத்) தெரிவிக்கும்படி இவருடைய சகாக்களிடம் சொல்” என்றார். அல்லாஹ்வின் மீது சத்தியமாக! நான் பொய் சொன்னால் அதை என் சகாக்கள் தெரிவித்துவிடுவார்கள் என்பது (குறித்த அச்சம்) மட்டும் இல்லாதிருந்தால் (முஹம்மத் (ஸல்) அவர்களைப் பற்றி) நான் பொய்(யான விவரங்களைச்) சொல்லியிருப்பேன். பிறகு, ஹிரக்ளீயஸ் தம் மொழிபெயர்ப் பாளரிடம், “உங்களிடையே அந்த மனிதரின் குடும்பப் பாரம்பரியம் எப்படிப் பட்டது? என்று இவரிடம் கேள்” என்று சென்னார். நான், “அவர் எங்களிடையே சிறந்த குடும்பப் பாரம்பரியத்தை உடைய வராவார்” என்று பதிலளித்தேன். ஹிரக்ளீயஸ், “அவருடைய முன்னோர்களில் அரசர் எவராவது இருந்திருக்கி றாரா?” என்று கேட்டார். நான் “இல்லை' என்று சொன்னேன். ஹிரக்ளீயஸ், “அவர் தம்மை “நபி' என வாதிப்பதற்குமுன் அவர் (மக்களிடம்) பொய் சொன்னார் என்று (எப்போதாவது) நீங்கள் சந்தேகம் கொண்டீர்களா?” என்று கேட்டார். நான், “இல்லை” என்று சொன்னேன். “அவரை மக்களில் மேட்டுக்குடியினர் பின்பற்றுகின்றனரா? அல்லது அவர்களில் பலவீனர்கள் (ஒடுக்கப்பட்டவர்கள்) பின்பற்றுகின்றனரா?” என்று கேட்டார். நான், “இல்லை; பலவீனமானவர்கள்தான் அவரைப் பின்பற்றுகின்றனர்” என்றேன். அவர், “அவரைப் பின்பற்றுவோர் அதிகரித்துக்கொண்டே செல்கின்றனரா? அல்லது குறைந்துகொண்டே போகின்றனரா?” என்று கேட்டார். நான், “இல்லை; அவர்கள் அதிகரித்துக்கொண்டே செல்கின்றனர்” என்று சொன்னேன். அவர், “அவரது மார்க்கத்தில் இணைந்தபிறகு தம் புதிய மார்க்கத்தின் மீது அதிருப்தியடைந்து எவரேனும் தமது பழைய மதத்திற்கே திரும்பிச் செல்வதுண்டா?” என்று கேட்டார். நான், “இல்லை' என்று சொன்னேன். அவர், “அவருடன் நீங்கள் போர் புரிந்ததுண்டா?” என்று கேட்டார். நான், “உண்டு' என்று சொன்னேன். அவர், “அவ்வாறாயின், அவருடன் நீங்கள் நடத்திய போர்க(ளின் முடிவு)கள் எவ்வாறு இருந்தன?” என்று கேட்டார். நான், எங்களிடையேயான போர்கள் (கிணற்று) வாளிகள்தான். (அவை சுழல் முறையில் மாறி மாறி வருகின்றன. ஒருமுறை) அவர் எங்களை வெற்றி கொள்வார். (மறுமுறை) நாங்கள் அவரை வெற்றி கொள்வோம்” என்று சொன்னேன். அவர், “அந்த மனிதர் வாக்கு மீறுகின்றாரா?” என்று கேட்டார். நான், “இல்லை; (தற்போது நடைமுறையிலுள்ள ஹுதைபியா சமாதான உடன்படிக்கையின்) இந்தக் காலகட்டத்தில் நாங்கள் இருக் கின்றோம். இதில் அவர் எப்படி நடந்து கொள்வார் என்பது எங்களுக்குத் தெரியாது” என்று சொன்னேன். அல்லாஹ்வின் மீதாணையாக! இதைத் தவிர (நபியவர்களைக் குறைசொல்வதற்கு) வேறு எந்த வார்த்தையையும் புகுத்த எனக்குவாய்ப்புக் கிடைக்கவில்லை. (பிறகு) அவர், “இவருக்கு முன்னால் (குறைஷியரில்) வேறு எவரேனும் இப்படி (தம்மை “நபி' என) வாதித்ததுண்டா?” என்று கேட்டார். நான், “இல்லை” என்று சொன்னேன். பிறகு ஹிரக்ளீயஸ் தம் மொழி பெயர்ப்பாளரிடம் (இவ்வாறு) கூறினார்: “அவரிடம் கூறுங்கள்: நான் உம்மிடம் உங்களிடையே அவருடைய குடும்பப் பாரம்பரியம் குறித்துக் கேட்டேன். அவர் சிறந்த பாரம்பரியத்தைச் சேர்ந்தவர் என்று நீர் பதிலளித்தீர். இவ்வாறே இறைத் தூதர்கள் சிறந்த பாரம்பரியத்திóருந்தே தேர்ந்தெடுக்கப்படுவர். நான் உம்மிடம் அவருடைய முன்னோர்களில் அரசர் எவரேனும் இருந்திருக்கிறாரா என்று கேட்டேன். அதற்கு நீர் “இல்லை' என்றீர். அவருடைய முன்னோர்களில் அரசர் எவரேனும் இருந்திருப்பாராயின், “தம் முன்னோர்களின் ஆட்சியதிகாரத்தை (தாமும் அடைய) விரும்பும் ஒரு மனிதர் இவர்' என்று நான் கூறியிருப்பேன். “மக்களில் அவரைப் பின்பற்றுபவர்கள் மேட்டுக்குடியினரா? அல்லது பலவீனமானவர்களா?” என்று அவரைப் பின்பற்றுபவர்களைக் குறித்துக் கேட்டேன். அதற்கு நீர் ஒடுக்கப்பட்ட மக்களே அவரைப் பின்பற்றுகின்றனர் என்று பதிலளித்தீர். (பெரும்பாலும்) அவர்கள்தான் இறைத்தூதர்களைப் பின்பற்றுவோர் ஆவர். நான் உம்மிடம், “அவர் தம்மை “நபி' என வாதிப்பதற்கு முன்பு (அவர் மக்களிடம்) பொய் பேசினார் என்று எப்போதாவது நீங்கள் சந்தேகித்ததுண்டா?” என்று கேட்டேன். அதற்கு நீர் “இல்லை' என்று பதிலளித்தீர். இதிலிருந்து மக்களிடம் பொய் பேச(த் துணிய)ôத அவர் அல்லாஹ்வின் மீது பொய் சொல்லமாட்டார் என்று நான் புரிந்துகொண்டேன். உம்மிடம் நான் “அவரது மார்க்கத்தை ஏற்றுக்கொண்டோரில் எவராவது தமது (புதிய) மார்க்கத்தின் மீது அதிருப்திகொண்டு அதிóருந்து வெளியேறிச் செல்வதுண்டா?” என்று கேட்டேன். அதற்கு “இல்லை' என்றீர். இறைநம்பிக்கை இத்தகையதே! உள்ளத்தின் எழிலோடு அது கலந்து விடும்போது (அதைக் குறித்து யாரும் வெறுப்படையமாட்டார்.) உம்மிடம் நான் “அவரைப் பின்பற்றுவோர் (நாளுக்கு நாள்) அதிகரித்துவருகின்றனரா? அல்லது குறைந்துவருகின்றனரா?” என்று கேட்டேன், நீர் “அதிகரித்தே வருகின்றனர்' என்று பதிலளித்தீர். இறைநம்பிக்கை அத்தகையதுதான். அது முழுமையடையும்வரை (அதிகரித்துக்கொண்டே செல்லும்). மேலும் உம்மிடம் நான், “அவருடன் நீங்கள் போர் புரிந்ததுண்டா?” என்று கேட்டேன். அதற்கு நீங்கள் போர் புரிந்தீர்கள் என்றும், உங்களுக்கும் அவருக்கும் இடையே போர் கிணற்று வாளிகள்தான் (போரில் வெற்றியும் தோல்வியும் சுழல் முறையில் மாறி மாறிவருகின்றன) என்றும், (ஒருமுறை) அவர் உங்களை வெற்றிகொண்டால் (மறுமுறை) நீங்கள் அவரை வெற்றிகொள்கிறீர்கள் என்றும் பதிலளித்தீர். இறைத்தூதர்கள் அப்படித்தான் சோதிக்கப்படுவார்கள். ஆனால், இறுதி வெற்றி அவர்களுக்கே கிடைக்கும். “அவர் வாக்கு மீறுகின்றாரா?” என்று உம்மை நான் கேட்டதற்கு நீர், “அவர் வாக்கு மீறுவதில்லை' என்று கூறினீர். இறைத்தூதர்கள் இத்தகையவர்களே; அவர்கள் வாக்கு மீறுவதில்லை. நான், “இவருக்குமுன் உங்களில் எவராவது இந்த வாதத்தை முன்வைத்த துண்டா?” என்று உம்மிடம் கேட்டபோது நீர் “இல்லை' என்று பதிலளித்தீர். அவருக்கு முன்னரும் எவரேனும் இந்த வாதத்தை முன்வைத்திருந்ததாக (நீர் கூறி) இருப்பின், “தமக்கு முன்னர் (சிலரால்) முன்வைக்கப்பட்ட ஒரு வாதத்தையே பின்பற்றிச் செல்கின்ற ஒரு மனிதர் இவர்' என நான் சொல்லியிருப்பேன்” என்று சொன்னார். பிறகு ஹிரக்ளீயஸ், “அவர் என்ன செய்யும்படி உங்களுக்குக் கட்டளையிடு கின்றார்?” என்று கேட்டார். நான், “தொழுகையை நிறைவேற்றும்படியும், தர்மம் செய்யும்படியும், உறவைக் காத்து வரும்படியும், ஒழுக்கமாக வாழும்படியும் அவர் எங்களுக்குக் கட்டளையிடுகின்றார்” என்று சொன்னேன். ஹிரக்ளீயஸ், “அவரைக் குறித்து நீர் சொன்னவை அனைத்தும் உண்மை யானால், அவர் இறைத்தூதர்தான். அவர் வரப்போகிறார் என்று நான் அறிந்துவைத்திருந்தேன். ஆனால், அவர் (குறைஷியராகிய) உங்களிலிருந்து வருவார் என்று நான் எண்ணியிருக்கவில்லை. நான் அவரைச் சென்றடைவேன் என அறிந்தால் அவரைச் சந்திக்க நான் விரும்புவேன். அவர் அருகில் நான் இருந்திருந்தால் அவரின் கால்களைக் கழுவியிருப்பேன். அவரது ஆட்சி (ஒரு காலத்தில்) என் இரு பாதங்களுக்குக் கீழுள்ள (இந்த) இடத்தையும் எட்டியே தீரும்” என்று சொன்னார். பிறகு ஹிரக்ளீயஸ் அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்களது கடிதத்தைக் கொண்டுவரும்படி உத்தரவிட்டார். (அது கொண்டுவரப்பட்டது.) அதை அவர் வாசிக்கச் செய்தார். அதில் பின்வருமாறு எழுதப்பட்டிருந்தது: அளவிலா அருளாளன் நிகரிலா அன்புடையோன் அல்லாஹ்வின் திருப் பெயரால்... இது அல்லாஹ்வின் தூதர் முஹம்மதிடமிருந்து கிழக்கு ரோமாபுரியின் அதிபர் ஹிரக்ளீயஸுக்கு (எழுதப்பட்ட கடிதம்:) நல்வழியைப் பின்பற்றியவர்மீது (இறைவனின்) சாந்தி நிலவட்டும். இஸ்லாத்தை ஏற்குமாறு உங்களை நான் அழைக்கின்றேன். இஸ்லாத்தை ஏற்றுக் கொள்ளுங்கள். (ஏற்றுக்கொண்டால், ஈருலகிலும்) நீங்கள் பாதுகாப்புப் பெறுவீர்கள். நீங்கள் இஸ்லாத்தை ஏற்றுக்கொள்ளுங்கள். அல்லாஹ் உங்க ளுக்குச் சேர வேண்டிய நன்மையை இரு மடங்காகத் தருவான். நீங்கள் புறக்கணித்தால், (குடிமக்களான) விவசாயி களின் பாவமும் (அவர்கள் இஸ்லாத்தை ஏற்காமல்போவதன் குற்றமும்) உங்களையே சாரும். வேதக்காரர்களே! எங்களுக்கும் உங்களுக்கும் இடையிலுள்ள பொதுவான ஒரு விஷயத்திற்கு வாருங்கள். (அது யாதெனில்:) “அல்லாஹ்வைத் தவிர வேறு எதையும் நாம் வணங்கலாகாது; அவனுக்கு எதையும் நாம் இணை வைக்கலாகாது; அல்லாஹ்வையன்றி நம்மில் யாரும் யாரையும் கடவுள்களாக ஆக்கிக்கொள்ளலாகாது'. இதன் பிறகும் அவர்கள் ஏற்க மறுத்தால், “நிச்சயமாக நாங்கள் (அல்லாஹ்வுக்கு அடிபணிகின்ற) முஸ்óம்கள்தான் என்பதற்கு நீங்கள் சாட்சிகளாக இருங்கள்' என்று கூறிவிடுங்கள். ஹிரக்ளீயஸ் அந்தக் கடிதத்தைப் படித்து முடித்தபோது, அவருக்கு அருகிலேயே (அவரைச் சுற்றிலுமிருந்த கிழக்கு ரோமானிய ஆட்சியாளர்களின்) குரல்கள் உயர்ந்தன. கூச்சல் அதிகரித்தது. எங்களை வெளியே கொண்டுசெல்லும்படி உத்தரவிடப்பட்டது. உடனே நாங்கள் (அரசவையிலிருந்து) வெளியேற்றப்பட்டோம். நாங்கள் வெளியே வந்தபோது, நான் என் சகாக்களிடம், “இப்னு அபீகப்ஷா (முஹம்மது)வின் விவகாரம் வலிமை பெற்றுவிட்டது. மஞ்சள் நிற இனத்தாரின் (கிழக்கு ரோமரின்) மன்னரே அவருக்கு அஞ்சுகிறாரே!” என்று சொன்னேன். (அன்று முதல்) அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்களுடைய மார்க்கம் விரைவில் வெற்றி பெறும் என்று உறுதி கொண்டவனாகவே நான் இருந்துவந்தேன். முடிவில் அல்லாஹ் என் உள்ளத்தில் இஸ்லாத்தைப் புகுத்தினான். ஸுஹ்ரீ (ரஹ்) அவர்கள் (தமது அறிவிப்பில்) கூறியிருப்பதாவது: “பிறகு ஹிரக்ளீயஸ் கிழக்கு ரோமானிய ஆட்சியாளர்களுக்கு அழைப்பு விடுத்து, அவர்களைத் தமது மாளிகை ஒன்றில் ஒன்றுகூட்டி அவர்களிடையே, “அந்திமக் காலத்தில் உங்களுக்கு வெற்றியும் நல்வழியும் கிடைக்க வேண்டுமென்ற ஆசையும், உங்களது ஆட்சி உங்களிடமே நீடிக்க வேண்டும் என்ற எண்ணமும் உங்களுக்கு உண்டா? (அப்படியானால் இந்த இறுதித் தூதரை நம்புங்கள்)” என்று பேசினார். இதைக் கேட்டவுடனேயே காட்டுக் கழுதைகள் வெருண்டோடுவதுபோல வாயில்களை நோக்கி அவர்கள் வெருண் டோடி, வாயில் அருகில் சென்றதும், அவை தாளிடப்பட்டிருக்கக் கண்டனர். அப்போது மன்னர் ஹிரக்ளீயஸ், “அவர்களை என்னிடம் திருப்பிக் கொண்டுவாருங்கள்” என அவர்களுக்கு அழைப்புவிடுத்தார். (அவ்வாறே அழைத்துவரப்பட்டனர். அவர்களிடம்) “நீங்கள் உங்கள் மதத்தின் மீது எவ்வளவு பிடிப்புக் கொண்டுள்ளீர்கள் என்பதை நான் சோதிக்கவே இவ்வாறு செய்தேன். நான் விரும்பியதை இப்போது ஐயமற அறிந்துகொண்டேன்” என்று அவர் கூறியதும், அனைவரும் அவருக்குச் சிரம்பணிந்தனர். அவரைக் குறித்துத் திருப்தியும் அடைந்தனர்.10 இந்த ஹதீஸ் இரு அறிவிப்பாளர்தொடர்களில் வந்துள்ளது. அத்தியாயம் :