• 2579
  • خَرَجْتُ مَعَ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ إِلَى قَرْيَةٍ عَلَى رَأْسِ سَبْعَةَ عَشَرَ ، أَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، فَقُلْتُ لَهُ : فَقَالَ : رَأَيْتُ عُمَرَ صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ ، فَقُلْتُ لَهُ : فَقَالَ : " إِنَّمَا أَفْعَلُ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ "

    حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ ، قَالَ زُهَيْرٌ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ إِلَى قَرْيَةٍ عَلَى رَأْسِ سَبْعَةَ عَشَرَ ، أَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، فَقُلْتُ لَهُ : فَقَالَ : رَأَيْتُ عُمَرَ صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ ، فَقُلْتُ لَهُ : فَقَالَ : إِنَّمَا أَفْعَلُ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَفْعَلُ وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ ، وَقَالَ عَنِ ابْنِ السِّمْطِ ، وَلَمْ يُسَمِّ شُرَحْبِيلَ ، وَقَالَ : إِنَّهُ أَتَى أَرْضًا يُقَالُ لَهَا دُومِينَ مِنْ حِمْصَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا

    لا توجد بيانات
    صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ ، فَقُلْتُ لَهُ : فَقَالَ : "
    حديث رقم: 1432 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الجمعة ذكر الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة
    حديث رقم: 202 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْعَشْرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ أَوَّلُ مُسْنَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 211 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْعَشْرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ أَوَّلُ مُسْنَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 1876 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ تَقْصِيرُ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ
    حديث رقم: 8021 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَالْإِمَامَةِ وَأَبْوَابٌ مُتَفَرِّقَةٌ فِي مَسِيرَةِ كَمْ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ
    حديث رقم: 5074 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 727 في الأحاديث المرفوعة من التاريخ الكبير للبخاري الأحاديث المرفوعة من التاريخ الكبير للبخاري
    حديث رقم: 34 في مسند الطيالسي أَحَادِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بْنِ نُفَيْلِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى الْأَفْرَادُ عَنْ عُمَرَ
    حديث رقم: 1541 في شرح معاني الآثار للطحاوي كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 1385 في الجعديات لأبي القاسم البغوي الجدعيات لأبي القاسم البغوي يَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ شَامِيُّ
    حديث رقم: 1902 في مستخرج أبي عوانة بَابٌ فِي الصَّلَاةِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَغَيْرِهِ بَيَانُ التَّوْقِيتِ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ إِذَا خَرَجَ الْمُسَافِرُ مِنْ بَلَدِهِ ،
    حديث رقم: 1903 في مستخرج أبي عوانة بَابٌ فِي الصَّلَاةِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَغَيْرِهِ بَيَانُ التَّوْقِيتِ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ إِذَا خَرَجَ الْمُسَافِرُ مِنْ بَلَدِهِ ،
    حديث رقم: 10309 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ وَرَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ مِنَ الْأَئِمَّةِ ، وَالْأَعْلَامِ التَّابِعِينَ

    [692] قَوْلُهُ وَحَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَزِيدِ بْنِ خُمَيْرٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ إِلَى قَرْيَةٍ عَلَى رَأْسِ سَبْعَةَ عَشَرَ أَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقُلْتُ لَهُ فَقَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ فَقُلْتُ لَهُ فَقَالَ إِنَّمَا أَفْعَلُ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ أَرْبَعَةٌ تَابِعِيُّونَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ يَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ فَمَنْ بَعْدَهُ وَتَقَدَّمَتْ لِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ وَسَيَأْتِي بَيَانُ بَاقِيهَا فِي مَوَاضِعِهَا ان شاء الله تعالى ويزيد بن خمير بضم الخاء المعجمة ونفير بضم النون وفتح الفاء والسمط بِكَسْرِ السِّينِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ وَيُقَالُ السَّمِطُ بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ دَلِيلٌ لِأَهْلِ الظَّاهِرِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ بِحَالٍ لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّمَا هُوَ الْقَصْرُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهَا غَايَةَ السَّفَرِ وَأَمَّا قَوْلُهُ قَصَرَ شُرَحْبِيلُ عَلَى رَأْسِ سَبْعَةَ عَشَرَ مِيلًا أَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ تَابِعِيٌّ فَعَلَ شَيْئًا يُخَالِفُ الْجُمْهُورَ أَوْ يُتَأَوَّلُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ لَا أَنَّهَا غَايَتُهُ وَهَذَا التَّأْوِيلُ ظَاهِرٌ وَبِهِ يَصِحُّ احْتِجَاجُهُ بِفِعْلِ عُمَرَ وَنَقْلُهُ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ أَتَى أَرْضًا يُقَالُ لَهَا دُومَيْنِ مِنْ حِمْصَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا هِيَ بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ وَالْوَاوُ سَاكِنَةٌوَالْمِيمُ مَكْسُورَةٌ وَحِمْصُ لَا يَنْصَرِفُ وَإِنْ كَانَتِ اسْمًا ثُلَاثِيًّا سَاكِنَ الْأَوْسَطِ لِأَنَّهَا عَجَمِيَّةٌ اجْتَمَعَ فِيهَا الْعُجْمَةُ وَالْعَلَمِيَّةُ وَالتَّأْنِيثُ كَمَاهَ وَجَوْرَ وَنَظَائِرِهِمَا

    [692] يزِيد بن خمير بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَهُوَ الثَّلَاثَة فَوْقه تابعيون شُرَحْبِيل بن السمط بِكَسْر السِّين وَسُكُون الْمِيم وَيُقَال بِفَتْح السِّين وَكسر الْمِيم دومين بِضَم الدَّال وَفتحهَا وَجْهَان مشهوران وَالْوَاو سَاكِنة فيهمَا وَالْمِيم مَكْسُورَة

    عن جبير بن نفير قال: خرجت مع شرحبيل بن السمط إلى قرية على رأس سبعة عشر أو ثمانية عشر ميلاً. فصلى ركعتين. فقلت له. فقال: رأيت عمر صلى بذي الحليفة ركعتين. فقلت له. فقال: إنما أفعل كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل.
    المعنى العام:
    السفر قطعة من العذاب، فيه مشاق كثيرة جثمانية، ومشاق كثيرة نفسية ويكفي فيه فراق الأهل والأوطان والأملاك والمعارف، ليصبح غريبًا عرضة للأخطار. لهذه المشاق الجسيمة والنفسية خفف الله عن الأمة الإسلامية، فأباح للصائم الفطر مع القضاء ورخص للمصلي أن يقصر الصلاة الرباعية ويصليها ركعتين في ثواب أربع ركعات، صدقة تصدق الله بها على عباده المسلمين فله الحمد وله الشكر. وسواء كان ابتداء فرض الصلاة مثنى ثم زيد في الحضر ركعتان في الظهر والعصر والعشاء، كما تقول عائشة: أو كان ابتداء فرضها على ما هي عليه الآن وخففت وقصرت في السفر كما يقول الجمهور: فمما لا شك فيه أن هناك تخفيفًا على المسافر رحمة من الله تعالى به. لقد شرع الله على لسان نبيه صلاة الإتمام في الحضر وصلاة القصر في السفر. وبلغها الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته قولاً وعملاً، والأحاديث تروي أنه صلى الله عليه وسلم عند سفره وقبل خروجه من المدينة إلى مكة صلى الظهر أربعًا، ثم خرج فأدركته صلاة العصر عند ذي الحليفة على بعد ستة أميال من المدينة فصلى بالناس العصر ركعتين، وفي غزواته صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالناس قصرًا من حين يخرج إلى حين يعود وسار على طريقه خليفته الأول أبو بكر فكان يقصر في أسفاره، ثم سار على الطريقة نفسها خليفته الثاني عمر بن الخطاب فكان يقصر في جميع أسفاره، ثم سار على الطريقة نفسها الخليفة الثالث عثمان بن عفان ست أو ثماني سنين. ثم صلى بالناس بمنى الظهر أو العصر أربعاً ولما كان المستقر في نفوس المسلمين أن القصر أولى إن لم يكن واجبًا أخذًا من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعل صاحبيه. وفعل عثمان في الصدر الأول من خلافته، لما كان المستقر في نفوسهم ذلك أخذ يسأل بعضهم بعضًا عن سر إتمام عثمان وحكم هذا الإتمام، وزاد الأمر إشكالاً أن عائشة هي الأخرى أتمت الصلاة الرباعية في السفر، فأخذ العامة يسألون الخاصة، وأصبح الخاصة يتلمسون الأعذار لخليفة المسلمين، وأمهم، فمن قائل: إنه تزوج بمكة فصار من أهلها واعتبر نفسه مقيمًا، ومن قائل: إن له أرضًا بمنى فيعتبر فيها مقيمًا ومن قائل إن كثرة الأعراب الذين رافقوه يجهلون فرض الصلاة فأراد أن يبين لهم أن فرضها أربع، ومن الناس من ظن أن القصر خاص بمواطن الخوف، فنفى عمر ذلك بأنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأجاب بأن القصر في السلم والحرب. وأخذ الناس يرقبون أفعال علمائهم، فرأوا ابن عمر يقصر ولا يصلي نفلاً راتبًا فلما سئل قال: إن الله خفف على المسافر نصف فرضه فلا يشق على نفسه بالنوافل، وكان الصحابة في عهد عثمان يخشون الفتنة، ويخافون الخلاف والفرقة، فكان كثير من علمائهم إذا صلى مع عثمان أتم الصلاة معه، وإذا صلى وحده قصر صلاته. وهكذا استقرت الشريعة بإجماع الأمة أن المسافر بشروط معينة له أن يقصر الصلاة الرباعية واثقًا من فضل الله وثوابه، وأن أجر الصلاة المقصورة في السفر لا يقل عن أجر الصلاة التامة فيه أو في الحضر، فالحمد لله الذي خفف عنا وعلم أن فينا ضعفًا، نسأله قبول صالح العمل، وغفران الذنوب، إنه ذو الفضل الواسع العظيم. المباحث العربية (فرضت الصلاة ركعتين ركعتين) الصلاة عام مخصوص، مراد به غير المغرب، أي الظهر والعصر والعشاء والفجر. (إن الصلاة أول ما فرضت ركعتين) هكذا هي في أصول مسلم ركعتين وأول بالنصب على أنه بدل من الصلاة، أو على الظرفية، أي في أول، وركعتين منصوب على الحال سد مسد الخبر، وفي رواية للبخاري: الصلاة أول ما فرضت ركعتان برفع أول على أنه بدل من الصلاة أو مبتدأ ثان، ونصبه على الظرفية، وبرفع ركعتان على الخبرية، وهي أوضح من رواية نصب ركعتين. (ما بال عائشة تتم في السفر)؟ ما اسم استفهام في محل رفع خبر مقدم، وبال عائشة مبتدأ مؤخر، وجملة تتم في السفر في محل النصب على الحال، والتقدير ما شأن عائشة حالة كونها تتم الصلاة في السفر؟. (إنها تأولت كما تأول عثمان) الكاف اسم بمعنى مثل صفة لمصدر محذوف، وما مصدرية والتقدير: إنها تأولت تأولاً مشبهًا تأول عثمان، وتأولها فهمها من النص فهمًا آخر. (فقد أمن الناس) فهم يعلى أن القصر خاص بالخوف، وأن الشرط قيد معتبر للاحتراز، ورأى الفعل مستمرًا بالقصر مع الأمن فاستشكل فسأل. (عجبت مما عجبت منه) هذا اللفظ هو المشهور المعروف، وفي بعض الأصول عجبت ما عجبت منه أي عجبت الذي عجبت منه، أو عجبت شيئًا عجبت أنت منه. (فرض اللَّه الصلاة... في الحضر أربعًا) أي أربع ركعات. (حتى جاء رحله) أي منزله الذي ينزل فيه ويرحل منه. (فحانت منه التفاتة) أي حضرت وحصلت. (نحو حيث صلى) أي جهة مكان صلاته، فحيث ظرف مكان مبني مضاف إلى نحو. (فرأى ناسًا قيامًا) أي يصلون. (قلت: يسبحون) أي يتنفلون، أي يصلون سننًا ونافلة. (وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين) ذو الحليفة ماء على سبعة أميال من المدينة، وقيل ستة. (سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة) يقال: قصرت الصلاة بفتح القاف والصاد قصرًا وقصرتها بتشديد الصاد تقصيرًا، وأقصرتها إقصارًا والأول أشهر في الاستعمال وأفصح، وهو لغة القرآن. (فصلى ركعتين فقلت له) القول محذوف للعلم به، أي فقلت له: لماذا فعلت ما فعلت؟ أو لماذا قصرت الصلاة؟. (دومين من حمص على رأس ثمانية عشر ميلاً) دومين بضم الدال وفتحها والواو ساكنة، والميم مكسورة، وحمص ممنوع من الصرف وإن كان اسمًا ثلاثيًا ساكن الوسط، لأنها أعجمية، اجتمع فيها العجمة والعلمية والتأنيث. (قلت: كم أقام بمكة؟ قال: عشرًا) قال النووي: هذا معناه أنه أقام في مكة وما حولها عشرًا، لا في مكة فقط، والمراد في سفره صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فقدم مكة في اليوم الرابع، فأقام بها الخامس والسادس والسابع، وخرج منها في الثامن إلى منى، وذهب إلى عرفات في التاسع، وعاد إلى منى في العاشر، فأقام بها الحادي عشر والثاني عشر، ونفر في الثالث عشر إلى مكة، وخرج منها إلى المدينة في الرابع عشر، فمدة إقامته صلى الله عليه وسلم في مكة وحواليها عشرة أيام. (صلى صلاة المسافر بمنى وغيره ركعتين) قال النووي: هكذا هو في الأصول وغيره وهو صحيح، لأن منى تذكر وتؤنث بحسب القصد، إن قصد الموضع فمذكر، أو البقعة فمؤنثة، وإذا ذكر صرف وكتب بالألف، وإن أنث لم يصرف وكتب بالياء، والمختار تذكيره وتنوينه، وسمي منى لما يمنى به من الدماء، أي يراق. اهـ (وأبو بكر وعمر وعثمان ركعتين) هذه معطوفات على فاعل صلى أي صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة المسافر بمنى ركعتين، وصلى أبو بكر وعمر وعثمان صلاة المسافر بمنى ركعتين، حالة كون صلاة عثمان صدرًا من خلافته أي أول خلافته، وصدر الشيء أوله، قيل كان ذلك ست سنين وقيل ثماني سنين. (ثم أتمها أربعاًَ) أي أتم الصلاة في السفر أربع ركعات في الرباعية. (ثم يأتي فراشه) أي دون أن يصلي نافلة راتبة بعدها. (لو صليت بعدها ركعتين) لو حرف تمن، أو شرطية والجواب محذوف أي لكان حسنًا، والمراد بالركعتين المطلوبتين نافلة الراتبة. (لو فعلت لأتممت الصلاة) أي لو كانت الراتبة مطلوبة لكان إتمام الفريضة أولى بالطلب، وليس هذا ولا ذاك مطلوبًا، إذ المقصود التخفيف على المسافر. (صلى بنا عثمان بمنى أربع ركعات) كان ذلك بعد رجوعه من أعمال الحج، في حالة إقامته بمنى للرمي. (فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان) قال النووي: معناه: ليت عثمان صلى ركعتين بدل الأربع، كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر. اهـ والحظ هو النصيب، ومن للبدل، والمعنى ليت نصيبي ركعتان متقبلتان بدل أربع ركعات. ومقصوده الرغبة في القصر، وسيأتي البحث في فقه الحديث. (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى - آمن ما كان الناس وأكثره - ركعتين) آمن أفعل تفضيل من الأمن، أي حالة كون الناس أكثر أمنًا وأكثره وأكثر الناس عددًا، وركعتين مفعول صلى وفي الرواية الأخرى والناس أكثر ما كان أي عددًا - ومقصوده الرد على من زعم أن القصر مختص بحالة الخوف اعتبارًا لقيد {إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} [النساء: 101]. (هو أخو عبيد الله بن عمر بن الخطاب لأمه) قال النووي: هكذا ضبطناه أخو عبيد الله بالتصغير، ووقع في بعض الأصول أخو عبد الله بدون تصغير، وهو خطأ، والصواب الأول، أمه مليكة بنت جرول الخزاعي، تزوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأولدها ابنه عبيد الله، وابنها حارثة من وهب الخزاعي وأما عبد الله بن عمر وأخته حفصة فأمهما زينب بنت مظعون. اهـ. فقه الحديث يمكن حصر نقاط الحديث في ثمان:

    1- أصل المفروض، هل هو أربع أو ثنتان؟ وتحقيق القول في ذلك.

    2- حكم القصر والإتمام في السفر -عرض المذاهب ووجهة نظر كل مذهب.

    3- تأويل عائشة وعثمان.
    4- القصر في مواطن الحج.
    5- شروط السفر المسوغ للقصر.
    6- من أين يقصر المسافر.
    7- مسائل أخرى تتعلق بالقصر.
    8- ما يؤخذ من الحديث من الحكم والأحكام. وهذا هو التفصيل: أولاً: ظاهر الرواية الأولى والثانية والثالثة أن الصلاة -فيما عدا المغرب والصبح- فرضت أولاً ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، ثم زيدت الظهر والعصر والعشاء إلى أربع في الحضر وذكر الضحاك في تفسيره أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في حدة الإسلام الظهر ركعتين والعصر ركعتين والمغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين والصبح ركعتين، فلما نزلت آية القبلة تحول للكعبة، وكان قد صلى هذه الصلوات نحو بيت المقدس، فوجهه جبريل عليه السلام بعد ما صلى ركعتين من الظهر نحو الكعبة، وأومأ إليه بأن صل ركعتين، وأمره أن يصلي العصر أربعاً، والعشاء أربعاً، والغداة ركعتين، وقال: يا محمد أما الفريضة الأولى فهي للمسافرين من أمتك والغزاة. اهـ وبهذا القول ذهب جماعة من العلماء، والجمهور على خلافه، وتأولوا قول عائشة، ولم يلتفتوا إلى تفسير الضحاك، إذ لا يثبت به حكم، لأنه خال عن صفات الحديث الصحيح. وقال الأصيلي: أول ما فرضت الصلاة أربعًا على هيئتها اليوم، وأنكر قول من قال: فرضت ركعتين، وقال: لا يقبل في هذا خبر الآحاد، وأنكر حديث عائشة. ولسنا مع الأصيلي في رد حديث عائشة لأن الحديث صحيح مروي في الصحيحين وطرقه عن عائشة كثيرة ومشهورة، وإسناد أكثرها ليس فيه مقال. لكن لما كان ظاهره يتعارض مع قوله تعالى: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} [النساء: 101] لأنه دال على أن الأصل الإتمام، إذا القصر معناه التنقيص، فهي صريحة في أنها كانت في الأصل زائدة عليه. ولما كان ظاهره يتعارض مع ما لوحظ في أول فرض الصلاة ليلة المعراج من قصد التخفيف على الأمة، إذ الانتقال من الاثنين إلى الأربع فيه تشديد، ولما كان ظاهره يتعارض مع عملها، إذ كانت تتم في السفر، وراوي الحديث إذا خالف عمله روايته لا يجب العمل بروايته أو تؤول. لما كان الأمر كذلك كان من الأولى تأويل حديث عائشة، وخير تأويل له ما قيل فيه: إن المراد بقولها فرضت أي قدرت. والله أعلم. ثانياً: وكان من السهل عدم الاكتراث بهذا الخلاف لولا أنه استدل به على أن القصر في السفر فريضة وواجب، لأنه الفرض الذي لم تتغير فرضيته، فلا يجوز خلافه، ولا تجوز الزيادة عليه. ألا ترى أن المصلي في الحضر لا يجوز له أن يزيد في صلاة عن عدد ركعاتها، ولو زاد عامداً لفسدت صلاته: فكذا المسافر لا يجوز له أن يصلي في السفر أربعاً، لأن فرضه في السفر ركعتان، وممن ذهب إلى هذا عمر بن عبد العزيز -إن صح عنه- وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وقول بعض أصحاب مالك، وهو مروي عن مالك في المشهور عنه، واستدلوا بعد حديث عائشة بما رواه النسائي بسند صحيح عن عمر بن الخطاب صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر، على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم، وبروايتنا الخامسة عن ابن عباس قال: فرض الله الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعاً وفي السفر ركعتين. وبأن عمل الرسول صلى الله عليه وسلم وعمل أبي بكر وعمر في أنهم لم يزيدوا في السفر على ركعتين كما هو صريح روايات الباب دليل على أن الإتمام غير وارد. وقال الشافعي ومالك في رواية وكثير من العلماء: يجوز القصر والإتمام والقصر أفضل خروجاً من خلاف من أوجبه، وعن أحمد أن المصلي المسافر بالخيار والقصر أفضل. واستدلوا بأدلة أهمها:

    1- أن رفع الجناح في الآية الكريمة دليل الجواز، لأن رفع الجناح يدل على الإباحة. قال الشافعي: ولا يستعمل لا جناح إلا في المباح، لقوله تعالى: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم} [البقرة: 198] وقوله: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء} [البقرة: 236]، {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء} [البقرة: 235] {ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا} [النور: 61].

    2- ما ثبت في روايات الباب من أن عثمان وعائشة وغيرهما من الصحابة كانوا يتمون ولو كان القصر واجباً ما تركه المسلمون.

    3- ما ثبت في روايات الباب من أن ابن عمر كان إذا صلى مع الإمام صلى أربعاً وإذا صلاها وحده صلى ركعتين، ولو كان القصر واجباً ما أتم مع الإمام.
    4- ما ثبت في رواية أبي داود من أن ابن مسعود صلى أربعاً، فقيل له: عبت على عثمان ثم صليت أربعاً؟ فقال: الخلاف شر، وفي رواية البيهقي: إني لأكره الخلاف. ولو كان يعتقد أن القصر واجب ما ترك الواجب خوفاً من الخلاف.
    5- أجمعوا على أن المسافر إذا اقتدى بمقيم لزمه الإتمام، ولو كان الواجب ركعتين حتماً لما جاز فعلها أربعاً خلف مسافر ولا حاضر كالصبح.
    6- وأن القصر تخفيف أبيح للمسافر فجاز تركه كالفطر وسائر الرخص.
    7- وأنه ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم القصر والإتمام، فالقصر في فعله، والإتمام في إقراره عائشة رضي الله عنها فيما رواه النسائي والدارقطني والبيهقي بسند حسن أو صحيح قالت: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة رمضان فأفطر وصمت، وقصر وأتممت، فقلت: يا رسول الله، أفطرت وصمت، وقصرت وأتممت. فقال: أحسنت يا عائشة.
    8- في القول بأن القصر والإتمام جائزان مع تفضيل القصر جمع بين الأدلة وعمل بها، حيث ثبتت دلائل الإتمام، وهو خير من العمل ببعضها وترك بعضها والله أعلم. ثالثاً: وقد ذهب العلماء مذاهب شتى في المراد بتأويل عثمان وعائشة وكيف تأولا القصر إلى الإتمام؟

    1- فقيل: لأن عثمان إمام المؤمنين وأميرهم، وكل موضع له دار، وعائشة أمهم، وفي كل مكان هي أم المقيمين فيه، وهذا القول مردود، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أولى بذلك، وكذلك أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.

    2- وقيل: لأن عثمان تزوج وتأهل بمكة، فقد روى أحمد والبيهقي من حديث عثمان، أنه لما صلى بمنى أربع ركعات أنكر الناس عليه فقال: إني تأهلت بمكة لما قدمت وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من تأهل ببلدة فإنه يصلي صلاة مقيم، ورده المحققون بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسافر بأهله وأزواجه وقصر. كما ردوه بأن عروة قال عن عائشة أنها تأولت ما تأول عثمان، ولا جائز أن تتأهل عائشة أصلاً، فدل ذلك على ضعف الخبر المروي، والقول بأن التشبيه بين عائشة وعثمان إنما هو في مطلق التأويل لا في كيفيته بعيد.

    3- وقيل: إن عثمان فعل ذلك من أجل الأعراب الذين حضروا معه، لئلا يظنوا أن الصلاة فرضها ركعتان حضراً وسفراً، وقد روى البيهقي عن عبد الرحمن بن حميد بن عوف عن أبيه عن عثمان أنه أتم بمنى، ثم خطب فقال: إن القصر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، لكنه حدث طغام [بفتح الطاء والغين أي بدو جهلاء] فخفت أن يستنوا وأبطل المحققون هذا القول بأن هذا المعنى كان موجوداً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، بل اشتهر أمر الصلاة في زمن عثمان أكثر مما كان مما يستبعد معه أن يكون الهدف تعليم البدو.
    4- وقيل: لأن عثمان نوى الإقامة بمكة بعد الحج فأتم، وأبطلوه بأن الإقامة بمكة حرام على المهاجر فوق ثلاث، ويؤكد بطلانه أن عثمان كان يسرع بالخروج من مكة خشية أن يرجع في هجرته، بل ثبت أنهم لما حاصروه وقال له المغيرة: اركب رواحلك إلى مكة، قال: لن أفارق دار هجرتي. ويؤكد بطلانه أن هذه العلة لم تتوافر لعائشة حتى تتأول بها هي الأخرى.
    5- وقيل: كان لعثمان أرض بمنى، فاعتبر نفسه من أهلها فأتم، وأبطلوه بأن ذلك لا يقتضي الإتمام، ثم إن هذا السبب لا يصلح سبباً لإتمام عائشة.
    6- وخير الأجوبة جوابان. أحدهما: أن عثمان كان يرى أن القصر مختص بمن كان شاخصاً سائراً وأما من أقام في مكان في أثناء سفره فله حكم المقيم فيتم، وربما كانت عائشة على هذا الرأي باجتهاد منهما بقياس الإقامة أثناء السفر على الإقامة مطلقاً. ثانيهما: أن عثمان وعائشة كانا يريان جواز القصر والإتمام ويفضلان الإتمام عند القدرة، ويريان أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه قد أخذوا أنفسهم بالأيسر شفقة بالأمة، أما هما فأخذوا أنفسهما بالشدة. قاله ابن بطال. هذا هو الوجه الصحيح ورجحه كثير من العلماء منهم القرطبي وغيره، ويؤيده ما رواه البيهقي عن عروة أنها كانت تصلي أربعاً، فقال لها عروة: لو صليت ركعتين؟ قالت: يا ابن أختي، إنه لا يشق علي وإسناده صحيح.
    7- وقد قيل فوق ذلك عن تأويل عائشة بأنها كانت ترى أن القصر إنما يكون عند الخوف. فقد أخرج ابن جرير في تفسير سورة النساء أن عائشة كانت تصلي في السفر أربعاً، فإذا احتجوا عليها تقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان في حرب، وكان يخاف، فهل تخافون أنتم؟. وهذا القول باطل للرواية التاسعة عشرة والمتممة للعشرين من رواياتنا، وفيهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقصر والناس آمن ما يكونون.
    8- وقيل في تأويل عائشة إنها إنما أتمت في سفرها إلى البصرة إلى قتال علي، والقصر عندها إنما يكون في سفر طاعة، وهذا القول ظاهر البطلان. رابعاً: ويشكل على ما ثبت من إتمام عثمان كما في روايتنا السادسة عشرة ما جاء في روايتنا الثامنة من قول ابن عمر: ثم صحبت عثمان، فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله وهذا ظاهره التعارض. قال النووي: وقد تأول العلماء هذه الرواية على أن المراد أن عثمان لم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، أي في غير منى، والروايات المشهورة بإتمام عثمان بعد صدر من خلافته محمولة على الإتمام بمنى خاصة، وقد فسر عمران بن الحصين في روايته أن إتمام عثمان إنما كان بمنى، وكذا ظاهر الأحاديث التي ذكرها مسلم، ثم قال النووي: واعلم أن القصر مشروع بعرفات ومنى ومزدلفة للحاج من غير أهل مكة وما قرب منها، ولا يجوز لأهل مكة ومن كان دون مسافة القصر، هذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة والأكثرين، وقال مالك: يقصر أهل مكة في منى ومزدلفة وعرفات، فعلة القصر عنده في تلك المواضع النسك، وعند الجمهور علته السفر. والله أعلم. خامساً: وللقصر في السفر شروط:

    1- قال النووي: مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد والجمهور أنه يجوز القصر في كل سفر مباح، وشرط بعض السلف كونه سفر خوف، وشرط بعضهم كونه سفر حج أو عمرة أو غزو، وشرط بعضهم كونه سفر طاعة، فلا يترخص بالقصر لمن سافر لمجرد رؤية البلاد من غير غرض صحيح. قال الشافعي ومالك وأحمد والأكثرون: ولا يجوز في سفر المعصية، وجوزه أبو حنيفة. اهـ فمن خرج لقطع طريق أو لقتال المسلمين ظلماً، أو خرجت ناشزاً من زوجها لم يجز له أن يترخص برخص السفر من القصر وغيره عند الجمهور.

    2- قال النووي: قال الشافعي ومالك وأصحابهما وفقهاء أهل الحديث وأحمد: لا يجوز القصر إلا في مسيرة ثمانية وأربعين ميلاً (قريباً من ثمانين كيلو متراً] وقال أبو حنيفة والكوفيون: لا يقصر في أقل من نحو مائة وعشرين كيلو متراً، وقال داود وأهل الظاهر: يجوز القصر في السفر الطويل والقصير حتى لو كان خمسة كيلو مترات، وقال في الفتح: وكأنهم احتجوا في ذلك بما رواه مسلم وأبو داود من حديث أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال -أو فراسخ- قصر الصلاة وهو أصح حديث ورد في بيان ذلك وأصرحه وقد حمله من خالفه على أن المراد به المسافة التي يبدأ منها القصر، لا غاية السفر ولا يخفى بعد هذا الحمل مع أن البيهقي ذكر في روايته من هذا الوجه أن يحيى بن يزيد راويه عن أنس قال: سألت أنساً عن قصر الصلاة -وكنت أخرج إلى الكوفة يعني: من البصرة فأصلي ركعتين ركعتين حتى أرجع- فقال أنس...فذكر الحديث. فظهر أنه سأله عن جواز القصر في السفر، لا عن الموضع الذي يبتدأ القصر منه. اهـ ثم إن روايتنا الثالثة عشرة تبين فعل القصر في سبعة عشر ميلاً، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قصر بذي الحليفة وهي على سبعة أميال، كما استدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: لا تسافر امرأة ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم رواه البخاري ومسلم. واحتج الشافعية برواية عطاء بن أبي رباح أن ابن عمر وابن عباس كانا يصليان ركعتين ويفطران في أربعة برد فما فوق ذلك [هي ستة عشر فرسخاً والفرسخ ثلاثة أميال] رواه البيهقي بإسناد صحيح، وذكره البخاري في صحيحه تعليقاً، وعن عطاء قال: سئل ابن عباس: أأقصر الصلاة إلى عرفة؟ فقال: لا، ولكن إلى عسفان وإلى جدة وإلى الطائف رواه الشافعي والبيهقي بإسناد صحيح. وأجابوا عن حديث قصر الرسول صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة بأنه ليس المراد أن ذا الحليفة كان غاية سفره، كما سبق بيانه، وأما أن شرحبيل قصر على رأس سبعة عشر ميلاً كما هو صريح الرواية الثالثة عشرة فقد قال النووي: إنه تابعي فعل شيئاً يخالف الجمهور فلا حجة فيه، أو يتأول على أنها كانت في أثناء سفره لا أنها غايته. وأما أبو حنيفة وأصحابه فقد اعتمدوا في ذلك آثاراً عن الصحابة رضي الله عنهم. والله أعلم.

    3- ويشترط في القصر في السفر أن لا ينوي الإقامة على خلاف بين العلماء في مدة الإقامة. قال الشافعي: إن المسافر إذا أقام ببلدة قصر أربعة أيام مستدلاً بالرواية الرابعة عشرة من رواياتنا، وقد بينا في المباحث العربية أن إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة نفسها أربعة أيام. وقول أحمد في رواية عنه: إحدى وعشرين صلاة، وفي كيفية احتساب الأيام الأربعة عند الشافعية خلاف أصح الأقوال لا يحسب يوم الدخول والخروج حتى لو دخل. في أول اليوم وخرج في آخر اليوم. ولو نوى الإقامة وهو ماكث غير سائر أكثر من أربعة أيام انقطع سفره من حين ينوي ولا يترخص، إذا كان في موضع يصلح للإقامة كبلد أو قرية أو واد يمكن للبدوي أن يقيم به ونحو ذلك، فأما المفازة ونحوها فنيته الإقامة لغو، وإن لم ينو الإقامة أكثر من أربعة أيام، بل كان كل يوم على نية السفر، كمن يعلق سفره على انتهاء مهمة لا تستغرق عادة أربعة أيام وهو يتوقع انتهاءها يوماً بعد آخر قصر مهما طالت إقامته، وعلى هذه الحالة تحمل الأحاديث الواردة بأكثر من أربعة أيام أو تحمل على حالة الحرب، كالحديث الذي رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام سبعة عشر يوماً يقصر الصلاة وفي رواية له تسعة عشر يوماً، قال النووي حديث ابن عباس هذا في إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة لحرب هوازن في عام الفتح. هذا هو الصحيح من مذهب الشافعية والمالكية، والحنابلة، وقال أبو حنيفة: إن نوى إقامة خمسة عشر يوماً مع يوم الدخول أتم، وإن نوى أقل من ذلك قصر.
    4- ويشترط للقصر أن لا يأتم المسافر بمقيم، فإن ائتم بمقيم في جزء من صلاته لزمه الإتمام سواء أدرك معه ركعة أم دونها، بهذا قال الشافعية والحنفية والحنابلة، وعن مالك: إن أدرك ركعة فأكثر لزمه الإتمام، وإلا فله القصر. وهناك شروط أخرى في ذكرها طول، تطلب من كتب الفروع. سادساً: أما ابتداء القصر فيجوز من حين يفارق بنيان بلده أو خيام قومه إن كان من أهل الخيام، قال ابن المنذر: أجمعوا على جواز القصر لمن يريد السفر إذا خرج من جميع بيوت القرية التي يخرج منها، واختلفوا فيما قبل الخروج عن البيوت فذهب الجمهور إلى أنه لا بد من مفارقة جميع البيوت، وذهب بعض الكوفيين إلى أنه إذا أراد السفر يصلي ركعتين قصراً ولو كان في منزلة، ومنهم من قال: إذا ركب. قال: ولا أعلم النبي صلى الله عليه وسلم قصر في شيء من أسفاره إلا بعد خروجه من المدينة، وروى البخاري أن علياً خرج من موضعه، فقصر وهو يرى البيوت، ولما رجع إلى الكوفة قصر وهو يرى البيوت، قالوا: يا أمير المؤمنين، هذه الكوفة فأتم الصلاة قال: لا، حتى ندخلها. وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم الظهر بالمدينة أربعاً، والعصر بذي الحليفة ركعتين كما في روايتنا الحادية عشرة ليس لأنه لم يقصر حتى رأى ذا الحليفة، وإنما لكون ذي الحليفة أول منزل نزله. ولم يحضر قبله وقت صلاة. وفي فعله هذا صلى الله عليه وسلم حجة على مجاهد في قوله لا يقصر حتى يدخل الليل، وحجة على من قال من السلف: يقصر ولو في بيته، والله أعلم. سابعاً: ويتعلق بالقصر في السفر أمور منها:

    1- قال الشافعية: لا يجوز القصر إلا إذا نوى القصر في الإحرام، لأن الأصل الإتمام، فإذا لم ينو القصر انعقد الإحرام على الإتمام، فلم يجز القصر ومعلوم أن النية هي القصد واستحضار المنوي، ومحلها القلب، والتلفظ بها ليس شرطاً. وقال المزني: لو نواه في أثناء الصلاة ولو قبل السلام جاز القصر، وعن بعضهم: لو نوى الإتمام ثم نوى في أثنائها أن يقصر كان له أن يقصر، وقال أبو حنيفة: لا تجب نية القصر، لأن الأصل عنده القصر. قال النووي: ولو نوى الإتمام قبل السلام لزمه أن يأتي بركعتين أخريين ويسجد للسهو، ولو نوى المنفرد القصر فصلى ركعتين، ثم قام إلى ثالثة ناوياً الإتمام وجب الإتمام، فإن كان ساهياً ثم ذكر لزمه أن يعود ويسجد للسهو، فلو أراد الإتمام بعد التذكر لزمه أن يعود إلى القعود ثم ينهض متماً، وفيه وجه ضعيف أن له أن يمضي في قيامه، والمذهب الأول لأن النهوض إلى الركعة الثالثة واجب، ونهوضه كان لاغياً لسهوه، اهـ ونحن نميل إلى الوجه الضعيف وأن له أن يمضي في قيامه. والله أعلم.

    2- قال النووي: وإن فاتته صلاة في السفر فقضاها في الحضر ففي صلاتها قصراً قولان، أصحهما يلزمه الإتمام، وبه قال أحمد، وقال مالك وأبو حنيفة يقصر، وإن فاتته صلاة في الحضر فقضاها في السفر لم يجز القصر بلا خلاف، وبذلك قال مالك وأبو حنيفة وأحمد والجمهور.

    3- وإذا دخل وقت صلاة وتمكن من فعلها في الحضر، ثم سافر في أثناء الوقت فإن له أن يقصر على القول الراجح. والله أعلم. ثامنًا: ويؤخذ من أحاديث الباب غير ما تقدم

    1- يؤخذ من قوله في الرواية الرابعة: صدقة تصدق الله بها عليكم جواز قول: تصدق الله علينا واللهم تصدق علينا، وقد كرهه بعض السلف وهو غلط ظاهر قاله النووي.

    2- ويؤخذ من سؤال عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الرواية الرابعة أن المفضول إذا رأى الفاضل يعمل شيئاً يشكل عليه يسأله عنه.

    3- استدل بعض السلف بالرواية الخامسة والسادسة من قوله: وفي الخوف ركعة أن صلاة الخوف ركعة عملاً بظاهر الحديث، وقال الشافعي ومالك والجمهور: إن صلاة الخوف كصلاة الأمن في عدد الركعات، فإن كانت في الحضر وجب أربع ركعات، وإن كانت في السفر وجب ركعتان ولا يجوز الاقتصار على واحدة في حال من الأحوال، وتأولوا حديث ابن عباس هذا على أن المراد ركعة مع الإمام وركعة أخرى يأتي بها منفرداً. كما جاءت الأحاديث الصحيحة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الخوف، وهذا التأويل لا بد منه للجمع بين الأدلة. ذكره النووي.
    4- يؤخذ من استرجاع ابن مسعود ومن قوله: فليت حظي ركعتان متقبلتان في الرواية الثامنة عشرة أن مذهبه جواز القصر والإتمام مع تفضيل القصر، وليس كمذهب الحنفية، إذ لو كان القصر عنده واجباً لما استجاز تركه وراء أحد، وقد ثبت أنه صلى وراء عثمان رضي الله عنه متماً وعلل ذلك بأنه يكره الخلاف.
    5- يؤخذ من إنكار ابن عمر على المتنفلين في السفر وقوله في الرواية الثامنة: لو كنت مسبحاً أتممت صلاتي إلخ، عدم استحباب الراتبة في السفر. قال النووي: معنى كلام ابن عمر لو اخترت التنفل لكان إتمام فريضتي أربعاً أحب إلي، ولكني لا أرى واحداً منهما، بل السنة القصر وترك التنفل، مراده النافلة الراتبة مع الفرائض، كسنة الظهر والعصر، وأما النوافل المطلقة فقد كان ابن عمر يفعلها في السفر، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعلها، وقد اتفق العلماء على استحباب النوافل المطلقة في السفر واختلفوا في استحباب النوافل الراتبة، فكرهها ابن عمر وآخرون، واستحبها الشافعي وأصحابه والجمهور، ودليله الأحاديث المطلقة في ندب الرواتب، وحديث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الضحى يوم الفتح بمكة وركعتي الصبح حين ناموا حتى طلعت الشمس، وأحاديث أخرى، وقياساً على النوافل المطلقة. قالوا: ولعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الرواتب في رحله ولا يراه ابن عمر؛ أو لعله تركها في بعض الأوقات تنبيهاً على جواز تركها، وأما ما يحتج به القائلون بتركها من أنها لو شرعت لكان إتمام الفريضة أولى فجوابه أن الفريضة متحتمة، فلو شرعت تامة لتحتم إتمامها. وأما النافلة فالمكلف فيها مخير، فالرفق أن تكون مشروعة ويتخير إن شاء فعلها وحصل ثوابها، وإن شاء تركها ولا شيء عليه. اهـ والله أعلم

    حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، - قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، - حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، قَالَ خَرَجْتُ مَعَ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ إِلَى قَرْيَةٍ عَلَى رَأْسِ سَبْعَةَ عَشَرَ أَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلاً فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ‏.‏ فَقُلْتُ لَهُ فَقَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ فَقُلْتُ لَهُ فَقَالَ إِنَّمَا أَفْعَلُ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَفْعَلُ ‏.‏

    Jubair b. Nufair reported:I went along with Shurahbil b. al-Simt to a village which was situated at a distance of seventeen or eighteen miles, and he said only two rak'ahs of prayer. I said to him (about it) and he said: I saw 'Umar observing two rak'ahs at Dhu'l-Hulaifa and I (too) said to him (about it) and he said: I am doing the same as I saw the Messenger of Allah (ﷺ) doing

    Bize Züheyr b. Harb ile Muhammed b. Beşşâr, hep birden İbni Mehdî'den rivayet ettiler. Züheyr dedi ki: Bize Abdurrahmân b. Mehdi rivayet etti. (Dediki): Bize Şu'be, Yezîd b. Humeyr'den, o da Habib b. Ubeyd'den, o da Cübeyr b. Nüfeyr'den naklen rivayet etti. Şöyle demiş: Şurahbîl b. Simt ile beraber onyedi veya onsekiz mil mesafede bulunan bir köye gitmek üzere yola çıktım. Şurahbîl, namazı iki rek'ât kıldı. Bunun (Niçin yaptığını) kendisine sordum: Dediki: — Ömer'i, Zü'1-Huleyfe'de iki rek'ât kılarken gördüm de ben de ona sordum. Ömer: Ben ancak Resûlullah (Sallallahu Aleyhi ve Sellem)'den gördüğüm gibi yapıyorum, dedi.»

    عبدالرحمان بن مہدی ، نے حدیث بیان کی کہا : ہمیں شعبہ نے یزید بن خمیر سے حدیث سنائی ۔ انہوں نے حبیب بن عبید سے انھوں نے جبیر بن نفیر سے روایت کی ، انھوں نے کہا : می شرجیل بن سمط ( الکندی ) کی معیت میں ایک بستی کو گیا جو سترہ یا اٹھارہ میل کے فاصلے پر تھی تو انھوں نے دو رکعت نماز پڑھی ، میں نے ان سے پوچھا ، انھوں نے جواب دیا : میں نے حضرت عمر رضی اللہ تعالیٰ عنہ کو ذوالحلیفہ میں دو رکعت پڑھتے دیکھا ہے ، تو میں نے ان ( حضرت عمر رضی اللہ تعالیٰ عنہ ) سے پوچھا ، انھوں نے جواب دیا : میں اسی طرح کرتا ہوں جس طرح میں نے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کو کرتے دیکھا ہے ۔

    যুহায়র ইবনু হারব ও মুহাম্মাদ ইবনু বাশশার (রহঃ) ..... জুবায়র ইবনু নুফায়র (রহঃ) থেকে বর্ণিত। তিনি বলেন, আমি শুরাহবীল ইবনু আস সিমত্ব (রাযিঃ) এর সাথে সতের বা আঠার মাইল দূরবর্তী এক গ্রামে গেলাম। তিনি সেখানে (চার রাকাআতের পরিবর্তে) দু' রাকাআত সালাত আদায় করলেন। আমি তাকে কারণ জিজ্ঞেস করলাম। তিনি বললেনঃ আমি রসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম কে যা করতে দেখেছি তাই করে থাকি। (ইসলামী ফাউন্ডেশন ১৪৫৪, ইসলামীক সেন্টার)

    ஜுபைர் பின் நுஃபைர் (ரஹ்) அவர்கள் கூறியதாவது: நான் ஷுரஹ்பீல் பின் அஸ்ஸிம்த் (ரஹ்) அவர்களுடன் பதினேழு அல்லது பதினெட்டு மைல் தொலைவிலிருந்த ஓர் ஊருக்குப் புறப்பட்டுச் சென்றேன். அவர்கள் இரண்டு ரக்அத்களே தொழுதார்கள். அப்போது அவர்களிடம் நான் (அது பற்றிக்) கேட்டேன். அதற்கு அவர்கள் கூறினார்கள்: உமர் (ரலி) அவர்கள் துல்ஹுலைஃபாவில் இரண்டு ரக்அத்கள் தொழுவதை நான் கண்டேன். உமர் (ரலி) அவர்களிடம் நான் அதைப் பற்றிக் கேட்டபோது அவர்கள், "அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் செய்ததைப் போன்றே நானும் செய்கிறேன்"என்றார்கள். இந்த ஹதீஸ் இரு அறிவிப்பாளர்தொடர்களில் வந்துள்ளது. அத்தியாயம் :