• 2746
  • عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ، قَالَ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى المُصَلَّى ، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاَةُ ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ ، فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ ، وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ فَيَعِظُهُمْ ، وَيُوصِيهِمْ ، وَيَأْمُرُهُمْ ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ ، أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ "

    حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى المُصَلَّى ، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاَةُ ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ ، فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ ، وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ فَيَعِظُهُمْ ، وَيُوصِيهِمْ ، وَيَأْمُرُهُمْ ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ ، أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : فَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ - وَهُوَ أَمِيرُ المَدِينَةِ - فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ ، فَلَمَّا أَتَيْنَا المُصَلَّى إِذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ ، فَإِذَا مَرْوَانُ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ ، فَجَبَذْتُ بِثَوْبِهِ ، فَجَبَذَنِي ، فَارْتَفَعَ ، فَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلاَةِ ، فَقُلْتُ لَهُ : غَيَّرْتُمْ وَاللَّهِ ، فَقَالَ أَبَا سَعِيدٍ : قَدْ ذَهَبَ مَا تَعْلَمُ ، فَقُلْتُ : مَا أَعْلَمُ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا لاَ أَعْلَمُ ، فَقَالَ : إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلاَةِ ، فَجَعَلْتُهَا قَبْلَ الصَّلاَةِ

    بعثا: البعث : الرسول واحدا وجماعة
    يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى المُصَلَّى ، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ
    حديث رقم: 300 في صحيح البخاري كتاب الحيض باب ترك الحائض الصوم
    حديث رقم: 1404 في صحيح البخاري كتاب الزكاة باب الزكاة على الأقارب
    حديث رقم: 1868 في صحيح البخاري كتاب الصوم باب: الحائض تترك الصوم والصلاة
    حديث رقم: 2543 في صحيح البخاري كتاب الشهادات باب شهادة النساء
    حديث رقم: 1988 في صحيح مسلم كِتَاب الصِّيَامِ بَابُ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الْأَضْحَى
    حديث رقم: 1519 في صحيح مسلم كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ
    حديث رقم: 1571 في السنن الصغرى للنسائي كتاب صلاة العيدين استقبال الإمام الناس بوجهه في الخطبة
    حديث رقم: 1574 في السنن الصغرى للنسائي كتاب صلاة العيدين حث الإمام على الصدقة في الخطبة
    حديث رقم: 1283 في سنن ابن ماجة كِتَابُ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ ، وَالسُّنَّةُ فِيهَا بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخُطْبَةِ فِي الْعِيدَيْنِ
    حديث رقم: 1363 في صحيح ابن خزيمة جُمَّاعُ أَبْوَابِ ذِكْرِ الْوِتْرِ وَمَا فِيهِ مِنَ السُّنَنِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ ، الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى ، وَمَا يَحْتَاجُ فِيهِمَا
    حديث رقم: 1370 في صحيح ابن خزيمة جُمَّاعُ أَبْوَابِ ذِكْرِ الْوِتْرِ وَمَا فِيهِ مِنَ السُّنَنِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ ، الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى ، وَمَا يَحْتَاجُ فِيهِمَا
    حديث رقم: 1915 في صحيح ابن خزيمة كِتَابُ الصِّيَامِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ ، مَنْ أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرُ فِي
    حديث رقم: 2265 في صحيح ابن خزيمة كِتَابُ الزَّكَاةِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ
    حديث رقم: 10826 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 10847 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 11104 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 11298 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 11169 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 11299 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 11329 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 5837 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ بَابُ الْكَذِبِ
    حديث رقم: 3390 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الزَّكَاةِ بَابُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ
    حديث رقم: 1753 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ عَدَدَ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ
    حديث رقم: 1766 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ اسْتِقْبَالُ الْإِمَامِ النَّاسَ بِوَجْهِهِ فِي الْخُطْبَةِ
    حديث رقم: 1782 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ حَثُّ الْإِمَامِ عَلَى الصَّدَقَةِ فِي الْخُطْبَةِ
    حديث رقم: 1051 في المستدرك على الصحيحين كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ
    حديث رقم: 5770 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ الصَّلَاةُ يَوْمَ الْعِيدِ ، مَنْ قَالَ : رَكْعَتَيْنِ
    حديث رقم: 9650 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الزَّكَاةِ مَا جَاءَ فِي الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَأَمْرُهَا
    حديث رقم: 5458 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ بَابُ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ
    حديث رقم: 5459 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ بَابُ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ
    حديث رقم: 1367 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْحَيْضِ بَابُ الْحَائِضِ لَا تُصَلِّي وَلَا تَصُومُ
    حديث رقم: 5743 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ بَابُ الْخُرُوجِ فِي الْأَعْيَادِ إِلَى الْمُصَلَّى
    حديث رقم: 5813 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ بَابٌ : يَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ
    حديث رقم: 5814 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ بَابٌ : يَخْطُبُ قَائِمًا مُقَابِلَ النَّاسِ , وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ
    حديث رقم: 7635 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الصِّيَامِ بَابُ الْحَائِضِ تُفْطِرُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ
    حديث رقم: 3318 في السنن الصغير للبيهقي كِتَابُ الشَّهَادَاتِ بَابُ عَدَدِ الشُّهُودِ
    حديث رقم: 1078 في السنن الصغير للبيهقي جِمَاعُ أَبْوَابِ الصِّيَامِ بَابُ الْحَائِضِ لَا تُصَلِّي وَلَا تَصُومُ ، وَإِذَا طَهُرَتْ قَضَتِ الصَّوْمَ
    حديث رقم: 419 في أحاديث إسماعيل بن جعفر أحاديث إسماعيل بن جعفر ثَالِثَ عَشَرَ : أَحَادِيثُ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ الْفَرَّاءِ
    حديث رقم: 224 في مسند أبي حنيفة برواية أبي نعيم بَابُ الْعَيْنِ رِوَايَتُـهُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ جَارِيَةَ الْقِبْطِيِّ مَوْلَى اللَّخْمِيِّ ، أَبِي عَمْرٍو ، وَقِيلَ : أَبُو عُمَرَ سَمِعَ الْمُغِيرَةَ ، وَجُنْدَبًا ، وَابْنَ أَبِي أَوْفَى ، وَجَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ ، رَوَى عَنْهُ الْأَعْمَشُ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَشُعْبَةُ ، وَمِسْعَرٌ
    حديث رقم: 311 في مسند الشافعي كِتَابُ الْعِيدَيْنِ
    حديث رقم: 1234 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مِنْ مُسْنَدِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
    حديث رقم: 1312 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مِنْ مُسْنَدِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
    حديث رقم: 389 في تاريخ المدينة لابن شبة تاريخ المدينة لابن شبة مَا جَاءَ فِي الْحَرْبَةِ الَّتِي يُمْشَى بِهَا فِي الْعِيدَيْنِ بَيْنَ يَدَيِ
    حديث رقم: 757 في الأوسط لابن المنذر كِتَابُ الْحَيْضِ ذِكْرُ إِسْقَاطِ فَرَضِ الصَّلَاةِ عَنِ الْحَائِضِ
    حديث رقم: 2085 في الأوسط لابن المنذر كِتَابُ الْعِيدَيْنِ ذِكْرُ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى لِصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ
    حديث رقم: 2280 في الأوسط لابن المنذر كِتَابُ السَّفَرِ جِمَاعُ أَبْوَابِ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ الْعِلَلِ

    [956] قَوْلُهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عِيَاضٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ وَكَذَا أخرجه أَبُو عوَانَة من طَرِيق بن وَهْبٍ عَنْ دَاوُدَ قَوْلُهُ إِلَى الْمُصَلَّى هُوَ مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ مَعْرُوفٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَابِ الْمَسْجِدِ أَلْفُ ذِرَاعٍ قَالَهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ عَنْ أَبِي غَسَّانَ الْكِنَانِيِّ صَاحِبِ مَالك قَوْلُهُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ فِي رِوَايَة بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عِيَاضٍ فَيَنْصَرِفُ إِلَى النَّاسِ قَائِمًا فِي مُصَلَّاهُ وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ فِي رِوَايَةٍ مُخْتَصَرَةٍ خَطَبَ يَوْمَ عِيدٍ عَلَى رِجْلَيْهِ وَهَذَا مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِالْمُصَلَّى فِي زَمَانِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْبَرٌ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ فَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ أَوَّلَ مَنِ اتَّخَذَهُ مَرْوَانُ وَقَدْ وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِمَالِكٍ وَرَوَاهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ عَنْ أَبِي غَسَّانَ عَنْهُ قَالَ أَوَّلُ مَنْ خَطَبَ النَّاسَ فِي الْمُصَلَّى عَلَى الْمِنْبَرِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ كَلَّمَهُمْ عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ طِينٍ بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ وَهَذَا مُعْضِلٌ وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَصَحُّ فَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عِيَاضٍ نَحْوَ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عُثْمَانُ فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً ثُمَّ تَرَكَهُ حَتَّى أَعَادَهُ مَرْوَانُ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ أَبُو سَعِيدٍ وَإِنَّمَا اخْتَصَّ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ بِبِنَاءِ الْمِنْبَرِ بِالْمُصَلَّى لِأَنَّ دَارَهُ كَانَتْ مُجَاوِرَةً لِلْمُصَلَّى كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى فِي يَوْمِ الْعِيدِ إِلَى الْعَلَمَ الَّذِي عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ قَالَ بن سَعْدٍ كَانَتْ دَارُ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ قِبْلَةَ الْمُصَلَّى فِي الْعِيدَيْنِ وَهِيَ تُطِلُّ عَلَى بَطْنِ بَطَحَانِ الْوَادِي الَّذِي فِي وَسَطِ الْمَدِينَةِ انْتَهَى وَإِنَّمَا بَنَى كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ دَارَهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُدَّةٍ لَكِنَّهَا لَمَّا صَارَتْ شَهِيرَةً فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ وُصِفَ الْمُصَلِّي بمجاورتها وَكثير الْمَذْكُور هُوَ بن الصَّلْتِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْكِنْدِيُّ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ هُوَ وَأَخَوَيْهِ بَعْدَهُ فَسَكَنَهَا وَحَالَفَ بني جمح وروى بن سَعْدٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى نَافِعٍ قَالَ كَانَ اسْمُ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ قَلِيلًا فَسَمَّاهُ عُمَرُ كثيرا وَرَوَاهُ أَبُو عوَانَة فوصله بِذكر بن عُمَرَ وَرَفَعَهُ بِذِكْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَقَدْ صَحَّ سَمَاعُ كَثِيرٍ مِنْ عُمَرَ فَمَنْ بَعْدَهُ وَكَانَ لَهُ شَرَفٌ وَذكر وَهُوَ بن أَخِي جَمْدٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمِيمِ أَوْ فتحهَاأَحَدِ مُلُوكِ كِنْدَةَ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي الرِّدَّةِ وَقَدْ ذُكِرَ أَبُوهُ فِي الصَّحَابَةِ لِابْنِ مَنْدَهْ وَفِي صِحَّةِ ذَلِكَ نَظَرٌ قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُقْطِعَ بَعْثًا أَيْ يُخْرِجَ طَائِفَةً مِنَ الْجَيْشِ إِلَى جِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ قَوْلُهُ خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ زَادَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ وَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي مَسْعُودٍ يَعْنِي عُقْبَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ قَوْلُهُ فَجَبَذْتُهُ بِثَوْبِهِ أَيْ لِيَبْدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ عَلَى الْعَادَةِ وَقَوْلُهُ فَقُلْتُ لَهُ غَيَّرْتُمْ وَاللَّهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ هُوَ الَّذِي أَنْكَرَ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَرْوَانُ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ الصَّلَاةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَقَالَ قَدْ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ غَيْرُ أَبِي سَعِيدٍ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ رَجَاءٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي أَوَّلِ الْبَابِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ أَبَا مَسْعُودٍ الَّذِي وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُمَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْقِصَّةُ تَعَدَّدَتْ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْمُغَايَرَةُ الْوَاقِعَةُ بَيْنَ رِوَايَتَيْ عِيَاضٍ وَرَجَاءٍ فَفِي رِوَايَةِ عِيَاضٍ أَنَّ الْمِنْبَرَ بُنِيَ بِالْمُصَلَّى وَفِي رِوَايَةِ رَجَاءٍ أَنَّ مَرْوَانَ أَخْرَجَ الْمِنْبَرَ مَعَهُ فَلَعَلَّ مَرْوَانَ لَمَّا أَنْكَرُوا عَلَيْهِ إِخْرَاجَ الْمِنْبَرِ تَرَكَ إِخْرَاجَهُ بَعْدُ وَأَمَرَ بِبِنَائِهِ مِنْ لَبِنٍ وَطِينٍ بِالْمُصَلَّى وَلَا بُعْدَ فِي أَنْ يُنْكَرَ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الْخطْبَة علىالصلاة مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَيَدُلُّ عَلَى التَّغَايُرِ أَيْضًا أَنَّ إِنْكَارَ أَبِي سَعِيدٍ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وانكار الآخر وَقع على رُؤُوس النَّاسِ قَوْلُهُ إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَجَعَلْتُهَا أَيِ الْخُطْبَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ مَرْوَانَ فَعَلَ ذَلِكَ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ أَنَّ عُثْمَانَ فَعَلَ ذَلِكَ أَيْضًا لَكِنْ لِعِلَّةٍ أُخْرَى وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ بُنْيَانُ الْمِنْبَرِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَإِنَّمَا اخْتَارُوا أَن يكون بِاللَّبنِ لامن الْخشب لكَونه يتْرك بالصحراء فِي غَيْرِ حِرْزٍ فَيُؤْمَنُ عَلَيْهِ النَّقْلُ بِخِلَافِ خَشَبِ مِنْبَرِ الْجَامِعِ وَفِيهِ أَنَّ الْخُطْبَةَ عَلَى الْأَرْضِ عَنْ قِيَامٍ فِي الْمُصَلَّى أَوْلَى مِنَ الْقِيَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ أَنَّ الْمُصَلَّى يَكُونُ بِمَكَانٍ فِيهِ فَضَاءٌ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ رُؤْيَتِهِ كُلُّ مَنْ حَضَرَ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي مَكَانٍ مَحْصُورٍ فَقَدْ لَا يَرَاهُ بَعْضُهُمْ وَفِيهِ الْخُرُوجُ إِلَى الْمُصَلَّى فِي الْعِيدِ وَأَنَّ صَلَاتَهَا فِي الْمَسْجِدِ لَا تَكُونُ إِلَّا عَنْ ضَرُورَةٍ وَفِيهِ إِنْكَارُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْأُمَرَاءِ إِذَا صَنَعُوا مَا يُخَالِفُ السُّنَّةَ وَفِيهِ حَلِفُ الْعَالِمِ عَلَى صِدْقِ مَا يُخْبِرُ بِهِ وَالْمُبَاحَثَةُ فِي الْأَحْكَامِ وَجَوَازُ عَمَلِ الْعَالِمِ بِخِلَافِ الْأَوْلَى إِذَا لَمْ يُوَافِقْهُ الْحَاكِمُ عَلَى الْأَوْلَى لِأَنَّ أَبَا سَعِيدٍ حَضَرَ الْخُطْبَةَ وَلَمْ يَنْصَرِفْ فيستدل بِهِ على أَن الْبدَاءَة بِالصَّلَاةِ فِيهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّتِهَا وَاللَّهُ أعلم قَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ حَمَلَ أَبُو سَعِيدٍ فِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ عَلَى التَّعْيِينِ وَحَمَلَهُ مَرْوَانُ عَلَى الْأَوْلَوِيَّةِ وَاعْتَذَرَ عَنْ تَرْكِ الْأَوْلَى بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَغَيُّرِ حَالِ النَّاسِ فَرَأَى أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى أَصْلِ السُّنَّةِ وَهُوَ إِسْمَاعُ الْخُطْبَةِ أَوْلَى مِنَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى هَيْئَةٍ فِيهَا لَيْسَتْ مِنْ شَرْطِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّحْرَاءِ لِصَلَاةِ الْعِيدِ وَأَنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي الْمَسْجِدِ لِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ فَضْلِ مَسْجِدِهِ.
    وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُجُ فِي الْعِيدَيْنِ إِلَى الْمُصَلَّى بِالْمَدِينَةِ وَكَذَا مَنْ بَعْدَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرِ مَطَرٍ وَنَحْوِهِ وَكَذَلِكَ عَامَّةُ أَهْلِ الْبُلْدَانِ إِلَّا أَهْلَ مَكَّةَ ثُمَّ أَشَارَ إِلَى أَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ سَعَةُ الْمَسْجِدِ وَضِيقُ أَطْرَافِ مَكَّةَ قَالَ فَلَوْ عُمِّرَ بَلَدٌ فَكَانَ مَسْجِدُ أَهْلِهِ يَسَعُهُمْ فِي الْأَعْيَادِ لَمْ أَرَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهُ فَإِنْ كَانَ لَا يَسَعُهُمْ كُرِهَتِ الصَّلَاةُ فِيهِ وَلَا إِعَادَةَ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْعِلَّةَ تَدُورُ عَلَى الضِّيقِ وَالسَّعَةِ لَا لِذَاتِ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّحْرَاءِ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ حُصُولُ عُمُومِ الِاجْتِمَاعِ فَإِذَا حَصَلَ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أفضليته كَانَ أولى(قَوْلُهُ بَابُ الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ إِلَى الْعِيدِ وَالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَبِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ) فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ صِفَةُ التَّوَجُّهِ وَتَأْخِيرُ الْخُطْبَةِ عَنِ الصَّلَاةِ وَتَرْكُ النِّدَاءِ فِيهَا فَأَمَّا الأول فقد اعْترض عَلَيْهِ بن التِّينِ فَقَالَ لَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَشْيٍ وَلَا رُكُوبٍ وَأَجَابَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّ عَدَمَ ذَلِكَ مُشْعِرٌ بِتَسْوِيغِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَأَلَّا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى تَضْعِيفِ مَا وَرَدَ فِي النَّدْبِ إِلَى الْمَشْيِ فَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْعِيد مَاشِيا وَفِي بن مَاجَهْ عَنْ سَعْدِ الْقَرَظِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِي الْعِيدَ مَاشِيًا وَفِيهِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ نَحْوُهُ وَأَسَانِيدُ الثَّلَاثَةِ ضِعَافٌ.
    وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ بَلَغَنَا عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ مَا رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِيدٍ وَلَا جِنَازَةٍ قَطُّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْبُخَارِيُّ اسْتَنْبَطَ مِنْ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلَالٍ مَشْرُوعِيَّةَ الرُّكُوبِ لِمَنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ الْأَوْلَى الْمَشْيُ حَتَّى يَحْتَاجَ إِلَى الرُّكُوبِ كَمَا خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا عَلَى رِجْلَيْهِ فَلَمَّا تَعِبَ مِنَ الْوُقُوفِ تَوَكَّأَ عَلَى بِلَالٍ وَالْجَامِعُ بَيْنَ الرُّكُوبِ وَالتَّوَكُّؤِ الِارْتِفَاقُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ بن الْمُرَابِطِ وَأَمَّا الْحُكْمُ الثَّانِي فَظَاهِرٌ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ مَنْ غَيَّرَ ذَلِكَ فَرِوَايَةُ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ مَرْوَانُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ وَقِيلَ بَلْ سَبَقَهُ إِلَى ذَلِك عُثْمَان وروى بن الْمُنْذِرِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّقَالَ أَوَّلُ مَنْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ عُثْمَانُ صَلَّى بِالنَّاسِ ثُمَّ خَطَبَهُمْ يَعْنِي عَلَى الْعَادَةِ فَرَأَى نَاسًا لَمْ يُدْرِكُوا الصَّلَاةَ فَفَعَلَ ذَلِكَ أَيْ صَارَ يَخْطُبُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ غَيْرُ الَّتِي اعْتَلَّ بِهَا مَرْوَانُ لِأَنَّ عُثْمَانَ رَأَى مَصْلَحَةَ الْجَمَاعَةِ فِي إِدْرَاكِهِمُ الصَّلَاةَ وَأَمَّا مَرْوَانُ فَرَاعَى مَصْلَحَتَهُمْ فِي إِسْمَاعِهِمُ الْخُطْبَةَ لَكِنْ قِيلَ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي زَمَنِ مَرْوَانَ يَتَعَمَّدُونَ تَرْكَ سَمَاعِ خُطْبَتِهِ لِمَا فِيهَا مِنْ سَبِّ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ السَّبَّ وَالْإِفْرَاطِ فِي مَدْحِ بَعْضِ النَّاسِ فَعَلَى هَذَا إِنَّمَا رَاعَى مَصْلَحَةَ نَفْسِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عُثْمَانُ فَعَلَ ذَلِكَ أَحْيَانًا بِخِلَافِ مَرْوَانَ فَوَاظَبَ عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ نُسِبَ إِلَيْهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ مِثْلُ فِعْلِ عُثْمَانَ قَالَ عِيَاضٌ وَمَنْ تَبِعَهُ لَا يَصِحُّ عَنْهُ وَفِيمَا قَالُوهُ نَظَرٌ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّزَّاقِ وبن أبي شيبَة روياه جَمِيعًا عَن بن عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح لَكِن يُعَارضهُ حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ وَكَذَا حَدِيث بن عُمَرَ فَإِنْ جُمِعَ بِوُقُوعِ ذَلِكَ مِنْهُ نَادِرًا وَإِلَّا فَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَصَحُّ وَقَدْ أَخْرَجَ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ نَحْوَ حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَزَادَ حَتَّى قَدِمَ مُعَاوِيَةُ فَقَدَّمَ الْخُطْبَةَ فَهَذَا يُشِيرُ إِلَى أَنَّ مَرْوَانَ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ تَبَعًا لِمُعَاوِيَةَ لِأَنَّهُ كَانَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ من جِهَته وروى عبد الرَّزَّاق عَن بن جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ الْخُطْبَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فِي الْعِيدِ مُعَاوِيَةُ وَرَوَى بن الْمُنْذر عَن بن سِيرِينَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ زِيَادٌ بِالْبَصْرَةِ قَالَ عِيَاضٌ وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَثَرَيْنِ وَأَثَرِ مَرْوَانَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ مَرْوَانَ وَزِيَادٍ كَانَ عَامِلًا لِمُعَاوِيَةَ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ ابْتَدَأَ ذَلِكَ وَتَبِعَهُ عُمَّالُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    وَأَمَّا الْحُكْمُ الثَّالِثُ فَلَيْسَ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ مَا يدل عَلَيْهِ إِلَّا حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي تَرْكِ الْأَذَانِ وَكَذَا أَحَدُ طَرِيقَيْ جَابِرٍ وَقَدْ وَجَّهَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كَوْنِ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ فَتُخَالِفُهَا أَيْضًا فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَمَّا حَدِيث بن عُمَرَ فَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَصَلَّى بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ الْحَدِيثَ وَأَمَّا حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ فَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ وَعِنْدَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ لَا أَذَانَ لِلصَّلَاةِ يَوْمَ الْعِيدِ وَلَا إِقَامَةَ وَلَا شَيْء وَفِي رِوَايَة يحيى الْقطَّان عَن بن جريج عَن عَطاء أَن بن عَبَّاسٍ قَالَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ لَا تُؤَذِّنْ لَهَا وَلَا تقم أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ طَاوس عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعِيدَ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَعَنِ الْبَرَاءِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ.
    وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِنَا يَقُولُ لَمْ يَكُنْ فِي الْفِطْرِ وَلَا فِي الْأَضْحَى نِدَاءٌ وَلَا إِقَامَةٌ مُنْذُ زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَوْمِ وَتِلْكَ السُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا عِنْدَنَا وَعُرِفَ بِهَذَا تَوْجِيهُ أَحَادِيثِ الْبَابِ وَمُطَابَقَتُهَا لِلتَّرْجَمَةِ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِ جَابِرٍ وَلَا إِقَامَةَ وَلَا شَيْءَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ أَمَامَ صَلَاتِهَا شَيْءٌ مِنَ الْكَلَامِ لَكِنْ رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ الثِّقَةِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ فِي الْعِيدَيْنِ أَنْ يَقُولَ الصَّلَاةُ جَامِعَة وَهَذَا مُرْسل يعضده الْقيَاس عَلَى صَلَاةِ الْكُسُوفِ لِثُبُوتِ ذَلِكَ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي قَالَ الشَّافِعِيُّ أُحِبُّ أَنْ يَقُولَ الصَّلَاةُ أَوِ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ فَإِنْ قَالَ هَلُمُّوا إِلَى الصَّلَاةِ لَمْ أَكْرَهْهُ فَإِنْ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ أَلْفَاظِ الْأَذَانِ أَوْ غَيرهَافَيَكُونُ لِهَذَا ثَوَابٌ وَلِهَذَا ثَوَابٌ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِقْدَارُ ثَوَابِهِمَا سَوَاءً بَلْ قَدْ يَكُونُ ثَوَابُ هَذَا أَكْثَرَ وَقَدْ يَكُونُ عَكْسَهُ فَإِذَا أَعْطَى الْمَالِكُ لِخَازِنِهِ أَوِ امْرَأَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ نَحْوَهَا لِيُوصِلَهَا إِلَى مُسْتَحِقِّ الصَّدَقَةِ عَلَى بَابِ دَارِهِ أَوْ نَحْوِهِ فَأَجْرُ الْمَالِكِ أَكْثَرُ وَإِنْ أَعْطَاهُ رُمَّانَةً أَوْ رَغِيفًا وَنَحْوَهُمَا مِمَّا لَيْسَ لَهُ كَثِيرُ قِيمَةٍ لِيَذْهَبَ بِهِ إِلَى مُحْتَاجٍ فِي مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ بِحَيْثُ يُقَابِلُ مَشْيَ الذَّاهِبِ إِلَيْهِ بِأُجْرَةٍ تَزِيدُ عَلَى الرُّمَّانَةِ وَالرَّغِيفِ فَأَجْرُ الْوَكِيلِ أَكْثَرُ وَقَدْ يَكُونُ عَمَلُهُ قَدْرَ الرَّغِيفِ مَثَلًا فَيَكُونُ مِقْدَارُ الْأَجْرِ سَوَاءً. وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْأَجْرُ بَيْنكُمَا نصفان) فمعناه قسمان وان كان أحدهما أكثركما قَالَ الشَّاعِرُ ... إِذَا مُتُّ كَانَ النَّاسُ نِصْفَانِ بَيْنَنَا ... (وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ سَوَاءً لِأَنَّ الْأَجْرَ فَضْلٌ مِنَ الله تعالى يؤتيه من يشاء ولا يُدْرَكُ بِقِيَاسٍ وَلَا هُوَ بِحَسَبِ الْأَعْمَالِ بَلْ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَجْرُ بَيْنَكُمَا لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَجْرَ الَّذِي لِأَحَدِهِمَا يَزْدَحِمَانِ فِيهِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ النَّفَقَةَ وَالصَّدَقَةَ الَّتِي أَخْرَجَهَا الْخَازِنُ أَوِ الْمَرْأَةُ أَوِ الْمَمْلُوكُ وَنَحْوُهُمْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ يَتَرَتَّبُ عَلَى جُمْلَتِهَا ثَوَابٌ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ وَالْعَمَلِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا لِهَذَا نَصِيبٌ بِمَالِهِ وَلِهَذَا نَصِيبٌ بِعَمَلِهِ فَلَا يُزَاحِمُ صَاحِبُ الْمَالِ الْعَامِلَ فِي نَصِيبِ عَمَلِهِ وَلَا يُزَاحِمُ الْعَامِلُ صَاحِبَ الْمَالِ فِي نَصِيبِ مَالِهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْعَامِلِ وَهُوَ الْخَازِنُ وَلِلزَّوْجَةِ وَالْمَمْلُوكِ مِنْ إِذْنِ الْمَالِكِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِذْنٌ أَصْلًا فَلَا أَجْرَ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ بَلْ عَلَيْهِمْ وِزْرٌ بِتَصَرُّفِهِمْ فِي مَالِ غَيْرِهِمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَالْإِذْنُ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا الْإِذْنُ الصَّرِيحُ فِي النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالثَّانِي الْإِذْنُ الْمَفْهُومُ مِنَ اطِّرَادِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ كَإِعْطَاءِ السَّائِلِ كِسْرَةً وَنَحْوَهَا مِمَّا جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ وَاطَّرَدَ الْعُرْفُ فِيهِ وَعُلِمَ بِالْعُرْفِ رِضَاءُ الزَّوْجِ وَالْمَالِكِ بِهِ فَإِذْنُهُ فِي ذَلِكَ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَهَذَا إِذَا عُلِمَ رِضَاهُ لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ وَعُلِمَ أَنَّ نَفْسَهُ كَنُفُوسِ غَالِبِ النَّاسِ فِي السَّمَاحَةِ بِذَلِكَ وَالرِّضَا بِهِ فَإِنِ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ وَشَكَّ فِي رِضَاهُ أَوْ كَانَ شَخْصًا يَشُحُّ بِذَلِكَ وَعُلِمَ مِنْ حَالِهِ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ لَمْ يَجُزْ لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا التَّصَدُّقُ مِنْ مَالِهِ إِلَّا بِصَرِيحِ إِذْنِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ كَسْبِهِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّ نِصْفَ أَجْرِهِ لَهُ) فَمَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ الصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ وَيَكُونُ مَعَهَا إِذْنٌ عَامٌّ سَابِقٌ مُتَنَاوِلٌ لِهَذَا القدر وغيره وذلك الاذن الذي قد بيناه سابقا اما بالصريح واما بالعرف ولابد مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم جعل)الْأَجْرَ مُنَاصَفَةً وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ فَلَهَا نِصْفُ أَجْرِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا إِذَا أَنْفَقَتْ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ صَرِيحٍ وَلَا مَعْرُوفٍ مِنَ الْعُرْفِ فَلَا أَجْرَ لَهَا بَلْ عَلَيْهَا وِزْرٌ فَتَعَيَّنَ تَأْوِيلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ مَفْرُوضٌ فِي قَدْرٍ يَسِيرٍ يُعْلَمُ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ فِي الْعَادَةِ فَإِنْ زَادَ عَلَى الْمُتَعَارَفِ لَمْ يَجُزْ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ فَأَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنَّهُ قَدْرٌ يُعْلَمُ رِضَا الزَّوْجِ بِهِ فِي الْعَادَةِ وَنَبَّهَ بِالطَّعَامِ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُسْمَحُ بِهِ فِي الْعَادَةِ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي حَقِّ أَكْثَرِ النَّاسِ وَفِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْوَالِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِنَفَقَةِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالْخَازِنِ النَّفَقَةُ عَلَى عِيَالِ صَاحِبِ الْمَالِ وَغِلْمَانِهِ ومصالحه وقاصديه من ضيف وبن سَبِيلٍ وَنَحْوِهِمَا وَكَذَلِكَ صَدَقَتُهُمُ الْمَأْذُونُ فِيهَا بِالصَّرِيحِ أَوِ الْعُرْفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْخَازِنَ الْمُسْلِمَ الْأَمِينَ) إِلَى آخِرِهِ هَذِهِ الْأَوْصَافُ شُرُوطٌ لِحُصُولِ هَذَا الثَّوَابِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَنَى بِهَا وَيُحَافَظَ عَلَيْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنَ) هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ عَلَى التَّثْنِيَةِ وَمَعْنَاهُ لَهُ أَجْرُ مُتَصَدِّقٍ وَتَفْصِيلُهُ كَمَا سَبَقَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا) أَيْ مِنْ طَعَامِ زَوْجِهَا الَّذِي فِي بَيْتِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ من بيتها زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا وَلَهُ مثله بما اكتسب وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أُجُورِهِمْفَيَكُونُ لِهَذَا ثَوَابٌ وَلِهَذَا ثَوَابٌ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِقْدَارُ ثَوَابِهِمَا سَوَاءً بَلْ قَدْ يَكُونُ ثَوَابُ هَذَا أَكْثَرَ وَقَدْ يَكُونُ عَكْسَهُ فَإِذَا أَعْطَى الْمَالِكُ لِخَازِنِهِ أَوِ امْرَأَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ نَحْوَهَا لِيُوصِلَهَا إِلَى مُسْتَحِقِّ الصَّدَقَةِ عَلَى بَابِ دَارِهِ أَوْ نَحْوِهِ فَأَجْرُ الْمَالِكِ أَكْثَرُ وَإِنْ أَعْطَاهُ رُمَّانَةً أَوْ رَغِيفًا وَنَحْوَهُمَا مِمَّا لَيْسَ لَهُ كَثِيرُ قِيمَةٍ لِيَذْهَبَ بِهِ إِلَى مُحْتَاجٍ فِي مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ بِحَيْثُ يُقَابِلُ مَشْيَ الذَّاهِبِ إِلَيْهِ بِأُجْرَةٍ تَزِيدُ عَلَى الرُّمَّانَةِ وَالرَّغِيفِ فَأَجْرُ الْوَكِيلِ أَكْثَرُ وَقَدْ يَكُونُ عَمَلُهُ قَدْرَ الرَّغِيفِ مَثَلًا فَيَكُونُ مِقْدَارُ الْأَجْرِ سَوَاءً. وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْأَجْرُ بَيْنكُمَا نصفان) فمعناه قسمان وان كان أحدهما أكثركما قَالَ الشَّاعِرُ ... إِذَا مُتُّ كَانَ النَّاسُ نِصْفَانِ بَيْنَنَا ... (وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ سَوَاءً لِأَنَّ الْأَجْرَ فَضْلٌ مِنَ الله تعالى يؤتيه من يشاء ولا يُدْرَكُ بِقِيَاسٍ وَلَا هُوَ بِحَسَبِ الْأَعْمَالِ بَلْ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَجْرُ بَيْنَكُمَا لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَجْرَ الَّذِي لِأَحَدِهِمَا يَزْدَحِمَانِ فِيهِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ النَّفَقَةَ وَالصَّدَقَةَ الَّتِي أَخْرَجَهَا الْخَازِنُ أَوِ الْمَرْأَةُ أَوِ الْمَمْلُوكُ وَنَحْوُهُمْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ يَتَرَتَّبُ عَلَى جُمْلَتِهَا ثَوَابٌ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ وَالْعَمَلِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا لِهَذَا نَصِيبٌ بِمَالِهِ وَلِهَذَا نَصِيبٌ بِعَمَلِهِ فَلَا يُزَاحِمُ صَاحِبُ الْمَالِ الْعَامِلَ فِي نَصِيبِ عَمَلِهِ وَلَا يُزَاحِمُ الْعَامِلُ صَاحِبَ الْمَالِ فِي نَصِيبِ مَالِهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْعَامِلِ وَهُوَ الْخَازِنُ وَلِلزَّوْجَةِ وَالْمَمْلُوكِ مِنْ إِذْنِ الْمَالِكِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِذْنٌ أَصْلًا فَلَا أَجْرَ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ بَلْ عَلَيْهِمْ وِزْرٌ بِتَصَرُّفِهِمْ فِي مَالِ غَيْرِهِمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَالْإِذْنُ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا الْإِذْنُ الصَّرِيحُ فِي النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالثَّانِي الْإِذْنُ الْمَفْهُومُ مِنَ اطِّرَادِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ كَإِعْطَاءِ السَّائِلِ كِسْرَةً وَنَحْوَهَا مِمَّا جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ وَاطَّرَدَ الْعُرْفُ فِيهِ وَعُلِمَ بِالْعُرْفِ رِضَاءُ الزَّوْجِ وَالْمَالِكِ بِهِ فَإِذْنُهُ فِي ذَلِكَ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَهَذَا إِذَا عُلِمَ رِضَاهُ لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ وَعُلِمَ أَنَّ نَفْسَهُ كَنُفُوسِ غَالِبِ النَّاسِ فِي السَّمَاحَةِ بِذَلِكَ وَالرِّضَا بِهِ فَإِنِ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ وَشَكَّ فِي رِضَاهُ أَوْ كَانَ شَخْصًا يَشُحُّ بِذَلِكَ وَعُلِمَ مِنْ حَالِهِ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ لَمْ يَجُزْ لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا التَّصَدُّقُ مِنْ مَالِهِ إِلَّا بِصَرِيحِ إِذْنِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ كَسْبِهِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّ نِصْفَ أَجْرِهِ لَهُ) فَمَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ الصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ وَيَكُونُ مَعَهَا إِذْنٌ عَامٌّ سَابِقٌ مُتَنَاوِلٌ لِهَذَا القدر وغيره وذلك الاذن الذي قد بيناه سابقا اما بالصريح واما بالعرف ولابد مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم جعل)الْأَجْرَ مُنَاصَفَةً وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ فَلَهَا نِصْفُ أَجْرِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا إِذَا أَنْفَقَتْ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ صَرِيحٍ وَلَا مَعْرُوفٍ مِنَ الْعُرْفِ فَلَا أَجْرَ لَهَا بَلْ عَلَيْهَا وِزْرٌ فَتَعَيَّنَ تَأْوِيلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ مَفْرُوضٌ فِي قَدْرٍ يَسِيرٍ يُعْلَمُ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ فِي الْعَادَةِ فَإِنْ زَادَ عَلَى الْمُتَعَارَفِ لَمْ يَجُزْ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ فَأَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنَّهُ قَدْرٌ يُعْلَمُ رِضَا الزَّوْجِ بِهِ فِي الْعَادَةِ وَنَبَّهَ بِالطَّعَامِ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُسْمَحُ بِهِ فِي الْعَادَةِ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي حَقِّ أَكْثَرِ النَّاسِ وَفِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْوَالِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِنَفَقَةِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالْخَازِنِ النَّفَقَةُ عَلَى عِيَالِ صَاحِبِ الْمَالِ وَغِلْمَانِهِ ومصالحه وقاصديه من ضيف وبن سَبِيلٍ وَنَحْوِهِمَا وَكَذَلِكَ صَدَقَتُهُمُ الْمَأْذُونُ فِيهَا بِالصَّرِيحِ أَوِ الْعُرْفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْخَازِنَ الْمُسْلِمَ الْأَمِينَ) إِلَى آخِرِهِ هَذِهِ الْأَوْصَافُ شُرُوطٌ لِحُصُولِ هَذَا الثَّوَابِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَنَى بِهَا وَيُحَافَظَ عَلَيْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنَ) هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ عَلَى التَّثْنِيَةِ وَمَعْنَاهُ لَهُ أَجْرُ مُتَصَدِّقٍ وَتَفْصِيلُهُ كَمَا سَبَقَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا) أَيْ مِنْ طَعَامِ زَوْجِهَا الَّذِي فِي بَيْتِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ من بيتها زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا وَلَهُ مثله بما اكتسب وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أُجُورِهِمْفَيَكُونُ لِهَذَا ثَوَابٌ وَلِهَذَا ثَوَابٌ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِقْدَارُ ثَوَابِهِمَا سَوَاءً بَلْ قَدْ يَكُونُ ثَوَابُ هَذَا أَكْثَرَ وَقَدْ يَكُونُ عَكْسَهُ فَإِذَا أَعْطَى الْمَالِكُ لِخَازِنِهِ أَوِ امْرَأَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ نَحْوَهَا لِيُوصِلَهَا إِلَى مُسْتَحِقِّ الصَّدَقَةِ عَلَى بَابِ دَارِهِ أَوْ نَحْوِهِ فَأَجْرُ الْمَالِكِ أَكْثَرُ وَإِنْ أَعْطَاهُ رُمَّانَةً أَوْ رَغِيفًا وَنَحْوَهُمَا مِمَّا لَيْسَ لَهُ كَثِيرُ قِيمَةٍ لِيَذْهَبَ بِهِ إِلَى مُحْتَاجٍ فِي مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ بِحَيْثُ يُقَابِلُ مَشْيَ الذَّاهِبِ إِلَيْهِ بِأُجْرَةٍ تَزِيدُ عَلَى الرُّمَّانَةِ وَالرَّغِيفِ فَأَجْرُ الْوَكِيلِ أَكْثَرُ وَقَدْ يَكُونُ عَمَلُهُ قَدْرَ الرَّغِيفِ مَثَلًا فَيَكُونُ مِقْدَارُ الْأَجْرِ سَوَاءً. وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْأَجْرُ بَيْنكُمَا نصفان) فمعناه قسمان وان كان أحدهما أكثركما قَالَ الشَّاعِرُ ... إِذَا مُتُّ كَانَ النَّاسُ نِصْفَانِ بَيْنَنَا ... (وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ سَوَاءً لِأَنَّ الْأَجْرَ فَضْلٌ مِنَ الله تعالى يؤتيه من يشاء ولا يُدْرَكُ بِقِيَاسٍ وَلَا هُوَ بِحَسَبِ الْأَعْمَالِ بَلْ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَجْرُ بَيْنَكُمَا لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَجْرَ الَّذِي لِأَحَدِهِمَا يَزْدَحِمَانِ فِيهِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ النَّفَقَةَ وَالصَّدَقَةَ الَّتِي أَخْرَجَهَا الْخَازِنُ أَوِ الْمَرْأَةُ أَوِ الْمَمْلُوكُ وَنَحْوُهُمْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ يَتَرَتَّبُ عَلَى جُمْلَتِهَا ثَوَابٌ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ وَالْعَمَلِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا لِهَذَا نَصِيبٌ بِمَالِهِ وَلِهَذَا نَصِيبٌ بِعَمَلِهِ فَلَا يُزَاحِمُ صَاحِبُ الْمَالِ الْعَامِلَ فِي نَصِيبِ عَمَلِهِ وَلَا يُزَاحِمُ الْعَامِلُ صَاحِبَ الْمَالِ فِي نَصِيبِ مَالِهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْعَامِلِ وَهُوَ الْخَازِنُ وَلِلزَّوْجَةِ وَالْمَمْلُوكِ مِنْ إِذْنِ الْمَالِكِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِذْنٌ أَصْلًا فَلَا أَجْرَ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ بَلْ عَلَيْهِمْ وِزْرٌ بِتَصَرُّفِهِمْ فِي مَالِ غَيْرِهِمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَالْإِذْنُ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا الْإِذْنُ الصَّرِيحُ فِي النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالثَّانِي الْإِذْنُ الْمَفْهُومُ مِنَ اطِّرَادِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ كَإِعْطَاءِ السَّائِلِ كِسْرَةً وَنَحْوَهَا مِمَّا جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ وَاطَّرَدَ الْعُرْفُ فِيهِ وَعُلِمَ بِالْعُرْفِ رِضَاءُ الزَّوْجِ وَالْمَالِكِ بِهِ فَإِذْنُهُ فِي ذَلِكَ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَهَذَا إِذَا عُلِمَ رِضَاهُ لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ وَعُلِمَ أَنَّ نَفْسَهُ كَنُفُوسِ غَالِبِ النَّاسِ فِي السَّمَاحَةِ بِذَلِكَ وَالرِّضَا بِهِ فَإِنِ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ وَشَكَّ فِي رِضَاهُ أَوْ كَانَ شَخْصًا يَشُحُّ بِذَلِكَ وَعُلِمَ مِنْ حَالِهِ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ لَمْ يَجُزْ لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا التَّصَدُّقُ مِنْ مَالِهِ إِلَّا بِصَرِيحِ إِذْنِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ كَسْبِهِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّ نِصْفَ أَجْرِهِ لَهُ) فَمَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ الصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ وَيَكُونُ مَعَهَا إِذْنٌ عَامٌّ سَابِقٌ مُتَنَاوِلٌ لِهَذَا القدر وغيره وذلك الاذن الذي قد بيناه سابقا اما بالصريح واما بالعرف ولابد مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم جعل)الْأَجْرَ مُنَاصَفَةً وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ فَلَهَا نِصْفُ أَجْرِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا إِذَا أَنْفَقَتْ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ صَرِيحٍ وَلَا مَعْرُوفٍ مِنَ الْعُرْفِ فَلَا أَجْرَ لَهَا بَلْ عَلَيْهَا وِزْرٌ فَتَعَيَّنَ تَأْوِيلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ مَفْرُوضٌ فِي قَدْرٍ يَسِيرٍ يُعْلَمُ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ فِي الْعَادَةِ فَإِنْ زَادَ عَلَى الْمُتَعَارَفِ لَمْ يَجُزْ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ فَأَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنَّهُ قَدْرٌ يُعْلَمُ رِضَا الزَّوْجِ بِهِ فِي الْعَادَةِ وَنَبَّهَ بِالطَّعَامِ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُسْمَحُ بِهِ فِي الْعَادَةِ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي حَقِّ أَكْثَرِ النَّاسِ وَفِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْوَالِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِنَفَقَةِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالْخَازِنِ النَّفَقَةُ عَلَى عِيَالِ صَاحِبِ الْمَالِ وَغِلْمَانِهِ ومصالحه وقاصديه من ضيف وبن سَبِيلٍ وَنَحْوِهِمَا وَكَذَلِكَ صَدَقَتُهُمُ الْمَأْذُونُ فِيهَا بِالصَّرِيحِ أَوِ الْعُرْفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْخَازِنَ الْمُسْلِمَ الْأَمِينَ) إِلَى آخِرِهِ هَذِهِ الْأَوْصَافُ شُرُوطٌ لِحُصُولِ هَذَا الثَّوَابِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَنَى بِهَا وَيُحَافَظَ عَلَيْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنَ) هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ عَلَى التَّثْنِيَةِ وَمَعْنَاهُ لَهُ أَجْرُ مُتَصَدِّقٍ وَتَفْصِيلُهُ كَمَا سَبَقَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا) أَيْ مِنْ طَعَامِ زَوْجِهَا الَّذِي فِي بَيْتِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ من بيتها زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا وَلَهُ مثله بما اكتسب وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أُجُورِهِمْفَيَكُونُ لِهَذَا ثَوَابٌ وَلِهَذَا ثَوَابٌ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِقْدَارُ ثَوَابِهِمَا سَوَاءً بَلْ قَدْ يَكُونُ ثَوَابُ هَذَا أَكْثَرَ وَقَدْ يَكُونُ عَكْسَهُ فَإِذَا أَعْطَى الْمَالِكُ لِخَازِنِهِ أَوِ امْرَأَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ نَحْوَهَا لِيُوصِلَهَا إِلَى مُسْتَحِقِّ الصَّدَقَةِ عَلَى بَابِ دَارِهِ أَوْ نَحْوِهِ فَأَجْرُ الْمَالِكِ أَكْثَرُ وَإِنْ أَعْطَاهُ رُمَّانَةً أَوْ رَغِيفًا وَنَحْوَهُمَا مِمَّا لَيْسَ لَهُ كَثِيرُ قِيمَةٍ لِيَذْهَبَ بِهِ إِلَى مُحْتَاجٍ فِي مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ بِحَيْثُ يُقَابِلُ مَشْيَ الذَّاهِبِ إِلَيْهِ بِأُجْرَةٍ تَزِيدُ عَلَى الرُّمَّانَةِ وَالرَّغِيفِ فَأَجْرُ الْوَكِيلِ أَكْثَرُ وَقَدْ يَكُونُ عَمَلُهُ قَدْرَ الرَّغِيفِ مَثَلًا فَيَكُونُ مِقْدَارُ الْأَجْرِ سَوَاءً. وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْأَجْرُ بَيْنكُمَا نصفان) فمعناه قسمان وان كان أحدهما أكثركما قَالَ الشَّاعِرُ ... إِذَا مُتُّ كَانَ النَّاسُ نِصْفَانِ بَيْنَنَا ... (وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ سَوَاءً لِأَنَّ الْأَجْرَ فَضْلٌ مِنَ الله تعالى يؤتيه من يشاء ولا يُدْرَكُ بِقِيَاسٍ وَلَا هُوَ بِحَسَبِ الْأَعْمَالِ بَلْ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَجْرُ بَيْنَكُمَا لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَجْرَ الَّذِي لِأَحَدِهِمَا يَزْدَحِمَانِ فِيهِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ النَّفَقَةَ وَالصَّدَقَةَ الَّتِي أَخْرَجَهَا الْخَازِنُ أَوِ الْمَرْأَةُ أَوِ الْمَمْلُوكُ وَنَحْوُهُمْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ يَتَرَتَّبُ عَلَى جُمْلَتِهَا ثَوَابٌ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ وَالْعَمَلِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا لِهَذَا نَصِيبٌ بِمَالِهِ وَلِهَذَا نَصِيبٌ بِعَمَلِهِ فَلَا يُزَاحِمُ صَاحِبُ الْمَالِ الْعَامِلَ فِي نَصِيبِ عَمَلِهِ وَلَا يُزَاحِمُ الْعَامِلُ صَاحِبَ الْمَالِ فِي نَصِيبِ مَالِهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْعَامِلِ وَهُوَ الْخَازِنُ وَلِلزَّوْجَةِ وَالْمَمْلُوكِ مِنْ إِذْنِ الْمَالِكِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِذْنٌ أَصْلًا فَلَا أَجْرَ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ بَلْ عَلَيْهِمْ وِزْرٌ بِتَصَرُّفِهِمْ فِي مَالِ غَيْرِهِمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَالْإِذْنُ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا الْإِذْنُ الصَّرِيحُ فِي النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالثَّانِي الْإِذْنُ الْمَفْهُومُ مِنَ اطِّرَادِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ كَإِعْطَاءِ السَّائِلِ كِسْرَةً وَنَحْوَهَا مِمَّا جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ وَاطَّرَدَ الْعُرْفُ فِيهِ وَعُلِمَ بِالْعُرْفِ رِضَاءُ الزَّوْجِ وَالْمَالِكِ بِهِ فَإِذْنُهُ فِي ذَلِكَ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَهَذَا إِذَا عُلِمَ رِضَاهُ لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ وَعُلِمَ أَنَّ نَفْسَهُ كَنُفُوسِ غَالِبِ النَّاسِ فِي السَّمَاحَةِ بِذَلِكَ وَالرِّضَا بِهِ فَإِنِ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ وَشَكَّ فِي رِضَاهُ أَوْ كَانَ شَخْصًا يَشُحُّ بِذَلِكَ وَعُلِمَ مِنْ حَالِهِ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ لَمْ يَجُزْ لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا التَّصَدُّقُ مِنْ مَالِهِ إِلَّا بِصَرِيحِ إِذْنِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ كَسْبِهِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّ نِصْفَ أَجْرِهِ لَهُ) فَمَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ الصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ وَيَكُونُ مَعَهَا إِذْنٌ عَامٌّ سَابِقٌ مُتَنَاوِلٌ لِهَذَا القدر وغيره وذلك الاذن الذي قد بيناه سابقا اما بالصريح واما بالعرف ولابد مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم جعل)الْأَجْرَ مُنَاصَفَةً وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ فَلَهَا نِصْفُ أَجْرِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا إِذَا أَنْفَقَتْ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ صَرِيحٍ وَلَا مَعْرُوفٍ مِنَ الْعُرْفِ فَلَا أَجْرَ لَهَا بَلْ عَلَيْهَا وِزْرٌ فَتَعَيَّنَ تَأْوِيلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ مَفْرُوضٌ فِي قَدْرٍ يَسِيرٍ يُعْلَمُ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ فِي الْعَادَةِ فَإِنْ زَادَ عَلَى الْمُتَعَارَفِ لَمْ يَجُزْ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ فَأَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنَّهُ قَدْرٌ يُعْلَمُ رِضَا الزَّوْجِ بِهِ فِي الْعَادَةِ وَنَبَّهَ بِالطَّعَامِ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُسْمَحُ بِهِ فِي الْعَادَةِ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي حَقِّ أَكْثَرِ النَّاسِ وَفِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْوَالِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِنَفَقَةِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالْخَازِنِ النَّفَقَةُ عَلَى عِيَالِ صَاحِبِ الْمَالِ وَغِلْمَانِهِ ومصالحه وقاصديه من ضيف وبن سَبِيلٍ وَنَحْوِهِمَا وَكَذَلِكَ صَدَقَتُهُمُ الْمَأْذُونُ فِيهَا بِالصَّرِيحِ أَوِ الْعُرْفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْخَازِنَ الْمُسْلِمَ الْأَمِينَ) إِلَى آخِرِهِ هَذِهِ الْأَوْصَافُ شُرُوطٌ لِحُصُولِ هَذَا الثَّوَابِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَنَى بِهَا وَيُحَافَظَ عَلَيْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنَ) هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ عَلَى التَّثْنِيَةِ وَمَعْنَاهُ لَهُ أَجْرُ مُتَصَدِّقٍ وَتَفْصِيلُهُ كَمَا سَبَقَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا) أَيْ مِنْ طَعَامِ زَوْجِهَا الَّذِي فِي بَيْتِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ من بيتها زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا وَلَهُ مثله بما اكتسب وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أُجُورِهِمْكَرِهْتُ لَهُ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ مَنْ أحدث الْأَذَان فِيهَا أَيْضا فروى بن أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ مُعَاوِيَةُ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنِ الثِّقَةِ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِثْلَهُ وَزَادَ فَأَخَذَ بِهِ الْحَجَّاجُ حِين أَمر على الْمَدِينَة وروى بن الْمُنْذِرِ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ زِيَادٌ بِالْبَصْرَةِ.
    وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ مَرْوَانُ وَكُلُّ هَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَحْدَثَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبدَاءَة بِالْخطْبَةِ.
    وَقَالَ بن حبيب أول من أحدثه هِشَام وروى بن الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيث الْبَاب أَن بن عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ لَهَا لَكِنْ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ أَنَّهُ لَمَّا سَاءَ مَا بَينهمَا أذن يَعْنِي بن الزُّبَيْرِ وَأَقَامَ وَقَوْلُهُ يُؤَذَّنُ بِفَتْحِ الذَّالِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَالضَّمِيرُ ضَمِيرُ الشَّأْنِ وَهِشَامٌ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَاد الثَّانِي هُوَ بن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ

    [956] حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدٌ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى، فَأَوَّلُ شَىْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاَةُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ -وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ- فَيَعِظُهُمْ، وَيُوصِيهِمْ، وَيَأْمُرُهُمْ. فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ أَوْ يَأْمُرَ بِشَىْءٍ أَمَرَ بِهِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ". قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ -وَهْوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ- فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمُصَلَّى إِذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ، فَإِذَا مَرْوَانُ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَجَبَذْتُ بِثَوْبِهِ، فَجَبَذَنِي، فَارْتَفَعَ فَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلاَةِ، فَقُلْتُ لَهُ: غَيَّرْتُمْ وَاللَّهِ، فَقَالَ: أَبَا سَعِيدٍ قَدْ ذَهَبَ مَا تَعْلَمُ، فَقُلْتُ مَا أَعْلَمُ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا لاَ أَعْلَمُ. فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلاَةِ فَجَعَلْتُهَا قَبْلَ الصَّلاَةِ". وبالسند قال: (حدّثنا سعيد بن أبي مريم قال: حدّثنا محمد بن جعفر) هو: ابن أبي كثير المدني (قال: أخبرني) بالإفراد (زيد)، ولأبي ذر: زيد بن أسلم (عن عياض بن عبد الله بن أبي سرح) بفتح المهملة وسكون الراء ثم بالحاء المهملة، واسم جده سعد القرشي المدني (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله تعالى عنه (قال: كان رسول الله) ولأبوي ذر، والوقت، والأصيلي، وابن عساكر: كان النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يخرج يوم) عيد (الفطر و) يوم عيد (الأضحى) إلى المصلّى موضع خارج باب المدينة، بينه وبين باب المسجد ألف ذراع. قاله ابن شبة في أخبار المدينة عن أبي غسان صاحب مالك، واستدلّ به على استحباب الخروج إلى الصحراء لأجل صلاة العيد، وأن ذلك أفضل من صلاتها في المسجد لمواظبته عليه الصلاة والسلام على ذلك، مع فضل مسجده، وهذا مذهب الحنفية. وقال المالكية والحنابلة: تسنّ في الصحراء إلا بمكة، فبالمسجد الحرام لسعته. وقال الشافعية: وفعلها في المسجد الحرام وبيت المقدس أفضل من الصحراء، تبعًا للسلف والخلف، ولشرفهما ولسهولة الحضور إليهما، ولوسعهما، وفعلها في سائر المساجد إن اتسعت، أو حصل مطر ونحوه كثلج، أولى لشرفها ولسهولة الحضور إليها مع وسعها في الأول، ومع العذر في الثاني فلو صلّى في الصحراء كان تاركًا للأولى مع الكراهة في الثاني دون الأصل، وإن ضاقت المساجد، ولا عذر، كره فعلها فيها للمشقة بالزحام، وخرج إلى الصحراء، واستخلف في المسجد من يصلّي بالضعفاء كالشيوخ والمرضى ومن معهم من الأقوياء، لأن عليًّا استخلف أبا مسعود الأنصاري في ذلك، رواه الشافعي بإسناد صحيح. (فأول شيء يبدأ به الصلاة) برفع: أول، مبتدأ نكرة مخصصة بالإضافة، خبره: الصلاة. لكن الأولى جعل أول: خبرًا مقدّمًا، والصلاة: مبتدأ لأنه معرفة. وإن تخصص أول، فلا يخرج عن التنكير، وجملة: يبدأ به، في محل جر صفة لشيء. (ثم ينصرف) عليه الصلاة والسلام من الصلاة (فيقوم مقابل الناس) أي مواجهًا لهم. ولابن حبان، من طريق داود بن قيس، فينصرف إلى الناس قائمًا في مصلاه. ولابن خزيمة: خطب يوم عيد على رجليه، وفيه إشعارًا بأنه لم يكن إذ ذاك في المصلّى منبر. (والناس جلوس على صفوفهم) جملة اسمية حالية (فيعظهم) أي: يخوفهم عواقب الأمور (ويوصيهم) بسكون الواو، أي: بما تنبغي الوصية به (ويأمرهم) بالحلال، وينهاهم عن الحرام. (فإن) بالفاء، ولابن عساكر: وإن (كان) عليه الصلاة والسلام (يريد) في ذلك الوقت (أن يقطع بعثًا) بفتح الموحدة وسكون المهملة ثم مثلثة، أي مبعوثًا من الجيش إلى الغزو (قطعه، أو) كان يريد أن (يأمر بشيء، أمر به، ثم ينصرف) إلى المدينة. (قال) ولأبي ذر، في نسخة، وأبي الوقت: فقال (أبو سعيد) الخدري: (فلم يزل الناس على ذلك) الابتداء بالصلاة والخطبة بعدها (حتى خرجت مع مروان) بن الحكم (-وهو أمير المدينة-) من قبل معاوية، والواو في: وهو، للحال (في) عيد (أضحى أو) في عيد (فطر فلما أتينا المصلّى) المذكور (إذا منبر) مبتدأ خبره (بناه كثير بن الصلت) بفتح الصاد المهملة وسكون اللام ثم مثناة فوقية، ابن معاوية الكندي التابعي الكبير، المولود في الزمنالنبوي. والعامل في إذا، معنى المفاجأة، أي فاجأنا مكان المنبر زمان الإتيان، أو: الخبر مقدّر، أي: هناك. فيكون بناه حالاً. وإنما اختص كثير ببناء المنبر بالمصلّى لأن داره كانت في قبلتها. (فإذا مروان يريد أن يرتقيه) أي: يريد صعود المنبر، فأن مصدرية (قبل أن يصلّي) قال أبو سعيد: (فجبدت بثوبه) ليبدأ بالصلاة قبل الخطبة على العادة ولأبي ذر عن المستملي: فجبذته بثوبه (فجبذني فارتفع) على المنبر (فخطب قبل الصلاة، فقلت له) ولأصحابه: (غيرتم والله) سُنّة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وخلفائه، لأنهم كانوا يقدّمون الصلاة على الخطبة، فحمله أبو سعيد على التعيين. (فقال) مروان: يا (أبا سعيد، قد ذهب ما تعلم) قال أبو سعيد: (فقلت: ما أعلم) أي الذي أعلمه (والله خير) ولأبي ذر في نسخة: خير والله (مما لا أعلم) أي لأن الذي أعلمه طريق الرسول وخلفائه، والقسم معترض بين المبتدأ والخبر. (فقال) مروان معتذرًا عن ترك الأولى: (إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة، فجعلتها) أي الخطبة (قبل الصلاة) فرأى أن المحافظة على أصل السُّنَّة، وهو استماع الخطبة، أولى من المحافظة على هيئة فيها ليست من شرطها. ومذهب الشافعية: لو خطب قبلها لم يعتدّ بها، وأساء. وأما ما فعل مروان بن الحكم من تقديم الخطبة، فقد أنكره عليه أبو سعيد كما ترى. ورواد هذا الحديث كلهم مدنيون. 7 - باب الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ إِلَى الْعِيدِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلاَ إِقَامَةٍ (باب المشي والركوب إلى) صلاة (العيد، و) باب تقديم (الصلاة قبل الخطبة، و) باب صلاته (بغير أذان) عند صعود الإمام المنبر، ولا عند غيره (ولا إقامة) عند نزوله ولا عند غيره. وسقط في غير رواية أبي ذر، وابن عساكر: والصلاة قبل الخطبة.

    (بابُُ الخُرُوجِ إِلَى المُصَلَّى بِغَيْرِ مِنْبَر)أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان خُرُوج الإِمَام إِلَى مصلى صَلَاة الْعِيد بِغَيْر مِنْبَر أَرَادَ أَن يبين أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخرج إِلَى الْجَبانَة يَوْم عيد الْأَضْحَى وَالْفطر لأجل الصَّلَاة وَكَانَ يخْطب قَائِما بِغَيْر مِنْبَر وَذَلِكَ لأجل تواضعه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:927 ... ورقمه عند البغا:956 ]
    - حدَّثنا سَعِيدُ بنُ أبِي مَرْيَمَ قَالَ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ قَالَ أخبرَني زيْدٌ عنْ عِيَاضِ بنِ عَبْدِ الله بنِ أبِي سَرْحٍ عنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ وَالأضْحَى إلَى المُصَلَّى فَأوَّلُ شيءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاَةُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ فيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ والنَّاسُ جُلُوسٌ عَلى صُفُوفِهِمْ فَيَعِظَهُمْ ويُوصِيهِمْ ويَأمُرُهُمْ فإنْ كانَ يُريدُ أنْ يَقْطَعَ بعْثا قَطَعَهُ أوْ يَأْمُرَ بِشَيءٍ أمَرَ بِهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ. قَالَ أبُو سَعِيدٍ فَلَمْ يَزَلِ (النَّاسُ عَلى ذالِكَ حَتَّى خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَهْوَ أمِيرُ المَدِينَةِ فِي أضْحًى أوْ فِطْرٍ فلَمَّا أتَيْنَا المُصَلَّى اذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ كَثِيرُ بنُ الصَّلْتِ فإذَا مَرْوَانُ يُرِيدُ أنْ يَرْتَقِيَهُ قَبْلَ أنْ يُصَلَّيَ فَجَبَذْتُ بِثَوْبِهِ فجَبَذَنِي فارْتَفَعَ فَخطَبَ قَبْلَ الصَّلاَةِ
    فقُلْتُ لَهُ غَيَّرْتُمْ وَالله فَقَالَ أَبَا سَعِيدٍ قَدْ ذَهَبَ مَا تَعْلَمُ فَقُلْتُ مَا أعْلَمُ وَالله خَيْرٌ مِمَّا لاَ أعْلَمُ فَقالَ إنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلاَةِ فَجَعَلْتُهَا قَبلَ الصَّلاَةِ. .مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن الْمَذْكُور فِيهِ خُرُوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى مصلى الْعِيد بِغَيْر مِنْبَر يحمل مَعَه وَلَا معد لَهُ هُنَاكَ قبل خُرُوجه.ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة قد ذكرُوا كلهم لِأَن الْإِسْنَاد بِعَيْنِه قد تقدم فِي: بابُُ ترك الْحَائِض الصَّوْم، لِأَنَّهُ ذكر أول الحَدِيث هُنَاكَ مُخْتَصرا. وَمُحَمّد بن جَعْفَر هُوَ ابْن أبي كثير. وَرِجَاله كلهم مدنيون. وَقَوله: عَن أبي سعيد، فِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق: عَن دَاوُد بن قيس عَن عِيَاض، قَالَ: سَمِعت أَبَا سعيد، وَكَذَا أخرجه أَبُو عوَانَة من طَرِيق ابْن وهب عَن دَاوُد.ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (إِلَى الْمصلى)
    ، بِضَم الْمِيم: هُوَ مَوضِع بِالْمَدِينَةِ مَعْرُوف، بَينه وَبَين بابُُ الْمَسْجِد ألف ذِرَاع، قَالَه عمر ابْن شيبَة فِي (أَخْبَار الْمَدِينَة) عَن أبي غَسَّان الكتاني صَاحب مَالك، رَحمَه الله. قَوْله: (فَأول شَيْء) ارْتِفَاع أول على أَنه مُبْتَدأ وَقَوله: (الصَّلَاة) ، خَبره وَلَفظ: أول، وَإِن كَانَ نكرَة فقد تخصص بِالْإِضَافَة، وَالْأولَى أَن تكون: الصَّلَاة، مُبْتَدأ. وَأول، خَبره، وَقَوله: (يبْدَأ بِهِ) جملَة فِي مَحل الْجَرّ لِأَنَّهَا صفة لشَيْء. قَوْله: (ثمَّ ينْصَرف) أَي: من الصَّلَاة. قَوْله: (فَيقوم مُقَابل النَّاس) أَي: مواجها لَهُم، وَفِي رِوَايَة ابْن حبَان من طَرِيق دَاوُد بن قيس: (فَيَنْصَرِف إِلَى النَّاس قَائِما فِي مُصَلَّاهُ) . وروى ابْن خُزَيْمَة فِي مُخْتَصره: (خطب يَوْم عيد على رجلَيْهِ) . قَوْله: (وَالنَّاس جُلُوس) ، جملَة إسمية وَقعت حَالا، و: جُلُوس، جمع جَالس. قَوْله: (فيعظهم) من: وعظ يعظ وعظا وعظة، و: (يوصيهم) من: وصّى يُوصي توصية، وَمعنى: يَعِظهُمْ: يخوفهم بعواقب الْأُمُور، وَمعنى يوصيهم فِي حق الْغَيْر: لينصحوا لَهُم، وَمعنى: (يَأْمُرهُم) يَأْمر بالحلال وَالْحرَام. قَوْله: (فَإِن كَانَ يُرِيد) أَي: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن كَانَ يُرِيد فِي ذَلِك الْوَقْت (أَن يقطع بعثا) أَي: أَن يفرد قوما من غَيرهم بَعثهمْ إِلَى الْغَزْو، والبعث، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفِي آخِره ثاء مُثَلّثَة بِمَعْنى الْمَبْعُوث وَهُوَ: الْجَيْش. قَوْله: (قطعه) أَي: أفرده، وَالضَّمِير الْمَنْصُوب يرجع إِلَى الْبَعْث. قَوْله: (أَو يَأْمر بِشَيْء) بِالنّصب أَي: أَو إِن كَانَ يُرِيد أَن يَأْمر بِشَيْء مِمَّا يتَعَلَّق بِالْبَعْثِ لأمر بِهِ، وَلَيْسَ هَذَا بتكرار لِأَن مَعْنَاهُ غير معنى الأول على مَا لَا يخفى. قَوْله: (ثمَّ ينْصَرف) أَي: ثمَّ هُوَ ينْصَرف إِلَى الْمَدِينَة. قَوْله: (قَالَ أَبُو سعيد) هُوَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ الرَّاوِي واسْمه: سعد بن مَالك. قَوْله: (على ذَلِك) أَي: على الِابْتِدَاء بِالصَّلَاةِ وَالْخطْبَة بعْدهَا. قَوْله: (حَتَّى خرجت مَعَ مَرْوَان) وَهُوَ ابْن الحكم كَانَ مُعَاوِيَة اسْتَعْملهُ على الْمَدِينَة، وَقد مر ذكره فِي: بابُُ البزاق فِي الْمَسْجِد، وَزَاد عبد الرَّزَّاق عَن دَاوُد ابْن قيس وَهُوَ بيني وَبَين أبي مَسْعُود، يَعْنِي: عقبَة بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ، يَعْنِي: مَرْوَان بيني وَبَين أبي مَسْعُود. قَوْله: (وَهُوَ) أَي: ومروان، وَالْوَاو للْحَال. قَوْله: (أَو فطر) شكّ من الرَّاوِي. قَوْله: (إِذا مِنْبَر) كلمة: إِذا، للمفاجأة وارتفاع: مِنْبَر، على أَنه مُبْتَدأ وَخَبره هُوَ قَوْله: (بناه مَرْوَان) ، وَيجوز أَن يكون الْخَبَر محذوفا تَقْدِيره: إِذا مِنْبَر هُنَاكَ، وَيكون (بِنَاء كثير) ، جملَة حَالية، وَالْعَامِل فِي: إِذا، معنى المفاجأة، وَالْمعْنَى: فاجأنا الْمِنْبَر زمَان الْإِتْيَان. وَقيل: إِذا، حرف لَا يحْتَاج إِلَى عَامل. قَوْله: (كثير بن الصَّلْت) ، كثير ضد الْقَلِيل والصلت، بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق، وَهُوَ كثير بن الصَّلْت بن مُعَاوِيَة الْكِنْدِيّ، ولد فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقدم الْمَدِينَة هُوَ وأخوته بعده، فسكنها وحالف بني جميح، وروى ابْن سعد بِإِسْنَاد صَحِيح إِلَى نَافِع قَالَ: كَانَ إسم كثير بن الصَّلْت قَلِيلا، فَسَماهُ عمر كثيرا، وَرَوَاهُ أَبُو عوَانَة فوصله بِذكر ابْن عمر وَرَفعه بِذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالْأول أصح. وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي (تَجْرِيد الصَّحَابَة) : كثير بن الصَّلْت بن معدي كرب الْكِنْدِيّ أَخُو زبيد، ولد فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم روى عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن كثير بن الصَّلْت كَانَ اسْمه: قَلِيلا فَسَماهُ النَّبِي كثيرا. الْأَصَح أَن الَّذِي سَمَّاهُ كثيرا عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. انْتهى. وَقد صَحَّ سَماع كثير من عَمْرو من بعده. وَقَالَ الْعجلِيّ: هُوَ تَابِعِيّ مدنِي ثِقَة. وَكَانَ لَهُ شرف وَحَال جميلَة فِي نَفسه، وَله دَار كَبِيرَة بِالْمَدِينَةِ فِي الْمصلى وقبلة الْمصلى فِي الْعِيدَيْنِ إِلَيْهَا، وَكَانَ كَاتبا لعبد الْملك بن مَرْوَان على الرسائل، وَهُوَ ابْن أخي جمد، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْمِيم أَو فتحهَا: أحد مُلُوك كِنْدَة الَّذين قتلوا فِي الرِّدَّة، وَقد ذكر ابْن مَنْدَه: الصَّلْت، فِي الصَّحَابَة. وَقَالَ الذَّهَبِيّ: والصلت أَبُو زبيد الْكِنْدِيّ مُخْتَلف فِي صحبته، وروى عَنهُ ابْنه زبيد، وَكثير. قَوْله: (أَن يرتقيه) أَي: يُرِيد أَن يصعد إِلَيْهِ، و: أَن، مَصْدَرِيَّة. قَوْله: (فجبذت بِثَوْبِهِ) الجابذ هُوَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ إِنَّمَا جبذه ليبدأ بِالصَّلَاةِ قبل
    الْخطْبَة على الْعَادة. قَوْله: (فارتفع) أَي: مَرْوَان على الْمِنْبَر. قَوْله: (غيرتم) خطاب لمروان وَأَصْحَابه، أَي: غيرتم سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وخلفائه فَإِنَّهُم كَانُوا يقدمُونَ الصَّلَاة على الْخطْبَة. قَوْله: (مَا أعلم) أَي: الَّذِي أعلمهُ خير لِأَنَّهُ هُوَ طَرِيق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكيف يكون غَيره خيرا مِنْهُ؟ قَوْله: (وَالله) قسم معترض بَين الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر. قَوْله: (فجعلتها) أَي: الْخطْبَة، فالقرينة تدل على هَذَا، وَإِن لم يمض ذكر الْخطْبَة.ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ يخْطب فِي الْمصلى فِي الْعِيدَيْنِ وَهُوَ وَاقِف وَلم يكن على الْمِنْبَر وَلم يكن فِي الْمصلى فِي زَمَانه مِنْبَر، وَمُقْتَضى قَول أبي سعيد: إِن أول من اتخذ الْمِنْبَر فِي الْمصلى مَرْوَان، وَقد رَوَاهُ مُسلم أَيْضا من رِوَايَة عِيَاض: (عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخرج يَوْم الْأَضْحَى. .) الحَدِيث، وَفِيه: (فَخرجت محاضرا مَرْوَان حَتَّى أَتَيْنَا الْمصلى، فَإِذا كثير بن الصَّلْت قد بنى منبرا من طين وَلبن. .) الحَدِيث. وَقد اخْتلف فِي أول من فعل ذَلِك. فَقيل: عمر بن الْخطاب، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) وَهُوَ شَاذ. وَقيل: عُثْمَان، وَلَيْسَ لَهُ أصل. وَقيل: مُعَاوِيَة، حَكَاهُ القَاضِي عِيَاض. وَقيل: زِيَاد بِالْبَصْرَةِ فِي خلَافَة مُعَاوِيَة، حَكَاهُ عِيَاض أَيْضا. بل الصَّوَاب أَن أول من فعله مَرْوَان بِالْمَدِينَةِ فِي خلَافَة مُعَاوِيَة، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي (الصَّحِيحَيْنِ) عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَإِنَّمَا اخْتصَّ كثير بن الصَّلْت بِبِنَاء الْمِنْبَر بالمصلى لِأَن دَاره كَانَت مجاورة بالمصلى على مَا يَجِيء فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى فِي يَوْم الْعِيد إِلَى الْعلم الَّذِي عِنْد دَار كثير بن الصَّلْت. قَالَ ابْن سعيد: كَانَت دَار كثير بن الصَّلْت قبْلَة الْمصلى فِي الْعِيدَيْنِ وَهِي تطل على بطحان الْوَادي الَّذِي فِي وسط الْمَدِينَة. وَفِيه: الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَإِن كَانَ الْمُنكر عَلَيْهِ واليا، أَلا يرى أَن أَبَا سعيد كَيفَ أنكر على مَرْوَان وَهُوَ والٍ بِالْمَدِينَةِ. وَفِيه: أَن الصَّلَاة قبل الْخطْبَة، وَلِهَذَا أنكر أَبُو سعيد على مَرْوَان خطبَته قبل الصَّلَاة، وَمِمَّنْ قَالَ بِتَقْدِيم الصَّلَاة على الْخطْبَة: أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي والمغيرة وَأَبُو مَسْعُود وَابْن عَبَّاس، وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَأبي ثَوْر وَإِسْحَاق وَالْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَجُمْهُور الْعلمَاء، وَعند الْحَنَفِيَّة والمالكية: لَو خطب قبلهَا جَازَ وَخَالف السّنة وَيكرهُ، وَلَا يكره الْكَلَام عِنْدهَا. قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: كَيفَ جَازَ لمروان تَغْيِير السّنة؟ قلت: تَقْدِيم الصَّلَاة فِي الْعِيد لَيْسَ وَاجِبا فَجَاز تَركه. وَقَالَ ابْن بطال: إِنَّه لَيْسَ تغييرا للسّنة لما فعل رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي الْجُمُعَة، وَلِأَن الْمُجْتَهد قد يُؤَدِّي اجْتِهَاده إِلَى ترك الأولى إِذا كَانَ فِيهِ الْمصلحَة. انْتهى. قلت: حمل أَبُو سعيد فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على التَّعْيِين، وَحمله مَرْوَان على الْأَوْلَوِيَّة وَاعْتذر عَن ترك الأولى بِمَا ذكره من تغير حَال النَّاس، فَرَأى أَن الْمُحَافظَة على أصل السّنة وَهُوَ اسْتِمَاع الْخطْبَة أولى من الْمُحَافظَة على هَيْئَة لَيست من شَرطهَا. فَإِن قلت: وَقع عِنْد مُسلم من طَرِيق طَارق بن شهَاب، قَالَ: أول من بَدَأَ بِالْخطْبَةِ يَوْم الْعِيد قبل الصَّلَاة مَرْوَان، فَقَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ: الصَّلَاة قبل الْخطْبَة، فَقَالَ: قد ترك مَا هُنَالك. فَقَالَ أَبُو سعيد: أما هَذَا فقد قضى مَا عَلَيْهِ، وَهَذَا ظَاهر فِي أَنه غير أبي سعيد. قلت: أُجِيب بِأَنَّهُ يحْتَمل أَن يكون هُوَ أَبَا مَسْعُود الَّذِي وَقع فِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق أَنه كَانَ مَعَهُمَا، وَيحْتَمل تعدد الْقَضِيَّة. فَإِن قلت: روى الشَّافِعِي عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد، قَالَ: حَدثنِي دَاوُد بن الْحصين عَن عبد الله بن يزِيد الخطمي: (أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَبا بكر وَعمر وَعُثْمَان كَانُوا يبدأون بِالصَّلَاةِ قبل الْخطْبَة حَتَّى قدم مُعَاوِيَة فَقدم مُعَاوِيَة الْخطْبَة) ، وَهَذَا يدل على أَن ذَلِك لم يزل إِلَى آخر زمن عُثْمَان، وَعبد الله صَحَابِيّ، وَإِنَّمَا قدم مُعَاوِيَة فِي حَال خِلَافَته. وَحَدِيث أبي سعيد هَذَا: أول من قدمهَا مَرْوَان. قلت: يُمكن الْجمع بِأَن مَرْوَان كَانَ أَمِيرا على الْمَدِينَة لمعاوية فَأمره مُعَاوِيَة بتقديمها، فنسب أَبُو سعيد التَّقْدِيم إِلَى مَرْوَان لمباشرته التَّقْدِيم، وَنسبه عبد الله إِلَى مُعَاوِيَة لِأَنَّهُ أَمر بِهِ. وَفِيه: بُنيان الْمِنْبَر، وَإِنَّمَا اخْتَارُوا أَن يكون بِاللَّبنِ والطين لَا من الْخشب لكَونه يتْرك بالصحراء فِي غير حرز فَلَا يخَاف عَلَيْهِ من النَّقْل، بِخِلَاف مَنَابِر الْجَوَامِع. وَفِيه: إِخْرَاج الْمِنْبَر إِلَى الْمصلى فِي الأعياد، قِيَاسا على الْبناء، وَعَن بَعضهم: لَا بَأْس بِإِخْرَاج الْمِنْبَر، وَعَن بَعضهم: كره بُنْيَانه فِي الْجَبانَة، ويخطب قَائِما أَو على دَابَّته. وَعَن أَشهب: إِخْرَاج الْمِنْبَر إِلَى الْعِيدَيْنِ وَاسع، وَعَن مَالك: لَا يخرج فيهمَا، من شَأْنه أَن يخْطب إِلَى جَانِبه، وَإِنَّمَا يخْطب على الْمِنْبَر الْخُلَفَاء. وَفِيه: إِن الْمِنْبَر لم يكن قبل بِنَاء كثير بن الصَّلْت. وَفِيه: مُوَاجهَة الْخَطِيب للنَّاس، وَأَنَّهُمْ بَين يَدَيْهِ. وَفِيه:
    البروز إِلَى الْمصلى وَالْخُرُوج إِلَيْهِ، وَلَا يُصَلِّي فِي الْمَسْجِد إلاّ عَن ضَرُورَة، وروى ابْن زِيَاد عَن مَالك، قَالَ: السّنة الْخُرُوج إِلَى الْجَبانَة إِلَّا لأهل مَكَّة، فَفِي الْمَسْجِد، وَقَالَ الشَّافِعِي فِي (الْأُم) : بلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخرج فِي الْعِيدَيْنِ إِلَى الْمصلى بِالْمَدِينَةِ وَكَذَا من بعده إِلَّا من عذر مطر وَنَحْوه، وَكَذَا عَامَّة أهل الْبلدَانِ إلاّ مَكَّة، شرفها الله تَعَالَى. وَفِيه: جَوَاز عمل الْعَالم بِخِلَاف الأولى، لِأَن أَبَا سعيد حضر الْخطْبَة وَلم ينْصَرف فيستدل بِهِ على أَن الْبدَاءَة بِالصَّلَاةِ فِيهَا لَيست بِشَرْط فِي صِحَّتهَا. وَفِيه: وعظ الإِمَام فِي صَلَاة الْعِيد ووصيته وتخويفه عَن عواقب الْأُمُور، وَفِيه: أَن الزَّمَان تغير فِي زمن مَرْوَان.

    حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي زَيْدٌ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى، فَأَوَّلُ شَىْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاَةُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ، وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ، فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ، أَوْ يَأْمُرَ بِشَىْءٍ أَمَرَ بِهِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ‏.‏ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَهْوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمُصَلَّى إِذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ، فَإِذَا مَرْوَانُ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَجَبَذْتُ بِثَوْبِهِ فَجَبَذَنِي فَارْتَفَعَ، فَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلاَةِ، فَقُلْتُ لَهُ غَيَّرْتُمْ وَاللَّهِ‏.‏ فَقَالَ أَبَا سَعِيدٍ، قَدْ ذَهَبَ مَا تَعْلَمُ‏.‏ فَقُلْتُ مَا أَعْلَمُ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا لاَ أَعْلَمُ‏.‏ فَقَالَ إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلاَةِ فَجَعَلْتُهَا قَبْلَ الصَّلاَةِ‏.‏

    Narrated Abu Sa`id Al-Khudri:The Prophet (ﷺ) used to proceed to the Musalla on the days of Id-ul-Fitr and Id-ul-Adha; the first thing to begin with was the prayer and after that he would stand in front of the people and the people would keep sitting in their rows. Then he would preach to them, advise them and give them orders, (i.e. Khutba). And after that if he wished to send an army for an expedition, he would do so; or if he wanted to give and order, he would do so, and then depart. The people followed this tradition till I went out with Marwan, the Governor of Medina, for the prayer of Id-ul-Adha or Id-ul-Fitr. When we reached the Musalla, there was a pulpit made by Kathir bin As-Salt. Marwan wanted to get up on that pulpit before the prayer. I got hold of his clothes but he pulled them and ascended the pulpit and delivered the Khutba before the prayer. I said to him, "By Allah, you have changed (the Prophet's tradition)." He replied, "O Abu Sa`id! Gone is that which you know." I said, "By Allah! What I know is better than what I do not know." Marwan said, "People do not sit to listen to our Khutba after the prayer, so I delivered the Khutba before the prayer

    Telah menceritakan kepada kami [Sa'id bin Abu Maryam] berkata, telah menceritakan kepada kami [Muhammad bin Ja'far] berkata, telah menceritakan kepadaku [Zaid bin Aslam] dari ['Iyadl bin 'Abdullah bin Abu Sarah] dari [Abu Sa'id Al Khudri] berkata, "Pada hari raya Idul Firi dan Adlha Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam keluar menuju tempat shalat (lapangan), dan pertama kali yang beliau kerjakan adalah shalat hingga selesai. Kemudian beliau berdiri menghadap orang banyak sedangkan mereka dalam keadaan duduk di barisan mereka. Beliau memberi pengajaran, wasiat dan memerintahkan mereka. Dan apabila beliau ingin mengutus pasukan, maka beliau sampaikan atau beliau perintahkan (untuk mempersiapkannya), setelah itu beliau berlalu pergi." Abu Sa'id Al Khudri berkata, "Manusia senantiasa melaksanakan (tata cara shalat hari raya) seperti apa yang beliau laksanakan, hingga pada suatu hari aku keluar bersama Marwan -yang saat itu sebagai Amir di Madinah- pada hari raya Adlha atau Fithri. Ketika kami sampai di tempat shalat, ternyata di sana sudah ada mimbar yang dibuat oleh Katsir bin Ash Shalt. Ketika Marwan hendak menaiki mimbar sebelum pelaksanaan shalat, aku tarik pakaiannya dan dia balik menariknya, kemudian ia naik dan khuthbah sebelum shalat. Maka aku katakan kepadanya, "Demi Allah, kamu telah merubah (sunnah)!" Lalu dia menjawab, "Wahai Abu Sa'id. Apa yang engkau ketahui itu telah berlalu." Aku katakan, "Demi Allah, apa yang aku ketahui lebih baik dari apa yang tidak aku ketahui." Lalu dia berkata, "Sesungguhnya orang-orang tidak akan duduk (mendengarkan khutbah kami) setelah shalat. Maka aku buat (khutbah) sebelum shalat

    Ebu Saîd el-Hudrî (r.a.) şöyle anlatır: "Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem Ramazan ve Kurban bayramlarında namaz için musallaya giderdi. Onun bayramlarda ilk yaptığı şey namaz'ı kılmak olurdu. Namaz bittikten sonra ayağa kalkıp insanlara döner ve onlara öğütler verir, tavsiyelerde bulunur ve bazı emirler verirdi, insanlar da saflar halinde oturup onu dinlerdi. Hatta askerî birlikler gönderecekse buradan gönderir veya vermek istediği talimatlar / emirler varsa verir ve sonra giderdi. Ben Mervân İbnü'l-Hakem'in Medine valisi olduğu günlerde onunla da bir Ramazan veya Kurban bayramı namazı için musallaya çıktım. Zaten onun zamanına kadar insanlar Resulullah (sallallahu aleyhi ve Sellem) dönemindeki bu uygulamayı devam ettirmişlerdi. Fakat namaz kılacağımız yere vardığımızda ne göreyim; bir minber... Bu minberi Kesîr İbnü's-Salt yapmıştı. Bu şaşkınlığım henüz geçmemişti ki Mervân'ın daha bayram namazını kılmadan önce minbere çıkmaya yeltendiğini gördüm. Bunun üzerine hemen elbisesinden tutup onu geri çektim. Fakat o direnip elimden kurtuldu ve çıkıp namaz kılmadan önce hutbe îrad etmeye başladı. Ben de ona: 'Vallahi, siz Resul-i Ekrem (Sallallahu aleyhi ve Sellem) zama­nındaki uygulamayı değiştirdiniz!' dedim. Bunun üzerine aramızda şöyle bir konuşma geçti. O: Ebu Saîd, senin bildiğin o uygulamanın artık bir geçerliliği kalmadı. Allah'a yemin ederim ki, benim bildiğim bu uygulama hiç bilmediğim şu uygulamanızdan çok daha hayırlıdır. Fakat halk namazdan sonra oturup bizi beklemiyor ki, dağılıp gidiyorlar. Ben de bu yüzden hutbeyi namazın önüne aldım

    ہم سے سعید بن ابی مریم نے بیان کیا، انہوں نے کہا کہ ہم سے محمد بن جعفر نے بیان کیا، انہوں نے کہا کہ مجھے زید بن اسلم نے خبر دی، انہیں عیاض بن عبداللہ بن ابی سرح نے، انہیں ابو سعید خدری رضی اللہ عنہ نے، آپ نے کہا کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم عیدالفطر اور عید الاضحی کے دن ( مدینہ کے باہر ) عیدگاہ تشریف لے جاتے تو سب سے پہلے آپ صلی اللہ علیہ وسلم نماز پڑھاتے، نماز سے فارغ ہو کر آپ صلی اللہ علیہ وسلم لوگوں کے سامنے کھڑے ہوتے۔ تمام لوگ اپنی صفوں میں بیٹھے رہتے، آپ صلی اللہ علیہ وسلم انہیں وعظ و نصیحت فرماتے، اچھی باتوں کا حکم دیتے۔ اگر جہاد کے لیے کہیں لشکر بھیجنے کا ارادہ ہوتا تو اس کو الگ کرتے۔ کسی اور بات کا حکم دینا ہوتا تو وہ حکم دیتے۔ اس کے بعد شہر کو واپس تشریف لاتے۔ ابو سعید خدری رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہ لوگ برابر اسی سنت پر قائم رہے لیکن معاویہ کے زمانہ میں مروان جو مدینہ کا حاکم تھا پھر میں اس کے ساتھ عیدالفطر یا عید الاضحی کی نماز کے لیے نکلا ہم جب عیدگاہ پہنچے تو وہاں میں نے کثیر بن صلت کا بنا ہوا ایک منبر دیکھا۔ جاتے ہی مروان نے چاہا کہ اس پر نماز سے پہلے ( خطبہ دینے کے لیے ) چڑھے اس لیے میں نے ان کا دامن پکڑ کر کھینچا اور لیکن وہ جھٹک کر اوپر چڑھ گیا اور نماز سے پہلے خطبہ دیا۔ میں نے اس سے کہا کہ واللہ تم نے ( نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کی سنت کو ) بدل دیا۔ مروان نے کہا کہ اے ابوسعید! اب وہ زمانہ گزر گیا جس کو تم جانتے ہو۔ ابوسعید نے کہا کہ بخدا میں جس زمانہ کو جانتا ہوں اس زمانہ سے بہتر ہے جو میں نہیں جانتا۔ مروان نے کہا کہ ہمارے دور میں لوگ نماز کے بعد نہیں بیٹھتے، اس لیے میں نے نماز سے پہلے خطبہ کو کر دیا۔

    আবূ সা‘ঈদ খুদরী (রাযি.) হতে বর্ণিত। তিনি বলেন, নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম ‘ঈদুল ফিত্র ও ‘ঈদুল আযহার দিন ‘ঈদমাঠে যেতেন এবং সেখানে তিনি প্রথম যে কাজ শুরু করতেন তা হল সালাত। আর সালাত শেষ করে তিনি লোকদের দিকে মুখ করে দাঁড়াতেন এবং তাঁরা তাঁদের কাতারে বসে থাকতেন। তিনি তাঁদের নাসীহাত করতেন, উপদেশ দিতেন এবং নির্দেশ দান করতেন। যদি তিনি কোন সেনাদল পাঠাবার ইচ্ছা করতেন, তবে তাদের আলাদা করে নিতেন। অথবা যদি কোন বিষয়ে নির্দেশ জারী করার ইচ্ছা করতেন তবে তা জারি করতেন। অতঃপর তিনি ফিরে যেতেন। আবূ সা‘ঈদ (রাযি.) বলেন, লোকেরা বরাবর এ নিয়মই অনুসরণ করে আসছিল। অবশেষে যখন মারওয়ান মদিনার ‘আমীর হলেন, তখন ‘ঈদুল আযহা বা ‘ঈদুল ফিত্রের উদ্দেশে আমি তাঁর সঙ্গে বের হলাম। আমরা যখন ‘ঈদমাঠে পৌঁছলাম তখন সেখানে একটি মিম্বর দেখতে পেলাম, সেটি কাসীর ইবনু সাল্ত (রাযি.) তৈরি করেছিলেন। মারওয়ান সালাত আদায়ের পূর্বেই এর উপর আরোহণ করতে উদ্যত হলেন। আমি তাঁর কাপড় টেনে ধরলাম। কিন্তু তিনি কাপড় ছাড়িয়ে খুৎবাহ দিলেন। আমি তাকে বললাম, আল্লাহর কসম! তোমরা (রাসূলের সুন্নাত) পরিবর্তন করে ফেলেছ। সে বলল, হে আবূ সা‘ঈদ! তোমরা যা জানতে, তা গত হয়ে গেছে। আমি বললাম, আল্লাহর কসম! আমি যা জানি, তা তার চেয়ে ভাল, যা আমি জানি না। সে তখন বলল, লোকজন সালাতের পর আমাদের জন্য বসে থাকে না, তাই ওটা সালাতের আগেই করেছি। (৩০৪) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ৯০২, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    அபூசயீத் அல்குத்ரீ (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் நோன்புப் பெருநாளிலும் ஹஜ்ஜுப் பெருநாளிலும் (பள்ளிவாச-ல் தொழாமல்) திடலுக்குப் புறப்பட்டுச் செல்பவர்களாக இருந்தார்கள். அங்கு அவர்கள் செய்யும் முதல்வேலை தொழுவதேயாகும். (தொழுகை முடிந்த) பின்னர் மக்களை முன்னோக்கி எழுந்து நிற்பார்கள். மக்கள் அனைவரும் அப்படியே தத்தம் வரிசைகளில் அமர்ந்திருப்பார்கள். அப்போது மக்களுக்கு அவர்கள் உபதேசம் புரிவார்கள்; (வ-யுறுத்த வேண்டியதை) அவர்களுக்கு வ-யுறுத்துவார்கள்; (கட்டளையிட வேண்டி யதை) அவர்களுக்குக் கட்டளையிடு வார்கள். (ஏதேனும் ஒரு பகுதிக்கு) படைப் பிரிவுகளை அனுப்ப நினைத்திருந்தால் அனுப்பிவைப்பார்கள். அல்லது எதைப் பற்றியேனும் உத்தரவிட வேண்டியிருந் தால் உத்தரவிடுவார்கள். (இவற்றை முடித்த) பின்னரே (மதீனாவுக்கு) திரும்பிச் செல்வார்கள். இவ்வாறே மக்கள் செயல்பட்டு வந்தனர்; மதீனாவின் ஆளுநராக மர்வான் பின் ஹகம் ஆகும்வரை. அவருடன் ஒரு ஹஜ்ஜுப் பெருநாளிலோ அல்லது நோன்புப் பெருநாளிலோ நான் (தொழச்) சென்றேன். நாங்கள் தொழும் திடலுக்கு வந்தபோது கஸீர் பின் ஸல்த் அவர்கள் உருவாக்கிய சொற்பொழிவு மேடை (மிம்பர்) ஒன்று அங்கே தீடீரெனக் காணப்பட்டது. அப்போது மர்வான் (பெருநாள் தொழுகையைத்) தொழுவிப்பதற்கு முன்பே சொற்பொழிவு மேடையில் ஏறப்போனார். உடனே நான் (முத-ல் தொழுவித்துவிட்டுப் பிறகு உரையாற்றும்படி கோர) அவரது ஆடையைப் பிடித்து இழுத்தேன். அவர் என்னை இழுத்தார். முடிவில் அவர் (சொற்பொழிவு மேடையில்) ஏறித் தொழுகைக்கு முன்பே உரை (குத்பா) நிகழ்த்தலானார். அப்போது நான் அவரிடம், “அல்லாஹ்வின் மீதாணையாக! (நபிவழியை) மாற்றிவிட்டீர்கள்” என்று சொன்னேன். அதற்கு மர்வான், “அபூசயீதே! நீங்கள் அறிந்திருக்கும் (அந்த) நடைமுறை மலையேறிவிட்டது” என்று சொன்னார். அதற்கு நான், “அல்லாஹ்வின் மீதாணையாக! நான் அறிந்திருக்கும் (நபியவர்களின்) நடைமுறைதான் நான் அறியாத (இந்தப் புதிய) நடைமுறையைவிடச் சிறந்ததாகும்” என்று சொன்னேன். அதற்கு மர்வான், “மக்கள் தொழுகை முடிந்துவிட்டால் எம(து உரை)க்காக அமர்ந்துகொண்டிருக்கமாட்டார்கள். எனவே, நான் உரையைத் தொழுகைக்கு முன்பே வைத்துக்கொண்டேன்” என்று சொன்னார். அத்தியாயம் :