• 2105
  • وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ ، قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ عَلَى نَاقَتِهِ ، يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ ، قَالَ : فَقَرَأَ ابْنُ مُغَفَّلٍ وَرَجَّعَ ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : لَوْلَا النَّاسُ لَأَخَذْتُ لَكُمْ بِذَلِكَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ مُغَفَّلٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَحَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ ، ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، قَالَا : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ ، وَفِي حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ ، قَالَ : عَلَى رَاحِلَةٍ يَسِيرُ وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ *

    سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ ، قَالَ : " رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ عَلَى نَاقَتِهِ ، يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ " ، قَالَ : فَقَرَأَ ابْنُ مُغَفَّلٍ

    لا توجد بيانات
    رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ
    لا توجد بيانات

    عن عبد الله بن مغفل المزني رضي الله عنه قال: قرأ النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح في مسير له سورة الفتح على راحلته فرجع في قراءته. قال معاوية: لولا أني أخاف أن يجتمع علي الناس لحكيت لكم قراءته.


    المعنى العام روي أن النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة مرا بأبي موسى الأشعري وهو يقرأ في بيته، فقاما يستمعان لقراءته، ثم إنهما مضيًا، فلما أصبح لقي أبو موسى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا موسى، مررت بك وأنت تقرأ فاستمعت لقراءتك، لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود. فقال أبو موسى: لو علمت بمكانك لحبرته لك تحبيرًا، أي حسنت به صوتي أكثر وأكثر. وهكذا شجع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا موسى وحث أصحابه أن يحسنوا بالقرآن أصواتهم. وقد رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحسين الصوت بقراءة القرآن، وحث على ذلك بأن الله أشد إصغاء لقارئي القرآن بصوت حسن من إصغاء صاحب القينة لقينته. والأحاديث الثلاثة الأول معناها أن الله لم يصغ لشيء ولا لمسموع مثلما يصغي لنبي حسن الصوت يقرأ القرآن ويجهر به، والإصغاء هنا كناية عن الرضا والقبول والجزاء، فلم يرض الله عن مسموع ما، ولا يعطي جزاء خيرًا على مسموع ما، قدر ما يرضى وقدر ما يعطى قارئ القرآن بصوت حسن. وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ ويسمع أصحابه قراءته، وهو صلى الله عليه وسلم حسن الصوت، فقد روي في الصحيحين عن جبير بن مطعم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، فما سمعت أحدًا أحسن صوتًا أو قراءة منه. وفي الحث على تحسين الصوت بالقرآن أحاديث كثيرة، ضعيفها يتقوى بصحيحها، فقد روى الطبري: ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي في الترنم بالقرآن. وروى ابن أبي شيبة: تعلموا القرآن وغنوا به وأفشوه. وعند أبي عوانة: فإن لم تبكوا فتباكوا. وكان عمر يقدم الشاب الحسن الصوت لحسن صوته بين القوم. وقد روي: زينوا القرآن بأصواتكم. رواه ابن حبان. وفي رواية: حسنوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنًا. وهكذا حرص صلى الله عليه وسلم على تحسين الصوت بقراءة القرآن مع حسن الأداء والتزام قواعد الترتيل الصحيح. المباحث العربية (عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم) أي يرفعه ويسنده إليه، كأنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. (ما أذن الله لشيء) ما نافية، وأذن بفتح الهمزة وكسر الذال يطلق بالاشتراك اللفظي على معنيين: الأول: السماح والإطلاق والإباحة، والمصدر الإذن بكسر الهمزة وسكون الذال، وليس هذا المعنى مرادًا هنا كما يقول كثير من العلماء، ولم يستبعده الحافظ ابن حجر تبعًا للقاضي عياض الذي وجهه بأن المراد منه الحث على ذلك والأمر به. المعنى الثاني: من المشترك اللفظي الاستماع والإصغاء، ومنه قوله تعالى: {{{ وأذنت لربها وحقت }}}[الانشقاق: 2] والمراد لازم الاستماع من الاستجابة والطواعية، ومصدره الأذن بفتح الهمزة والذال. قال القرطبي: أصل الأذن بفتحتين أن المستمع يميل إلى جهة من يسمعه. اهـ. ويرجح ويقوي إرادة هذا المعنى هنا ما أخرجه أحمد وابن ماجه والحاكم وصححه: لله أشد أذنًا [أي استماعًا] إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته. والإصغاء بمعنى ميل الأذن لا يسند إلى الله تعالى على الحقيقة، وإنما المراد به لازمه من إكرام القارئ وإجزال ثوابه. وقوله في روايتنا: لشيء بالشين يتناول العقلاء وغير العقلاء، لكنه في البخاري في أكثر نسخه بلفظ: لنبي بالنون والباء وفي رواية: للنبي بزيادة لام مع النون والباء والكل صحيح. (ما أذن لنبي) ما مصدرية، أي إذنه لنبي، وفي الكلام تشبيه، أي كإذنه لنبي، وهو لفظ روايتنا الثالثة. (يتغنى بالقرآن) يطلق التغني والتغاني على الاستغناء، ومنه قول الشاعر: كلانا غنى عن أخيه حياته ونحن إذا متنا أشد تغانيًا ويقال: تغنى بكذا عن كذا. فالمعنى يتغنى بالقرآن عما سواه من العبارات. ويطلق التغني على تحسين الصوت، وسياق الحديث يأبى الحمل على الاستغناء، لأن قوله في الرواية الثانية: لنبي حسن الصوت. وفي الرواية الثانية والثالثة: يجهر به. قرينة مانعة من إرادة المعنى الأول معينة للمعنى الثاني وسيأتي في فقه الحديث مزيد من الإيضاح للمراد. (إن عبد اللَّه بن قيس أو الأشعري) هو أبو موسى الأشعري الصحابي الجليل عضو التحكيم من جانب علي رضي الله عنه. (أعطي مزمارًا من مزامير آل داود) المزمار بكسر الميم الآلة المعروفة والمراد هنا الصوت الحسن، من إطلاق المؤثر وإرادة الأثر مجازًا مرسلاً. ولفظ: آل في آل داود قيل: مقحمة. وقيل: إن آل فلان قد يطلق على فلان نفسه. وعلى كل فالمراد من آل داود داود نفسه، لأنه لم ينقل أن أحدًا من أولاد داود ولا من أقاربه كان قد أعطي من حسن الصوت ما أعطي. كذا قال الحافظ ابن حجر وغيره من العلماء. ولست أرى بعدًا أن يكون المراد آل داود، فإن حسن الصوت كثيرًا ما يكون وراثيًا، ويكون في أسرة أبرز منه في أسرة أخرى، وليس شرطًا أن ينقل وقوع ذلك في أسرة داود، وإنما الشرط أن لا ينقل نقيضه، فيكون هذا النقل قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي، أما أنه لم ينقل أن أحد أقاربه قد أعطي من حسن الصوت ما أعطي داود فهو مسلم، لكن التشبيه في الحديث ليس بين صوت أبي موسى وبين صوت داود نفسه، إذ شتان بين الصوتين، فقد أثر أن الطير والوحش كانت ترقص عند سماع صوته عليه السلام، فيكفي تشبيه صوت أبي موسى بأقارب آل داود، ولا داعي للتأويل، وعدم النقل لا ينفي الوقوع. (لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة) أي الليلة البارحة، أي الماضية، ولو يصح أن تكون شرطية وجواب الشرط محذوف، تقديره لسررت بسروري، ويصح أن تكون للتمني، أي كنت أتمنى أن تراني مسرورًا بسماع قراءتك، والأظهر أن المراد من الاستماع الإصغاء، لا مجرد السماع. (على راحلته) المراد ناقته كما في الرواية السابعة. (فرجع) بتشديد الجيم، وأصل الترجيع الترديد، وترجيع الصوت ترديده في الحلق وإعادته، ومنه الترجيع في الأذان في الشهادتين. والمراد منه هنا ما فسره في البخاري في كتاب التوحيد بقوله: (آ ا أ) بهمزة مفتوحة بعدها ألف ساكنة ثم همزة أخرى، ثم قالوا: يحتمل أمرين: أحدهما: أن ذلك حدث من هز الناقة. والآخر أنه أشبع المد في موضعه فحدث ذلك. قال الحافظ ابن حجر: وهذا أشبه بالسياق، وسيأتي في فقه الحديث مزيد لإيضاح ذلك. (لولا الناس لأخذت لكم بذلك الذي ذكره ابن مغفل) أي لحكيت لكم ما حكاه لي ابن مغفل حكاية عن النبي صلى الله عليه وسلم، والخوف من الناس من اجتماعهم مستغربين. فقه الحديث وضع البخاري حديث ما أذن الله لنبي تحت عنوان: باب من لم يتغن بالقرآن، وقوله تعالى: {{{ أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم }}}[العنكبوت: 51]. كما أخرج في كتاب الأحكام حديث من لم يتغن بالقرآن فليس منا. وكأنه يشير بهذا العنوان والآية إلى ترجيح تفسير ابن عيينة للفظ يتغنى وأن المراد يستغنى لكنه استغناء خاص ليس ضد الفقر، إنما المراد الاستغناء به عما سواه من أخبار الأمم السابقة ونحوها. وقد روى أبو داود عن عبيد الله بن أبي نهيك قال: لقيني سعد بن أبي وقاص وأنا في السوق فقال: تجار كسبه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس منا من لم يستغن بالقرآن. وقد روى الطبري وغيره في سبب نزول الآية عن يحيى بن جعدة قال: جاء ناس من المسلمين بكتب وقد كتبوا فيها بعض ما سمعوه من اليهود، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بقوم ضلالة أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إليهم إلى ما جاء به غيره إلى غيرهم. فنزل {{{ أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم }}}. قال ابن التين: يفهم من ترجمة البخاري - أي عنوان الباب - أن المراد بالتغني الاستغناء لكونه أتبعه الآية التي تتضمن الإنكار على من لم يستغن بالقرآن عن غيره، فحمله على الاكتفاء به وعدم الافتقار إلى غيره، وحمله على ضد الفقر من جملة ذلك. اهـ. قال ابن الجوزي: اختلفوا في معنى قوله: يتغنى على أربعة أقوال: أحدها: تحسين الصوت. والثاني: الاستغناء. والثالث: التحزن. والرابع: التشاغل به. وأضاف الحافظ ابن حجر قولاً خامسًا حكاه ابن الأنباري وهو: التلذذ والاستحلاء له كما يستلذ أهل الطرب بالغناء. وأضاف قولاً سادسًا وهو: أن يجعل المسافر هجيراه الغناء. فيكون معنى الحديث: الحث على ملازمة القرآن وأن لا يتعدى إلى غيره. والشافعي وجمهور العلماء على أن المراد حسن الصوت لقرائن كثيرة. منها: ما قاله الشافعي حين سئل عن تفسير ابن عيينة التغني بالاستغناء فقال: لو أراد الاستغناء لقال: لم يستغن، وإنما أراد تحسين الصوت. ومنها رواية الطبري بلفظ: ما أذن لنبي في الترنم في القرآن. ولا دخل للترنم في الاستغناء، ومنها روايات الباب وبخاصة روايتنا الثانية: ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به. فحسن الصوت والجهر لا علاقة لهما بالاستغناء، فلو كان المراد الاستغناء كما ذهب إليه البخاري لم يكن لذكر حسن الصوت ولا لذكر الجهر به معنى. قال الحافظ ابن حجر: ظواهر الأخبار ترجح أن المراد تحسين الصوت ويؤيده قوله: يجهر به. فإنها إن كانت مرفوعة للنبي صلى الله عليه وسلم فقد قامت الحجة، وإن كانت غير مرفوعة فالراوي أعرف بمعنى الخير من غيره، ولا سيما إذا كان فقيهًا، فقد جزم الحليمي بأنها من قول أبي هريرة. قال الحافظ ابن حجر: والحاصل أنه يمكن الجمع بين أكثر التأويلات المذكورة، وهو أنه يحسن به صوته، جاهرًا به مترنمًا على طريق التحزن، مستغنيًا به عن غيره من الأخبار، طالبًا به غنى النفس، راجيًا به غنى اليد. اهـ. وقد وضعت أحاديث الباب هنا تحت عنوان: استحباب تحسين الصوت بالقرآن، ولا شك أن الأحاديث المذكورة في الباب تفيد ذلك، ولا شك أن النفوس تميل إلى سماع القراءة بالترنم أكثر من ميلها لمن لا يترنم، لأن للتطريب تأثيرًا في رقة القلب وإجراء الدمع وحسن الفهم والتدبر. والظاهر أن المحققين فرقوا بين القراءة بالألحان وبين تحسين الصوت بالقراءة فأطلقوا القراءة بالألحان على التمطيط المفرط المعتمد على نغمات الصوت الذي يؤدي إلى زيادة حرف أو إخفاء حرف أو زيادة مد يشوش النظم أو خطف المد، والعرف في أيامنا يؤيد هذا الإطلاق، فتلحين الأغاني مثلاً يعتمد النغم والإيقاع والترقيق والتفخيم والمد في غير موضعه، فنراه مثلاً حين يلحن: فإذا سخوت بلغت بالجود المدى = يلحنه إلى: فإذا سخاوت بلغت بالجود المدى، وهذا النوع بلا خلاف لا يليق بقراءة القرآن، وهو محرم أو مكروه حسب درجة الخروج عن الأداء الصحيح، أما المحافظة على الأداء الصحيح مع الصوت الحسن فهي مستحبة اتفاقًا سواء سميناها ألحانًا أم لا، ونتيجة لخفاء هذه التفرقة بين القراءة بالألحان وبين تحسين الصوت بالقراءة عند البعض جاءت أقوالهم ظاهرة التضارب أو بعيدة عن الحق والصواب، فقد يطلق الألحان ويريد تحسين الصوت، وقد يطلق تحسين الصوت ويريد الألحان، وننقل أقوالهم ثم نعقب بالتحقيق. قال الحافظ ابن حجر: كان بين السلف اختلاف في جواز القراءة بالألحان [الحقيقة أن الاختلاف مبناه تحديد مفهوم الألحان] أما تحسين الصوت وتقديم حسن الصوت على غيره فلا نزاع في ذلك. حكى عبد الوهاب المالكي عن مالك تحريم القراءة بالألحان، وحكى أيضًا عن جماعة من أهل العلم. حكى ابن بطال وعياض والقرطبي من المالكية، والماوردي والغزالي وغيرهما من الشافعية وبعض الحنفية القول بكراهة القراءة بالألحان. وحكى ابن بطال عن جماعة من الصحابة والتابعين جواز القراءة بالألحان. وهو المنصوص للشافعي، ونقله الطحاوي عن الحنفية. ونقل عن بعض الشافعية القول بالجواز بل الاستحباب. اهـ. ونص الشافعي في موضع على كراهة القراءة بالألحان. ونص في موضع آخر على أنها لا بأس بها. وهذا الاختلاف في الحكم أساسه الاختلاف في حقيقة المحكوم عليه لهذا نرى أصحاب الشافعي يدافعون عنه ويقولون: ليس على اختلاف قولين، بل على اختلاف حالين، فإن لم يخرج بالألحان على المنهج القويم جاز وإلا حرم. ونرى الإمام النووي يقول في التبيان: أجمع العلماء على استحباب تحسين الصوت بالقرآن ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط، فإن خرج حتى زاد حرفًا أو أخفاه حرم. وقال الغزالي والبندنيجي وصاحب الذخيرة من الحنفية: إن لم يفرط في التمطيط الذي يشوش النظم استحب، وإلا فلا. قال الحافظ ابن حجر: الذي يتحصل من الأدلة أن حسن الصوت بالقرآن مطلوب، فإن لم يكن القارئ حسن الصوت فليحسنه ما استطاع، كما قال ابن مليكة أحد رواة الحديث، وقد أخرج ذلك عنه أبو داود بإسناد صحيح، ومن جملة تحسينه أن يراعي فيه قوانين النغم، فإن حسن الصوت يزداد حسنًا بذلك، وإن خرج عن قوانين النغم أثر ذلك في حسنه، وغير الحسن ربما انجبر بمراعاة قوانين النغم ما لم يخرج عن شرط الأداء المعتبر عند أهل القراءات، فإن خرج عنها لم يف تحسين الصوت بقبح الأداء، فإن وجد من يراعيهما معًا فلا شك في أنه أرجح من غيره، لأنه يأتي بالمطلوب من تحسين ويجتنب الممنوع من حرمة الأداء. انتهى. وهو كلام نفيس يجب على المحقق الحرص عليه. والله أعلم. ويؤخذ من الأحاديث فوق ذلك: 1- من الرواية الرابعة والخامسة منقبة وفضيلة لأبي موسى الأشعري. 2- واستحباب الإصغاء إلى سماع الصوت الحسن في القرآن الكريم. 3- ومن الرواية الثانية والثالثة استحباب الجهر بقراءة القرآن. 4- وفيه دلالة بينة على أن القراءة غير المقروء. 5- ومن الرواية السادسة والسابعة استحباب القراءة على الدابة. قال ابن بطال: القراءة على الدابة سنة موجودة، وأصل هذه السنة قوله تعالى: {{{ لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون }}}[الزخرف: 13، 14] وكرهه بعضهم، وهو شاذ. 6- واستحباب الترجيع. قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر أن في الترجيع قدرًا زائدًا على الترتيل، فعند أبي داود عن علقمة قال: بت مع عبد الله بن مسعود في داره فنام ثم قام، فكان يقرأ قراءة الرجل في مسجد حيه، لا يرفع صوته، ويسمع من حوله، ويرتل، ولا يرجع وقال الشيخ ابن أبي جمرة: معنى الترجيع تحسين التلاوة لا ترجيع الغناء، لأن القراءة بترجيع الغناء تنافي الخشوع الذي هو مقصود التلاوة. 7- وملازمته صلى الله عليه وسلم للعبادة، لأنه حالة ركوبه الناقة وهو يسير لم يترك العبادة بالتلاوة. 8- وفيه إرشاد إلى أن الجهر بالعبادة قد يكون في بعض المواضع أفضل من الإسرار، وهذا عند التعليم وإيقاظ الغافل ونحو ذلك: ذكره الحافظ ابن حجر.





    لا توجد بيانات