حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ ، ثَنَا أَبُو مُعَاذٍ مَوْلًى لِقُرَيْشٍ ، ثَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ : لَا بَأْسَ أَنْ يُقَوَّمَ اللَّحْنُ فِي الْحَدِيثِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَحْمَوِيهِ ، ثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ ، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ ، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ ، يَقُولُ : أَعْرِبُوا الْحَدِيثَ فَإِنَّ الْقَوْمَ كَانُوا عُرُبًا
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ : وَحَدَّثَنِي هِشَامٌ ، ثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ : سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ : لَا بَأْسَ بِإِصْلَاحِ اللَّحْنِ فِي الْحَدِيثِ
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ ، قَالَ : قَالَ لِي عَفَّانُ ، قَالَ لَنَا هَمَّامٌ : مَا سَمِعْتُمْ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ فَأَعْرِبُوهُ ، فَإِنَّ قَتَادَةَ كَانَ لَا يَلْحَنُ
ثُمَّ قَالَ لَنَا عَفَّانُ : قَالَ لَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ : مَنْ لَحَنَ فِي حَدِيثِي فَلَيْسَ يُحَدِّثُ عَنِّي
حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ مَرَّ بِنَا حَاجًّا ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ الْحُلْوَانِيِّ ، قَالَ : مَا وَجَدْتُمْ فِي كِتَابِي ، عَنْ عَفَّانَ لَحْنًا فَعَرِّبُوهُ ، فَإِنَّ عَفَّانَ كَانَ لَا يَلْحَنُ وَقَالَ لَنَا عَفَّانُ : مَا وَجَدْتُمْ فِي كِتَابِي ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ لَحْنًا فَعَرِّبُوهُ ، فَإِنَّ حَمَّادًا كَانَ لَا يَلْحَنُ وَقَالَ حَمَّادٌ : مَا وَجَدْتُمْ فِي كِتَابِي عَنْ قَتَادَةَ لَحْنًا فَعَرِّبُوهُ ، فَإِنَّ قَتَادَةَ كَانَ لَا يَلْحَنُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ ، ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيسَ قَالَ : قَرَأَ عَلَيَّ دَاوُدُ الطَّائِيُّ ، فَلَحَنَ فِي حَرْفٍ فَأَخْبَرْتُ بِهِ الْقَاسِمَ بْنَ مَعْنٍ ، فَنَمَاهُ إِلَيْهِ ، فَلَقِيَنِي فَقَالَ : مَا دَعَاكَ إِلَى أَنْ حَكَيْتَ هَذَا الْحَرْفَ
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ السَّرَّاجُ ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ الْبَصْرِيُّ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ الْبَاهِلِيُّ ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ أَيُّوبَ ، فَحَدَّثَنَا فَلَحَنَ ، وَعِنْدَهُ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ ، فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ الْخَلِيلُ ، فَقَالَ أَيُّوبُ : أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ الضَّبِّيُّ ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَلْمٍ الطَّائِفِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ قَالَ : إِذَا سَمِعْتَ الْحَدِيثَ فِيهِ اللَّحْنُ وَالْخَطَأُ ، فَلَا تُحَدِّثْ إِلَّا بِالصَّوَابِ ، إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَلْحَنُونَ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْغَزَّاءُ ، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْمَيْمُونِيُّ ، مِنْ وَلَدِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ : رَأَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُغَيِّرُ اللَّحْنَ فِي كِتَابِهِ
حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ بُهْلُولٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيَّ عَنِ الرَّجُلِ يَسْمَعُ الْحَدِيثَ مَلْحُونًا أَيُعْرِبُهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَعْدَانَ ، ثَنَا مَذْكُورُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ عَفَّانَ بْنَ مُسْلِمٍ قَالَ : قَدِمْنَا الْكُوفَةَ ، فَأَقَمْنَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ، وَمَا رَأَيْنَا بِالْكُوفَةِ لَحْنًا مُجَوَّزًا
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْأَخْنَسِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ ، عَنْ عَاصِمٍ قَالَ : مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَعْرَبَ مِنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ ، كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَسْأَلُهُ قَالَ الْقَاضِي : أَمَّا تَغْيِيرُ اللَّحْنِ فَوُجُوبِهِ ظَاهَرٌ ، لِأَنَّ مِنَ اللَّحْنِ مَا يُزِيلُ الْمَعْنَى وَيُغَيِّرُهُ عَنْ طَرِيقِ حُكْمِهِ ، وَكَثِيرٌ مِنْ رُوَاةِ الْحَدِيثِ لَا يَضْبِطُونَ الْإِعْرَابَ وَلَا يُحْسِنُونَهُ ، وَرُبَّمَا حَرَّفُوا الْكَلَامَ عَنْ وَجْهِهِ ، وَوَضَعُوا الْخِطَابَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ ، وَلَيْسَ يَلْزَمُ مَنْ أَخَذَ عَنْ هَذِهِ الطَّائِفَةِ أَنْ يَحْكِيَ أَلْفَاظَهُمْ إِذَا عَرَفَ وَجْهَ الصَّوَابِ ، إِذَا كَانَ الْمُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ مَعْلُومًا ظَاهِرًا ، وَلَفْظُ الْعَرَبِ بِهِ مَعْرُوفًا فَاشِيًا ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُحَدِّثَ ، إِذَا قَالَ : لَا يَؤُمُّ الْمُسَافِرَ الْمُقِيمُ فَنَصَبَ الْمُسَافِرَ وَرَفَعَ الْمُقِيمَ ، وَكَذَلِكَ : لَا يَؤُمُّ الْمُقَيَّدَ الْمُطْلَقُ فَنَصَبَ الْمُقَيَّدَ وَرَفَعَ الْمُطْلَقَ كَانَ قَدْ أَحَالَ وَكُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى عَبْدَانَ يَوْمًا وَهُوَ يُحَدِّثُنَا ، وَأَبُو الْعَبَّاسِ سُرَيْجٌ حَاضِرٌ ، فَقَالَ عَبْدَانُ : مَنْ دُعِيَ فَلَمْ يَجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَفَتَحَ الْيَاءَ مِنْ قَوْلِهِ يُجِبْ ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ : إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَقُولَ : يُجِبْ يَعْنِي بِضَمِّ الْيَاءِ فَأَبَى عَبْدَانُ أَنْ يَقُولَ ، وَعَجِبَ مِنْ صَوَابِ ابْنِ سُرَيْجٍ ، كَمَا عَجِبَ ابْنُ سُرَيْجٍ مِنْ خَطَئِهِ فَهَذَا وَنَحْوُهُ يُزِيلُ الْمَعْنَى ، فَلَا يَعْتَدُّ بِأَلْفَاظِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ ، وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى كَرَاهِيَّتِهِمْ لِلْإِعْرَابِ وَذَمِّهِمْ لِأَهْلِهِ
وَإِنِّي سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ مُوسَى ، يَقُولُ : سَمِعْتُ بُنْدَارًا ، يَقُولُ : مَنْ أَعْرَبَ لَمْ يَنْبَلْ وَسَمِعْتُ مَنْ يَحْكِي نَحْوًا مِنْ هَذَا ، عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَيَذْكُرُونَ ، أَنَّ ابْنَ وَارَةَ اسْتَأْذَنَ عَلَى أَبِي كُرَيْبٍ ، فَقَالَ : نَحْنُ طُلَّابُ النَّهَارِ ، سَهْلُ اللَّيْلِ ، صَيَارِفَةُ الْعِلْمِ فَقَالَ أَبُو كُرَيْبٍ : وَاللَّهِ لَا حَدَّثْتُكَ وَأَنَا أَعْرِفُكَ
وَحَدَّثَنِي ابْنُ الْبُرِّيِّ ، ثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ قَالَ : سَمِعْتُ الْحُمَيْدِيَّ ، وَسَعِيدَ بْنَ مَنْصُورٍ ، يَقُولَانِ : قَدِمَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ فَجَعَلَ يَقُولُ : حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ ، وَقَالَ سَلَمَةُ ، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ : كُنَّا نُرِيدُ أَنْ نَرُدَّ نَافِعًا عَنِ اللَّحْنِ فَلَا يَرْجِعُ
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ ، ثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ ، ثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ بَعْضِ الْمَشْيَخَةَ ، : أَنَّ رَجُلًا أَتَى مَنْزِلَ إِبْرَاهِيمَ ، فَقَالَ : أَهَاهُنَا أَبَا عِمْرَانَ ؟ فَسَكَتَ إِبْرَاهِيمُ ، فَقَالَ : أَهَاهُنَا أَبِي عِمْرَانَ ؟ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ : قُلِ الثَّالِثَةَ وَادْخُلْ وَمِنَ اللَّحْنِ مَا يُسْتَقْبَحُ ، وَلَا يُزِيلُ الْمَعْنَى ، كَقَوْلِ بَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ : لَبَّيْكَ بِحَجَّةً وَعُمْرَةً مَعًا بِنَصْبِهِمَا وَمِنْهُ مَا جَاءَتْ بِهِ أَلْفَاظُهُمْ عَلَى غَيْرِ هَيْئَةِ كَلَامِ الْعَرَبِ ، كَقَوْلِهِمْ : نَهَى عَنِ الْإِقْرَانِ وَأَحْرَمَهُ الْعَطَاءَ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ وَمِنْهُ مَا جَاءَ عَلَى وَجْهِ الْحِكَايَةِ ، مِثْلُ قَوْلِهِمْ : سُئِلَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، عَنِ {{ السَّائِحُونَ }} ، فَقَالَ : الصَّائِمُونَ كَأَنَّ تَقْدِيرُهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ }} ، يَحْكِي اللَّفْظَ فِي التَّنْزِيلِ
حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ مَخْلَدٍ التَّيْمِيُّ ، ثَنَا عَاصِمُ بْنُ هِلَالٍ الْبَارِقِيُّ ، ثَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : تَعَلَّمُوا الزَّهْرَاوَانِ ؛ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو خَلِيفَةَ ، عَلَى هَذَا اللَّفْظِ أَيْضًا قَالَ : ثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ ، فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَافِعًا لِأَصْحَابِهِ ، وَعَلَيْكُمْ بِالزَّهْرَاوَانِ : الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَأَمَّا إِصَابَةُ الْمَعْنَى بِتَغْيِيرِ اللَّفْظِ فَأَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ نَقَلَةِ الْأَخْبَارِ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى اتِّبَاعَ اللَّفْظِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَجَوَّزْ فِي ذَلِكَ إِذَا أَصَابَ الْمَعْنَى ، وَكَذَلِكَ سَبِيلُ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ ، وَالزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ ، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَعْتَمِدُ الْمَعْنَى ، وَلَا يَعْتَدُّ بِاللَّفْظِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُشَدِّدُ فِي ذَلِكَ وَلَا يُفَارِقُ اللَّفْظَ وَقَدْ دَلَّ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي صِفَةِ الْمُحَدِّثِ مَعَ رِعَايَةِ اتِّبَاعِ اللَّفْظِ عَلَى أَنَّهُ يَسُوغُ لِلْمُحَدِّثِ أَنْ يَأْتِيَ بِالْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ ، إِذَا كَانَ عَالِمًا بِلُغَاتِ الْعَرَبِ وَوُجُوهِ خِطَابِهَا ، بَصِيرًا بِالْمَعَانِي وَالْفِقْهِ ، عَالِمًا بِمَا يُحِيلُ الْمَعْنَى وَمَا لَا يُحِيلُهُ ، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ جَازَ لَهُ نَقْلُ اللَّفْظِ ، فَإِنَّهُ يَحْتَرِزُ بِالْفَهْمِ عَنْ تَغْييرِ الْمَعَانِي وَإِزَالَةِ أَحْكَامِهَا ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ كَانَ أَدَاءُ اللَّفْظِ لَهُ لَازِمًا ، وَالْعُدُولُ عَنْ هَيْئَةِ مَا يَسْمَعُهُ عَلَيْهِ مَحْظُورًا ، وَإِلَى هَذَا رَأَيْتُ الْفُقَهَاءَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَذْهَبُونَ وَمِنَ الْحُجَّةِ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ قَصَّ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ قَصَصًا ، كَرَّرَ ذِكْرَ بَعْضِهَا فِي مَوَاضِعَ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ ، وَنَقَلَهَا مِنْ أَلْسِنَتِهِمْ إِلَى اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لَهَا فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ ، وَالْحَذْفِ وَالْإِلْغَاءِ ، وَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَقَدْ حُكِيَتْ هَذِهِ الْحُجَّةَ بِعَيْنِهَا عَنِ الْحَسَنِ
حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ عَدِيسَ شَيْخٌ لَنَا ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ مَسْعَدَةَ ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ رَامَهُرْمُزَ قَالَ : قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ قَاضِي الْأَهْوَازِ فِي شَيْءٍ جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَهُ : ثَلَاثَةٌ يُشَدِّدُونَ فِي الْحُرُوفِ ، وَثَلَاثَةٌ يُرَخِّصُونَ فِيهَا ، فَمِمَّنْ رَخَّصَ فِيهَا الْحَسَنُ ، وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ : يَحْكِي اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْقُرُونِ السَّالِفَةِ بِغَيْرِ لُغَاتِهَا ، أَفَكَذَبَ هُوَ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ مُتَّكِئًا ، فَاسْتَوَى جَالِسًا ، ثُمَّ أَخَذَ بِمَجَامِعِ كَفِّهِ ، وَقَالَ : مَا أَحْسَنَ هَذَا أَحْسَنَ الْحَسَنُ جِدًّا
وَقَالَ قَتَادَةُ ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى : لَقِيتُ عِدَّةً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَاخْتَلَفُوا عَلَيَّ فِي اللَّفْظِ ، وَاجْتَمَعُوا فِي الْمَعْنَى وَمِنَ الْحُجَّةِ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى اتِّبَاعِ اللَّفْظِ ، قَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَبَلَّغَهَا كَمَا سَمِعَهَا أَوْ قَالَ : فَوَعَاهَا ثُمَّ أَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا وَمِنْهُ مَا رُوِيَ عَنْهُ ، صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ عِنْدَ مَضْجَعِهِ فِي دُعَاءٍ عَلَّمَهُ : آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ، فَقَالَ الرَّجُلُ : وَبِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ قَالُوا : أَفَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يُسَوِّغْ لِمَنْ عَلَّمَهُ الدُّعَاءَ مُخَالَفَةَ اللَّفْظِ ، وَقَالَ : فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا فَقِيلَ لَهُمْ : أَمَّا قَوْلُهُ : فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا فَالْمُرَادُ مِنْهُ حُكْمُهَا لَا لَفْظُهَا ، لِأَنَّ اللَّفْظَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِهِ ، وَيَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْخِطَابِ حُكْمُهُ ، قَوْلُهُ : فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَأَمَّا رَدُّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الرَّجُلَ مِنْ قَوْلِهِ : بِرَسُولِكَ إِلَى قَوْلِهِ : وَبِنَبِيِّكَ فَإِنَّ النَّبِيَّ أَمْدَحُ ، وَلِكُلِّ نَعْتٍ مِنْ هَذَيْنِ النَّعْتَيْنِ مَوْضِعٌ ، أَلَا تَرَى أَنَّ اسْمَ الرَّسُولَ يَقَعُ عَلَى الْكَافَّةِ ، وَاسْمُ النَّبِيِّ لَا يَسْتَحِقُّهُ إِلَّا الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَإِنَّمَا فُضِّلَ الْمُرْسَلُونَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ لِأَنَّهُمْ جَمَعُوا النُّبُوَّةَ وَالرِّسَالَةَ جَمِيعًا ، فَلَمَّا قَالَ : وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ جَاءَ بِالنَّعْتِ الْأَمْدَحِ وَقَيَّدَهُ بِالرِّسَالَةِ بِقَوْلِهِ : الَّذِي أَرْسَلْتَ وَبَيَانٌ آخَرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ هُوَ الْمُعَلِّمُ لِلرَّجُلِ الدُّعَاءَ ، وَإِنَّمَا الْقَوْلُ فِي اتِّبَاعِ اللَّفْظِ ، إِذَا كَانَ الْمُتَكَلِّمُ حَاكِيًا لِكَلَامِ غَيْرِهِ ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَقَلَ الرَّجُلَ مِنْ قَوْلِهِ : وَبِرَسُولِكَ ، إِلَى قَوْلِهِ : وَبِنَبِيِّكَ ، لَيَجْمَعَ بَيْنَ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ ، وَمُسْتَقْبَحٌ فِي الْكَلَامِ أَنْ يَقُولَ : هَذَا رَسُولُ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِي أَرْسَلَهُ ، وَهَذَا قَتِيلُ زَيْدٍ الَّذِي قَتَلَهُ ، لِأَنَّكَ تَجْتَزِئُ بِقَوْلِكَ رَسُولَ فُلَانٍ وَقَتِيلَ فُلَانٍ ، عَنْ إِعَادَةِ اسْمِ الْمُرْسَلِ وَالْقَاتِلِ ، إِذَا كُنْتَ لَا تُفِيدُ بِهِ إِلَّا الْمَعْنَى الْأَوَّلَ ، وَإِنَّمَا يُحْسُنُ أَنْ تَقُولَ : هَذَا رَسُولُ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِي أَرْسَلَهُ إِلَى عَمْرٍو ، وَهَذَا قَتِيلُ زَيْدٍ الَّذِي قَتَلَهُ بِالْأَمْسِ أَوْ فِي وَقْعَةِ كَذَا ، وَاللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ