حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ إِمْلَاءً , ثنا هَارُونُ بْنُ مُلُوكٍ الْمِصْرِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ ذَا النُّونِ الْمِصْرِيَّ ، يَقُولُ : تَسَمَّعُوا لَيْلًا عَلَى أَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ فَسَمِعُوهُ يَقُولُ : يَا رَبِّ إِنْ طَالَبْتَنِي بِسَرِيرَتِي طَالَبْتُكَ بِتَوْحِيدِكَ وَإِنْ طَالَبْتَنِي بِذُنُوبِي طَالَبْتُكَ بِكَرَمِكَ وَإِنْ جَعَلْتَنِي مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَخْبَرْتُ أَهْلَ النَّارِ بِحُبِّي إِيَّاكَ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ صَالِحَ بْنَ عَبْدِ الْجَلِيلِ ، يَقُولُ : ذَهَبَ الْمُطِيعُونَ لِلَّهِ بِلَذِيذِ الْعَيْشِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : رَضِيتُمْ بِي بَدَلًا دُونَ خَلْقِي وَآثَرْتُمُونِي عَلَى شَهَوَاتِكُمْ فِي الدُّنْيَا فَعِنْدِي الْيَوْمَ فَبَاشِرُوهَا فَلَكُمُ الْيَوْمَ عِنْدِي تَحِيَّاتِي وَكَرَامَتِي فَبِي فَافْرَحُوا وَبِقُرْبِي فَتَنَعَّمُوا فَوَعِزَّتِي وَجَلَالِي مَا خَلَقْتُ الْجَنَّاتِ إِلَّا مِنْ أَجْلِكُمْ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ دَاوُدَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَطَرٍ ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ عُثْمَانَ الْجُوعِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ ، يَقُولُ : قَرَأْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : بِعَيْنَيَّ مَا يَتَحَمَّلُ الْمُتَحَمِّلُونَ مِنْ أَجْلِي وَيُكَابِدُ الْمُكَابِدُونَ فِي طَلَبِ مَرْضَاتِي ، فَكَيْفَ بِهِمْ وَقَدْ صَارُوا فِي جِوَارِي وَتَبَحْبَحُوا فِي رِيَاضِ خُلْدِي فَهُنَالِكَ فَلْيُبْشِرِ الْمُصْغُونَ إِلَى أَعْمَالِهِمْ بِالنَّظَرِ الْعَجِيبِ مِنَ الْحَبِيبِ الْقَرِيبِ ، تَرَوْنَ أَنْ أُضَيِّعَ لَهُمْ عَمَلًا وَأَنَا أَجُودُ عَلَى الْمُوَلِّينَ عَنِّي فَكَيْفَ بِالْمُقْبِلِينَ عَلَيَّ ، مَا غَضِبْتُ عَلَى أَحَدٍ كَغَضَبِي عَلَى مَنْ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَاسْتَعْظَمَهُ فِي جَنْبِ عَفْوِي فَلَوْ كُنْتُ مُعَجِّلًا أَحَدًا وَكَانَتِ الْعَجَلَةُ مِنْ شَأْنِي لَعَاجَلْتُ الْقَانِطِينَ مِنْ رَحْمَتِي ، فَأَنَا الدَّيَّانُ الَّذِي لَا تَحِلُّ مَعْصِيَتِي وَلَا أُطَاعُ إِلَّا بِفَضْلِ رَحْمَتِي ، وَلَوْ لَمْ أَشْكُرْ عِبَادِي إِلَّا عَلَى خَوْفِهِمْ مِنَ الْمُقَامِ بَيْنَ يَدَيَّ لَشَكَرْتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَجَعَلْتُ ثَوَابَهُمُ الْأَمْنَ مِمَّا خَافُوا ، فَكَيْفَ بِعِبَادِي لَوْ قَدْ رَفَعْتُ قُصُورًا تَحَارُ لِرُؤْيَتِهَا الْأَبْصَارُ فَيَقُولُونَ : رَبَّنَا لِمَنْ هَذِهِ الْقُصُورُ ؟ فَأَقُولُ : لِمَنْ أَذْنَبَ ذَنْبًا وَلَمْ يَسْتَعْظِمْهُ فِي جَنْبِ عَفْوِي أَلَا وَإِنِّي مُكَافِئٌ عَلَى الْمَدْحِ فَامْدَحُونِي
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ ، ثنا أَبُو هَارُونَ يُوسُفُ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : مَنْ أَحْسَنَ فِي نَهَارِهِ كُفِيَ فِي لَيْلِهِ ، وَمَنْ أَحْسَنَ فِي لَيْلِهِ كُفِيَ فِي نَهَارِهِ ، وَمَنْ صَدَقَ فِي تَرْكِ شَهْوَةٍ كُفِيَ مُؤْنَتَهَا وَكَانَ اللَّهُ أَكْرَمَ مِنْ أَنْ يُعَذِّبَ قَلْبًا بِشَهْوَةٍ تُرِكَتْ لَهُ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : لَا يَصِفُ أَحَدٌ دَرَجَةً هُوَ فِيهَا حَتَّى يَدَعَهَا أَوْ يَجُوزَهَا
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : إِذَا بَلَغَ الْعَبْدُ غَايَةً مِنَ الزُّهْدِ أَخْرَجَهُ ذَلِكَ إِلَى التَّوَكُّلِ
حَدَّثَنَا أَبِي ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَاكِرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ ، يَقُولُ : أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ دُعَاؤُهُمْ غَيْرُ دُعَاءِ النَّاسِ وَهِمَّتُهُمْ غَيْرُ هِمَّةِ النَّاسِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : إِرَادَتُهُمْ مِنَ الْآخِرَةِ غَيْرُ إِرَادَةِ النَّاسِ ، وَدُعَاؤُهُمْ غَيْرُ دُعَاءِ النَّاسِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُؤَدِّبُ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ ، ثنا أَبُو حَاتِمٍ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : لَوْ شَكَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي الْحَقِّ مَا شَكَكْتُ فِيهِ وَحْدِي . قَالَ أَحْمَدُ : كَانَ قَلْبُهُ فِي هَذَا مِثْلَ قَلْبِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ يَوْمَ الرِّدَّةِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ ، ثنا أَبُو حَاتِمٍ ، ثنا ابْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : كُلُّ قَلْبٍ فِيهِ شَكٌّ فَهُوَ سَاقِطٌ
حَدَّثَنَا أَبِي ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَبَانَ ، ثنا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّمَرْقَنْدِيُّ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ الحورَانِي ، - وَكَانَ أَبُو سُلَيْمَانَ يُحِبُّهُ وَيَبِيتُ عِنْدَهُ - قَالَ : قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : مَا مِنْ شَيْءٍ مِنْ دَرَجِ الْعَابِدِينَ إِلَّا ثَبَتَ - يَعْنِي نَفْسَهُ عَارِفٌ بِمَا هُنَالِكَ - إِلَّا هَذَا التَّوَكُّلُ الْمُبَارَكُ فَإِنِّي لَا أَعْرِفُهُ إِلَّا كَسَامِ الرِّيحِ لَيْسَ يَثْبُتُ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، ثنا عُمَرُ بْنُ يَحْيَى الْأَسَدِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : لَوْ تَوَكَّلْنَا عَلَى اللَّهِ مَا بَنَيْنَا الْحَائِطَ وَلَا جَعَلْنَا لِبَابِ الدَّارِ غَلَقًا مَخَافَةَ اللُّصُوصِ
وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ أَقْرَبِ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْعَبْدُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَبَكَى وَقَالَ : مِثْلُكَ يُسْأَلُ عَنْ هَذَا ؟ أَفْضَلُ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْعَبْدُ إِلَى اللَّهِ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى قَلْبِكَ وَأَنْتَ لَا تُرِيدُ مِنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ غَيْرَهُ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، ثنا عُمَرُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : مَنْ وَثِقَ بِاللَّهِ فِي رِزْقِهِ زَادَ فِي حُسْنِ خُلُقِهِ وَأَعْقَبَهُ الْحِلْمَ وَسَخَتْ نَفْسُهُ فِي نَفَقَتِهِ وَقَلَّتْ وَسَاوِسُهُ فِي صَلَاتِهِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : كُلَّمَا ارْتَفَعَتْ مَنْزِلَةُ الْقَلْبِ كَانَتِ الْعُقُوبَةُ إِلَيْهِ أَسْرَعُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ثنا إِسْحَاقُ ، ثنا أَحْمَدُ ، سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : إِذَا أَصَابَ الشَّهْوَةَ فَنَدِمَ ارْتَفَعَتْ عَنْهُ الْعُقُوبَةُ وَإِنِ اغْتَبَطَ وَحَدَّثَ نَفْسَهُ أَنْ يُعَاوِدَهَا دَامَتْ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ثنا إِسْحَاقُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : إِذَا اسْتَحْيَا الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْخَيْرَ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : لَا تَجِيءُ الْوَسَاوِسُ إِلَّا إِلَى كُلِّ قَلْبٍ عَامِرٍ ، رَأَيْتَ لِصًّا يَأْتِي الْخَرَابَةَ يَنْقُبُهَا وَهُوَ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّ الْأَبْوَابِ شَاءَ ، إِنَّمَا يَجِيءُ إِلَى بَيْتٍ فِيهِ رُزَمٌ وَقَدْ أُقْفِلَ يَنْقُبُهُ لِيَسْتَلَّ الرِّزْمَةَ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : قَدْ أَسْكَنَهُمُ الْغُرَفَ قَبْلَ أَنْ يُطِيعُوهُ ، وَأَدْخَلَهُمُ النَّارَ قَبْلَ أَنْ يَعْصُوهُ ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَحْمِلُ الطَّعَامَ إِلَى الْأَصْنَامِ وَاللَّهُ تَعَالَى يُحِبُّهُ مَا ضَرَّهُ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : دَعِ الْخُبْزَ أَبَدًا وَأَنْتَ تَشْتَهِيهِ فَهُوَ أَحْرَى أَنْ تَعُودَ إِلَيْهِ
قَالَ : وَقَالَ لِي أَبُو سُلَيْمَانَ : جُوعٌ قَلِيلٌ وَسَهَرٌ قَلِيلٌ وَبَرْدٌ قَلِيلٌ يَقْطَعُ عَنْكَ الدُّنْيَا
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، ثنا عُمَرُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : الْقَنَاعَةُ أَوَّلُ الرِّضَا وَالْوَرَعُ أَوَّلُ الزُّهْدِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، ثنا عُمَرُ ، ثنا ابْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : لَا تُعَاتِبْ أَحَدًا مِنَ الْخَلْقِ فِي زَمَانِنَا فَإِنَّكَ إِنْ عَاتَبْتَهُ أَعْقَبَكَ بِأَشَدَّ مِمَّا عَاتَبْتَهُ دَعْهُ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ . قَالَ أَحْمَدُ : فَجَرَّبْتُ فَوَجَدْتُهُ عَلَى مَا قَالَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، ثنا عُمَرُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : اخْتَلَفُوا عَلَيْنَا فِي الزُّهْدِ بِالْعِرَاقِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : الزُّهْدُ فِي تَرْكِ لِقَاءِ النَّاسِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : فِي تَرْكِ الشَّهَوَاتِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : فِي تَرْكِ الشِّبَعِ ، وَكَلَامُهُمْ قَرِيبٌ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ وَأَنَا أَذْهِبُ إِلَى أَنَّ الزُّهْدَ فِي تَرْكِ مَا يَشْغَلُكَ عَنِ اللَّهِ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ ، قَالَ : ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : لَا لِلرِّضَى حَدٌّ وَلَا لِلْوَرَعِ حَدٌّ وَلَا لِلزُّهْدِ حَدٌّ وَمَا أَعْرِفُ إِلَّا طَرَفًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ
قَالَ أَسَدٌ : حَدَّثْتُ بِهِ سُلَيْمَانَ فَقَالَ : مَنْ رَضِيَ بِكُلِّ شَيْءٍ فَقَدْ بَلَغَ حَدَّ الرِّضَى وَمَنْ تَوَرَّعَ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَقَدْ بَلَغَ حَدَّ الْوَرَعِ وَمَنْ زَهِدَ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَقَدْ بَلَغَ حَدَّ الزُّهْدِ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ ، قَالَ : ثنا إِسْحَاقُ ، قَالَ : ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : قُلْتُ لِسُلَيْمَانَ أَنَّ ابْنَ دَاوُدَ ، قَالَ : لَيْتَ اللَّيْلُ أَطْوَلُ مِمَّا هُوَ . قَالَ : قَدْ أَحْسَنَ وَقَدْ أَسَاءَ قَدْ أَحْسَنَ حِينَ تَمَنَّى طُولَ اللَّيْلِ لِلطَّاعَةِ وَأَسَاءَ حِينَ تَمَنَّى طُولَ مَا قَصَّرَهُ اللَّهُ إِنَّهُ إِنْ مَضَتْ عَنْهُ هَذِهِ فَلَهُ فِي الَّتِي تَأْتِي عِوَضٌ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ ، ثنا إِسْحَاقُ ، ثنا أَحْمَدُ قَالَ : قَالَ لِي سُلَيْمَانُ : مِنْ أَيِّ وَجْهٍ أَزَالَ الْعَاقِلُ اللَّائِمَةَ عَمَّنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ ؟ قُلْتُ : لَا أَدْرِي . قَالَ : مِنْ أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي ابْتَلَاهُ بِهِ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْمُعَلَّى ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ : لَمْ أُوتِرِ الْبَارِحَةَ وَلَمْ أُصَلِّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَلَمْ أُصَلِّ الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ . قَالَ : بِمَا كَسَبَتْ يَدَاكَ وَاللَّهُ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ شَهْوَةً أَصَبْتَهَا
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبَانَ ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدٍ ، ثنا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : الدُّنْيَا تَطْلُبُ الْهَارِبَ مِنْهَا فَإِنْ أَدْرَكَتْهُ جَرَحَتْهُ وَإِنْ أَدْرَكَهَا الطَّالِبُ لَهَا قَتَلَتْهُ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ بُجَيْرٍ الْوَاسِطِيُّ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : وَاحُزْنَاهُ عَلَى الْحُزْنِ فِي دَارِ الدُّنْيَا
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْوَاسِطِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ عُثْمَانَ الْجرعي يَقُولُ : قَالَ لِي أَبُو سُلَيْمَانَ : يَا قَاسِمُ إِذَا سَمَّاكَ اللَّهُ بِاسْمٍ فَكُنْ عِنْدَ مَا سَمَّاكَ وَإِلَّا هَلَكْتَ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْآجُرِّيُّ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَطَشِيُّ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ عَطِيَّةَ الدَّارَانِيَّ ، يَقُولُ : مِفْتَاحُ الْآخِرَةِ الْجُوعُ وَمِفْتَاحُ الدُّنْيَا الشِّبَعُ ، وَأَصْلُ كُلِّ خَيْرٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ شَاذَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ الْمَعْمَرِيَّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ فِي الْمِحْرَابِ فَأَقْلَقَنِي الْبَرْدُ فَخَبَّأْتُ إِحْدَى يَدَيَّ مِنَ الْبَرْدِ وَبَقِيَتِ الْأُخْرَى مَمْدُودَةٌ فَغَلَبَتْنِي عَيْنِي فَهَتَفَ بِي هَاتِفٌ يَا أَبَا سُلَيْمَانَ قَدْ وَضَعْنَا فِي هَذِهِ مَا أَصَابَهَا وَلَوْ كَانَتِ الْأُخْرَى لَوَضَعْنَا فِيهَا . فَآلَيْتُ عَلَى نَفْسِي بِأَنْ لَا أَدْعُوَ إِلَّا وَيَدَايَ خَارِجَتَانِ حَرًّا كَانَ أَوْ بَرْدًا
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْوَاسِطِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْوَاسِطِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الْوَاسِطِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، يَقُولُ : قَالَ لِي أَبُو سُلَيْمَانَ : يَا أَحْمَدُ إِنِّي مُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ فَلَا تُحَدِّثْ بِهِ حَتَّى أَمُوتَ , نِمْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ عَنْ وِرْدِي فَإِذَا أَنَا بِحَوْرَاءَ تُنَبِّهُنِي وَتَقُولُ : يَا أَبَا سُلَيْمَانَ تَنَامُ وَأَنَا أُرَبَّى لَكَ فِي الْخُدُورِ مُنْذُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ
حَدَّثَنَا أَبِي ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ ، ثنا أَبُو حَاتِمٍ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : شَكَوْتُ إِلَى أَبِي سُلَيْمَانَ الْوَسْوَاسَ فَقَالَ : إِنِّي أَرَى ذَلِكَ قَدْ غَمَّكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ ، إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَنْقَطِعَ عَنْكَ فَإِنْ أَحْسَسْتَ بِهَا فَافْرَحْ بِهَا فَإِنَّكَ إِذَا فَرِحْتَ بِهَا انْقَطَعَ عَنْكَ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنْ سُرُورِ الْمُؤْمِنِ ، وَإِنِ اغْتَمَمْتَ مِنْهَا زَادَكَ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : إِنَّمَا يَجِيءُ الْوَسْوَاسُ وَكَثْرَةُ الرُّؤْيَا إِلَى كُلِّ ضَعِيفٍ فَإِذَا أَخْلَصَ انْقَطَعَ عَنْهُ الرُّؤْيَا وَكَثْرَةُ الْوَسْوَاسِ . قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَرُبَّمَا أَقَمْتُ سِنِينَ لَا أَرَى الرُّؤْيَا
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ ، يَقُولُ : الْعِيَالُ يُضَعِّفُونَ يَقِينَ الرَّجُلِ ، إِنَّهُ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ فَجَاعَ قَنَعَ وَإِذَا كَانَ لَهُ عِيَالٌ طَلَبَ لَهُمْ وَإِذَا جَاعَ الطَّالِبُ فَقَدْ ضَعُفَ الْيَقِينُ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : إِذَا جَاءَتِ الدُّنْيَا إِلَى الْقَلْبِ تَرَحَّلَتِ الْآخِرَةُ مِنْهُ وَإِذَا كَانَتِ الدُّنْيَا فِي الْقَلْبِ لَمْ تَجِئِ الْآخِرَةُ تَزْحَمُهَا لِأَنَّ الدُّنْيَا لَئِيمَةٌ وَالْآخِرَةُ عَزِيزَةٌ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : يَلْبَسُ أَحَدُهُمْ عَبَاءَةً قِيمَتُهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَنِصْفٌ وَشَهْوَتُهُ فِي قَلْبِهِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ إِنَّمَا يَسْتَحِي أَنْ تُجَاوِزَ شَهْوَتُهُ لِبَاسَهُ . قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَإِذَا لَمْ يَبْقَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الشَّهَوَاتِ شَيْءٌ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَدَّرَعَ عَبَاءَةً وَيَلْزَمَ الطَّرِيقَ لِأَنَّ الْعَبَاءَةَ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ الزُّهْدِ وَلَوْ أَنَّهُ سَتَرَ زُهْدَهُ بِثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ بِخَلْطَةِ النَّاسِ كَانَ أَسْلَمَ لَهُ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو سُلَيْمَانَ ، قَالَ : شَهِدْتُ مَعَ أَبِي الْأَشْهَبِ جَنَازَةً بِعَبَّادَانَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : يَا دَاوُدُ حَذِّرْ فَأَنْذِرْ أَصْحَابَكَ أَكْلَ الشَّهَوَاتِ فَإِنَّ الْقُلُوبَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِشَهَوَاتِ الدُّنْيَا عُقُولُهَا مَحْجُوبَةٌ عَنِّي . قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : فَكَتَبْتُهُ فِي رُقْعَةٍ وَارْتَحَلْتُ مَا مَعِيَ حَدِيثٌ غَيْرُهُ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَحْمَدَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ صَالِحَ بْنَ عَبْدِ الْجَلِيلِ ، يَقُولُ : لَا يَنْظُرُ أَهْلِ الْبَصَائِرِ إِلَى مُلُوكِ الدُّنْيَا بِالتَّعْظِيمِ لَهُمْ وَالْغِبْطَةِ
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْأَصْبَهَانِيُّ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، يَقُولُ : قَالَ لِي أَبُو سُلَيْمَانَ : يَا أَحْمَدُ ، كُنَّ كَوْكَبًا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَوْكَبًا فَكُنْ قَمَرًا ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَمَرًا فَكُنْ شَمْسًا . فَقُلْتُ : يَا أَبَا سُلَيْمَانَ الْقَمَرُ أَضْوَأُ مِنَ الْكَوْكَبِ وَالشَّمْسُ أَضْوَأُ مِنَ الْقَمَرِ . قَالَ : يَا أَحْمَدُ ، كُنْ مِثْلَ الْكَوْكَبِ طَلَعَ أَوَّلَ اللَّيْلِ إِلَى الْفَجْرِ فَقُمْ أَوَّلَ اللَّيْلِ إِلَى آخِرِهِ ، فَإِنْ لَمْ تَقْوَ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ ، فَكُنْ مِثْلَ الشَّمْسِ تَطْلُعُ أَوَّلَ النَّهَارِ إِلَى آخِرِهِ ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ فَلَا تَعْصِ اللَّهَ بِالنَّهَارِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : إِذَا فَاتَكَ شَيْءٌ مِنَ التَّطَوُّعِ فَاقْضِ فَهُوَ أَحْرَى أَنْ لَا تَعُودَ إِلَى تَرْكِهِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ثنا إِسْحَاقُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : أُمَثِّلُ لِي رَأْسِي بَيْنَ جَبَلَيْنِ مِنْ نَارٍ ، وَرُبَّمَا رَأَيْتُنِي أَهْوِي فِيهَا حَتَّى أَبْلُغَ قَرَارَهَا ، فَكَيْفَ تَهْنَأُ الدُّنْيَا مَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتُهُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ثنا إِسْحَاقُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : إِنَّمَا هَانُوا عَلَيْهِ فَعَصَوْهُ وَلَوْ كَرُمُوا عَلَيْهِ لَمَنَعَهُمْ مِنْهَا
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَا : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَائِلَةَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : إِذَا وَصَلُوا إِلَيْهِ لَمْ يَرْجِعُوا عَنْهُ أَبَدًا إِنَّمَا رَجَعَ مَنْ رَجَعَ مِنَ الطَّرِيقِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، وَعَبْدُ اللَّهِ ، قَالَا : ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثَنَا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ لِمَحْمُودِ بْنِ خَالِدٍ : احْذَرْ صَغِيرَ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يَجُرُّ إِلَى كَبِيرَهِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، وَعَبْدُ اللَّهِ ، قَالَا : ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيهِ : بَيْنِي وَبَيْنَكَ الصِّرَاطُ فَإِنَّهُ لَيْسَ يَعْرِفُ الصِّرَاطُ لَوْ عَرَفَ الصِّرَاطَ لَأَحَبَّ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِأَحَدٍ وَلَا يَتَعَلَّقَ بِهِ أَحَدٌ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : لَمَّا حَجَّ أُوَيْسٌ دَخَلَ الْمَدِينَةَ ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ قِيلَ لَهُ هَذَا قَبْرُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . قَالَ : فَغُشِيَ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ : أَخْرِجُونِي فَلَيْسَ بِلَادِي بَلَدًا مُحَمَّدٌ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهِ مَدْفُونٌ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثَنَا أَحْمَدُ ، قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ : كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ مُوسِرَيْنِ ، قَالَ : اسْكُتْ إِنَّمَا كَانَ عُثْمَانُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ خَازِنَيْنِ مِنْ خُزَّانِ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ يُنْفِقَانِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : هُمْ عَامَلُوا رَبَّهُمْ بِقُلُوبِهِمْ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : رُبَّمَا أَقَمْتُ فِي الْآيَةِ الْوَاحِدَةَ خَمْسَ لَيَالٍ وَلَوْلَا أَنِّي بَعْدُ أَدَعُ الْفِكْرَ فِيهَا مَا جُزْتُهَا أَبَدًا ، وَرُبَّمَا جَاءَتِ الْآيَةُ مِنَ الْقُرْآنِ تُطِيرُ الْعَقْلَ فَسُبْحَانَ الَّذِي رَدَّهُ إِلَيْهِمْ بَعْدُ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، ح وَحَدَّثَنَا أَبِي ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : الرِّضَا عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالرَّحْمَةُ لِلْخَلْقِ دَرَجَةُ الْمُرْسَلِينَ
حَدَّثَنَا أَبِي ، ثنا أَحْمَدُ ، ثنا الْحُسَيْنُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : لَيْسَ الْعَجَبُ مِمَّنْ لَمْ يَجِدْ لَذَّةَ الطَّاعَةِ ، إِنَّمَا الْعَجَبُ مِمَّنْ وَجَدَ لَذَّتَهَا ثُمَّ تَرَكَهَا كَيْفَ صَبَرَ عَنْهَا
حَدَّثَنَا أَبِي ، ثنا أَحْمَدُ ، ثنا الْحُسَيْنُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : مَنْ عَرَفَ الدُّنْيَا عَرَفَ الْآخِرَةَ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ الدُّنْيَا لَمْ يعْرَفِ الْآخِرَةَ ، قَالَ أَحْمَدُ : يَعْنِي الزُّهْدَ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، قَالَ قُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ : أَلَيْسَ قَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ : إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ ؟ قَالَ : صَدَقْتَ ، وَلَكِنْ أَيْنَ الَّذِي يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ ؟
قَالَ : وَقُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ : إِنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا لَا يَقَعَانِ عَلَى قَلْبِي . قَالَ : وَلَا عَلَى قَلْبِي وَلَكِنْ لَعَلَّنَا إِنَّمَا أَتَيْنَا مِنْ قَلْبِي وَقَلْبِكَ فَلَيْسَ فِينَا خَيْرٌ وَلَيْسَ نُحِبُّ الصَّالِحِينَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ثنا إِسْحَاقُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : كَانَ لِيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا قَدَحٌ يَشْرَبُ فِيهِ وَيَتَوَضَّأُ فَمَرَّ بِرَجُلٍ يَشْرَبُ بِيَدِهِ ، فَقَالَ : أَرَى هَذَا قَدِ اجْتَزَى بِيَدِهِ فَطَرَحَ الْقَدَحَ ، فَقَالَ : هَذَا مَعَ مَا تَرَكْتُهُ مِنَ الدُّنْيَا
وَقُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ : تَبِيتُ عِنْدَنَا ؟ قَالَ : مَا أُحِبُّكُمْ تَشْغَلُونِي بِالنَّهَارِ وَتُرِيدُونَ أَنْ تَشْغَلُونِي بِاللَّيْلِ
وَقُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ : إِنِّي قَدْ غَبَطْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، قَالَ : بِأَيِّ شَيْءٍ وَيْحَكَ ، قُلْتُ : بِثَمَانِ مِائَةِ سَنَةٍ وَبِأَرْبَعِمِائَةِ سَنَةٍ حَتَّى يَصِيرُوا كَالشِّنَانِ الْبَالِيَةِ وَالْحَنَايَا وَكَالْأَوْتَارِ . قَالَ : مَا ظَنَنْتُ إِلَّا أَنَّكَ قَدْ جِئْتَ بِشَيْءٍ لَا وَاللَّهِ مَا يُرِيدُ اللَّهُ مِنَّا أَنْ تَيْبَسَ جُلُودُنَا عَلَى عِظَامِنَا وَلَا يُرِيدُ مِنَّا إِلَّا صِدْقَ النِّيَّةِ فِيمَا عِنْدَهُ ، هَذَا إِذَا صَدَقَ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ نَالَ مَا نَالَ ذَاكَ فِي عُمْرِهِ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَائِلَةَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : كَانُوا إِذَا شُغِلُوا لَا يَشْتَهُوا اللِّقَاءَ ، فَإِذَا افْتَرَقُوا الْتَقَوْا وَتَوَاضَعُوا
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : مَا شَكَكْتَ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَلَا تَشُكَّنَّ أَنَّ اجْتِمَاعَكُمْ بِاللَّيْلِ بِدْعَةً
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : ما عَمِلَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَمَلًا قَطُّ كَانَ أَنْفَعَ لَهُ مِنْ خَطِيئَتِهِ مَا زَالَ مِنْهَا خَائِفًا هَارِبًا حَتَّى لَحِقَ بِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَا : ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : كَيْفَ يَعْجَبُ عَاقِلٌ بِعَمَلِهِ وَإِنَّمَا يُعَدُّ الْعَمَلُ نِعْمَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْكُرَ وَيَتَوَاضَعَ ، وَإِنَّمَا يَعْجَبُ بِعَمَلِهِ الْقَدَرِيَّةُ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَعْمَلُونَ ، فَأَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فَبِأَيِّ شَيْءٍ يَعْجَبُ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : أَرْجُو أَنْ أَكُونَ ، قَدْ رُزِقْتُ مِنَ الرِّضَا طَرِيقًا ، وَلَوْ أَدْخِلْنِي النَّارَ لَكُنْتُ بِذَاكَ رَاضِيًا
قَالَ : وَرَأَيْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ أَرَادَ أَنْ يُلَبِّيَ فَغُشِيَ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ : يَا أَحْمَدُ ، بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا حَجَّ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ فَقَالَ : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ قَالَ لَهُ الرَّبُّ : لَا لَبَّيْكَ وَلَا سَعْدَيْكَ حَتَّى تَرُدَّ مَا فِي يَدَيْكَ ، فَمَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يُقَالَ لِي هَذَا ، ثُمَّ لَبَّى
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : لَيْسَ اتِّخَاذُ الْحَجِّ مِنْ بِضَاعَةِ أَهْلِ الْوَرَعِ لَا يُقْضَى مِنْهُ دَيْنٌ وَلَا يُشْتَرَى مِنْهُ مُصْحَفٌ وَمَا فَضَلَ يُرَدُّ إِلَى الْوَرَثَةِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاعِظُ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : رُبَّمَا سَمِعْتُ الرَّجُلَ ، يَقُولُ : فُؤَادِي يِلْحَسُنِي مِنَ الْجُوعِ وَلَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ أَضْعُفَ عَنْ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ مَا أَكَلْتُ شَيْئًا
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : قَالَ لِي أَبُو سُلَيْمَانَ : كَيْفَ يَتْرُكُ الدُّنْيَا مَنْ تَأْمُرُونَهُ بِتَرْكِ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ ، وَهُمْ إِذَا أَلْقَوْهَا أَخَذْتُمُوهَا أَنْتُمْ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : لَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْوَاحِدَةُ لَاكْتَفَوْا بِهَا : {{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ }}
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : أَيُّ شَيْءٍ أَرَادَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ . وَاللَّهِ مَا أَرَادُوا إِلَّا مَا سَأَلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : كُلُّ مَا شَغَلَكَ عَنِ اللَّهِ ، مِنْ أَهْلٍ أَوْ مَالٍ أَوْ وَلَدٍ فَهُوَ عَلَيْكَ مَشْئوُمٌ . فَحَدَّثْتُ بِهِ مَرْوَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ فَقَالَ : صَدَقَ وَاللَّهِ أَبُو سُلَيْمَانَ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : الَّذِي يُرِيدَ الْوَلَدَ أَحْمَقُ لَا لِلدُّنْيَا وَلَا لِلْآخِرَةِ ، إِنْ أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ أَوْ يُجَامِعَ نَغَصَّ عَلَيْهِ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَعَبَّدَ شَغَلَهُ
حَدَّثَنَا أَبِي وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَا : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ ، ثنا أَبُو حَاتِمٍ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ : يَا بُنَيَّ لَا تَدْخُلْ فِي الدُّنْيَا دُخُولًا يَضُرُّ بِآخِرَتِكَ وَلَا تَتْرُكْهَا تَرْكًا تَكُونُ كَلًّا عَلَى النَّاسِ
وَقَالَ لِي أَبُو سُلَيْمَانَ : لَيْسَ الْعِبَادَةُ عِنْدَنَا أَنْ تَصُفَّ قَدَمَيْكَ وَغَيْرُكَ يَفُتُّ لَكَ ، وَلَكِنِ ابْدَأْ بِرَغِيفَيْكَ فَأَحْرِزْهُمَا ثُمَّ تَعْبُدْ
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَلَا خَيْرَ فِي قَلْبٍ يَتَوَقَّعُ قَرْعَ الْبَابِ يَتَوَقَّعُ إِنْسَانًا يَجِيءُ يُعْطِيهِ شَيْئًا
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : إِذَا ذَكَرْتُ الْخَطِيئَةَ لَمْ أَشْتَهِ أَنْ أَمُوتَ ، قُلْتُ : أَبْقَى لَعَلِّي أَنْ أَتُوبَ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : أَيُّ شَيْءٍ يَزِيدُ الْفَاسِقُونَ عَلَيْكُمْ إِذَا اشْتَهَيْتُمْ شَيْئًا أَكَلْتُمُوهُ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ ، ثنا أَبُو حَاتِمٍ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ : يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ : اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي صِدِّيقًا ؟ قَالَ : إِنْ عَرَفَ فِي نَفْسِهِ مِنْ خِصَالِهِمْ شَيْئًا وَإِلَّا فَلَا يَتَعَدَّ فَإِنَّ مِنَ الدُّعَاءِ تَعَدِيًّا
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَمَا رَأَيْتُ صُوفِيًّا فِيهِ خَيْرٌ إِلَّا وَاحِدًا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَرْزُوقٍ . قَالَ : وَأَنَا أَرِقُّ لَهُمْ
قَالَ : وَقَالَ صُبْحٌ لِأَبِي سُلَيْمَانَ : طُوبَى لِلزَّاهِدِينَ . فَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : طُوبَى لِلْعَارِفِينَ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَتَعَبَّدُ ثُمَّ يَتْرُكُ الْعِبَادَةَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهَا قَالَ : لَيْسَ يَبْلُغُ مَا كَانَ فِيهِ أَبَدًا لِأَنَّهُ دَخَلَهَا أَوَّلًا وَمَعَهُ آلَةٌ مِنَ الْخَوْفِ ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهَا عَادَ إِلَيْهَا وَلَيْسَتْ تِلْكَ الْآلَةُ مَعَهُ ، فَلَيْسَ يَبْلُغُهَا أَبَدًا
قَالَ : وَقُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ : يَكُونُ الرَّجُلُ يُصِيبُ الشَّهَوَاتِ وَهُوَ يَجِدُ حَلَاوَةَ الْعِبَادَةِ ؟ قَالَ : مَا أَعْرِفُهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيَفْعَلُ بَعْدُ فِي خَلْقِهِ مَا يَشَاءُ
قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : كُلُّ مَنْ أَكَلَ لِيَسُرَّ أَخَاهُ لَمْ يَضُرَّ أَكْلُهُ ، إِنَّ الْعَامِلَ لِلَّهِ لَا يَخِيبُ إِنَّمَا يَضُرُّهُ إِذَا أَكَلَهُ شَهْوَةَ نَفْسِهِ - يَعْنِي الشَّهَوَاتِ -
قَالَ : وَقُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ : يَأْتِي عَلَى الْقَلْبِ سَاعَةٌ لَا يَرْتَاحُ . قَالَ : لَا أَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حِدَّةِ فِكْرِهِ ، قَفْزًا لُقِطَ عَلَى السَّطْحِ - يَعْنِي قَلْبَ ابْنِ آدَمَ - يَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ رَوْعَةٍ
قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تُعْرَفَ بِشَيْءٍ وَلَا يُسَارُ إِلَيْكَ فَافْعَلْ
قَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ }} . قَالَ : أَبْصَارُ قُلُوبِهِمْ
قَالَ : وَقُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ : سَهِرْتُ لَيْلَةً فِي ذِكْرِ النِّسَاءِ إِلَى الصَّبَّاحِ . قَالَ : فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ وَغَضِبَ عَلَيَّ فَقَالَ : وَيْحَكَ أَمَا اسْتَحْيَيْتَ مِنْهُ يَرَاكَ سَاهِرًا فِي ذِكْرِ النِّسَاءِ ، وَلَكِنْ كَيْفَ تَسْتَحِي مِمَّنْ لَا تَعْرِفُ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : إِذَا لَذَّتْ لَكَ الْقِرَاءَةُ فَلَا تَرْكَعْ وَلَا تَسْجُدْ ، وَإِذَا لَذَّ لَكَ السُّجُودُ فَلَا تَرْكَعْ وَلَا تَقْرَأْ ، الْأَمْرُ الَّذِي يُفْتَحُ لَكَ فِيهِ فَالْزَمْهُ
قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : مَنْ كَانَ يَوْمُهُ مِثْلَ أَمْسِهِ فَهُوَ فِي نُقْصَانٍ . قَالَ : وَفَسَّرَهُ قَالَ : كَانَ أَمْسَى فِي شَيْءٍ يَنْوِي الزِّيَادَةَ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ الْيَوْمَ إِلَى تِلْكَ الزِّيَادَةِ فَلَمْ يَنوِ الزِّيَادَةَ فَتَرَتْ نِيَّتُهُ فَلَيْسَ يَثْبُتُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ
قَالَ : وَلَوْ أَرَادَ الْوَاصِفُ أَنْ يَصِفَ مَا فِي قَلْبِهِ مَا نَطَقَ بِهِ لِسَانُهُ وَفَسَّرَهُ فَقَالَ : لَا يَصِفُ دَرَجَةً هُوَ فِيهَا حَتَّى يَجُوزَهَا وَيَفْتُرُ عَنْهَا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْرُوفٍ الصَّفَّارُ ، ثنا أَبُو عَلِيٍّ سَهْلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَهْلٍ الدُّورِيُّ ، ثنا أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ عِيسَى الْجَصَّاصُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ الْمَعْنِيِّ بِنَفْسِهِ أَنْ يُمِيتَ الْعَاجِلَةَ الزَّائِلَةَ الْمُتَعَقِّدَةَ بِالْآفَاتِ مِنْ قَلْبِهِ بِذِكْرِ الْمَوْتِ وَمَا وَرَاءَ الْمَوْتِ مِنَ الْأَهْوَالِ وَالْحِسَابِ وَوقُوفِهِ بَيْنَ يَدَيِ الْجَبَّارِ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : الزَّاهِدُ حَقًّا لَا يَذُمُّ الدُّنْيَا وَلَا يَمْدَحُهَا ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَلَا يَفْرَحُ بِهَا إِذَا أَقْبَلَتْ وَلَا يَحْزَنُ عَلَيْهَا إِذَا أَدْبَرَتْ
قَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : إِذَا جَاعَ الْقَلْبُ وَعَطَشَ صَفَا وَرَقَّ وَإِذَا شَبِعَ وَرَوِيَ عَمِيَ وَبَارَ
قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : اسْتَجْلِبِ الزُّهْدَ بِقِصَرِ الْأَمَلِ وَادْفَعْ أَسْبَابَ الطَّمَعِ بِالْإِيَاسِ وَالْقُنُوعِ وَتَخَلَّصْ إِلَى رَاحَةِ الْقَلْبِ بِصِحَّةِ التَّفْوِيضِ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : جُلَسَاءُ الرَّحْمَنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ جُعِلَ فِيهِمْ خِصَالٌ بَاقِيَةٌ : الْكَرَمُ ، وَالْحِلْمُ ، وَالْعِلْمُ ، وَالْحِكْمَةُ ، وَالرَّحْمَةُ ، وَالرَّأْفَةُ ، وَالْفَضْلُ ، وَالصَّفْحُ ، وَالْإِحْسَانُ ، وَالْعَطْفُ ، وَالْبِرُّ ، وَاللُّطْفُ
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : رُدَّ سَبِيلَ الْعُجْبِ بِمَعْرِفَةِ النَّفْسِ ، وَتَخَلَّصْ إِلَى إِجْمَاعِ الْقَلْبِ بِقِلَّةِ الْخَطَأِ ، وَتَعَرَّضْ لِرِقَّةِ الْقَلْبِ بِمُجَالَسَةِ أَهْلِ الْخَوْفِ وَاسْتَجْلِبْ نُورَ الْقَلْبِ بِدَوَامِ الْحُزْنِ ، وَالْتَمِسْ بَابَ الْحُزْنِ بِدَوَامِ الْفِكْرَةِ ، وَالْتَمِسْ وُجُوهَ الْفِكْرَةِ فِي الْخَلَوَاتِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَا : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : كَانَ عَطَاءٌ السُّلَمِيُّ قَدِ اشْتَدَّ خَوْفُهُ وَكَانَ لَا يَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ أَبَدًا فَإِذَا ذُكِرَتْ عِنْدَهُ الْجَنَّةُ قَالَ : نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، وَعَبْدُ اللَّهِ ، قَالَا : ثنا إِبْرَاهِيمٌ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : أَقَمْتُ عِشْرِينَ سَنَةً لَمْ أَحْتَلِمْ فَدَخَلْتُ مَكَّةَ فَأَحْدَثْتُ بِهَا حَدَثًا فَمَا أَصْبَحْتُ حَتَّى احْتَلَمْتُ . فَقُلْتُ لَهُ : فَأَيُّ شَيْءٍ كَانَ ذَلِكَ الْحَدَثَ قَالَ : تَرَكْتُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي جَمَاعَةٍ فَمَا أَصْبَحْتُ حَتَّى احْتَلَمْتُ . وَكَانَ يَقُولُ : الِاحْتِلَامُ عُقُوبَةٌ
قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَ قِيَامِ اللَّيْلِ . قَالَ أَحْمَدُ : كَانَ الذِّكْرُ يَغْلِبَ عَلَيْهِ فَإِذَا قَامَ غُشِيَ عَلَيْهِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : إِنِّي لَأَمْرَضُ فَأَعْرِفُ الذَّنْبَ الَّذِي أَمْرَضُ بِهِ ، وَقَدْ أَصَابَنِي مَرَضٌ لَمْ أَعْرِفْ لَهُ سَبَبًا ، قَالَ : فَدَخَلْتُ عَلَى أُخْتِي فَقُلْتُ لَهَا : دَعَوْتِ اللَّهَ أَنْ يُسَلِّطَ عَلَيَّ الْمَرَضَ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، قَالَ : لَوْ لَمْ أَجِدْ إِلَّا أَنْ أعْتَرِضَ عَلَى الْحِمَارِ لَمْ أَدَعِ الْحَجَّ ، قَالَ أَحْمَدُ : فَخَرَجَ إِلَى الْحَجِّ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : مَا حَجُّوا وَلَا رَابَطُوا وَلَا جَاهَدُوا إِلَّا فِرَارًا مِنَ الْبَيْتِ وَلَا يَرَوْنَ مَا تَقَرُّ بِهِ أَعْيُنُهُمْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : ضَحِكُ الْعَارِفِ التَّبَسُّمُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ : إِنَّ عَبَّادًا أَوْ أَحْمَرَ بْنَ سِبَاعٍ قَدْ ذَهَبُوا إِلَى الثَّغْرِ فَقَالَ لِي : إِنَّ الْأُبَّاقَ عُبَيْدُ السُّوءِ وَاللَّهِ وَاللَّهِ مَا فَرُّوا إِلَّا مِنْهُ فَكَيْفَ يَطْلُبُونَهُ فِي الثُّغُورُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ثنا إِسْحَاقُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : الدُّنْيَا بِغَيْضَةُ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ لَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهَا مِنْ يَوْمِ خَلَقَهَا وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قَالَ : خُذُوا مِنْهَا مَا كَانَ لِي وَأَلْقُوا مَا سِوَى ذَلِكَ فِي النَّارِ . قَالَ أَحْمَدُ : فَقُلْتُ لَهُ : لَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا بِعَيْنِ الرَّحْمَةِ ، فَسَكَتَ ، قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : سُبْحَانَ الَّذِي هُوَ يَرَاهَا وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ثنا إِسْحَاقُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : يَا أَبَا سُلَيْمَانَ إِنَّمَا رَجَعَ إِلَى الْكَسْبِ - يَعْنِي ابْنَهُ سُلَيْمَانَ - وَطَلَبِ الْحَلَالِ وَالسُّنَّةِ فَقَالَ لِي : لَيْسَ يُفْلِحُ قَلْبٌ يَهْتَمُّ بِجَمْعِ الْقَرَارِيطِ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ وَذُكِرَ لَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : قَدْ وَقَعَ عَلَى قَلْبِي مَقْتُهُ وَلَكِنْ صِفْ لِي حَالَتَهُ فَقُلْتُ : إِنَّهُ نَشَأَ فِي الصُّوفِ وَالْقُرْآنِ وَأَكْلِ الْمُلَوَّنِ فَقَالَ : قَدْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ وَجَدَ طَعْمَ الدُّنْيَا ثُمَّ تَرَكَهَا لِأَنَّهُ إِذَا وَجَدَ طَعْمَهَا ثُمَّ تَرَكَهَا لَمْ يَغْتَرَّ بِهَا ، فَإِذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يَجِدُ طَعْمَهَا لَمْ آمَنْ عَلَيْهِ إِذَا وَجَدَ طَعْمَهَا أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهَا
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : رُبَّمَا وُصِفَ لِي الرَّجُلَانِ لَمْ أَرَهُمَا يَقَعُ أَحَدُهُمَا عَلَى قَلْبِي وَلَا يَقَعُ الْآخَرُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ثنا إِسْحَاقُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : لَوْ عَمِلَ إِذَا عَرَفَ كَمَا يَعْمَلُ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ لَمَشَى فِي الْهَوَى ، وَالْعَارِفُ إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يَنْصَرِفْ عَنْهُمَا حَتَّى يَجِدَ طَعْمَهُمَا
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : مَا أَحْسِبُ عَمَلًا لَا يُوجَدُ لَهُ فِي الدُّنْيَا لَذَّةٌ يَكُونُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ ثَوَابٌ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَائِلَةَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ أَبِي سُلَيْمَانَ فَمَرَرْنَا عَلَى زَرْعٍ وَإِذَا طَائِرَانِ يَلْتَقِطَانِ الْحَبَّ فَلَمَّا شِبَعًا أَرَادَ الذَّكَرُ الْأُنْثَى فَقَالَ : يَا أَحْمَدُ انْظُرْ فِيمَا كَانَ لَمَّا شَبِعَا دَعَتْهُ بَطْنُهُ إِلَى مَا تَرَى
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : قَدْ وَجَدْتُ لِكُلِّ شَيْءٍ حِيلَةً إِلَّا هَذَا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ فَإِنِّي لَمْ أَجِدْ لِإِخْرَاجِهِ مِنَ الْقَلْبِ حِيلَةً
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : لِتَرْكِ الشَّهْوَةِ ثَوَابٌ وَلِفِعْلِهَا عُقُوبَةٌ ، فَإِذَا نَدِمَ رُفِعَتْ عَنْهُ الْعُقُوبَةُ وَإِنْ تَمَادَى قَامَتْ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : {{ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى }} قَالَ : ذَهَبَ بِالشَّهَوَاتِ مِنْهَا
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : {{ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا }} قَالَ : بِمَا صَبَرُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : خُذِ الْكِيزَانَ تَجِدِ الْمَاءَ ، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَخْرِجِ الدُّنْيَا مِنَ الْقَلْبِ تَجِدِ الْحِكْمَةَ فِيهِ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : قَالَ لِي أَبُو سُلَيْمَانَ : إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تَعْرِفَ بِشَيْءٍ فَافْعَلْ
قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : خَرَجَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ يَتَمَاشَيَانِ فَصَدَمَ يَحْيَى امْرَأَةً فَقَالَ لَهُ عِيسَى : يَا ابْنَ خَالَةَ لَقَدْ أَصَبْتَ الْيَوْمَ خَطِيئَةً مَا أَظُنُّ أَنْ يُغْفَرَ لَكَ أَبَدًا . قَالَ : وَمَا هِيَ يَا ابْنَ خَالَةَ ، قَالَ : امْرَأَةٌ صَدَمْتَهَا ، قَالَ : وَاللَّهِ مَا شَعَرْتُ بِهَا ، قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ بَدَنُكَ مَعِي فَأَيْنَ رُوحُكَ ؟ قَالَ : مُعَلَّقٌ بِالْعَرْشِ وَلَوْ أَنَّ قَلْبِيَ اطْمَأَنَّ إِلَى جِبْرِيلَ لَظَنَنْتُ أَنِّي مَا عَرَفْتُ اللَّهَ طَرْفَةَ عَيْنٍ
حَدَّثَنَا أَبِي ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَاكِرٍ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : يَكُونُ فِي الطَّاعَةِ يَلَذُّ بِهَا فَتَخْطِرُ الدُّنْيَا عَلَى قَلْبِهِ فَتُنَغِّصُ عَلَيْهِ أَوْ تُنَكِّدُ عَلَيْهِ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : لَوْ مَرَّ الْمُطِيعُونُ بِالْمَعَاصِي مَطْرُوحَةً فِي السِّكَكِ مَا الْتَفَتُوا إِلَيْهَا
حَدَّثَنَا أَبِي ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : لَأَنْ تُضْرَبُ رَأْسِي بِالسِّيَاطِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ آكُلَ قَصْعَةَ خَلٍّ وَزَيْتٍ ، وَلَأَنْ آكُلَ قَصْعَةَ خَلٍّ وَزَيْتٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُولَدَ لِي غُلَامٌ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : كُلُّ مَنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنَ التَّطَوُّعِ يَلَذُّ بِهِ فَجَاءَ وَقْتُ فَرِيضَةٍ فَلَمْ يَقْطَعْ وَقْتُهَا لَذَّةَ التَّطَوُّعِ فَهُوَ فِي تَطَوُّعِهِ مَخْدُوعٌ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : لَيْسَ يَنْبَغِي لِمَنْ أُلْهِمَ شَيْئًا مِنَ الْخَيْرِ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ حَتَّى يَسْمَعَهُ فِي الْأَثَرِ فَإِذَا سَمِعَهُ فِي الْأَثَرِ عَمِلَ بِهِ وَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَا وَفَّقَ مِنْ قَلْبِهِ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : يَعْرِضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى ابْنِ آدَمَ عُمْرَهُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ سَاعَةً سَاعَةً يَقُولُ : ابْنَ آدَمَ أَتَتْ عَلَيْكَ سَاعَةٌ كُنْتَ تُطِيعُنِي ، وَسَاعَةٌ كُنْتَ تَذْكُرُنِي وَسَاعَةٌ كُنْتَ غَافِلًا
قَالَ : فَقُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ : يَكُونُ فِي الْقُلُوبِ مَنْ يُثَابُ عَلَى الطَّاعَةِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهَا ؟ قَالَ : وَيْحَكَ وَأَيْنَ الْقَلْبُ الَّذِي يُثَابُ قَبْلَ أَنْ يُطِيعَ ، ذَاكَ يُعَاقَبُ قَبْلَ أَنْ يَعْصِيَ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : لَوْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ أُعْطِيَ شَهْوَتَهُ مِنَ الْجُوعِ لَتَفَسَّخَتْ أَعْضَاؤُهُ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُلْفِيَ الْمَئونَةَ فَيُحَدِّثُ الرَّجُلُ وَأَنَا أَسْمَعُ ، وَلَرُبَّمَا حَدَّثَنِي الرَّجُلُ بِالْحَدِيثِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُ فَأُنْصِتُ لَهُ كَأَنِّي مَا سَمِعْتُهُ ، وَلَرُبَّمَا مَشَيْتُ إِلَى الرَّجُلِ وَهُوَ أَوْلَى بِالْمَشْيِ مِنِّي إِلَيْهِ ، وَلَقَدْ كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى الْأَخِ مِنْ إِخْوَانِي فَمَا يُفَارِقُ كَفِّي كَفَّهُ أَجِدُ طَعْمَ ذَلِكَ فِي قَلْبِي
حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْرُوفٍ ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ سَهْلِ بْنِ عَلِيٍّ الدُّورِيِّ ، ثنا أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ عِيسَى ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : تَحَذَّرْ مِنْ إِبْلِيسَ بِمُخَالَفَةِ هَوَاكَ ، وَتَزَيَّنْ لَهُ بِالْإِخْلَاصِ وَالصِّدْقِ ، وَتَعَرَّضْ لِلْعَفْوِ بِالْحَيَاءِ مِنْهُ وَالْمُرَاقَبَةِ ، وَاسْتَجْلِبْ زِيَادَةَ النِّعَمِ بِالشُّكْرِ وَاسْتَدِمِ النِّعْمَةَ بِخَوْفِ زَوَالِهَا ، وَلَا عَمَلٌ كَطَلَبِ السَّلَامَةِ وَلَا سَلَامَةَ كَسَلَامَةِ الْقَلْبِ ، وَلَا عَقْلَ كَمُخَالَفَةِ الْهَوَى وَلَا فَقْرَ كَفَقْرِ الْقَلْبِ وَلَا غِنًى كَغِنَى النَّفْسِ وَلَا قُوَّةَ كَرَدِّ الْغَضَبِ ، وَلَا نُورٌ كَنُورِ الْيَقِينِ وَلَا يَقِينَ كَاسْتِصْغَارِ الدُّنْيَا ، وَلَا مَعْرِفَةَ كَمَعْرِفَةِ النَّفْسِ ، وَلَا نِعْمَةَ كَالْعَافِيَةِ مِنَ الذُّنُوبِ ، وَلَا عَافِيَةَ كَمُسَاعَدَةِ التَّوْفِيقِ وَلَا زُهْدَ كَقِصَرِ الْأَمَلِ ، وَلَا حِرْصَ كَالْمُنَافَسَةِ فِي الدَّرَجَاتِ ، وَلَا عَدْلَ كَالْإِنْصَافِ ، وَلَا تَعَدِّيَ كَالْجَوْرِ ، وَلَا طَاعَةَ كَأَدَاءِ الْفَرَائِضِ ، وَلَا تَقْوَى كَاجْتِنَابِ الْمَحَارِمِ ، وَلَا عَدَمَ كَعَدَمِ الْعَقْلِ ، وَلَا عَدَمَ عَقْلٍ كَقِلَّةِ الْيَقِينِ ، وَلَا فَضِيلَةَ كَالْجِهَادِ ، وَلَا جِهَادَ كَمُجَاهَدَةِ النَّفْسِ ، وَلَا ذُلَّ كَالطَّمَعِ ، وَلَا ثَوَابَ كَالْعَفْوِ ، وَلَا جَزَاءَ كَالْجَنَّةِ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ : يَتَفَكَّرُ الرَّجُلُ فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ فَيَكُونُ الْغَالِبُ عَلَيْهِ مِنْهَا الْحُورُ . قَالَ : إِنَّ فِي الْآخِرَةِ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنَ الْحُورِ يُخْرِجُهُنَّ مِنَ الْقَلْبِ ، قُلْتُ : وَإِذَا رَجَعَ إِلَى الدُّنْيَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ النِّسَاءُ قَالَ : لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا أَلَذُّ مِنَ النِّسَاءِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ ، ثنا أَبُو حَاتِمٍ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : أُغْلِقَ عَلَيَّ بَابُ الْحُورِ فَمَا يُفْتَحُ لِي بَعْدَ أَنْ نَظَرْتُ إِلَيْهِنَّ بِسِنِينَ
فَقُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ : رَجُلٌ ذَكَرَ الْقِيَامَةَ فَمُثِّلَ لَهُ النَّاسُ قَدْ حُشِرُوا وَعَلَيْهِمُ الثِّيَابُ . قَالَ : كَذَا تَوَهَّمَهُمْ وَلَوْ تَوَهَّمَهُمْ يُبْعَثُونَ لَرَآهُمْ عُرَاةً ، إِنَّمَا يُمَثِّلُ الْقَلْبُ عَلَى قَدْرِ مَا يَسْمَعُ الْحَدِيثَ أَوْ عَلَى قَدْرِ مَا يَتَوَهَّمُ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ ، ثنا أَبُو حَاتِمٍ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : كَانَ شَابٌّ يَخْتَلِفُ إِلَى مُعَلِّمٍ لَهُ يَسْأَلُهُ عَنِ الشَّيْءِ فَلَا يُجِيبُهُ فَجَاءَهُ يَوْمًا فَقَالَ : إِنِّي كُنْتُ جَالِسًا عَلَى سَطْحٍ لَنَا فَتَفَكَّرْتُ فَإِذَا أَنَا فِي الْبَحْرِ قَدْ رُفِعَ عَلَيَّ عَمُودٌ مِنْ يَاقُوتٍ ، فَقَالَ لَهُ بَعْدُ : سَلْ حَاجَتَكَ ، قَالَ أَحْمَدُ : أَيْ حِينَ أَخْبَرَهُ بِمَا رَأَى احْتَمَلَ أَنْ يُخْبِرَهُ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ فِي الرُّهْبَانِ : مَا قَوَوْا عَلَى مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْمَفَاوِزِ وَالْبَرَارِي إِلَّا بِشَيْءٍ يَجِدُونَهُ فِي قُلُوبِهِمْ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَجَّلَ لَهُمْ ثَوَابُهُمْ فِي الدُّنْيَا لِأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ثَوَابٌ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ ، ثنا أَبُو حَاتِمٍ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : مَنْ عَمِلَ شَيْئًا مِنْ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ بِلَا نِيَّةٍ أَجْزَأَتْهُ النِّيَّةُ الْأُولَى حِينَ اخْتَارَ الْإِسْلَامَ عَلَى الْأَدْيَانِ كُلِّهَا لِأَنَّ هَذَا الْعَمَلَ مِنْ سُنَنِ الْإِسْلَامِ وَمِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ
قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : مَا أَتَى مَنْ أَتَى إِبْلِيسَ وَقَارُونَ وَبلعامَ إِلَّا أَنَّ أَصْلَ نِيَّاتِهِمْ عَلَى غِشٍّ فَرَجَعُوا إِلَى الْغِشِّ الَّذِي فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَمُنَّ عَلَى عَبْدٍ بِصِدْقٍ ثُمَّ يَسْلَبُهُ إِيَّاهُ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ فِي الْقَدَرِيَّةِ : وَيْحَكَ أَمَا رَضُوا وَاللَّهِ أَنْ يُشْرِكُوا أَنْفُسَهُمْ وَالشَّيْطَانُ مَعَهُمْ حَتَّى جَعَلُوا أَنْفُسَهُمْ وَالشَّيْطَانُ أَقْوَى مِنْهُ ، وَزَعَمُوا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ لِطَاعَتِهِ فَجَاءَ إِبْلِيسُ فَقَلَبَهُمْ إِلَى الْمَعْصِيَةِ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ إِذَا أَرَادُوا شَيْئًا كَانَ وَأَنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ . ثُمَّ قَالَ : سُبْحَانَ مَنْ لَا يَكُونُ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ إِلَّا مَا أَرَادَ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : إِنَّمَا آتِي أَنَا وَأَنْتَ مَأْتًى مِنَ الْتَّخْلِيطِ نَقُومُ لَيْلَةً وَنَنَامُ لَيْلَةً وَنَصُومُ يَوْمًا وَنُفْطِرُ يَوْمًا وَلَيْسَ يَسْتَنِيرُ الْقَلْبُ عَلَى هَذَا , قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَلِلدَّوَامِ ثَوَابٌ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ ، ثنا ابْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : لِتَرْكِ الشَّهَوَاتِ ثَوَابٌ وَلِلْمُدَاوَمَةِ ثَوَابٌ ، وَإِنَّمَا أَنَا وَأَنْتَ مِمَّنْ يَقُومُ لَيْلَةً وَيَنَامُ لَيْلَتَيْنِ وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمَيْنِ وَلَيْسَ تَسْتَنِيرُ الْقُلُوبُ عَلَى هَذَا
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : كَمْ بَيْنَ مَنْ هُوَ فِي صَلَاتِهِ لَا يُحِسَّ - أَوْ قَالَ لَا يَشْعُرُ - مَنْ مَرَّ بِهِ وَبَيْنَ آخَرَ يَتَوَقَّعُ خَفْقَ النِّعَالِ حَتَّى يَجِيءَ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْهِ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : قَالَ صَالِحٌ لِأَبِي سُلَيْمَانَ : يَا أَبَا سُلَيْمَانَ بِأَيِّ شَيْءٍ تُنَالُ مَعْرِفَتُهُ قَالَ : بِطَاعَتِهِ ، قَالَ : فَبِأَيِّ شَيْءٍ تُنَالُ طَاعَتُهُ . قَالَ بِهِ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : كُنْتُ بِالْعِرَاقِ أَعْمَلُ وَأَنَا بِالشَّامِ ، أَعْرِفُ . قَالَ : فَحَدَّثْتُ بِهِ سُلَيْمَانَ ابْنَهُ فَقَالَ مَعْرِفَةُ أَبِي اللَّهَ بِالشَّامِ لِطَاعَتِهِ لَهُ بِالْعِرَاقِ ، وَلَوِ ازْدَادَ لِلَّهِ بِالشَّامِ طَاعَةً لَازْدَادَ بِاللَّهِ مَعْرِفَةً
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : مَنْ حَسُنَ ظَنُّهُ بِاللَّهِ مِمَّنْ لَا يَخَافُ اللَّهَ فَهُوَ مَخْدُوعٌ
وَقُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ : قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ : مَنْ أَرَادَ الْحَظْوَةَ فَلْيَتَوَاضَعْ فِي الطَّاعَةِ . فَقَالَ لِي : وَأَيُّ شَيْءٍ التَّوَاضُعُ فِي الطَّاعَةِ أَنْ لَا تُعْجَبُ بِعَمَلِكَ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : الْعَارِفُ إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يَنْصَرِفْ مِنْهُمَا حَتَّى يَجِدَ طَعْمَهُمَا ، وَالْآخَرُ يُصَلِّي خَمْسِينَ رَكْعَةً - يَعْنِي مَنْ لَيْسَ لَهُ مَعْرِفَةٌ - لَا يَجِدُ لَهَا طَعْمًا
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يَبْكِي فِي خُطْبَةٍ قَالَ : فَأَشْعَلَنِي الْغَضَبُ وَحَضَرَنِي نِيَّةٌ فِي أَنْ أَقُومَ إِلَيْهِ فَأُكَلِّمَهُ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ كَلَامِهِ وَبِمَا أَعْرِفُ مِنْ فِعْلِهِ إِذَا نَزَلَ . وَقَالَ : ثُمَّ تَفَكَّرْتُ فِي أَنْ أُرِيدَ أَقُومُ إِلَى الْخَلِيفَةِ فَأَعِظُهُ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ فَيَرْمُقُونِي بِأَبْصَارِهِمْ فَيُدَاخِلُنِي التَّزَيُّنُ فَيَأْمُرُ بِي فَيَقْتُلُنِي فَأُقْتَلُ عَلَى غَيْرِ تَصْحِيحٍ . قَالَ : فَجَلَسْتُ وَسَكَنْتُ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، وَأَبَا صَفْوَانَ يَتَنَاظَرَانِ فِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأُوَيْسٍ ، فَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ لِأَبِي صَفْوَانَ : كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَزْهَدُ مِنْ أُوَيْسٍ ، فَقَالَ لَهُ : وَلِمَ ؟ قَالَ : لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَلَكَ الدُّنْيَا فَزَهِدَ فِيهَا ، فَقَالَ لَهُ أَبُو صَفْوَانَ : وَأُوَيْسٌ لَوْ مَلَكَهَا لَزَهِدَ فِيهَا مِثْلَ مَا فَعَلَ عُمَرُ . فَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : أَتَجْعَلُ مَنْ جَرَّبَ كَمَنْ لَا يُجَرِّبُ ، إِنَّ مَنْ جَرَّبَ الدُّنْيَا عَلَى يَدَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا فِي قَلْبِهِ مَوْقِعٌ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، ثنا أَبُو سُلَيْمَانَ ، قَالَ : بَيْنَمَا عَابِدٌ فِي غَيْطَتِهِ عَلَى الْخَلَاءِ إِذْ هَبَّتِ الرِّيحُ فَتَنَاثَرَ وَرَقُ الشَّجَرِ فَنَقَرَ إِبْلِيسُ قَلْبَهُ فَقَالَ : مَنْ يُحْصِي هَذَا ؟ قَالَ : فَنُودِيَ مِنْ خَلْفِهِ : {{ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }}
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : إِنَّمَا الْغَضَبُ عَلَى أَهْلِ الْمَعَاصِي عِنْدَمَا حَلَّ نَظَرُكَ إِلَيْهِمْ عَلَيْهَا فَإِذَا تَفَكَّرْتَ فِيمَا يَصِيرُونَ إِلَيْهِ مِنْ عُقُوبَةِ الْآخِرَةِ دَخَلَتِ الرَّحْمَةُ لَهُمُ الْقَلْبَ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : كُنْتُ إِذَا شَكَوْتُ إِلَى أَبِي سُلَيْمَانَ قَسَاوَةَ قَلْبِي أَوْ شَيْئًا قَدْ نِمْتُ عَنْهُ مِنْ حِزْبِي أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ قَالَ : بِمَا كَسَبَتْ يَدَاكَ - وَمَا اللَّهُ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ - شَهْوَةً أَصَبْتَهَا
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : {{ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ }} ، قَالَ : لَيْسَ مِنَ اللَّهِ شَيْءٌ يَحْدُثُ إِنَّمَا هُوَ فِي تَنْفِيذِ مَا قَدَّرَ أَنْ يَكُونَ فِي ذَاكَ الْيَوْمِ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : إِنَّ فِي خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى خَلْقًا لَوْ ذُمَّ لَهُمُ الْجِنَانُ مَا اشْتَاقُوا إِلَيْهَا فَكَيْفَ يُحِبُّونَ الدُّنْيَا وَهُوَ قَدْ زَهَّدَهُمْ فِيهَا ، فَحَدَّثْتُ بِهِ سُلَيْمَانَ ابْنَهُ فَقَالَ : لَوْ ذَمَّهَا لَهُمْ ؟ قُلْتُ : كَذَا قَالَ أَبُوكَ . قَالَ : وَاللَّهِ لَوْ شَوَّقَهُمْ إِلَيْهَا لَمَا اشْتَاقُوا فَكَيْفَ لَوْ ذَمَّهَا لَهُمْ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : لَيْسَ الزَّاهِدُ مَنْ أَلْقَى غَمَّ الدُّنْيَا وَاسْتَرَاحَ فِيهَا ، إِنَّمَا الزَّاهِدُ مَنْ أَلْقَى غَمَّهَا وَتَعِبَ فِيهَا لِآخِرَتِهِ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : كُنْتُ بِالْعِرَاقِ أَنْظُرُ إِلَى قُصُورِهَا وَإِلَى مَرَاكِبِهَا فَمَا تُنَازِعُنِي إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا وَأَمُرُّ بِذَلِكَ الرَّفْلِ فَأَمِيلُ عَنِ الْحِمَارِ شَهْوَةً لَهُ ، فَحَدَّثْتُ بِهِ مضاءَ بْنَ عِيسَى فَقَالَ : آيَسَهَا مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ تَرُدَّهُ وَأَطْعَمَهَا مِنْ هَذِهِ فَمَالَتْ إِلَيْهِ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : مَا نَجَبَ إِلَّا بِطَاعَتِهِمُ الْمُؤَدَّبِينَ وَأَنْتَ تَعْصِينِي ؟ قَدْ أَمَرْتُكَ أَنْ لَا تَفْتَحَ أَصَابِعَكَ فِي الثَّرِيدِ ضُمَّهَا
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : خَيْرُ مَا أَكُونُ أَبَدًا إِذَا لَصَقَ بَطْنِي بِظَهْرِي
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : لَمْ يَبْلُغِ الْأَبْدَالُ مَا بَلَغُوا بِصَوْمٍ وَلَا صَلَاةٍ ، وَلَكِنْ بِالسَّخَاءِ ، وَشَجَاعَةِ الْقُلُوبِ ، وَسَلَامَةِ الصُّدُورِ ، وَذَمِّهِمْ أَنْفُسُهُمْ عِنْدَ أَنْفُسِهِمْ
وَقَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : لَوِ اجْتَمَعَ النَّاسُ كُلُّهُمْ عَلَى أَنْ يَضَعُونِي كَاتِّضَاعِي عِنْدَ نَفْسِي مَا أَحْسَنُوا
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : مَنْ صَارَعَ الدُّنْيَا صَرَعْتُهُ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ : سَأَلْتُ اللَّهَ تَعَالَى بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ أَنْ يُذْهِبَ عَنِّي شَهْوَةَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَاللِّبَاسِ وَالطِّيبِ وَالنِّسَاءِ . قَالَ : وَيْحَكَ أَيُّ شَيْءٍ يُعَدَّدُ عَلَيْهِ قُلْ : اللَّهُمَّ مَا أَزْرَانِي عِنْدَكَ فَأَذْهِبْهُ عَنِّي
قَالَ : وَسَأَلَ مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ أَبَا سُلَيْمَانَ وَأَنَا حَاضِرٌ ، فَقَالَ : يَا أَبَا سُلَيْمَانَ مَا أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْهِ فَبَكَى أَبُو سُلَيْمَانَ ثُمَّ قَالَ : مِثْلِي يُسْأَلُ عَنْ هَذَا ؟ أَقْرَبُ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْهِ أَنْ يَطَّلِعَ مِنْ قَلْبِكَ عَلَى أَنَّكَ لَا تُرِيدُ مِنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا هُوَ
قَالَ : وَقُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ : يَكُونُ الرَّجُلُ بِإِفْرِيقِيَّةَ وَالْآخَرُ بِسَمَرْقَنْدَ وَهُمَا أَخَوَانِ . قَالَ : نَعَمْ قُلْتُ : وَكَيْفَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : تَكُونُ نِيَّتُهُ مَتَى لَقِيَهُ وَاسَاهُ ، فَإِذَا كَانَتْ نِيَّتُهُ كَذَلِكَ فَهُوَ أَخُوهُ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : عَوِّدُوا أَعْيُنَكُمُ الْبُكَاءَ وَقُلُوبَكُمُ التَّفَكُّرَ
قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : الْوَرَعُ مِنَ الزُّهْدِ بِمَنْزِلَةِ الْقَنَاعَةِ مِنَ الرِّضَا ، وَهَذَا أَوَّلُهُ وَهَذَا أَوَّلُهُ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : أَهْلُ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا عَلَى طَبَقَتَيْنِ : مِنْهُمْ مَنْ يَزْهَدُ فِي الدُّنْيَا فَلَا يُفْتَحُ لَهُ فِيهَا رَوْحُ الْآخِرَةِ ، وَمِنْهُمْ مِنْ إِذَا زَهِدَ فِي الدُّنْيَا فُتِحُ لَهُ فِيهَا رَوْحُ الْآخِرَةِ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْبَقَاءِ لِيُطِيعَ
وَقَالَ لِي أَبُو سُلَيْمَانَ : لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِ الْأَكْلِ شَيْءٌ إِلَّا عَلَّةُ دُخُولِ الْخَلَاءِ
وَقَالَ لِي أَبُو سُلَيْمَانَ : لَأَنْ أَتْرُكَ لُقْمَةً وَاحِدَةً مِنْ عَشَائِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ آكُلَهَا وَأَقُومُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِلَى آخِرِهِ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : مَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ شَيْءٌ أَشْتَهِيهِ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : الثِّيَابُ ثَلَاثَةٌ : ثَوْبٌ لِلَّهِ وَثَوْبٌ لِنَفْسِكَ وَثَوْبٌ لِلنَّاسِ ، وَهُوَ شَرُّ الثَّلَاثَةِ ، فَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ أَنْ تَجِدَ بِثَلَاثِينَ وَتَشْتَرِيَ بِعِشْرِينَ وَتُقَدِّمَ عَشَرَةً ، وَمَا كَانَ لِنَفْسِكَ فَهُوَ أَنْ تُرِيدَ لِينَهُ عَلَى جَسَدِكَ ، وَمَا كَانَ لِلنَّاسِ فَهُوَ أَنْ تُرِيدَ حُسْنَهُ . وَقَدْ تَجْمَعُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لِلَّهِ وَلِنَفْسِكَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ثنا إِسْحَاقُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : لِأَهْلِ الطَّاعَةِ بَالُهُمْ أَلَذُّ مِنْ أَهْلِ اللَّهْوِ بِلَهْوِهِمْ وَلَوْلَا اللَّيْلُ مَا أَحْبَبْتُ الْبَقَاءَ فِي الدُّنْيَا
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : لَوْ لَمْ يَبْكِ الْعَاقِلُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمْرِهِ إِلَّا عَلَى لَذَّةِ مَا فَاتَهُ مِنَ الطَّاعَةِ فِيمَا مَضَى كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُبْكِيَهُ حَتَّى يَمُوتَ . قُلْتُ لَهُ : فَلَيْسَ يَبْكِي عَلَى لَذَّةِ مَا مَضَى إِلَّا مَنْ وَجَدَ لَذَّةَ مَا بَقِيَ ، فَقَالَ : لَيْسَ الْعَجَبُ مِمَّنْ يَجِدُ لَذَّةَ الطَّاعَةِ إِنَّمَا الْعَجَبُ مِمَّنْ وَجَدَ لَذَّتَهَا ثُمَّ تَرَكَهَا كَيْفَ صَبَرَ عَنْهَا
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : يَجُوزُ لِبَاسُ الصُّوفِ لِمَنْ لَبِسَهُ يُرِيدُ بَقَاءَهُ وَيَجُوزُ لِبَاسُهُ فِي السَّفَرِ وَمَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا فَلَا يَلْبَسُهُ . .
وَقَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : صَاحِبُ الْعِيَالِ أَعْظَمُ أَجْرًا لِأَنَّ رَكْعَتَيْنِ مِنْهُ تَعْدِلُ سَبْعِينَ مِنَ الْعَزَبِ ، وَالْمُتَفَرِّغُ يَجِدُ مِنْ لَذَّةِ الْعِبَادَةِ مَا لَا يَجِدُهَا صَاحِبُ الْعِيَالِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ يَشْغَلُهُ عَنْ شَيْءٍ
وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ - وَقِيلَ لَهُ : مَا لَهُ مَنْ يُؤْنِسُهُ فِي الْبَيْتِ فَارْتَاعَ ، وَقَالَ - : لَا أَنْسَى اللَّهَ بِهِ أَبَدًا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو عُمَرَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْرُوفٍ ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ سَهْلِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سَهْلٍ الدُّورِيِّ ، ثنا أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ عِيسَى قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : أَنْجَى الْأَسْبَابِ مِنَ الشَّرِّ الِاعْتِزَالُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يُعْرَفُ فِيهِ . وَالتَّخَلُّصُ إِلَى خُمُولِ الذِّكْرِ أَيْنَ كُنْتَ ، وَطُولُ الصَّمْتِ ، وَقِلَّةُ الْمُخَالَطَةِ وَالِاعْتِصَامُ بَالرَّبِّ ، وَالْعَضُّ عَلَى فِلَقِ الْكِسَرِ ، وَمَا دَنُؤَ مِنَ اللِّبَاسِ مَا لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا ، وَالتَّمَسُّكُ بِعِنَانِ الصَّبْرِ وَالِانْتِظَارِ لِلْفَرْجِ ، وَتَرَقُّبُ الْمَوْتِ وَالِاسْتِعْدَادُ لِحُسْنِ النَّظَرِ مَعَ شِدَّةِ الْخَوْفِ . وَمِنْ دَوَاعِي الْمَوْتِ ذَمُّ الدُّنْيَا فِي الْعَلَانِيَةِ ، وَاعْتِنَاقُهَا فِي السِّرِّ مَا لَمْ يُحْسِنْ رِعَايَةَ نَفْسِهِ أَسْرَعَ بِهِ هَوَاهُ إِلَى الْهَلَكَةِ ، مَنْ لَمْ يَنْظُرْ لِنَفْسِهِ لَمْ يَنْظُرْ لَهَا غَيْرُهُ ، وَلَا يَنْفَعُ الْهَالِكَ نَجَاةُ الْمَعْصُومِ ، وَلَا يَضُرُّ النَّاجِيَ تَلَفُ الْهَالِكِ . يَجْمَعُ النَّاسَ مَوْقِفٌ وَاحِدٌ جَمِيعًا وَهُمْ فُرَادَى كُلُّ شَخْصٍ مِنْهُمْ بِنَفْسِهِ مَشْغُولٌ وَعَنْهَا وَحْدَهُ مَسْئُولٌ ، فَهُوَ بِصَالِحِ عَمَلِهِ مَسْرُورٌ ، وَمِنْ شَرِّ عَمَلِهِ مُسْتَوْحِشٌ مَحْزُونٌ ، وَمَرَارَةُ التَّقْوَى الْيَوْمَ حَلَاوَةٌ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ . وَالْأَعْمَى مَنْ عَمِّيَ بَعْدَ الْبَصَرِ ، وَالْهَالِكُ مَنْ هَلَكَ فِي آخِرِ سَفَرِهِ ، وَقَدْ قَارَبَ الْمَنْزِلَ ، وَالْخَاسِرُ مَنْ أَبْدَى لِلنَّاسِ صَالِحَ عَمَلِهِ وَبَارَزَ بِالْقَبِيحِ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ
حَدَّثَنَا أَبِي ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَاكِرٍ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : قَالَ لِي أَبُو سُلَيْمَانَ : إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تَلْبَسَ إِلَّا لِبَاسًا يَطَّلِعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَلْبِكَ أَنَّكَ لَا تُرِيدُ دُونَهُ فَافْعَلْ
حَدَّثَنَا أَبِي ، ثنا أَحْمَدُ ، ثنا الْحُسَيْنُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : مَنْ سَالَتْ مِنْ عَيْنَيْهِ قَطْرَةٌ - يَعْنِي دَمْعَةٌ - يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الرَّوَاحِ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْمَلِكِ صَاحِبِ الشِّمَالِ : اطْوِ صَحِيفَةَ عَبْدِي فَلَا تَكْتُبْ عَلَيْهِ خَطِيئَةً إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى . قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : فَلَقِيتُ أَبَا سَهْلٍ الصَّفَّارُ بِالْبَصْرَةِ فَحَدَّثْتُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ ، فَقَالَ لِي : يَا أَبَا سُلَيْمَانَ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بُكَائِهِ شَيْءٌ إِلَّا طَيُّ الصَّحِيفَةِ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ فَمَا لَهُ شَيْءٌ - أَيْ عَمَلٌ - مَعَ الْبُكَاءِ
قَالَ : وَحَدَّثْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ أَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ أُهْدِيَ لَهُ رَكْوَةٌ فَلَمَّا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ حَدَّثَتْهُ نَفْسُهُ بِهَا أَيْ مَخَافَةَ أَنْ تُسْرَقَ الرَّكْوَةُ فَجَاءَ فَأَخْرَجَهَا . فَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : هَذَا مِنْ ضَعْفِ الصُّوفِيِّينَ هُوَ قَدْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا فَمَا عَلَيْهِ لَوْ ذَهَبَتِ الرَّكْوَةُ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : فِي الْجَنَّةِ قِيعَانٌ فَإِذَا أَخَذَ ابْنً آدَمَ فِي ذِكْرِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَخَذَتِ الْمَلَائِكَةُ فِي غَرْسِ الْأَشْجَارِ فَرُبَّمَا غَرَسَ بَعْضُهُمْ وَأَمْسَكَ بَعْضُهُمْ ، فَيَقُولُ الَّذِي يَغْرِسُ لِلَّذِي لَا يَغْرِسُ : مَا لَكَ يَا فُلَانُ قَالَ : فَتَرَ صَاحِبِي
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، وَرَأَى خَلِيفَةٌ الْكَلْبِيِّينَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَانُوا يَلْبَسُونَ عَمَائِمَ صُفْرًا وَقَلَانِسَ طُوَالًا فَقَالَ : قَدْ تَرَكُوكُمْ وَآخِرَتَكُمْ فَاتْرُكُوهُمْ وَدُنْيَاهُمْ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : إِنَّ فِي خَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَلْقًا مَا تَشْغَلُهُمُ الْجَنَّاتُ وَمَا فِيهَا عَنْهُ فَكَيْفَ يَشْتَغِلُونَ بِالدُّنْيَا
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : مَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقًا أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ إِبْلِيسَ لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَنِي أَنْ أَتَعَوَّذَ مِنْهُ مَا تَعَوَّذْتُ مِنْهُ أَبَدًا . وَقَالَ : شَيْطَانُ الْجِنِّ أَهْوَنُ عَلِيَّ مِنْ شَيْطَانِ الْإِنْسِ شَيْطَانُ الْإِنْسِ يَتَعَلَّقُ بِي فَيُدْخِلُنِي فِي الْمَعْصِيَةِ وَشَيْطَانُ الْجِنِّ إِذَا تَعَوَّذْتُ مِنْهُ خَنَسَ عَنِّي
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : أَرَأَيْتَ لَوَ تَرَكَ شَهْوَةً فَهَانَ عَلَيْهِ تَرْكُهَا كَيْفَ لَا يَتْرُكُ الْأُخْرَى . فَسَكَتَ فَلَمْ أُجِبْهُ . فَقَالَ : لِعَظَمَتِهَا الْآنَ فِي قَلْبِهِ وَلَوْ تَرَكَهَا لَهَانَتْ عَلَيْهِ كَمَا هَانَتِ الْأُخْرَى
قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : إِنَّمَا تَضُرُّ الشَّهْوَةُ مَنْ تَكَلَّفَهَا ، فَأَمَّا مَنْ أَصَابَهَا بِلَا تَكَلُّفٍ فَلَا تَضُرُّهُ . قُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ : يُعَاقَبُ عَلَى إِصَابَةِ الشَّهْوَةِ ؟ قَالَ : اللَّهُ تَعَالَى أَكْرَمُ أَنْ يُبِيحَ شَيْئًا ثُمَّ يُعَاقِبُ عَلَيْهِ وَلَكِنْ فِيهِ تَنْقِيصٌ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثنا إِسْحَاقُ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَلَمَةَ الغويطي يَقُولُ : إِنِّي لَمُشْتَاقٌ إِلَى الْمَوْتِ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً مُنْذُ فَارَقْتُ الْحَسَنَ بْنَ يَحْيَى . قُلْتُ لَهُ : وَلِمَ ؟ قَالَ : لَوْ لَمْ يَشْتِقِ الْعَاقِلُ إِلَى لِقَائِهِ عَزَّ وَجَلَّ لَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتَاقَ إِلَى الْمَوْتِ . قَالَ : فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبَا سُلَيْمَانَ فَقَالَ : وَيْحَكَ : لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا يَقُولُ لَأَحْبَبْتُ أَنْ تَخْرُجَ نَفْسِي السَّاعَةَ ، وَلَكِنْ كَيْفَ بِانْقِطَاعِ الطَّاعَةِ وَالْحَبْسِ فِي الْبَرْزَخِ وَإِنَّمَا يَلْقَاهُ بَعْدَ الْعَبَثِ . قَالَ أَحْمَدُ : فَهُوَ فِي الدُّنْيَا أَحْرَى أَنْ يَلْقَاهُ يَعْنِي بِالذِّكْرِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ثنا إِسْحَاقُ ، ثنا أَحْمَدُ ، قَالَ : سَمِعْتُ بَعْضَ ، أَصْحَابِنَا يَقُولُ - وَأَظُنُّهُ أَبَا سُلَيْمَانَ قَالَ : إِنَّ لِإِبْلِيسَ شَيْطَانًا يُقَالُ لَهُ الْمُتَقَاضِي يَتَقَاضَى ابْنَ آدَمَ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً لِيُخْبِرَ بِعَمَلٍ قَدْ عَمِلَهُ سِرًّا لِيُظْهِرَهُ فَيَرْبَحُ عَلَيْهِ مَا بَيْنَ أَجْرِ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ ، ثنا أَبُو حَاتِمٍ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ ، يَقُولُ : دَخَلْنَا عَلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَهُوَ فِي بَيْتٍ بِمَكَّةَ جَالِسٌ فِي الزَّاوِيَةِ عَلَى جِلْدٍ فَقَالَ : مَا جَاءَ بِكُمْ فَوَاللَّهِ لَأَنَا إِذَا لَمْ أَرَكُمْ خَيْرٌ مِنِّي إِذَا رَأَيْتُكُمْ ، قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : ثُمَّ لَمْ نَبْرَحْ حَتَّى تَبَسَّمَ قَالَ أَحْمَدُ : لَمَّا جَاءَهُ النَّاسُ جَاءَتْهُ الْغَفْلَةُ
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَشْهَدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلْيَقْرَأْ آخِرَ الزُّمَرِ
وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : الْقَلْبُ بِمَنْزِلَةِ الْمِرْآةِ إِذَا جُلِّيَتْ لَا يَمُرُّ شَيْءٌ مِنَ الذُّبَابِ إِلَى الْفِيلِ إِلَّا مُثِّلَ لَهَا
قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ ، وَإِنَّ الْجُوعَ عِنْدَهُ فِي خَزَائِنَ مُدَّخَرٌ لَا يُعْطِهِ إِلَّا مَنْ أَحَبَّ خَاصَّةً
فَقُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ : صَلَّيْتُ صَلَاةً فَوَجَدْتُ لَهَا لَذَّةً فَقَالَ : أَيُّ شَيْءٍ لِذَلِكَ مِنْهَا ؟ قَالَ : قُلْتُ : لَمْ يَرَنِي أَحَدٌ . قَالَ : أَنْتَ ضَعِيفٌ حِينَ خَطَرَ النَّاسُ عَلَى قَلْبِكَ فِي الْخَلَاءِ
قَالَ : وَقُلْتُ لِأَبِي سيلمانَ : إِنِّي أُرِيدُ مِنَ الدُّنْيَا أَكْثَرَ مِمَّا أُعْطِي ، قَالَ : لَكِنِّي أَعْطَيْتُ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أُرِيدُ
حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ ، قَالَ قَرَأْتُ عَلَى سَهْلِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سَهْلٍ ، ثنا أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ الْجَصَّاصُ ، قَالَ : قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : طُوبَى لِمَنْ حَذِرَ سَكَرَاتِ الْهَوَى وَثَوْرَةَ الْغَضَبِ وَالْفَرَحِ بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا فَصَبَرَ عَلَى مُرَارَةِ التَّقْوَى ، وَطُوبَى لِمَنْ لَزِمَ الْجَادَّةَ بِالِانْكِمَاشِ وَالْحَذَرِ ، وَتَخَلَّصَ مِنَ الدُّنْيَا بِالثَّوَابِ وَالْهَرَبِ كَهَرَبِهِ مِنَ السَّبْعِ الْكَلْبِ ، طُوبَى لِمَنِ اسْتَحْكَمَ أُمُورَهُ بِالِاقْتِصَادِ وَاعْتَقَدَ الْخَيْرَ لِلْمَعَادِ وَجَعَلَ الدُّنْيَا مَزْرَعَةً وَتَنَوَّقَ فِي الْبَذْرِ لَيَفْرَحَ غَدًا بِالْحَصَادِ ، طُوبَى لِمَنِ انْتَقَلَ بِقَلْبِهِ مِنْ دَارِ الْغُرُورِ وَلَمْ يَسَعَ لَهَا سَعْيَهَا فَيَبْرُزُ مِنْ حَظَوَاتِ الدُّنْيَا وَأَهْلِهَا مِنْهُ عَلَى بَالٍ ، اضْطَرَبَتْ عَلَيْهِ الْأَحْوَالُ ، مَنْ تَرَكَ الدُّنْيَا لِلْآخِرَةِ رَبِحَهُمَا وَمَنْ تَرَكَ الْآخِرَةَ لِلدُّنْيَا خَسِرَهُمَا وَكُلُّ أُمٍّ يَتْبَعُهَا بَنُوهَا ، بَنُو الدُّنْيَا تُسْلِمُهُمْ إِلَى خِزْيٍ شَدِيدٍ وَمَقَامِعَ مِنْ حَدِيدٍ وَشَرَابِ الصَّدِيدِ ، وَبَنُو الْآخِرَةِ تُسْلِمُهُمْ إِلَى عَيْشٍ رَغَدٍ وَنَعِيمِ الْأَبَدِ فِي ظِلٍّ مَمْدُودٍ وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ وَأَنْهَارٍ تَجْرِي بِغَيْرِ أُخْدُودٍ . وَكَيْفَ يَكُونُ حَكِيمًا مَنْ هُوَ لَهَا يَهْوَى رَكُونٌ ؟ وَكَيْفَ يَكُونُ رَاهِبًا مَنْ يَذْكُرُ مَا أَسْلَفَتْ يَدَاهُ وَلَا يَذُوبُ ، الْفِكْرُ فِي الدُّنْيَا حِجَابٌ عَنِ الْآخِرَةِ وَعُقُوبَةٌ لِأَهْلِ الْوَلَايَةِ ، وَالْفِكْرَةُ فِي الْآخِرَةِ تُورِثُ الْحِكْمَةَ وَتُحْيِي الْقَلْبَ ، وَمَنْ نَظَرَ إِلَى الدُّنْيَا مُوَلِّيَةً صَحَّ عِنْدَهُ غُرُورُهَا وَمَنْ نَظَرَ إِلَيْهَا مُقْبِلَةً بِزِينَتِهَا شَابَ فِي قَلْبِهِ حُبُّهَا ، وَمَنْ تَمَّتْ مَعْرِفَتُهُ اجْتَمَعَ هَمُّهُ فِي أَمْرِ اللَّهِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ شُغْلَهُ أَسْنَدَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْقَلِيلَ فَمِنْ مَفَارِيدِهِ
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ ، ثنا الْقَاضِي حَمْزَةُ بْنُ الْحَسَنِ ، ثنا الْأُشْنَانِيُّ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَرَّازُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ ، يَقُولُ : حَدَّثَنِي شَيْخٌ بِسَاحِلِ دِمَشْقَ يُقَالُ لَهُ عَلْقَمَةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سُوَيْدٍ الْأَزْدِيُّ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ جَدِّي سُوَيْدُ بْنُ الْحَارِثِ ، قَالَ : وَفَدْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَابِعَ سَبْعَةٍ مِنْ قَوْمِي فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ وَكَلَّمْنَاهُ فَأَعْجَبَهُ مَا رَأَى مِنْ سَمْتِنَا وَزِيِّنَا فَقَالَ : مَا أَنْتُمْ ؟ قُلْنَا : مُؤْمِنِينَ . فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقَالَ : إِنَّ لِكُلِّ قَوْلٍ حَقِيقَةً فَمَا حَقِيقَةُ قَوْلِكُمْ وَإِيمَانِكُمْ ؟ قَالَ سُوَيْدٌ : فَقُلْنَا : خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً : خَمْسٌ مِنْهَا أَمَرَتْنَا رُسُلُكَ أَنْ نُؤْمِنَ بِهَا ، وَخَمْسٌ مِنْهَا أَمَرَتْنَا رُسُلُكَ أَنْ نَعْمَلَ بِهَا ، وَخَمْسٌ مِنْهَا تَخَلَّقْنَا بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَنَحْنُ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ تَكْرَهَ مِنْهَا شَيْئًا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وَمَا الْخَمْسُ الَّتِي أَمَرَتْكُمْ رُسُلِي أَنْ تُؤْمِنُوا بِهَا ؟ قُلْنَا : أَمَرَتْنَا رُسُلُكَ أَنْ نُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ . قَالَ : وَمَا الْخَمْسُ الَّتِي أَمَرَتْكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهَا ؟ قُلْنَا : أَمَرَتْنَا رُسُلُكَ أَنْ نَقُولَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَنُقِيمَ الصَّلَاةَ ، وَنُؤْتِيَ الزَّكَاةَ ، وَنَصُومَ رَمَضَانَ ، وَنَحُجَّ الْبَيْتَ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا . قَالَ : وَمَا الْخَمْسُ الَّتِي تَخَلَّقْتُمْ بِهَا أَنْتُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ؟ قُلْنَا : الشُّكْرُ عِنْدَ الرَّخَاءِ ، وَالصَّبْرُ عِنْدَ الْبَلَاءِ ، وَالصِّدْقُ فِي مَوَاطِنِ اللِّقَاءِ ، وَالرِّضَى بِمُرِّ الْقَضَاءِ ، وَالصَّبْرُ عِنْدَ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : عُلَمَاءُ حُكَمَاءُ كَادُوا مِنْ صِدْقِهِمْ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْفَضْلِ حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحَدَّادِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ ، ثُمَّ قَالَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ : وَأَنَا أَزِيدُكُمْ خَمْسًا فَتَتِّمُ لَكُمْ عِشْرُونَ خَصْلَةً : إِنْ كُنْتُمْ كَمَا تَقُولُونَ فَلَا تَجْمَعُوا مَا لَا تَأْكُلُونَ ، وَلَا تَبْنُوا مَا لَا تَسْكُنُونَ ، وَلَا تَنَافَسُوا فِي شَيْءٍ أَنْتُمْ عَنْهُ غَدًا زَائِلُونَ ، وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَعَلَيْهِ تُعْرَضُونَ ، وَارْغَبُوا فِيمَا عَلَيْهِ تَقْدَمُونَ وَفِيهِ تَخْلُدُونَ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : قَالَ لِي عَلْقَمَةُ بْنُ يَزِيدَ : فَانْصَرَفَ الْقَوْمُ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَحَفِظُوا وَصِيَّتَهُ وَعَمِلُوا بِهَا ، وَلَا وَاللَّهِ مَا بَقِيَ مِنْ أُولَئِكَ النَّفُرُ وَلَا مِنْ أَوْلَادَهِمْ أَحَدٌ غَيْرِي ، وَمَا بَقِيَ إِلَّا أَيَّامًا قَلَائِلَ ثُمَّ مَاتَ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا السيَاقِ مَجْمُوعًا لَمْ نَكْتُبْهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سُلَيْمَانَ ، تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحَوَارِيِّ