قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ عُبَيْدَةَ ، يُخْبِرُ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : اسْمُ أَبِي ذَرٍّ : جُنْدُبُ بْنُ جُنَادَةَ وَكَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , وَهِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ , وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَسَمِعْتُ أَبَا مَعْشَرٍ نَجِيحًا يَقُولُ : وَاسْمُ أَبِي ذَرٍّ : بُرَيْرُ بْنُ جُنَادَةَ
قَالَ : أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ أَبُو النَّضْرِ قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ الْغِفَارِيِّ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : خَرَجْنَا مِنْ قَوْمِنَا غِفَارَ , وَكَانُوا يُحِلُّونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ , فَخَرَجْتُ أَنَا وَأَخِي أُنَيْسٌ وَأُمُّنَّا , فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا عَلَى خَالٍ لَنَا , فَأَكْرَمَنَا خَالُنَا وَأَحْسَنَ إِلَيْنَا , قَالَ : فَحَسَدَنَا قَوْمُهُ , فَقَالُوا لَهُ : إِنَّكَ إِذَا خَرَجْتَ عَنْ أَهْلِكِ خَالَفَ إِلَيْهِمْ أُنَيْسُ قَالَ : فَجَاءَ خَالُنَا , فَنَثَا عَلَيْنَا مَا قِيلَ لَهُ , فَقُلْتُ : أَمَّا مَا مَضَى مِنْ مَعْرُوفٍ , فَقَدْ كَدَّرْتَ وَلَا جِمَاعَ لَكَ فِيمَا بَعْدُ . قَالَ : فَقَرَّبْنَا صِرْمَتَنَا , فَاحْتَمَلْنَا عَلَيْهَا وَتَغَطَّى خَالُنَا بِثَوْبِهِ وَجَعَلَ يَبْكِي , فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا بِحَضْرَةِ مَكَّةَ , فَنَافَرَ أُنَيْسٌ عَنْ صِرْمَتِنَا وَعَنْ مِثْلِهَا , فَأَتَيَا الْكَاهِنَ , فَخَبَّرَ أُنَيْسًا بِمَا هُوَ عَلَيْهِ , قَالَ : فَأَتَانَا بِصِرْمَتِنَا وَمِثْلِهَا مَعَهَا وَقَدْ صَلَّيْتُ بِابْنِ أَخِي قَبْلَ أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ثَلَاثَ سِنِينَ , فَقُلْتُ : لِمَنْ ؟ ، قَالَ : لِلَّهِ ، فَقُلْتُ : أَيْنَ تَوَجَّهُ ؟ ، قَالَ : أَتَوَجَّهُ حَيْثُ يُوَجِّهُنِي اللَّهُ أُصَلِّي عِشَاءً حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ أُلْقِيتُ كَأَنِّي خِفَاءٌ حَتَّى تَعْلُوَنِي الشَّمْسُ , فَقَالَ أُنَيْسٌ : إِنَّ لِي حَاجَةً بِمَكَّةَ , فَاكْفِنِي حَتَّى آتِيَكَ ، فَانْطَلَقَ أُنَيْسٌ , فَرَاثَ عَلَيَّ - يَعْنِي أَبْطَأَ - ثُمَّ جَاءَ , فَقُلْتُ : مَا حَبَسَكَ ؟ ، قَالَ : لَقِيتُ رَجُلًا بِمَكَّةَ عَلَى دِينِكَ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ ، قَالَ : فَمَا يَقُولُ النَّاسُ لَهُ ؟ ، قَالَ : يَقُولُونَ : شَاعِرٌ كَاهِنٌ سَاحِرٌ ، وَكَانَ أُنَيْسٌ أَحَدَ الشُّعَرَاءِ , فَقَالَ أُنَيْسٌ : وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ فَمَا هُوَ بِقَوْلِهِمْ ، وَلَقَدْ وَضَعَتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْرَاءِ الشَّعْرِ فَلَا يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ بَعِيدٍ أَنَّهُ شِعْرٌ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَصَادِقٌ ، وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ . فَقُلْتُ : اكْفِنِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأَنْظُرَ ، قَالَ : نَعَمْ ، وَكُنْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَلَى حَذَرٍ فَإِنَّهُمْ قَدْ شَنَّعُوا لَهُ وَتَجَهَّمُوا لَهُ ، فَانْطَلَقْتُ فَقَدِمْتُ مَكَّةَ , فَاسْتَضْعَفْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ , فَقُلْتُ : أَيْنَ هَذَا الَّذِي تَدْعُونَ الصَّابِئَ ؟ قَالَ : فَأَشَارَ إِلَيَّ , فَقَالَ : هَذَا الصَّابِئُ , فَمَالَ عَلَيَّ أَهْلُ الْوَادِي بِكُلِّ مَدَرَةٍ , وَعَظْمٍ , فَخَرَرْتُ مَغْشِيًّا عَلَيَّ , فَارْتَفَعْتُ حِينَ ارْتَفَعْتُ كَأَنِّي نَصَبٌ أَحْمَرُ , فَأَتَيْتُ زَمْزَمَ , فَشَرِبْتُ مِنْ مَائِهَا , وَغَسَلْتُ عَنِّي الدِّمَاءَ , فَلَبِثْتُ بِهَا يَا ابْنَ أَخِي ثَلَاثِينَ مِنْ بَيْنِ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ مَا لِي طَعَامٌ إِلَّا مَاءَ زَمْزَمَ , فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سَخْفَةَ جُوعٍ قَالَ : فَبَيْنَا أَهْلُ مَكَّةَ فِي لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ إِضْحِيَانٍ إِذْ ضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أَصْمِخَتِهِمْ , فَمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرَ امْرَأَتَيْنِ , فَأَتَتَا عَلَيَّ وَهُمَا تَدْعُوَانِ إِسَافًا وَنَائِلَةً قَالَ : فَقُلْتُ : أَنْكِحَا أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ، فَمَا ثَنَاهُمَا ذَاكَ عَنْ قَوْلِهَا ، قَالَ : فَأَتَتَا عَلَيَّ , فَقُلْتُ : هُنَا مِثْلُ الْخَشَبَةِ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أُكَنِّ , فَانْطَلَقَتَا تُوَلْوِلَانِ وَتَقُولَانِ : لَوْ كَانَ هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ أَنْفَارِنَا . قَالَ : فَاسْتَقْبَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَهُمَا هَابِطَانِ مِنَ الْجَبَلِ فَقَالَ : مَا لَكُمَا ؟ قَالَتَا : الصَّابِئُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا , قَالَ : فَمَا قَالَ لَكُمَا ؟ قَالَتَا : قَالَ لَنَا كَلِمَةً تَمْلَأُ الْفَمَ . فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَصَاحِبُهُ , فَاسْتَلَمَا الْحَجَرَ ، وَطَافَا بِالْبَيْتِ , ثُمَّ صَلَّى , فَأَتَيْتُهُ حِينَ قَضَى صَلَاتَهُ , فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَامِ , فَقَالَ : وَعَلَيْكَ رَحْمَةُ اللَّهِ ، مِمَّنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : قُلْتُ مِنْ غِفَارَ ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ عَلَى جَبْهَتِهِ هَكَذَا , قَالَ : قُلْتُ فِي نَفْسِي : كَرِهَ أَنِّي انْتَمَيْتُ إِلَيَ غِفَارَ , فَذَهَبْتُ آخُذُ بِيَدِهِ , فَقَدَ عَنَى صَاحِبُهُ وَكَانَ أَعْلَمَ بِهِ مِنِّي ، فَقَالَ : مَتَى كُنْتَ هَاهُنَا ؟ ، قُلْتُ : كُنْتُ هَاهُنَا مُنْذُ ثَلَاثِينَ مِنْ بَيْنَ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ ، قَالَ : فَمَنْ كَانَ يُطْعِمُكَ ؟ ، قَالَ : قُلْتُ : مَا كَانَ لِي طَعَامٌ إِلَّا مَاءَ زَمْزَمَ ، فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي ، فَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سَخَفَةَ جُوعٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ ، إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِي طَعَامِهِ اللَّيْلَةَ ، قَالَ : فَفَعَلَ فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ , وَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا , فَفَتَحَ أَبُو بَكْرٍ بَابًا , فَجَعَلَ يَقْبِضُ لَنَا مِنْ زَبِيبِ الطَّائِفِ ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ : فَذَاكَ أَوَّلُ طَعَامٍ أَكَلْتُهُ بِهَا ، قَالَ : فَغَبَرْتُ مَا غَبَرْتُ , فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَقَالَ : إِنَّهُ قَدْ وَجَّهْتُ إِلَى أَرْضٍ ذَاتِ نَخْلٍ ، وَلَا أَحْسَبُهَا إِلَّا يَثْرِبَ فَهَلْ أَنْتَ مُبَلَّغٌ عَنِّي قَوْمَكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَهُمْ بِكَ ، وَيَأْجُرَكَ فِيهِمْ ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى لَقِيتُ أَخِي أُنَيْسًا , فَقَالَ : مَا صَنَعْتَ ؟ ، قُلْتُ : صَنَعْتُ أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ ، قَالَ أُنَيْسٌ : مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكَ ، فَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ ، قَالَ : فَأَتَيْنَا أَمَّنَا , فَقَالَتْ : مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكُمَا ، فَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ ، قَالَ : فَاحْتَمَلْنَا فَأَتَيْنَا قَوْمَنَا , فَأَسْلَمَ نِصْفُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمَدِينَةَ , وَكَانَ يَؤُمُّهُمْ إِيمَاءُ بْنُ رَحْضَةَ وَكَانَ سَيِّدَهُمْ ، وَقَالَ بَقِيَّتُهُمْ : إِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمَدِينَةَ أَسْلَمْنَا , فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَأَسْلَمَ بَقِيَّتُهُمْ ، وَجَاءَتْ أَسْلَمُ , فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ نُسْلِمُ عَلَى الَّذِي أَسْلَمَ إِخْوَتُنَا ، فَأَسْلَمُوا , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا ، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ شِبْلٍ ، عَنْ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءِ بْنِ رَحَضَةَ قَالَ : كَانَ أَبُو ذَرٍّ رَجُلًا يُصِيبُ الطَّرِيقَ , وَكَانَ شُجَاعًا يَتَفَرَّدُ وَحْدَهُ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ وَيُغِيرُ عَلَى الصِّرَمِ فِي عَمَايَةِ الصُّبْحِ عَلَى ظَهْرَ فَرَسِهِ أَوْ عَلَى قَدَمَيْهِ كَأَنَّهُ السَّبْعُ فَيَطْرُقُ الْحَيَّ وَيَأْخُذُ مَا أَخَذَ ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ قَذَفَ فِي قَلْبِهِ الْإِسْلَامَ وَسَمِعَ بِالنَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ يَدْعُو مُخْتَفِيًا ، فَأَقْبَلَ يَسْأَلُ عَنْهُ حَتَّى أَتَاهُ فِي مَنْزِلِهِ , وَقَبْلَ ذَلِكَ قَدْ طَلَبَ مَنْ يُوَصِّلُهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا , فَانْتَهَى إِلَى الْبَابِ , فَاسْتَأْذَنَ , فَدَخَلَ وَعِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَقَدْ أَسْلَمْ قَبْلَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ , وَهُوَ يَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَا نَسْتَسِرُّ بِالْإِسْلَامِ وَلَنُظْهِرَنَّهُ ، فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ شَيْئًا ، فَقُلْتُ يَا مُحَمَّدُ : إِلَامَ تَدْعُو ؟ ، قَالَ : إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَخَلْعِ الْأَوْثَانِ وَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، فَقُلْتُ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، ثُمَّ قَالَ أَبُو ذَرٍّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي مُنْصَرِفٌ إِلَى أَهْلِي وَنَاظِرٌ مَتَى يُؤْمَرُ بِالْقِتَالِ فَأَلْحَقَ بِكَ ، فَإِنِّي أَرَى قَوْمَكَ عَلَيْكَ جَمِيعًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَصَبْتَ ، فَانْصَرَفَ , فَكَانَ يَكُونُ بِأَسْفَلِ ثَنِيَّةِ غَزَالٍ , فَكَانَ يَعْتَرِضُ لِعِيرَاتِ قُرَيْشٍ , فَيَقْتَطِعُهَا ، فَيَقُولُ : لَا أَرُدُّ إِلَيْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا حَتَّى تَشْهَدُوا أَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، فَإِنْ فَعَلُوا رَدَّ عَلَيْهِمْ مَا أَخَذَ مِنْهُمْ ، وَإِنْ أَبَوْا لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا ، فَكَانَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَمَضَى بَدْرٌ وَأَحَدٌ ، ثُمَّ قَدِمَ , فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي نَجِيحٌ أَبُو مَعْشَرٍ قَالَ : كَانَ أَبُو ذَرٍّ يَتَأَلَّهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , وَيَقُولُ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَلَا يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ , فَمَرَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ بَعْدَمَا أُوحِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَقَالَ : يَا أَبَا ذَرِّ إِنَّ رَجُلًا بِمَكَّةَ يَقُولُ مِثْلَ مَا تَقُولُ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيُّ ، قَالَ : مِمَّنْ هُوَ ؟ ، قَالَ : مِنْ قُرَيْشٍ ، قَالَ : فَأَخَذَ شَيْئًا مِنْ بَهْشٍ وَهُوَ الْمُقْلُ , فَتُزَوَّدَهُ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ , فَرَأَى أَبَا بَكْرٍ يُضِيفُ النَّاسَ وَيُطْعِمُهُمُ الزَّبِيبَ , فَجَلَسَ مَعَهُمْ , فَأَكَلَ , ثُمَّ سَأَلَ مِنَ الْغَدِ : هَلْ أَنْكَرْتُمْ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ شَيْئًا ؟ ، فَقَالَ رَجُلٌ : مِنْ بَنِي هَاشِمٍ : نَعَمِ ابْنَ عَمٍّ لِي يَقُولُ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيُّ ، قَالَ : فَدُلَّنِي عَلَيْهِ ، قَالَ : فَدَلَّهُ وَالنَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَاقِدٌ عَلَى دُكَّانٍ قَدْ سَدَلَ ثَوْبَهُ عَلَى وَجْهِهِ , فَنَبَّهَهُ أَبُو ذَرٍّ , فَانْتَبَهَ , فَقَالَ : أَنْعِمْ صَبَاحًا ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ : عَلَيْكَ السَّلَامُ ، قَالَ لَهُ أَبُو ذَرٍّ : أَنْشِدْنِي مَا تَقُولُ ، فَقَالَ : مَا أَقُولُ الشَّعْرَ ، وَلَكِنَّهُ الْقُرْآنُ ، وَمَا أَنَا قُلْتُهُ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَالَهُ ، قَالَ : اقْرَأْ عَلَيَّ ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ : أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ ، فَسَأَلَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مِمَّنْ أَنْتَ ؟ ، فَقَالَ : مِنْ بَنِي غِفَارَ ، قَالَ : فَعَجِبَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُمْ يَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ , فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَرْفَعُ بَصَرَهُ فِيهِ وَيُصَوِّبُهُ تَعَجُّبًا مِنْ ذَلِكَ لِمَا كَانَ يَعْلَمُ مِنْهُمْ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَأَخْبَرَهُ بِإِسْلَامِهِ , فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ : أَلَيْسَ ضَيْفِي أَمْسِ ؟ ، فَقَالَ : بَلَى ، قَالَ : فَانْطَلَقَ مَعِي , فَذَهَبَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ إِلَى بَيْتِهِ , فَكَسَاهُ ثَوْبَيْنِ مَمْشُقَيْنِ , فَأَقَامَ أَيَّامًا , ثُمَّ رَأَى امْرَأَةً تَطُوفُ بِالْبَيْتِ , وَتَدْعُو بِأَحْسَنِ دُعَاءٍ فِي الْأَرْضِ تَقُولُ : أَعْطِنِي كَذَا وَكَذَا ، وَافْعَلْ بِي كَذَا وَكَذَا ، ثُمَّ قَالَتْ فِي آخِرِ ذَلِكَ : يَا إِسَافُ وَيَا نَائِلَةُ ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ : أَنْكِحِي أَحَدَهُمَا صَاحِبَهُ ، فَتَعَلَّقَتْ بِهِ , وَقَالَتْ : أَنْتَ صَابِئٌ ، فَجَاءَ فِتْيَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ , فَضَرَبُوهُ ، وَجَاءَ نَاسٌ مِنْ بَنِي بَكْرٍ , فَنَصَرُوهُ , وَقَالُوا : مَا لِصَاحِبِنَا يُضْرَبُ وَتَتْرُكُونَ صُبَاتَكُمْ ؟ ، فَتَحَاجَزُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ ، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَمَّا قُرَيْشٌ فَلَا أَدَعُهُمْ حَتَّى أَثْأَرَ مِنْهُمْ ضَرَبُونِي ، فَخَرَجَ حَتَّى أَقَامَ بِعُسْفَانَ , وَكُلَّمَا أَقْبَلَتْ عِيرٌ لِقُرَيْشٍ يَحْمِلُونَ الطَّعَامَ يُنَفِّرُ بِهِمْ عَلَى ثَنِيَّةِ غَزَالٍ , فَتَلَقَّى أَحْمَالَهَا ، فَجَمَعُوا الْحِنَطَ قَالَ : يَقُولُ أَبُو ذَرٍّ لِقَوْمِهِ : لَا يَمَسُّ أَحَدٌ حَبَّةً حَتَّى تَقُولُوا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَيَقُولُونَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيَأْخُذُونَ الْغَرَائِرَ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : كُنْتُ فِي الْإِسْلَامِ خَامِسًا
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي نَجِيحٌ أَبُو مَعْشَرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ حَكَّامِ بْنِ أَبِي الْوَضَّاحِ الْبَصْرِيِّ قَالَ : كَانَ إِسْلَامُ أَبِي ذَرٍّ رَابِعًا أَوْ خَامِسًا
قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ حَكَّامٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ الْقَسَّامُ الْقَصِيرُ قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو جَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ , أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُمْ بِبَدْءِ إِسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلًا خَرَجَ بِمَكَّةَ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيُّ أَرْسَلَ أَخَاهُ , فَقَالَ : اذْهَبْ , فَأْتِنِي بِخَبَرِ هَذَا الرَّجُلِ وَبِمَا تَسْمَعُ مِنْهُ ، فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ , فَسَمِعَ مِنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَرَجَعَ إِلَى أَبِي ذَرٍّ , فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَيَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ : مَا شَفَيْتَنِي , فَخَرَجَ أَبُو ذَرٍّ , وَمَعَهُ شَنَّةٌ فِيهَا مَاؤُهُ وَزَادُهُ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ , فَفَرِقَ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا عَنْ شَيْءٍ وَلَمَّا يَلْقَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَأَدْرَكَهُ اللَّيْلُ , فَبَاتَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ , فَلَمَّا أَعْتَمَ مَرَّ بِهِ عَلِيٌّ , فَقَالَ : مِمَّنِ الرَّجُلُ ؟ ، قَالَ : رَجُلٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ قَالَ : قُمْ إِلَى مَنْزِلِكَ ، قَالَ : فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ ، وَلَمْ يَسْأَلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَيْءٍ ، وَغَدَا أَبُو ذَرٍّ يَطْلُبُ , فَلَمْ يَلْقَهُ ، وَكَرِهَ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا عَنْهُ , فَعَادَ , فَنَامَ حَتَّى أَمْسَى , فَمَرَّ بِهِ عَلِيٌّ , فَقَالَ : أَمَا آنَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْرِفَ مَنْزِلَهُ ، فَانْطَلَقَ بِهِ , فَبَاتَ حَتَّى أَصْبَحَ لَا يَسْأَلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَيْءٍ , فَأَصْبَحَ الْيَوْمَ الثَّالِثَ , فَأَخَذَ عَلَى عَلِيٍّ لَئِنْ أَفْشَى إِلَيْهِ الَّذِي يُرِيدُ لَيَكْتُمَنَّ عَلَيْهِ وَلَيَسْتُرَنَّهُ , فَفَعَلَ , فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ خُرُوجُ هَذَا الرَّجُلِ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيُّ , فَأَرْسَلْتُ أَخِي لِيَأْتِيَنِي بِخَبَرِهِ وَبِمَا سَمِعَ مِنْهُ , فَلَمْ يَأْتِنِي بِمَا يَشْفِيَنِي مِنْ حَدِيثِهِ ، فَجِئْتُ بِنَفْسِي لِأَلْقَاهُ ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : إِنِّي غَادٍ فَاتَّبِعْ أَثَرِي , فَإِنِّي إِنْ رَأَيْتُ مَا أَخَافُ عَلَيْكَ اعْتَلَلْتُ بِالْقِيَامِ كَأَنِّي أُهَرِيقُ الْمَاءَ فَآتِيكَ ، وَإِنْ لَمْ أَرَ أَحَدًا فَاتَّبِعْ أَثَرِي حَتَّى تَدْخُلَ حَيْثُ أَدْخَلُ ، فَفَعَلَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى أَثَرِ عَلِيٍّ عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ , وَسَمِعَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَأَسْلَمَ مِنْ سَاعَتِهِ , ثُمَّ قَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا تَأْمُرُنِي ؟ ، قَالَ : تَرْجِعُ إِلَى قَوْمِكَ حَتَّى يَبْلُغَكَ أَمْرِي ، قَالَ : فَقَالَ لَهُ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أَرْجِعُ حَتَّى أَصْرُخَ بِالْإِسْلَامِ فِي الْمَسْجِدِ ، قَالَ : فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ , فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : صَبَأَ الرَّجُلُ ، صَبَأَ الرَّجُلُ ، فَضَرَبُوهُ حَتَّى صُرِعَ , فَأَتَاهُ الْعَبَّاسُ , فَأَكَبَّ عَلَيْهِ , وَقَالَ : قَتَلْتُمُ الرَّجُلَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَنْتُمْ تُجَّارٌ وَطَرِيقُكُمْ عَلَى غِفَارَ , فَتُرِيدُونَ أَنْ يُقْطَعَ الطَّرِيقَ , فَأَمْسَكُوا عَنْهُ ، ثُمَّ عَادَ الْيَوْمَ الثَّانِي , فَصَنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ , ثُمَّ ضَرَبُوهُ حَتَّى صُرِعَ , فَأَكَبَّ عَلَيْهِ الْعَبَّاسُ , وَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ مَا قَالَ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ , فَأَمْسَكُوا عَنْهُ وَكَانَ ذَلِكَ بَدْءَ إِسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : أَخْبَرَنَا مَنْ سَمِعَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي حَكِيمٍ , يُخْبِرُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ : قَالَ أَبُو ذَرٍّ حِدْثَانَ إِسْلَامِهِ لِابْنِ عَمِّهِ : يَا ابْنَ الْأَمَةِ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا ذَهَبَتْ عَنْكَ أَعْرَابَيَّتُكَ بَعْدُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَيْنَ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ , وَالْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرٍو أَحَدِ بَنِي سَاعِدَةَ وَهُوَ الْمُعْنِقُ لِيَمُوتَ ، وَأَنْكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ هَذِهِ الْمُؤَاخَاةَ بَيْنَ أَبِي ذَرٍّ , وَالْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرٍو وَقَالَ : لَمْ تَكُنِ الْمُؤَاخَاةُ إِلَّا قَبْلَ بَدْرٍ ، فَلَمَّا نَزَلَتْ أَيَّةُ الْمَوَارِيثِ انْقَطَعَتِ الْمُؤَاخَاةُ ، وَأَبُو ذَرٍّ حِينَ أَسْلَمَ رَجَعَ إِلَى بِلَادِ قَوْمِهِ , فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى مَضَتْ بَدْرٌ , وَأَحَدٌ , وَالْخَنْدَقُ ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ ذَلِكَ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ وهْبَانَ ، وَكَانَ ابْنُ خَالَةِ أَبِي ذَرٍّ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا أَبَا ذَرٍّ كَيْفَ أَنْتَ إِذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يَسْتَأْثِرُونَ بِالْفَيءِ ؟ قَالَ : قُلْتُ : إِذًا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ أَضْرِبُ بِسَيْفِي حَتَّى أَلْحَقَ بِهِ ، فَقَالَ : أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ ، اصْبِرْ حَتَّى تَلْقَانِي
قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ : مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ , فَإِذَا أَنَا بِأَبِي ذَرٍّ قَالَ : فَقُلْتُ مَا أَنْزَلَكَ مَنْزِلَكَ هَذَا ؟ ، قَالَ : كُنْتُ بِالشَّامِ , فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : {{ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ }} ، وَقَالَ مُعَاوِيَةُ : نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ ، قَالَ : فَقُلْتُ : نَزَلَتْ فِينَا وَفِيهِمْ ، قَالَ : فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِي ذَلِكَ كَلَامٌ , فَكَتَبَ يَشْكُونِي إِلَى عُثْمَانَ قَالَ : فَكَتَبَ إِلَيَّ عُثْمَانُ أَنْ أَقْدِمِ الْمَدِينَةَ ، فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ , وَكَثُرَ النَّاسُ عَلَيَّ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِي قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ : فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُثْمَانَ , فَقَالَ لِي : إِنْ شِئْتَ تَنَحَّيْتَ , فَكُنْتَ قَرِيبًا ، فَذَاكَ أَنْزَلَنِي هَذَا الْمَنْزِلَ وَلَوْ أُمِّرَ عَلَيَّ حَبَشِيٌّ لَسَمِعْتُ وَلَأَطَعْتُ
قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ لِأَبِي ذَرٍّ : إِذَا بَلَغَ النَّبَأُ سِلَعًا فَاخْرُجْ مِنْهَا , وَنَحَا بِيَدِهِ نَحْوَ الشَّامِ وَلَا أَرَى أُمَرَاءَكَ يَدَعُونَكَ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُقَاتِلُ مَنْ يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ أَمْرِكَ ؟ ، قَالَ : لَا ، قَالَ : فَمَا تَأْمُرُنِي ؟ ، قَالَ : اسْمَعْ وَأَطِعْ وَلَوْ لِعَبْدٍ حَبَشِيٍّ ، قَالَ : فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ , فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عُثْمَانَ : إِنَّ أَبَا ذَرٍّ قَدْ أَفْسَدَ النَّاسَ بِالشَّامِ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ بَعَثُوا أَهْلَهُ مِنْ بَعْدِهِ , فَوَجَدُوا عِنْدَهُ كَيْسًا أَوْ شَيْئًا , فَظُنُّوا أَنَّهَا دَرَاهِمَ , فَقَالُوا : مَا شَاءَ اللَّهُ فَإِذَا هِيَ فُلُوسٌ , فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ , قَالَ لَهُ عُثْمَانُ : كُنَّ عِنْدِي تَغْدُو عَلَيْكَ وَتَرُوحُ اللِّقَاحُ ، قَالَ : لَا حَاجَةَ لِي فِي دُنْيَاكُمْ ، ثُمَّ قَالَ : ائْذَنْ لِي حَتَّى أَخْرُجَ إِلَى الرَّبَذَةِ ، فَأَذِنَ لَهُ , فَخَرَجَ إِلَى الرَّبَذَةِ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ , وَعَلَيْهَا عَبْدٌ لِعُثْمَانَ حَبَشِيُّ , فَتَأَخَّرَ ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ : تَقَدَّمْ فَصَلِّ فَقَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَلَوْ لِعَبْدٍ حَبَشِيٍّ فَأَنْتَ عَبْدٌ حَبَشِيُّ
قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الْأَجْرِ ، عَنْ شَيْخَيْنِ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ رَجُلٌ وَامْرَأَتُهُ قَالَا : نَزَلْنَا الرَّبَذَةَ , فَمَرَّ بِنَا شَيْخٌ أَشْعَثُ أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ ، فَقَالُوا : هَذَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَّاهُ أَنْ نَغْسِلَ رَأْسَهُ , فَأَذِنَ لَنَا وَاسْتَأْنَسَ بِنَا , فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ أَتَاهُ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ حَسِبْتُهُ قَالَ : مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ , فَقَالُوا : يَا أَبَا ذَرٍّ فَعَلَ بِكَ هَذَا الرَّجُلُ وَفَعَلَ , فَهَلْ أَنْتَ نَاصِبٌ لَنَا رَايَةً فَلْنُكْمِلْ بِرِجَالٍ مَا شِئْتَ ؟ فَقَالَ : يَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ لَا تَعْرِضُوا عَلَيَّ ذَاكُمْ ، وَلَا تُذِلُّوا السُّلْطَانَ , فَإِنَّهُ مَنْ أَذَلَّ السُّلْطَانَ فَلَا تَوْبَةَ لَهُ , وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ عُثْمَانَ صَلَبَنِي عَلَى أَطْوَلِ خَشَبَةٍ أَوْ أَطْوَلِ جَبَلٍ لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ وَصَبَرْتُ وَاحْتَسَبْتُ وَرَأَيْتُ أَنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لِي ، وَلَوْ سَيَّرَنِي مَا بَيْنَ الْأُفُقِ إِلَى الْأُفُقِ أَوْ قَالَ : مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ وَصَبَرْتُ وَاحْتَسَبْتُ وَرُئِيتُ أَنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لِي ، وَلَوْ رَدَّنِي إِلَى مَنْزِلِي لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ وَصَبَرْتُ وَاحْتَسَبْتُ وَرُئِيتُ أَنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لِي
قَالَ : أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِيدَانَ السُّلَمِيِّ قَالَ : تَنَاجَى أَبُو ذَرٍّ وَعُثْمَانُ حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا , ثُمَّ انْصَرَفَ أَبُو ذَرٍّ مُتَبَسِّمًا , فَقَالَ لَهُ النَّاسُ : مَا لَكَ وَلِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ؟ ، قَالَ : سَامِعٌ مُطِيعٌ وَلَوْ أَمَرَنِي أَنْ آتِيَ صَنْعَاءَ أَوْ عَدْنَ ، ثُمَّ اسْتَطَعْتُ أَنْ أَفْعَلَ لَفَعَلْتُ . وَأَمَرَهُ عُثْمَانُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الرَّبَذَةِ
قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : كُنْتُ رِدْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَيْهِ بَرْدَعَةٌ أَوْ قَطِيفَةٌ
قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : مَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ ، وَلَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ مِنْ رَجُلٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ
قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو أُمَيَّةَ بْنُ يَعْلَى ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ ، وَلَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ عَلَى ذِي لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ , مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى تَوَاضَعِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى أَبِي ذَرٍّ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : أَيُّكُمْ يَلْقَانِي عَلَى الْحَالِ الَّتِي أُفَارِقُهُ عَلَيْهَا ؟ ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ : أَنَا ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : صَدَقْتَ ، ثُمَّ قَالَ : مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ ، وَلَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ عَلَى ذِي لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ ، مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى زُهْدِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فَلْيَنْظُرْ إِلَى أَبِي ذَرٍّ
قَالَ : أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، وَالْحَسَنُ بْنُ مُوسَى قَالَا : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ بِلَالِ بْنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ : قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ ، وَلَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ مِنْ ذِي لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ
قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حُرَّةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ ، وَلَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ مِنْ ذِي لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ
قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : سَمِعْتُ عِرَاكَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ : قَالَ أَبُو ذَرٍّ : إِنِّي لَأَقْرَبِكُمْ مَجْلِسًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَذَلِكَ أَنِّي سَمِعْتُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : أَقْرَبُكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا كَهَيْئَةِ مَا تَرَكْتُهُ فِيهَا ، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ تَشَبَّثَ مِنْهَا بِشَيْءٍ غَيْرِي
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو كَعْبٍ صَاحِبُ الْحَرِيرِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْأَصْفَرِ ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ : أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ , ثُمَّ أَتَيْتُ الشَّامَ , فَجَمَعْتُ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ لَا يَنْتَهِي إِلَى سَارِيَةٍ إِلَّا خَرَّ أَهْلُهَا ، يُصَلِّي وَيُخِفُّ صَلَاتَهُ قَالَ : فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ , فَقُلْتُ لَهُ : يَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : أَنَا أَبُو ذَرٍّ , فَقَالَ لِي : فَأَنْتَ مَنْ أَنْتَ ؟ ، قَالَ : قُلْتُ : أَنَا الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ ، قَالَ : قُمْ عَنِّي لَا أُعِدُّكَ بِشَرٍّ ، فَقُلْتُ لَهُ : كَيْفَ تَعِدُنِي بِشَرٍّ ؟ ، قَالَ : إِنَّ هَذَا - يَعْنِي مُعَاوِيَةَ - نَادَى مُنَادِيهِ أَلَّا يُجَالِسَنِي أَحَدٌ
قَالَ : أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَّامٌ أَبُو الْمُنْذِرِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : أَوْصَانِي خَلِيلِي بِسَبْعٍ : أَمَرَنِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ , وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي , وَلَا أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي ، وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أَسْأَلَ أَحَدًا شَيْئًا ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ الرَّحِمَ وَإِنْ أَدْبَرَتْ ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَقُولَ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ مُرَّا ، وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ ، وَأَمَرَنِي أَنْ أُكْثِرَ مَنْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، فَإِنَّهُنَّ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ
قَالَ : أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ : أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ كَانَ مَعَ أَبِي ذَرٍّ , فَخَرَجَ عَطَاؤُهُ وَمَعَهُ جَارِيَةٌ لَهُ قَالَ : فَجَعَلَتْ تَقْضِي حَوَائِجَهُ ، قَالَ : فَفَضَلَ مَعَهَا سِلَعٌ قَالَ : فَأَمَرَهَا أَنْ تَشْتَرِيَ بِهِ فُلُوسًا ، قَالَ : قُلْتُ : لَوِ ادَّخَرْتَهُ لِلْحَاجَةِ تَبُوءُ بِكَ أَوْ لِلضَّيْفِ يَنْزِلُ بِكَ ؟ ، قَالَ : إِنَّ خَلِيلِي عَهِدَ إِلَيَّ أَنْ أَيَّ مَالٍ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أُوكِيَ عَلَيْهِ , فَهُوَ جَمْرٌ عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يُفْرِغَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
قَالَ : أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ قَالَ : حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ كَانَ عَطَاؤُهُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ ، فَكَانَ إِذَا أَخَذَ عَطَاءَهُ دَعَا خَادِمَهُ , فَسَأَلَهُ عَمَّا يَكْفِيهِ لِسَنَةٍ , فَاشْتَرَاهُ لَهُ , ثُمَّ اشْتَرَى فُلُوسًا بِمَا بَقِيَ , وَقَالَ : إِنَّهُ لَيْسَ مَنْ وَعَى ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً يُوكِي عَلَيْهِ إِلَّا وَهُوَ يَتَلَظَّى عَلَى صْاحِبِهِ
قَالَ : أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي نَعَامَةَ السَّعْدِيِّ ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ : قَالَ لِي أَبُو ذَرٍّ : خُذِ الْعَطَاءَ مَا كَانَ مُتْعَةً ، فَإِذَا كَانَ دَيْنًا فَارْفُضْهُ
قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو مَعْمَرٍ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ الْمُعَلِّمِ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ : لَمَّا قَدِمَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ لَقِيَ أَبَا ذَرٍّ , فَجَعَلَ أَبُو مُوسَى يَلْزَمُهُ , وَكَانَ الْأَشْعَرِيُّ رَجُلًا خَفِيفَ اللَّحْمِ قَصِيرًا ، وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ رَجُلًا أَسْوَدَ كَثَّ الشَّعْرِ , فَجَعَلَ الْأَشْعَرِيُّ يَلْزَمُهُ ، وَيَقُولُ أَبُو ذَرٍّ : إِلَيْكَ عَنِّي ، وَيَقُولُ الْأَشْعَرِيُّ : مَرْحَبًا بِأَخِي وَيَدْفَعُهُ أَبُو ذَرٍّ وَيَقُولُ : لَسْتُ بِأَخِيكِ ، إِنَّمَا كُنْتُ أَخَاكَ قَبْلَ أَنْ تُسْتَعْمَلَ ، قَالَ : ثُمَّ لَقِيَ أَبَا هُرَيْرَةَ , فَالْتَزَمَهُ , وَقَالَ : مَرْحَبًا بِأَخِي ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ : إِلَيْكَ عَنِّي ، هَلْ كُنْتَ عَمِلْتَ لِهَؤُلَاءِ ؟ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : هَلْ تَطَاوَلْتَ فِي الْبِنَاءِ أَوِ اتَّخَذْتَ زَرْعًا أَوْ مَاشِيَةً ؟ ، قَالَ : لَا ، قَالَ : أَنْتَ أَخِي ، أَنْتَ أَخِي
قَالَ : أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ : حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ أَبُو عَامِرٍ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ , عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ : رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ رَجُلًا طَوِيلًا آدَمَ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ
قَالَ : أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ ، عَنْ كُلَيْبِ بْنِ شِهَابٍ الْجَرْمِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ : مَا يُوَئسُنِي رِقَّةُ عَظْمِي وَلَا بَيَاضُ شَعْرِي أَنْ أَلْقَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ
قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خِرَاشٍ قَالَ : رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ فِي مَظَلَّةٍ , وَتَحْتَهُ امْرَأَةٌ سَحْمَاءُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ : وَقَالَ غَيْرُ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : مَظَلَّةِ شَعْرٍ
قَالَ : أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ : سَأَلْتُ ابْنَ أُخْتٍ لِأَبِي ذَرٍّ : مَا تَرَكَ أَبُو ذَرٍّ ؟ فَقَالَ : تَرَكَ أَتَانَيْنِ وَعَفْوًا وَأَعْنُزًا وَرَكَائِبَ قَالَ : الْعَفْوُ الْحِمَارُ الذَّكَرُ
قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْقُرَشِيِّ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا ، وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي ، لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالِ يَتِيمٍ
قَالَ : أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيُّ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْإِمَارَةَ , فَقَالَ : إِنَّكَ ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ ، إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا
قَالَ : أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا غَالِبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : لَقِيتُ رَجُلًا قَالَ : كُنْتُ أُصَلِّي مَعَ أَبِي ذَرٍّ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ , فَكَانَ إِذَا دَخَلَ خَلَعَ خُفَّيْهِ , فَإِذَا بَزَقَ أَوْ تَنَخَّعَ تَنَخَّعَ عَلَيْهِمَا قَالَ : وَلَوْ جَمَعَ مَا فِي بَيْتِهِ لَكَانَ رِدَاءُ هَذَا الرَّجُلِ أَفْضَلَ مِنْ جَمِيعِ مَا فِي بَيْتِهِ قَالَ جَعْفَرٌ : فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِمَهْرَانَ بْنِ مَيْمُونٍ فَقَالَ : مَا أَرَاهُ كَانَ مَا فِي بَيْتِهِ يَسْوَى دِرْهَمَيْنِ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مَسْعُودُ بْنُ سَعْدٍ الْجُعْفِيُّ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ : لَمْ يَبْقَ الْيَوْمَ أَحَدٌ لَا يُبَالِي فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ غَيْرَ أَبِي ذَرٍّ وَلَا نَفْسِي ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ
قَالَ : أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو حَرْبِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ , عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : وَرَجُلٌ , عَنْ زَاذَانَ قَالَا : سُئِلَ عَلِيٌّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ , فَقَالَ : وَعَى عِلْمًا عَجَزَ فِيهِ ، وَكَانَ شَحِيحًا حَرِيصًا , شَحِيحًا عَلَى دِينِهِ , حَرِيصًا عَلَى الْعِلْمِ ، وَكَانَ يُكْثِرُ السُّؤَالَ , فَيُعْطَى وَيُمْنَعُ ، أَمَا أَنْ قَدْ مُلِئَ لَهُ فِي وِعَائِهِ حَتَّى امْتَلَأَ فَلَمْ يَدْرُوا مَا يُرِيدُ بِقَوْلِهِ : وَعَى عِلْمًا عَجَزَ فِيهِ : أَعَجَزَ عَنْ كَشْفِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ أَمْ عَنْ طَلَبِ مَا طَلَبَ مِنَ الْعِلْمِ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
, قَالَ : أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلَابِيُّ قَالَا : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ قَالَ : دَخَلْتُ مَعَ أَبِي ذَرٍّ فِي رَهْطٍ مِنْ غِفَارَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مِنَ الْبَابِ الَّذِي لَا يُدْخَلُ عَلَيْهِ مِنْهُ ، قَالَ : وَتَخَوَّفْنَا عُثْمَانَ عَلَيْهِ قَالَ : فَانْتَهَى إِلَيْهِ , فَسَلَّمَ عَلَيْهِ , قَالَ : ثُمَّ مَا بَدَأَهُ بِشَيْءٍ إِلَّا أَنْ قَالَ : أَحَسِبْتَنِي مِنْهُمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَاللَّهِ مَا أَنَا مِنْهُمُ وَلَا أُدْرِكُهُمْ ، لَوْ أَمَرْتَنِي أَنْ آخُذَ بِعَرْقُوَتَيْ قَتَبٍ لَأَخَذْتُ بِهِمَا حَتَّى أَمَرْتَ . قَالَ : ثُمَّ اسْتَأْذَنَهُ إِلَى الرَّبَذَةِ ، قَالَ : فَقَالَ : نَعَمْ ، نَأْذَنُ لَكَ وَنَأْمُرُ لَكَ بِنِعَمٍ مِنْ نَعَمٍ الصَّدَقَةِ , فَتُصِيبُ مِنْ رِسْلِهَا ، فَقَالَ : فَنَادَى أَبُو ذَرٍّ دُونَكُمْ مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ دُنْيَاكُمْ فَاعْذِمُوهَا لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهَا ، قَالَ : فَمَا نَرَاهُ بِشَيْءٍ قَالَ : فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا الرَّبَذَةَ , قَالَ : فَصَادَفْنَا مَوْلًى لِعُثْمَانَ غلُاَمًا حَبَشِيًّا يَؤُمُّهُمْ , فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ , فَتَقَدَّمَ , فَلَمَّا رَأَى أَبَا ذَرٍّ نَكَصَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَبُو ذَرٍّ : تَقَدَّمَ فَصَلِّ ، فَصَلَّى خَلْفَهُ أَبُو ذَرٍّ
قَالَ : أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي ابْنَ الْأَشْتَرِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ بِالرَّبَذَةِ , فَبَكَتِ امْرَأَتُهُ ، فَقَالَ : وَمَا يُبْكِيكَ ؟ ، فَقَالَتْ : أَبْكِي أَنَّهُ لَا يَدَ لِي بِتَغْيِيبِكَ ، وَلَيْسَ عِنْدِي ثَوْبٌ يَسَعُكَ كَفَنًا ، فَقَالَ : لَا تَبْكِي , فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَأَنَا عِنْدَهُ فِي نَفَرٍ يَقُولُ : لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ تَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ : فَكُلُّ مَنْ كَانَ مَعِي فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ مَاتَ فِي جَمَاعَةٍ وَقَرْيَةٍ , فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ غَيْرِي ، وَقَدْ أَصْبَحْتُ بِالْفَلَاةِ أَمُوتُ , فَرَاقِبِي الطَّرِيقَ , فَإِنَّكِ سَوْفَ تَرَيْنَ مَا أَقُولُ لَكَ , فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِبْتُ ، قَالَتْ : وَأَنَّى ذَلِكَ وَقَدِ انْقَطَعَ الْحَاجُّ ؟ ، قَالَ : رَاقِبِي الطَّرِيقَ , فَبَيْنَا هِيَ كَذَلِكَ إِذَا هِيَ بِالْقَوْمِ تَجِدِّ بِهِمْ رَوَاحِلُهُمْ كَأَنَّهُمُ الرَّخَمُ - قَالَ عَفَّانُ : هَكَذَا قَالَ : تَجِدُّ بِهِمْ , وَالصَّوَابُ : تَخُدُّ بِهِمْ رَوَاحِلُهُمْ - فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ حَتَّى وَقَفُوا عَلَيْهَا ، قَالُوا : مَا لَكِ ؟ ، قَالَتِ : امْرُؤٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تُكَفِّنُونَهُ وَتُؤْجَرُونَ فِيهِ ، قَالُوا : وَمَنْ هُوَ ؟ ، قَالَتْ : أَبُو ذَرٍّ , فَفَدَوْهُ بِآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهُمْ , وَوَضَعُوا سِيَاطَهُمْ فِي نُحُورِهَا يَبْتَدِرُونَهُ , فَقَالَ : أَبْشِرُوا أَنْتُمُ النَّفَرُ الَّذِينَ قَالَ فِيكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا قَالَ ، أَبْشِرُوا ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : مَا مِنَ امْرَأَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ هَلَكَ بَيْنَهُمَا وَلَدَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ , فاَحْتَسَبَاهُ وَصَبِرَا , فَيَرَيَانِ النَّارَ أَبَدًا ، ثُمَّ قَالَ : قَدْ أَصْبَحْتُ الْيَوْمَ حَيْثُ تَرَوْنَ , وَلَوْ أَنَّ ثَوْبًا مِنْ ثِيَابِي يَسَعُنِي لَمْ أُكَفَّنْ إِلَّا فِيهِ ، أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَلَّا يُكَفِّنِّي رَجُلٌ مِنْكُمْ كَانَ أَمِيرًا أَوْ عَرِيفًا أَوْ بَرِيدًا ، فَكُلُّ الْقَوْمِ كَانَ نَالَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلَّا فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ مَعَ الْقَوْمِ ، قَالَ : أَنَا صَاحِبُكَ , ثَوْبَانِ فِي عَيْبَتِي مِنْ غَزْلِ أُمِّي وَأَحَدُ ثَوْبِيَّ هَذَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَيَّ قَالَ : أَنْتَ صَاحِبِي فَكَفِّنِّي
قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْتَرِ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَ أَبَا ذَرٍّ الْمَوْتُ بَكَتِ امْرَأَتُهُ فَقَالَ لَهَا : مَا يُبْكِيكِ ؟ ، قَالَتْ : أَبْكِي لِأَنَّهُ لَا يَدَانِ لِي بِتَغْيِيبِكَ ، وَلَيْسَ لِي ثَوْبٌ يَسَعُكَ ، قَالَ : فَلَا تَبْكِي , فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ لِنَفَرٍ أَنَا فِيهِمُ : لَيَمُوتَنَّ مِنْكُمْ رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ , تَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَلَيْسَ مِنْ أُولَئِكِ النَّفَرِ رَجُلٌ إِلَّا قَدْ مَاتَ فِي قَرْيَةٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَنَا الَّذِي أَمُوتُ بِفَلَاةٍ ، وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِبْتُ , فَأَبْصِرِي الطَّرِيقَ ، فَقَالَتْ : أَنَّى وَقَدِ انْقَطَعَ الْحَاجُّ وَتَقَطَّعَتِ الطُّرُقُ ، فَكَانَتْ تَشُدُّ إِلَى كَثِيبٍ تَقُومُ عَلَيْهِ تَنْظُرُ , ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَيْهِ , فَتُمَرِّضُهُ , ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَى الْكَثِيبِ , فَبَيْنَا هِيَ كَذَلِكَ إِذَا هِيَ بِنَفَرٍ تَخُدُّ بِهِمْ رَوَاحِلُهُمْ كَأَنَّهُمُ الرَّخَمُ عَلَى رِحَالِهِمْ ، فَأَلَاحَتْ بِثَوْبِهَا , فَأقْبَلُوا حَتَّى وَقَفُوا عَلَيْهَا , قَالُوا : مَا لَكَ ؟ ، قَالَتِ امْرُؤٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَمُوتُ تُكَفِّنُونَهُ ، قَالُوا : وَمَنْ هُوَ ؟ قَالَتْ : أَبُو ذَرٍّ , فَفَدَوْهُ بِآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهُمْ وَوَضَعُوا السِّيَاطَ فِي نُحُورِهَا يَسْتَبِقُونَ إِلَيْهِ حَتَّى جَاءُوهُ ، فَقَالَ : أَبْشِرُوا , فَحَدَّثَهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ قَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : لَا يَمُوتُ بَيْنَ امْرَأَيْنِ مُسْلِمَيْنِ وَلَدَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فَيَحْتَسِبَانِ وَيَصْبِرَانِ فَيَرَيَانِ النَّارَ ، أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ لَوْ كَانَ لِي ثَوْبٌ يَسَعُنِي كَفَنًا لَمْ أُكَفَّنْ إِلَّا فِي ثَوْبٍ هُوَ لِي أَوْ لِامْرَأَتِي ثَوْبٌ يَسَعُنِي لَمْ أُكَفَّنْ إِلَّا فِي ثَوْبِهَا ، فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ وَالْإِسْلَامَ أَلَا يُكَفِّنِّي رَجُلٌ مِنْكُمْ كَانَ أَمِيرًا أَوْ عَرِيفًا , أَوْ نَقِيبًا , أَوْ بَرِيدًا ، فَكُلُّ الْقَوْمِ قَدْ كَانَ قَارَفَ بَعْضَ ذَلِكَ إِلَّا فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ : أَنَا أُكَفِّنُكَ ، فَإِنِّي لَمْ أُصِبْ مِمَّا ذَكَرْتَ شَيْئًا ، أُكَفِّنُكَ فِي رِدَائِي هَذَا الَّذِي عَلَيَّ وَفِي ثَوْبَيْنِ فِي عَيْبَتِي مِنْ غَزْلِ أُمِّي حَاكَتْهُمَا لِي ، قَالَ : أَنْتَ فَكَفِّنِّي , قَالَ : فَكَفَّنَهُ الْأَنْصَارِيُّ فِي النَّفَرِ الَّذِينَ شَهِدُوهُ مِنْهُمْ حُجْرُ بْنُ الْأَدْبَرِ , وَمَالِكٌ الْأَشْتَرُ فِي نَفَرٍ كُلُّهُمْ يَمَانٍ
قَالَ : أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنِي بُرَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ الْأَسْلَمِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : لَمَّا نَفَى عُثْمَانُ أَبَا ذَرٍّ إِلَى الرَّبَذَةِ , وَأَصَابَهُ بِهَا قَدْرُهُ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتُهُ وَغُلَامُهُ , فَأَوْصَاهُمَا أَنِ اغْسِلَانِي وَكَفِّنَانِي وَضَعَانِي عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ , فَأَوَّلُ رَكْبٍ يَمُرُّ بِكُمْ , فَقُولُوا : هَذَا أَبُو ذَرٍّ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَأَعُينُونَا عَلَى دَفْنِهِ . فَلَمَّا مَاتَ فَعَلَا ذَلِكَ بِهِ , ثُمَّ وَضَعَاهُ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ ، وَأَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي رَهْطٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عُمَّارًا , فَلَمْ يَرُعْهُمْ إِلَّا بِالْجَنَازَةِ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ قَدْ كَادَتِ الْإِبِلُ أَنْ تَطَأَهَا , فَقَامَ إِلَيْهِ الْغُلَامُ , فَقَالَ : هَذَا أَبُو ذَرٍّ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَأَعِينُونَا عَلَى دَفْنِهِ ، فَاسْتَهَلَّ عَبْدُ اللَّهِ يَبْكِي , وَيَقُولُ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ ، تَمْشِي وَحْدَكَ وَتَمُوتُ وَحْدَكَ وَتُبْعَثُ وَحْدَكَ ، ثُمَّ نَزَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فَوَارَوْهُ ، ثُمَّ حَدَّثَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ حَدِيثَهُ وَمَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي مَسِيرِهِ إِلَى تَبُوكَ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ رَآهُ فِي نَمِرَةٍ مُؤْتَزِرًا بِهَا قَائِمًا يُصَلِّي , فَقُلْتُ : يَا أَبَا ذَرٍّ أَمَا لَكَ ثَوْبٌ غَيْرُ هَذِهِ النَّمِرَةِ ؟ ، قَالَ : لَوْ كَانَ لِي لَرَأَيْتَهُ عَلَيَّ ، قُلْتُ : فَإِنِّي رَأَيْتُ عَلَيْكَ مُنْذُ أَيَّامٍ ثَوْبَيْنِ ، فَقَالَ : يَا ابْنَ أَخِي أَعْطَيْتُهُمَا مَنْ هُوَ أَحْوَجُ إِلَيْهِمَا مِنِّي ، قُلْتُ : وَاللَّهِ إِنَّكَ لَمُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا ، قَالَ : اللَّهُمَّ غَفْرًا , إِنَّكَ لَمُعَظِّمُ الدُّنْيَا , أَلَيْسَ تَرَى عَلَيَّ هَذِهِ الْبُرْدَةَ ، وَلِي أُخْرَى لِلْمَسْجِدِ وَلِي أَعْنُزٌ نَحْلِبُهَا ، وَلِي أَحْمِرَةٌ نَحْتَمِلُ عَلَيْهَا مِيرَتَنَا , وَعِنْدَنَا مَنْ يَخْدُمُنَا وَيَكْفِينَا مِهْنَةَ طَعَامِنَا ، فَأَيُّ نِعْمَةٍ أَفْضَلُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ ، عَنْ أَبِي شُعْبَةَ ، قَالَ : جاءَ رَجُلٌ مِنْ قَوْمَنَا أَبَا ذَرٍّ يَعْرِضُ عَلَيْهِ فَأَبَى أَبُو ذَرٍّ أَنْ يَأْخُذَ , وَقَالَ : لَنَا أَحْمِرَةٌ نَحْتَمِلُ عَلَيْهَا , وَأَعْنُزٌ نَحْلِبُهَا , وَمُحَرَّرَةٌ تَخْدُمُنَا , وَفَضْلُ عَبَاءَةٍ عَنْ كِسْوَتِنَا ، وَإِنِّي لَأَخَافُ أَنْ أُحَاسَبَ بِالْفَضْلِ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَسْلَمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ عَمِيلَةَ الْفَزَارِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى أَبَا ذَرٍّ يَحْلِبُ غُنَيْمَةً لَهُ , فَيَبْدَأُ بِجِيرَانِهِ وَأَضْيَافِهِ قَبْلَ نَفْسِهِ ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ لَيْلَةً حَلَبَ حَتَّى مَا بَقِيَ فِي ضُرُوعِ غَنَمِهِ شَيْءٌ إِلَّا مُصِرَّةً , وَقَرَّبَ إِلَيْهِمْ تَمْرًا وَهُوَ يَسِيرٌ ، ثُمَّ تَعَذَّرَ إِلَيْهِمْ , وَقَالَ : لَوْ كَانَ عِنْدَنَا مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا لَجِئْنَا بِهِ ، قَالَ : وَمَا رَأَيْتُهُ ذَاقَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ شَيْئًا
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ : كَانَ أَبُو ذَرٍّ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ فِي مِظَلَّتَيْنِ مِنْ شَعْرٍ بِدِمَشْقَ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خِدَاشٍ الْكَعْبِيُّ قَالَ : وَجَدْتُ أَبَا ذَرٍّ فِي مِظَلَّةِ شَعْرٍ بِالرَّبَذَةِ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ سَحْمَاءُ ، فَقُلْتُ : يَا أَبَا ذَرٍّ تَزَوَّجُ سَحْمَاءَ قَالَ : أَتَزَوَّجُ مَنْ تَضَعُنِي أَحَبُّ إِلِيَّ مِمَّنْ تَرْفَعُنِي ، مَا زَالَ لِيَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ حَتَّى مَا تَرَكَ لِيَ الْحَقُّ صَدِيقًا
قَالَ : أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ : حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ بِالرَّبَذَةِ وَعِنْدَهُ امْرَأَةٌ لَهُ سَوْدَاءُ مُشَنَّفَةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا أَثَرُ الْمَجَاسِدِ وَلَا الْخَلُوقِ قَالَ : فَقَالَ : : أَلَا تَنْظُرُونَ مَا تَأْمُرُنِي بِهِ هَذِهِ السُّوَيْدَاءُ ، تَأْمُرُنِي أَنْ آتِيَ الْعِرَاقَ , فَإِذَا أَتَيْتُ الْعِرَاقَ مَالُوا عَلَيَّ بِدُنْيَاهُمْ ، أَلَا وَإِنَّ خَلِيلِي عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّ دُونَ جِسْرِ جَهَنَّمَ طَرِيقًا ذَا دَحَضٍ وَمَزَلَّةٍ ، وَإِنَّا أَنْ نَأْتِيَ عَلَيْهِ وَفِي أَحْمَالِنَا اقْتِدَارٌ أَحْرَى أَنْ نَنْجُوَ مِنْ أَنْ نَأْتِيَ عَلَيْهِ وَنَحْنُ مَوَاقِيرُ
قَالَ : أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ : رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ يَمِيدُ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ مَطْلِعَ الشَّمْسِ , فَظَنَنْتُهُ نَائِمًا , فَدَنَوْتُ مِنْهُ , فَقُلْتُ : أَنَائِمٌ أَنْتَ يَا أَبَا ذَرٍّ ؟ ، فَقَالَ : لَا ، بَلْ كُنْتُ أُصَلِّي
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ تَبِعْتُهُ جُوَيْرِيَةٌ سَوْدَاءُ , فَقِيلَ لَهُ : يَا أَبَا ذَرٍّ هَذِهِ ابْنَتَكَ ؟ ، قَالَ : تَزْعُمُ أُمُّهَا ذَاكَ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : كُسِيَ أَبُو ذَرٍّ بُرْدَيْنِ فَأَتَّزَرَ بِأَحَدِهِمَا وَارْتَدَى بِشَمْلَةٍ ، وَكَسَا أَحَدَهُمَا غُلَامَهُ ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَى الْقَوْمِ , فَقَالُوا لَهُ : لَوْ كُنْتَ لَبِسْتَهَا جَمِيعًا كَانَ أَجْمَلَ ، قَالَ : أَجَلْ ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ ، وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تُكْسَوْنَ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا بُدَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ قَالَ : صَحِبْتُ أَبَا ذَرٍّ فَأَعْجَبَتْنِي أَخْلَاقُهُ كُلُّهَا إِلَّا خُلُقًا وَاحِدًا ، قُلْتُ : وَمَا ذَاكَ الْخُلُقُ ؟ ، قَالَ : كَانَ رَجُلًا فَطِنًا , فَكَانَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ انْتَضَحَ