• 294
  • عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ ، يُقَالُ لَهُ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ ، حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلَهُ ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهُوَ عِنْدِي ، لَكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا ، ثُمَّ قَالَ : " يَا عَائِشَةُ ، أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ ، أَتَانِي رَجُلاَنِ ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي ، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : مَا وَجَعُ الرَّجُلِ ؟ فَقَالَ : مَطْبُوبٌ ، قَالَ : مَنْ طَبَّهُ ؟ قَالَ : لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ ، قَالَ : فِي أَيِّ شَيْءٍ ؟ قَالَ : فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ ، وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ . قَالَ : وَأَيْنَ هُوَ ؟ قَالَ : فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ " فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَجَاءَ فَقَالَ : " يَا عَائِشَةُ ، كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ ، أَوْ كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلِهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ " قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَفَلاَ اسْتَخْرَجْتَهُ ؟ قَالَ : " قَدْ عَافَانِي اللَّهُ ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا " فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ

    حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ ، يُقَالُ لَهُ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ ، حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلَهُ ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهُوَ عِنْدِي ، لَكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا ، ثُمَّ قَالَ : يَا عَائِشَةُ ، أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ ، أَتَانِي رَجُلاَنِ ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي ، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : مَا وَجَعُ الرَّجُلِ ؟ فَقَالَ : مَطْبُوبٌ ، قَالَ : مَنْ طَبَّهُ ؟ قَالَ : لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ ، قَالَ : فِي أَيِّ شَيْءٍ ؟ قَالَ : فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ ، وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ . قَالَ : وَأَيْنَ هُوَ ؟ قَالَ : فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَجَاءَ فَقَالَ : يَا عَائِشَةُ ، كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ ، أَوْ كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلِهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَفَلاَ اسْتَخْرَجْتَهُ ؟ قَالَ : قَدْ عَافَانِي اللَّهُ ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ ، وَأَبُو ضَمْرَةَ ، وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ هِشَامٍ ، وَقَالَ : اللَّيْثُ ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ هِشَامٍ : فِي مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ يُقَالُ : المُشَاطَةُ : مَا يَخْرُجُ مِنَ الشَّعَرِ إِذَا مُشِطَ ، وَالمُشَاقَةُ : مِنْ مُشَاقَةِ الكَتَّانِ

    مطبوب: المطبوب : المسحور
    طبه: طبه : سَحَرَهُ
    ومشاطة: المشاطة : ما يتساقط من شعر الرأس أو اللحية عند تسريحه
    اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ ، أَتَانِي رَجُلاَنِ ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا
    حديث رقم: 3030 في صحيح البخاري كتاب الجزية باب: هل يعفى عن الذمي إذا سحر
    حديث رقم: 3121 في صحيح البخاري كتاب بدء الخلق باب صفة إبليس وجنوده
    حديث رقم: 5456 في صحيح البخاري كتاب الطب باب: هل يستخرج السحر؟
    حديث رقم: 5457 في صحيح البخاري كتاب الطب باب السحر
    حديث رقم: 5739 في صحيح البخاري كتاب الأدب باب قول الله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون} [النحل: 90]
    حديث رقم: 6054 في صحيح البخاري كتاب الدعوات باب تكرير الدعاء
    حديث رقم: 4154 في صحيح مسلم كتاب السَّلَامِ بَابُ السِّحْرِ
    حديث رقم: 3542 في سنن ابن ماجة كِتَابُ الطِّبِّ بَابُ السِّحْرِ
    حديث رقم: 23715 في مسند أحمد ابن حنبل حَدِيثُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
    حديث رقم: 23778 في مسند أحمد ابن حنبل حَدِيثُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
    حديث رقم: 23826 في مسند أحمد ابن حنبل حَدِيثُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
    حديث رقم: 23827 في مسند أحمد ابن حنبل حَدِيثُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
    حديث رقم: 24131 في مسند أحمد ابن حنبل حَدِيثُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
    حديث رقم: 6703 في صحيح ابن حبان كِتَابُ التَّارِيخِ ذِكْرُ وَصْفِ مَا طِبَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ قُدُومِهِ
    حديث رقم: 6704 في صحيح ابن حبان كِتَابُ التَّارِيخِ ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
    حديث رقم: 7364 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الطِّبِّ السِّحْرُ
    حديث رقم: 23012 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الطِّبِّ فِي الرَّجُلِ يُسْحَرُ وَيُسَمُّ فَيُعَالَجُ
    حديث رقم: 6034 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْمِيمِ بَابُ الْمِيمِ مَنِ اسْمُهُ : مُحَمَّدٌ
    حديث رقم: 15367 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْقَسَامَةِ جِمَاعُ أَبْوَابِ الْحُكْمِ فِي السَّاحِرِ
    حديث رقم: 2519 في السنن الصغير للبيهقي كِتَابُ الدِّيَاتِ بَابُ السِّحْرُ لَهُ حَقِيقَةٌ
    حديث رقم: 254 في مسند الحميدي مسند الحميدي أَحَادِيثُ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
    حديث رقم: 1638 في مسند الشافعي وَمِنْ كِتَابِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَعِمَارَةِ الْأَرَضِينَ مِمَّا لَمْ يَسْمَعِ الرَّبِيعُ مِنَ
    حديث رقم: 1791 في الطبقات الكبير لابن سعد المجلد الثاني ذِكْرُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْيَهُودَ سَحَرَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 1841 في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة للالكائي بَابُ جُمَّاعِ وُجُوبِ الْإِيمَانِ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَالْمِيزَانِ ، وَالْحِسَابِ وَالصِّرَاطِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِيَاقُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ السِّحْرَ لَهُ حَقِيقَةٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ، وَقَالَ : فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ ، وَقَالَ : وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ، وَعَنْ عُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، وَجُنْدُبٍ ، وَعَائِشَةَ ، وَحَفْصَةَ ، أَنَّهُمْ أَمَرُوا بِقَتْلِ السَّاحِرِ
    حديث رقم: 1840 في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة للالكائي بَابُ جُمَّاعِ وُجُوبِ الْإِيمَانِ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَالْمِيزَانِ ، وَالْحِسَابِ وَالصِّرَاطِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِيَاقُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ السِّحْرَ لَهُ حَقِيقَةٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ، وَقَالَ : فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ ، وَقَالَ : وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ، وَعَنْ عُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، وَجُنْدُبٍ ، وَعَائِشَةَ ، وَحَفْصَةَ ، أَنَّهُمْ أَمَرُوا بِقَتْلِ السَّاحِرِ
    حديث رقم: 4757 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مُسْنَدُ عَائِشَةَ
    حديث رقم: 5187 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ الْوَاجِبِ فِيمَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ مِنْ بَقَاءِ السَّحْرِ

    [5763] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى هُوَ الرَّازِيُّ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ حَدَّثَنِي بِالْإِفْرَادِ وَهِشَامٌ هُوَ بن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَوْلُهُ عَنْ أَبِيهِ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي الْجِزْيَةِ وَسَيَأْتِي فِي رِوَايَة بن عُيَيْنَة عَن بن جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي آلُ عُرْوَةَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحميدِي عَن سُفْيَان عَن بن جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي بَعْضُ آلِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ غَيْرَ هِشَامٍ أَيْضًا حَدَّثَ بِهِ عَنْ عُرْوَةَ وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ وَجَاءَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَغَيْرِهِمَا قَوْلُهُ سَحَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ بني زُرَيْق بزاي قبل الرَّاء مصغر قَوْلُهُ يُقَالُ لَهُ لَبِيدٌ بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ مُهْملَة بن الْأَعْصَمِ بِوَزْنِ أَحْمَرَ بِمُهْمَلَتَيْنِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ بْنِ عُرْوَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ سَحَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودِيٌّ مِنْ يَهُودِ بَنِي زُرَيْقٍ وَوَقع فِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ الْآتِيَةِ قَرِيبًا رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ حَلِيفِ الْيَهُودِ وَكَانَ مُنَافِقًا وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ يَهُودِيٌّ نَظَرَ إِلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَمَنْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ مُنَافِقًا نظر إِلَى ظَاهر أمره وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَسْلَمَ نِفَاقًا وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَدْ حَكَى عِيَاضٌ فِي الشِّفَاءِ أَنَّهُ كَانَ أَسْلَمَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قِيلَ لَهُ يَهُودِيٌّ لِكَوْنِهِ كَانَ مِنْ حُلَفَائِهِمْ لَا أَنَّهُ كَانَ عَلَى دِينِهِمْ وَبَنُو زُرَيْقٍ بَطْنٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مَشْهُورٌ مِنَ الْخَزْرَجِ وَكَانَ بَيْنَ كَثِيرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَبَيْنَ كَثِيرٍ مِنَ الْيَهُودِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ حِلْفٌ وَإِخَاءٌ وَوُدٌّ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ وَدَخَلَ الْأَنْصَارُ فِيهِ تَبَرَّءُوا مِنْهُمْ وَقَدْ بَيَّنَ الْوَاقِدِيُّ السَّنَةَ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا السحر أخرجه عَنهُ بن سَعْدٍ بِسَنَدٍ لَهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ مُرْسَلٌ قَالَ لَمَّا رَجَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْحَجَّةِ وَدَخَلَ الْمُحَرَّمُ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ جَاءَتْ رُؤَسَاءُ الْيَهُودِ إِلَى لَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ وَكَانَ حَلِيفًا فِي بَنِي زُرَيْقٍ وَكَانَ سَاحِرًا فَقَالُوا لَهُ يَا أَبَا الْأَعْصَمِ أَنْتَ أَسْحَرُنَا وَقَدْ سَحَرْنَا مُحَمَّدًا فَلَمْ نَصْنَعْ شَيْئًا وَنَحْنُ نَجْعَلُ لَكَ جُعْلًا عَلَى أَنْ تَسْحَرَهُ لَنَا سِحْرًا يَنْكَؤُهُ فَجَعَلُوا لَهُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ضَمْرَةَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَأَقَامَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَفِي رِوَايَةِ وُهَيْبٍ عَنْ هِشَامٍ عِنْدَ أَحْمَدَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ تَكُونَ السِّتَّةُ أَشْهُرٍ مِنَ ابْتِدَاءِ تَغَيُّرِ مِزَاجِهِ وَالْأَرْبَعِينَ يَوْمًا مِنَ اسْتِحْكَامِهِ وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ لَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ عَلَى قَدْرِ الْمُدَّةِ الَّتِي مَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا فِي السِّحْرِ حَتَّى ظَفِرْتُ بِهِ فِي جَامِعِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ لَبِثَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ كَذَا قَالَ وَقَدْ وَجَدْنَاهُ مَوْصُولًا بِإِسْنَادِ الصَّحِيحِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلَهُ قَالَ الْمَازرِيّ أنكر بعض الْمُبْتَدِعَةُ هَذَا الْحَدِيثَ وَزَعَمُوا أَنَّهُ يَحُطُّ مَنْصِبَ النُّبُوَّةِ وَيُشَكِّكُ فِيهَا قَالُوا وَكُلُّ مَا أَدَّى إِلَى ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ وَزَعَمُوا أَنَّ تَجْوِيزَ هَذَا يعْدم الثِّقَة بِمَا شرعوه مِنَ الشَّرَائِعِ إِذْ يُحْتَمَلُ عَلَى هَذَا أَنْ يُخَيَّلَ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَرَى جِبْرِيلَ وَلَيْسَ هُوَ ثَمَّ وَأَنَّهُ يُوحِي إِلَيْهِ بِشَيْءٍ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَهَذَا كُلُّهُ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الدَّلِيلَ قَدْ قَامَ عَلَى صِدْقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يُبَلِّغُهُعَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى عِصْمَتِهِ فِي التَّبْلِيغِ وَالْمُعْجِزَاتُ شَاهِدَاتٌ بِتَصْدِيقِهِ فَتَجْوِيزُ مَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى خِلَافِهِ بَاطِلٌ وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِبَعْضِ أُمُور الدُّنْيَا الَّتِي لَمْ يُبْعَثْ لِأَجْلِهَا وَلَا كَانَتِ الرِّسَالَةُ مِنْ أَجْلِهَا فَهُوَ فِي ذَلِكَ عُرْضَةٌ لِمَا يَعْتَرِضُ الْبَشَرَ كَالْأَمْرَاضِ فَغَيْرُ بَعِيدٍ أَنْ يُخَيَّلَ إِلَيْهِ فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا مَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ مَعَ عِصْمَتِهِ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ فِي أُمُورِ الدِّينِ قَالَ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنه وطىء زَوْجَاتِهِ وَلَمْ يَكُنْ وَطِأَهُنَّ وَهَذَا كَثِيرًا مَا يَقَعُ تَخَيُّلُهُ لِلْإِنْسَانِ فِي الْمَنَامِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُخَيَّلَ إِلَيْهِ فِي الْيَقِظَةِ قُلْتُ وَهَذَا قد ورد صَرِيحًا فِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِي هَذَا وَلَفْظُهُ حَتَّى كَانَ يَرَى أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ وَلَا يَأْتِيهِنَّ وَفِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ أَنَّهُ يَأْتِي أَهْلَهُ وَلَا يَأْتِيهِمْ قَالَ الدَّاوُدِيُّ يُرَى بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَي يظنّ وَقَالَ بن التِّينِ ضُبِطَتْ يَرَى بِفَتْحِ أَوَّلِهِ قُلْتُ وَهُوَ مِنَ الرَّأْيِ لَا مِنَ الرُّؤْيَةِ فَيَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى الظَّنِّ وَفِي مُرْسَلِ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَائِشَةَ حَتَّى أَنْكَرَ بَصَرَهُ وَعِنْدَهُ فِي مُرْسَلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ حَتَّى كَادَ يُنْكِرُ بَصَرَهُ قَالَ عِيَاضٌ فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ السِّحْرَ إِنَّمَا تَسَلَّطَ عَلَى جَسَدِهِ وَظَوَاهِرِ جَوَارِحِهِ لَا عَلَى تَمْيِيزِهِ وَمُعْتَقَدِهِ قُلْتُ وَوَقَعَ فِي مُرْسَلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ عِنْدَ بن سَعْدٍ فَقَالَتْ أُخْتُ لَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ إِنْ يكن نَبيا فسيخبر إِلَّا فَسَيُذْهِلُهُ هَذَا السِّحْرُ حَتَّى يَذْهَبَ عَقْلُهُ قُلْتُ فَوَقَعَ الشِّقُّ الْأَوَّلُ كَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَا يَلْزَمُ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ فَعَلَ الشَّيْءَ وَلَمْ يَكُنْ فَعَلَهُ أَنْ يُجْزَمَ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يكون ذَلِك مِنْ جِنْسِ الْخَاطِرِ يَخْطِرُ وَلَا يَثْبُتُ فَلَا يَبْقَى عَلَى هَذَا لِلْمُلْحِدِ حُجَّةٌ وَقَالَ عِيَاضٌ يحْتَمل أَن يكون المُرَاد بالتخيل الْمَذْكُورِ أَنَّهُ يَظْهَرُ لَهُ مِنْ نَشَاطِهِ مَا أَلِفَهُ مِنْ سَابِقِ عَادَتِهِ مِنَ الِاقْتِدَارِ عَلَى الْوَطْءِ فَإِذَا دَنَا مِنَ الْمَرْأَةِ فَتَرَ عَنْ ذَلِكَ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْمَعْقُودِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى حَتَّى كَادَ يُنْكِرُ بَصَرَهُ أَيْ صَارَ كَالَّذِي أَنْكَرَ بَصَرَهُ بِحَيْثُ إِنَّهُ إِذَا رَأَى الشَّيْءَ يُخَيَّلُ أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ صِفَتِهِ فَإِذَا تَأَمَّلَهُ عَرَفَ حَقِيقَتَهُ وَيُؤَيِّدُ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ فِي خَبَرٍ مِنَ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ قَالَ قَوْلًا فَكَانَ بِخِلَافِ مَا أَخْبَرَ بِهِ وَقَالَ الْمُهَلَّبُ صَوْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الشَّيَاطِينِ لَا يَمْنَعُ إِرَادَتَهُمْ كَيَدَهُ فَقَدْ مَضَى فِي الصَّحِيحِ أَنَّ شَيْطَانًا أَرَادَ أَنْ يُفْسِدَ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ فَأَمْكَنَهُ اللَّهُ مِنْهُ فَكَذَلِكَ السِّحْرُ مَا نَالَهُ مِنْ ضَرَرِهِ مَا يُدْخِلُ نَقْصًا عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّبْلِيغِ بَلْ هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا كَانَ يَنَالُهُ مِنْ ضَرَرِ سَائِرِ الْأَمْرَاضِ مِنْ ضَعْفٍ عَنِ الْكَلَامِ أَوْ عَجْزٍ عَنْ بَعْضِ الْفِعْلِ أَوْ حُدُوثِ تَخَيُّلٍ لَا يَسْتَمِرُّ بَلْ يَزُولُ وَيُبْطِلُ اللَّهُ كَيْدَ الشَّيَاطِينِ وَاسْتَدَلَّ بن الْقَصَّارِ عَلَى أَنَّ الَّذِي أَصَابَهُ كَانَ مِنْ جنس الْمَرَض بقوله فِي آخر الحَدِيث أما أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِذَلِكَ نَظَرٌ لَكِنْ يُؤَيِّدُ الْمُدَّعَى أَنَّ فِي رِوَايَةِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ فِي الدَّلَائِلِ فَكَانَ يَدُورُ وَلَا يَدْرِي مَا وَجَعُهُ وَفِي حَدِيث بن عَبَّاس عِنْد بن سَعْدٍ مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُخِذَ عَنِ النِّسَاءِ وَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَهَبَطَ عَلَيْهِ مَلَكَانِ الْحَدِيثَ قَوْلُهُ حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَأَظُنُّهُ مِنَ الْبُخَارِيِّ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ فِي صِفَةِ إِبْلِيسَ مِنْ بَدْءِ الْخَلْقِ فَقَالَ حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَلَمْ يَشُكَّ ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ الشَّكَّ فِيهِ مِنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ وَأَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ أَخْرَجَهُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ عَلَى الشَّكِّ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فَيُحْمَلُ الْجَزْمُ الْمَاضِي عَلَى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُوسَى شَيْخَ الْبُخَارِيِّ حَدَّثَهُ بِهِ تَارَةً بِالْجَزْمِ وَتَارَةً بِالشَّكِّ وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَأَذْكُرُهُ مِنَ الِاخْتِلَافِ عَنْهُ وَهَذَا مِنْ نَوَادِرِ مَا وَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ أَنْ يَخْرُجَ الْحَدِيثُ تَامًّا بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ بِلَفْظَيْنِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ الْآتِيَةِ قَرِيبًا ذَاتَ يَوْمٍ بِغَيْرِ شَكٍّ وَذَاتَ بِالنَّصْبِ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ ثُمَّ قِيلَ إِنَّهَا مُقْحَمَةٌ وَقِيلَ بَلْ هِيَ مِنْ إِضَافَةِ الشَّيْءِلِنَفْسِهِ عَلَى رَأْي مَنْ يُجِيزُهُ قَوْلُهُ وَهُوَ عِنْدِي لَكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا كَذَا وَقَعَ وَفِي الرِّوَايَةِ الْمَاضِيَةِ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا وَدَعَا وَكَذَا عَلَّقَهُ الْمُصَنِّفُ لِعِيسَى بْنِ يُونُسَ فِي الدَّعَوَاتِ وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ مِنْ قَوْلِهَا عِنْدِي أَيْ لَمْ يَكُنْ مُشْتَغِلًا بِي بَلِ اشْتَغَلَ بِالدُّعَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ التَّخَيُّلِ أَيْ كَانَ السِّحْرُ أَضَرَّهُ فِي بَدَنِهِ لَا فِي عَقْلِهِ وَفَهْمِهِ بِحَيْثُ إنَّهُ تَوَجَّهَ إِلَى اللَّهِ وَدَعَا عَلَى الْوَضْعِ الصَّحِيحِ وَالْقَانُونِ الْمُسْتَقِيمِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بن نُمَيْرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَدَعَا ثُمَّ دَعَا ثُمَّ دَعَا وَهَذَا هُوَ الْمَعْهُودُ مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُكَرِّرُ الدُّعَاءَ ثَلَاثًا وَفِي رِوَايَةِ وُهَيْبٍ عِنْدَ أَحْمد وبن سَعْدٍ فَرَأَيْتُهُ يَدْعُو قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ اسْتِحْبَابُ الدُّعَاء عِنْد حُصُول الْأُمُور المكروهات وتكريره والالتجاء إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي دَفْعِ ذَلِكَ قُلْتُ سَلَكَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مَسْلَكَيِ التَّفْوِيضِ وَتَعَاطِي الْأَسْبَابِ فَفِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فَوَّضَ وَسَلَّمَ لِأَمْرِ رَبِّهِ فَاحْتَسَبَ الْأَجْرَ فِي صَبْرِهِ عَلَى بَلَائِهِ ثُمَّ لَمَّا تَمَادَى ذَلِكَ وَخَشِيَ مِنْ تَمَادِيهِ أَنْ يُضْعِفَهُ عَنْ فُنُونِ عِبَادَتِهِ جَنَحَ إِلَى التَّدَاوِي ثُمَّ إِلَى الدُّعَاءِ وَكُلٌّ مِنَ الْمَقَامَيْنِ غَايَةٌ فِي الْكَمَالِ قَوْلُهُ أُشْعِرْتُ أَيْ عَلِمْتُ وَهِيَ رِوَايَةُ بن عُيَيْنَةَ كَمَا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ قَوْلُهُ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ أَفْتَانِي فِي أَمْرٍ اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ أَيْ أَجَابَنِي فِيمَا دَعَوْتُهُ فَأَطْلَقَ عَلَى الدُّعَاءِ اسْتِفْتَاءً لِأَنَّ الدَّاعِيَ طَالِبٌ وَالْمُجِيبَ مُفْتٍ أَوِ الْمَعْنَى أَجَابَنِي بِمَا سَأَلْتُهُ عَنْهُ لِأَنَّ دُعَاءَهُ كَانَ أَنْ يُطْلِعَهُ اللَّهُ عَلَى حَقِيقَةِ مَا هُوَ فِيهِ لِمَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَمْرِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ إِنَّ اللَّهَ أَنْبَأَنِي بِمَرَضِي أَيْ أَخْبَرَنِي قَوْلُهُ أَتَانِي رَجُلَانِ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ قُلْتُ وَمَا ذَاكَ قَالَ أَتَانِي رَجُلَانِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَمُرْجَأِ بْنِ رَجَاءٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ كِلَاهُمَا عَن هِشَام أَتَانِي ملكان وسماهما بن سَعْدٍ فِي رِوَايَةٍ مُنْقَطِعَةٍ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَكُنْتُ ذَكَرْتُ فِي الْمُقَدِّمَةِ ذَلِكَ احْتِمَالًا قَوْلُهُ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلِي لَمْ يَقَعْ لِي أَيُّهُمَا قَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ لَكِنَّنِي أَظُنُّهُ جِبْرِيلَ لِخُصُوصِيَّتِهِ بِهِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ثُمَّ وَجَدْتُ فِي السِّيرَةِ لِلدِّمْيَاطِيِّ الْجَزْمَ بِأَنَّهُ جِبْرِيلُ قَالَ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ ثُمَّ وَجَدْتُ فِي حَدِيثِ زيد بن أَرقم عِنْد النَّسَائِيّ وبن سَعْدٍ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ سَحَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ فَاشْتَكَى لِذَلِكَ أَيَّامًا فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ سَحَرَكَ عَقَدَ لَكَ عُقَدًا فِي بِئْرِ كَذَا فَدَلَّ مَجْمُوعُ الطُّرُقِ عَلَى أَنَّ الْمَسْئُولَ هُوَ جِبْرِيلُ وَالسَّائِلُ مِيكَائِيلُ قَوْله فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه فِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ الْآتِيَةِ بَعْدَ بَابٍ فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِي لِلْآخَرِ وَفِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رِجْلِي لِلَّذِي عِنْدَ رَأْسِي وَكَأَنَّهَا أَصْوَبُ وَكَذَا هُوَ فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ وَوَقَعَ بِالشَّكِّ فِي رِوَايَةِ بن نُمَيْرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ قَوْلُهُ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ كَذَا للْأَكْثَر وَفِي رِوَايَة بن عُيَيْنَة مَا بَال الرجل وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ مَا تَرَى وَفِيهِ إشَارَةٌ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي الْمَنَامِ إِذْ لَوْ جَاءَا إِلَيْهِ فِي الْيَقِظَةِ لَخَاطَبَاهُ وَسَأَلَاهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ بِصِفَةِ النَّائِمِ وَهُوَ يَقْظَانُ فَتَخَاطَبَا وَهُوَ يَسْمَعُ وَأَطْلَقَ فِي رِوَايَةِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ نَائِمًا وَكَذَا فِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَانْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَرْتُ وَعَلَى تَقْدِيرِ حَمْلِهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ فَرُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ وَوَقع فِي حَدِيث بن عَبَّاس عِنْد بن سَعْدٍ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ جِدًّا فَهَبَطَ عَلَيْهِ مَلَكَانِ وَهُوَ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ قَوْلُهُ فَقَالَ مَطْبُوبٌ أَيْ مَسْحُورٌ يُقَالُ طُبَّ الرَّجُلُ بِالضَّمِّ إِذَا سُحِرَ يُقَالُ كَنَّوْا عَنِ السِّحْرِ بِالطِّبِّ تَفَاؤُلًا كَمَا قَالُوا للديغ سليم وَقَالَ بن الْأَنْبَارِيِّ الطِّبُّ مِنَ الْأَضْدَادِ يُقَالُ لِعِلَاجِ الدَّاءِ طِبٌّ وَالسِّحْرُ مِنَ الدَّاءِ وَيُقَالُ لَهُ طِبٌّ وَأَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ مِنْ مُرْسَلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِهِ بِقَرْنٍ حِينَ طبقَالَ أَبُو عبيد يَعْنِي سحر قَالَ بن الْقَيِّمِ بَنَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَمْرَ أَوَّلًا عَلَى أَنَّهُ مَرِضَ وَأَنَّهُ عَنْ مَادَّةٍ مَالَتْ إِلَى الدِّمَاغِ وَغَلَبَتْ عَلَى الْبَطْنِ الْمُقَدَّمِ مِنْهُ فَغَيَّرَتْ مِزَاجَهُ فَرَأَى اسْتِعْمَالَ الْحِجَامَةِ لِذَلِكَ مُنَاسِبًا فَلَمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ أَنَّهُ سُحِرَ عَدَلَ إِلَى الْعِلَاجِ الْمُنَاسِبِ لَهُ وَهُوَ اسْتِخْرَاجُهُ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَادَّةَ السِّحْرِ انْتَهَتْ إِلَى إِحْدَى قُوَى الرَّأْسِ حَتَّى صَارَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مَا ذُكِرَ فَإِنَّ السِّحْرَ قَدْ يَكُونُ مِنْ تَأْثِيرِ الْأَرْوَاحِ الْخَبِيثَةِ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ انْفِعَالِ الطَّبِيعَةِ وَهُوَ أَشَدُّ السِّحْرِ وَاسْتِعْمَالُ الْحَجْمِ لِهَذَا الثَّانِي نَافِعٌ لِأَنَّهُ إِذَا هَيَّجَ الْأَخْلَاطَ وَظَهَرَ أَثَرُهُ فِي عُضْوٍ كَانَ اسْتِفْرَاغُ الْمَادَّةِ الْخَبِيثَةِ نَافِعًا فِي ذَلِكَ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ إِنَّمَا قِيلَ لِلسِّحْرِ طِبٌّ لِأَنَّ أَصْلَ الطِّبِّ الْحِذْقُ بِالشَّيْءِ وَالتَّفَطُّنُ لَهُ فَلَمَّا كَانَ كُلُّ مَنْ عِلَاجِ الْمَرَضِ وَالسِّحْرِ إِنَّمَا يَتَأَتَّى عَنْ فِطْنَةٍ وَحِذْقٍ أُطْلِقَ عَلَى كُلِّ مِنْهُمَا هَذَا الِاسْمُ قَوْلُهُ فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ أَمَّا الْمُشْطُ فَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا أَثْبَتَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَنْكَرَهُ أَبُو زَيْدٍ وَبِالسُّكُونِ فِيهِمَا وَقَدْ يُضَمُّ ثَانِيهِ مَعَ ضَمِّ أَوَّلِهِ فَقَطْ وَهُوَ الْآلَةُ الْمَعْرُوفَةُ الَّتِي يُسَرَّحُ بِهَا شَعْرُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَيُطْلَقُ الْمُشْطُ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى أَشْيَاءَ أُخْرَى مِنْهَا الْعَظْمُ الْعَرِيضُ فِي الْكَتِفِ وَسَلَامَيَاتُ ظَهْرِ الْقَدَمِ وَنَبْتٌ صَغِيرٌ يُقَالُ لَهُ مُشْطُ الذَّنَبِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي سُحِرَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدَ هَذِهِ الْأَرْبَعِ قُلْتُ وَفَاتَهُ آلَةٌ لَهَا أَسْنَانٌ وَفِيهَا هِرَاوَةٌ يُقْبَضُ عَلَيْهَا وَيُغَطَّى بِهَا الإناة قَالَ بن سِيدَهْ فِي الْمُحْكَمِ إِنَّهَا تُسَمَّى الْمُشْطُ وَالْمُشْطُ أَيْضًا سِمَةٌ مِنْ سِمَاتِ الْبَعِيرِ تَكُونُ فِي الْعَيْنِ وَالْفَخِذِ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْمُرَادُ بِالْمُشْطِ هُنَا هُوَ الْأَوَّلُ فَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَإِذَا فِيهَا مُشْطُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ مُرَاطَةِ رَأْسِهِ وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ وَمِنْ أَسْنَانِ مُشْطِهِ وَفِي مُرْسَلِ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ فَعَمَدَ إِلَى مُشْطٍ وَمَا مُشِطَ مِنَ الرَّأْسِ مِنْ شَعْرٍ فَعَقَدَ بِذَلِكَ عُقَدًا قَوْلُهُ وَمُشَاطَةٍ سَيَأْتِي بَيَانُ الِاخْتِلَافِ هَلْ هِيَ بِالطَّاءِ أَوِ الْقَافِ فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ حَيْثُ بَيَّنَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلُهُ وَجُفَّ طَلْعُ نَخْلَةِ ذَكَرٍ قَالَ عِيَاضٌ وَقَعَ لِلْجُرْجَانِيِّ يَعْنِي فِي الْبُخَارِيِّ وَالْعُذْرِيِّ يَعْنِي فِي مُسْلِمٍ بِالْفَاءِ وَلِغَيْرِهِمَا بِالْمُوَحَّدَةِ قُلْتُ أَمَّا رِوَايَةُ عِيسَى بْنِ يُونُسَ هُنَا فَوَقَعَ لِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْفَاءِ وَلِغَيْرِهِ بِالْمُوَحَّدَةِ وَأَمَّا رِوَايَتُهُ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ فَالْجَمِيعُ بِالْفَاءِ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ بن عُيَيْنَة للْجَمِيع وللمستعلي فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ بِالْمُوَحَّدَةِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْفَاءِ وَلِلْجَمِيعِ فِي رِوَايَةِ أَبِي ضَمْرَةَ فِي الدَّعَوَاتِ بِالْفَاءِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رِوَايَتُنَا يَعْنِي فِي مُسْلِمٍ بِالْفَاءِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي أَكْثَرِ نُسَخِ بِلَادِنَا بِالْبَاءِ يَعْنِي فِي مُسْلِمٍ وَفِي بَعْضِهَا بِالْفَاءِ وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ الْغِشَاءُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى الطَّلْعِ وَيُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَلِهَذَا قَيَّدَهُ بِالذَّكَرِ فِي قَوْلِهِ طَلْعَةُ ذَكَرٍ وَهُوَ بِالْإِضَافَةِ انْتَهَى وَوَقَعَ فِي رِوَايَتِنَا هُنَا بِالتَّنْوِينِ فِيهِمَا عَلَى أَنَّ لَفْظَ ذَكَرَ صِفَةٌ لِجُفٍّ وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّ الَّذِي بِالْفَاءِ هُوَ وِعَاءُ الطَّلْعِ وَهُوَ لِلْغِشَاءِ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ دَاخِلَ الطَّلْعَةِ إِذَا خَرَجَ مِنْهَا الْكُفْرِيُّ قَالَهُ شَمِرٌ قَالَ وَيُقَالُ أَيْضًا لِدَاخِلِ الرَّكِيَّةِ مِنْ أَسْفَلِهَا إِلَى أَعْلَاهَا جُفٌّ وَقِيلَ هُوَ مِنَ الْقَطْعِ يَعْنِي مَا قُطِعَ مِنْ قُشُورِهَا وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ الْجُفُّ بِالْفَاءِ شَيْءٌ يُنْقَرُ مِنْ جُذُوعِ النَّخْلِ قَوْلُهُ قَالَ وَأَيْنَ هُوَ قَالَ هُوَ فِي بِئْر ذروان زَاد بن عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ تَحْتَ رَاعُوفَةٍ وَسَيَأْتِي شَرْحُهَا بَعْدَ بَابٍ وَذَرْوَانُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَحَكَى بن التِّينِ فَتْحهَا وَأَنَّهُ قَرَأَهُ كَذَلِكَ قَالَ وَلَكِنَّهُ بِالسُّكُونِ أشبه وَفِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ وَيَأْتِي فِي رِوَايَةِ أَبِي ضَمْرَةَ فِي الدَّعَوَاتِ مِثْلُهُ وَفِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ لَكِنْ بِغَيْرِ لَفْظِ بِئْرٍ وَلِغَيْرِهِ فِي ذَرْوَانَ وَذَرْوَانُ بِئْرٌ فِي بَنِي زُرَيْقٍ فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ بِئْرُ ذَرْوَانَ مِنْ إِضَافَةِ الشَّيْءِ لِنَفْسِهِ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ رِوَايَة بن نُمَيْرٍ بِأَنَّ الْأَصْلَ بِئْرُ ذِي أَرْوَانَثُمَّ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ سُهِّلَتِ الْهَمْزَةُ فَصَارَتْ ذَرْوَانُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ أَبَا عُبَيْدٍ الْبَكْرِيَّ صَوَّبَ أَنَّ اسْمَ الْبِئْرِ أَرْوَانُ بِالْهَمْزِ وَأَنَّ مَنْ قَالَ ذَرْوَانَ أَخْطَأَ وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِخَطَأٍ عَلَى مَا وَجَّهْتُهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ عَن وهيب وَكَذَا فِي رِوَايَته عَن بن نُمَيْرٍ بِئْرُ أَرْوَانَ كَمَا قَالَ الْبَكْرِيُّ فَكَأَنَّ رِوَايَةَ الْأَصِيلِيِّ كَانَتْ مِثْلَهَا فَسَقَطَتْ مِنْهَا الرَّاءُ وَوَقَعَ عِنْدَ الْأَصِيلِيِّ فِيمَا حَكَاهُ عِيَاضٌ فِي بِئْرِ ذِي أَوَانَ بِغَيْرِ رَاءٍ قَالَ عِيَاضٌ وَهُوَ وَهْمٌ فَإِنَّ هَذَا مَوْضِعٌ آخَرُ عَلَى سَاعَةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ وَهُوَ الَّذِي بُنِيَ فِيهِ مَسْجِدُ الضِّرَارِ قَوْلُهُ فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَعَ فِي حَدِيث بن عَبَّاس عِنْد بن سَعْدٍ فَبَعَثَ إِلَى عَلِيٍّ وَعَمَّارٍ فَأَمَرَهُمَا أَنْ يَأْتِيَا الْبِئْرَ وَعِنْدَهُ فِي مُرْسَلِ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ فَدَعَا جُبَيْرَ بْنَ إِيَاسٍ الزُّرَقِيَّ وَهُوَ مِمَّن شهد بَدْرًا فدله عَلَى مَوْضِعِهِ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ فَاسْتَخْرَجَهُ قَالَ وَيُقَالُ الَّذِي اسْتَخْرَجَهُ قَيْسُ بْنُ مُحْصَنٍ الزُّرَقِيُّ وَيُجْمَعُ بِأَنَّهُ أَعَانَ جُبَيْرًا عَلَى ذَلِكَ وَبَاشَرَهُ بِنَفسِهِ فنسب إِلَيْهِ وَعند بن سَعْدٍ أَيْضًا أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ قَيْسٍ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا يَهُورُ الْبِئْرُ فَيُمْكِنُ تَفْسِيرُ مَنْ أُبْهِمَ بِهَؤُلَاءِ أَوْ بَعْضِهِمْ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَّهَهُمْ أَوَّلًا ثُمَّ تَوَجَّهَ فَشَاهَدَهَا بِنَفْسِهِ قَوْلُهُ فَجَاءَ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ فِي رِوَايَةِ وُهَيْبٍ فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ يَا عَائِشَةُ وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ وَلَفْظُهُ فَذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْبِئْرِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَ وَفِي رِوَايَةِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَنَزَلَ رَجُلٌ فَاسْتَخْرَجَهُ وَفِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ أَنَّهُ وَجَدَ فِي الطَّلْعَةِ تِمْثَالًا مِنْ شَمْعٍ تِمْثَالُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا فِيهِ إِبَرٌ مَغْرُوزَةٌ وَإِذَا وُتِرَ فِيهِ إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً فَنَزَلَ جِبْرِيلُ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ فَكُلَّمَا قَرَأَ آيَةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ وَكُلَّمَا نَزَعَ إِبْرَةً وَجَدَ لَهَا أَلَمًا ثُمَّ يَجِدُ بَعْدَهَا رَاحَةً وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ نَحْوُهُ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ عِنْدَ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ وَغَيْرِهِ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَنَزَلَ عَلَيْهِ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَفِيهِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَحِلَّ الْعُقَدَ وَيَقْرَأَ آيَةً فَجَعَلَ يَقْرَأُ وَيَحِلُّ حَتَّى قَامَ كَأَنَّمَا نشط من عقال وَعند بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ مُعْضِلًا فَاسْتَخْرَجَ السِّحْرَ مِنَ الْجُفِّ مِنْ تَحْتِ الْبِئْرِ ثُمَّ نَزَعَهُ فَحَلَّهُ فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ كَأَنَّ مَاءَهَا فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ وَاللَّهُ لَكَأَنَّ مَاءَهَا أَيِ الْبِئْرَ نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ بِضَمِّ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الْقَافِ وَالْحِنَّاءُ مَعْرُوفٌ وَهُوَ بِالْمَدِّ أَيْ أَنَّ لَوْنَ مَاءِ الْبِئْرِ لَوْنُ الْمَاءِ الَّذِي يُنْقَعُ فِيهِ الْحِنَّاءُ قَالَ بن التِّينِ يَعْنِي أَحْمَرَ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ الْمُرَادُ الْمَاءُ الَّذِي يَكُونُ مِنْ غُسَالَةِ الْإِنَاءِ الَّذِي تُعْجَنُ فِيهِ الْحِنَّاءُ قُلْتُ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عِنْدَ بن سَعْدٍ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ فَوَجَدَ الْمَاءَ وَقَدِ اخْضَرَّ وَهَذَا يُقَوِّي قَوْلَ الدَّاوُدِيِّ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ كَأَنَّ مَاء الْبِئْر قد تغير إِمَّا لردائه بِطُولِ إِقَامَتِهِ وَإِمَّا لِمَا خَالَطَهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي أُلْقِيَتْ فِي الْبِئْرِ قُلْتُ وَيَرُدُّ الْأَوَّلَ أَن عِنْد بن سَعْدٍ فِي مُرْسَلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ قَيْسٍ هَوَّرَ الْبِئْرَ الْمَذْكُورَةَ وَكَانَ يَسْتَعْذِبُ مِنْهَا وَحَفَرَ بِئْرًا أُخْرَى فَأَعَانَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حفرهَا قَوْله وَكَأن رُؤُوس نخلها رُؤُوس الشَّيَاطِينِ كَذَا هُنَا وَفِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي بَدْء الْخلق نخلها كَأَنَّهُ رُؤُوس الشَّيَاطِين وَفِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنْ هِشَامٍ كَأَنَّ نَخْلَهَا بِغَيْر ذكر رُؤُوس أَولا والتشبيه إِنَّمَا وَقع على رُؤُوس النَّخْلِ فَلِذَلِكَ أَفْصَحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ الْبَابِ وَهُوَ مُقَدَّرٌ فِي غَيْرِهَا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَإِذَا نَخْلُهَا الَّذِي يَشْرَبُ من مَائِهَا قد التوى سعفه كَأَنَّهُ رُؤُوس الشَّيَاطِينِ وَقَدْ وَقَعَ تَشْبِيهُ طَلْعِ شَجَرَةِ الزَّقُّومِ فِي الْقُرْآنِ بِرُءُوسِ الشَّيَاطِينِ قَالَ الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ شَبَّهَ طَلْعَهَا فِي قُبْحِهِ بِرُءُوسِ الشَّيَاطِينِ لِأَنَّهَا مَوْصُوفَةٌ بِالْقُبْحِ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي اللِّسَانِ أَنَّ مَنْ قَالَ فُلَانٌ شَيْطَانٌ أَرَادَ أَنَّهُ خَبِيثٌ أَوْ قَبِيحٌ وَإِذَا قَبَّحُوا مُذَكَّرًا قَالُوا شَيْطَانٌ أَوْ مُؤَنَّثًا قَالُوا غُولٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالشَّيَاطِينِ الْحَيَّاتِ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي بَعْضَ الْحَيَّاتِ شَيْطَانًا وَهُوَ ثُعْبَانٌ قَبِيحُ الْوَجْهوَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد نَبَات قَبِيح قِيلَ إِنَّهُ يُوجَدُ بِالْيَمَنِ قَوْلُهُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا اسْتَخْرَجْتُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَة فَقَالَ لَا وَوَقع فِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ أَنَّهُ اسْتَخْرَجَهُ وَأَنَّ سُؤَالَ عَائِشَةَ إِنَّمَا وَقَعَ عَنِ النُّشْرَةِ فَأَجَابَهَا بِلَا وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْقَوْلِ فِيهِ بَعْدَ بَابٍ قَوْلُهُ فَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ سُوءًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ أَنْ أُثَوِّرَ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَهُمَا بِمَعْنًى وَالْمُرَادُ بِالنَّاسِ التَّعْمِيمُ فِي الْمَوْجُودِينَ قَالَ النَّوَوِيُّ خَشِيَ مِنْ إِخْرَاجِهِ وَإِشَاعَتِهِ ضَرَرًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ تَذَكُّرِ السِّحْرِ وَتَعَلُّمِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ بَابِ تَرْكِ الْمَصْلَحَةِ خَوْفَ الْمَفْسَدَةِ وَوَقع فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ عَلَى أُمَّتِي وَهُوَ قَابِلٌ أَيْضًا لِلتَّعْمِيمِ لِأَنَّ الْأُمَّةَ تُطْلَقُ عَلَى أُمَّةِ الْإِجَابَةِ وَأُمَّةِ الدعْوَة وعَلى مَا هُوَ أَعَمُّ وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّاسِ هُنَا لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ لِأَنَّهُ كَانَ مُنَافِقًا فَأَرَادَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يُثِيرَ عَلَيْهِ شَرًّا لِأَنَّهُ كَانَ يُؤْثِرُ الْإِغْضَاءَ عَمَّنْ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَلَوْ صَدَرَ مِنْهُ مَا صَدَرَ وَقَدْ وَقَعَ أَيْضا فِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ شَرًّا نَعَمْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ قَتَلْتَهُ قَالَ مَا وَرَاءَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَشَدُّ وَفِي رِوَايَةِ عَمْرَةَ فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَرَفَ فَعَفَا عَنْهُ وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَمَا ذِكْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ الْيَهُودِيِّ شَيْئًا مِمَّا صَنَعَ بِهِ وَلَا رَآهُ فِي وَجْهِهِ وَفِي مُرْسَلِ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ فَقَالَ لَهُ مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا قَالَ حُبُّ الدَّنَانِيرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ قَوْلُ بن شِهَابٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يقْتله وَأخرج بن سَعْدٍ مِنْ مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ أَيْضًا أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ وَنُقِلَ عَنِ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ ذَلِكَ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ قَتَلَهُ وَمِنْ ثَمَّ حَكَى عِيَاضٌ فِي الشِّفَاءِ قَوْلَيْنِ هَلْ قُتِلَ أَمْ لَمْ يُقْتَلْ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ لَا حُجَّةَ عَلَى مَالِكٍ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ لِأَنَّ تَرْكَ قَتْلِ لَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ كَانَ لِخَشْيَةِ أَنْ يُثِيرَ بِسَبَبِ قَتْلِهِ فِتْنَةً أَوْ لِئَلَّا يُنَفِّرَ النَّاسَ عَنِ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ وَهُوَ مِنْ جِنْسِ مَا رَاعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَنْعِ قَتْلِ الْمُنَافِقِينَ حَيْثُ قَالَ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ قَوْلُهُ فَأَمَرَ بِهَا أَيْ بِالْبِئْرِ فَدُفِنَتْ وَهَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ وَغَيْرِهِ عَنْ هِشَامٍ وَأَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَقِبَ رِوَايَةِ بن نُمَيْرٍ وَقَالَ لَمْ يَقُلْ أَبُو أُسَامَةَ فِي رِوَايَتِهِ فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ قُلْتُ وَكَأَنَّ شَيْخَهُ لَمْ يَذْكُرْهَا حِينَ حَدَّثَهُ وَإِلَّا فَقَدْ أَوْرَدَهَا الْبُخَارِيُّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ كَمَا فِي الْبَابِ بَعْدَهُ وَقَالَ فِي آخِرِهِ فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِي مُرْسَلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ قَيْسٍ هَوَّرَهَا قَوْلُهُ تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ هُوَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ وَتَأْتِي رِوَايَتُهُ مَوْصُولَةً بَعْدَ بَابَيْنِ قَوْلُهُ وَأَبُو ضَمْرَةَ هُوَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَسَتَأْتِي رِوَايَتُهُ مَوْصُولَةً فِي كتاب الدَّعْوَات قَوْله وبن أَبِي الزِّنَادِ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ذَكْوَانَ وَلَمْ أَعْرِفْ مَنْ وَصَلَهَا بعد قَوْله وَقَالَ اللَّيْث وبن عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ وَمُشَاقَةٍ وَهُوَ الصَّوَابُ وَإِلَّا لَاتَّحَدَتِ الرِّوَايَاتُ وَرِوَايَةُ اللَّيْثِ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي بَدْء الْخلق وَرِوَايَة بن عُيَيْنَةَ تَأْتِي مَوْصُولَةً بَعْدَ بَابٍ وَذَكَرَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ تَبَعًا لِخَلَفٍ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَهُ فِي الطِّبِّ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مُحَمَّد كِلَاهُمَا عَن بن عُيَيْنَةَ وَطَرِيقِ الْحُمَيْدِيِّ مَا هِيَ فِي الطِّبِّ فِي شَيْءٍ مِنَ النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقٍ الْحُمَيْدِيِّ وَقَالَ بَعْدَهُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْ أَبُو مَسْعُودٍ فِي أَطْرَافِهِ الْحُمَيْدِيَّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ وَيُقَالُ الْمُشَاطَةُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الشَّعْرِ إِذَا مُشِطَ هَذَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ قَالَ بن قُتَيْبَةَ الْمُشَاطَةُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الشَّعْرِ الَّذِي سَقَطَ مِنَ الرَّأْسِ إِذَا سُرِّحَ بِالْمُشْطِ وَكَذَا مِنَ اللِّحْيَةِ قَوْلُهُ وَالْمُشَاطَةُ مِنْ مُشَاطَةِ الْكَتَّانِ كَذَا لأبيذَرٍّ كَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ اللَّفْظَ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ الشَّعْرِ إِذَا مُشِطَ وَبَيْنَ الْكَتَّانِ إِذَا سُرِّحَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَالْمُشَاقَةُ وَهُوَ أَشْبَهَ وَقِيلَ الْمُشَاقَةُ هِيَ الْمُشَاطَةُ بِعَيْنِهَا وَالْقَافُ تُبْدَلُ مِنَ الطَّاءِ لِقُرْبِ الْمَخْرَجِ وَاللَّهُ أعلم (قَوْلُهُ بَابُ الشِّرْكِ وَالسِّحْرِ مِنَ الْمُوبِقَاتِ) أَيِ الْمُهْلِكَاتِ

    باب السِّحْرِوَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {{وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِى الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ}} وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {{وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى}} وَقَوْلِهِ: {{أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ}} وَقَوْلِهِ: {{يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَاتَسْعَى}} وَقَوْلِهِ: {{وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِى الْعُقَدِ}}. وَ {{النَّفَّاثَاتُ}}: السَّوَاحِرُ، {{تُسْحَرُونَ}}: تُعَمَّوْنَ.(باب السحر) بكسر السين وسكون الحاء المهملتين وهو أمر خارق للعادة صادر عن نفس شريرة لا تتعذر معارضته واختلف هل له حقيقة أم لا. والصحيح وهو الذي عليه الجمهور أن له حقيقة، وعلى هذا فهل له تأثير فقط بحيث يغير المزاج فيكون نوعًا من الأمراض أو ينتهي إلى الإحالة بحيث يصير الجماد حيوانًا مثلاً وعكسه، فالذي عليه الجمهور وهو الأول وفرقوا بين المعجزة والكرامة والسحر بأن السحر يكون بمعاناة أحوال وأفعال حتى يتم للساحر ما يريد والكرامة لا تحتاج إلى ذلك بل إنما تقع غالبًا اتفاقًا، وأما المعجزة فتمتاز عن الكرامة بالتحدي، وقال القرطبي: الحق أن لبعض أصناف السحر تأثيرًا في القلوب كالحب والبغض وإلقاء الخير والشر وفي الأبدان بالألم والسقم وإنما المنكر أن الجماد ينقلب حيوانًا أو عكسه بسحر الساحر.(وقوله تعالى): بالجر عطفًا على المجرور السابق ({{ولكن الشياطين كفروا}}) باستعمال السحر وتدوينه ({{يعلمون الناس السحر}}) أي كفروا معلمين الناس السحر قاصدين به إغوائهم وإضلالهم والواو في ولكن عاطفة جملة الاستدراك على ما قبلها ({{وما أنزل على الملكين}}) ما موصول بمعنى الذي في موضع نصب عطفًا على السحر أي يعلمون الناس السحر والمنزل على الملكين أو عطفًا على ما تتلو الشياطين أي واتبعوا ما تتلو الشياطين وما أنزل على الملكين وعلى هذا فما بينهما اعتراض أو ما نفي والجملة معطوفة على الجملة النفية قبلها وهي ما كفر سليمان أي وما أنزل على الملكين إباحة السحر. قال القرطبي: ما نفي والواو للعطف على قوله تعالى: وما كفر والتقدير وما أنزل على الملكين ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ({{ببابل}}) اسم أرض وهي بابل العراق وسميت بذلك لتبلبل الألسن بها عند سقوط صرح نمروذ وقيل إن الله تعالى أمر ريحًا يحشرهم بهذه الأرض فلم يدر أحدهم ما يقول الآخر ثم فرقهم الريح في البلاد فتكلم كل أحد بلغته وهو متعلق بأنزل والباء بمعنى في أي في بابل ويجوز أن يكون في محل نصب على الحال من الملكين أو من الضمير في أنزل فيتعلق بمحذوف ({{هاروت وماروت}}) بدل من الملكين وجرّا بالفتحة لأنهما لا ينصرفان للعجمة والعلمية أو عطف بيان ({{وما يعلمان}}) هاروت وماروت ({{من أحد}}) الظاهر أنه الملازم للنفي وهمزته أصل بنفسها وأجاز أبو البقاء أن يكون بمعنى واحد فتكون همزته بدلاً من واو ({{حتى يقولا}}) حتى ينبهاه وينصحاه يقولا له ({{وإنما نحن فتنة فلا تكفر}}) أي ابتلاء واختيار من الله تعالى ليتميز المطيع من العاصي كقولك: فتنت الذهب بالنار إذا عرضته عليها ليتميز الخالص من المشوب ({{فيتعلمون}}) عطف على وما يعلمان والضمير في فيتعلمون لما دل عليه من أحد أي فيتعلم الناس ({{منهما}}) من الملكين ({{ما}}) أي الذي ({{يفرقون بين المرء وزوجه}}) وهو علم السحر الذي يكون سببًا في التفريق بين الزوجين بأن يحدث الله عنده النشوز
    والخلاف ابتلاء منه وللسحر حقيقة عند أهل السُّنَّة وعندالمعتزلة هو تخييل وتمويه، وقيل التفريق إنما يكون بأن يعتقد أن ذلك السحر مؤثر في هذا التفريق فيصير كافرًا وإذا صار كافرًا بانت منه زوجته ({{وما هم بضارين به}}) بالسحر ({{من أحد إلا بإذن الله}}) ما حجازية فهم اسمها وبضاري خبرها والباء زائدة فهو في محل نصب أو تميمية فهم مبتدأ أو بضارين خبره والباء زائدة أيضًا فهو في محل رفع والضمير فيه عائد على السحرة العائد عليهم ضمير فيتعلمون أو على اليهود العائد عليهم ضمير واتبعوا أو يعود على الشياطين والضمير في به يعود على ما في قوله ما يفرقون به، وقوله إلا بإذن الله استثناء مفرغ من الأحوال فهو في موضع نصب على الحال وصاحبه الفاعل المستكن في بضارين أو المفعول وهو أحد لجواز مجيء الحال من النكرة لاعتمادها على النفي أو الهاء في به أي بالسحر والتقدير وما يضرون أحدًا بالسحر إلا ومعه علم الله أو مقرونًا بإذن الله ونحو ذلك.فإن قلت الإذن حقيقة في الأمر والله لا يأمر بالسحر لأنه ذمهم عليه ولو أمرهم به لما جاز أن يذمهم عليه. أجيب: بأن المراد منه التخلية يعني إذا سحر الإنسان فإن شاء الله منعه منه وإن شاء خلى بينه وبين ضرر السحر أو المراد إلا بعلم الله ومنه سمي الأذان لأنه إعلام بدخول الوقت أو أن الضرر الحاصل عند فعل السحر إنما يحصل بخلق الله ({{ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم}}) في الآخرة لأنهم يقصدون الشر ({{ولقد علموا}}) هؤلاء اليهود ({{لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق}}) [البقرة: 102] من نصيب واستعير لفظ الشراء لوجهين.أحدهما: أنهم لما نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم وأقبلوا على التمسك بما تتلو الشياطين فكأنهم اشتروا السحر بكتاب الله.وثانيهما: أن الملكين إنما قصدا بتعليم السحر الاحتراز عنه وهؤلاء أبدلوا ذلك الاحتراز بالوصول إلى منافع الدنيا، وسقط في رواية أبي ذر {{وما يعلمان}} إلى آخره، وقال بعد قوله: {{وماروت}} الآية. وقال في رواية ابن عساكر إلى قوله: {{من خلاق}} واختلف في المراد بالآية فقيل إن قوله: واتبعوا هم اليهود الذين كانوا زمن نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقيل: هم الذين كانوا في زمن سليمان عليه الصلاة والسلام من السحرة لأن أكثر اليهود ينكرون نبوّة سليمان عليه السلام ويدعونه من جملة ملوك الدنيا وهؤلاء ربما اعتقدوا فيه أنه إنما وجد الملك العظيم بسبب السحر، وقيل: إنه يتناول الكل وهو أولى، واختلف في المراد بالشياطين فقيل: شياطين الإنس، وقيل: هم شياطين الإنس والجن، قال السدي: إن الشياطين كانوا يسترقون السمع ويضمون إلى ما سمعوا أكاذيب يلقولها إلى الكهنة فدوّنوها في الكتب وعلموها الناس وفشا ذلك في زمن سليمان فقالوا: إن الجن تعلم الغيب وكانوا يقولون هذا علم سليمان وما تم ملكه إلا بهذا العلم وبه سخر الجن والإنس والطير والريح التي تجري بأمره، وأما القائلون بأنهم شياطين الإنس فقالوا: روي أن سليمان عليه الصلاة والسلام كان قد دفن كيرًا من العلوم التي خصّه الله بها تحت سرير ملكه خوفًا على أنه إن هلك الظاهر يبقى ذلك المدفون، فلما مضت مدة على ذلك توصل قوم منالمنافقين إلى أن كتبوا في خلال ذلك أشياء من السحر تناسب تلك الأشياء من بعض الوجوه ثم بعد موته واطلاع الناس على تلك الكتب أوهموا الناس أنه من عمل سليمان وأنه إنما وصل إلى ما وصل بسبب هذه الأشياء وإنما أضافوا السحر لسليمان تفخيمًا لشأنه وترغيبًا للقوم في قبول ذلك، وقيل: إنه تعالى لما سخر الجن لسليمان وكان يخالطهم ويستفيد منهم أسرارًا عجيبة غلب على الظنون أنه عليه الصلاة والسلام استفاد السحر منهم بقوله تعالى: {{وما كفر سليمان}} [البقرة: 102] تنزيه له عليه السلام عن الكفر، وروي أن بعض الأحبار من اليهود قال: ألا تعجبون من محمد يزعم أن سليمان كان نبيًّا وما كان إلا ساحرًا فأنزل الله هذه الآية قاله في اللباب.(وقوله تعالى): بالجر عطفًا على المجرور السابق ({{ولا يفلح الساحر}}) أي هذا الجنس ({{حيث أتى}}) [طه: 69] أينما كان. وقال الراغب: حيث
    عبارة عن مكان مهم يشرح بالجملة التي بعده كقوله تعالى: {{وحيثما كنتم}} [البقرة: 144] {{ومن حيث خرجت}} [البقرة: 149] (وقوله) عز وجل: ({{أفتأتون السحر وأنتم تبصرون}} [الأنبياء: 3] أي إنهم كانوا يعتقدون أن الرسول لا يكون إلا ملكًا وأن كل من ادّعى الرسالة من البشر وجاء بالمعجزة فهو ساحر ومعجزته سحر؛ ولذا قال قائلهم منكرًا على من اتبعه: أفتأتون السحر أي أفتتبعونه حتى تصيروا كمن اتّبع السحر وهو يعلم أنه سحر. (وقوله) تعالى: ({{يخيل إليه}}) إلى موسى ({{من سحرهم أنها}}) أي العصيّ ({{تسعى}}) [طه: 66] لأنهم أودعوها من الزئبق ما كانت تتحرك بسببه وتضطرب وتمتد بحيث يخيل للناظرين أنها تسعى باختيارها وإنما كان حيلة وكانوا جمًّا غفيرًا وجمعًا كثيرًا فألقى كلٌّ منهم عصًا وحبلاً حتى صار الوادي ملآن حيات يركب بعضها بعضًا ولا حجة فيها للقائل إن السحر تخييل لأنها وردت في هذه القصة وكان سحرهم كذلك ولا يلزم منه أن جميع أنواع السحر تخييل (وقوله) تعالى: {{ومن شر النفاثات في العقد}} [الفلق: 4]. و {{النفاثات}}): النساء (السواحر) أو النفوس أو الجماعات اللاتي يعقدن عقدًا في خيوط وينفثن عليها ويرقين وفيه دليل على بطلان قول المعتزلة في إنكار تحقق السحر، وقوله تعالى: في سورة المؤمنون ({{تسحرون}}) [المؤمنون: 89] أي (تعمون) بضم أوله وفتح الميم وقال ابن عطية: السحر هنا مستعار لما وقع من التخليط ووضع الشيء في غير موضعه.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:5454 ... ورقمه عند البغا: 5763 ]
    - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ مِنْ بَنِى زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّىْءَ وَمَا فَعَلَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهْوَ عِنْدِى لَكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا ثُمَّ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِى فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ أَتَانِى رَجُلاَنِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِى وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ فَقَالَ: مَطْبُوبٌ قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، قَالَ: فِى أَىِّ شَىْءٍ؟ قَالَ: فِى مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ، قَالَ: وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِى بِئْرِ ذَرْوَانَ» فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِى نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَجَاءَ فَقَالَ: «يَاعَائِشَةُ كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ أَوْ كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلِهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ أَسْتَخْرِجُهُ؟ قَالَ: «قَدْ عَافَانِى اللَّهُ فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا». فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ. تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَأَبُو ضَمْرَةَ وَابْنُ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ، وَقَالَ اللَّيْثُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ هِشَامٍ فِى مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ، يُقَالُ: الْمُشَاطَةُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الشَّعَرِ إِذَا مُشِطَ وَالْمُشَاقَةُ مِنْ مُشَاقَةِ الْكَتَّانِ.وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (إبراهيم بن موسى) الرازي الفراء الحافظ قال: (أخبرنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي أحد الأعلام في الحفظ والعبادة (عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها (قالت: سحر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجل من بني زريق) بضم الزاي وفتح الراء آخره قاف (يقال له لبيد بن الأعصم) بفتح اللام وكسر الموحدة والأعصم بالعين والصاد المهملتين بوزن الأحمر، وفي مسلم أنه يهودي من بني زريق (حتى كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله) ثبت قوله إنه كان في رواية أبي ذر، وفي رواية ابن عيينة في الباب التالي كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن، وحينئذ فلا تمسك لبعض المبتدعة بقوله: إنه يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما فعله الزاعم أن الحديث باطل لاحتمال أن يخيل إليه أنه يرى جبريل وليس هو ثمة، وأنه يوحى إليه بشيء ولم يوح إليه بشيء. قال المازري: وهذا كله مردود فقد قام الدليل على صدقه عليه الصلاة والسلام فيما يبلغه عن الله وعلى عصمته في التبليغ فما حصل له من ضرر السحر ليس نقصًا فيما يتعلق بالتبليغ بل هو من جنس ما يجوز عليه من سائر الأمراض (حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة) من إضافة المسمى إلى الاسم أو ذات مقحمة للتأكيد والشك من الراوي (وهو عندي لكنه دعا ودعا) أي لكنه لم يكن مشتغلاً بي بل بالدعاء والمستدرك منه هو قوله وهو عندي أو قوله كان يخيل إليه أي كان السحر أثر في بدنه لا في عقله وفهمه بحيث إنه توجه إلى الله تعالى ودعا على الوضع الصحيح والقانون المستقيم قاله في الكواكب الدراري (ثم قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:(يا عائشة أشعرت) أي أعلمت (أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه) أي أجابني فيما دعوته أو المعنى أجابني عما سألته عنه لأن دعاءه كان أن يطلعه على حقيقته ما هو فيه لما اشتبه عليه من الأمر (أتاني رجلان) أي ملكان كما عند الطبراني وعند ابن سعد في رواية منقطعة أنهما جبريل وميكائيل (فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي) جزم الدمياطي في سيرته بأن الذي قعد عند رأسه جبريل (فقال أحدهما) وهو جبريل أو ميكائيل قيل: وهو أصوب (لصاحبه ما وجع الرجل)؟ أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فقال: مطبوب) بالطاء المهملة الساكنة والباءين الموحدتين أي مسحور قيل كنّوا عن السحر بالطب تفاؤلاً كما قالوا للديغ سليم (قال: من طبه)؟ من سحره (قال) طبه (لبيد بن الأعصم. قال: في أي شيء)؟ طبه (قال: في مشط) بضم الميم وسكون المعجمة الآلة
    التي يسرح بها شعر الرأس واللحية (ومشاطة) بضم الميم وفتح المعجمة مخففة وبعد الألف طاء مهملة ما يخرج من الشعر عند التسريح، وفي حديث ابن عباس من شعر رأسه ومن أسنان مشطه ورواه البيهقي(وجف طلع نخلة) بضم الجيم وتشديد الفاء الغشاء الذي يكون على الطلع ويطلق على الذكر والأنثى فلذا قيده بقوله (ذكر) بالتنوين كنخلة على أن لفظ ذكر صفة للجف وللمستملي وجب بالموحدة بدل الفاء وهما بمعنى واحد، وقال القرطبي: إنه بالموحدة داخل الطلعة إذا خرج منها الكفري قاله شمر وللكشميهني وجف بالفاء طلعة بتاء تأنيث منوّنة (قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذروان) بفتح المعجمة وسكون الراء ولمسلم من رواية ابن نمير في بئر ذي أروان بالهمزة وصوّبه أبو عبيد البكري (فأتاها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ناس من أصحابه) وعند ابن سعد من حديث ابن عباس فبعث إلى عليّ وعمار فأمرهما أن يأتيا البئر وعنده أيضًا في مرسل عمران بن الحكم فدعا جبير بن إياس الزرقي وهو ممن شهد بدرًا فدله على موضعه في بئر ذروان فاستخرجه قال: ويقال إن الذي استخرجه قيس بن محصن الزرقي. قال في الفتح: ويجمع بأنه أعان جبيرًا على ذلك وباشر بنفسه فنسب إليه وأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجههم أولاً ثم توجه فشاهدها بنفسه (فجاء) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد أن رجع إلى عائشة (فقال: يا عائشة كان ماءها نقاعة الحناء) بضم النون وتخفيف القاف والحناء بكسر الحاء المهملة والمد يعني أن ماء البئر أحمر كالذي ينقع فيه الحناء يعني أنه تغير لرداءته أو لما خالطه مما ألقي فيه (وكان رؤوس نخلها رؤوس الشياطين) في التناهي في كراهتها وقبح منظرها وقيل الشياطين حيات عرفاء قبيحة المنظر هائلة جدًّا قالت عائشة: (قلت: يا رسول الله أفلا استخرجته؟ قال): لا (قد عافاني الله) منه (فكرهت أن أثوّر) بضم الهمزة وفتح المثلثة وكسر الواو المشددة (على الناس فيه) وللكشميهني منه (شرًّا) من تذكير المنافقين السحر وتعلمه ونحو ذلك فيؤذون المؤمنين وهو من باب ترك المصلحة خوف المفسدة (فأمر بها) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالبئر (فدفنت. تابعه) أي تابع عيسى بن يونس (أبو أسامة) حماد بن أسامة فيما وصله المؤلّف بعد بابين (وأبو ضمرة) بالضاد المعجمة المفتوحة وإسكان الميم بعدها راء أنس بن عياض الليثي المدني فيما وصله المؤلّف في الدعوات (وابن أبي الزناد) عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان. قال في فتح الباري: ولم أعرف من وصلها الثلاثة (عن هشام) أي ابن عروة وعند ابن عساكر زيادة ومشط ومشافة أي بالقاف.(وقال الليث) بن سعد الإمام مما سبق في بدء الخلق (وابن عيينة) سفيان مما وصله بعد باب (عن هشام في مشط ومشاقة) بالقاف بدل الطاء (يقال) ولأبي ذر ويقال (المشاطة) بالطاء (ما يخرج من الشعر إذا مشط) بضم الميم وكسر المعجمة أي سرح شعر الرأس أو اللحية بالمشط (والمشاقة) بالقاف (من مشاقة الكتان) عند تسريحه.

    (بابُُ السِّحْرِ)أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان السحر وَأَنه ثَابت مُحَقّق، وَلِهَذَا أَكثر البُخَارِيّ فِي الِاسْتِدْلَال عَلَيْهِ بِالْآيَاتِ الدَّالَّة عَلَيْهِ. والْحَدِيث الصَّحِيح وَأكْثر الْأُمَم من الْعَرَب وَالروم والهند والعجم بِأَنَّهُ ثَابت وَحَقِيقَته مَوْجُودَة وَله تَأْثِير، وَلَا إستحالة فِي الْعقل فِي أَن الله تَعَالَى يخرق الْعَادة عِنْد النُّطْق بِكَلَام ملفق أَو تركيب أجسام وَنَحْوه على وَجه لَا يعرفهُ كل أحد، وَأما تَعْرِيف السحر فَهُوَ أَمر خارق للْعَادَة صادر عَن نفس شريرة لَا يتَعَذَّر معارضته، وَأنكر قوم حَقِيقَته وأضافوا مَا يَقع مِنْهُ إِلَى خيالات بَاطِلَة لَا حَقِيقَة لَهَا، وَهُوَ اخْتِيَار أبي جَعْفَر الاستراباذي من الشَّافِعِيَّة وَأبي بكر الرَّازِيّ من الْحَنَفِيَّة وَابْن حزم الظَّاهِرِيّ، وَالصَّحِيح قَول كَافَّة الْعلمَاء يدل عَلَيْهِ الْكتاب وَالسّنة. فَإِن قلت: مَا وَجه إِيرَاد: بابُُ السحر، فِي كتاب الطِّبّ؟ قلت: لَا شكّ أَن السحر نوع من الْمَرَض وَهُوَ يمرض المسحور، وَلِهَذَا ذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أما وَالله لقد شفاني) على مَا يَأْتِي عَن
    قريب فِي: بابُُ هَل يسْتَخْرج السحر، والشفاء يكون لمَرض مَوْجُود ثمَّ إِنَّه جمع بَين: بابُُ السحر، وَبابُُ الكهانة، لِأَن مرجع كل مِنْهُمَا الشَّيَاطِين، وكأنهما من وَاد وَاحِد، وَلَا يُقَال: لم قدم بابُُ الكهانة على بابُُ السحر؟ لِأَنَّهُ سُؤال دوري وَهُوَ غير وَارِد، فَافْهَم.وقَوْلِ الله تَعَالَى: {{وَلَكِن الشَّيَاطِين كفرُوا يعلمُونَ النَّاس السحر مَا أنزل على الْملكَيْنِ بِبابُُِل هاروت وماروت وَمَا يعلمَانِ من أحد حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحن فتْنَة فَلَا تكفْر فيتعلمون مِنْهُمَا مَا يفرقون بِهِ بَين الْمَرْء وزوجه وَمَا هم بضارين بِهِ من أحد إِلَّا بِإِذن الله ويتعلمون مَا يضرهم وَلَا يَنْفَعهُمْ وَلَقَد على الْحق اشْتَرَاهُ مَاله فِي الْآخِرَة من خلاق}} (الْبَقَرَة: 2) ، وقوْلهِ تَعَالَى: {{وَلَا يفلح السَّاحر حَيْثُ أَتَى}} (طه: 69) ، وقَوْلهِ: {{أفتأتون السحر وَأَنْتُم تبصرون}} (الْأَنْبِيَاء: 3) ، وقَوْلهِ: {{يخيل إِلَيْهِ من سحرهم أَنَّهَا تسْعَى}} (طه: 66) ، وقَوْلهِ: {{وَمن شَرّ النفاثات فِي العقد}} (الفلق: 4) ، والنَّفَّاثاتُ: السَّوَاحِرُ، تُسْحَرُونَ: تُعَمَّوْنَ.وَقَول الله بِالْجَرِّ عطفا على السحر الْمُضَاف إِلَيْهِ لفظ: بابُُ، وَالتَّقْدِير: بابُُ فِي بَيَان السحر وَفِي بَيَان قَول الله عز وَجل، وَذكر هَذِه الْآيَات الْكَرِيمَة للاستدلال بهَا على تحقق وجود السحر وإثباته، وعَلى بَيَان حرمته أما الْآيَة الأولى وَهِي قَوْله تَعَالَى {{وَلَكِن الشَّيَاطِين كفرُوا}} فَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين {{وَلَكِن الشَّيَاطِين كفرُوا يعلمُونَ النَّاس السحر}} ... الْآيَة فَهَذَا الْمِقْدَار هُوَ الْمَذْكُور، وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة سَاقهَا إِلَى قَوْله {{من خلاق}} فَفِي هَذِه الْآيَة بَيَان أصل السحر الَّذِي تعْمل بِهِ الْيَهُود ثمَّ هُوَ مِمَّا وَضعته الشَّيَاطِين على سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِمَا السَّلَام وَمِمَّا أنزل الله تَعَالَى على هاروت وماروت بِأَرْض بابُل وَهَذَا مُتَقَدم على الأول لِأَن قصَّة هاروت وماروت كَانَت من قبل زمن نوح عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ السحر أَيْضا فاشياً فِي زمن فِرْعَوْن، وَمُلَخَّص مَا ذكر فِي هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة مَا قَالَه السّديّ فِي قَوْله تَعَالَى: {{وَاتبعُوا مَا تتلوا الشَّيَاطِين على ملك سُلَيْمَان}} أَي: على عهد سُلَيْمَان، قَالَ: كَانَت الشَّيَاطِين تصعد إِلَى السَّمَاء فتقعد مِنْهَا مقاعد للسمع فيسمعون من كَلَام الْمَلَائِكَة مَا يكون فِي الأَرْض من موت أَو غيث أَو أَمر، فَيَأْتُونَ الكهنة فَيُخْبِرُونَهُمْ فَتحدث الكهنة النَّاس فيجدونه كَمَا قَالُوا، وَزَادُوا مَعَ كل كلمة سبعين كلمة، فاكتتب النَّاس ذَلِك الحَدِيث فِي الْكتب وَفَشَا فِي بني إِسْرَائِيل: أَن الْجِنّ تعلم الْغَيْب، فَبعث سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لجمع تِلْكَ الْكتب فَجَعلهَا فِي صندوق ثمَّ دَفنهَا تَحت كرسيه وَلم يكن أحد من النَّاس يَسْتَطِيع أَن يدنو من الْكُرْسِيّ إلاَّ احْتَرَقَ. وَقَالَ: لَا أسمع أحدا يذكر أَن الشَّيَاطِين يعلمُونَ الْغَيْب إلاَّ ضربت عُنُقه، فَلَمَّا مَاتَ سُلَيْمَان وَذهب الْعلمَاء الَّذين كَانُوا يعْرفُونَ أَمر سُلَيْمَان جَاءَ شَيْطَان فِي صُورَة إِنْسَان إِلَى نفر من بني إِسْرَائِيل فَقَالَ لَهُم: هَل أدلكم على كنز لَا تأكلونه أبدا؟ قَالُوا: نعم. قَالَ: فاحفروا تَحت الْكُرْسِيّ، فَحَفَرُوا ووجدوا تِلْكَ الْكتب، فَلَمَّا أخرجوها قَالَ الشَّيْطَان: إِن سُلَيْمَان إِنَّمَا كَانَ يضْبط الْإِنْس وَالْجِنّ وَالطير بِهَذَا السحر، ثمَّ طَار وَذهب وَفَشَا فِي النَّاس أَن سُلَيْمَان كَانَ ساحراً، فاتخذت بَنو إِسْرَائِيل تِلْكَ الْكتب، فَلَمَّا جَاءَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خاصموه بهَا فَذَلِك قَوْله: تَعَالَى: {{وَلَكِن الشَّيَاطِين كفرُوا يعلمُونَ النَّاس السحر}} فَقَوله: النَّاس: مفعول أول. وَالسحر مفعول ثَان، وَالْجُمْلَة حَال من فَاعل كفرُوا، أَي: كفرُوا معلمين، وَقيل: هِيَ بدل من كفرُوا. وَقَوله عز وَجل {{وَمَا أنزل على الْملكَيْنِ}} كلمة: مَا، مَوْصُولَة ومحلها النصب عطفا على السحر، تَقْدِيره يعلمُونَ النَّاس السحر والمنزل على الْملكَيْنِ. قَوْله: (بِبابُُِل) يتَعَلَّق: بأنزل، أَي: فِي بابُل وَهِي مَدِينَة بناها نمْرُود بن كنعان وينسب إِلَيْهَا السحر وَالْخمر، وَهِي الْيَوْم خراب، وَهِي أقدم أبنية الْعرَاق وَكَانَت مَدِينَة الكنعانيين وَغَيرهم. وَقيل: إِن الضَّحَّاك أول من بنى بابُل، وَقَالَ مؤيد الدولة: وببابُل ألْقى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فِي النَّار. قَوْله: (هاروت وماروت) بدل من الْملكَيْنِ أَو عطف بَيَان وَفِيهِمَا اخْتِلَاف كثير، وَالأَصَح أَنَّهُمَا كَانَا ملكَيْنِ أنزلا من السَّمَاء إِلَى الأَرْض فَكَانَ من أَمرهمَا مَا كَانَ، وقصتهما مَشْهُورَة. قَوْله: (وَمَا يعلمَانِ) وقرىء: يعلمَانِ، من الْإِعْلَام. قَوْله: (فتْنَة) أَي: محنة وابتلاء، وَقَالَ سنيد عَن حجاج عَن ابْن جريج فِي هَذِه الْآيَة: لَا يجترىء على السحر إلاَّ كَافِر، وَقَالَ النَّوَوِيّ: عمل السحر حرَام، وَهُوَ
    من الْكَبَائِر بِالْإِجْمَاع، وَقد عده النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الموبقات وَمِنْه مَا يكون كفرا، وَمِنْه مَا لَا يكون كفرا، بل مَعْصِيّة كَبِيرَة فَإِن كَانَ فِيهِ قَول أَو فعل يَقْتَضِي الْكفْر فَهُوَ كفر وإلاَّ فَلَا وَأما تعلمه وتعليمه فَحَرَام، فَإِن كَانَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي الْكفْر كفر واستتيب مِنْهُ وَلَا يقتل، فَإِن تَابَ قبلت تَوْبَته وَإِن لم يكن فِيهِ مَا يَقْتَضِي الْكفْر عزّر، وَعَن مَالك: السَّاحر كَافِر يقتل بِالسحرِ وَلَا يُسْتَتَاب بل يتحتم قَتله كالزنديق، قَالَ عِيَاض: وَيَقُول مَالك: قَالَ أَحْمد وَجَمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ، وَفِي (الْفَتَاوَى الصُّغْرَى) : السَّاحر لَا يُسْتَتَاب فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد خلافًا لأبي يُوسُف، والزنديق يُسْتَتَاب عِنْدهمَا، وَعَن أبي حنيفَة رِوَايَتَانِ وَعَن أبي حنيفَة: إِذا أتيت بزنديق استتبته، فَإِن تَابَ قبلت تَوْبَته، وَقَالَ ابْن بطال: وَاخْتلف السّلف هَل يسْأَل السَّاحر عَن حل من سحره فَأَجَازَهُ سعيد بن الْمسيب وَكَرِهَهُ الْحسن الْبَصْرِيّ، وَقَالَ: لَا يعلم ذَلِك إلاَّ سَاحر، وَلَا يجوز إتْيَان السَّاحر لما روى سُفْيَان عَن أبي إِسْحَاق عَن هُبَيْرَة عَن ابْن مَسْعُود: من مشي إِلَى سَاحر أَو كَاهِن فَصدقهُ بِمَا يَقُول فقد كفر بِمَا أنزل الله على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ الطَّبَرِيّ: نَهْيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن إتْيَان السَّاحر إِنَّمَا هُوَ على التَّصْدِيق لَهُ فِيمَا يَقُول: فَأَما إِذا أَتَاهُ لغير ذَلِك، وَهُوَ عَالم بِهِ وبحاله، فَلَيْسَ بمنهي عَنهُ وَلَا عَن إِتْيَانه، وَقد أجَاز بعض الْعلمَاء تعلم السحر لأحد أَمريْن: إِمَّا لتمييز مَا فِيهِ كفر من غَيره، وَإِمَّا لإزالته عَمَّن. وَقع فِيهِ. قَوْله: {{وَلَا يفلح السَّاحر حَيْثُ أَتَى}} (طه: 69) فِيهِ نفي الْفَلاح وَهُوَ الْفَوْز عَن السَّاحر وَلَيْسَ فِيهِ مَا يدل على كفره. قَوْله: {{أفتأتون السحر وَأَنْتُم تبصرون}} (الْأَنْبِيَاء: 3) هَذَا خطاب لكفار قُرَيْش يستبعدون كَون مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَسُولا لكَونه بشرا فَقَالَ قَائِلهمْ مُنْكرا على من اتبعهُ: {{أفتأتون السحر}} أَي: أفتتبعونه حَتَّى تصيروا كمن اتبع السحر، وَهُوَ يعلم أَنه سحر. قَوْله: {{يخيل إِلَيْهِ من سحرهم أَنَّهَا تسْعَى}} (طه: 66) أَوله {{فَإِذا حبالهم وعصيهم يخيل إِلَيْهِ من سحرهم أَنَّهَا تسْعَى}} يَعْنِي: يخيل إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَنَّهَا حيات تسْعَى، وَذَلِكَ لأَنهم لطخوا حبالهم بالزيبق، فَلَمَّا حميت الشَّمْس اهتزت وتحركت فَظن مُوسَى أَنَّهَا تقصده احْتج بِهَذَا من زعم أَن السحر إِنَّمَا هُوَ تخييل وَلَا حجَّة لَهُم فِي هَذَا، لِأَن هَذِه وَردت فِي قصَّة سحرة فِرْعَوْن، وَكَانَ سحرهم كَذَلِك وَلَا يلْزم أَن جَمِيع أَنْوَاع السحر كَذَلِك تخييل. قَوْله: {{وَمن شَرّ النفاثات}} (الفلق: 4) قد فسر النفاثات: بالسواحر، وَهُوَ تَفْسِير الْحسن الْبَصْرِيّ، وَأُرِيد بِهِ السواحر ينفثن فِي عقد الخيوط للسحر قَوْله: (تسحرون) أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {{سيقولون الله قل فَأنى تسحرون}} (الْبَقَرَة: 102) أَي: كَيفَ تعمون عَن هَذَا وتصدون عَنهُ. قَوْله: (تعمون) بِضَم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمِيم الْمَفْتُوحَة، وَقيل بِسُكُون الْعين، وَقَالَ ابْن عَطِيَّة. السحر هُنَا مستعار لما وَقع مِنْهُم من التَّخْلِيط، وَوضع الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه كَمَا يَقع من المسحور.فَإِن قلت: هَذَا لَا يقوم بِهِ الِاحْتِجَاج على مَا ذكر البُخَارِيّ فِي هَذِه الْآيَات للإحتجاج على تَحْرِيم السحر. قلت: السحر على أَنْوَاع: مِنْهَا: أَنه بِمَعْنى لطف ودق، وَمِنْه: سحرت الصَّبِي خدعته واستملته، فَكل من استمال شَيْئا فقد سحره، وَفِي هَذِه الْآيَة إِشَارَة إِلَى هَذَا النَّوْع. الثَّانِي: مَا يَقع بخداع أَو تخييلات لَا حَقِيقَة لَهَا، نَحْو مَا يَفْعَله المشعوذ من صرف الْأَبْصَار عَمَّا يتعاطاه بخفة يَده، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بقوله: {{يخيل إِلَيْهِ من سحرهم أَنَّهَا تسْعَى}} (طه: 66) . الثَّالِث: مَا يحصل بمعاونة الشَّيَاطِين بِضَرْب من التَّقَرُّب إِلَيْهِم وَإِلَى ذَلِك الْإِشَارَة بقوله تَعَالَى: {{وَلَكِن الشَّيَاطِين كفرُوا يعلمُونَ النَّاس السحر}} (الْبَقَرَة: 102) الرَّابِع: مَا يحصل بمخاطبة الْكَوَاكِب واستنزال روحانياتها. الْخَامِس: مَا يُوجد من الطلسمات.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:5454 ... ورقمه عند البغا:5763 ]
    - حدّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى أخبرنَا عيسَى بنُ يُونُسَ عنْ هِشامٍ عنْ أبيهِ عنْ عائِشةَ رَضِي الله عَنْهَا قالَتْ: سَحَرَ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجُلٌ مِنْ بَني زُرَيْقٌ يُقالُ لهُ: لَبيدُ بنُ الأعْصَمِ حتَّى كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّهُ كانَ يَفْعَلُ الشَّيءَ وَمَا فَعَلهُ، حَتَّى إذَا كانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَو ذَاتَ لَيْلةٍ وهْوَ عِنْدي لاكِنَّهُ دَعَا ودعا، ثُمَّ قَالَ: يَا عائِشَةُ أشَعَرْتِ أنَّ الله أفْتأني فِيمَا اسْتَفْتَيْتَهُ فيهِ؟ أتانِي رَجُلانِ فَقَعَدَ أحَدُهُما عِنْدَ رَأسِي والآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ أحَدُهُما لِصاحِبِهِ: مَا وجَعُ الرَّجُلِ؟ فَقَالَ
    مَطْبُوبٌ. قَالَ: مَنْ طَبهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بنُ الأعْصَمِ. قَالَ: فِي أيِّ شَي؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ ومُشاطةٍ وجُفِّ طَلْعِ نخْلَةٍ ذكَرٍ. قَالَ: وأيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ذَرْوانَ، فَأَتَاهَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي ناسِ مِنْ أصْحابِهِ فَجاءَ فَقَالَ: يَا عائِشةُ! كأنَّ ماءَها نُقاعَةُ الحِنَّاءِ أوْ: كأنَّ رُؤُوسَ نَخْلِها رُؤُوسُ الشَّياطِينِ قُلْتُ: يَا رسولَ الله أفَلا اسْتَخْرَجْتَهُ؟ قَالَ: قَدْ عافانِي الله فَكَرِهْتُ أنْ أُثَوِّرَ عَلى النَّاسِ فيهِ شرّاً، فأمَرَ بِها فَدُفِنَتْ.مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (سحر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل) وَعِيسَى بن يُونُس بن أبي إِسْحَاق السبيعِي، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة يروي عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير عَن أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا.والْحَدِيث مضى فِي صفة إِبْلِيس، بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد.قَوْله: (حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى) وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: حَدثنِي بِالْإِفْرَادِ. قَوْله: (عَن أَبِيه) وَقع فِي رِوَايَة يحيى الْقطَّان عَن هِشَام: حَدثنِي أبي، وَسَيَأْتِي فِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن جريج: حَدثنِي آل عُرْوَة عَن عُرْوَة، وَفِي رِوَايَة الْحميدِي: عَن سُفْيَان عَن ابْن جريج حَدثنِي بعض آل عُرْوَة عَن عُرْوَة. قَوْله: (من بني زُرَيْق) بِضَم الزَّاي وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالقاف وهم بطن من الْأَنْصَار مَشْهُور من الْخَزْرَج، وَكَانَ بَين كثير من الْأَنْصَار وَبَين كثير من الْيَهُود قبل الْإِسْلَام حلف وود، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام وَدخل الْأَنْصَار فِيهِ تبرؤا مِنْهُم، وَالسّنة الَّتِي وَقع فِيهَا السحر سنة سبع، قَالَه الْوَاقِدِيّ، وَعَن الْإِسْمَاعِيلِيّ: أَقَامَ فِيهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَة، وَعند أَحْمد: سِتَّة أشهر، وَعَن السُّهيْلي: أَنه لبث سنة، ذكره فِي (جَامع معمر) عَن الزُّهْرِيّ. قَوْله: (حَتَّى كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخيل إِلَيْهِ) على صِيغَة الْمَجْهُول من التخييل وَبَعض المبتدعة أَنْكَرُوا هَذَا الحَدِيث وَزَعَمُوا أَنه يحط منصب النُّبُوَّة ويشكك فِيهَا لِأَن كل مَا أدّى إِلَى ذَلِك فَهُوَ بَاطِل، وتجويز هَذَا يعْدم الثِّقَة بِمَا شرعوه من الشَّرَائِع، ورد عَلَيْهِم ذَلِك بِقِيَام الدَّلِيل على صدقه فِيمَا بلغه من الله تَعَالَى وعَلى عصمته فِي التَّبْلِيغ، وَأما مَا يتَعَلَّق بِبَعْض أُمُور الدُّنْيَا الَّتِي لم يبْعَث لأَجلهَا فَهُوَ فِي ذَلِك عرضة لما يعْتَرض الْبشر: كالأمراض، وَقيل: لَا يلْزم من أَنه كَانَ يظنّ أَنه فعل الشَّيْء وَلم يكن فعله أَن يجْزم بِفِعْلِهِ ذَلِك، وَقَالَ عِيَاض: السحر تسلط على جسده وظواهر جوارحه لَا على تَمْيِيزه ومعتقده، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا روى فِي مُرْسل سعيد بن الْمسيب: حَتَّى كَاد يُنكر بَصَره. قَوْله: (حَتَّى إِذا كَانَ ذَات يَوْم) لفظ: ذَات، مقحم للتَّأْكِيد. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: هُوَ من إِضَافَة الْمُسَمّى إِلَى اسْمه، وَقَالَ الْكرْمَانِي: ذَات يَوْم، بِالرَّفْع، ويروى بِالنّصب. قَوْله: (أَو ذَات لَيْلَة) شكّ من الرَّاوِي، وَقَالَ بَعضهم: الشَّك من البُخَارِيّ لِأَنَّهُ أخرجه فِي صفة إِبْلِيس: حَتَّى كَانَ ذَات يَوْم، وَلم يشك. قلت: الشَّك من عِيسَى بن يُونُس فَإِن إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه أخرجه فِي (مُسْنده) عَنهُ على الشَّك. قَوْله: (لكنه دَعَا ودعا) قَالَ الْكرْمَانِي: لكنه، للاستدراك فَمَا الْمُسْتَدْرك مِنْهُ؟ فَأجَاب بقوله: إِمَّا هُوَ عِنْدِي أَي: كَانَ عِنْدِي، لَكِن لم يشْتَغل بِي بل بِالدُّعَاءِ، وَإِمَّا كَانَ يخيل إِلَيْهِ أَنه يَفْعَله أَي: كَانَ المتخيل فِي الْفِعْل لَا فِي القَوْل، وَالْعلم إِذْ كَانَ دعاؤه على الصَّحِيح والقانون الْمُسْتَقيم، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن نمير عِنْد مُسلم: فَدَعَا ثمَّ دَعَا ثمَّ دَعَا، وَهَذَا هُوَ الْمَعْهُود مِنْهُ أَنه كَانَ يُكَرر الدُّعَاء ثَلَاثًا. قَوْله: (أشعرت؟) أَي: أعلمت. قَوْله: (أفتاني فِيمَا استفتيته) أَي: أجابني فِيمَا دَعوته، وَفِي رِوَايَة الْحميدِي: (أفتاني فِي أَمر استفتيته فِيهِ) ، وَوَقع فِي رِوَايَة عمْرَة عَن عَائِشَة: (إِن الله أنبأني بمرضي) . قَوْله: (أَتَانِي رجلَانِ) وَوَقع فِي رِوَايَة أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ كِلَاهُمَا عَن هِشَام: (أَتَانِي ملكان) ، وسماهما ابْن سعد فِي رِوَايَة مُنْقَطِعَة: (جِبْرَائِيل وَمِيكَائِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام. قَوْله: (فَقعدَ أَحدهمَا عِنْد رَأْسِي) ، الظَّاهِر أَن الَّذِي قعد عِنْد رَأسه جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام لخصوصيته بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه مَا وجع الرجل؟) روى النَّسَائِيّ من حَدِيث زيد بن أَرقم: (سحر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل من الْيَهُود فاشتكى لذَلِك أَيَّامًا، فَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: إِن رجلا من الْيَهُود سحرك. عقد لَك عقدا فِي بِئْر كَذَا) . فَدلَّ هَذَا على أَن المسؤول هُوَ جِبْرِيل والسائل مِيكَائِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام. قَوْله: (مَا وجع الرجل؟) كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة: (مَا بَال الرجل؟) وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس عِنْد الْبَيْهَقِيّ: مَا نرى فِيهِ. فَإِن قلت: هَذَا السُّؤَال وَالْجَوَاب: هَل كَانَا وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَائِم أَو فِي الْيَقَظَة؟ قلت: قيل كَانَ ذَلِك فِي الْمَنَام: إِذْ لَو جَاءَ إِلَيْهِ وَهُوَ يقظان كَانَا يخاطبانه، وَهُوَ يسمع، وَأطلق فِي رِوَايَة عمْرَة عَن عَائِشَة أَنه كَانَ نَائِما، وَوَقع عِنْد ابْن سعد من حَدِيث ابْن عَبَّاس
    بِسَنَد ضَعِيف جدا، فهبط عَلَيْهِ ملكان وَهُوَ بَين النَّائِم وَالْيَقظَان، وعَلى كل حَال رُؤْيا الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام، وَحي. قَوْله: (مطبوب) أَي: مسحور، يُقَال: طب الرجل بِالضَّمِّ إِذا سحر، فَقَالَ: كنوا عَن السحر بالطب تفاؤلاً، كَمَا قَالُوا للديغ: سليم، وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي الطِّبّ من الأضداد، يُقَال لعلاج الدَّاء: طب، وَالسحر من الدَّاء، فَيُقَال لَهُ: طب. قَوْله: (فِي مشط ومشاطة) الْمشْط بِضَم الْمِيم وَسُكُون الشين وَبِضَمِّهَا وبكسر الْمِيم وَإِسْكَان الشين، وَأنكر أَبُو زيد كسر الْمِيم وأثبته أَبُو عبيد، وَهُوَ الْآلَة الْمَعْرُوفَة الَّتِي يسرح بهَا الرَّأْس واللحية، والمشط الْعظم العريض فِي الْكَتف وسلاميات الْقدَم وَنبت صَغِير يُقَال لَهُ مشط الذِّئْب، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: يحْتَمل أَن يكون الَّذِي سحر فِيهِ النَّبِي أحد هَذِه الْأَرْبَعَة. قلت: الْمَشْهُور هُوَ الأول والمشاطة بِضَم الْمِيم وَتَخْفِيف الشين الْمُعْجَمَة مَا يخرج من الشّعْر عِنْد التسريح، وَفِيه خلاف يَأْتِي فِي آخر الْبابُُ. قَوْله: (وجف طلع نَخْلَة ذكر) بِإِضَافَة جف إِلَى طلع، وَإِضَافَة طلع إِلَى نَخْلَة، ويروى: طلعة نَخْلَة، وَقَالَ الْكرْمَانِي: التَّاء فِي طلعة ونخلة للْفرق بَين الْجِنْس ومفرده، كتمر وَتَمْرَة، وَقَالَ عِيَاض: وَقع للجرجاني فِي البُخَارِيّ، وللعذري فِي مُسلم: جف، بِالْفَاءِ ولغيرهما بِالْبَاء الْمُوَحدَة، وَفِي رِوَايَة عِيسَى بن يُونُس هُنَا بِالْفَاءِ، وللكشميهني وَلغيره بِالْبَاء الْمُوَحدَة، وَفِي رِوَايَته فِي بَدْء الْخلق بِالْفَاءِ للْجَمِيع، وَفِي رِوَايَة أبي أُسَامَة للمستملي بِالْبَاء الْمُوَحدَة، وللكشميهني بِالْفَاءِ، وَفِي رِوَايَة أبي ضَمرَة فِي الدَّعْوَات بِالْفَاءِ للْجَمِيع، وَهُوَ بِضَم الْجِيم وَتَشْديد الْفَاء وعَاء طلع النّخل: وَهُوَ الغشاء الَّذِي يكون عَلَيْهِ. وَذكر الْقُرْطُبِيّ: الَّذِي هُوَ بِالْفَاءِ وعَاء الطّلع مثل مَا ذكرنَا، وبالباء الْمُوَحدَة دَاخل الطلعة إِذا خرج مِنْهَا الكفري، قَالَه شمر، وَيُطلق الجف على الذّكر وَالْأُنْثَى فَلذَلِك وَصفه بقوله (ذكر) و (الطّلع) مَا يطلع من النّخل وَهُوَ الكمء قبل أَن ينشق، وَيُقَال: مَا يَبْدُو من الكمء طلع أَيْضا وَهُوَ شَيْء أَبيض يشبه بلونه الْإِنْسَان وبرائحته الْمَنِيّ. قَالَه فِي (الْمغرب) قَوْله: (ذروان) بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء، وَحكى ابْن التِّين فتحهَا وَأَنه قَرَأَهُ كَذَلِك، قَالَ: وَلكنه بِالسُّكُونِ أشبه، وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) وَفِي بعض نسخه: ذِي أروان، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الرَّاء وبالواو وَالنُّون، وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ فِي بني زُرَيْق، وَوَقع فِي (كتاب الدَّعْوَات) : مِنْهُ ذروان فِي بني زُرَيْق وَعند الْأصيلِيّ عَن أبي زيد: ذِي أَوَان، بواو من غير رَاء، قَالَ ابْن قرقول: هُوَ وهم إِنَّمَا: ذُو أَوَان، مَوضِع آخر على سَاعَة من الْمَدِينَة وَبِه بنى مَسْجِد الضرار. وَفِي كتاب الْبكْرِيّ: قَالَ القتبي: هِيَ بِئْر أروان، بِالْهَمْزَةِ مَكَان الذَّال، وَقَالَ الْأَصْمَعِي: وَبَعْضهمْ يخطىء وَيَقُول: ذروان قَوْله: (فَأَتَاهَا) أَي: فَأتى الْبِئْر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله: (فجَاء) أَي: لما أَتَاهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وشاهدها، ثمَّ رَجَعَ فجَاء إِلَى عَائِشَة وأخبرها، وَفِي رِوَايَة وهيب: فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: يَا عَائِشَة، وَفِي رِوَايَة أبي أُسَامَة: فَذهب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْبِئْر فَنظر إِلَيْهَا ثمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَة. قَوْله: (نقاعة الْحِنَّاء) بِضَم النُّون وَتَخْفِيف الْقَاف، أَرَادَ أَن مَاء هَذَا الْبِئْر لَونه كلون المَاء الَّذِي ينقع فِيهِ الْحِنَّاء، يَعْنِي: أَحْمَر، والحناء بِالْمدِّ مَعْرُوف. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: كَانَ مَاء الْبِئْر تغير إِمَّا لرداءته وَطول إِقَامَته، وَإِمَّا لما خالطه من الْأَشْيَاء الَّتِي ألقيت فِي الْبِئْر. قَوْله: (وَكَانَ رُؤُوس نخلها رُؤُوس الشَّيَاطِين) وَفِي رِوَايَة بَدْء الْخلق كَأَنَّهُ رُؤُوس الشَّيَاطِين بِدُونِ ذكر النّخل، شبهها برؤوس الشَّيَاطِين فِي وحاشة منظرها وسماجة شكلها، وَهُوَ مثل فِي استقباح الصُّورَة، قَالَ الْفراء: فِيهِ ثَلَاثَة أوجه. أَحدهَا: أَن يشبه طلعها فِي قبحه برؤوس الشَّيَاطِين لأنهاموصوفة بالقبح. الثَّانِي: أَن الْعَرَب تسمى بعض الْحَيَّات شَيْطَانا الثَّالِث: نبت قَبِيح يُسَمِّي رُؤُوس الشَّيَاطِين، قيل إِنَّه يُوجد بِالْيَمِينِ فَإِن قلت: كَيفَ شبهه بهَا وَنحن لم نرها؟ قلت: على قَول من قَالَ: هِيَ نبت أَو حيات، ظَاهر. وعَلى القَوْل الثَّالِث: إِن الْمَقْصُود مَا وَقع عَلَيْهِ التعارف من الْمعَانِي، فَإِذا قيل: فلَان شَيْطَان، فقد علم أَن الْمَعْنى خَبِيث قَبِيح، وَالْعرب إِذا قبحت مذكراً شبهته بالشيطان، وَإِذا قبحت مؤنثاً شبهته بالغول، وَلم تَرَهَا. والشيطان نونه أَصْلِيَّة وَيُقَال: زَائِدَة. قَوْله: (قلت: يَا رَسُول الله) القائلة هِيَ عَائِشَة، ويروى: أَفلا استخرجته. قَوْله: (قد عافاني الله) يحْتَمل مَعْنيين: أَحدهمَا: لما عافاني الله من مرض السحر فَلَا حَاجَة إِلَى استخراجه، وَالْآخر: عافاني الله من الِاشْتِغَال باستخراج ذَلِك، لِأَن فِيهِ تهييج الشَّرّ، وَمَا أَنا بفاعل لذَلِك. قَوْله: (أَن أثور) بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَتَشْديد الْوَاو، ويروى: أَن أثير، من الإثارة، وَكِلَاهُمَا بِمَعْنى وَاحِد. قَوْله: (شرا) مَنْصُوب لِأَنَّهُ مفعول: أثور، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني سوء وَهُوَ تَعْلِيم الْمُنَافِقين السحر من ذَلِك ويؤذون الْمُسلمين بِهِ، وَهَذَا من بابُُ ترك مفْسدَة لخوف مفْسدَة أعظم مِنْهَا، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة أَنه استخرجه، وَأَن
    سُؤال عَائِشَة إِنَّمَا وَقع عَن النشر فأجابها بِلَا، وَفِي رِوَايَة عمْرَة عَن عَائِشَة: فَنزل رجل فاستخرجه، وَفِيه من الزِّيَادَة أَنه وجد فِي الطلعة تمثالاً من شمع، تِمْثَال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِذا فِيهِ إبر مغروزة وَإِذا وترفيه إِحْدَى عشرَة عقدَة، فَنزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بالمعوذتين، فَكلما قَرَأَ آيَة انْحَلَّت عقدَة، وَكلما نزع إبرة وجد لَهَا ألماً، ثمَّ يجد بعْدهَا رَاحَة. وَقَوله: (على النَّاس) فِيهِ تَعْمِيم وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن نمير: على أمتِي، وَهُوَ أَيْضا قَابل للتعميم، لِأَن الْأمة تطلق على أمة الْإِجَابَة، وَأمة الدعْوَة، وعَلى مَا هُوَ أَعم، وَهُوَ يرد على من زعم: أَن المُرَاد بِالنَّاسِ هُنَا لبيد بن الأعصم، لِأَنَّهُ كَانَ منافقاً فَأَرَادَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لَا يثير عَلَيْهِ شرا، لِأَنَّهُ كَانَ يُؤثر الإغضاء عَمَّن يظْهر الْإِسْلَام وَلَو صدر مِنْهُ مَا صدر، وَوَقع فِي حَدِيث عمْرَة عَن عَائِشَة: فَقيل: يَا رَسُول الله! لَو قتلته. قَالَ: مَا وَرَاءه من عَذَاب الله أَشد، وَفِي رِوَايَة عمْرَة: فَأَخذه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاعترف فَعَفَا عَنهُ، وَقد تقدم فِي كتاب الْجِزْيَة قَول ابْن شهَاب: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يقْتله. وَأخرج ابْن سعد من مُرْسل عِكْرِمَة: أَنه لم يقْتله، وَنقل عَن الْوَاقِدِيّ أَن ذَلِك أصح من رِوَايَة من قَالَ: إِنَّه قَتله. قَوْله: (فَأمر بهَا) أَي: بالبئر (فدفنت) .تابَعَهُ أبُو أُسامَةَ وأبُو ضَمرَةَ وابنُ أبي الزِّناد عنْ هِشامٍ.أَي: تَابع عِيسَى يُونُس هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة فِي روايتهم عَن هِشَام بن عُرْوَة. الأول: أَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة وَيَأْتِي مَوْصُولا بعد بابَُُيْنِ، وَهُوَ: بابُُ السحر، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبيد بن إِسْمَاعِيل عَن هِشَام إِلَى آخِره. الثَّانِي: أَبُو ضَمرَة، بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَإِسْكَان الْمِيم وبالراء: أنس بن عِيَاض اللَّيْثِيّ الْمدنِي، وَسَيَأْتِي مَوْصُولا فِي كتاب الدَّعْوَات إِن شَاءَ الله تَعَالَى. الثَّالِث: ابْن أبي الزِّنَاد، بالزاي وَالنُّون عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن ذكْوَان مفتي بَغْدَاد.وَقَالَ اللَّيْثُ وابنُ عُيَيْنَةَ عنْ هِشامٍ: فِي مُشْطٍ ومُشاقَةٍ.أَي: قَالَ اللَّيْث بن سعد وسُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي روايتهما عَن هِشَام بن عُرْوَة: فِي مشط ومشاقة، بِضَم الْمِيم وَتَخْفِيف الشين الْمُعْجَمَة وبالقاف، قَالَ الْكرْمَانِي: مَا يغزل من الْكَتَّان. قلت: المشاقة مَا يتقطع من الْكَتَّان عِنْد تخليصه وتسريحه، وَقيل: المشاقة هِيَ المشاطة بِعَينهَا، وَالْقَاف بدل من الطَّاء لقرب الْمخْرج، وَفِيه نظر.ويُقالُ: المُشاطَةُ مَا يخْرُجُ مِنَ الشَّعَرِ إِذا مُشِطَ، والمُشاقَةُ مِنْ مُشاقَةِ الكَتّانِ.وَهِي رِوَايَة أبي ذَر قَوْله: (مشط) على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (والمشاقة من مشاقة الْكَتَّان) ، وَالصَّوَاب: المشاقة من الْكَتَّان، إلاَّ إِذا فتح الْمِيم من مشاقة الْكَتَّان، وَيكون معنى المشاقة من: مشق الْكَتَّان، وَهُوَ تَخْلِيص الْكَتَّان مِنْهُ.

    حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ ـ رضى الله عنها ـ قَالَتْ سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّىْءَ وَمَا فَعَلَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهْوَ عِنْدِي لَكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا ثُمَّ قَالَ ‏"‏ يَا عَائِشَةُ، أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، أَتَانِي رَجُلاَنِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ فَقَالَ مَطْبُوبٌ‏.‏ قَالَ مَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ‏.‏ قَالَ فِي أَىِّ شَىْءٍ قَالَ فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ‏.‏ قَالَ وَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ ‏"‏‏.‏ فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَجَاءَ فَقَالَ ‏"‏ يَا عَائِشَةُ كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، أَوْ كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلِهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ‏"‏‏.‏ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ أَسْتَخْرِجُهُ قَالَ ‏"‏ قَدْ عَافَانِي اللَّهُ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا ‏"‏‏.‏ فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ‏.‏ تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَأَبُو ضَمْرَةَ وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ‏.‏ وَقَالَ اللَّيْثُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ فِي مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ‏.‏ يُقَالُ الْمُشَاطَةُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الشَّعَرِ إِذَا مُشِطَ، وَالْمُشَاقَةُ مِنْ مُشَاقَةِ الْكَتَّانِ‏.‏

    Narrated `Aisha:A man called Labid bin al-A'sam from the tribe of Bani Zaraiq worked magic on Allah's Messenger (ﷺ) till Allah's Messenger (ﷺ) started imagining that he had done a thing that he had not really done. One day or one night he was with us, he invoked Allah and invoked for a long period, and then said, "O `Aisha! Do you know that Allah has instructed me concerning the matter I have asked him about? Two men came to me and one of them sat near my head and the other near my feet. One of them said to his companion, "What is the disease of this man?" The other replied, "He is under the effect of magic.' The first one asked, 'Who has worked the magic on him?' The other replied, "Labid bin Al-A'sam.' The first one asked, 'What material did he use?' The other replied, 'A comb and the hairs stuck to it and the skin of pollen of a male date palm.' The first one asked, 'Where is that?' The other replied, '(That is) in the well of Dharwan;' " So Allah's Messenger (ﷺ) along with some of his companions went there and came back saying, "O `Aisha, the color of its water is like the infusion of Henna leaves. The tops of the date-palm trees near it are like the heads of the devils." I asked. "O Allah's Messenger (ﷺ)? Why did you not show it (to the people)?" He said, "Since Allah cured me, I disliked to let evil spread among the people." Then he ordered that the well be filled up with earth

    Telah menceritakan kepada kami [Ibrahim bin Musa] telah mengabarkan kepada kami [Isa bin Yunus] dari [Hisyam] dari [ayahnya] dari ['Aisyah] radliallahu 'anha dia berkata; "Seorang Yahudi dari Bani Zuraiq yang bernama Labid bin Al A'sham telah menyihir Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam, sehingga Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam pun dibuat seakan-akan telah melakukan sesuatu pekerjaan yang beliau tidak kerjakan. Sampai disuatu hari -atau suatu malam- beliau berada di sampingku namun beliau tetap berdo'a dan berdo'a, kemudian beliau bersabda: "Wahai Aisyah, apakah kamu telah merasakan bahwa Allah telah memberikan fatwa (menghukumi) dengan apa yang telah aku fatwakan (hukumi)? Dua orang laki-laki telah datang kepadaku, lalu salah seorang dari keduanya duduk di atas kepalaku dan satunya lagi di kakiku. Kemudian salah seorang berkata kepada yang satunya; "Menderita sakit apakah laki-laki ini?" temannya menjawab; "Terkena sihir.' salah satu mala'ikat tersebut bertanya; "Siapakah yang menyihirnya?" temannya menjawab; "Labid bin Al A'sham." Malaikat yang satu bertanya; "Dengan benda apakah dia menyihir?" temannya menjawab; "Dengan rambut yang terjatuh ketika disisir dan seludang mayang kurma." Salah satu malaikat bertanya; "Di manakah benda itu diletakkan?" temannya menjawab; "Di dalam sumur Dzarwan." Kemudian Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam mendatanginya bersama beberapa orang sahabatnya, lalu bersabda: "Wahai Aisyah! seakan-akan airnya berubah bagaikan rendaman pohon inai atau seakan-akan pohon kurmanya bagaikan kepala syetan." Aku bertanya; "Wahai Rasulullah, tidakkah anda mengeluarkannya?" beliau menjawab: "Tidak, sesungguhnya Allah telah menyembuhkanku dan aku hanya tidak suka memberikan kesan buruk kepada orang lain dari peristiwa itu." Kemudian beliau memerintahkan seseorang membawanya (barang yang dipakai untuk menyihir) lalu menguburnya." Hadits ini juga diperkuat oleh riwayat [Abu Usamah] dan [Abu Dlamrah] serta [Ibnu Abu Az Zinad] dari [Hisyam]. [Al Laits] dan [Ibnu 'Uyainah] mengatakan dari [Hisyam] mengenai lafazh "Musth (sisir) " dan "Musyaqah (helai rambut yang jatuh karena disisir) dikatakana pula "Al Musyathah yaitu helai rambut yang jatuh apabila disisir." Sedangkan Musyaqqah ialah rambut yang melekat pada sisir tatkala menyisir

    Aişe r.anha'dan şöyle dediği rivayet edilmiştir: "Zureyk oğullarından Lebid b. el-A'sam adında bir adam Rasulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem'e sihir yaptı. Öyle ki, Rasulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem'e yapmamış olduğu bir şeyi yaptığı hayal olarak görünüyordu. Nihayet bir gün -yahut bir gece- o benim yanımda iken uzun uzun dua etti, ettikçe etti. Sonra şöyle dedi: Ey Aişe, farkında mısın Allah Teala bana kendisine hakkında fetva istediğim bir hususta fetva verdi. İki adam yanıma geldi. Onlardan birisi başımın yanında, diğeri ayaklarımın yanında oturdu. Onlardan birisi arkadaşına: Bu adamın hastalığı nedir, diye sordu. Öbürü: O sihirlenmiştir, diye cevap verdi. Diğeri: Ona kim sihir yaptı, diye sordu. Öbürü: Lebid b. el-A'sam diye cevap verdi. Hangi şeyde (sihir yaptı) diye sordu. O: Bir tarakta ve taranırken düşen saçlar ile erkek bir hurma ağacının kurumuş çiçek kapçığı ile; dedi. Öbürü: Peki o (sihir yapılan bu şeyler) nerededir, diye sordu. O da: Zervan kuyusunda, diye cevap verdi. . Rasulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem, ashabından birkaç kişi ile birlikte o kuyuya gitti. Oradan dönüp gelince, dedi ki: Ey Aişe, o kuyunun suyu sanki ıslatılmış kına suyunu andırıyordu. Onun yanındaki hurma ağaçlarının başları da şeytanların başları gibiydi. Ben: Ey Allah’ın Rasulü, sen onu oradan çıkarmadın mı, diye sordum. O: ’'Allah bana afiyet verdi. Bu hususta ben insanların aleyhine bir şerri körüklemek istemedim, dedi ve verdiği emir üzerine o kuyu kapatıldı." Denildiğine göre "el-muşata (taranırken dökülen saç)’' saçın taranması halinde dökülen saçlardır. Aynı şekilde taraktan geçirilmesi halinde dökülenlere de muşata denilir. Fethu'l-Bari Açıklaması: "Sihir." Ragıb ve başkaları şöyle demişlerdir: Sihir birkaç anlamda kullanılır: 1- Latif ve ince olan her şey. Bir şeyi (kendisine) meylettiren her kimse, ona sihir yapmış olur. İşte şairlerin: "Gözlerin sihri" tabirini kullanmaları da bu kabildendir. Çünkü gözler nefisleri kendilerine meylettirirler. Tabiplerin: Tabiat sihircidir, sözleri de bu kabildendir. Yüce Allah'ın: "Hayır, biz sihirlenmiş bir topluiuğuz. "(Hicr. 15) buyruğu da böyledir. Doğruyu bilmekten alıkonulmuş kimseleriz, demektir. "Şüphesiz beyanın bir kısmı bir sihirdir" hadisindeki ifade de bu anlamdadır. 2- Hakikati olmayan aldatma ve hayalolarak göstermeler. Nitekim göz bağcıların yaptıkları şekilde, el çabukluğu ile yaptıklarını gözlerin fark etmesini önleme/eri bu kabildendir. Yüce Allah'ın: "Onların ipleri ve değnekleri büyülerinden ötürü kendisine yürüyorlarmış gibi geldi. "(Taha, 66) buyruğu ile "İnsanların gözlerini büyülediler. "(Araf, 16) buyruğunda ile buna işaret edilmektedir. 3_ "Şeytanlara bir çeşit yakınlaşmak sureti ile şeytanların yardımıyla meydana gelen şeyler ... " Fethu'l-Barı, X, 232 vd. 4- Yıldızlara -onların iddialarına göre- hitap etmek ve onların manevi özelliklerinin aşağıya inmesini sağlamak suretiyle gerçekleşen şeyler. Sihir hakkında görüş ayrılığı vardır. Bunun sadece bir hayal gibi göstermekten ibaret olupbir hakikatinin olmadığı söylenmiştir. Şafi'ilerden Ebu Cafeı: el-Esterbazi'nin, Hanefilerden Ebu Bekir er-Razi'nin ve Zahiri İbn Hazm ile bir kesimin tercih ettiği görüş budur. Nevevi der ki: Doğru olan ise sihrin bir hakikatinin olduğudur. Cumhur bunu katli olarak söylemiş, genelolarak ilim adamları da bu görüşü kabul etmiştir. Kitabın da, meşhur ve sahih sünnetin de delalet ettiği budur. ---Nevevi'nin sözü burada bitti.--- Ama asıl anlaşmazlık konusu da şudur: Sihir ile bir şeyin hakikati değişir mi, değişmez mi? Sihir sadece bir hayal göstermekten ibarettir, diyenler bunu kabul etmezler. Sihrin bir hakikati olduğunu söyleyenler de; onun sadece bir etkisi vardır ve bu etkisi ile mizacı bir tür rahatsız edip hastalandırmaktan öteye gidemez diyenler ile, hayır, sihir mesela cansız bir varlık, canlı olacak şekilde yapı değiştirir ve bunun aksini yapar, diyenler olmak üzere ihtilaf etmişlerdir. Cumhurun benimsediği görüş, birincisidir. Çok az bir kesim de ikincisini kabul etmişlerdir. Eğer konu ilahi kudret açısından ele alınırsa bu da kabul edilir. Ama gerçek ve vakıa göz önünde bulundurulacak olursa bu hususta görüş ayrılığı vardır. Çünkü bu işi yaptığını iddia edenlerin pek çoğu buna dair bir delil ortaya koyamaz. el-Hattabi'nin naklettiğine göre bazıları kayıtsız ve şartsız olarak sihri kabul etmezler. Sanki o bu sözleriyle sihrin sadece bir hayal oldi..ığunu söyleyen kimseleri kastetmiş gibidir. Aksi takdirde bu, hakkı bile bile inkar olur. el-Mazeri der ki: İlim adamlarının çoğunluğunun kanaati, sihrin varlığı ve onun bir hakikati olduğu doğrultusundadır. Bazıları ise sihrin hakikatini kabul etmez, sihir olarak meydana gelen şeylerin batı i birtakım hayaller olduğunu söylerler. Ancak sihrin varlığını ortaya koyan nakil varid olduğundan dolayı bu görüş reddolunmuştur. Çünkü akıl, şanı yüce Allah'ın sihirbazın birtakım sözleri söylediği yahut bazı cisimleri bir araya getirdiği ya da özel bir sıraya göre birtakım kuvvetleri, güçleri birbirine karıştırdığı takdirde, alışılmışın dışında bir şey yapabileceğini reddetmemektedir. Oldukça yetkin ve beceri sahibi tabiplerin, tek başına zararlı olan birtakım ilaçları birbirine karıştırarak, terkib sonucu yararlı bir ilaç haline getirmeleri de bunun gibidir. Sihrin etkisinin, yüce Allah'ın: "Kişi ile eşinin arasını ayıran şeyler"de zikrettiğinden fazla olmadığı da söylenmiştir. Çünkü bu buyruk, bu işin çekinilmesi gereken bir şeyolduğunu anlatmak sadedindedir. Eğer sihirle bundan daha fazlasının meydana gelmesi mümkün olsaydı, elbette onu da zikrederdi. el-Mazerı dedi ki: Akıl açısından doğru olan, sihir ile bundan daha fazlasının da olmasının caiz oluşudur. Ayet-i kerime -bu hususta zahir olduğunu söyleyebilsek dahi- fazlasının olmayacağı hususunda bir nas değildir. Daha sonra şunları eklemektedir: Sihir, mucize ve keramet arasındaki farka gelince, sihir sihirbazın istediği şey gerçekleşinceye kadar birtakım sözler söylemek ve fiiller işlemektir. Kerametin ise bunlara bir ihtiyacı yoktur. Hatta keramet çoğunlukla kendiliğinden ortaya çıkar. Ayrıca keramet fasık bir kimsenin eliyle ortaya çıkmaz. Nevevi Ziyadatu'r-Ravda'da el-Mütevelli'den buna yakın açıklamalar kaydetmiş bulunmaktadır. Bununla birlikte bu olağandışı işin eliyle gerçekleştiği kimsenin halini de göz önünde bulundurmak gerekir. Eğer şeriate sıkı sıkıya bağlı ve kişiyi helake götüren günahlardan uzak duran birisi ise, eliyle meydana gelen olağanüstü haller bir keramettir. Aksi takdirde o bir sihirdir. Çünkü böyle bir iş, şeytanların yardım etmeleri gibi sihrin türlerinden birisi olarak meydana gelen bir iştir. "Ve yüce Allah'ın: "Fakat o şeytanlar katir oldular. İnsanlara büyüyü ... öğretiyorlardı. "(Bakara, 102) buyruğu." Bu ayet-i kerimede Yahudilerin yaptıkları sihrin esasına dair açıklamalar vardır. Diğer taraftan bu sihir, şeytanların Davud oğlu Süleyman aleyhisselam'ın aleyhine uydur,Çluklarından ve Babil topraklarında Harlit ile Marlit'un üzerine indirilenlerdendir. İkincisi ise birincisinden zaman itibariyle daha öncedir. Çünkü Harlit ile Marlit kıssası İbn İshak'ın ve başkalarının naklettiklerine göre Nuh aleyhisselam zamanından öncedir. Sihir, Nuh zamanında var olan bir şeydi. Çünkü yüce Allah'ın Nuh kavminden haber verdiğine göre onlar Nuh aleyhisselam'ın bir sihirbaz olduğunu iddia etmişlerdi. Sihir aynı şekilde Firavun kavmi arasında da yaygındı. Bütün bunlar ise$üleyman aleyhisselam döneminden önce idi. Bu ayet-i kerime, sihrin bir küfür olduğuna, onu öğrenenin de katir olacağına delil gösterilmiştir. Nevevider ki: Sihir yapmak haramdır ve icma ile büyük günahlardandır. Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem onu helak edici yedi günah arasında saymıştır. Sihrin bazı çeşitleri küfür olabildiği gibi, bazı çeşitleri de küfür olmayabilir. Ama büyük bir masiyettir. Eğer sihirde küfrü gerektiren birsöz yahut bir fiil bulunuyor ise sihir küfürdür, aksi takdirde değildir. Sihri öğretmek ise haramdır. Eğer öğretilen bu sihirde küfrü gerektiren bir husus varsa, küfür olur ve bundan tevbe etmesi istenir. Ama öldürülmez. Tevbe ettiği takdirde tevbesi kabul olunur. Şayet öğretilende küfrü gerektiren bir şey yoksa tazir ile cezalandırılır. Malik/ten nakledildiğine göre sihirbaz kafirdir ve sihri sebebiyle öldürülür. Tevbe etmesi de istenmez. Aksine zındık kimse gibi onu öldürmek kaçınılmaz bir cezadır. Iyad dedi ki: Ahmed de, ashab ve tabiinden bir topluluk da İmam Malik'in dediği gibi demiştir.---Nevevi'nin sözü burada bitti.--- Bazı ilim adamları şu iki amaçtan birisi için sihir öğrenmeyi caiz kabul etmişlerdir: 1- Küfür ihtiva edeni etmeyendenayırt etmek için, 2- Sihrin etkilediği' kimse üzerinden etkisini kaldırmak için. Birincisinde itikat açısından müstesna herhangi bir sakınca yoktur. Eğer itikat herhangi bir şekilde zarar görmeyecek olursa mücerred olarak bir şeyi bilmek, onun yasaklanmasını gerektirmez. Bir kimsenin putperestlerin putlara nasıl ibadet ettiğini bilmesi gibi. Çünkü sihirbazın yaptığı işi nasıl yaptığı sadece bir sözü veya bir fiili nakletmekten ibarettir. Onu biZzat yapmak veya gereğince amel etmek ise böyle değildir. İkincisine gelince, eğer bazılarının iddia ettikleri gibi ancak küfür ya da fıskın türlerinden bir tür ile gerçekleşebiliyor ise, onu öğrenmek kesinlikle helal olmaz. Öyle değilse belirtilen özellik dolayısıyla caiz olur. İşte bu meselede ayırt edici söz budur. "Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'e Zureyk oğullarından Lebid b. el-A'sam adındaki birisi büyü yaptı." Abdullah b. Numeyr'in, Hişam b. Urve'den diye naklettiği Müslim'de yer alan rivayette şöyle denilmektedir: "Zureyk oğulları Yahudilerinden bir Yahudi Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'e sihir yaptı." Biraz sonra gelecek olan İbn Uyeyne yoluyla nakledilen rivayette de şöyle denilmektedir: "Yahudiler ile antlaşmalı Zureyk oğullarından bir adam -ki münafık birisi idi- ... " Heriki rivayet şöylece telif edilebilir: Onun Yahudi olduğunu söyleyen kimseler, durumun mevcut halini göz önünde bulundurmuştur. Onun münafık olduğunu söyleyenler de onun dışa yansıyan durumunu göz önünde bulundurmuştur. İbnu'l-Cevzı dedi ki: İşte bu onun münafıklık ederek İslam'a girdiğini ortaya koymaktadır ki, bu da açık bir husustur. "O benim yanımda idi. Dua ettikçe etti." Nevevi dedi ki: Bundan, hoşa gitmeyen hallerin ortaya çıkması esnasında dua etmenin, duayı tekrarlamanın ve bunun bertaraf edilmesi için yüce Allah'a sığınmanın müstehap olduğu anlaşılmaktadır. Derim ki: Bu hususta Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem hem işini Allah'a havale etmek (taMd) yolunu, hem de sebeplere sarılmak yolunu izlemiş bulunmaktadır. İşin başında işini Allah'a havale etti, Rabbinin emrine teslim oldu. Rabbinin belasına sabrederek ondan ecrini bekledi. Daha sonra bu işuzayıp gidince, bunun uzayıp gitmesinin de yapmakta olduğu çeşitli ibadetlerden kendisini zayıf düşüreceğinden korkunca tedaviye, sonra da duaya yöneldi. Bu makamların her birisi de kemalin en ileri derecesidir. "Erkek bir hurma ağacının çiçeği kurumuş kapçığında." Bu, çiçeğin üzerinde bulunan kapçık olup, "dal" tabiri hem erkek, hem dişi hakkında kullanılır. Bundan dolayı "erkek hurma ağacı çiçeği" kaydını zikretmiş bulunmaktadır. "Ben bu hususta insanlar aleyhine bir kötülüğü kışkırtmak istemedim." Nevevi dedi ki: Onu dışarı çıkartıp yaymak halinde sihrin hatırlanması, öğrenilmesi ve buna benzer yollarla Müslümanlara zarar geleceğinden korktu. Bu da kötülük korkusu sebebiyle maslahatı terk etmek kabilindendir. İbn Numeyrrivayetinde "ümmetimin aleyhine" şeklindedir. "Onun", yani kuyunun "kapatılmasını emir buyurdu

    ہم سے ابراہیم بن موسیٰ اشعری نے بیان کیا، کہا ہم کو عیسیٰ بن یونس نے خبر دی، انہیں ہشام بن عروہ نے، انہیں ان کے والد نے اور ان سے عائشہ رضی اللہ عنہا نے بیان کیا کہ بنی زریق کے ایک شخص یہودی لبید بن اعصم نے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم پر جادو کر دیا تھا اور اس کی وجہ سے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کسی چیز کے متعلق خیال کرتے کہ آپ نے وہ کام کر لیا ہے حالانکہ آپ نے وہ کام نہ کیا ہوتا۔ ایک دن یا ( راوی نے بیان کیا کہ ) ایک رات نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم میرے یہاں تشریف رکھتے تھے اور مسلسل دعا کر رہے تھے پھر آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ عائشہ! تمہیں معلوم ہے اللہ سے جو بات میں پوچھ رہا تھا، اس نے اس کا جواب مجھے دے دیا۔ میرے پاس دو ( فرشتے جبرائیل و میکائیل علیہما السلام ) آئے۔ ایک میرے سر کی طرف کھڑا ہو گیا اور دوسرا میرے پاؤں کی طرف۔ ایک نے اپنے دوسرے ساتھی سے پوچھا ان صاحب کی بیماری کیا ہے؟ دوسرے نے کہا کہ ان پر جادو ہوا ہے۔ اس نے پوچھا کس نے جادو کیا ہے؟ جواب دیا کہ لبید بن اعصم نے۔ پوچھا کس چیز میں؟ جواب دیا کہ کنگھے اور سر کے بال میں جو نر کھجور کے خوشے میں رکھے ہوئے ہیں۔ سوال کیا اور یہ جادو ہے کہاں؟ جواب دیا کہ زروان کے کنویں میں۔ پھر نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم اس کنویں پر اپنے چند صحابہ کے ساتھ تشریف لے گئے اور جب واپس آئے تو فرمایا عائشہ! اس کا پانی ایسا ( سرخ ) تھا جیسے مہندی کا نچوڑ ہوتا ہے اور اس کے کھجور کے درختوں کے سر ( اوپر کا حصہ ) شیطان کے سروں کی طرح تھے میں نے عرض کیا یا رسول اللہ! آپ نے اس جادو کو باہر کیوں نہیں کر دیا۔ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ اللہ تعالیٰ نے مجھے اس سے عافیت دے دی اس لیے میں نے مناسب نہیں سمجھا کہ اب میں خواہ مخواہ لوگوں میں اس برائی کو پھیلاؤں پھر نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے اس جادو کا سامان کنگھی بال خرما کا غلاف ہوتے ہیں اسی میں دفن کرا دیا۔ عیسیٰ بن یونس کے ساتھ اس حدیث کو ابواسامہ اور ابوضمرہ ( انس بن عیاض ) اور ابن ابی الزناد تینوں نے ہشام سے یوں روایت کیا اور لیث بن مسور اور سفیان بن عیینہ نے ہشام سے یوں روایت کیا ہے «في مشط ومشاقة‏.‏، المشاطة» اسے کہتے ہیں جو بال کنگھی کرنے میں نکلیں سر یا داڑھی کے اور «مشاقة‏.‏» روئی کے تار یعنی سوت کے تار کو کہتے ہیں۔

    وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ). وَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى). وَقَوْلِهِ: (أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ). وَقَوْلِهِ: (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى). وَقَوْلِهِ: (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ) وَالنَّفَّاثَاتُ السَّوَاحِرُ. (تُسْحَرُونَ) تُعَمَّوْنَ. মহান আল্লাহর বাণীঃ শায়ত্বনরাই কুফুরী করেছিল, তারা মানুষকে যাদু শিক্ষা দিত এবং যা বাবিলের দু’জন ফেরেশতা হারূত ও মারূতের উপর পৌঁছানো হয়েছিল ..... পরকালে তার কোনই অংশ থাকবে না পর্যন্ত- (সূরাহ আল-বাকারাহ ২/১০২)। মহান আল্লাহর বাণীঃ যাদুকর যেরূপ ধরেই আসুক না কেন, সফল হবে না- সূরাহ ত্বহা ২০/৬৯)। মহান আল্লাহর বাণীঃ তোমরা কি দেখে-শুনে যাদুর কবলে পড়বে?- (সূরাহ আম্বিয়া ২১/৩)। মহান আল্লাহর বাণীঃ তখন তাদের যাদুর কারণে মূসার মনে হল যে, তাদের রশি আর লাঠিগুলো ছুটোছুটি করছে- (সূরাহ ত্বহা ২০/৬৬)। মহান আল্লাহর বাণীঃ এবং (জাদু করার উদ্দেশে) গিরায় ফুৎকারকারিণীদের অনিষ্ট হতে- (সূরাহ ফালাক্ব ১১৩/৪)। النَّفَّاثَاتُ অর্থ যাদুকর নারী, যারা যাদু করে চোখে ধাঁধা লাগিয়ে দেয়। ৫৭৬৩. ‘আয়িশাহ (রাঃ) হতে বর্ণিত। তিনি বলেনঃ যুরাইক গোত্রের লাবীদ ইবনু আ‘সাম নামক এক ব্যক্তি রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম-কে যাদু করে। রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম এর মনে হতো যেন তিনি একটি কাজ করেছেন, অথচ তা তিনি করেননি। একদিন বা একরাত্রি তিনি আমার কাছে ছিলেন। তিনি বার বার দু‘আ করতে থাকেন। তারপর তিনি বলেনঃ হে ‘আয়িশাহ! তুমি কি বুঝতে পেরেছ যে, আমি আল্লাহর কাছে যা জানতে চেয়েছিলাম, তিনি আমাকে তা জানিয়ে দিয়েছেন। (স্বপ্নে দেখি) আমার নিকট দু’জন লোক আসেন। তাদের একজন আমার মাথার কাছে এবং অপরজন দু’পায়ের কাছে বসেন। একজন তাঁর সঙ্গীকে বলেনঃ এ লোকটির কী ব্যথা? তিনি বলেনঃ যাদু করা হয়েছে। প্রথম জন বলেনঃ কে যাদু করেছে? দ্বিতীয় জন বলেন, লাবীদ বিন আ’সাম। প্রথম জন জিজ্ঞেস করেনঃ কিসের মধ্যে? দ্বিতীয় জন উত্তর দেনঃ চিরুনী, মাথা আঁচড়ানোর সময় উঠা চুল এবং এক পুং খেজুর গাছের ‘জুব’-এর মধ্যে। তখন রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম কয়েকজন সাহাবী সাথে নিয়ে সেখানে যান। পরে ফিরে এসে বলেনঃ হে ‘আয়িশাহ! সে কূপের পানি মেহদীর পানির মত লাল) এবং তার পাড়ের খেজুর গাছের মাথাগুলো শয়তানের মাথার মত। আমি বললামঃ হে আল্লাহর রাসূল! আপনি কি এ কথা প্রকাশ করে দিবেন না? তিনি বললেনঃ আল্লাহ আমাকে আরোগ্য দান করেছেন, আমি মানুষকে এমন বিষয়ে প্ররোচিত করতে পছন্দ করি না, যাতে অকল্যাণ রয়েছে। তারপর রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম নির্দেশ দিলে সেগুলো মাটিতে পুঁতে ফেলা হয়। আবূ উসামাহ আবূ যামরাহ ও ইবনু আবূ যিনাদ (রহ.) হিশাম থেকে অনুরূপ বর্ণনা করেছেন। লাইস ও ইবনু ‘উয়াইনাহ (রহ.) হিশাম থেকে বর্ণনা করেছেন, চিরুনী ও কাতানের টুকরায়। আবূ ‘আবদুল্লাহ (রহ.) বলেন, الْمُشَاطَةُ হল চিরুনী করার পর যে চুল বের হয়। مُشَاقَةِ হল কাতান। [৩১৭৫] আধুনিক প্রকাশনী- ৫৩৪২, ইসলামিক ফাউন্ডেশন

    ஆயிஷா (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்களுக்கு ‘பனூஸுரைக்’ குலத்தைச் சேர்ந்த லபீத் பின் அஃஸம் என்பான் சூனியம் செய்தான். இதையடுத்து அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் தாம் செய்திராத ஒன்றைத் தாம் செய்துகொண்டிருந்ததாகப் பிரமையூட்டப்பட்டார்கள். இறுதியில், அவர்கள் ‘ஒரு நாள்’ அல்லது ‘ஓரிரவு’ என்னிடம் வந்தார்கள். ஆயினும், அவர்கள் (என்மீது கவனம் செலுத்தாமல்) தொடர்ந்து பிரார்த்தனை செய்துகொண்டேயிருந்தார்கள். பிறகு (என்னிடம் கூறினார்கள்:) ஆயிஷா! (விஷயம்) தெரியுமா? எந்த(ச் சூனியம்) விஷயத்தில் தெளிவைத் தரும்படி இறைவனிடம் நான் கேட்டுக்கொண்டிருந்தேனோ அந்த விஷயத்தில் அவன் எனக்குத் தெளிவை அளித்துவிட்டான். (கனவில்) என்னிடம் (வானவர்கள்) இரண்டு பேர் வந்தனர். அவ்விருவரில் ஒருவர் என் தலைமாட்டிலும் இன்னொருவர் என் கால்மாட்டிலும் அமர்ந்துகொண்டனர். அவ்விருவரில் ஒருவர் தம் தோழரிடம், ‘‘இந்த மனிதரின் நோய் என்ன?” என்று கேட்டார். அத்தோழர், ‘‘இவருக்குச் சூனியம் வைக்கப்பட்டுள்ளது” என்று சொல்ல, முதலாமவர் ‘‘இவருக்குச் சூனியம் வைத்தவர் யார்?” என்று கேட்டார். தோழர், ‘‘லபீத் பின் அஃஸம் (எனும் யூதன்)” என்று பதிலளித்தார். அவர், ‘‘எதில் வைத்திருக்கிறான்?” என்று கேட்க, சீப்பிலும், சிக்குமுடியிலும், ஆண் பேரீச்சம்பாளையின் உறையிலும்” என்று பதிலளித்தார். அவர், ‘‘அது எங்கே இருக்கிறது?” என்று கேட்க, மற்றவர், ‘‘(பனூ ஸுரைக் குலத்தாரின் தோட்டத்திலுள்ள) ‘தர்வான்’ எனும் கிணற்றில்” என்று பதிலளித்தார். இதைச் சொல்லி முடித்த அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் தம் தோழர்கள் சிலருடன் அந்தக் கிணற்றுக்குச் சென்று (பாளைஉறையை வெளியே எடுத்து விட்டுத் திரும்பி) வந்து, ‘‘ஆயிஷா! அதன் தண்ணீர் மருதாணிச் சாற்றைப் போன்று உள்ளது; அதன் பேரீச்சமரங்களின் தலைகள் ஷைத்தானின் தலைகளைப் போன்று உள்ளன” என்று சொன்னார்கள். நான், ‘‘அல்லாஹ்வின் தூதரே! அ(ந்தப் பாளைஉறைக்குள் இருப்ப)தைத் தாங்கள் வெளியே எடுக்கவில்லையா?” என்று கேட்டேன். அதற்கு அவர்கள், ‘‘அல்லாஹ் எனக்கு (அதன் பாதிப்பிலிருந்து) குணமளித்துக் காப்பாற்றிவிட்டான். அதை வெளியே எடுப்பதன் மூலம் மக்களிடையே (சூனியக்கலை பரவக் காரணமாகி) குழப்பத்தைக் கிளப்பிவிடுவதை நான் வெறுத்தேன் (எனவேதான், அதை நான் வெளியே எடுக்கவில்லை)” என்று சொன்னார்கள். பிறகு அந்தக் கிணற்றைத் தூர்த்துவிடும்படி அவர்கள் கட்டளையிட அவ்வாறே அது தூர்க்கப்பட்டது.89 இந்த ஹதீஸ் ஆறு அறிவிப்பாளர்தொடர்களில் வந்துள்ளது. அறிவிப்பாளர் ஹிஷாம் பின் உர்வா (ரஹ்) அவர்களின் ஓர் அறிவிப்பில், (சீப்பிலும் சிக்குமுடியிலும் என்பதற்குப் பதிலாக) ‘சீப்பிலும் சணல் நாரிலும்’ என்று காணப்படுகிறது. தலையை வாரும்போது கழியும் முடிக்கே ‘முஷாதத்’ (சிக்குமுடி) எனப்படும். சணலை நூற்கும்போது வெளிவரும் நாருக்கே ‘முஷாகத்’ (சணல் நார்) எனப்படும். அத்தியாயம் :