حديث رقم: 593

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : أَنْشَدَنِي ابْنُ ثَابِتٍ قَوْلَ ابْنِ أَبِي عَاصِيَةَ السُّلَمِيِّ ، يَتَشَوَّقُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ بِالْيَمَنِ عِنْدَ مَعْنِ بْنِ زَائِدَةَ : أَهَلْ نَاظِرٌ مِنْ خَلْفِ غُمْدَانَ مُبْصِرٌ ذُرَى أُحُدٍ رُمْتَ الْمَدَى الْمُتَرَاخِيَا فَلَوْ أَنَّ الْيَأْسَ بِي وَأَعَانَنِي طَبِيبٌ بِأَرْوَاحِ الْعَقِيقِ شَفَائِيَا قَالَ ابْنُ أَبِي ثَابِتٍ يَعْنِي إِلْيَاسَ بْنَ مُضَرَ ، كَانَ أَصَابَهُ السُّلُّ ، فَكَانَتِ الْعَرَبُ تَدْعُو السُّلَّ دَاءَ إِلْيَاسٍ . قَالَ أَبُو يَحْيَى : وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِيَةَ يَتَشَوَّقُ إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَهُوَ بِالْعِرَاقِ : تَطَاوَلَ لَيْلِي بِالْعِرَاقِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيَّ بِأَكْنَافِ الْحِجَازِ يَطُولُ فَهَلْ لِي إِلَى أَرْضِ الْحِجَازِ وَمَنْ بِهِ بِعَاقِبَةٍ قَبْلَ الْفَوَاتِ سَبِيلُ فَتُشْفَى حَزَازَاتٌ وَتَنْقَعُ أَنْفَسٌ وَيُشْفَى جَوًى بَيْنَ الضُّلُوعِ دَخِيلُ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ مُرْسَلٌ فَرِيحُ الصَّبَا مِنِّي إِلَيْكَ رَسُولُ

حديث رقم: 594

قَالَ أَبُو يَحْيَى : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ : قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ لِفَتًى مِنْ فِتْيَانِهِمْ : أَتَجِدُكَ تَشْتَاقُ الْمَدِينَةَ ؟ قَالَ : لَا قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ لَوْ حُبِسْتَ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ عَتَمَةٍ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ مِنْ لَيَالِي الصَّيْفِ ، قَدْ تَوَسَّدْتَ طَرَفَ رِدَائِكَ مَعَ لَمَّةِ أَصْحَابِكَ يُنَازِعُونَكَ الْحَدِيثَ ، لَاشْتَقْتَهَا . حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : لَمَّا وَلِيَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ كَتَبَ إِلَى الْمَدِينَةِ : مُحَرَّمُكُمْ دِيوَانُكُمْ وَعَطَاؤُكُمْ بِهِ يَكْتُبُ الْكُتَّابُ وَالْكُتْبُ تُطْبَعُ ضَمِنْتُ لَكُمْ إِنْ لَمْ تُصَابُوا بِمُهْجَتِي بِأَنَّ سَمَاءَ الضُّرِّ عَنْكُمْ سَتُقْلِعُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ لِأَبَانَ ، وَكَانَ نَازِلًا بِأَيْلَةَ ، يَعِيبُ عَلَيْهِ نُزُولَهُ بِأَيْلَةَ وَتَرْكَهُ النُّزُولَ بِالْمَدِينَةِ : أَتَرَكْتَ طَيْبَةَ رَغْبَةً عَنْ أَهْلِهَا وَنَزَلْتَ مُنْتَبِذًا بِدَيْرِ الْقُعْنُذِ فَقَالَ أَبَانُ : أُنْزِلْتُ أَرْضًا بُرُّهَا كَتُرَابِهَا وَالْفَقْرُ مَضْرَبُهُ بِقَصْرِ الْجُنْبِ حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ قَالَ : أَصَابَ النَّاسَ مَرَضٌ بِالْمَدِينَةِ ، فَخَرَجَتْ أَعْرَابِيَّةٌ بِوَلَدِهَا وَجَعَلَتْ تَقُولُ : يَا رَبِّ بَاعِدْ عَنِّي مِنْ ضَرَارِ مِنْ مَسْجِدِ الرَّسُولِ ذِي الْمَنَارِ قَالَ : وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ عَنْ مُحْرِزِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ : وَفَدَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَبِي شِمْرٍ ، فَأَكْرَمَهُ وَحَبَاهُ وَأَصَابَ عَيْشًا فَقَالَ : يُغْدَى عَلَيَّ بِإِبْرِيقٍ وَمِسْمَعَةٍ إِنَّ الْحِجَازَ حَلِيفُ الْجُوعِ وَالْبُؤْسِ قَالَ : وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ : قَدِمَ لَبِيدٌ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَأَقَامَ بِهَا سَنَةً فِي بَنِي النَّضِيرِ ، فَخَرَجَ كَأَنَّهُ نَصْلُ قَدَحٍ فَقَالَ لَهُ بَنُو جَعْفَرٍ : يَا لَبِيدُ ، خَرَجْتَ مِنْ عِنْدِنَا كَالْجَمَلِ الْحَجُونِ ، وَرَجَعْتَ إِلَيْنَا كَالْقَدَحِ السَّفُونِ ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ : يَقُولُ بَنُو أُمِّ الْبَنِينِ وَقَدْ بَدَا لَهُمْ زُورُ جَنْبِي مِنْ قَمِيصِي وَمِنْ جِلْدِي دَفَعْنَاكَ فِي أَرْضِ الْحِجَازِ كَأَنَّمَا دَفَعْنَاكَ فَحْلًا فَوْقَهُ قَزَعُ اللِّبْدِ فَصَافَحْتَ حُمَّاهُ وَدَاءَ ضُلُوعِهِ وَخَالَصْتَ عَيْشًا مَسَّهُ طَرَفُ الْحَصْدِ فَأُبْتَ وَلَمْ نَعْرِفْكَ إِلَّا تَوَهُّمًا كَأَنَّكَ نِضْوٌ مِنْ مُزَيْنَةَ أَوْ نَهْدِ . حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ قَالَ : قَالَتِ امْرَأَةٌ لِجَبْهَاءَ الْأَشْجَعِيِّ : يَا جَبْهَاءُ ، انْطَلِقْ بِنَا نَنْزِلِ الْمَدِينَةَ حَتَّى تُفْرَضَ وَتُقِيمَ بِهَا . فَأَقْبَلَ بِوَلَدِهِ وَبِإِبِلِهِ لِيَبِيعَهَا وَيَقْدَمَ الْمَدِينَةَ ، فَلَمَّا أَوْفَى عَلَى الْحَرَّةَ وَأَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ تَذَكَّرَتْ إِبِلُهُ أَوْطَانَهَا فَكَرَّتْ رَاجِعَةً ، فَجَعَلَ يُدَوِّرُهَا نَحْوَ الْمَدِينَةِ وَتَأْبَى ، فَأَقْبَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ : مَا جَعَلَ هَذِهِ الْإِبِلَ أَنْزَعَ إِلَى أَوْطَانِهَا مِنَّا ؟ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْحَنِينِ مِنْهَا ، أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ لَمْ تَرْجِعِي ، وَفَعَلَ اللَّهُ بِكِ ، وَرَدَّهَا ثُمَّ خَلَفَ بِأَقْتَابِهَا يَزْجُرُهَا نَحْوُ بِلَادِهِ ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ : قَالَتْ أُنَيْسَةُ بِعْ بِلَادَكَ وَالْتَمِسْ دَارًا بِيَثْرِبَ رَبَّةِ الْأَجْسَامِ تُكْتَبْ عِيَالُكَ فِي الْعَطَاءِ وَتَفْتَرِضُ وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ حَازِمُ الْأَقْوَامِ فَهَمَمْتُ ثُمَّ ذَكَرْتُ لَيْلَ لِقَاحِنَا بِلَوَى عُنَيْزَةَ أَوْ بِقُفٍّ بِشَامِ إِذْ هُنَّ عَنْ حَسْبِي مَذَاوِدُ كُلَّمَا نَزَلَ الظَّلَامُ بِعُصْبَةٍ أَعْتَامِ إِنَّ الْمَدِينَةَ ، لَا مَدِينَةَ ، فَالْزَمِي حِقْفَ السِّتَارِ وَقُبَّةَ الْأَرْحَامِ يُجْلَبْ لَكِ اللَّبَنُ الْغَرِيضُ وَيُنْتَزَعْ بِالْعِيسِ مِنْ يَمَنٍ إِلَيْكِ وَشَامِ

حديث رقم: 595

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، عَنِ ابْنِ غَزِيَّةَ قَالَ : كَانَتْ لِبَنِي قَيْنُقَاعٍ سُوقٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَقُومُ فِي السَّنَةِ مِرَارًا ، وَكَانَتْ عِنْدَ مَسْجِدِ الذَّبْحِ إِلَى الْآطَامِ الَّتِي خَلْفَ النَّخْلِ ، فَهَبَطَ إِلَيْهَا نَابِغَةُ بَنِي ذُبْيَانَ يُرِيدُهَا ، فَأَدْرَكَ الرَّبِيعَ بْنَ أَبِي حَقِيقٍ هَابِطًا مِنْ قَرْيَتِهِ يُرِيدُهَا ، فَتَسَايَرَا ، فَلَمَّا أَشْرَفَا عَلَى السُّوقِ سَمِعَا الضَّجَّةَ ، وَكَانَتْ سُوقًا عَظِيمَةً يَتَفَاخَرُ النَّاسُ بِهَا ، وَيَتَنَاشَدُونَ الْأَشْعَارَ ، فَحَاصَتْ نَاقَةُ النَّابِغَةِ حِينَ سَمِعَتِ الصَّوْتَ ، فَزَجَرَهَا وَأَنْشَأَ يَقُولُ : كَادَتْ تَهَدُّ مِنَ الْأَصْوَاتِ رَاحِلَتِي أَجِزْ يَا رَبِيعُ فَقَالَ : وَالثَّغْرُ مِنْهَا إِذَا مَا أَوْجَسَتْ خَلِقُ فَقَالَ النَّابِغَةُ : لَوْلَا أُنَهْنِهُهَا بِالسَّوْطِ لَانْتَزَعَتْ أَجِزْ يَا رَبِيعُ فَقَالَ : مِنِّي الزِّمَامَ وَإِنِّي رَاكِبٌ لَبِقُ فَقَالَ النَّابِغَةُ : قَدْ مَلَّتِ الْحَبْسَ بِالْآطَامِ وَاشْتَعَفَتْ أَجِزْ يَا رَبِيعُ فَقَالَ : تُرِيغُ أَوْطَانَهَا لَوْ أَنَّهَا عَلَقُ فَقَالَ : لَا تَعْجَلْ تَهْبِطُ السُّوقَ وَتَلْقَى أَهْلَهَا ، فَإِنَّكَ سَتَسْمَعُ شِعْرًا لَا تُقَدِّمُ عَلَيْهِ شِعْرًا فَقَالَ : شِعْرُ مَنْ ؟ قَالَ : حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ : فَقَدِمَ النَّابِغَةُ السُّوقَ ، فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ ، وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ ، وَاعْتَمَدَ عَلَى يَدَيْهِ وَأَنْشَدَ : عَرَفْتُ مَنَازِلًا بِعُرَيْقِنَاتٍ فَأَعْلَى الْجِزْعِ لِلْحَيِّ الْمُبِنِّ قَالَ حَسَّانُ : فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : هَلَكَ الشَّيْخُ ، رَكِبَ قَافِيَةً صَعْبَةً . قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا زَالَ يُحْسِنُ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهَا ، ثُمَّ نَادَى : أَلَا رَجُلٌ يُنْشِدُ ؟ قَالَ : فَتَقَدَّمَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَنْشَدَ : أَتَعْرِفُ رَسْمًا كَاطِّرَادِ الْمَذَاهِبِ لِعَمْرَةَ وَحْشًا غَيْرَ مَوْقِفِ رَاكِبِ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهَا فَقَالَ لَهُ النَّابِغَةُ : أَنْتَ أَشْعَرُ النَّاسِ يَا ابْنَ أَخِي قَالَ حَسَّانُ : فَدَخَلَنِي بَعْضُ الْفَرَقِ ، وَأَنِّي لَأَجِدُ عَلَى ذَلِكَ فِي نَفْسِي قُوَّةً ، فَتَقَدَّمْتُ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ : أَنْشِدْ فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَشَاعِرٌ قَبْلَ أَنْ تَتَكَلَّمَ ، فَأَنْشَدْتُهُ : أَسَأَلْتَ رَسْمَ الدَّارِ أَمْ لَمْ تَسْأَلِ بَيْنَ الْجَوَابِي فَالْبُضَيْعِ فَحَوْمَلِ فَقَالَ : حَسْبُكَ يَا ابْنَ أَخِي . وَفِي اجْتِمَاعِ حَسَّانَ وَالنَّابِغَةِ غَيْرُ حَدِيثٍ ، مِنْهَا أَنَّ الْأَصْمَعِيَّ ذَكَرَ فِيمَا حَدَّثَنِي عَنْهُ مَنْ أَثِقُ بِهِ ، أَنَّهُ كَانَ يُضْرَبُ لِلنَّابِغَةِ بِسُوقِ عُكَاظٍ قُبَّةٌ ، فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ الشُّعَرَاءُ فِيهَا ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَسَّانُ وَالْأَعْشَى وَخَنْسَاءُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ ، فَأَنْشَدُوهُ أَشْعَارَهُمْ ، فَلَمَّا أَنْشَدَتْهُ خَنْسَاءُ : وَإِنَّ صَخْرًا لَتَأْتَمُّ الْهُدَاةُ بِهِ كَأَنَّهُ عَلَمٌ فِي رَأْسِهِ نَارُ قَالَ : يَا خُنَيْسُ ، وَاللَّهِ لَوْلَا أَنَّ أَبَا بَصِيرٍ أَنْشَدَنِي آنِفًا لَقُلْتُ : إِنِّي لَمْ أَسْمَعْ مِثْلَ شِعْرِكِ ، وَمَا بِهَا ذَاتُ مَثَانَةٍ أَشْعَرَ مِنْكِ قَالَتْ : لَا وَاللَّهِ ، وَلَا ذُو خُصْيَيْنِ ، فَغَضِبَ حَسَّانُ فَقَالَ : وَاللَّهِ لَأَنَا أَشْعَرُ مِنْكِ وَمِنْ أَبِيكِ . فَقَالَ لَهُ النَّابِغَةُ : يَا ابْنَ أَخِي ، أَنْتَ لَا تُحْسِنُ أَنْ تَقُولَ : فَإِنَّكَ كَاللَّيْلِ الَّذِي هُوَ مُدْرِكِي وَإِنْ خِلْتُ أَنَّ الْمُنْتَأَى عَنْكَ وَاسِعُ

حديث رقم: 596

حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : أَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَتَيْتُ جَبَلَةَ بْنَ الْأَيْهَمِ الْغَسَّانَيَّ وَقَدْ مَدَحْتُهُ ، فَأَذِنَ لِي عَلَيْهِ ، وَعَنْ يَمِينِهِ رَجُلٌ ذُو ضَفِيرَتَيْنِ ، وَهُوَ النَّابِغَةُ ، وَعَنْ يَسَارِهِ رَجُلٌ لَا أَعْرِفُهُ ، فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ : أَتَعْرِفُ هَذَيْنِ ؟ فَقُلْتُ : أَمَّا هَذَا فَأَعْرِفُهُ ، هُوَ النَّابِغَةُ ، وَأَمَّا هَذَا فَلَا أَعْرِفُهُ فَقَالَ : هُوَ عَلْقَمَةُ بْنُ عَبَدَةَ ، إِنْ شِئْتَ اسْتَنْشَدْتُهُمَا وَسَمِعْتَ ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تُنْشِدَ بَعْدَهُمَا أَنْشَدْتَ ، وَإِنْ أَحْبَبْتَ سَكَتَّ قَالَ : قُلْتُ : وَذَاكَ ، فَاسْتَنْشَدَ النَّابِغَةَ ، فَأَنْشَدَهُ : كَلِينِي لِهَمٍّ يَا أُمَيْمَةُ نَاصِبِ وَلَيْلٍ أُقَاسِيهِ بَطِيءِ الْكَوَاكِبِ قَالَ : فَذَهَبَ يُصْغِي ، ثُمَّ قَالَ لِعَلْقَمَةَ : أَنْشِدْ ، فَأَنْشَدَ : طَحَا بِكِ قَلْبٌ فِي الْحِسَانِ طَرُوبُ بُعَيْدَ الشَّبَابِ عَصْرٌ حَانَ مَشِيبُ قَالَ : فَذَهَبَ يُصْغِي إِلَى الْآخَرِ ، ثُمَّ قَالَ لِي : أَنْتَ الْآنَ أَعْلَمُ ، إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُنْشِدَنَا بَعْدَمَا سَمِعْتَ فَأَنْشِدْ ، وَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُمْسِكَ فَأَمْسِكْ قَالَ : فَتَشَدَّدْتُ وَقُلْتُ : لَأُنْشِدُ قَالَ : هَاتِ ، فَأَنْشَدْتُهُ الْقَصِيدَةَ الَّتِي أَقُولُ فِيهَا : أَبْنَاءُ جَفْنَةَ حَوْلَ قَبْرِ أَبِيهِمُ قَبْرُ ابْنِ مَارِيَةَ الْكَرِيمِ الْمُفْضِلِ يُغْشَوْنَ حَتَّى مَا تَهِرُّ كِلَابُهُمْ لَا يَسْأَلُونَ عَنِ السَّوَادِ الْمُقْبِلِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَرِيمَةٌ أَحْسَابُهُمْ شُمُّ الْأُنُوفِ مِنَ الطِّرَازِ الْأَوَّلِ قَالَ : ادْنُهْ ، ادْنُهْ ، لَعَمْرِي مَا أَنْتَ بِدُونِهِمَا ، ثُمَّ أَمَرَ لِي بِثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ ، وَبِعَشَرَةِ أَقْمِصَةٍ لَهَا جَيْبٌ وَاحِدٌ ، وَقَالَ : هَذَا لَكَ عِنْدَنَا فِي كُلِّ عَامٍ . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْفَقْعَسِيُّ ، مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ : أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً بِسَلْعٍ وَلَمْ تُغْلَقْ عَلَيَّ دُرُوبُ وَهَلْ أُحُدٌ بَادٍ لَنَا وَكَأَنَّهُ حَصَانٌ أَمَامَ الْمَقْرُبَاتِ جَنِيبُ يَخُبُّ السَّرَابُ الضَّحْلُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَيَبْدُو لِعَيْنِي تَارَةً وَيَغِيبُ فَإِنَّ شِفَائِي نَظْرَةٌ إِنْ نَظَرْتُهَا إِلَى أُحُدٍ وَالْحَرَّتَانِ قَرِيبُ وَإِنِّي لَأَرْعَى النَّجْمَ حَتَّى كَأَنَّنِي عَلَى كُلِّ نَجْمٍ فِي السَّمَاءِ رَقِيبُ وَأَشْتَاقُ لِلْبَرْقِ الْيَمَانِيِّ إِنْ بَدَا وَأَزْدَادُ شَوْقًا أَنْ تَهُبَّ جَنُوبُ كَانَ ابْنُ نُمَيْرٍ الْحَضْرَمِيُّ شَاعِرًا مُسِنًّا ، وَكَانَ نَازِلًا بِبِلَادِ قَوْمِهِ ، ثُمَّ نَزَلَ الْمَدِينَةَ يَسِيرًا مِنْ دَهْرِهِ ، ثُمَّ حَنَّ فَرَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ نُكْرًا مِنْهُ فِي مَعِيشَتِهِ ، فَلَامَتْهُ عَلَى ذَلِكَ زَوْجَتُهُ فَقَالَ يَعْتَذِرُ لِخُرُوجِهِ عَنِ الْمَدِينَةِ : أَلَا قَالَتْ أُمَامَةُ بَعْدَ دَهْرٍ وَحُلْوُ الْعَيْشِ يُذْكَرُ فِي السِّنِينِ سَكَنْتَ مُخَايَلًا وَتَرَكْتَ سَلْعًا شَقَاءٌ فِي الْمَعِيشَةِ بَعْدَ لِينِ فَقُلْتُ لَهَا ذَبَبْتُ الدَّيْنَ عَنِّي بِبَعْضِ الْعَيْشِ وَيْحَكِ فَاعْذُرِينِي أُرَجِّي فِي الْمَعَاشِ عَلَى خِضَمٍّ فَيَكْفِي وَأَحْسَنُ فِي الدَّرِينِ وَغَرَبُ الْأَرْضِ أَرْضٌ بِهِ مَعَاشًا يَكُفُّ الْوَجْهَ عَنْ بَابِ الضَّنِينِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ الْأَسَدِيُّ ثُمَّ الْفَقْعَسِيُّ : نَفَى النَّوْمَ عَنِّي فَالْفُؤَادُ كَئِيبُ نَوَائِبُ هَمٍّ مَا تَزَالُ تَنُوبُ وَأَحْرَاضُ أَمْرَاضٍ بِبَغْدَادَ جُمِّعَتْ عَلَيَّ وَأَنْهَارٌ لَهُنَّ قَسِيبُ فَظَلَّتْ دُمُوعُ الْعَيْنِ تَمْرِي غُرُوبَهَا مِنَ الْمَاءِ دَرَّاتٌ لَهُنَّ شُعُوبُ وَمَا جَزَعٌ مِنْ خَشْيَةِ الْمَوْتِ أَخْضَلَتْ دُمُوعِي وَلَكِنَّ الْغَرِيبَ غَرِيبُ أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً بِسَلْعٍ وَلَمْ تُغْلَقْ عَلَيَّ دُرُوبُ وَهَلْ أُحُدٌ بَادٍ لَنَا وَكَأَنَّهُ حَصَانٌ أَمَامَ الْمَقْرُبَاتِ جَنِيبُ يَخُبُّ السَّرَابُ الضَّحْلُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَيَبْدُو لِعَيْنِي تَارَةً وَيَغِيبُ فَإِنَّ شِفَائِي نَظْرَةٌ إِنْ نَظَرْتُهَا إِلَى أُحُدٍ وَالْحَرَّتَانِ قَرِيبُ وَإِنِّي لَأَرْعَى النَّجْمَ حَتَّى كَأَنَّنِي عَلَى كُلِّ نَجْمٍ فِي السَّمَاءِ رَقِيبُ وَأَشْتَاقُ لِلْبَرْقِ الْيَمَانِيِّ إِنْ بَدَا وَأَزْدَادُ شَوْقًا أَنْ تَهُبَّ جَنُوبُ وَقَالَ أَبُو قَطِيفَةَ عَمْرُو بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ ، حِينَ أَخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بَنِي أُمَيَّةَ مِنَ الْحِجَازِ إِلَى الشَّامِ : أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ تَغَيَّرَ بَعْدَنَا جَبُوبُ الْمُصَلَّى أَمْ كَعَهْدِي الْقَرَائِنُ أَمِ الدُّورُ أَكْنَافُ الْبَلَاطِ عَوَامِرٌ كَمَا كُنَّ أَمْ هَلْ بِالْمَدِينَةِ سَاكِنُ أَحِنُّ إِلَى تِلْكَ الْبِلَادِ صُبَابَةً كَأَنِّي أَسِيرٌ فِي السَّلَاسِلِ رَاهِنُ إِذَا بَرَقَتْ نَحْوَ الْحِجَازِ غَمَامَةٌ دَعَا الشَّوْقَ مِنِّي بَرْقُهَا الْمُتَيَامِنُ وَمَا أَخْرَجَتْنَا رَغْبَةٌ عَنْ بِلَادِنَا وَلَكِنَّهُ مَا قَدَّرَ اللَّهُ كَائِنُ وَلَكِنْ دَعَا لِلْحَرْبِ دَاعٍ وَعَاقَنَا مَعَائِبُ كَانَتْ بَيْنَنَا وَضَغَائِنُ لَعَلَّ قُرَيْشًا أَنْ تَئُوبَ حُلُومُهَا وَيُزْجَرَ بَعْدَ الشُّؤْمِ طَيْرٌ أَيَامِنُ وَتُطْفَأَ نَارُ الْحَرْبِ بَعْدَ وَقُودِهَا وَيَرْجِعَ نَاءٍ فِي الْمَحَلَّةِ شَاطِنُ فَمَا يَسْتَوِي مَنْ بِالْجَزِيرَةِ دَارُهُ وَمَنْ هُوَ مَسْرُورٌ بِطَيْبَةَ قَاطِنُ وَقَالَ : لَيْتَ شِعْرِي وَأَيْنَ مِنِّي لَيْتُ أَعَلَى الْعَهْدِ يَلْبُنُ فَبَرَامُ أَمْ كَعَهْدِي الْعَقِيقُ أَمْ غَيَّرَتْهُ بَعْدِيَ الْحَادِثَاتُ وَالْأَيَّامُ مَنْزِلٌ كُنْتُ أَشْتَهِي أَنْ أَرَاهُ مَا إِلَيْهِ لِمَنْ بِحِمْصَ مَرَامُ حَالَ مِنْ دُونِ أَنْ أَحِلَّ بِهِ النَّأْيُ وَصِرْفُ الْهَوَى وَحَرْبٌ عَقَامُ وَتَبَدَّلْتُ مِنْ مَسَاكِنِ قَوْمِي وَالْقُصُورِ الَّتِي بِهَا الْآطَامُ كُلُّ قَصْرٍ مُشَيَّدٍ ذِي أَوَاسٍ تَتَغَنَّى عَلَى ذُرَاهُ الْحَمَامُ وَبِأَهْلِي بُدِّلْتُ لَخْمًا وَعَكَّا وَجُذَامًا وَأَيْنَ مِنِّي جُذَامُ أَقْطَعُ اللَّيْلَ كُلَّهُ بِاكْتِئَابٍ وَزَفِيرٍ فَمَا أَكَادُ أَنَامُ نَحْوَ قَوْمِي إِذْ فَرَّقَتْ بَيْنَنَا الدَّارُ وَحَادَتْ عَنْ قَصْدِهَا الْأَحْلَامُ حَذَرًا أَنْ يُصِيبَهُمْ عَنَتُ الدَّهْرِ وَحَرْبٌ يَشِيبُ مِنْهَا الْغُلَامُ وَلَقَدْ حَانَ أَنْ يَكُونَ لِهَذَا الدَّهْرِ عَنَّا تَبَاعُدٌ وَانْصِرَامُ وَلَحَيٌّ بَيْنَ الْعَرِيضِ وَسِيعٌ حَيْثُ أَرْسَى أَوْتَادَهُ الْإِسْلَامُ كَانَ أَشْهَى إِلَى قُرْبِ جِوَارٍ مِنْ نَصَارَى فِي دُورِهَا الْأَصْنَامُ يَضْرِبُونَ النَّاقُوسَ فِي كُلِّ فَجْرٍ فِي بِلَادٍ تَنْتَابُهَا الْأَسْقَامُ فَفُؤَادِي مِنْ ذِكْرِ قَوْمِي حَزِينٌ وَدَمْعِي عَلَى الذُّرَى سَجَّامُ أَقْرِ قَوْمِي السَّلَامَ إِنْ جِئْتَ قَوْمِي وَقَلِيلٌ مِنِّي لِقَوْمِي السَّلَامُ وَقَالَ : سَقَى اللَّهُ أَكْنَافَ الْمَدِينَةِ مُسْبِلًا ثَقِيلَ التَّوَالِي مِنْ مَعِينِ الْأَوَائِلِ أُحِسُّ كَأَنَّ الْبَرْقَ فِي حُجُزَاتِهِ سُيُوفُ مُلُوكٍ فِي أَكُفِّ الصَّيَاقِلِ وَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ تَغَيَّرَ بَعْدَنَا بَقِيعُ الْمُصَلَّى أَمْ بُطُونُ الْمَسَابِلِ أَمِ الدُّورُ أَكْنَافُ الْبَلَاطِ كَعَهْدِنَا لَيَالِيَ لَاطَتْنَا بِوَشْكِ التَّزَايُلِ يُجِدُّ لِيَ الْبَرْقُ الْيَمَانِيُّ صُبَابَةً تُذَكِّرُ أَيَّامَ الصَّبَا وَالْخَلَائِلِ فَإِنْ تَكُ دَارٌ غَرَّبَتْ عَنْ دِيَارِنَا فَقَدْ أَبْقَتِ الْأَشْجَانُ صَفْوَ الْوَسَائِلِ وَقَالَ : إِنَّ رَدِّي نَحْوَ الْمَدِينَةِ طَرَفِي حِينَ أَيْقَنْتُ أَنَّهُ التَّوْدِيعُ زَادَنِي ذَاكَ عَبْرَةً وَاشْتِيَاقًا نَحْوَ قَوْمِي وَالدَّهْرُ قِدْمًا وَلُوعُ كُلَّمَا أَسْهَلَتْ بِنَا الْعِيسُ بَيْنًا وَبَدَا مِنْ أَمَامِهِنَّ مَلِيعُ ذِكَرٌ مَا تَزَالُ تَتْبَعُ قَوْمِي فَفُؤَادِي بِهِ لِذَاكَ صُدُوعُ وَقَالَ : بَكَى أُحُدٌ لَمَّا تَحَمَّلَ أَهْلُهُ فَسَلْعٌ فَبَيْتُ الْعِزِّ عَنْهُ تَصَدَّعُوا وَنَرْحَلُ نَحْوَ الشَّامِ لَيْسَتْ بِأَرْضِنَا وَلَا بُدَّ مِنْهَا وَالْأُنُوفُ تَجَدَّعُ عَلَى أَثَرِ الْبِيضِ الَّذِينَ تَحَمَّلُو لِمُقْلِيهِمْ مِنَّا جَمِيعًا فَوَدَّعُوا وَقَالَ : الْقَصْرُ فَالنَّخْلُ فَالْجَمَّاءُ بَيْنَهُمَا أَشْهَى إِلَى الْقَلْبِ مِنْ أَبْوَابِ جَيْرُونِ إِلَى الْبَلَاطِ فَمَا حَازَتْ قَرَائِنُهُ دُورٌ نَزَحْنَ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْهُونِ قَدْ يَكْتُمُ النَّاسُ أَسْرَارًا فَأَعْلَمُهَا وَلَا يَنَالُونَ حَتَّى الْمَوْتِ مَكْنُونِي إِنِّي مَرَرْتُ لِمَا زَالَ مِنَّا فِي شَبِيبَتِنَا مَعَ الرَّجَاءِ لَعَلَّ الدَّهْرَ يُدْنِينِي وَقَالَ : بَكَى أُحُدٌ إِذْ فَارَقَ النَّوْمَ أَهْلُهُ فَكَيْفَ بِذِي وَجْدٍ مِنَ الْقَوْمِ آلِفِ مِنْ أَجْلِ أَبِي بَكْرٍ جَلَتْ عَنْ بِلَادِهَا أُمَيَّةُ وَالْأَيَّامُ ذَاتُ تَصَارُفِ وَقَالَ : أَيُّهَا الرَّاكِبُ الْمُقْحِمُ فِي السَّيْرِ إِذَا جِئْتَ يَلْبُنًا فَبَرَامَا أَبْلِغِيهِ عَنِّي وَإِنْ شَطَّتِ الدَّارُ بِنَا عَنْ هَوَى الْحَبِيبِ السَّلَامَا مَا أَرَى إِنْ سَأَلْتَ إِنَّ إِلَيْهِ يَا خَلِيلِي لِمَنْ بِحِمْصَ مَرَامَا تِلْكَ دَارُ الْحَبِيبِ فِي سَالِفِ الدَّهْرِ سَقَاهَا الْإِلَهُ رَبِّي الْغَمَامَا زَانَهَا اللَّهُ وَاسْتَهَلَّ بِهَا الْمُزْنُ وَلَجَّ السَّحَابُ فِيهَا وَدَامَا رُبَّمَا قَدْ رَأَيْتَ فِيهَا حِسَانًا كَالتَّمَاثِيلِ آنِسَاتٍ كِرَامَا خُصَّرَاتٍ مِنَ الْبَهَالِيلِ مِنْ عَبْدِ مَنَافٍ مُعَلِّقَاتٍ وِسَامَا وَعِشَارًا مِنَ الْمَهَارِي رِقَاقَا وَعِتَاقًا مِنَ الْخُيُولِ صِيَامَا وَإِذَا مَا ذَكَرْتُ دَهْرًا تَوَلَّى فَاضَ دَمْعِي عَلَى رِدَائِي سِجَامَا وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ : طربَ الْفُؤَادُ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْدَمَا نَزَلَ الْمَشِيبُ مَحَلَّ غُصْنِ شَبَابِ وَدَعَى الْهَوَى سَدَلٌ فَدَاعَى سَاجِعًا فَأَنْهَلَ دَمْعِي وَاكِفَ الْأَتْرَابِ سَيْلًا كَمَا ارْفَضَّ الْجُمَانُ أَسَالَهُ أَحْزَانُهُ فِي إِثْرِ حُبِّ رَبَابِ ذَكَرَ الْفُؤَادُ مَهَا بِرَمْلَةِ حَرَّةٍ فِي مُونِقٍ جَعْدِ الثَّرَى مِعْشَابِ نَزَحَتْ بِيَثْرِبَ أَنْ تُزَارَ وَدُونَهَا بَلَدٌ يَقِلُّ مَنَاطِقَ الْأَصْحَابِ وَلَقَدْ عَمَّرْنَا مَا كَانَ تَفَرَّقَا قَبْلَ السُّبَاتِ وَفُرْقَةِ الْأَحْبَابِ لَا يُرْجِعُ الْحُزْنَ الْمُمِرُّ سَفَاهُهُ زَمَنَ الْعَقِيقِ وَمَسْجِدَ الْأَحْزَابِ وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ : إِذَا الْبَرْقُ مِنْ نَحْوِ الْحِجَازِ تَعَرَّضَتْ مَخَايِلُهُ هَاجَ الْفُؤَادَ الْمُتَيَّمَا وَهَيَّجَ أَيَّامًا خَلَتْ وَمَلَاعِبًا بِأَكْنَافِ سَلْعٍ فَالْبَلَاطَ الْمُكَرَّمَا وَذَكَّرَ بِيضًا كُنَّ لَا أَهْلَ رِيبَةٍ يَمُرُّونَ لَا يَأْتِينَ مَنْ كَانَ مُحْرِمَا وَيُبْدِينَ حَقَّ الْوُدِّ لِلْكُفْءِ ذِي الْحِجَى وَيَأْبَيْنَ إِلَّا عِفَّةً وَتَكَرُّمَا