• 2914
  • عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ : لَهُ الشَّوْطُ ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ ، فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اجْلِسُوا هَا هُنَا " وَدَخَلَ ، وَقَدْ أُتِيَ بِالْجَوْنِيَّةِ ، فَأُنْزِلَتْ فِي بَيْتٍ فِي نَخْلٍ فِي بَيْتِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ ، وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةٌ لَهَا ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " هَبِي نَفْسَكِ لِي " قَالَتْ : وَهَلْ تَهَبُ المَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ ؟ قَالَ : فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ ، فَقَالَتْ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ ، فَقَالَ : " قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ " ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ : " يَا أَبَا أُسَيْدٍ ، اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ ، وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا "

    حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَسِيلٍ ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ : لَهُ الشَّوْطُ ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ ، فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اجْلِسُوا هَا هُنَا وَدَخَلَ ، وَقَدْ أُتِيَ بِالْجَوْنِيَّةِ ، فَأُنْزِلَتْ فِي بَيْتٍ فِي نَخْلٍ فِي بَيْتِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ ، وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةٌ لَهَا ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : هَبِي نَفْسَكِ لِي قَالَتْ : وَهَلْ تَهَبُ المَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ ؟ قَالَ : فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ ، فَقَالَتْ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ ، فَقَالَ : قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ : يَا أَبَا أُسَيْدٍ ، اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ ، وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا وَقَالَ الحُسَيْنُ بْنُ الوَلِيدِ النَّيْسَابُورِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَأَبِي أُسَيْدٍ ، قَالاَ : تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَيْمَةَ بِنْتَ شَرَاحِيلَ ، فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا ، فَكَأَنَّهَا كَرِهَتْ ذَلِكَ فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ أَنْ يُجَهِّزَهَا وَيَكْسُوَهَا ثَوْبَيْنِ رَازِقِيَّيْنِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الوَزِيرِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، عَنْ حَمْزَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَعَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، بِهَذَا

    دايتها: الداية : الحاضنة , والمرضع غير الأم
    هبي: الهِبَة : العَطيَّة الخاليَة عن الأعْوَاضِ والأغْراض
    للسوقة: السٌّوقةُ من الناس : الرَّعيَّة ومَنْ دون المَلِك
    عذت: عاذ : لجأ وتحصن واعتصم واحتمى
    بمعاذ: المعاذ : الملاذ والمأوى والملجأ الذي يُعْتَصَمُ به
    رازقيتين: الرازقي : ثوب من كتان أبيض
    رازقيين: الرازقي : ثوب من كتان أبيض
    قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ :
    حديث رقم: 5338 في صحيح البخاري كتاب الأشربة باب الشرب من قدح النبي صلى الله عليه وسلم وآنيته
    حديث رقم: 3840 في صحيح مسلم كتاب الْأَشْرِبَةِ بَابُ إِبَاحَةِ النَّبِيذِ الَّذِي لَمْ يَشْتَدَّ وَلَمْ يَصِرْ مُسْكِرًا
    حديث رقم: 15767 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْمَكِّيِّينَ حَدِيثُ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ
    حديث رقم: 22296 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ حَدِيثُ أَبِي مَالِكٍ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ
    حديث رقم: 5656 في المعجم الكبير للطبراني مَنِ اسْمُهُ سَهْلٌ وَمِمَّا أَسْنَدَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ
    حديث رقم: 16330 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 118 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الطَّهَارَة جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْأَوْانِي
    حديث رقم: 738 في المنتقى لابن جارود كِتَابُ الْبُيُوعِ وَالتِّجَارَاتِ بَابٌ
    حديث رقم: 1019 في مسند الروياني مسند الروياني مُسْنَدُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ
    حديث رقم: 2483 في الجعديات لأبي القاسم البغوي الجدعيات لأبي القاسم البغوي أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ
    حديث رقم: 8728 في الطبقات الكبير لابن سعد المجلد العاشر أَسْمَاءُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي الْجَوْنِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ شَرَاحِيلَ بْنِ الْجَوْنِ بْنِ آكِلِ الْمِرَارِ الْكِنْدِيِّ
    حديث رقم: 86 في أمالي الباغندي أمالي الباغندي مَجْلِسٌ سَادِسٌ لِلْبَاغَنْدِيِّ
    حديث رقم: 6555 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ ، مِنْ ذَلِكَ إِبَاحَةُ شُرْبِ النَّبِيذِ فِي جَمَاعَةٍ مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ ، مِنْ ذَلِكَ إِبَاحَةُ شُرْبِ النَّبِيذِ فِي جَمَاعَةٍ
    حديث رقم: 6827 في معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني النساء ذِكْرُ الْكِنْدِيَّةِ
    حديث رقم: 6828 في معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني النساء ذِكْرُ الْكِنْدِيَّةِ
    حديث رقم: 6829 في معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني النساء ذِكْرُ الْكِنْدِيَّةِ
    حديث رقم: 526 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِمَّا كَانَ
    حديث رقم: 527 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِمَّا كَانَ

    [5255] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَسِيلٍ كَذَا فِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ بن الغسيل وَهُوَ أوجه ولعلها كَانَت بن غَسِيلِ الْمَلَائِكَةِ فَسَقَطَ لَفْظُ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ بَدَلَ الْإِضَافَةِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ يُنْسَبُ إِلَى جَدِّ أَبِيهِ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ الْأَنْصَارِيُّ وَحَنْظَلَةُ هُوَ غَسِيلُ الْمَلَائِكَةِ اسْتُشْهِدَ بِأُحُدٍ وَهُوَ جُنُبٌ فَغَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَقِصَّتُهُ مَشْهُورَةٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْجُرْجَانِيِّ عَبْدِ الرَّحِيمِ وَالصَّوَابُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْجَيَّانِيُّ قَوْلُهُ إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ لَهُ الشَّوْطُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ وَقِيلَ مُعْجَمَةٌ هُوَ بُسْتَانٌ فِي الْمَدِينَةِ مَعْرُوفٌ قَوْلُهُحَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطِينَ جَلَسْنَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اجلسوا هَا هُنَا وَدخل أَي إِلَى الْحَائِط فِي رِوَايَةٍ لِابْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ تَزَوَّجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي الْجَوْنِ فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَأَنْزَلْتُهَا بِالشَّوْطِ مِنْ وَرَاءِ ذُبَابٍ فِي أُطُمٍ ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَخَرَجَ يَمْشِي وَنَحْنُ مَعَهُ وَذُبَابٌ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَمُوَحَّدَتَيْنِ مُخَفَّفًا جَبَلٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ وَالْأُطُمُ الْحُصُونُ وَهُوَ الْأُجُمُ أَيْضًا وَالْجَمْعُ آطَامٌ وَآجَامٌ كَعُنُقٍ وَأَعْنَاقٍ وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ سَعْدٍ أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ الْجَوْنِ الْكِنْدِيَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْلِمًا فَقَالَ أَلَا أُزَوِّجُكَ أَجْمَلَ أَيِّمٍ فِي الْعَرَبِ فَتَزَوَّجَهَا وَبَعَثَ مَعَهُ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ فَأَنْزَلْتُهَا فِي بَنِي سَاعِدَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا نِسَاءُ الْحَيِّ فَرِحِينَ بِهَا وَخَرَجْنَ فَذَكَرْنَ مِنْ جَمَالِهَا قَوْلُهُ فَأُنْزِلَتْ فِي بَيْتٍ فِي نَخْلٍ فِي بَيْتٍ أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ هُوَ بِالتَّنْوِينِ فِي الْكُلِّ وَأُمَيْمَةُ بِالرَّفْعِ إِمَّا بَدَلًا عَنِ الْجَوْنِيَّةِ وَإِمَّا عَطْفُ بَيَانٍ وَظَنَّ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ بِالْإِضَافَةِ فَقَالَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهَا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَيْمَةَ بِنْتَ شَرَاحِيلَ وَلَعَلَّ الَّتِي نَزَلَتْ فِي بَيْتِهَا بِنْتُ أَخِيهَا وَهُوَ مَرْدُودٌ فَإِنَّ مَخْرَجُ الطَّرِيقِينَ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا جَاءَ الْوَهْمُ مِنْ إِعَادَةِ لَفْظِ فِي بَيْتِ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَقَالَ فِي بَيْتٍ فِي النَّخْلِ أُمَيْمَةُ إِلَخْ وَجَزَمَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ بِأَنَّهَا أَسْمَاءُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْجَوْنِ الْكِنْدِيَّةُ وَكَذَا جَزَمَ بِتَسْمِيَتِهَا أَسْمَاءَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُهُمَا فَلَعَلَّ اسْمَهَا أَسْمَاءُ وَلَقَبَهَا أُمَيْمَةُ وَوَقَعَ فِي الْمَغَازِي رِوَايَة يُونُس بن بكير عَن بن إِسْحَاقَ أَسْمَاءُ بِنْتُ كَعْبٍ الْجَوْنِيَّةُ فَلَعَلَّ فِي نَسَبِهَا مِنِ اسْمِهِ كَعْبٍ نَسَبَهَا إِلَيْهِ وَقِيلَ هِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ الْأَسْوَدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ النُّعْمَانِ قَوْلُهُ وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةً لَهَا الدَّايَةُ بِالتَّحْتَانِيَّةِ الظِّئْرُ الْمُرْضِعُ وَهِيَ مُعَرَّبَةٌ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ هَذِهِ الْحَاضِنَةِ قَوْلُهُ هَبِي نَفْسَكِ لِي إِلَخْ السُّوقَةُ بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ يُقَالُ لِلْوَاحِدِ مِنَ الرَّعِيَّةِ وَالْجَمْعِ قِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَلِكَ يَسُوقُهُمْ فَيُسَاقُونَ إِلَيْهِ وَيَصْرِفُهُمْ عَلَى مُرَادِهِ وَأَمَّا أَهْلُ السُّوقِ فَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ سُوقِيٌّ قَالَ بن الْمُنِيرِ هَذَا مِنْ بَقِيَّةِ مَا كَانَ فِيهَا مِنَ الْجَاهِلِيَّةِ وَالسُّوقَةُ عِنْدَهُمْ مَنْ لَيْسَ بِمَلِكٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ فَكَأَنَّهَا اسْتَبْعَدَتْ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَلِكَةَ مَنْ لَيْسَ بِمَلِكٍ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خُيِّرَ أَنْ يَكُونَ مَلِكًا نَبِيًّا فَاخْتَارَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا نَبِيًّا تَوَاضُعًا مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَبِّهِ وَلَمْ يُؤَاخِذْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلَامِهَا مَعْذِرَةً لَهَا لِقُرْبِ عَهْدِهَا بِجَاهِلِيَّتِهَا.
    وَقَالَ غَيْرُهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهَا لَمْ تَعْرِفْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَاطَبَتْهُ بِذَلِكَ وَسِيَاقُ الْقِصَّةِ مِنْ مَجْمُوعِ طُرُقِهَا يَأْبَى هَذَا الِاحْتِمَالَ نَعَمْ سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرَ الْأَشْرِبَةِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً مِنَ الْعَرَبِ فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهَا فَقَدِمَتْ فَنَزَلَتْ فِي أُجُمِ بَنِي سَاعِدَةَ فَخَرَجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَ بِهَا فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَإِذَا امْرَأَةٌ مُنَكِّسَةٌ رَأْسَهَا فَلَمَّا كَلَّمَهَا قَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ قَالَ لَقَدْ أَعَذْتُكِ مِنِّي فَقَالُوا لَهَا أَتَدْرِينَ مِنْ هَذَا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ لِيَخْطُبَكِ قَالَتْ كُنْتُ أَنَا أَشْقَى مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتِ الْقِصَّةُ وَاحِدَةً فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا وَلَا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْحَقِي بِأَهْلِكِ تَطْلِيقًا وَيَتَعَيَّنُ أَنَّهَا لَمْ تَعْرِفْهُ وَإِنْ كَانَتِ الْقِصَّةُ مُتَعَدِّدَةً وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ فَلَعَلَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ هِيَ الْكِلَابِيَّةُ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الِاضْطِرَابُ وَقد ذكر بن سعد بِسَنَد فِيهِ الْعَزْرَمِي الضَّعِيف عَن بن عُمَرَ قَالَ كَانَ فِي نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّا بِنْتُ سُفْيَانَ بْنِ عَوْفِ بْنِ كَعْبِ بْنِ أَبِي بِكْرِ بْنِ كِلَابٍ قَالَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ يَخْطُبُ عَلَيْهِ امْرَأَةً مِنْ بَنِي عَامِرٍ يُقَالُ لَهَا عَمْرَةُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رُؤَاسِ بْنِ كلاب بن ربيعَة بن عَامر قَالَ بن سَعْدٍ اخْتَلَفَ عَلَيْنَا اسْمُ الْكِلَابِيَّةِ فَقِيلَ فَاطِمَةُ بِنْتُ الضَّحَّاكِ بْنُ سُفْيَانَ وَقِيلَ عَمْرَةُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ عُبَيْدٍ وَقِيلَ سَنَّا بِنْتُ سُفْيَانَ بْنِ عَوْفِ وَقِيلَ الْعَالِيَةُ بِنْتُ ظَبْيَانَ بْنِعَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ وَاحِدَةٌ اخْتُلِفَ فِي اسْمِهَا.
    وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ كُنَّ جَمْعًا وَلَكِنْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ قِصَّةٌ غَيْرُ قِصَّةِ صَاحِبَتِهَا ثُمَّ تَرْجَمَ الْجَوْنِيَّةَ فَقَالَ أَسْمَاءُ بِنْتُ النُّعْمَانِ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ قَدِمَ النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ الْكِنْدِيُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْلِمًا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أُزَوِّجُكَ أَجْمَلَ أَيِّمٍ فِي الْعَرَب كَانَت تَحت بن عَمٍّ لَهَا فَتُوُفِّيَ وَقَدْ رَغِبَتْ فِيكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَابْعَثْ مَنْ يَحْمِلُهَا إِلَيْكَ فَبَعَثَ مَعَه أَبَا أسيد السَّاعِدِيّ قَالَ أَبُو أسيد فَأَقَمْتُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ تَحَمَّلَتْ مَعِي فِي مِحَفَّةٍ فَأَقْبَلْتُ بِهَا حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَأَنْزَلْتُهَا فِي بَنِي سَاعِدَةَ وَوَجَّهْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَنِي عَمْرو بن عَوْف فَأَخْبَرته الحَدِيث قَالَ بن أَبِي عَوْنٍ وَكَانَ ذَلِكَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعٍ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْجَوْنِيَّةِ فَحَمَلْتُهَا حَتَّى نَزَلْتُ بِهَا فِي أُطُمِ بَنِي سَاعِدَةَ ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَخَرَجَ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْهِ حَتَّى جَاءَهَا الْحَدِيثَ وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالَ اسْمُ الْجَوْنِيَّةِ أَسْمَاءُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي الْجَوْنِ قِيلَ لَهَا اسْتَعِيذِي مِنْهُ فَإِنَّهُ أحظى لَك عِنْده وخدعت لما رؤى مِنْ جَمَالِهَا وَذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى مَا قَالَتْ فَقَالَ إِنَّهُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ وَكَيْدُهُنَّ فَهَذِهِ تَتَنَزَّلُ قِصَّتُهَا عَلَى حَدِيثِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَأَمَّا الْقِصَّةُ الَّتِي فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ فَيُمْكِنُ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَى هَذِهِ أَيْضًا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الِاسْتِعَاذَةُ وَالْقِصَّةُ الَّتِي فِي حَدِيثِ أَبِي أُسَيْدٍ فِيهَا أَشْيَاءُ مُغَايِرَةٌ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ فَيَقْوَى التَّعَدُّدُ وَيَقْوَى أَنَّ الَّتِي فِي حَدِيثِ أَبِي أُسَيْدٍ اسْمُهَا أُمَيْمَةُ وَالَّتِي فِي حَدِيثِ سَهْلٍ اسْمُهَا أَسْمَاءُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    وَأُمَيْمَةُ كَانَ قَدْ عَقَدَ عَلَيْهَا ثُمَّ فَارَقَهَا وَهَذِهِ لَمْ يُعْقِدْ عَلَيْهَا بَلْ جَاءَ لِيَخْطُبَهَا فَقَطْ قَوْلُهُ فَأَهْوَى بِيَدِهِ أَي أمالها إِلَيْهَا وَوَقع فِي رِوَايَة بن سَعْدٍ فَأَهْوَى إِلَيْهَا لِيُقَبِّلَهَا وَكَانَ إِذَا اخْتَلَى النِّسَاءَ أَقْعَى وَقَبَّلَ وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ سَعْدٍ فَدَخَلَ عَلَيْهَا دَاخِلٌ مِنَ النِّسَاءِ وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلَ النِّسَاءِ فَقَالَتْ إِنَّكِ مِنَ الْمُلُوكِ فَإِنْ كُنْتِ تُرِيدِينَ أَنْ تَحْظَيْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا جَاءَكَ فَاسْتَعِيذِي مِنْهُ وَوَقَعَ عِنْدَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْغَسِيلِ بِإِسْنَادِ حَدِيثِ الْبَابِ إِنَّ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ دَخَلَتَا عَلَيْهَا أَوَّلَ مَا قَدِمَتْ فَمَشَّطَتَاهَا وَخَضَّبَتَاهَا وَقَالَتْ لَهَا إِحْدَاهُمَا إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ مِنَ الْمَرْأَةِ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا أَنْ تَقُولَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ قَوْلُهُ فَقَالَ قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ مَا يُسْتَعَاذُ بِهِ أَوِ اسْمُ مَكَانِ الْعَوْذِ وَالتَّنْوِينُ فِيهِ لِلتَّعْظِيمِ وَفِي رِوَايَة بن سَعْدٍ فَقَالَ بِكُمِّهِ عَلَى وَجْهِهِ.
    وَقَالَ عُذْتِ مَعَاذًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَفِي أُخْرَى لَهُ فَقَالَ آمَنُ عَائِذَ اللَّهِ قَوْلُهُ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ يَا أَبَا أُسَيْدٍ اكْسُهَا رَازِقِيَّيْنِ بِرَاءٍ ثُمَّ زَايٍ ثُمَّ قَافٍ بِالتَّثْنِيَةِ صِفَةُ مَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ لِلْعِلْمِ بِهِ وَالرَّازِقِيَّةُ ثِيَابٌ مِنْ كَتَّانٍ بِيضٌ طِوَالٌ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ.
    وَقَالَ غَيْرُهُ يَكُونُ فِي دَاخِلِ بَيَاضِهَا زُرْقَةٌ وَالرَّازِقِيُّ الصَّفِيقُ قَالَ بن التِّينِ مَتَّعَهَا بِذَلِكَ إِمَّا وُجُوبًا وَإِمَّا تَفَضُّلًا قُلْتُ وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْمُتْعَةِ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ قَوْله والحقها بِأَهْلِهَا قَالَ بن بَطَّالٍ لَيْسَ فِي هَذَا أَنَّهُ وَاجَهَهَا بِالطَّلَاقِ وَتعقبه بن الْمُنِيرِ بِأَنَّ ذَلِكَ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَوَّلَ أَحَادِيثِ الْبَابِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ قَالَ لَهَا الْحَقِي بِأَهْلِكِ ثُمَّ لَمَّا خَرَجَ إِلَى أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ لَهُ أَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا فَلَا مُنَافَاةَ فَالْأَوَّلُ قَصَدَ بِهِ الطَّلَاقَ وَالثَّانِي أَرَادَ بِهِ حَقِيقَةَ اللَّفْظِ وَهُوَ أَنْ يُعِيدَهَا إِلَى أَهْلِهَا لِأَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ هُوَ الَّذِي كَانَ أَحْضَرَهَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِابْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ فَأَمَرَنِي فَرَدَدْتُهَا إِلَى قَوْمِهَا وَفِي أُخْرَى لَهُ فَلَمَّا وَصَلْتُ بِهَا تَصَايَحُوا وَقَالُوا إِنَّكِ لَغَيْرُ مُبَارَكَةٍ فَمَا دَهَاكِ قَالَتْ خُدِعْتُ قَالَ فَتُوُفِّيَتْ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ قَالَ وَحَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَنَّهَا مَاتَتْ كَمَدًا ثُمَّ رُوِيَ بِسَنَدٍ فِيهِ الْكَلْبِيُّ أَنَّ المُهَاجر بنحَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطِينَ جَلَسْنَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اجلسوا هَا هُنَا وَدخل أَي إِلَى الْحَائِط فِي رِوَايَةٍ لِابْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ تَزَوَّجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي الْجَوْنِ فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَأَنْزَلْتُهَا بِالشَّوْطِ مِنْ وَرَاءِ ذُبَابٍ فِي أُطُمٍ ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَخَرَجَ يَمْشِي وَنَحْنُ مَعَهُ وَذُبَابٌ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَمُوَحَّدَتَيْنِ مُخَفَّفًا جَبَلٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ وَالْأُطُمُ الْحُصُونُ وَهُوَ الْأُجُمُ أَيْضًا وَالْجَمْعُ آطَامٌ وَآجَامٌ كَعُنُقٍ وَأَعْنَاقٍ وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ سَعْدٍ أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ الْجَوْنِ الْكِنْدِيَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْلِمًا فَقَالَ أَلَا أُزَوِّجُكَ أَجْمَلَ أَيِّمٍ فِي الْعَرَبِ فَتَزَوَّجَهَا وَبَعَثَ مَعَهُ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ فَأَنْزَلْتُهَا فِي بَنِي سَاعِدَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا نِسَاءُ الْحَيِّ فَرِحِينَ بِهَا وَخَرَجْنَ فَذَكَرْنَ مِنْ جَمَالِهَا قَوْلُهُ فَأُنْزِلَتْ فِي بَيْتٍ فِي نَخْلٍ فِي بَيْتٍ أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ هُوَ بِالتَّنْوِينِ فِي الْكُلِّ وَأُمَيْمَةُ بِالرَّفْعِ إِمَّا بَدَلًا عَنِ الْجَوْنِيَّةِ وَإِمَّا عَطْفُ بَيَانٍ وَظَنَّ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ بِالْإِضَافَةِ فَقَالَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهَا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَيْمَةَ بِنْتَ شَرَاحِيلَ وَلَعَلَّ الَّتِي نَزَلَتْ فِي بَيْتِهَا بِنْتُ أَخِيهَا وَهُوَ مَرْدُودٌ فَإِنَّ مَخْرَجُ الطَّرِيقِينَ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا جَاءَ الْوَهْمُ مِنْ إِعَادَةِ لَفْظِ فِي بَيْتِ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَقَالَ فِي بَيْتٍ فِي النَّخْلِ أُمَيْمَةُ إِلَخْ وَجَزَمَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ بِأَنَّهَا أَسْمَاءُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْجَوْنِ الْكِنْدِيَّةُ وَكَذَا جَزَمَ بِتَسْمِيَتِهَا أَسْمَاءَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُهُمَا فَلَعَلَّ اسْمَهَا أَسْمَاءُ وَلَقَبَهَا أُمَيْمَةُ وَوَقَعَ فِي الْمَغَازِي رِوَايَة يُونُس بن بكير عَن بن إِسْحَاقَ أَسْمَاءُ بِنْتُ كَعْبٍ الْجَوْنِيَّةُ فَلَعَلَّ فِي نَسَبِهَا مِنِ اسْمِهِ كَعْبٍ نَسَبَهَا إِلَيْهِ وَقِيلَ هِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ الْأَسْوَدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ النُّعْمَانِ قَوْلُهُ وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةً لَهَا الدَّايَةُ بِالتَّحْتَانِيَّةِ الظِّئْرُ الْمُرْضِعُ وَهِيَ مُعَرَّبَةٌ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ هَذِهِ الْحَاضِنَةِ قَوْلُهُ هَبِي نَفْسَكِ لِي إِلَخْ السُّوقَةُ بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ يُقَالُ لِلْوَاحِدِ مِنَ الرَّعِيَّةِ وَالْجَمْعِ قِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَلِكَ يَسُوقُهُمْ فَيُسَاقُونَ إِلَيْهِ وَيَصْرِفُهُمْ عَلَى مُرَادِهِ وَأَمَّا أَهْلُ السُّوقِ فَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ سُوقِيٌّ قَالَ بن الْمُنِيرِ هَذَا مِنْ بَقِيَّةِ مَا كَانَ فِيهَا مِنَ الْجَاهِلِيَّةِ وَالسُّوقَةُ عِنْدَهُمْ مَنْ لَيْسَ بِمَلِكٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ فَكَأَنَّهَا اسْتَبْعَدَتْ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَلِكَةَ مَنْ لَيْسَ بِمَلِكٍ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خُيِّرَ أَنْ يَكُونَ مَلِكًا نَبِيًّا فَاخْتَارَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا نَبِيًّا تَوَاضُعًا مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَبِّهِ وَلَمْ يُؤَاخِذْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلَامِهَا مَعْذِرَةً لَهَا لِقُرْبِ عَهْدِهَا بِجَاهِلِيَّتِهَا.
    وَقَالَ غَيْرُهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهَا لَمْ تَعْرِفْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَاطَبَتْهُ بِذَلِكَ وَسِيَاقُ الْقِصَّةِ مِنْ مَجْمُوعِ طُرُقِهَا يَأْبَى هَذَا الِاحْتِمَالَ نَعَمْ سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرَ الْأَشْرِبَةِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً مِنَ الْعَرَبِ فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهَا فَقَدِمَتْ فَنَزَلَتْ فِي أُجُمِ بَنِي سَاعِدَةَ فَخَرَجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَ بِهَا فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَإِذَا امْرَأَةٌ مُنَكِّسَةٌ رَأْسَهَا فَلَمَّا كَلَّمَهَا قَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ قَالَ لَقَدْ أَعَذْتُكِ مِنِّي فَقَالُوا لَهَا أَتَدْرِينَ مِنْ هَذَا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ لِيَخْطُبَكِ قَالَتْ كُنْتُ أَنَا أَشْقَى مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتِ الْقِصَّةُ وَاحِدَةً فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا وَلَا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْحَقِي بِأَهْلِكِ تَطْلِيقًا وَيَتَعَيَّنُ أَنَّهَا لَمْ تَعْرِفْهُ وَإِنْ كَانَتِ الْقِصَّةُ مُتَعَدِّدَةً وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ فَلَعَلَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ هِيَ الْكِلَابِيَّةُ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الِاضْطِرَابُ وَقد ذكر بن سعد بِسَنَد فِيهِ الْعَزْرَمِي الضَّعِيف عَن بن عُمَرَ قَالَ كَانَ فِي نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّا بِنْتُ سُفْيَانَ بْنِ عَوْفِ بْنِ كَعْبِ بْنِ أَبِي بِكْرِ بْنِ كِلَابٍ قَالَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ يَخْطُبُ عَلَيْهِ امْرَأَةً مِنْ بَنِي عَامِرٍ يُقَالُ لَهَا عَمْرَةُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رُؤَاسِ بْنِ كلاب بن ربيعَة بن عَامر قَالَ بن سَعْدٍ اخْتَلَفَ عَلَيْنَا اسْمُ الْكِلَابِيَّةِ فَقِيلَ فَاطِمَةُ بِنْتُ الضَّحَّاكِ بْنُ سُفْيَانَ وَقِيلَ عَمْرَةُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ عُبَيْدٍ وَقِيلَ سَنَّا بِنْتُ سُفْيَانَ بْنِ عَوْفِ وَقِيلَ الْعَالِيَةُ بِنْتُ ظَبْيَانَ بْنِعَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ وَاحِدَةٌ اخْتُلِفَ فِي اسْمِهَا.
    وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ كُنَّ جَمْعًا وَلَكِنْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ قِصَّةٌ غَيْرُ قِصَّةِ صَاحِبَتِهَا ثُمَّ تَرْجَمَ الْجَوْنِيَّةَ فَقَالَ أَسْمَاءُ بِنْتُ النُّعْمَانِ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ قَدِمَ النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ الْكِنْدِيُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْلِمًا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أُزَوِّجُكَ أَجْمَلَ أَيِّمٍ فِي الْعَرَب كَانَت تَحت بن عَمٍّ لَهَا فَتُوُفِّيَ وَقَدْ رَغِبَتْ فِيكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَابْعَثْ مَنْ يَحْمِلُهَا إِلَيْكَ فَبَعَثَ مَعَه أَبَا أسيد السَّاعِدِيّ قَالَ أَبُو أسيد فَأَقَمْتُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ تَحَمَّلَتْ مَعِي فِي مِحَفَّةٍ فَأَقْبَلْتُ بِهَا حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَأَنْزَلْتُهَا فِي بَنِي سَاعِدَةَ وَوَجَّهْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَنِي عَمْرو بن عَوْف فَأَخْبَرته الحَدِيث قَالَ بن أَبِي عَوْنٍ وَكَانَ ذَلِكَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعٍ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْجَوْنِيَّةِ فَحَمَلْتُهَا حَتَّى نَزَلْتُ بِهَا فِي أُطُمِ بَنِي سَاعِدَةَ ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَخَرَجَ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْهِ حَتَّى جَاءَهَا الْحَدِيثَ وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالَ اسْمُ الْجَوْنِيَّةِ أَسْمَاءُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي الْجَوْنِ قِيلَ لَهَا اسْتَعِيذِي مِنْهُ فَإِنَّهُ أحظى لَك عِنْده وخدعت لما رؤى مِنْ جَمَالِهَا وَذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى مَا قَالَتْ فَقَالَ إِنَّهُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ وَكَيْدُهُنَّ فَهَذِهِ تَتَنَزَّلُ قِصَّتُهَا عَلَى حَدِيثِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَأَمَّا الْقِصَّةُ الَّتِي فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ فَيُمْكِنُ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَى هَذِهِ أَيْضًا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الِاسْتِعَاذَةُ وَالْقِصَّةُ الَّتِي فِي حَدِيثِ أَبِي أُسَيْدٍ فِيهَا أَشْيَاءُ مُغَايِرَةٌ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ فَيَقْوَى التَّعَدُّدُ وَيَقْوَى أَنَّ الَّتِي فِي حَدِيثِ أَبِي أُسَيْدٍ اسْمُهَا أُمَيْمَةُ وَالَّتِي فِي حَدِيثِ سَهْلٍ اسْمُهَا أَسْمَاءُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    وَأُمَيْمَةُ كَانَ قَدْ عَقَدَ عَلَيْهَا ثُمَّ فَارَقَهَا وَهَذِهِ لَمْ يُعْقِدْ عَلَيْهَا بَلْ جَاءَ لِيَخْطُبَهَا فَقَطْ قَوْلُهُ فَأَهْوَى بِيَدِهِ أَي أمالها إِلَيْهَا وَوَقع فِي رِوَايَة بن سَعْدٍ فَأَهْوَى إِلَيْهَا لِيُقَبِّلَهَا وَكَانَ إِذَا اخْتَلَى النِّسَاءَ أَقْعَى وَقَبَّلَ وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ سَعْدٍ فَدَخَلَ عَلَيْهَا دَاخِلٌ مِنَ النِّسَاءِ وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلَ النِّسَاءِ فَقَالَتْ إِنَّكِ مِنَ الْمُلُوكِ فَإِنْ كُنْتِ تُرِيدِينَ أَنْ تَحْظَيْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا جَاءَكَ فَاسْتَعِيذِي مِنْهُ وَوَقَعَ عِنْدَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْغَسِيلِ بِإِسْنَادِ حَدِيثِ الْبَابِ إِنَّ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ دَخَلَتَا عَلَيْهَا أَوَّلَ مَا قَدِمَتْ فَمَشَّطَتَاهَا وَخَضَّبَتَاهَا وَقَالَتْ لَهَا إِحْدَاهُمَا إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ مِنَ الْمَرْأَةِ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا أَنْ تَقُولَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ قَوْلُهُ فَقَالَ قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ مَا يُسْتَعَاذُ بِهِ أَوِ اسْمُ مَكَانِ الْعَوْذِ وَالتَّنْوِينُ فِيهِ لِلتَّعْظِيمِ وَفِي رِوَايَة بن سَعْدٍ فَقَالَ بِكُمِّهِ عَلَى وَجْهِهِ.
    وَقَالَ عُذْتِ مَعَاذًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَفِي أُخْرَى لَهُ فَقَالَ آمَنُ عَائِذَ اللَّهِ قَوْلُهُ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ يَا أَبَا أُسَيْدٍ اكْسُهَا رَازِقِيَّيْنِ بِرَاءٍ ثُمَّ زَايٍ ثُمَّ قَافٍ بِالتَّثْنِيَةِ صِفَةُ مَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ لِلْعِلْمِ بِهِ وَالرَّازِقِيَّةُ ثِيَابٌ مِنْ كَتَّانٍ بِيضٌ طِوَالٌ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ.
    وَقَالَ غَيْرُهُ يَكُونُ فِي دَاخِلِ بَيَاضِهَا زُرْقَةٌ وَالرَّازِقِيُّ الصَّفِيقُ قَالَ بن التِّينِ مَتَّعَهَا بِذَلِكَ إِمَّا وُجُوبًا وَإِمَّا تَفَضُّلًا قُلْتُ وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْمُتْعَةِ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ قَوْله والحقها بِأَهْلِهَا قَالَ بن بَطَّالٍ لَيْسَ فِي هَذَا أَنَّهُ وَاجَهَهَا بِالطَّلَاقِ وَتعقبه بن الْمُنِيرِ بِأَنَّ ذَلِكَ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَوَّلَ أَحَادِيثِ الْبَابِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ قَالَ لَهَا الْحَقِي بِأَهْلِكِ ثُمَّ لَمَّا خَرَجَ إِلَى أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ لَهُ أَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا فَلَا مُنَافَاةَ فَالْأَوَّلُ قَصَدَ بِهِ الطَّلَاقَ وَالثَّانِي أَرَادَ بِهِ حَقِيقَةَ اللَّفْظِ وَهُوَ أَنْ يُعِيدَهَا إِلَى أَهْلِهَا لِأَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ هُوَ الَّذِي كَانَ أَحْضَرَهَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِابْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ فَأَمَرَنِي فَرَدَدْتُهَا إِلَى قَوْمِهَا وَفِي أُخْرَى لَهُ فَلَمَّا وَصَلْتُ بِهَا تَصَايَحُوا وَقَالُوا إِنَّكِ لَغَيْرُ مُبَارَكَةٍ فَمَا دَهَاكِ قَالَتْ خُدِعْتُ قَالَ فَتُوُفِّيَتْ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ قَالَ وَحَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَنَّهَا مَاتَتْ كَمَدًا ثُمَّ رُوِيَ بِسَنَدٍ فِيهِ الْكَلْبِيُّ أَنَّ المُهَاجر بنالْمُصَنِّفُ فِي البَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:4976 ... ورقمه عند البغا: 5255 ]
    - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَسِيلٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ -رضي الله عنه- قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ لَهُ الشَّوْطُ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ، فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اجْلِسُوا هَا هُنَا»، وَدَخَلَ وَقَدْ أُتِيَ بِالْجَوْنِيَّةِ. فَأُنْزِلَتْ فِي بَيْتٍ فِي نَخْلٍ فِي بَيْتٍ أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ، وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةٌ لَهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «هَبِي نَفْسَكِ لِي»، قَالَتْ: وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ؟ قَالَ: فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ فَقَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ فَقَالَ: «قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ»، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ: «يَا أَبَا أُسَيْدٍ، اكْسُهَا رَازِقِيَّيْنِ، وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا». [الحديث 5255 - طرفه في: 5257].وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا عبد الرحمن بن غسيل) هو عبد الرحمن بن
    سليمان بن عبد الله بن حنظلة الأنصاري وحنظلة هو غسيل الملائكة لما استشهدبأُحُد وهو جُنُب (عن حمزة بن أبي أسيد) بضم الهمزة وفتح السين المهملة (عن) أبيه (أبي أسيد) مالك بن ربيعة الأنصاري الساعدي (-رضي الله عنه-) أنه (قال: خرجنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من المسجد أو من منزله (حتى انطلقنا إلى حائط) بستان عليه جدار (يقال له الشوط) بفتح الشين المعجمة وبعد الواو الساكنة طاء مهملة (حتى انتهينا إلى حائطين فجلسنا) ولأبي ذر جلسنا (بينهما) بإسقاط الفاء (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):(اجلسوا ها هنا، ودخل) إلى الحائط (وقد أُتي بالجونية) بضم الهمزة وفتح الجيم فيهما نسبة لقبيلة من الأزد فيما قاله ابن الأثير، وقال الرشاطيّ: الجون في كندة والأزد فالذي في كندة الجون هو معاوية بن حجر آكل المرار ثم قال: ومنهم أسماء بنت النعمان بن الأسود بن الحارث ابن شراحيل بن كندة تزوّج بها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فتعوّذت منه فطلّقها. وقال ابن حبيب: الجونية امرأة من كندة وليست بأسماء والذي في الأزد الجون بن عوف بن مالك. وقال الكرماني: وقيل اسم الجونية أمامة (فأنزلت) بضم الهمزة (في بيت في نخل) بالتنوين فيهما وسقط لفظ في لأبي ذر (في بيت أميمة بنت النعمان بن شراحيل) بإضافة بيت لأميمة كذا في الفرع وأصله وغيرهما مما رأيته في الأصول. وقال الحافظ ابن حجر، وتبعه العيني كالكرماني بالتنوين في الكل: وأميمة بالرفع إما بدلًا من الجونية وإما عطف بيان، وزاد في الفتح فقال: وظن بعض الشراح أنه بالإضافة فقال: في الكلام على الرواية التي بعدها تزوّج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أميمة بنت شراحيل لعل التي نزلت في بيتها بنت أخيها وهو مردود فإن مخرج الطريقين واحد، وإنما جاء الوهم من إعادة لفظ في بيت. وقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده عن أبي نعيم شيخ البخاري فيه فقال في بيت في النخل في بيت أميمة إلى آخره انتهى. فليتأمل.وعند ابن سعد أن النعمان بن الجون الكندي أتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: ألا أزوّجك أجمل أيم في العرب فتزوّجها وبعث معه أبا أسيد الساعدي قال أبو أسيد: فأنزلتها في بني ساعدة فدخل عليها نساء الحي فرحين بها وخرجن فذكرن من جمالها.(ومعها دايتها حاضنة لها) بالرفع ولأبي ذر بالنصب. قال في الفتح كالكواكب: الداية الظئر المرضع وهي معربة، وقال العيني: ليس كما قالا وإنما الداية المرأة التي تولِّد الأولاد وهي القابلة وهو لفظ معرّب ولم يعرف اسمها الحافظ ابن حجر (فلما دخل عليها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) لها: (هبي نفسك لي) أمر للمؤنث وأصله أوهبي حذفت الواو تبعًا لمضارعه واستغني عن الهمزة فصار هبي بوزن علي، قال لها ذلك تطييبًا لقلبها واستمالة لها، وإلا فقد كان له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يزوّج من نفسه بغير إذن المرأة وبغير إذن وليّها وكان مجرد إرساله إليها وإحضارها ورغبته فيها كافيًا في ذلك (قالت) لسوء حظها وشقائها وعدم معرفتها بجلالة قدره الرفيع (وهل تهب الملكة) بكسر اللام (نفسها للسوقة)؟ بضم السين المهملة لواحد من الرعية. وقال في القاموس: السوقة الرعية للواحد والجمع والمذكر والمؤنث، ولأبي ذر: لسوقة (قال: فأهوى بيده) الشريفة أي أمالها (يضع يده عليها لتسكنفقالت: أعوذ بالله منك. فقال) ولأبي ذر قال: (قد عذت بمعاذ) بفتح الميم أي بالذي يستعاذ به قال أبو أسيد (ثم خرج علينا) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فقال: يا أبا أسيد اكسها) بضم السين ثوبين (رازقيين) براء ثم زاي فقاف مكسورتين بالتثنية صفة موصوف محذوف للعلم به، والرازقية ثياب من كتاب بيض طوال. قال السفاقسي: أي متعها بذلك إما وجوبًا وإما تفضلًا. وسيأتي إن شاء الله تعالى بعون الله حكم المتعة. (وألحقها بأهلها) بهمزة قطع مفتوحة وكسر الحاء وسكون القاف أي ردّها إليهم لأنه هو الذي كان أحضرها. وعند ابن سعد قال أبو أسيد: فأمرني فرددتها إلى قومها، وفي أخرى له فلما وصلت بها تصايحوا وقالوا: إنك
    لغير مباركة فما دهاك؟ قالت: خدعت. قال: وحدّثني هشام بن محمد بن أبي خيثمة زهير بن معاوية: أنها ماتت كمدًا.


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:4976 ... ورقمه عند البغا:5255 ]
    - حدّثنا أبُو نُعَيْمٍ حدَّثنا عبدُ الرَّحْمنِ بنُ غَسِيلٍ عنْ حَمْزَةَ بنِ أبي أُسَيْدٍ عنْ أبي أُسَيْدٍ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: خَرَجْنَا معَ النبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حائَطٍ يُقالُ لهُ الشَّوْظ حتَّى انْتَهَيْنا إِلَى حائِطَيْنِ فَجَلَسْنَا بَيْنَهُما، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اجْلِسُوا هاهُنا، ودَخَلَ وقَدْ أُتِيَ بالجَوْنِيّةِ فأُنْزِلَتْ فِي بَيْتٍ فِي نَخْلٍ فِي بَيْتِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ النُّعْمَانِ بنِ شَرَاحِيلَ وَمَعَها دايَتُها حاضِنَةٌ لَها، فَلمَّا دَخَلَ علَيْها النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: هَبِي نَفْسَكِ لي: قالَتْ: وهَلْ تَهَبُ المَلِكةُ نَفْسَها لِلسُّوقَةِ؟ قَالَ: فأهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْها لَتَسْكُنَ، فَقَالَتْ أعُوذُ بِاللَّه مِنْكَ فَقَالَ: قَدْ عُذْتِ بِمعاذٍ ثُمَّ خَرَجَ علَيْنا فَقَالَ: يَا أَبَا أُسَيْد! إكسُها رازقِيَّيْنِ وألحِقْها بِأَهْلِهَا.(انْظُر الحَدِيث 5525 طرفه فِي: 7525)مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يواجه الْجَوْنِية الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث بقوله الحقي بأهلك، وَإِنَّمَا قَالَ لأبي أسيد: (ألحقها بِأَهْلِهَا) . والترجمة بالاستفهام من غير تعْيين شَيْء من أَمر المواجهة وَعدمهَا، وَقد ذكرنَا أَنه يحْتَمل الْوَجْهَيْنِ، غير أَن ترك المواجهة أرْفق وألطف، وَهَهُنَا الْمُطَابقَة فِي ترك المواجهة. فَافْهَم.وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: كَيفَ دلّ الحَدِيث على التَّرْجَمَة إِذْ لَا طَلَاق إِذْ لم يكن ثمَّة عقد نِكَاح، إِذا مَا وهبت نَفسهَا وَلم يكن أَيْضا بالمواجهة إِذْ قَالَ بعد الْخُرُوج: (ألحقها بِأَهْلِهَا؟) قلت: لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُزَوّج من نَفسه بِلَا إِذن الْمَرْأَة ووليها، وَكَانَ صُدُور قَوْله: (هبي بِنَفْسِك لي) مِنْهُ لاستماله خاطرها وَأما حِكَايَة المواجهة فقد ثبتَتْ فِي الحَدِيث السَّابِق بقوله: الْحق بأهلك، وَأمره أَبَا أسيد بالإلحاق بعد الْخُرُوج لَا يُنَافِيهِ، بل يعضده انْتهى. قلت: هَذَا كُله كَلَام لَا طائل تَحْتَهُ، لِأَن سُؤَاله أَولا بقوله: إِذْ لَا طَلَاق، إِلَى: وَلم يكن أَيْضا بالمواجهة، غير موجه لِأَنَّهُ كَانَ من الْمَعْلُوم قطعا أَن الَّذِي ذكره فِي الْجَواب من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يَقع سُؤَاله فِي مَحَله، وَكَذَلِكَ قَوْله وَأما حِكَايَة المواجهة ... الخ غير وَاقع فِي مَحَله، لِأَن ثُبُوت المواجهة فِي الحَدِيث السَّابِق لَا يسْتَلْزم المواجهة فِي هَذَا الحَدِيث، فَكيف يثبت بِهَذَا الْكَلَام الْمُطَابقَة بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث؟ وَمَعَ هَذَا لم يرد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خطابه إِيَّاهَا على قَوْله: (قد عذت بمعاذ) وَلم
    يَأْمر بالإلحاق إلاَّ لأبي أسيد، فَأَيْنَ المواجهة لَهَا بذلك؟ وَكَذَلِكَ قَوْله وَأمره أَبَا أسيد بالإلحاق بعد الْخُرُوج، لَا يُنَافِيهِ غير صَوَاب لِأَن عدم الْمُنَافَاة إِنَّمَا يكون لَو قَالَ لَهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إلحقي بأهلك ثمَّ قَالَ لأبي أسيد: ألحقها بِأَهْلِهَا، وَلم يكتف بِمَا قَالَ هَذِه الْمقَالة حَتَّى يَقُول: بل يعضده، وَكَيف يعضده شَيْء لم يقلهُ؟ وَهَذَا عَجِيب جدا وَمِمَّا يؤكده مَا قُلْنَاهُ مَا قَالَه ابْن بطال: لَيْسَ فِي هَذَا أَنه واجهها بِالطَّلَاق، وَاعْترض عَلَيْهِ بَعضهم بِأَن ذَلِك ثَبت فِي حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أول أَحَادِيث الْبابُُ، فَيحمل على أَنه قَالَ لَهَا: إلحق بأهلك، ثمَّ لما خرج إِلَى أبي أسيد قَالَ لَهُ: ألحقها بِأَهْلِهَا، فَلَا مُنَافَاة، فَالْأول قصد بِهِ الطَّلَاق، وَالثَّانِي أَرَادَ بِهِ حَقِيقَة اللَّفْظ، وَهُوَ أَن يُعِيدهَا إِلَى أَهلهَا انْتهى. قلت: يرد هَذَا الِاعْتِرَاض بِمَا رددنا بِهِ كَلَام الْكرْمَانِي، لِأَن كلاميهما من وَجه وَاحِد، وأعجب من الْكل أَن بَعضهم نقل كَلَام الْكرْمَانِي برمتِهِ بطرِيق الإدماج حَيْثُ قَالَ: وَاعْترض بَعضهم بِأَنَّهُ لم يَتَزَوَّجهَا، إِذْ لم يجر ذكر صُورَة العقد، وَسَاقه مثل مَا قَالَه الْكرْمَانِي، لَكِن بتغيير الْعبارَة، وَرَضي بِهِ حَيْثُ قَالَ فِي آخر كَلَامه: وَيُؤَيِّدهُ قَوْله فِي رِوَايَة لِابْنِ غسيل أَنه اتّفق مَعَ أَبِيهَا على مِقْدَار صَدَاقهَا، وَأَن أَبَاهَا قَالَ لَهُ: أَنَّهَا رغبت فِيك وحطت إِلَيْك، انْتهى. قلت: سُبْحَانَ الله مَا أبعد هَذَا عَن الْمَقْصُود، لِأَن الْكَلَام فِي أَمر المواجهة وَعدمهَا، وَقد ذكرنَا وَجه ذَلِك من غير تعميق فِيمَا لَا يَنْبَغِي.ثمَّ إِن البُخَارِيّ أخرج هَذَا الحَدِيث عَن أبي نعيم وَهُوَ الْفضل بن دُكَيْن يروي عَن عبد الرَّحْمَن بن غسيل بِدُونِ الْألف وَاللَّام فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: عبد الرَّحْمَن بن الغسيل، بِالْألف وَاللَّام وَعبد الرَّحْمَن هَذَا هُوَ ابْن سُلَيْمَان بن عبد الله بن حَنْظَلَة بن أبي عَامر الْأنْصَارِيّ، وحَنْظَلَة هُوَ غسيل الْمَلَائِكَة، اسْتشْهد بِأحد وَهُوَ جنب فغسلته الْمَلَائِكَة، وقصته مَشْهُورَة وَعبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور نسب إِلَى جد أَبِيه، وَلَعَلَّ الرِّوَايَة كَانَت ابْن غسيل الْمَلَائِكَة، فَسَقَطت لَفْظَة: الْمَلَائِكَة، وعوضت عَنْهَا الْألف وَاللَّام، وَحَمْزَة بن أبي أسيد بِضَم الْهمزَة وَفتح السِّين، يروي عَن أَبِيه أبي أيد، واسْمه مَالك بن ربيعَة بن الْبدن بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالنُّون، وَقيل: الْبَدِيِّ بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف، وَهُوَ تَصْحِيف ابْن عَامر بن عَوْف بن حَارِثَة بن عَمْرو بن الْخَزْرَج بن سَاعِدَة الْأنْصَارِيّ السَّاعِدِيّ شهد بَدْرًا وأحدا والمشاهد كلهَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمَات بِالْمَدِينَةِ سنة سِتِّينَ فِيمَا ذكره الْمَدَائِنِي، وَهُوَ آخر من مَاتَ من الْبَدْرِيِّينَ. والْحَدِيث من أَفْرَاده.قَوْله: (إِلَى حَائِط) ، هُوَ الْبُسْتَان من النخيل إِذا كَانَ عَلَيْهِ جِدَار. قَوْله: (الشوظ) بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْوَاو فِي آخِره ظاء مُعْجمَة، وَقيل: مُهْملَة، وَهُوَ بُسْتَان فِي الْمَدِينَة مَعْرُوف. قَوْله: (وَدخل) أَي: إِلَى الْحَائِط. قَوْله: (وَقد أَتَى) على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (بالجونية) نِسْبَة إِلَى الجون، قَالَ الْكرْمَانِي بِضَم الْجِيم، قلت: لَيْسَ كَذَلِك بل بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْوَاو وبالنون، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: بَنو الجون قَبيلَة من الأزد، وَقَالَ الرشاطي: الجون فِي كِنْدَة وَفِي الأزد، فَالَّذِي فِي كِنْدَة الجون وَهُوَ مُعَاوِيَة بن حجر آكل المرار، وَسَاقه إِلَى كِنْدَة، ثمَّ قَالَ: مِنْهُم أَسمَاء بنت النُّعْمَان بن الْأسود بن الْحَارِث بن شرَاحِيل بن كِنْدَة تزوج بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتعوذت مِنْهُ فَطلقهَا، وَقَالَ ابْن حبيب: والجونية امْرَأَة من كِنْدَة وَلَيْسَت بأسماء، وَالَّذِي فِي الأزد الجون بن عَوْف بن مَالك، وَقَالَ الْكرْمَانِي: اسْم الْجَوْنِية أَمَامه. قَوْله: (فِي بَيت فِي نخل فِي بَيت) كلهَا بِالتَّنْوِينِ. قَوْله: (أُمَيْمَة) بِالرَّفْع بدل عَن الْجَوْنِية أَو عطف بَيَان لَهَا وَهِي بنت النُّعْمَان بن شرَاحِيل، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الرَّاء وَكسر الْحَاء الْمُهْملَة. قَوْله: (وَمَعَهَا دايتها) بِالدَّال الْمُهْملَة وَبعد الْألف يَاء آخر الْحُرُوف الْمَفْتُوحَة بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق قَالَ: أَي ظئرها، وَقَالَ بَعضهم: الظِّئْر الْمُرْضع، قلت: لَيْسَ كَمَا قَالَ، وَإِنَّمَا الداية هِيَ الْمَرْأَة الَّتِي تولد الْأَوْلَاد، وَهِي الْقَابِلَة، وَهُوَ لفظ مُعرب. قَوْله: (هِيَ) أَمر للمؤنث من وهب يهب وَأَصله: أوهبي حذفت الْوَاو تبعا لفعله الْمُضَارع، واستغنيت عَن الْهمزَة فَصَارَت هِيَ على وزن على قَوْله: (للسوقة) ، بِضَم السِّين الْمُهْملَة، يُقَال للْوَاحِد من الرّعية وَالْجمع، وَإِنَّمَا قيل لَهُم ذَلِك لِأَن الْملك يسوقهم فيساقون لَهُ على مُرَاده، وَأما أهل السُّوق فالواحد مِنْهُم يُسمى سوقيا وَقَالَ الْجَوْهَرِي: السوقة خلاف الْملك، وَلم تعرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَا وَكَانَت بعد ذَلِك تسمي نَفسهَا بالشقية. قَوْله: فَأَهوى بِيَدِهِ أَي أمالها إِلَيْهَا، وَوَقع فِي رِوَايَة لِابْنِ سعد: فَأَهوى إِلَيْهَا ليقبلها. قَوْله: (فَقَالَت أعوذ بِاللَّه مِنْك) ، روى ابْن سعد عَن هِشَام بن مُحَمَّد عَن عبد الرَّحْمَن بن الغسيل بِإِسْنَاد حَدِيث الْبابُُ: أَن عَائِشَة وَحَفْصَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، دخلتا عَلَيْهَا أول مَا قدمت، فمشطتاها وخضبتاها، وَقَالَت لَهَا إِحْدَاهمَا: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُعجبهُ من الْمَرْأَة إِذا
    دخل عَلَيْهَا أَن تَقول: أعوذ بِاللَّه مِنْك. قَوْله: (قد عذت بمعاذ) بِفَتْح الْمِيم قَالَ الْكرْمَانِي: اسْم مَكَان العوذ قلت يجوز أَن يكون مصدرا ميميا بِمَعْنى العوذ والتنوين فِيهِ للتعظيم، وَفِي رِوَايَة ابْن سعد: فَقَالَ بمكه على وَجهه وَقَالَ: عذت معَاذًا، ثَلَاث مَرَّات وَفِي رِوَايَة أُخْرَى لَهُ: أَمن عَائِذ الله. قَوْله: (ثمَّ خرج) أَي: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (رازقيين) برَاء وَبعد الْألف زَاي مَكْسُورَة ثمَّ قَاف على لفظ تَثْنِيَة صفة موصوفها مَحْذُوف أَي: بثوبين رازقيين والرازقية ثِيَاب من كتَّان بيض طوال قَالَه أَبُو عُبَيْدَة، وَقيل؛ يكون فِي دَاخل بياضها زرقة، والرازقي الصفيق، وَمعنى: اكسها رازقيين: أعْطهَا ثَوْبَيْنِ من ذَلِك الْجِنْس، وَقَالَ ابْن التِّين مَتعهَا بذلك، إِمَّا وجوبا وَإِمَّا تفضلاً لقولها. قَوْله: (وألحقها) بِفَتْح الْهمزَة من الْإِلْحَاق.

    لا توجد بيانات