• 686
  • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : نَادَى فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ انْصَرَفَ عَنِ الْأَحْزَابِ " أَنْ لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الظُّهْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ " ، فَتَخَوَّفَ نَاسٌ فَوْتَ الْوَقْتِ ، فَصَلَّوْا دُونَ بَنِي قُرَيْظَةَ ، وَقَالَ آخَرُونَ : لَا نُصَلِّي إِلَّا حَيْثُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنْ فَاتَنَا الْوَقْتُ ، قَالَ : فَمَا عَنَّفَ وَاحِدًا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ

    وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : نَادَى فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَ انْصَرَفَ عَنِ الْأَحْزَابِ أَنْ لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الظُّهْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ ، فَتَخَوَّفَ نَاسٌ فَوْتَ الْوَقْتِ ، فَصَلَّوْا دُونَ بَنِي قُرَيْظَةَ ، وَقَالَ آخَرُونَ : لَا نُصَلِّي إِلَّا حَيْثُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَإِنْ فَاتَنَا الْوَقْتُ ، قَالَ : فَمَا عَنَّفَ وَاحِدًا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ

    عنف: التعنيف : التوبيخ والتقريع واللوم
    لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الظُّهْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ ، فَتَخَوَّفَ
    حديث رقم: 3921 في صحيح البخاري كتاب المغازي باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب، ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم
    حديث رقم: 918 في صحيح البخاري أبواب صلاة الخوف باب صلاة الطالب والمطلوب راكبا وإيماء
    حديث رقم: 4805 في صحيح ابن حبان كِتَابُ السِّيَرِ بَابُ التَّقْلِيدِ وَالْجَرَسِ لِلدَّوَابِ
    حديث رقم: 1484 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الصَّلَاةِ بَابُ الْوَعِيدِ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 206 في معجم أبي يعلى الموصلي معجم أبي يعلى الموصلي بَابُ الْعَيْنِ
    حديث رقم: 5387 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْجِهَادِ بَيَانُ الإبَاحَةِ لِلْإِمَامِ إِذْ أَنْزَلَ الْإِمَامَ عَلَى حُكْمِهِ أَنْ يَرُدَّ فِيهِمُ
    حديث رقم: 1530 في الطبقات الكبير لابن سعد المجلد الثاني غَزْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ ثُمَّ غَزْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي قُرَيْظَةَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ مِنْ مُهَاجَرِهِ ، قَالُوا : لَمَّا انْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ عَنِ الْخَنْدَقِ ، وَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ فَوَقَفَ عِنْدَ مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ ، فَقَالَ : عَذِيرَكَ مِنْ مُحَارِبٍ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزِعًا ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَسِيرَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ ؛ فَإِنِّي عَامِدٌ إِلَيْهِمْ فَمُزَلْزِلٌ بِهِمْ حُصُونَهُمْ ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَدَفَعَ إِلَيْهِ لِوَاءَهُ ، وَبَعَثَ بِلَالًا فَنَادَى فِي النَّاسِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكُمْ أَلَّا تُصَلُّوا الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ ، وَاسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَدِينَةِ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ ، ثُمَّ سَارَ إِلَيْهِمْ فِي الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ ، وَالْخَيْلُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ فَرَسًا ، وَذَلِكَ يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ ، فَحَاصَرَهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَشَدَّ الْحِصَارِ ، وَرُمُوا بِالنَّبْلِ فَانْجَرَحُوا فَلَمْ يَطْلُعْ مِنْهُمْ أَحَدٌ ، فَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْحِصَارُ أَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرْسِلْ إِلَيْنَا أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ ، فَأَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ ، فَشَاوَرُوهُ فِي أَمْرِهِمْ ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ أَنَّهُ الذَّبْحُ ثُمَّ نَدِمَ فَاسْتَرْجَعَ وَقَالَ : خُنْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، فَانْصَرَفَ فَارْتَبَطَ فِي الْمَسْجِدِ ، وَلَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَوْبَتَهُ ، ثُمَّ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَرَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ فَكُتِّفُوا وَنُحُّوا نَاحِيَةً ، وَأُخْرِجَ النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ فَكَانُوا نَاحِيَةً ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَّامٍ ، وَجَمَعَ أَمْتِعَتَهُمْ وَمَا وُجِدَ فِي حُصُونِهِمْ مِنَ الْحَلْقَةِ وَالْأَثَاثِ وَالثِّيَابِ ، فَوُجِدَ فِيهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ سَيْفٍ ، وَثَلَاثُمِائَةِ دِرْعٍ ، وَأَلْفَا رُمْحٍ ، وَأَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ تُرْسٍ ، وَحَجَفَةٌ وَخَمْرٌ وَجِرَارُ سَكَرٍ ، فَأُهْرِيقَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَلَمْ يُخَمَّسْ ، وَوَجَدُوا جِمَالًا نَوَاضِحَ وَمَاشِيَةً كَثِيرَةً . وَكَلَّمَتِ الْأَوْسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَهَبَهُمْ لَهُمْ ، وَكَانُوا حُلَفَاءَهُمْ ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُكْمَ فِيهِمْ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، فَحَكَمَ فِيهِمْ أَنْ يُقْتَلَ كُلُّ مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِي ، وَتُسْبَى النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ ، وَتُقْسَمُ الْأَمْوَالُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَقَدْ حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ ، وَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِسَبْعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ فَأُدْخِلُوا الْمَدِينَةَ وَحَفَرَ لَهُمْ أُخْدُودًا فِي السُّوقِ وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ وَأُخْرِجُوا إِلَيْهِ رِسْلًا رِسْلًا فَضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ فَكَانُوا مَا بَيْنَ سِتِّمِائَةٍ إِلَى سَبْعِمِائَةٍ . وَاصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَيْحَانَةَ بِنْتَ عَمْرٍو لِنَفْسِهِ وَأَمَرَ بِالْغَنَائِمِ فَجُمِعَتْ فَأَخْرَجَ الْخُمُسَ مِنَ الْمَتَاعِ وَالسَّبْيِ ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْبَاقِي فَبِيعَ فِي مَنْ يَزِيدُ وَقَسَّمَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَكَانَتِ السُّهْمَانُ عَلَى ثَلَاثَةِ آلَافٍ وَاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ سَهْمًا لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ وَلِصَاحِبِهِ سَهْمٌ وَصَارَ الْخُمُسُ إِلَى مَحْمِيَّةَ بْنَ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْتِقُ مِنْهُ ، وَيَهَبُ مِنْهُ ، وَيُخْدِمُ مِنْهُ مَنْ أَرَادَ ، وَكَذَلِكَ صَنَعَ بِمَا صَارَ إِلَيْهِ مِنَ الرِّثَّةِ .
    حديث رقم: 1030 في الجامع في بيان العلم و فضله لابن عبد البر بَابٌ : نُكْتَةٌ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى اسْتِعْمَالِ عُمُومِ الْخِطَابِ فِي السُّنَنِ

    [1770] (نَادَى فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ انْصَرَفَ عَنِ الْأَحْزَابِ أَنْ لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الظُّهْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ فَتَخَوَّفَ نَاسٌ فَوْتَ الْوَقْتِ فَصَلَّوْا دُونَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَقَالَ آخَرُونَ لَا نُصَلِّي إِلَّا حَيْثُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ فَاتَنَا الْوَقْتُ فَمَا عَنَّفَ وَاحِدًا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ) هَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الظُّهْرَ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ صَلَاةِ الخوف من رواية بن عمر)أَيْضًا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الْأَحْزَابِ لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ فَأَدْرَكَ بَعْضُهُمُ الْعَصْرَ فِي الطَّرِيقِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ نُصَلِّي وَلَمْ يُرِدْ ذَلِكَ مِنَّا فَذُكِرَ ذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا منهم أما جميعهم بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي كَوْنِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ كَانَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَقَدْ صَلَّى الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ فَقِيلَ لِلَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا الظُّهْرَ لَا تُصَلُّوا الظُّهْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ وَلِلَّذِينَ صَلَّوْا بِالْمَدِينَةِ لَا تُصَلُّوا الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ قِيلَ لِلْجَمِيعِ وَلَا تُصَلُّوا الْعَصْرَ وَلَا الظُّهْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ قِيلَ لِلَّذِينَ ذَهَبُوا أَوَّلًا لَا تُصَلُّوا الظُّهْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ وَلِلَّذِينَ ذَهَبُوا بَعْدَهُمْ لَا تُصَلُّوا الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي الْمُبَادَرَةِ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِهَا وَتَأْخِيرِهَا فَسَبَبُهُ أَنَّ أَدِلَّةَ الشَّرْعِ تَعَارَضَتْ عِنْدَهُمْ بِأَنَّ الصَّلَاةَ مَأْمُورٌ بِهَا فِي الْوَقْتِ مَعَ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بني قريظة المبادرة بالذهاب إليهم وأن لا يُشْتَغَلَ عَنْهُ بِشَيْءٍ لَا أَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ تَأْخِيرٌ فَأَخَذَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ بِهَذَا الْمَفْهُومِ نَظَرًا إِلَى الْمَعْنَى لَا إِلَى اللَّفْظِ فَصَلَّوْا حِينَ خَافُوا فَوْتَ الْوَقْتِ وَأَخَذَ آخَرُونَ بِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَحَقِيقَتِهِ فَأَخَّرُوهَا وَلَمْ يُعَنِّفِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدًا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ لِأَنَّهُمْ مُجْتَهِدُونَ فَفِيهِ دَلَالَةٌ لِمَنْ يَقُولُ بِالْمَفْهُومِ وَالْقِيَاسِ وَمُرَاعَاةِ الْمَعْنَى وَلِمَنْ يَقُولُ بِالظَّاهِرِ أَيْضًا وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُعَنَّفُ الْمُجْتَهِدُ فِيمَا فَعَلَهُ بِاجْتِهَادِهِ إِذَا بَذَلَ وُسْعَهُ فِي الِاجْتِهَادِ وَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ وَلِلْقَائِلِ الْآخَرِ أَنْ يَقُولَ لَمْ يُصَرِّحْ بِإِصَابَةِ الطَّائِفَتَيْنِ بَلْ تَرَكَ تَعْنِيفَهُمْ وَلَا خِلَافَ فِي تَرْكِ تَعْنِيفِ الْمُجْتَهِدِ وَإِنْ أَخْطَأَ إِذَا بَذَلَ وُسْعَهُ فِي الِاجْتِهَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (بَاب رَدِّ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى الْأَنْصَارِ مَنَائِحَهُمْ مِنْ الشَّجَرِ وَالثَّمَرِ (حِينَ اسْتَغْنَوْا عَنْهَا بِالْفُتُوحِ) قَوْلُهُ

    عن عبد الله رضي الله عنه قال: نادى فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم انصرف عن الأحزاب أن لا يصلين أحد الظهر إلا في بني قريظة فتخوف ناس فوت الوقت فصلوا دون بني قريظة وقال آخرون لا نصلي إلا حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن فاتنا الوقت قال: فما عنف واحدا من الفريقين.
    المعنى العام:
    لما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه من غزوة الأحزاب راجعا إلى المدينة كان سعد بن معاذ سيد الأوس قد أصيب في الغزوة في عرق في ذراعه فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإقامة خيمة له في المسجد النبوي يعالج فيها وهو قريب من منازل رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسهل عليه صلى الله عليه وسلم زيارته والاطمئنان عليه ورعايته. ودخل صلى الله عليه وسلم بيته فوضع سلاحه وخلع ثياب الحرب ودخل فاغتسل وخرج من مغتسله ففوجئ بجبريل عليه السلام بلباس الحرب على رأسه غبارها رآه واقفا خارج البيت فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعا فقال له جبريل: عذيرك من محارب أي هات من يلتمس لك العذر في سرعة نخلصك من آثار الحرب والحرب لم تنته بعد فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح الغبار عن وجه جبريل معتذرا إليه يسأل عن الخطب قال له جبريل: عفا الله عنك وضعت السلاح ولم تضعه ملائكة الله قم فشد عليك سلاحك قال صلى الله عليه وسلم: إلى أين؟ فأشار إلى ديار بني قريظة إنهم الذين نقضوا العهد وتمالئوا مع الأحزاب فحان وقت عقابهم هيا فملائكة الله تسبقكم إليهم. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا أن ينادي في الناس: يا خيل الله اركبي. من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة ومن لم يصل الظهر فلا يصل إلا في بني قريظة ومن كان لم يصل العصر فلا يصلين وقته إلا في بني قريظة وتسابق ثلاثة آلاف من المسلمين إلى بني قريظة وكادت الشمس تغرب وهم لم يصلوا بعد إلى ديار بني قريظة وممتلكاتهم فقال بعضهم: نؤخر صلاة العصر حتى نصل الديار ولو للعشاء فقد نهينا عن صلاتها إلا في بني قريظة وقال بعضهم: بل ننزل ونصلي العصر فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرد منا تأخير الصلاة وإنما أراد الإسراع ونفذ كل منهم ما رآه وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعلوا فلم يعنف أحدا من الفريقين فقد اجتهدوا ولهم أجورهم. وحاصر المسلمون بني قريظة بضع عشرة ليلة ولما اشتد بهم الحصار وألقى الله في قلوبهم الرعب فكروا أن يقتلوا نساءهم وأولادهم ثم يخرجوا مقاتلين مستقتلين وتراجعوا عن الفكرة وفضلوا النزول على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم على احتمال أن يقبل جلاءهم عن البلاد كما قبل جلاء بني النضير وكان بنو قينقاع قد حوصروا من قبل وهم حلفاء الخزرج فتشفع فيهم رئيس الخزرج عبد الله ابن أبي فلم يخرجوا فطلب الأوس وهم حلفاء بني قريظة أن يشفعوا لهم كما شفع الخزرج لحلفائهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أترضون حكم رئيسكم سعد بن معاذ فيهم؟ قالوا: نعم وسئل بنو قريظة: تنزلون على حكم سعد بن معاذ؟ قالوا: نعم. فطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم حضور سعد من مسجد المدينة فحملوه بجرحه على حمار حتى وصل إلى مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وحوله الأنصار والمهاجرون فقال للأنصار: قوموا إلى سيدكم سعد قوموا له إجلالا وإكراما وإعزازا لمقامه وجهاده وقوموا له مهنئين على ما أنعم الله به عليه من أن يكون حكما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أعدائه قوموا له مساعدين على إنزاله عن الحمار وتوصيله إلى مكانه ونزل سعد وجلس بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هؤلاء -بني قريظة قد نزلوا من حصارهم على أن تحكم أنت فيهم وقد رضوا حكمك فيهم ورضينا نحن حكمك فيهم فبماذا تحكم عليهم؟ تذكر سعد خيانتهم المرة بعد المرة وتذكر تآمرهم مع قريش والأحزاب وتذكر عداءهم لله ولرسوله وللمؤمنين وتذكر أنهم لم يستسلموا حين توجه إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ولم يطلبوا الصلح أو العفو أو الجلاء بل نصبوا أنفسهم للقتال وتحصنوا في حصونهم تذكر أنهم لو أن في مقدورهم قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين لما تأخروا طرفة عين تذكر أن بقاءهم على الحياة خطر على المسلمين وأن في استئصالهم إرهابا لعدو الله وعدو المؤمنين تذكر كل ذلك فقدمه على الحلف الذي كان بينه وبينهم وألهمه الله ما أراد فقال: أحكم فيهم بأن يقتل رجالهم المقاتلون وأن تسبى نساؤهم وأولادهم وتغنم أموالهم للمسلمين فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: حكمت فيهم بحكم الله فيهم من فوق سبع سموات حكمك هذا موافق لما أوحي إلي به أنه حكم الله فيهم ألهمك الله النطق بحكمه وجعل الحق فيهم على لسانك. شق لهم خندق في الأرض وضربت أعناقهم فيه وكانوا نحو أربعمائة رجل أو أكثر ووزعت نساؤهم وأولادهم وأموالهم على جيش المسلمين. وعاد سعد إلى خيمته راضيا حامدا شاكرا يفكر في مصير نفسه إنه جريح معركة بين المسلمين والكفار إن مات من جرحه مات شهيدا لكنه يتمنى أن يعيش ليجاهد في سبيل الله وليقاتل كفار قريش بصفة خاصة فهم في اعتقاده أعتى أعداء الله ورسوله فهم الذين آذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم الذين أخرجوه وأصحابه من ديارهم وأموالهم وهم الذين يهاجمون المسلمين في ديارهم بالمدينة وهم الذين يؤلبون القبائل والأحزاب عليهم فجهادهم أعظم جهاد فماذا يتمنى سعد؟ وبماذا يدعو ربه؟ قال: اللهم إني أظن أن قريشا يئست من النصر وأنهم لن يقاتلوا المسلمين بعد الأحزاب اللهم إن كان في قدرك أن حربا ستقوم بيننا وبينهم فأحيني حتى أقاتلهم وأستشهد في معاركهم وإن كان قدرك أن الحرب قد وضعت أوزارها بيننا وبينهم وأنه لن يكون قتال يتوقع أن أستشهد فيه بيننا وبينهم فافجر جراحتي لأموت شهيد حرب قريش وكان جرحه قد ورم وسرى الورم من الذراع إلى الكتف إلى الصدر فانفجر الجرح من أعلى الصدر وأسفل الرقبة وجرى الدم على الأرض حتى دخل الخيمة المجاورة لخيمته بالمسجد ولقي ربه شهيدا مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. المباحث العربية (نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ) بنو قريظة قبيلة من اليهود كانوا يسكنون ضاحية قريبة من المدينة وكانوا يزعمون أنهم من ذرية شعيب نبي الله عليه السلام وهو محتمل وكانوا قبيل إجلاء بني النضير قد عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نقضوا العهد عند غزوة الأحزاب وظاهروا المشركين فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب نصر الله المسلمين في غزوة الأحزاب كما تبين الرواية الثالثة وكان خروجه صلى الله عليه وسلم إليهم لسبع بقين من ذي القعدة وخرج إليهم في ثلاثة آلاف فحاصرهم بضع عشرة ليلة فأجهدهم الحصار وقذف الله في قلوبهم الرعب فعرض عليهم رئيسهم كعب بن أسد أن يؤمنوا أو يقتلوا نساءهم وأبناءهم ويخرجوا مستقتلين أو يبغتوا المسلمين ليلة السبت فقالوا: لا نؤمن ولا نستحل ليلة السبت وأي عيش لنا بعد أبنائنا ونسائنا؟ فأرسلوا إلى أبي لبابة بن عبد المنذر وكانوا حلفاءه فاستشاروه في النزول على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إلى حلقه -يعني الذبح- ثم ندم فتوجه إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فارتبط به حتى تاب الله عليه. وفي الرواية الثالثة فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم فيهم إلى سعد وعند ابن إسحق قال: لما اشتد بهم الحصار أذعنوا إلى أن ينزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواثب الأوس: فقالوا: يا رسول الله قد فعلت في موالي الخزرج ما علمت -يريدون بني قينقاع حيث وهبهم لعبد الله بن أبي حيث كانوا حلفاءه فأخرجهم من المدينة إلى أذرعات- فقال: ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم؟ قالوا: بلى. قال: فذلك إلى سعد بن معاذ وكانوا حلفاءه. ولا تعارض بل يجمع بأنهم نزلوا على حكمه صلى الله عليه وسلم ثم رد الحكم إلى سعد فقبلوا النزول على حكم سعد فسبب رد الحكم إلى سعد على هذا سؤال الأوس. (فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد) في الرواية الثالثة أصيب سعد يوم الخندق رماه رجل من قريش يقال له: ابن العرقة بفتح العين وكسر الراء بعدها قاف والعرقة أمه وهو حبان بكسر الحاء وتشديد الباء بن قيس من بني معيص بفتح الميم وكسر العين رماه في الأكحل بفتح الهمزة وسكون الكاف وفتح الحاء وهو عرق في وسط الذراع قال الخليل: هو عرق الحياة قيل: إذا قطع لم يرفأ الدم. فضرب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد يعوده من قريب قال ابن إسحق: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل سعدا في خيمة رفيدة وكانت امرأة تداوي الجرحى فقال اجعلوه في خيمتها لأعوده من قريب فلما خرج إلى بني قريظة وحاصرهم وسأله الأنصار أن ينزلوا على حكم سعد أرسل إليه فظاهر كلام ابن إسحق أن سعدا استقدم من مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وقيل: استقدم من مسجد كان النبي صلى الله عليه وسلم أعده للصلاة فيه في ديار بني قريظة أيام حصارهم والأول هو الأوفق لما سيأتي. (فأتاه على حمار) وعند ابن إسحق فحملوه على حمار ووطؤوا له وكان جسيما أي هيئوا له فراشا على الحمار مبالغة في راحته. (فلما دنا قريبا من المسجد) أي المسجد الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم أعده للصلاة فيه في ديار بني قريظة أيام حصارهم وكان قريبا من مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم. (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار: قوموا إلى سيدكم -أو خيركم) قيام تكريم وتشريف أو قياما ليساعدوه على النزول وسيأتي الكلام على القيام للتشريف في فقه الحديث وهل المخاطبون بذلك الأنصار خاصة؟ أو هم وغيرهم؟ (ثم قال: إن هؤلاء نزلوا على حكمك) أي قال لسعد: إن هؤلاء بني قريظة نزلوا على حكمك ووافقناهم فاحكم فيهم وفي رواية احكم فيهم يا سعد قال: الله ورسوله أحق بالحكم قال: قد أمرك الله تعالى أن تحكم فيهم. (تقتل مقاتلتهم وتسبي ذريتهم) تقتل وتسبي بفتح التاء مبني للمعلوم والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي تأمر بقتلهم وفي الرواية الثالثة أن تقتل المقاتلة وأن تسبي الذرية والنساء وتقسم أموالهم قال النووي: الذرية تطلق على النساء والصبيان معا. اهـ. وعليه فعطف النساء عليها في هذه الرواية من قبيل عطف الخاص على العام قال ابن إسحق: فخندق لهم خنادق فضربت أعناقهم فجرى الدم في الخنادق وقسم أموالهم ونساءهم وأبناءهم على المسلمين. واختلف في عدتهم فيما بين أربعمائة وتسعمائة على أساس عد أتباعهم أو عدم عدهم. (قضيت بحكم الله -قضيت بحكم الملك) بكسر اللام أي حكم الله والشك من أحد الرواة في أي اللفظين صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقع عند الكرماني بفتح اللام وقرره بجبريل لأنه الذي ينزل بالأحكام وفي رواية لقد حكمت فيهم اليوم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سموات وفي رواية لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة جمع رقيع وهو اسم من أسماء السماء قيل: سميت بذلك لأنها رقعت بالنجوم ومعناه أن الحكم نزل من فوق ولا يستحيل وصفه تعالى بالفوق على المعنى الذي يليق بجلاله. (فلما رجع من الخندق وضع السلاح فاغتسل فأتاه جبريل وهو ينفض رأسه من الغبار) وعند الطبراني والبيهقي أن عائشة قالت: سلم علينا رجل ونحن في البيت فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعا فقمت في إثره فإذا بدحية الكلبي فقال: هذا جبريل وفي رواية يأمرني أن أذهب إلى بني قريظة وفي رواية فكأني برسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح الغبار عن وجه جبريل وعند أحمد والطبراني فأتاه جبريل وإن على ثناياه لنقع الغبار إشارة إلى أن آثار غزوة الخندق مازالت باقية على جبريل عليه السلام وإلى أن المعركة لم تنته وإلى أن الوقت لا يسمح بالاغتسال بل يوجب الإسراع. (وضعت السلاح؟ والله ما وضعناه. اخرج إليهم) عند ابن سعد فقال له جبريل: عفا الله عنك وضعت السلام ولم تضعه ملائكة الله وفي رواية قم فشد عليك سلاحك فوالله لأدقنهم دق البيض على الصفا. (أن سعدا قال -وتحجر كلمه للبرء-...فقال) الكلم بفتح الكاف الجرح وتحجر أي يبس والجملة حالية أي قال هذا القول حالة قرب التئام جرحه وشفائه. (أن ليس أحد أحب إلي أن أجاهد فيك من قوم كذبوا رسولك صلى الله عليه وسلم) أن الأولى مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن محذوف وخبرها جملة ليس أحد أحب وجملة أن وخبرها سدت مسد مفعولي تعلم والتقدير: اللهم إنك تعلم أن الحال ليس جهاد في سبيلك أحب إلي من جهاد أحارب فيه قوما كذبوا رسولك. (اللهم فإن كان...) الفاء عاطفة للجملة بعدها على الجملة قبلها وإعادة اللهم لزيادة الاستعطاف. (اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم) قال بعض الشراح: ولم يصب في هذا الظن لأنه قد وقعت حروب وغزوات بعد ذلك فيحمل على أنه دعا بذلك فلم تجب دعوته بعينها وادخر له ما هو أفضل من ذلك كما ورد في حديث دعاء المؤمن أو أن سعدا أراد بوضع الحرب أي في تلك الغزوة الخاصة لا فيما بعدها قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر لي أن ظن سعد كان مصيبا وأن دعاءه في هذه القصة كان مجابا وذلك أنه لم يقع بين المسلمين وبين قريش من بعد وقعة الخندق حرب يكون ابتداء القصد فيها من المشركين فإنه صلى الله عليه وسلم تجهز إلى العمرة فصدوه عن دخول مكة وكادت الحرب أن تقع بينه وبينهم فلم تقع كما قال الله تعالى {وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم} [الفتح: 24] ثم وقعت الهدنة واعتمر صلى الله عليه وسلم من قابل واستمر ذلك إلى أن نقضوا العهد فتوجه إليهم غازيا ففتحت مكة فعلى هذا فالمراد بقوله: أظن أنك وضعت الحرب أي أن يقصدونا محاربين. اهـ. والذي يظهر لي أن توجيه الحافظ ابن حجر بعيد وفيه تعسف فسعد كان يتمنى جهاد قريش ومحاربتهم وغلبتهم وإذلالهم وأن يكون له في ذلك إسهام سواء أكانوا مهاجمين أو كانوا مهاجمين -بكسر الجيم وفتحها- وقصر تمنيه على كونهم مهاجمين -بكسر الجيم- لا يليق بسعد ولا بتمنيه فكون المسلم مدافعا فقط لا يليق بنشر الدعوة ولا بأبطالها الأوائل ثم إن وضع الحرب بين فريقين يشمل الهجوم والدفاع ولا قرينة تخصصه بأحدهما وهذا من حيث الظن ولا ينقص المسلم أن يظن شيئا فلا يتحقق أما دعاؤه فشيء آخر ويبدو أنه قصد بدعائه أن يموت شهيدا مجاهدا لكفار قريش إما بحرب مقبلة وإما بهذه الحرب فأجاب الله دعاءه فمات بسبب جرح ناتج عن إصابته في غزوة الخندق. (فافجرها واجعل موتي فيها) أي فافجر الإصابة والجراحة وكان الجرح قد ورم وسرى الورم من الذراع إلى الصدر ثم إلى الرقبة. (فانفجرت من لبته) بفتح اللام وتشديد الباء وهي موضع القلادة من الصدر أي كان انفجار الجراحة من نهاية الورم من اللبة لا من الذراع وفي رواية فإذا لبته قد انفجرت من كلمه وفي رواية الكشميهني وروايتنا الخامسة من لبته قال الحافظ ابن حجر: وهو تصحيف. (فلم يرعهم -وفي المسجد معه خيمة من بني غفار- إلا والدم يسيل إليهم) جملة وفي المسجد معه خيمة من بني غفار حالية ومعنى يرعهم يفزعهم والضمير فيها لأهل الخيمة وكانت -على ما يقول ابن إسحق- لرفيدة الأسلمية قال الحافظ: فيحتمل أن تكون لها زوج من بني غفار اهـ. والاستثناء مفرغ من عموم الفاعل والتقدير: فلم يفزعهم شيء إلا منظر فظيع والدم يجري إليهم من الخيمة المجاورة. (ما هذا الذي يأتينا من قبلكم؟) بكسر القاف وفتح الباء أي من جهتكم؟ (فإذا سعد جرحه يغذ دما) قال النووي: هكذا هو في معظم الأصول المعتمدة يغذ بكسر الغين وتشديد الذال ونقله القاضي عن جمهور الرواة وفي بعضها يغذو بإسكان الغين وضم الذال وكلاهما صحيح ومعناه يسيل يقال غذ الجرح يغذ إذا دام سيلانه وغذا يغذو سال. اهـ. (فما فعلت قريظة والنضير) قال النووي: هكذا هو في معظم النسخ وكذا حكاه القاضي عن المعظم وفي بعضها لما فعلت باللام بدل الفاء وقال: وهو الصواب والمعروف في السير. اهـ. تركتم قدركم لا شيء فيها وقدر القوم حامية تفور الخطاب للأوس ويوبخ به الشاعر جبل بن جوال الثعلبي وكان حينئذ كافرا يوبخ سعد بن معاذ على حكمه بقتل مقاتلة بني قريظة وهذا البيت مثل يضرب لعدم الناصر فكأن الأوس بهذا الحكم فرغوا قدرهم من الطعام بفقدهم لبني قريظة حلفائهم وكانوا بهم أقوياء وأشار بعض القوم إلى الخزرج الذين تقووا بحلفائهم بني قينقاع حيث تشفعوا لهم عند النبي صلى الله عليه وسلم فأبقاهم. وقد قال الكريم أبو حباب أقيموا قينقاع ولا تسيروا يمدح عبد الله بن أبي وهو أبو حباب رئيس الخزرج حيث شفع لبني قينقاع فأقاموا. وقد كانوا ببلدتهم ثقالا كما ثقلت بميطان الصخور الكلام عن بني قريظة وأنهم كانوا في بلادهم بسبب كثرة مالهم أقوياء راسخين رسوخ الصخر في جبل ميطان المعروف في أرض الحجاز في ديار بني مزينة وميطان بفتح الميم على المشهور وحكي بكسرها. (ألا يصلين أحد الظهر إلا في بني قريظة) ألا أصلها أن المفسرة دخلت على لا الناهية. قال النووي: هكذا رواه مسلم لا يصلين أحد الظهر ورواه البخاري في باب صلاة الخوف من رواية ابن عمر أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا لما رجع من الأحزاب: لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة فأدرك بعضهم العصر في الطريق وقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها وقال بعضهم بل نصلي ولم يرد ذلك منا فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحدا منهم ويجمع بين الروايتين في كونها الظهر أو العصر باحتمال أن هذا النهي كان بعد دخول وقت الظهر وقد صلى الظهر بالمدينة بعضهم دون بعض فقيل للذين لم يصلوا الظهر: لا تصلوا الظهر إلا في بني قريظة وللذين صلوا بالمدينة: لا تصلوا العصر إلا في بني قريظة (ويبعد هذا الاحتمال أن النداء صدر مرات بلفظ واحد من شخص واحد وهذا الاحتمال يحتاج نداءين مختلفين) كما يبعده اتحاد مخرج الحديث لأنه عند الشيخين بإسناد واحد من مبدئه إلى منتهاه فيبعد أن يكون كل من رجال الإسناد قد حدث به على الوجهين إذ لو كان كذلك لحمله واحد منهم عن بعض رواته على الوجهين ولم يوجد ذلك قال الحافظ ابن حجر: ثم تأكد عندي أن الاختلاف المذكور من حفظ بعض رواته فإن لفظ البخاري مخالف للفظ مسلم كما سبق فالذي يظهر من تغاير اللفظين أن عبد الله بن محمد بن أسماء شيخ الشيخين فيه حدث البخاري على هذا اللفظ وحدث مسلما والآخرين بلفظ آخر -فتغيير اللفظ على هذا من شيخ الشيخين والنهي كان عن وقت واحد- أو أن البخاري كتبه من حفظه ولم يراع اللفظ كما عرف من مذهبه في تجويز ذلك بخلاف مسلم فإنه يحافظ على اللفظ كثيرا وإنما لم أجوز عكسه لموافقة من وافق مسلما على لفظه بخلاف البخاري -فتغيير اللفظ على هذا من البخاري والنهي كان عن وقت واحد وهو الظهر- قال الحافظ: وهذا كله من حيث حديث ابن عمر أما بالنظر إلى حديث غيره فالاحتمالان المتقدمان في كونه قال الظهر لطائفة والعصر لطائفة متجه فيحتمل أن تكون رواية الظهر هي التي سمعها ابن عمر ورواية العصر هي التي سمعها كعب بن مالك وعائشة. اهـ. قال النووي: ويحتمل أنه قيل للجميع: لا تصلوا الظهر ولا العصر إلا في بني قريظة ويحتمل أنه قيل للذين ذهبوا أولا: لا تصلوا الظهر إلا في بني قريظة وللذين ذهبوا بعدهم: لا تصلوا العصر إلا في بني قريظة. فقه الحديث يؤخذ من الروايات الثلاث الأولى

    1- جواز التحكيم في أمور المسلمين وفي مهماتهم العظام وقد أجمع العلماء عليه ولم يخالف فيه إلا الخوارج فإنهم أنكروا على علي التحكيم وأقام الحجة عليهم.

    2- وجواز مصالحة أهل قرية أو حصن على حكم حاكم مسلم عدل صالح للحكم أمين على هذا الأمر وعليه الحكم بما فيه مصلحة للمسلمين.

    3- وإذا حكم بالشيء لزم حكمه ولا يجوز للإمام ولا لهم الرجوع عنه ولهم الرجوع قبل الحكم. قاله النووي.
    4- وفي قوله قوموا إلى سيدكم في الرواية الأولى إكرام أهل الفضل وتلقيهم بالقيام لهم إذا أقبلوا قال النووي: هكذا احتج به جماهير العلماء لاستحباب القيام قال القاضي: وليس هذا من القيام المنهي عنه وإنما ذلك فيمن يقومون عليه وهو جالس ويمثلون قياما طول جلوسه. قال النووي: القيام للقادم من أهل الفضل مستحب وقد جاء فيه أحاديث ولم يصح في النهي عنه شيء صريح وقد جمعت كل ذلك مع كلام العلماء عليه في جزء وأجبت فيه عما توهم النهي عنه. اهـ.
    5- قال ابن بطال: في هذا الحديث أمر الإمام الأعظم بإكرام الكبير من المسلمين.
    6- ومشروعية إكرام أهل الفضل في مجلس الإمام الأعظم والقيام فيه لغيره من أصحابه.
    7- قال الخطابي: فيه أن قيام المرءوس للرئيس الفاضل والإمام العادل والمتعلم للعالم مستحب وإنما يكره لمن كان بغير هذه الصفات. قال الحافظ ابن حجر: وقد منع من ذلك قوم واحتجوا بحديث أبي أمامة قال خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم متوكئا على عصا فقمنا له فقال: لا تقوموا كما تقوم الأعاجم بعضهم لبعض وأجاب عنه الطبري بأنه حديث ضعيف مضطرب السند فيه من لا يعرف. واحتجوا أيضا بحديث عبد الله بن بريدة: أن أباه دخل على معاوية فأخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أحب أن يتمثل له الرجال قياما وجبت له النار وأجاب عنه الطبري بأن هذا الخبر إنما فيه نهي من يقام له عن السرور بذلك لا نهي من يقوم له إكراما له وأجاب عنه ابن قتيبة بأن معناه: من أراد أن يقوم الرجال على رأسه كما يقام بين يدي ملوك الأعاجم وليس المراد به نهي الرجل عن القيام لأخيه إذا سلم عليه. واحتج ابن بطال للجواز بما أخرجه النسائي عن عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى فاطمة بنته قد أقبلت رحب بها ثم قام فقبلها ثم أخذ بيدها حتى يجلسها في مكانه. وذكر البخاري في الأدب المفرد حديث كعب بن مالك في قصة توبته وفيه فقام إلى طلحة ابن عبيد الله يهرول. قال الحافظ ابن حجر: ومحصل المنقول عن مالك إنكار القيام مادام الذي يقام لأجله لم يجلس ولو كان في شغل نفسه فإنه سئل عن المرأة تبالغ في إكرام زوجها فتلقاه وتنزع ثيابه وتقف حتى يجلس؟ فقال: أما التلقي فلا بأس به وأما القيام حتى يجلس فلا فإن هذا فعل الجبابرة. وقد أنكره عمر بن عبد العزيز. وقد أطال الحافظ ابن حجر في عرض وجهتي نظر الفريقين في موضوع النزاع فقال: نقل المنذري عن بعض من منع ذلك مطلقا أنه رد على قصة سعد هذه بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمرهم بالقيام لسعد لينزلوه عن الحمار لكونه كان مريضا ويستأنس لهذا بما في مسند عائشة عند أحمد بلفظ قوموا إلى سيدكم فأنزلوه قال الحافظ: وسنده حسن وهذه الزيادة تخدش الاستدلال بقصة سعد على مشروعية القيام المتنازع فيه. واحتج النووي بحديث سعد ونقل عن البخاري ومسلم وأبي داود أنهم احتجوا به ولفظ مسلم : لا أعلم في قيام الرجل للرجل حديثا أصح من هذا وقد اعترض عليه الشيخ أبو عبد الله ابن الحاج فقال ما ملخصه : لو كان القيام المأمور به لسعد هو المتنازع فيه لما خص به الأنصار فإن الأصل في أفعال القرب التعميم ولو كان القيام لسعد على سبيل البر والإكرام لكان هو صلى الله عليه وسلم أول من فعله وأمر به من حضر من كبار الصحابة فلما لم يأمر به ولا فعله ولا فعلوه دل ذلك على أن الأمر بالقيام لغير ما وقع فيه النزاع وإنما هو لينزلوه عن دابته لما كان فيه من المرض ولأن عادة العرب أن القبيلة تخدم كبيرها فلذلك خص الأنصار بذلك دون المهاجرين وعلى تقدير تسليم أن القيام المأمور به حينئذ لم يكن للإعانة فليس هو المتنازع فيه بل لأنه غائب قدم والقيام للغائب إذا قدم مشروع ويحتمل أن يكون القيام المذكور إنما هو لتهنئته بما حصل له من تلك المنزلة الرفيعة من التحكيم والرضا بما يحكم به والقيام لأجل التهنئة مشروع أيضا. وأجاب ابن الحاج على احتجاج النووي بقيام طلحة لكعب بن مالك بأن طلحة إنما قام لتهنئته ومصافحته ولذلك لم يحتج به البخاري للقيام وإنما أورده في المصافحة ولو كان قيامه محل النزاع لما انفرد به فلم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم قام له ولا أمر به ولا فعله أحد ممن حضر وإنما انفرد طلحة لقوة المودة بينهما على ما جرت به العادة أن التهنئة والبشارة ونحو ذلك تكون على قدر المودة والخلطة بخلاف السلام فإنه مشروع على من عرفت ومن لم تعرف وإذا حمل فعل طلحة على محل النزاع لزم أن يكون من حضر من المهاجرين قد ترك ما هو مندوب ولا يظن بهم ذلك. وأجاب ابن الحاج عن احتجاج النووي بقيام النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة باحتمال أن يكون القيام لها لأجل إجلاسها في مكانه إكراما لها لا على وجه القيام المنازع فيه ولا سيما ما عرف من ضيق بيوتهم وقلة الفرش فيها فكانت إرادة إجلاسها في موضعه مستلزمة لقيامه. واحتج النووي أيضا بما أخرجه أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالسا يوما فأقبل أبوه من الرضاعة فوضع له بعض ثوبه فجلس عليه ثم أقبلت أمه فوضع لها شق ثوبه من الجانب الآخر ثم جاء أخوه من الرضاعة فقام فأجلسه بين يديه واعترضه ابن الحاج بأن هذا القيام لو كان محل النزاع لكان الوالدان أولى به من الأخ وإنما قام للأخ إما لأن يوسع له في الرداء أو في المجلس. واحتج النووي أيضا بما أخرجه مالك في قصة عكرمة بن أبي جهل أنه لما فر إلى اليمن يوم الفتح ورحلت امرأته إليه حتى أعادته إلى مكة مسلما فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم وثب إليه فرحا وما عليه رداء واحتج أيضا بقيام النبي صلى الله عليه وسلم لجعفر لما قدم من الحبشة فقال: ما أدري بأيهما أنا أسر: بقدوم جعفر؟ أو بفتح خيبر؟ وبحديث عائشة قدم زيد بن حارثة المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم في بيتي فقرع الباب فقام إليه فاعتنقه وقبله وأجاب ابن الحاج بأنها ليست من محل النزاع. واحتج النووي بعمومات تنزيل الناس منازلهم وإكرام ذي الشيبة وتوقير الكبير واعترضه ابن الحاج بما حاصله أن القيام على سبيل الإكرام داخل في العمومات المذكورة لكن محل النزاع قد ثبت النهي عنه فيخص من العمومات. وأخرج الترمذي عن أنس قال: لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك قال الترمذي: حسن صحيح غريب وترجم له: باب كراهة قيام الرجل للرجل وأجاب النووي عن هذا الحديث من وجهين. أحدهما أنه خاف عليهم الفتنة إذا أفرطوا في تعظيمه فكره قيامهم له لهذا المعنى كما قال لا تطروني ولم يكره قيام بعضهم لبعض فإنه قد قام لبعضهم وقاموا لغيره بحضرته فلم ينكر عليهم بل أقره وأمر به ثانيهما أنه كان بينه وبين أصحابه من الأنس وكمال الود والصفاء ما لا يحتمل زيادة بالإكرام بالقيام فلم يكن في القيام مقصود ورد عليه ابن الحاج بما لا يسمح له المقام. وقال الغزالي: القيام على سبيل الإعظام مكروه وعلى سبيل الإكرام لا يكره قال الحافظ: وهو تفصيل حسن. وعن الوليد بن رشد: أن القيام يقع على أربعة أوجه: الأول محظور وهو أن يقع لمن يريد أن يقام له تكبرا وتعاظما على القائمين إليه والثاني مكروه وهو أن يقع لمن لا يتكبر ولا يتعاظم على القائمين ولكن يخشى أن يدخل نفسه بسبب ذلك ما يحذر ولما فيه من التشبه بالجبابرة. والثالث جائز وهو أن يقع على سبيل البر والإكرام لمن لا يريد ذلك ويؤمن معه التشبيه بالجبابرة والرابع مندوب وهو أن يقوم لمن قدم من سفر فرحا بقدومه ليسلم عليه أو إلى من تجددت له نعمة فيهنئه بحصولها أو مصيبة فيعزيه بسببها. والله أعلم.
    8- قال الخطابي: في الحديث جواز إطلاق السيد على الخير الفاضل.
    9- وفي الحديث تحكيم الأفضل من هو مفضول. 10- وجواز الاجتهاد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم والمسألة خلافية في أصول الفقه والمختار الجواز سواء كان بحضور النبي صلى الله عليه وسلم أم لا واستبعد المانعون وقوع الاعتماد على الظن مع إمكان القطع لكن لا يضر ذلك لأنه بالتقرير يصير قطعيا. 1

    1- ومن ضرب الخيمة في المسجد لسعد جواز النوم في المسجد. 1

    2- وجواز مكث المريض فيه وإن كان جريحا. 1

    3- واتخاذ المسجد مكانا لعلاج الجرحى. 1
    4- ومن دعاء سعد بجعل موته في الجراحة جواز تمني الشهادة وهو مخصوص من عموم النهي عن تمني الموت وقيل: هذا ليس من تمني الموت المنهي عنه لأن المنهي عنه تمني الموت لضر أصابه ونزل به هذا إنما تمنى انفجارها ليكون شهيدا. 1
    5- ومن الرواية السادسة مدى اهتمام الصحابة بالصلاة في وقتها. 1
    6- ومن عدم تعنيف النبي صلى الله عليه وسلم لأحد من الفريقين أنه لا يعنف المجتهد فيما فعله باجتهاده إذا بذل وسعه في الاجتهاد. 1
    7- وأنه لا يعاب على من أخذ بظاهر حديث أو آية. 1
    8- ولا على من استنبط من النص معنى يخصصه. 1
    9- قال السهيلي: وفيه أنه لا يستحيل أن يكون الشيء صوابا في حق إنسان وخطأ في حق غيره وإنما المحال أن يحكم في النازلة بحكمين متضادين في حق شخص واحد قال: والأصل في ذلك أن الحظر والإباحة صفات أحكام لا أعيان قال: فكل مجتهد وافق اجتهاده وجها من التأويل فهو مصيب. اهـ. فكل مختلفين في الفروع من المجتهدين مصيب. قال الحافظ ابن حجر: والمشهور أن الجمهور ذهبوا إلى أن المصيب في القطعيات واحد وخالف الجاحظ والعنبري وأما ما لا قطع فيه قال الجمهور أيضا: المصيب واحد وقد ذكر ذلك الشافعي وقرره ونقل عن الأشعري أن كل مجتهد مصيب وأن حكم الله تابع لظن المجتهد وقال بعض الحنفية وبعض الشافعية: هو مصيب باجتهاده وإن لم يصب ما في نفس الأمر فهو مخطئ وله أجر واحد. وحديث إنما أنا بشر وإنه يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضي له بذلك فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو ليتركها هذا الحديث يدل على أن المجتهد قد يخطئ وليس كل مجتهد مصيبا غاية الأمر أن المجتهد إذا أخطأ لا يلحقه إثم بل يؤجر. قال الحافظ ابن حجر: ثم الاستدلال بهذه القصة على أن كل مجتهد مصيب على الإطلاق ليس بواضح وإنما فيه ترك تعنيف من بذل وسعه واجتهد فيستفاد منه عدم تأثيمه قال: وحاصل ما وقع في القصة أن بعض الصحابة حملوا النهي على حقيقته ولم يبالوا بخروج الوقت ترجيحا للنهي الثاني على النهي الأول وهو ترك تأخير الصلاة عن وقتها واستدلوا بجواز التأخير لمن اشتغل بأمر الحرب بنظير ما وقع في تلك الأيام بالخندق فقد صلوا العصر بعد ما غربت الشمس لشغلهم بأمر الحرب فجوزوا أن يكون ذلك عاما في كل شغل يتعلق بأمر الحرب ولا سيما والزمان زمان التشريع والبعض الآخر حملوا النهي على غير الحقيقة وأنه كناية عن الحث والاستعجال والإسراع إلى بني قريظة اهـ. ونعود إلى قولهم: كل مجتهد مصيب. مصيب ماذا؟ هل مصيب عين الواقع المراد للمتكلم؟ أو مصيب في حكم الشرع مأمور بالعمل بما أدى إليه اجتهاده؟ ونزيد الأمر وضوحا على قصتنا. لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قصد من نهيه لا يصلين أحد الظهر إلا في بني قريظة تأخير صلاة الظهر فعلا لمن لم يصلها إلى أن يصليها في ممتلكات بني قريظة كان الذين أخروها مصيبين الواقع المقصود والذين صلوا في الطريق مخطئين الواقع المقصود وإن كانوا معذورين لا يعنفون فمصيب الواقع هنا واحد ولا شك ولو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قصد من نهيه الحث على الإسراع ولم يرد أصلا تأخير صلاة من لم يصل كان المصلون في الطريق مصيبين الواقع المراد إذا أسرعوا المسير وكان المؤخرون للصلاة مخطئين الواقع المراد غاية الأمر أننا لم نعرف المصيب من المخطئ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلن عن قصده ومراده من النهي ولو أنه أبان عن مقصوده لتحدد الفريق المصيب من الفريق المخطئ أما لو كان قصده صلى الله عليه وسلم كلا من الأمرين وإباحة كل من الأمرين لمن شاء فكلا الفريقين مصيب للواقع المراد وفي جميع الحالات الكل مصيب في حكم الشرع له أجره مصيب عين الحقيقة له أجران عند الله ومخطئ عين الحقيقة له أجر واحد. وقد حاول ابن القيم ترجيح رأي الذين صلوا في الطريق على أساس أنهم حازوا الفضيلتين: امتثال الأمر في الإسراع وامتثال الأمر في المحافظة على الوقت لا سيما في صلاة العصر. قال: فاجتهاد الذين صلوا أصوب من اجتهاد الطائفة الأخرى. 20- واستدل به ابن حبان على أن تارك الصلاة حتى يخرج وقتها لا يكفر وفيه نظر لأن التأخير هنا بطلب من الشارع وما يقصده ابن حبان التأخير بدون طلب من الشارع وبدون عذر. 2

    1- واستدل به بعضهم على أن الذي يتعمد تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها يقضيها بعد ذلك لأن الذين لم يصلوا في الطريق حتى خرج وقتها صلوها بعد ذلك روي أنهم صلوها في وقت العشاء وروي أنهم صلوها بعد أن غابت الشمس وفي هذا الاستدلال نظر لأنهم لم يؤخروها إلا لعذر تأولوه والنزاع إنما هو فيمن أخر عمدا بغير تأويل. 2

    2- استدل به بعضهم على جواز الصلاة على الدواب في شدة الخوف وادعى أن الطائفة الذين صلوا العصر لما أدركتهم في الطريق إنما صلوها وهم على الدواب واستند إلى أن النزول إلى الصلاة ينافي مقصود الإسراع في الوصول فصلوا ركبانا ليجمعوا بين دليل وجوب الصلاة ودليل وجوب الإسراع لأنهم لو صلوا نزولا لكانوا تاركين لما أمروا به من الإسراع ولا يظن بهم ذلك مع ثقوب أفهامهم. وفي هذا الاستدلال نظر لأن دعوى أنهم صلوا ركبانا تحتاج إلى دليل ولم يرد صريحا في شيء من طرق هذه القصة أنهم صلوا ركبانا. 2

    3- قال النووي: في الحديث دلالة لمن يقول بالمفهوم والقياس ومراعاة المعنى. والله أعلم.

    وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ نَادَى فِينَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ انْصَرَفَ عَنِ الأَحْزَابِ ‏ "‏ أَنْ لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الظُّهْرَ إِلاَّ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ ‏"‏ ‏.‏ فَتَخَوَّفَ نَاسٌ فَوْتَ الْوَقْتِ فَصَلُّوا دُونَ بَنِي قُرَيْظَةَ ‏.‏ وَقَالَ آخَرُونَ لاَ نُصَلِّي إِلاَّ حَيْثُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَإِنْ فَاتَنَا الْوَقْتُ قَالَ فَمَا عَنَّفَ وَاحِدًا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ ‏.‏

    It has been narrated on the authority of Abdullah who said:On the day he returned from the Battle of Ahzab, the Messenger of Allah (ﷺ) made for us an announcement that nobody would say his Zuhr prayer but in the quarters of Banu Quraiza (Some) people, being afraid that the time for prayer would expire, said their prayers before reaching the street of Banu Quraiza. The others said: We will not say our prayer except where the Messenger of Allah (ﷺ) has ordered us to say it even if the time expires. When he learned of the difference in the view of the two groups of the people, the Messenger of Allah (may peace be tipon him) did not blame anyone from the two groups

    Dan telah menceritakan kepadaku [Abdullah bin Muhammad bin Asma Ad Bua'i] telah menceritakan kepada kami [Juwairiyah bin Asma] dari [Nafi'] dari [Abdullah] dia berkata, "Ketika kami telah kembali dari perang Ahzab, Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam berseru kepada kami: "Hendaklah tidak ada seorangpun yang melaksanakan shalat zhuhur kecuali jika ia telah sampai di tempat Bani Quraizhah." Lalu sebagian sahabat ada yang khawatir akan habisnya waktu shalat, sehingga mereka melaksanakannya sebelum memasuki daerah Bani Quraizhah. Sedangkan yang lainnya berkata, "Kami tidak akan melaksanakan shalat kecuali pada tempat yang telah Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam pesankan untuk kami, meskipun waktu shalat telah habis." Abdullah berkata, "Dan ternyata beliau tidak mencela salah satu dari kedua kelompok tersebut

    Bana Abdullah b. Muhammed b. Esma Ed-Dubaî rivayet etti. (Dediki): Bize Cüveyriye b. Esma', Nâfi'den, o da Abdullah'dan naklen rivayet etti. Şöyle demiş: Ahzâb muharebesinden döndüğü gün Resûlullnh (Sallallahu Aleyhi ve Sellem) bize : «Sakın kimse öğleyi Benî Kureyza'dan başka bir yerde kılmasın!» diye seslendi. Fakat bazı insanlar vaktin geçeceğinden korkarak namazı Beni Kureyza'dan başka yerde kıldılar. Ötekiler de: — Vakti geçirsek bile biz namazımızı ancak Resûlullah (Sallallahu Aleyhi ve Sellem)'in emrettiği yerde kılarız! dediler. Ama o, iki fırkadan hiç bir kimseyi azarlamadı

    حضرت عبداللہ ( بن عمر رضی اللہ عنہ ) سے روایت ہے ، انہوں نے کہا : رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے ، جس روز آپ جنگِ احزاب سے لوٹےہم میں منادی کرائی کہ کوئی شخص بنو قریظہ کے سوا کہیں اور نمازِ ظہر ادا نہ کرے ۔ کچھ لوگوں کو وقت نکل جانے کا خوف محسوس ہوا تو انہوں نے بنو قریظہ ( پہنچنے ) سے پہلے ہی نماز پڑھ لی ، جبکہ دوسروں نے کہا : چاہے وقت ختم ہو جائے ہم وہیں نماز پڑھیں گے جہاں رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے ہمیں نماز پڑھنے کا حکم دیا ہے ۔ کہا : تو آپ نے فریقین میں سے کسی کو بھی ملامت نہ کی

    আবদুল্লাহ ইবনু মুহাম্মাদ ইবনু আসমা যুবাঈ (রহঃ) ..... আবদুল্লাহ (রাযিঃ) হতে বর্ণিত। তিনি বলেন, যখন রসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম আহযাবের যুদ্ধ থেকে ফিরে আসলেন- তখন তিনি আমাদের মাঝে ঘোষণা দিলেন যে, কেউ যেন যুহরের সালাত আদায় না করে, যতক্ষণ না বানী কুরাইযার মহল্লায় গিয়ে পৌছবে। তখন কিছু সংখ্যক লোক যুহরের সালাতের সময় চলে যাওয়ার ভয় করলেন এবং তারা বানু কুরাইযাহ গোত্রে পৌছার পূর্বেই সালাত আদায় করলেন। আর অন্যান্যরা বললেন, রসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম আমাদেরকে যে স্থানে সালাত আদায় করতে বলেছেন, সে স্থান ব্যতীত আমরা সালাত আদায় করব না, যদিও সময় চলে যায়। রাবী বলেন, এ ঘটনা শুনে রসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম এ দু'দলের কারো প্রতি রাগান্বিত হননি। (ইসলামিক ফাউন্ডেশন ৪৪৫০, ইসলামিক সেন্টার)

    அப்துல்லாஹ் பின் உமர் (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் அகழ்ப் போரை முடித்துத் திரும்பிய நாளன்று, "பனூ குறைழா குலத்தார் வசிக்குமிடத்தை நீங்கள் அடையாத வரை உங்களில் எவரும் லுஹர் தொழுகையைத் தொழ வேண்டாம்" என்று எங்களிடம் (கூறி, பனூ குறைழா குலத்தாரை நோக்கி விரைவாகப் புறப்படுமாறு) அறிவித்தார்கள். அவ்வாறு சென்றவர்கள் (வழியிலேயே அஸ்ர் தொழுகையின் நேரத்தை அடைந்தனர்.) சிலர் (அஸ்ர் தொழுகையின்) நேரம் தவறிவிடுமோ என அஞ்சினர். எனவே, பனூ குறைழா குலத்தார் வசிக்குமிடத்திற்கு முன்பே தொழுதுவிட்டனர். வேறுசிலர் தொழுகையின் நேரம் நமக்குத் தவறினாலும், அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் கட்டளையிட்ட இடத்திலேயே தொழுவோம் என்று கூறி (தொழுகையைத் தாமதப்படுத்தி)னர். பின்னர் (இரு பிரிவினர் குறித்தும் அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்களிடம் தெரிவிக்கப்பட்டபோது) அவ்விரு பிரிவினரில் எவரையும் அவர்கள் குறை கூறவில்லை. அத்தியாயம் :