• 2106
  • حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، قَالَ : أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ ، فَقَالَتْ : إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : مَا لِي فِي النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ ، فَقَالَ رَجُلٌ : زَوِّجْنِيهَا ، قَالَ : أَعْطِهَا ثَوْبًا ، قَالَ : لاَ أَجِدُ ، قَالَ : أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ ، فَاعْتَلَّ لَهُ ، فَقَالَ : مَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ ؟ قَالَ : كَذَا وَكَذَا ، قَالَ : فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ

    عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، قَالَ : أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ ، فَقَالَتْ : إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : " مَا لِي فِي النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ " ، فَقَالَ رَجُلٌ : زَوِّجْنِيهَا ، قَالَ : " أَعْطِهَا ثَوْبًا " ، قَالَ : لاَ أَجِدُ ، قَالَ : " أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ " ، فَاعْتَلَّ لَهُ ، فَقَالَ : " مَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ ؟ " قَالَ : كَذَا وَكَذَا ، قَالَ : " فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ "

    لا توجد بيانات
    زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ
    لا توجد بيانات

    [5029] قَوْلُهُ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ وَلِلرَّسُولِ قَوْلُهُ مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ كَذَا وَكَذَا وَوَقَعَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِي هَذَا سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ عِنْدَ شَرْحِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ بَابُ الْقِرَاءَةِ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ سَهْلٍ فِي الْوَاهِبَةِ مُطَوَّلًا وَهُوَ ظَاهر فِيمَا ترْجم لَهُ لقَوْله فِيهِ اتقرأهن عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ قَالَ نَعَمْ فَدَلَّ عَلَى فَضْلِ الْقِرَاءَةِ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ لِأَنَّهَا أَمْكَنُ فِي التَّوَصُّل إِلَى التَّعْلِيم وَقَالَ بن كَثِيرٍ إِنْ كَانَ الْبُخَارِيُّ أَرَادَ بِهَذَا الْحَدِيثِ الدَّلَالَةَ عَلَى أَنَّ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ أَفْضَلُ مِنْ تِلَاوَتِهِ نَظَرًا مِنَ الْمُصْحَفِ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا قَضِيَّةُ عَيْنٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ كَانَ لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ وَعَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ فَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ التِّلَاوَةَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ أَفْضَلُ فِي حَقِّ مَنْ يُحْسِنُ وَمَنْ لَا يُحْسِنُ وَأَيْضًا فَإِنَّ سِيَاقَ هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ لِاسْتِثْبَاتِ أَنَّهُ يَحْفَظُ تِلْكَ السُّوَرَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ تَعْلِيمِهِ لِزَوْجَتِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا أَفْضَلُ مِنَ التِّلَاوَةِ نَظَرًا وَلَا عَدَمَهَ قُلْتُ وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْبُخَارِيِّ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ بَابُ الْقِرَاءَةِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ مَشْرُوعِيَّتُهَا أَوِ اسْتِحْبَابُهَا وَالْحَدِيثُ مُطَابِقٌ لِمَا تَرْجَمَ بِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَوْنِهَا أَفْضَلَ مِنَ الْقِرَاءَةِ نَظَرًا وَقَدْ صَرَّحَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّ الْقِرَاءَةَ مِنَ الْمُصْحَفِ نَظَرًا أَفْضَلُ مِنَ الْقِرَاءَةِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ وَأَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ بَعْضَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَهُ قَالَ فَضْلُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ نَظَرًا عَلَى مَنْ يَقْرَؤُهُ ظَهْرًا كَفَضْلِ الْفَرِيضَةِ عَلَى النَّافِلَة وَإِسْنَاده ضَعِيف وَمن طَرِيق بن مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا أَدِيمُوا النَّظَرَ فِي الْمُصْحَفِ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْمُصْحَفِ أَسْلَمُ مِنَ الْغَلَطِ لَكِنَّ الْقِرَاءَةَ عَنْ ظهر قلبأَبْعَدُ مِنَ الرِّيَاءِ وَأَمْكَنُ لِلْخُشُوعِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ وَأَخْرَجَ بن أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ اقرأوا الْقُرْآنَ وَلَا تَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ الْمَصَاحِفُ الْمُعَلَّقَةُ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ قَلْبًا وَعَى الْقُرْآنَ وَزَعَمَ بن بطال أَن فِي


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:4760 ... ورقمه عند البغا: 5029 ]
    - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: أَتَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «مَا لِي فِي النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ». فَقَالَ رَجُلٌ: زَوِّجْنِيهَا. قَالَ: «أَعْطِهَا ثَوْبًا». قَالَ: لاَ أَجِدُ، قَالَ: «أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». فَاعْتَلَّ لَهُ فَقَالَ: «مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ»، قَالَ: كَذَا وَكَذَا. قَالَ: «فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ».وبه قال: (حدّثنا عمرو بن عون) بفتح العين فيهما وآخر الثاني نون ابن أوس الواسطي نزيل البصرة قال: (حدّثنا حماد) هو ابن زيد (عن أبي حازم) بالحاء المهملة والزاي سلمة بن دينار (عن سهل بن سعد) بسكون الهاء والعين الساعدي الأنصاري -رضي الله عنه- أنه (قال: أتت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امرأة) قيل هي خولة بنت حكيم وقيل أم شريك وقيل ميمونة ولا يصح ذلك لأن الأوليان لم تتزوّجا وأما ميمونة فهي إحدى زوجاته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم يزوّجها لغيره (فقالت: إنها قد وهبت نفسها لله ولرسوله) ولأبي ذر عن الحموي وللرسول (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لها:(ما لي في النساء من حاجة، فقال رجل) لم يسم (زوّجنيها) يا رسول الله (قال) عليه الصلاة والسلام (أعطها ثوبًا) صداقًا (قال) الرجل (لا أجد) ثوبًا (قال: أعطها ولو) كان الذي تعطيها (خاتمًا من حديد) كلمة من بيانية (فاعتل) قال الكرماني أي حزن وتضجر (له) أي لأجل ذلك (فقال) عليه الصلاة والسلام له ولأبوي الوقت وذر قال: (ما معك) أي أيّ شيء تحفظه (من القرآن؟ قال): معي سورة (كذا وكذا) في رواية أبي داود عن أبي هريرة سورة البقرة والتي تليها وعند الدارقطني عن ابن مسعود البقرة وسور من المفصل ولتمام الرازي عن أبي أمامة زوّج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجلًا من الأنصار على سبع سور (قال) عليه الصلاة والسلام (فقد زوّجتكها بما معك من القرآن) الباء في بما للتعويض وتسمى باء المقابلة على تقدير مضاف أي زوّجتكها بتعليمك إياها ما معك من القرآن. وقال الحنفية بل للسببية، والمعنى زوّجتكها بسبب ما معك من القرآن.
    ومباحث ذلك تأتي في موضعها إن شاء الله تعالى في كتاب النكاح.


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:4760 ... ورقمه عند البغا:5029 ]
    - حدَّثنا عَمْرُو بنُ هَوْنِ حَدثنَا حَمَّادٌ عنْ أبي حازِمٍ عنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ قَالَ: أتَتِ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امْرَأةٌ فقالَتْ: إنَّها قَدْ وهَبَتْ نَفْسَها لِلّهِ ولِرَسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: مَالِي فِي النِّساءِ مِنْ حاجَةٍ، فَقَالَ رجُلٌ: زَوِّجْنِيها. قَالَ: أعْطِها ثَوْبا. قَالَ: لَا أجِدُ. قَالَ: أعْطِها ولوْ هاتَما مِنْ حَديدٍ، فاعْتَلَّ لهُ، فَقَالَ: مَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ؟ قَالَ: كذَا وكَذَا. قَالَ: فقَدْ زَوَّجْتُكَها بِما مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ..قيل مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زوج الْمَرْأَة لحُرْمَة الْقُرْآن، وَاعْترض عَلَيْهِ بِأَن السِّيَاق يدل على أَنه زَوجهَا لَهُ على أَن يعلمهَا قلت: فِي كل مِنْهُمَا نظر. أما الأول: فَلِأَن التَّرْجَمَة لَيست فِي بَيَان حُرْمَة الْقُرْآن، وَأما الثَّانِي: فدلالته على التَّزْوِيج على تَعْلِيم الْقُرْآن، وَيُمكن أَن يُوَجه الْمُطَابقَة من قَوْله: كَذَا وَكَذَا أَي: سُورَة كَذَا، على مَا وَقع هَكَذَا فِي الْبابُُ الَّذِي يَلِيهِ، وَهُوَ أَن الْفضل ظهر على الرجل بحفظه كَذَا وَكَذَا، سُورَة، وَلم يحصل لَهُ هَذَا الْفضل إلاَّ من فضل الْقُرْآن، فَدخل تَحت قَوْله: (خَيركُمْ من تعلم الْقُرْآن) ، لِأَنَّهُ تعلم وَدخل فِي المتعلمين، وَدخل أَيْضا تَحت قَوْله: (وَعلمه) لِأَنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، إِنَّمَا زوجه إِيَّاهَا على أَن يعلمهَا الْقُرْآن.وَبَقِي الْكَلَام هُنَا فِي فُصُول.الأول: فِي رجال الحَدِيث، وهم: عَمْرو بِالْفَتْح ابْن عون بن أَوْس الوَاسِطِيّ، نزل الْبَصْرَة وَرُوِيَ مُسلم عَنهُ بِوَاسِطَة، وَحَمَّاد هُوَ ابْن زيد، وَأَبُو حَازِم بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي سَلمَة بن دِينَار، وَسَهل بن سعد بن مَالك السَّاعِدِيّ الْأنْصَارِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَفِيه التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، والعنعنة فِي موضِعين.الثَّانِي: أَنه أخرجه البُخَارِيّ هُنَا أَيْضا عَن قُتَيْبَة على مَا يَأْتِي، وَأخرجه أَيْضا فِي النِّكَاح فِي مَوَاضِع فِي: بابُُ النّظر إِلَى الْمَرْأَة قبل التَّزْوِيج، عَن قُتَيْبَة عَن يَعْقُوب بأتم من هَذَا، وَهنا اخْتَصَرَهُ فِي: بابُُ إِذا قَالَ الْخَاطِب للْوَلِيّ:
    زَوجنِي فُلَانَة، عَن أبي النُّعْمَان عَن حَمَّاد بن زيد إِلَى آخِره مُخْتَصرا وَفِي: بابُُ التَّزْوِيج على الْقُرْآن عَن عَليّ بن عبد الله وَفِي: بابُُ الْمهْر بالعروض عَن يحيى عَن وَكِيع مُخْتَصرا. وَأخرجه بَقِيَّة الْجَمَاعَة فَمُسلم أخرجه فِي النِّكَاح عَن قُتَيْبَة بن سعيد، وَأَبُو دَاوُد فِيهِ عَن القعْنبِي وَالتِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن الْحسن بن عَليّ وَالنَّسَائِيّ فِيهِ وَفِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن هَارُون بن عبد الله وَابْن مَاجَه فِي النِّكَاح عَن حَفْص بن عَمْرو.الثَّالِث: فِي مَعْنَاهُ قَوْله: (امْرَأَة) ، اخْتلف فِي اسْم هَذِه الْمَرْأَة الواهبة نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقيل: هِيَ خَوْلَة بنت حَكِيم، وَقيل: هِيَ أم شريك الْأَزْدِيَّة، وَقيل: مَيْمُونَة، حُكيَ هَذِه الْأَقْوَال الثَّلَاثَة أَبُو الْقَاسِم بن بشكوال فِي كتاب المبهماتوق ال شَيخنَا زين الدّين لَا يَصح شَيْء من هَذِه الْأَقْوَال الثَّلَاثَة أما خوله فَإِنَّهَا لم تتَزَوَّج، وَكَذَلِكَ أم شريك لم تتَزَوَّج، وَأما مَيْمُونَة فَكَانَت إِحْدَى زَوْجَاته، فَلَا يَصح أَن تكون هَذِه لِأَن هَذِه قدر زَوجهَا لغيره. قَوْله: (وَلَو خَاتمًا) ، بِالنّصب أَي: وَلَو كَانَ الَّذِي يُعْطِيهَا خَاتمًا، ويروي بِالرَّفْع، فوجهه إِن صحت الرِّوَايَة يكون مَرْفُوعا بكان التَّامَّة الْمقدرَة أَي: وَلَو كَانَ خَاتم. قَوْله: (من حَدِيد) كلمة من بَيَانِيَّة. قَوْله: (فاعتل لَهُ) أَي: حزن وتضجر لأجل ذَلِك، وَقد جَاءَ اعتل بِمَعْنى تشاغل. قَوْله: (مَا مَعَك من الْقُرْآن؟) أَي: أَي شَيْء تحفظ من الْقُرْآن؟ قَوْله: (قَالَ: كَذَا وَكَذَا) ، وَقد جَاءَ فِي رِوَايَة أبي دَاوُد سُورَة الْبَقَرَة وَالَّتِي تَلِيهَا.الرَّابِع: فِي استنباط الْأَحْكَام مِنْهُ وَفِيه: جَوَاز عقد النِّكَاح بِلَفْظ الْهِبَة، وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ. وَصورته أَن يَقُول الرجل: قد وهبت لَك ابْنَتي، فَيَقُول الآخر: قبلت أَو تزوجت، وسواه فِي ذَلِك سميا الْمهْر أَو لَا فَإِن سمياه فلهَا الْمُسَمّى وإلاَّ فلهَا مهر مثلهَا. وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا ينْعَقد بِلَفْظ الْهِبَة، وَبِه قَالَ ربيعَة وَأَبُو ثَوْر وَأَبُو عبيد وَمَالك على اخْتِلَاف عَنهُ. وَلَا خلاف فِي جَوَاز هبة الْمَرْأَة نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ من خَصَائِصه لقَوْله عز وَجل: {{وَامْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي}} (الْأَحْزَاب: 05) وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك: لَا تحل الْهِبَة لأحد بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِيه مَا يسْتَدلّ بِهِ الشَّافِعِي على جَوَاز النِّكَاح بِمَا تراضى عَلَيْهِ الزَّوْجَانِ: كالسوط والنعل، وَإِن كَانَت قِيمَته أقل من دِرْهَم، وَبِه قَالَ ربيعَة وَأَبُو الزِّنَاد وَابْن أبي ذِئْب وَيحيى بن سعيد وَاللَّيْث بن سعد وَمُسلم بن خَالِد الزنْجِي وَأحمد وَإِسْحَاق وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَدَاوُد وَابْن وهب من الْمَالِكِيَّة، وَقَالَ مَالك لَا يجوز أقل من ربع دِينَار قِيَاسا على الْقطع فِي السّرقَة، وَقَالَ ابْن حزم: وَجَائِز أَن يكون صَدَاقا كل مَاله نصف قلَّ أَو كثر، وَلَو أَنه حَبَّة بر أَو حَبَّة شعير أَو غير ذَلِك، وَاسْتدلَّ على ذَلِك بقوله: (وَلَو خَاتمًا من حَدِيد) وَعَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: أكره أَن يكون الْمهْر بِمثل أجر الْبَغي وَلَكِن الْعشْرَة وَالْعِشْرين، وَعنهُ: السّنة فِي النِّكَاح الرطل من الْفضة، وَعَن الشّعبِيّ: كَانُوا يكْرهُونَ أَن يتَزَوَّج الرجل على أقل من ثَلَاث أواقي. وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه: لَا يجوز أَن يكون الصَدَاق أقل من عشرَة دَرَاهِم، لما رُوِيَ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه: عَن شريك عَن دَاوُد الزعافري عَن الشّعبِيّ، قَالَ: قَالَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: لَا مهر أقل من عشرَة دَرَاهِم. وَالظَّاهِر أَنه قَالَ تَوْفِيقًا لِأَنَّهُ بابُُ لَا يُوصل إِلَيْهِ بِالِاجْتِهَادِ وَالْقِيَاس. فَإِن قلت: قَالَ ابْن حزم: الرِّوَايَة عَن عَليّ بَاطِلَة لِأَنَّهَا عَن دَاوُد الزعافري، وَهُوَ فِي غَايَة السُّقُوط، ثمَّ هِيَ مُرْسلَة لِأَن الشّعبِيّ لم يسمع من عَليّ قطّ حَدِيثا. قلت: قَالَ ابْن عدي: لم أَرَ لَهُ حَدِيثا مُنْكرا جَاوز الْحَد إِذا رُوِيَ عَنهُ ثِقَة، وَإِن كَانَ لَيْسَ بِقَوي فِي الحَدِيث فَإِنَّهُ يكْتب حَدِيثه وَيقبل إِذا رُوِيَ عَنهُ ثِقَة، وَذكر عَن الْمزي أَن الشّعبِيّ سمع عَليّ بن أبي طَالب، وَلَئِن سلمنَا أَن رِوَايَته مُرْسلَة فقد قَالَ الْعجلِيّ: مُرْسل الشّعبِيّ صَحِيح وَلَا يكَاد يُرْسل إلاَّ صَحِيحا. وَالْجَوَاب عَن قَوْله: (وَلَو خَاتمًا من حَدِيد) أَنه خَارج مخرج الْمُبَالغَة كَمَا فِي قَوْله: تصدقوا وَلَو بظلف محرق، وَفِي لفظ: وَلَو بفرسن شَاة، وَلَيْسَ الظلْف والفرسن مِمَّا يتَصَدَّق بهما وَلَا مِمَّا ينتفعه بهما، وَيُقَال: وَلَعَلَّ الْخَاتم كَانَ يُسَاوِي ربع دِينَار، وَيُقَال: لَعَلَّ التماسه للخاتم لم يكن كل الصَدَاق بل شَيْء يعجله لَهَا قبل الدُّخُول: وَفِيه: إجَازَة اتِّخَاذ خَاتم الْحَدِيد. وَاخْتلف الْعلمَاء فِي جَوَاز لبسه، وَفِيه: مَا يسْتَدلّ بِهِ الشَّافِعِي وَأحمد فِي رِوَايَة، والظاهرية على جَوَاز التَّزْوِيج على سُورَة من الْقُرْآن، وَعَلِيهِ أَن يعلمهَا وَلم يجوز ذَلِك أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَمَالك وَأحمد فِي رِوَايَة صَحِيحَة وَاللَّيْث بن سعد وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، وَقَالُوا: إِذا تزَوجهَا عَليّ تَعْلِيم سُورَة فَالنِّكَاح صَحِيح وَيجب فِيهِ مهر مثلهَا، وَهَذَا كمن تزوج امْرَأَة وَلم يسم لَهَا مهْرا فَإِنَّهُ يجب مهْرا لمثل وَأجَاب الطَّحَاوِيّ عَنهُ بِأَن قَوْله: (زوجتكها بِمَا مَعَك من الْقُرْآن) أَن حمل على الظَّاهِر، فَذَلِك على السُّورَة لَا على تعليمها، وَإِذا كَانَ ذَلِك على السُّورَة فَهُوَ على حرمتهَا، وَلَيْسَ فِيهِ التَّعَرُّض للمهر كَمَا فِي تزوج أم سليم على إِسْلَامه
    فَلم يكن ذَلِك الْإِسْلَام مهْرا فِي الْحَقِيقَة، وَالسورَة من الْقُرْآن لَا تكون مهْرا بِالْإِجْمَاع، وَيكون الْمَعْنى: زوجتكها بِسَبَب حُرْمَة مَا مَعَك من الْقُرْآن وبركته، فَتكون الْبَاء للتَّعْلِيل كَمَا فِي قَوْله: {{فكلا أَخذنَا بِذَنبِهِ}} (العنكبوت: 04) فَإِن قلت: فِي رِوَايَة ابْن ماجة ذُو جتكها على مَا مَعَك من الْقُرْآن وَفِي مُسْند أحد السّنة: مَا مَعَك من الْقُرْآن. قلت أما على فَإِنَّهَا تَجِيء للتَّعْلِيل أَيْضا كالباء كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {{ولتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ}} (الْبَقَرَة: 581) أَي: لهدايته إيَّاكُمْ، وَيكون الْمَعْنى زوجتكها لأجل مَا مَعَك من الْقُرْآن وَلَا يُنَافِي هَذَا تَسْمِيَة المَال، وَأما مَعَ، فَإِنَّهَا للمصاحبة وَالْمعْنَى، زوجتكها لمصاحبتك الْقُرْآن فَإِن قلت: الأَصْل فِي الْبَاء للمقابلة فَتكون هَهُنَا نَحْو وقولك: بِعْتُك ثوبي بِدِينَار. قلت: لَا يَصح هُنَا أَن تكون للمقابلة لِأَنَّهُ يلْزم أَن تكون الْمَرْأَة موهوبة وَذَلِكَ لَا يجوز إلاَّ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَإِن قلت: الْمَعْنى زوجتكها بِأَن تعلمهَا مَا مَعَك من الْقُرْآن، أَو مِقْدَار مَا مِنْهُ، وَيكون ذَلِك صَدَاقهَا، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا جَاءَ فِي رِوَايَة مُسلم: أَنطلق فقد زوجتكها فعلمها من الْقُرْآن، وَفِي رِوَايَة عَطاء: فعلمها عشْرين آيَة. قلت: قد ذكرنَا غير مرّة أَن هَذَا لَا يُنَافِي تَسْمِيَة المَال فَيكون قد زَوجهَا مِنْهُ مَعَ تحريضه على تَعْلِيم الْقُرْآن، وَيكون الْمهْر مسكوتا عَنهُ إِمَّا النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم، قد أصدق عَنهُ، كَمَا كفر عَن الواطىء فِي رَمَضَان إِذْ لم يكن عِنْده شَيْء موفقا بأمته، وَإِمَّا أَنه أبقى الصَدَاق فِي ذمَّته إِلَى أَن ييسر الله عَلَيْهِ.

    لا توجد بيانات