قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ لِفَتًى مِنْ فِتْيَانِهِمْ : أَتَجِدُكَ تَشْتَاقُ الْمَدِينَةَ ؟ قَالَ : لَا قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ لَوْ حُبِسْتَ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ عَتَمَةٍ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ مِنْ لَيَالِي الصَّيْفِ ، قَدْ تَوَسَّدْتَ طَرَفَ رِدَائِكَ مَعَ لَمَّةِ أَصْحَابِكَ يُنَازِعُونَكَ الْحَدِيثَ ، لَاشْتَقْتَهَا .
قَالَ أَبُو يَحْيَى : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ : قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ لِفَتًى مِنْ فِتْيَانِهِمْ : أَتَجِدُكَ تَشْتَاقُ الْمَدِينَةَ ؟ قَالَ : لَا قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ لَوْ حُبِسْتَ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ عَتَمَةٍ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ مِنْ لَيَالِي الصَّيْفِ ، قَدْ تَوَسَّدْتَ طَرَفَ رِدَائِكَ مَعَ لَمَّةِ أَصْحَابِكَ يُنَازِعُونَكَ الْحَدِيثَ ، لَاشْتَقْتَهَا . حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : لَمَّا وَلِيَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ كَتَبَ إِلَى الْمَدِينَةِ : مُحَرَّمُكُمْ دِيوَانُكُمْ وَعَطَاؤُكُمْ بِهِ يَكْتُبُ الْكُتَّابُ وَالْكُتْبُ تُطْبَعُ ضَمِنْتُ لَكُمْ إِنْ لَمْ تُصَابُوا بِمُهْجَتِي بِأَنَّ سَمَاءَ الضُّرِّ عَنْكُمْ سَتُقْلِعُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ لِأَبَانَ ، وَكَانَ نَازِلًا بِأَيْلَةَ ، يَعِيبُ عَلَيْهِ نُزُولَهُ بِأَيْلَةَ وَتَرْكَهُ النُّزُولَ بِالْمَدِينَةِ : أَتَرَكْتَ طَيْبَةَ رَغْبَةً عَنْ أَهْلِهَا وَنَزَلْتَ مُنْتَبِذًا بِدَيْرِ الْقُعْنُذِ فَقَالَ أَبَانُ : أُنْزِلْتُ أَرْضًا بُرُّهَا كَتُرَابِهَا وَالْفَقْرُ مَضْرَبُهُ بِقَصْرِ الْجُنْبِ حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ قَالَ : أَصَابَ النَّاسَ مَرَضٌ بِالْمَدِينَةِ ، فَخَرَجَتْ أَعْرَابِيَّةٌ بِوَلَدِهَا وَجَعَلَتْ تَقُولُ : يَا رَبِّ بَاعِدْ عَنِّي مِنْ ضَرَارِ مِنْ مَسْجِدِ الرَّسُولِ ذِي الْمَنَارِ قَالَ : وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ عَنْ مُحْرِزِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ : وَفَدَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَبِي شِمْرٍ ، فَأَكْرَمَهُ وَحَبَاهُ وَأَصَابَ عَيْشًا فَقَالَ : يُغْدَى عَلَيَّ بِإِبْرِيقٍ وَمِسْمَعَةٍ إِنَّ الْحِجَازَ حَلِيفُ الْجُوعِ وَالْبُؤْسِ قَالَ : وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ : قَدِمَ لَبِيدٌ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَأَقَامَ بِهَا سَنَةً فِي بَنِي النَّضِيرِ ، فَخَرَجَ كَأَنَّهُ نَصْلُ قَدَحٍ فَقَالَ لَهُ بَنُو جَعْفَرٍ : يَا لَبِيدُ ، خَرَجْتَ مِنْ عِنْدِنَا كَالْجَمَلِ الْحَجُونِ ، وَرَجَعْتَ إِلَيْنَا كَالْقَدَحِ السَّفُونِ ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ : يَقُولُ بَنُو أُمِّ الْبَنِينِ وَقَدْ بَدَا لَهُمْ زُورُ جَنْبِي مِنْ قَمِيصِي وَمِنْ جِلْدِي دَفَعْنَاكَ فِي أَرْضِ الْحِجَازِ كَأَنَّمَا دَفَعْنَاكَ فَحْلًا فَوْقَهُ قَزَعُ اللِّبْدِ فَصَافَحْتَ حُمَّاهُ وَدَاءَ ضُلُوعِهِ وَخَالَصْتَ عَيْشًا مَسَّهُ طَرَفُ الْحَصْدِ فَأُبْتَ وَلَمْ نَعْرِفْكَ إِلَّا تَوَهُّمًا كَأَنَّكَ نِضْوٌ مِنْ مُزَيْنَةَ أَوْ نَهْدِ . حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ قَالَ : قَالَتِ امْرَأَةٌ لِجَبْهَاءَ الْأَشْجَعِيِّ : يَا جَبْهَاءُ ، انْطَلِقْ بِنَا نَنْزِلِ الْمَدِينَةَ حَتَّى تُفْرَضَ وَتُقِيمَ بِهَا . فَأَقْبَلَ بِوَلَدِهِ وَبِإِبِلِهِ لِيَبِيعَهَا وَيَقْدَمَ الْمَدِينَةَ ، فَلَمَّا أَوْفَى عَلَى الْحَرَّةَ وَأَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ تَذَكَّرَتْ إِبِلُهُ أَوْطَانَهَا فَكَرَّتْ رَاجِعَةً ، فَجَعَلَ يُدَوِّرُهَا نَحْوَ الْمَدِينَةِ وَتَأْبَى ، فَأَقْبَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ : مَا جَعَلَ هَذِهِ الْإِبِلَ أَنْزَعَ إِلَى أَوْطَانِهَا مِنَّا ؟ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْحَنِينِ مِنْهَا ، أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ لَمْ تَرْجِعِي ، وَفَعَلَ اللَّهُ بِكِ ، وَرَدَّهَا ثُمَّ خَلَفَ بِأَقْتَابِهَا يَزْجُرُهَا نَحْوُ بِلَادِهِ ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ : قَالَتْ أُنَيْسَةُ بِعْ بِلَادَكَ وَالْتَمِسْ دَارًا بِيَثْرِبَ رَبَّةِ الْأَجْسَامِ تُكْتَبْ عِيَالُكَ فِي الْعَطَاءِ وَتَفْتَرِضُ وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ حَازِمُ الْأَقْوَامِ فَهَمَمْتُ ثُمَّ ذَكَرْتُ لَيْلَ لِقَاحِنَا بِلَوَى عُنَيْزَةَ أَوْ بِقُفٍّ بِشَامِ إِذْ هُنَّ عَنْ حَسْبِي مَذَاوِدُ كُلَّمَا نَزَلَ الظَّلَامُ بِعُصْبَةٍ أَعْتَامِ إِنَّ الْمَدِينَةَ ، لَا مَدِينَةَ ، فَالْزَمِي حِقْفَ السِّتَارِ وَقُبَّةَ الْأَرْحَامِ يُجْلَبْ لَكِ اللَّبَنُ الْغَرِيضُ وَيُنْتَزَعْ بِالْعِيسِ مِنْ يَمَنٍ إِلَيْكِ وَشَامِ