أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ فُورَكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ , نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ , نا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ , نا هِشَامٌ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ , عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ : أَلَا إِنَّ رَبِّي - أَوْ - إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا , كُلُّ مَا نَحَلْتُ حَلَالٌ , وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ , وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ , وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ , وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا , وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ , فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ : إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لِأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ , وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ , وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَحْرِقَ قُرَيْشًا , فَقُلْتُ : رَبِّ إِذًا يَثْلَغُوا رَأْسِي فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً , فَقَالَ : اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا أَخْرَجُوكَ , وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ , وَأَنْفِقَ فَسَنُنْفِقُ عَلَيْكَ , وَابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثُ خَمْسَةَ أَمْثَالِهِ , وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ . وَقَالَ : أَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ : ذُو سُلْطَانٍ مُقْتَصِدٌ مُتَصَ دِّقٌ مُوَفَّقٌ , وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ قُرْبَى وَمُسْلِمٍ , وَفَقِيرٌ عَفِيفٌ مُتَصَدِّقٌ , وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ : الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعٌ لَا يَتْبَعُونَ أَهْلًا وَلَا مَالًا , وَالْخَائِنُ الَّذِي لَا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ وَإِنْ دَقَّ إِلَّا خَانَهُ , وَرَجُلٌ لَا يُصْبِحُ وَلَا يُمْسِي إِلَّا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ . وَذَكَرَ الْبَخِيلَ وَالْكَذِبَ وَالشِّنْظِيرَ الْفَاحِشَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ , عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ , وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ , وَمَطَرٍ الْوَرَّاقِ , عَنْ قَتَادَةَ
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ , نا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ , وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ , قَالَا : نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ , نا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ , قَالَ هِشَامٌ صَاحِبُ الدَّسْتُوَائِيِّ : حَدَّثَنَا قَالَ : نا قَتَادَةُ , عَنْ مُطَرِّفٍ , عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خَطَبَ ذَاتَ يَوْمٍ . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : كُلُّ مَالٍ نَحَلْتَهُ عَبْدِي حَلَالٌ وَقَالَ فِي آخِرِهِ , ثُمَّ قَالَ يَحْيَى : قَالَ شُعْبَةُ , عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : سَمِعْتُ مُطَرِّفَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرٍ وَأَمَّا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ قَتَادَةَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ مُطَرِّفٍ
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ , نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ , نا أَبُو دَاوُدَ , قَالَ : فَحَدَّثَنَا هَمَّامٌ , قَالَ : كُنَّا عِنْدَ قَتَادَةَ فَذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ يُونُسُ الْهَدَادِيُّ وَمَا كَانَ فِينَا أَحَدٌ أَحْفَظُ مِنْهُ : إِنَّ قَتَادَةَ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ مُطَرِّفٍ قَالَ : فَعِبْنَا ذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَ : فَسَلُوهُ قَالَ فَهِبْنَاهُ , فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ , فَقُلْنَا لِلْأَعْرَابِيِّ : سَلْ قَتَادَةَ عَنْ خُطْبَةِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَسَمِعَهُ مِنْ مُطَرِّفٍ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ : يَا أَبَا الْخَطَّابِ أَخْبِرْنِي عَنْ خُطْبَةِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - يَعْنِي حَدِيثَ عِيَاضٍ - أَسَمِعْتَهُ مِنْ مُطَرِّفٍ ؟ فَغَضِبَ فَقَالَ : حَدَّثَنِيهِ ثَلَاثَةٌ عَنْهُ , حَدَّثَنِيهِ أَخُوهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ , وَحَدَّثَنِيهِ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ الْعَدَوِيُّ عَنْهُ , وَذَكَرَ ثَالِثًا لَمْ يَحْفَظْهُ هَمَّامٌ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ الْفَقِيهُ قَالَ : لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ مُخَالِفًا لشَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ وَذَلِكَ أَنَّ الْحَنِيفَ فِي اللُّغَةِ : الِاسْتِوَاءُ وَالِاسْتِقَامَةُ , وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلْأَحْنَفِ : أَحْنَفَ تَبَرُّكًا بِهِ عَلَى الضِّدِّ , كَمَا قِيلَ لِلَّدِيغِ : سَلِيمٌ , وَلِلْمُهْلِكَةِ : مَفَازَةٌ , وَالْأَسْوَدِ : كَافُورٌ , وَإِذَا كَانَ الْحَنِيفُ فِي اللُّغَةِ الِاسْتِوَاءُ ثُمَّ قَالَ : خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ صَحَّ أَنَّهُ يَقُولُ : خَلَقْتُ عِبَادِي أَصِحَّاءَ مُسْتَوِيِينَ فَجَاءَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ , فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ , أَيْ عَنْ دِينِهِمُ الَّذِي كُنْتُ عَلِمْتُهُ وَقَدَّرْتُهُ وَكَتَبْتُ أَنَّهُمْ يَتْرُكُونَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ , وَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا صَحَّ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِكُلِّ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَخْبَارِ
قَالَ : وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْحَنِيفِ , فَقَالَ مُجَاهِدٌ : الْحَنِيفُ الْمُتَّبِعُ , وَقَالَ الْحَسَنُ وَالسُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ : حَجَّاجٌ , وَقَالَ خُصَيْفٌ : مُخْلِصٌ . قَالَ : وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْحَنِيفَ لَيْسَ بِإِسْلَامٍ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا }} فَفَرَّقَ بَيْنَ الْحَنِيفِ وَالْمُسْلِمِ , فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ , عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ , عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : خَلَقْتُ آدَمَ وَبَنِيهِ حُنَفَاءَ مُسْلِمِينَ . يُقَالُ لَهُ : هَذَا خَبَرٌ فِيهِ نَظَرٌ , لِأَنَّ شُعْبَةَ وَسِعِيدًا وَهِشَامًا وَهَمَّامًا وَمَعْمَرًا رَوَوْا هَذَا الْخَبَرَ خِلَافَ مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , مَعَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ كَانَ يُؤَدِّي الْأَخْبَارَ عَلَى الْمَعَانِي , ثُمَّ لَوْ صَحَّ خَبَرُهُ وَلَمْ يُخَالِفْهُ قَتَادَةُ وَالْحَسَنُ لَكَانَ لَا يَجُوزُ تَرْكُ جُمْلَةِ الْأَخْبَارِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ بِهَذَا الْخَبَرِ , ثُمَّ لَوْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ لَكَانَ حُجَّةً لَنَا لِأَنَّهُ قَالَ : خَلَقْتُهُمْ مُسْلِمِينَ وَزَعَمَ الْقَدَرِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَخْلُقْهُمْ مُسْلِمِينَ وَلَا كَافِرِينَ , وَأَنَّ هَذَا مُسْتَحِيلٌ , ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بَعْضَ عَبِيدِهِ وَبَعْضَ بَنِي آدَمَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ الَّتِي دَلَّتْ عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ بَعْضَهُمْ مُؤْمِنِينَ وَبَعْضَهُمْ كَافِرِينَ . قَالَ : وَنَفَسُ الْخَبَرِ دَالٌّ عَلَى مَا قُلْنَا , وَذَلِكَ أَنَّهُ يَقُولُ : خَلَقْتُهُمْ كُلُّهُمْ فَاجْتَالَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ عَنْ دِينِهِمْ , وَإِنَّمَا اجْتَالَ الشَّيَاطِينُ بَعْضَهُمْ لَا كُلَّهُمْ , لِأَنَّهُ لَمْ يَجْتَلِ الْأَنْبِيَاءَ وَلَا يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا , وَلَا الْأَطْفَالَ , وَلَا الْمَجَانِينَ , فَلَمَّا ثَبَتَ قَوْلُهُ : اجْتَالَتْهُمْ كُلُّهُمْ يُرِيدُ بَعْضَهُمْ ثَبَتَ أَنَّ قَوْلَهُ : خَلَقَهُمْ كُلَّهُمْ يُرِيدُ بَعْضَهُمْ . فَإِنْ قَالَ : فَفِي الْخَبَرِ خَلَقْتُ عِبَادِي وَاسْمُ الْعِبَادِ لَا يَقَعُ عَلَى بَعْضِهِمْ . يُقَالُ لَهُ : اسْمُ الْعِبَادِ قَدْ يَقَعُ عَلَى بَعْضِهِمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ }} أَرَادَ بَعْضَ عِبَادِهِ , وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ . قَالَ : {{ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ }} أَرَادَ بَعْضَ عِبَادِهِ , وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : خَلَقْتُ عِبَادِي أَرَادَ بَعْضَهُمْ لَا كُلَّهُمْ
قَالَ الشَّيْخُ وَذَهَبَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ : خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ أَرَادَ بِهِ عَلَى الْمِيثَاقِ الْأَوَّلِ {{ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى }} أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ , يَقُولُ : سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ , يَقُولُ : قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , فَذَكَرَهُ
أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ , رَحِمَهُ اللَّهُ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ , نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ , نا أَبُو دَاوُدَ , نا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ , فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ , أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْبَهِيمَةِ تُنْتِجُ الْبَهِيمَةَ فَمَا تَرَوْنَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ آدَمَ , عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الدَّارَبِرْدِيُّ , بِمَرْوَ , نا أَبُو الْمُوَجَّهِ , نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ , أنا عَبْدُ اللَّهِ , عَنْ يُونُسَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ , كَمَا تُنْتِجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ , هَلْ تَحُسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ؟ ثُمَّ يَقُولُ : اقْرَءُوا : {{ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ }} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ , عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ , وَأَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ , أنا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُحَمَّدآبَاذِيُّ , نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ , نا حَاجِبُ بْنُ الْوَلِيدِ , نا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ سَعِيدٍ هُوَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ , كَمَا تُنْتِجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ , هَلْ تَحُسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ؟ ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ : اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : {{ فِطْرَةَ اللَّهِ }} الْآيَةَ إِلَى {{ يَعْلَمُونَ }} رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ حَاجِبِ بْنِ الْوَلِيدِ
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ , نا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ , نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , وَأَنَا مَعْمَرٌ , عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ , قَالَ : هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ , قَالَ : وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ يُولَدُ يُولَدُ عَلَى هَذِهِ الْفِطْرَةِ , فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ كَمَا يَنْتِجُونَ الْبَهِيمَةَ فَهَلْ تَجِدُونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ حَتَّى تَكُونُوا أَنْتُمْ تَجْدَعُونَهَا . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ ؟ قَالَ : اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ , وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَرَوَاهُ الْأَعْرَجُ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ : عَلَى الْفِطْرَةِ وَذَكَرَ الزِّيَادَةَ فِي آخِرِهِ
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا : نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , نا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ , نا أَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَيْسَ مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا عَلَى هَذِهِ الْمِلَّةِ حَتَّى يُبِينَ عَنْهُ لِسَانُهُ , فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُشَرِّكَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ قَالَ : فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَكَيْفَ بِمَنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَعْنِي مَاتَ ؟ قَالَ : اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ , وَأَبِي كُرَيْبٍ , عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ , وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ , عَنِ الْأَعْمَشِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , قَالَ : قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ فِي قَوْلِهِ : عَلَى هَذِهِ الْمِلَّةِ : لَفْظَةٌ فِيهَا نَظَرٌ لِأَنَّ أَصْحَابَ الْأَعْمَشِ اخْتَلَفُوا فَقَالَ : شُعْبَةُ وَجَرِيرٌ , عَنِ الْأَعْمَشِ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ : وَقَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ , وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ , عَنِ الْأَعْمَشِ : كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَقَالَ وَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنِ الْأَعْمَشِ : كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْمِلَّةِ فَدَلَّ أَنَّ الْأَعْمَشَ كَانَ يَرْوِي الْحَدِيثَ عَلَى الْمَعْنَى عِنْدَهُ لَا عَلَى اللَّفْظِ الْمَرْوِيِّ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ , نا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ , نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ , نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ , عَنِ الْعَلَاءِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : كُلُّ إِنْسَانٍ تَلِدْهُ أُمُّهُ عَلَى الْفِطْرَةِ , أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ , فَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ فَمُسْلِمٌ , كُلُّ إِنْسَانٍ تَلِدُهُ أُمُّهُ يَلْكَزُهُ الشَّيْطَانُ فِي حُضْنَيْهِ إِلَّا مَرْيَمَ وَابْنَهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ , أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ , نا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نَاصِحٍ , نا عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي ابْنَ عَطَاءٍ الْحَفَّافَ , نا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ , ح وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ , نا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ , نا أَبُو صَالِحٍ الْفَرَّاءُ , نا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ , عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ , عَنِ الْحَسَنِ , عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ , قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ فَلَقِينَا الْمُشْرِكِينَ , فَأَسْرَعُوا فِي الْقَتْلِ حَتَّى قَتَلُوا الذُّرِّيَّةَ , فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : مَا بَالُ أَقْوَامٍ ذَهَبَ بِهِمُ الْقَتْلُ حَتَّى قَتَلُوا الذُّرِّيَّةَ أَلَا لَا تَقْتُلُوا الذُّرِّيَّةَ فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَوَ لَيْسَ أَبْنَاؤُهُمْ أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ ؟ قَالَ : أَوَ لَيْسَ خِيَارُكُمْ أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ , كُلُّ نَسَمَةٍ تُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهَا لِسَانُهَا فَأَبَوَاهَا يُهَوِّدَانِهَا أَوْ يُنَصِّرَانِهَا لَفْظُ حَدِيثِ الْفَزَارِيِّ . قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ : مَعْنَى قَوْلِهِ : كُلُّ نَسَمَةٍ تُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ يَعْنِي الْفِطْرَةَ الَّتِي فَطَرَهُمْ عَلَيْهَا حِينَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ صُلْبِ آدَمَ , فَأُقَرُّوا بِتَوْحِيدِهِ . قَالَ الشَّيْخُ : وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ الْمُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ وَأَشْعَثُ , وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ وَغَيْرُهُمْ , عَنِ الْحَسَنِ
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدَانَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ , نا هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ , نا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , نا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى , عَنِ الْحَسَنِ , عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ , قَالَ : وَكَانَ شَاعِرًا . قَالَ : غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَرْبَعَ غَزَوَاتٍ , وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قَصَّ . فَأَفْضَى بِهِمُ الْقَتْلُ إِلَى أَنْ قَتَلُوا الذُّرِّيَّةَ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : مَا بَالُ أَقْوَامٍ أَفْضَى بِهِمُ الْقَتْلُ إِلَى أَنْ قَتَلُوا الذُّرِّيَّةَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ قَالَ : فَإِنَّهُ مَا مِنْ مَوْلُودٍ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ , حَتَّى يُعْرِبَ بِهِ لِسَانُهُ , فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ كَذَا رَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , وَخَالَفَهُ سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ , عَنِ السَّرِيِّ فَقَالَ : إِنَّهَا لَيْسَتْ نَفْسٌ تُولَدُ إِلَّا وُلِدَتْ عَلَى الْفِطْرَةِ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ , عَنْ سَهْلِ بْنِ بَكَّارٍ , عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى , عَنِ الْحَسَنِ , قَالَ : حَدَّثَ الْأَسْوَدُ بْنُ سَرِيعٍ , فَذَكَرَهُ وَهَذَا أَوْلَى أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا لِمُوَافَقَتِهِ رِوَايَةَ غَيْرِهِ عَنِ الْحَسَنِ , وَالْحُفَّاظُ لَا يُثْبِتُونَ سَمَاعَ الْحَسَنِ مِنَ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , نا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ , أنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ , أنا عَوْفٌ ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ , عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : كُلُّ مَوْلُودٍ عَلَى الْفِطْرَةِ فَنَادَاهُ النَّاسُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ ؟ قَالَ : أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , نا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ , قَالَ : يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ عَلَى مَا سَبَقَ لَهُ فِي الْعِلْمِ
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ السُّوسِيُّ , نا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ , أنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدَ , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي , قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : لَا يُخْرِجَانِهِ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ وَإِلَى عِلْمِ اللَّهِ يَصِيرُونَ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , نا أَبُو دَاوُدَ , قَالَ : قُرِئَ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ وَأَنَا شَاهِدٌ , أَخْبَرَكَ يُوسُفُ بْنُ عَمْرٍو , أنا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ : سَمِعْتُ مَالِكًا , وَقِيلَ لَهُ : إِنَّ أَهْلَ الْأَهْوَاءِ يَحْتَجُّونَ عَلَيْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ . قَالَ مَالِكٌ : احْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِآخِرِهِ قَالُوا : أَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ قَالَ : اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , نا أَبُو دَاوُدَ , نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ , نا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ , قَالَ : سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ , يُفَسِّرُ حَدِيثَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ قَالَ : هَذَا عِنْدَنَا حَيْثُ أَخَذَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ , حَيْثُ قَالَ : {{ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى }}
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ , يَقُولُ : سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ , يَقُولُ : قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ فِي حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ : إِنَّمَا هَذَا عَلَى الْمِيثَاقِ الْأَوَّلِ {{ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى }} قَالَ : أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ مَعْنَى قَوْلِ حَمَّادٍ فِي هَذَا حَسَنٌ , وَكَأَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِلْإِيمَانِ الْفِطْرِيِّ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا , وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْإِيمَانُ الشَّرْعِيُّ الْمُكْتَسَبُ بِالْإِرَادَةِ وَالْفِعْلِ , أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ : فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ فَهُوَ مَعَ وُجُودِ الْإِيمَانِ الْفِطْرِيِّ فِيهِ مَحْكُومٌ لَهُ بِحُكْمِ أَبَوَيْهِ الْكَافِرَيْنِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ , أنا أَبُو الْحَسَنِ الْكَارِزِيُّ , نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , قَالَ : قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ عَنْ تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ : كَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْفَرَائِضُ , وَقَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ الْمُسْلِمُونَ بِالْجِهَادِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : كَأَنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ , ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُهَوِّدَهُ أَبَوَاهُ , أَوْ يُنَصِّرَاهُ مَا وَرِثَهُمَا وَلَا وَرِثَاهُ , لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَهُمَا كَافِرَانِ فَكَذَلِكَ مَا كَانَ يَجُوزُ أَنْ يُسْبَى , يَقُولُ : فَلَمَّا نَزَلَتِ الْفَرَائِضُ , وَجَرَتِ السُّنَنُ بِخِلَافِ ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّهُ يُولَدُ عَلَى دِينِهِمَا . هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ الشَّيْخُ : قَدْ حَمَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَلَى أَحْكَامِ الدُّنْيَا , وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِأَمْرِ الْآخِرَةِ , وَإِلَى قَرِيبٍ مِنْ هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي مَعْنَاهُ , إِلَّا أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إِلَى دَعْوَى النَّسْخِ فَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيِّ عَنْهُ : قَوْلُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَهِيَ الْفِطْرَةُ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا الْخَلْقَ , فَجَعَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا لَمْ يُفْصِحُوا بِالْقَوْلِ فَيَخْتَارُوا أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ الْإِيمَانَ أَوِ الْكُفْرَ لَا حُكْمَ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ , إِنَّمَا الْحُكْمُ لَهُمْ بِآبَائِهِمْ فَمَا كَانَ آبَاؤُهُمْ يَوْمَ يُولَدُونَ فَهُوَ بِحَالِهِ . إِمَّا مُؤْمِنٌ فَعَلَى إِيمَانِهِ , أَوْ كَافِرٌ فَعَلَى كُفْرِهِ . فَبِهَذَا قُلْنَا مَنْ وَجَبَ لَهُ حُكْمُ الْإِسْلَامِ بِأَيِّ وَجْهٍ مَا كَانَ , وَجَبَتْ لَهُ الْمَوَارِيثُ وَالْأَحْكَامُ وَلَا يَزُولُ ذَلِكَ عَنْهُ إِلَّا بِرِدَّةٍ , وَالرِّدَّةُ لَا تَكُونُ إِلَّا فِعْلًا مِنْ رَاجِعٍ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ . فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي هَذَا إِلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَهُ لَا حُكْمَ لَهُ فِي نَفْسِهِ , وَإِنَّمَا هُوَ تَبَعٌ لِأَبَوَيْهِ فِي الدِّينِ فِي حُكْمِ الدُّنْيَا حَتَّى يُعْرِبَ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ , وَالَّذِي رُوِّينَا فِي حَدِيثِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الزِّيَادَةِ يُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ قَوْلُهُ : فَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ فَمُسْلِمٌ , فَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَقَدْ بَيَّنَ حُكْمَهُ فِيهَا فِي آخِرِ الْخَبَرِ فَقَالَ : حِينَ سُئِلَ عَمَّنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَهُوَ صَغِيرٌ : اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ وَإِلَى مِثْلِ مَعْنَى مَا حَكَيْنَا عَنِ الشَّافِعِيِّ ذَهَبَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ فِي حُكْمِهِمْ فِي الدُّنْيَا , وَكَأَنَّهُ عَنْ كِتَابِ الشَّافِعِيِّ أَخَذَهُ ثُمَّ زَادَ فِيهِ
أَخْبَرَنِيهِ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ , إِجَازَةً أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ صُبَيْحٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ : نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شِيرَوَيْهِ , قَالَ : قَالَ إِسْحَاقُ : مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى مَا فَسَّرَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ حِينَ قَرَأَ : {{ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ }} يَقُولُ تِلْكَ الْخِلْقَةُ الَّتِي خَلَقَهُمْ لَهَا إِمَّا جَنَّةٌ وَإِمَّا نَارٌ حَيْثُ أَخْرَجَ مِنْ صُلْبِ آدَمَ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ هُوَ خَالِقُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَقَالَ : هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ وَهَؤُلَاءِ لِلنَّارِ فَيَقُولُ : كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى تِلْكَ الْفِطْرَةِ , أَلَا تَرَى أَنَّ غُلَامَ الْخَضِرِ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : طَبَعَهُ اللَّهُ يَوْمَ طَبَعَهُ كَافِرًا وَهُو بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُؤْمِنَيْنِ فَعَلَّمَ اللَّهُ الْخَضِرَ خِلْقَتَهُ الَّتِي خَلَقَهُ لَهَا وَلَمْ يُعْلِمْ مُوسَى ذَلِكَ فَأَرَاهُ اللَّهُ تِلْكَ الْآيَةَ لِيَرْفَعَهُ اللَّهُ بِهَا وَيَزْدَادَ عِلْمًا إِلَى عِلْمِهِ , وَقَوْلُهُ : أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ يَقُولُ : بِالْأَبَوَيْنِ بَيَّنَ لَكُمْ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي أَحْكَامِكُمْ مِنَ الْمَوَارِيثِ وَغَيْرِهَا , يَقُولُ : إِذَا كَانَ الْأَبَوَانِ مُؤْمِنَيْنِ فَاحْكُمُوا لِوَلَدِهِمَا بِحُكْمِ الْأَبَوَيْنِ فِي الصَّلَاةِ وَالْأَحْكَامِ وَالْمَوَارِيثِ , وَإِنْ كَانَا كَافِرَيْنِ فَاحْكُمُوا لِوَلَدِهِمَا حُكْمَ الْكُفْرِ أَيْ فِي الْمَوَارِيثِ وَالصَّلَاةِ وَخِلْقَتُهُ الَّتِي خَلَقْتُهُ لَهَا لَا عِلْمَ لَكُمْ بِذَلِكَ . أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ حِينَ كَتَبَ إِلَيْهِ نَجْدَةُ الْحَرُورِيُّ فِي قَتْلِ صِبْيَانِ الْمُشْرِكِينَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ : إِنْ عَلِمْتَ مِنْ صِبْيَانِهِمْ مَا عَلِمَ الْخَضِرُ مِنَ الصَّبِيِّ الَّذِي قَتَلَهُ فَاقْتُلْهُمْ . أَيْ أَنَّ أَحَدًا لَا يَعْلَمُ عِلْمَ الْخَضِرِ فِي ذَلِكَ , لِمَا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ كَمَا خَصَّهُ بِأَمْرِ السَّفِينَةِ وَالْجِدَارِ , وَكَانَ مُنْكَرًا فِي الظَّاهِرِ فَعَلَّمَهُ اللَّهُ عِلْمَ الْبَاطِنِ , فَحَكَمَ بِإِرَادَةِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي مَضَى : وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ : تَأْوِيلُهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ : اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُمْ إِنَّمَا يُولَدُونَ عَلَى مَا يَصِيرُونَ إِلَيْهِ مِنْ إِسْلَامٍ أَوْ كُفْرٍ , فَمَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنْ يَصِيرَ مُسْلِمًا فَإِنَّهُ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ , وَمَنْ كَانَ عِلْمُهُ فِيهِ أَنْ يَمُوتَ كَافِرًا وُلِدَ عَلَى ذَلِكَ . قَالَ الشَّيْخُ : وَهَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ وَإِلَى مِثْلِهِ أَشَارَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِيمَا رَوَيْنَاهُ عَنْهُمَا أَوَّلًا
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ , أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ , نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ , نا أَبُو دَاوُدَ , نا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ : اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ آدَمَ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ , وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَرَوَاهُ الْأَعْرَجُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , نا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ , نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ , نا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى , أنا أَبُو عَوَانَةَ , عَنْ أَبِي بِشْرٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ قَالَ : اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ إِذْ خَلَقَهُمْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى , وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ , عَنْ أَبِي بِشْرٍ
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ , نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ , نا أَبُو دَاوُدَ , ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ , أنا أَبُو مُسْلِمٍ , نا حَجَّاجٌ , قَالَا : نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ , قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ , يَقُولُ : أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَأَنَا أَقُولُ , أَطْفَالُ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ , وَأَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى حَدَّثَنِي فُلَانٌ , عَنْ فُلَانٍ , وَلَقِيتُ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْهُ فَحَدَّثَنِي , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ , زَادَ حَجَّاجٌ فَأَمْسَكْتُ وَقَدْ قِيلَ فِيهِ عَنْ حَمَّادٍ , عَنْ عَمَّارٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمِثْلِهِ . قَالَ الشَّيْخُ : وَهَذَا الْأَثَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يُؤَكِّدُ تَأْوِيلَ ابْنِ الْمُبَارَكِ , وَيَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا وَجْهَ لِقَطْعِ مَنْ قَطَعَ بِكَوْنِهِمْ مُسْلِمِينَ أَوْ كَافِرِينَ فِي حُكْمِ الْآخِرَةِ , وَأَنَّ أَصَحَّ الْأَقْوَالِ فِيهِمْ أَنَّ أَمْرَهُمْ مَوْكُولٌ إِلَى اللَّهِ , فَمَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ حَيًّا عَمِلَ عَمَلَ السُّعَدَاءِ فَهُوَ مِمَّنْ كُتِبَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ سَعِيدًا وَخُلِقَ يَوْمَ خُلِقَ لِلْجَنَّةِ , وَمَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ حَيًّا عَمِلَ عَمَلَ الْأَشْقِيَاءِ فَهُوَ مِمَّنْ كُتِبَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ شَقِيًّا , وَخُلِقَ يَوْمَ خُلِقَ لِلنَّارِ
فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ , أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ , نا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى , أنا سُفْيَانُ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ , قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِ الذَّرَارِيِّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ فَيُصِيبُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ فَقَالَ : هُمْ مِنْهُمْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى , وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سُفْيَانَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يُولَدُوا عَلَى الْإِسْلَامِ قَطْعًا , وَأَنَّ حُكْمَهُمْ فِي الْبَيَاتِ حُكْمُ آبَائِهِمْ , فَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَيَرْجِعُ أَمْرُهُمْ إِلَى قَوْلِهِ : اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , نا أَبُو دَاوُدَ , نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ , نا بَقِيَّةُ , قَالَ أَبُو دَاوُدَ , ونا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ , وَكَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ , قَالَا : نا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْمَعْنَى , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ , عَنْ عَائِشَةَ , قَالَتْ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَرَارِيُّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ : مِنْ آبَائِهِمْ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , بِلَا عَمَلٍ ؟ قَالَ : اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَرَارِيُّ الْمُشْرِكِينَ ؟ قَالَ : مِنْ آبَائِهِمْ قُلْتُ : بِلَا عَمَلٍ ؟ قَالَ : اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ فَهَذَا أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يُولَدُوا عَلَى الْإِسْلَامِ قَطْعًا , وَأَنَّهُ جَعَلَ حُكْمَهُمْ حُكْمَ آبَائِهِمْ , وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا
وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ , نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ , نا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ , نا أَبُو عَقِيلٍ , عَنْ بُهَيَّةَ , عَنْ عَائِشَةَ , قَالَتْ : سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ قَالَ : هُمْ فِي النَّارِ يَا عَائِشَةُ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَقُولُ فِي أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ ؟ قَالَ : هُمْ فِي الْجَنَّةِ يَا عَائِشَةُ . قُلْتُ : وَكَيْفَ وَلَمْ يُدْرِكُوا وَلَمْ تَجْرِ عَلَيْهِمُ الْأَقْلَامُ قَالَ : رَبُّكِ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ
وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ , أنا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ , أنا السَّاجِيُّ , نا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ , نا أَبُو عَقِيلٍ يَحْيَى بْنُ الْمُتَوَكِّلِ قَالَ : حَدَّثَتْنِي بُهَيَّةُ , مَوْلَاةُ الْقَاسِمِ قَالَتْ : سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ , وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ , زَادَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ شِئْتُ لَأَسْمَعْتُكَ تَضَاغِيَهُمْ فِي النَّارِ فَهَذَا يُصَرِّحْ بِحُكْمِهِمْ فِي الْآخِرَةِ
وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ قَتَادَةَ , أنا أَبُو عَلِيٍّ حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَرَوِيُّ , أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , نا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ , نا عُمَرُ هُوَ ابْنُ ذَرٍّ قَالَ : حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أُمَيَّةَ الْقُرَشِيُّ , أَنَّ عَازِبَ الْأَنْصَارِيَّ أَرْسَلَ مَوْلًى لَهُ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَ : أَقْرِئْهَا مِنِّي السَّلَامَ , وَسَلْهَا هَلْ حَفِظْتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَوْلًا فِي الْأَطْفَالِ ؟ فَانْطَلَقَ إِلَيْهَا فَبَلَّغَهَا عَنْهُ السَّلَامَ وَقَالَ : إِنَّ ابْنَكِ عَازِبًا يَسْأَلُكِ هَلْ حَفِظْتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَوْلًا فِي الْأَطْفَالِ ؟ فَقَالَتْ : نَعَمْ , سَأَلْتُهُ عَنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ , قُلْتُ : أَيْنَ أَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ ؟ قَالَ : مَعَ آبَائِهِمْ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ بِلَا عَمَلٍ ؟ قَالَ : اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ أَطْفَالُ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : مَعَ آبَائِهِمْ , قُلْتُ : بِلَا عَمَلٍ ؟ قَالَ : قَدْ عَلِمَ اللَّهُ مَا كَانُوا عَامِلِينَ
وَكَذَلِكَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , نا أَبُو دَاوُدَ , نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى , أنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ عَامِرٍ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ قَالَ يَحْيَى : قَالَ أَبِي : فَحَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ , أَنَّ عَامِرًا حَدَّثَهُ بِذَلِكَ عَنْ عَلْقَمَةَ , عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . كَذَا قَالَ , وَخَالَفَهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ , عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ فِي إِسْنَادِهِ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ عَلْقَمَةُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ وَمِنْ غَيْرِهِ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ , بِبَغْدَادَ أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ , نا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ , نا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ , عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنَا مُلَيْكَةَ الْجُعْفِيَّانِ قَالَا : أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا عَنْ أُمٍّ لَنَا مَاتَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , كَانَتْ تَصِلُ الرَّحِمَ , وَتَصَّدَّقُ وَتَفْعَلُ , وَتَفْعَلُ , هَلْ يَنْفَعُهَا ذَلِكَ شَيْئًا ؟ قَالَ : لَا قَالَا : فَإِنَّهَا وَأَدَتْ أُخْتًا لَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ , فَهَلْ يَنْفَعُ ذَلِكَ أُخْتَنَا ؟ قَالَ : لَا الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ , إِلَّا أَنْ تُدْرِكَ الْوَائِدَةُ الْإِسْلَامَ فَتَسْلَمُ فَلَمَّا رَأَى مَا دَخَلَ عَلَيْهِمَا قَالَ : وَأُمِّي مَعَ أُمِّكُمَا وَهَذَا أَيْضًا يُصَرِّحُ بِحُكْمِهَا فِي الْآخِرَةِ , وَأَنَّهَا لَمْ تُولَدْ عَلَى الْإِسْلَامِ
وَرَوَاهُ الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : سَمِعْتُ دَاوُدَ بْنَ أَبِي هِنْدٍ يُحَدِّثُ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ , عَنْ سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ , أنا أَبُو مُسْلِمٍ , نا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ , نا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ , فَذَكَرَهُ وَسَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ هُوَ أَحَدُ ابْنَيْ مُلَيْكَةَ , وَلَهُ شَاهِدٌ آخَرُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُرَّةَ , عَنْ سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ *
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ , نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ , نا أَبُو دَاوُدَ , نا سُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ , عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُرَّةَ , عَنْ سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ , قَالَ : سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قُلْتُ : إِنَّ أُمِّيَ مَاتَتْ , وَكَانَتْ تَقْرِي الضَّيْفَ , وَتُطْعِمُ الْجَارَ وَالْيَتِيمَ , وَكَانَتْ وَأَدَتْ وَأْدًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ , وَلِي سَعَةٌ مِنْ مَالٍ أَفَيَنْفَعُهَا إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا يَنْفَعُ الْإِسْلَامُ إِلَّا مَنْ أَدْرَكَهُ , إِنَّهَا وَمَا وَأَدَتْ فِي النَّارِ قَالَ : وَرَأَى ذَلِكَ قَدْ شَقَّ عَلَيَّ فَقَالَ : وَأُمُّ مُحَمَّدٍ مَعَهُمَا فَمَا فِيهِمَا خَيْرٌ وَرُوِيَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , أنا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّفَّاءُ , أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , نا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ , نا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ , عَنْ عَاصِمٍ , عَنْ زِرٍّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ : جَاءَ رَجُلَانِ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَا : إِنَّ أُمَّنَا كَانَتْ تَقْرِي الضَّيْفَ , وَإِنَّهَا وَأَدَتْ مَوْءُودَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَاضِي قَالَا : نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , نا أَبُو عُتْبَةَ , نا بَقِيَّةُ , نا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ , عَنْ أَبِيهِ , وَرَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ , قَالَا : قَالَتْ خَدِيجَةُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْلَادِي مِنْكَ فِي الْإِسْلَامِ , قَالَ : فِي الْجَنَّةِ قُلْتُ : بِلَا عَمَلٍ ؟ قَالَ : اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَأَوْلَادِي مِنْ غَيْرِكَ ؟ قَالَ : فِي النَّارِ قُلْتُ : بِلَا عَمَلٍ ؟ قَالَ : اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ هَذَا إِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ وَرُوِيَ مَوْصُولًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ , عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ , عَنْ زَاذَانَ , عَنْ عَلِيٍّ , وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ , وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِنْ قَوْلِهِمَا : الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ وَهَذِهِ أَخْبَارٌ لَا تَبْلُغُ أَسَانِيدُهَا فِي الصِّحَّةِ مَبْلَغَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَيُحْتَمَلُ إِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً أَنْ تَكُونَ خَارِجَةً مَخْرَجَ الْأَغْلَبِ , وَحَدِيثُ أَوْلَادِ خَدِيجَةَ وَمُلَيكَةَ قَضِيَّةٌ فِي عَيْنٍ , وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَعْلَمُهُ بِالْوَحْيِ , فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ أَمْرُهُمْ مَوْكُولًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى . وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى إِلْحَاقِهِمْ بِآبَائِهِمْ فِي حُكْمِ الْآخِرَةِ , كَمَا كَانُوا مُلْحَقِينَ بِهِمْ فِي حُكْمِ الدُّنْيَا , وَاسْتَدَلَّ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا , وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُمْ يَكُونُونَ فِي الْجَنَّةِ خُدَّامًا لِأَهْلِهَا إِذْ لَمْ يَعْمَلُوا عَمَلًا يَسْتَحِقُّونَ بِهِ الثَّوَابَ أَوِ الْعِقَابَ , وَخُدَّامُ الْمُلُوكِ وَإِنْ تَنَعَّمُوا بِنِعْمَةِ الْمُلُوكِ فَلَيْسُوا فِيهَا كَالْمُلُوكِ , وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا
بِمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , قَالَ : أنا أَبُو النَّصْرِ الْفَقِيهُ , نا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ , نا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ , نا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ , نا أَبُو رَجَاءٍ , عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ , قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ : مَنْ رَأَى مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي رُؤْيَا النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ فِيهِ : انْطَلَقَ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ فِيهَا شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ , وَفِي أَصْلِهَا شَيْخٌ وَصِبْيَانٌ ثُمَّ ذَكَرْتُهُ فِي تَفْسِيرِ مَا رَأَى , وَالشَّيْخُ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ إِبْرَاهِيمُ , وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهُ فَأَوْلَادُ النَّاسِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ , إِلَّا أَنَّ عَوْفًا قَدْ رَوَاهُ عَنْ أَبَى رَجَاءٍ , عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ فِيهِ : وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ فَذَلِكَ خَلِيلُ اللَّهِ إِبْرَاهِيمُ , وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَهُمْ مَوْلُودُونَ وُلِدُوا عَلَى الْفِطْرَةِ فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَ ذَلِكَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ ؟ قَالَ : وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , نا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ , أنا أَبُو مُسْلِمٍ , نا أَبُو عَمْرٍو الضَّرِيرُ , نا يُوسُفُ بْنُ مَيْمُونٍ , نا عَوْفُ , فَذَكَرَهُ . قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ قَوْلُهُ : وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ : أَيْ وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ يُولَدُونَ عَلَى الْفِطْرَةِ كَمَا يُولَدُ أَوْلَادُ الْمُسْلِمِينَ , أَيْ عَلَى الِاسْتِوَاءِ وَالصِّحَّةِ . قَالَ الشَّيْخُ : وَفِي هَذَا الْإِسْنَادِ الْآخَرِ نَظَرٌ , وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ جَرَى لَهُ الْقَلَمُ بِالسَّعَادَةِ مِنْهُمْ
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ , رَحِمَهُ اللَّهُ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ , نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ , أنا أَبُو دَاوُدَ , أنا الرَّبِيعُ , عَنْ يَزِيدَ , قَالَ : قُلْتُ لِأَنَسٍ : يَا أَبَا حَمْزَةَ مَا تَقُولُ فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ ؟ فَقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سَيِّئَاتٌ فَيُعَاقَبُوا بِهَا فَيَكُونُوا مِنْ أَهْلِ النَّارِ , وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَسَنَاتٌ فَيُجَاوَزُوا بِهَا ؟ فَيَكُونُوا مِنْ مُلُوكِ أَهْلِ الْجَنَّةِ , هُمْ خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ نَظِيفٍ الْمِصْرِيُّ بِمَكَّةَ , نا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمَوْتِ إِمْلَاءً , نا مُحَمَّدُ بْنُ شَاهِينَ بْنِ عَلِيٍّ , نا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ , نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ , عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : سَأَلْتُ رَبِّي اللَّاهِينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْبَشَرِ أَلَّا يُعَذِّبَهُمْ , فَأَعْطَانِيهِمْ يَعْنِي الصِّبْيَانَ تَفَرَّدَ بِهِ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ , وَيَزِيدُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مِقْسَمٍ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ أَنَسٍ , وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , نا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ , أنا أَبُو يُوسُفَ هُوَ الْقَاضِي , نا الرَّبِيعُ , نا أَبُو عَوَانَةَ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ أَبِي مُرَايَةَ الْعِجْلِيِّ , عَنْ سَلْمَانَ , قَالَ : أَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ : الْخَبَرُ مَوْقُوفٌ , وَأَبُو مُرَايَةَ فِيهِ نَظَرٌ
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ , نا تَمْتَامٌ , نا هَوْذَةُ , نا عَوْفٌ , عَنْ حَسْنَاءَ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ , قَالَتْ : حَدَّثَتْنِي عَمَّتِي , وَقَالَ غَيْرُهُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ قَالَتْ : حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ فِي الْجَنَّةِ ؟ قَالَ : النَّبِيُّ فِي الْجَنَّةِ , وَالشَّهِيدُ فِي الْجَنَّةِ , وَالْمَوْلُودُ فِي الْجَنَّةِ وَالْمَوْءُودَةُ يَعْنِي فِي الْجَنَّةِ وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ ضَعِيفٍ
أَخْبَرَنَاهُ هِلَالُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ , بِبَغْدَادَ , أنا الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَيَّاشٍ , نا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّرْقُفِيُّ , نا أَبُو جَابِرٍ الْمَكِّيُّ , نا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ , عَنِ الْحَسَنِ , عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ , قَالَ : قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ فِي الْجَنَّةِ ؟ قَالَ : النَّبِيُّ وَالشَّهِيدُ وَالْمَوْلُودُ فِي الْجَنَّةِ , وَالْمَوْءُودَةُ فِي الْجَنَّةِ وَهَذَا يَحْتَمِلُ إِنْ صَحَّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ مَوْءُودَةُ فُسَّاقِ الْمُسْلِمِينَ , أَوْ مَنْ كُتِبَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ سَعِيدًا , وَأَمَّا ذَرَارِيُّ الْمُسْلِمِينَ فَمَنْ أَلْحَقَ ذَرَارِيَّ الْمُشْرِكِينَ بِآبَائِهِمْ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ , أَلْحَقَ ذَرَارِيَّ الْمُسْلِمِينَ أَيْضًا بِآبَائِهِمْ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ , وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ خُدَّامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَكَمَ فِي أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ بِكَوْنِهِمْ فِي الْجَنَّةِ وَاحْتَجَّ
بِمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو بَكْرٍ الدَّارَبِرْدِيُّ , بِمَرْوَ , نا أَبُو الْمُثَنَّى الْعَنْبَرِيُّ , نا مُسَدَّدٌ , نا يَحْيَى , عَنِ التَّيْمِيِّ , عَنْ أَبِي السَّلِيلِ , عَنْ أَبِي حَسَّانَ , قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ تُوُفِّيَ لِيَ ابْنَانِ فَهَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ شَيْئًا تَطِيبُ بِهِ أَنْفُسَنَا عَنْ مَوْتَانَا ؟ فَقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : صِغَارُهُمْ دَعَامِيصُ الْجَنَّةِ , يَلْقَى أَحَدُهُمْ أَبَاهُ أَوْ أَبَوَيْهِ فَيَأْخُذُ بِصَنِفَةِ ثَوْبِهِ كَمَا أَخَذْتُ بِصَنِفَةِ ثَوْبِكَ , فَلَا يُفَارِقُكَ حَتَّى يُدْخِلَهُ اللَّهُ وَأَبَاهُ الْجَنَّةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَالْأَخْبَارُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ , نا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكُوفَةِ , نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ , نا وَكِيعٌ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنِ ابْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ , عَنْ أَبِي حَازِمٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَوْلَادُ الْمُسْلِمِينَ فِي جَبَلٍ فِي الْجَنَّةِ يَكْفُلُهُمْ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَسَارَةُ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ دُفِعُوا إِلَى آبَائِهِمْ وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا أَبُو عَمْرِو بْنِ السَّمَّاكِ , أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَارِثِيُّ , نا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ , نا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ عُثْمَانَ أَبِي الْيَقْظَانِ , عَنْ زَاذَانَ , عَنْ عَلِيٍّ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ }} قَالَ : هُمْ أَطْفَالُ الْمُسْلِمِينَ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّغَانِيُّ , بِمَكَّةَ , نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبَّادٍ , أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أنا الثَّوْرِيُّ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ }} قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَرْفَعُ ذُرِّيَّةَ الْمُؤْمِنِ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ فِي الْجَنَّةِ , وَإِنْ كَانُوا دُونَهُ فِي الْعَمَلِ ثُمَّ قَرَأَ : {{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتَهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ }} يَقُولُ : وَمَا نَقَصْنَاهُمْ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي , وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى , قَالُوا : نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ , نا أَحْمَدُ بْنُ أَشْكِيبٍ الصَّفَّارُ , نا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ , عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , عَنْ سَمَاعَةَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ لِيَرْفَعُ ذُرِّيَّةَ الْمُؤْمِنِ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَإِنْ كَانُوا لَمْ يَبْلُغُوهَا فِي الْعَمَلِ لِيُقِرَّ بِهِ عَيْنَهُ ثُمَّ قَرَأَ : {{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتَهُمْ بِإِيمَانٍ }} الْآيَةَ
وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , قَالَ : أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ , نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ , نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {{ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى }} فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَعْدَ هَذَا {{ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ }} بِإِيمَانٍ فَأَدْخَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْأَبْنَاءَ الْجَنَّةَ لِصَلَاحِ الْآبَاءِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ونا أَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي , قَالَا : نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , أنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ زَائِدَةَ , عَنْ مَيْسَرَةَ الْأَشْجَعِيِّ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , عَنْ كَعْبٍ , قَالَ : جَنَّةُ الْمَأْوَى فِيهَا طَيْرٌ خُضْرٌ تَرْتَعِي فِيهَا أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ , وَأَرْوَاحُ آلِ فِرْعَوْنَ - أُرَاهُ قَالَ - : فِي طَيْرٍ سُودٍ تَغْدُو عَلَى النَّارِ وَتَرُوحُ , وَإِنَّ أَطْفَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي عَصَافِيرَ فِي الْجَنَّةِ وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْمَنَاسِكِ مَا دَلَّ عَلَى صِحَّةِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَهُوَ
فِيمَا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ إِجَازَةً , عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ , عَنِ الرَّبِيعِ , عَنِ الشَّافِعِيِّ , قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِفَضْلِ نِعْمَتِهِ أَثَابَ النَّاسَ عَلَى الْأَعْمَالِ أَضْعَافَهَا , وَمَنَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ أَلْحَقَ بِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَوَفَّرَ عَلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فَقَالَ : {{ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ }} فَلَمَّا مَنَّ عَلَى الذَّرَارِيِّ بِإِدْخَالِهِمْ جَنَّتَهُ بِلَا عَمَلٍ كَانَ أَنْ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِأَنْ يَكْتُبْ لَهُمْ عَمَلَ الْبِرِّ فِي الْحَجِّ , وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى , وَقَدْ جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ فِي أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَالَ الشَّيْخُ : وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا زَعَمَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي وَرَدَتْ فِي التَّوَقُّفِ كَانَتْ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ . قَالَ الشَّيْخُ : وَمَنْ ذَهَبَ فِي أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ إِلَى التَّوَقُّفِ , وَزَعَمَ أَنَّ أَمْرَهُمْ إِلَى عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَكَذَلِكَ ذَهَبَ فِي أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى التَّوَقُّفِ وَزَعَمَ أَنَّ أَمْرَهُمْ مَوْكُولٌ إِلَى مَا عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ , وَحَمَلَ مَا مَضَى مِنَ الْأَخْبَارِ عَلَى مَنْ عَلِمَ اللَّهُ سَعَادَتَهُ , وَجَرَى الْقَلَمُ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ , وَذَهَبَ إِلَى أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ فِي الْقَطْعِ بِذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا مَضَى فِي رِوَايَةِ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْهُ وَاحْتَجَّ
بِمَا أَخْبَرَنَا أَبُو ذَرٍّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ الْمُذَكِّرِ , أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ الزَّاهِدُ , نا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُؤَدِّبُ , نا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ , عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ , عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ , أَنَّهَا قَالَتْ : أُتِيَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِصَبِيٍّ مِنَ الْأَنْصَارِ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ قَالَتْ : فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ طُوبَى لِهَذَا عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ لَمْ يَعْمَلْ سُوءًا وَلَمْ يَدْرِهِ فَقَالَ : أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ يَا عَائِشَةُ , إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْجَنَّةَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا , خَلَقَهَا لَهُمْ وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ , وَخَلَقَ النَّارَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا خَلَقَهَا لَهُمْ وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مَعْبَدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حَفْصِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , نا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ , نا الْقَعْنَبِيُّ , نا الْمُعْتَمِرُ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مَصْقَلَةَ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : الْغُلَامُ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ طُبِعَ كَافِرًا , وَلَوْ عَاشَ لَأَرْهَقَ أَبَوَيْهِ طُغْيَانًا وَكُفْرًا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , نا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ الْعَدْلُ , نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي , نا أَبُو الْوَلِيدِ , نا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ , عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ , قَالَ : سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ الْوِلْدَانِ , فِي الْجَنَّةِ هُمْ ؟ قَالَ : حَسْبُكَ مَا اخْتَصَمَ فِيهِ مُوسَى وَالْخَضِرُ وَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ الثَّابِتَيْنِ دَلَالَةٌ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَمْرَهُمْ مَوْكُولٌ إِلَى مَا عَلِمَ اللَّهُ مِنْهُمْ , وَفِيهَا الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ : كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ مَعْنَاهُ عَلَى مَا حَكَيْنَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ , وَإِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , أَوْ عَلَى مَا حَكَيْنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ , وَعَلَى مِثْلِ قَوْلِهِ دَلَّ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكٍ , أَوْ عَلَى مَا حَكَيْنَا عَنِ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِطْرَةِ الْخِلْقَةُ . وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْخَبَرِ الْبَيَانُ أَنْ لَا حُكْمَ لِلطِّفْلِ فِي نَفْسِهِ , إِنَّمَا حُكْمُهُ بِأَبَوَيْهِ , وَأَرَادَ حُكْمَ الدُّنْيَا , لَا حُكْمَ الْآخِرَةِ , ثُمَّ يَكُونُ حُكْمُ الْآخِرَةِ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ آخِرَ الْخَبَرِ وَذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ , وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ ذَكَرَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ , أَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ مِنَ الْبَشَرِ فِي أَوَّلِ مَبْدَإِ الْخِلْقَةِ , وَأَصْلِ الْجِبِلَّةِ عَلَى الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ , وَالطَّبْعِ الْمُتَهِيِّئِ لِقَبُولِ الدِّينِ فَلَوْ تُرِكَ عَلَيْهَا وَخَلَّى سَبِيلَهُ لَاسْتَمَرَّ عَلَى لُزُومِهَا , وَلَمْ يَنْتَقِلْ عَنْهَا إِلَى غَيْرِهَا , وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا الدِّينَ مَوْجُودٌ حُسْنُهُ فِي الْعُقُولِ وَيُسْرُهُ فِي النُّفُوسِ , وَإِنَّمَا يَعْدِلُ عَنْهُ مَنْ يَعْدِلُ إِلَى غَيْرِهِ , وَيُؤْثِرُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ آفَاتِ النُّفُوسِ النُّشُوءُ وَالتَّقْلِيدُ , فَلَوْ سَلِمَ الْمَوْلُودُ مِنْ تِلْكَ الْآفَاتِ لَمْ يَعْتَقِدْ غَيْرَهُ وَلَمْ يَخْتَرْ عَلَيْهِ مَا سِوَاهُ , ثُمَّ تَمَثَّلَ بِأَوْلَادِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي اتِّبَاعِهِمْ لِآبَائِهِمْ , وَالْمَيْلِ إِلَى أَدْيَانِهِمْ , فَيَنْزِلُونَ بِذَلِكَ عَنِ الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ , وَعَنِ الْمَحَجَّةِ الْمُسْتَقِيمَةِ , وَحَاصِلُ الْمَعْنَى مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ الثَّنَاءُ عَلَى هَذَا الدِّينِ , وَالْإِخْبَارُ عَنْ مَحَلِّهِ مِنَ الْعُقُولِ , وَحُسْنِ مَوْقِعِهِ مِنَ النُّفُوسِ , وَلَيْسَ مِنْ إِيجَابِ حُكْمِ الْإِيمَانِ لِلْمَوْلُودِ سَبِيلٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ . قَالَ الشَّيْخُ : وَإِلَى قَرِيبٍ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى ذَهَبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ : وَقَوْلُهُ : {{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا }} يُرِيدُ مَا وَصَفَهُ فِي عُقُولِهِمْ مِنْ إِمْكَانِ مَعْرِفَتِهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ وَقُدْسِهِ بِهَا , وَيَكُونُ الْمَعْنَى : الْزَمْ مَا فِي عَقْلِكَ مِنْ هَذَا , وَلَا تُخَالِفْهُ إِلَى غَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ جَلَّ وَعَزَّ : {{ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ }} أَيْ : لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى أَنْ يُبَدِّلَ مَا رَكَّبَ اللَّهُ فِي النَّاسِ مِنَ الْعَقْلِ الَّذِي هُوَ آلَةُ التَّمْيِيزِ وَالْمَعْرِفَةِ , وَالْحُجَّةُ بِهِ قَائِمَةٌ عَلَى كُلِّ مَنْ كَفَرَ وَأَشْرَكَ بِاللَّهِ شَيْئًا مِنْ خَلْقِهِ , وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْفِطْرَةِ نَفْسَ الْإِسْلَامِ لَكَانَ قَوْلُ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ : {{ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ }} رَاجِعًا إِلَيْهِ , وَلَنَاقَضَ ذَلِكَ مَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ : حَتَّى يَكُونَ أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مَفْطُورًا عَلَى الْإِسْلَامِ , وَكَانَ الْإِسْلَامُ هُوَ الْمُرَادُ بِفِطْرَةِ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا , ثُمَّ هَوَّدَهُ أَبَوَاهُ أَوْ نَصَّرَاهُ أَوْ مَجَّسَاهُ فَقَدْ بَدَّلَا مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , وَاللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ يَقُولُ : {{ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ }} وَفِي هَذَا مَا أَبَانَ أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِفِطْرَةِ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ , لَكِنْ مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الْحَقُّ مِنْ دَلَالَةِ الْعَقْلِ وَهِيَ الَّتِي لَا يَتَهَيَّأُ لِأَحَدٍ تَبْدِيلُهَا , وَإِنْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ كَانَتْ هِيَ بِحَالَةِ حُجَّةٍ عَلَيْهِ وَدَاعِيَةٌ لَهُ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ , بِبَغْدَادَ , أنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْبُحْتُرِيِّ , نا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ , نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ , نا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ قَتَادَةَ , عَنِ الْأَحْنَفِ , عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ , أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : أَرْبَعَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَعْنِي يَدِلُّونَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِحُجَّةٍ : رَجُلٌ أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ , وَرَجُلٌ أَحْمَقُ , وَرَجُلٌ هَرِمٌ , وَرَجُلٌ مَاتَ فِي فَتْرَةٍ , فَأَمَّا الْأَصَمُّ فَيَقُولُ : رَبِّ قَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَسْمَعُ شَيْئًا , وَأَمَّا الْأَحْمَقُ فَيَقُولُ : رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَالصِّبْيَانُ يَحْذِفُونَنِي بِالْبَعَرِ , وَأَمَّا الْهَرِمُ فَيَقُولُ : رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَعْقِلُ شَيْئًا , وَأَمَّا الَّذِي مَاتَ فِي فَتْرَةٍ فَيَقُولُ : رَبِّ مَا أَتَانِي الرَّسُولُ , فَيَأْخُذُ مَوَاثِيقَهُمْ لِيُطِيعُنَّهُ وَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنِ ادْخُلُوا النَّارَ , فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ دَخَلُوهَا مَا كَانَتْ عَلَيْهِمْ إِلَّا بَرْدًا وَسَلَامًا وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو , نا حَنْبَلٌ , نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , نا مُعَاذٌ , نا أَبِي , عَنْ قَتَادَةَ , عَنِ الْحَسَنِ , عَنْ أَبِي رَافِعٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا . هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ فِيهِ ضَعْفٌ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , نا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ الْبَيْرُوتِيُّ , أنا ابْنُ شُعَيْبٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ , عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ , عَنْ أَنَسٍ , قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ وَالشَّيْخِ الْفَانِي , وَالْمَعْتُوهِ وَالصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ , فَيَتَكَلَّمُونَ بِحُجَّتِهِمْ وَعُذْرِهِمْ , فَيَأْتِي عُنُقٌ فِي النَّارِ فَيَقُولُ لَهُمْ رَبُّهُمْ : إِنِّي كُنْتُ أَرْسَلْتُ إِلَى النَّاسِ رُسُلًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ , وَإِنِّي رَسُولٌ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ , ادْخُلُوا هَذِهِ النَّارَ , فَأَمَّا مَنْ كُتِبَ عَلَيْهِ الشَّقَاءُ فَيَقُولُونَ : رَبَّنَا مِنْهَا فَرَرْنَا , وَأَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيَنْطَلِقُونَ حَتَّى يَدْخُلُوهَا , فَيَدْخُلُ هَؤُلَاءِ الْجَنَّةَ , وَيَدْخُلُ هَؤُلَاءِ النَّارَ , فَيَقُولُ لِلَّذِينَ كَانُوا لَمْ يُطِيعُوهُ : قَدْ أَمَرْتُكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا النَّارَ فَعَصَيْتُمُونِي وَقَدْ عَايَنْتُمُونِي , فَأَنْتُمْ لِرُسُلِي كُنْتُمْ أَشَدَّ تَكْذِيبًا وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عُصْبَةٍ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَوْقُوفًا وَهَذَا إِنْ صَحَّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى مَا رُوِّينَا فِي الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْجَنَّةَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا , وَخَلَقَ النَّارَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا , وَامْتَحَنَهُمْ فِي دَارِ الدُّنْيَا بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ طَاعَتِهِ , وَنَهَاهُمْ عَنْهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ , وَجَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُيَسَّرًا لِمَا خَلَقَهُ لَهُ , وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَمْتَحِنَ الْمَذْكُورِينَ فِي الْخَبَرِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ بِمَا ذُكِرَ فِيهِ , كَمَا يَمْتَحِنُ غَيْرَهُمْ بِالسُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُهُ كُلُّ مَنْ كَتَبَ اللَّهُ شَقَاءَهُ , كَمَا لَمْ يَسْتَطِعْهُ فِي الدُّنْيَا , يَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيْحَكُمُ مَا يُرِيدُ , لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ , جَعَلَنَا اللَّهُ مِنَ الْفَائِزِينَ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ , إِنَّهُ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ , وَصَلِّي اللَّهُ عَلَى خَيْرِ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ