حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَمْرُوسٍ , عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ , عَنْ أَبِي الْمِنْجَابِ قَالَ : رَأَيْتُ فِيَ الطَّوَافِ فَتًى نَحِيفَ الْجِسْمِ ، بَيِّنَ الضَّعْفِ يَلُوذُ وَيَتَعَوَّذُ , وَيَقُولُ : وَدِدْتُ بِأَنَّ الْحُبَّ يُجْمَعُ كُلُّهُ وَيُقْذَفُ فِي قَلْبِي وَيَنْغَلِقُ الصَّدْرُ فَلَا يَنْقَضِي مَا فِي فُؤَادِي مِنَ الْهَوَى وَمِنْ فَرَحِي بِالْحُبِّ أَوْ يَنْقَضِي الْعُمْرُ فَقُلْتُ : يَا فَتًى , مَا لِهَذِهِ الْبَنِيَّةِ حُرْمَةٌ تَمْنَعُكَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ ؟ فَقَالَ : بَلَى وَاللَّهِ , وَلَكِنَّ الْحُبَّ مَلَأَ قَلْبِي بِفَرَحِ التَّذَكُّرِ , فَفَاضَتِ الْفِكْرَةُ فِي سُرْعَةِ الْأَوْبَةِ إِلَى مَنْ لَا تَشِذُّ عَنْهُ مَعْرِفَةُ مَا بِي , تَمَنَّيْتُ الْمُنَى , وَاللَّهِ مَا يَسُرُّنِي بِمَا بِقَلْبِي مِنْهُ مَا فِيهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْمُلْكِ , وَإِنِّي لَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُثُبِّتَهُ فِي قَلْبِي عُمُرِي , وَيَجْعَلَهُ ضَجِيعِي فِي قَبْرِي , دَرَيْتُ بِهِ أَوْ لَمْ أَدْرِ , هَذَا دُعَائِي أَوْ أَنْصَرِفُ مِنْ حَجِّي . ثُمَّ بَكَا , فَقُلْتُ : مَا يُبْكِيكَ ؟ قَالَ : خَوْفٌ أَلَّا يُسْتَجَابَ دُعَائِي , وَلَهُ قَصَدْتُ , وَفِيهِ رَغِبْتُ فِيمَا يُعْطَى اللَّهُ سَائِرَ خَلْقِهِ . ثُمَّ مَضَى
حَدَّثَنِي أَبُو الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : قِيلَ لِبَعْضِ الْأَعْرَابِ : مَا لَذَّةُ الدُّنْيَا ؟ قَالَ : تَوَاصُلٌ بَعْدَ اهْتِجَارٍ , وَتَصَافٍ بَعْدَ اعْتِذَارٍ , وَشَمْلٌ لَا يُصَدِّعُهُ الْمَوْتُ
أَنْشَدَنِي ابْنُ النَّحْوِيِّ الصَّيْدَلَانِيُّ : أَطِيبُ مِنْ غَفْلَةِ الزَّمَانِ وَأَنْـ ـفَاسِ نَسِيمِ الرَّبِيعِ فِي شَجَرِهْ شُرْبُ عَقَّارٍ كَأَنَّهُ خَجَلٌ عُصْفُرُ خَدَّيْهِ وَرْدَتَا حَصَرِهْ فِي كَفِّهِ قَهْوَةٌ كَأَنَّهَا نَجْمٌ مُنِيرٌ يَدْنُو إِلَى قَمَرِهْ
وَسَمِعْتُ الْمُبَرِّدَ يُنْشِدُ : أَحْلَى مِنَ الْحِلْيَةِ وَالرَّكْضِ مَجْرُوحَةُ الْخَدَّيْنِ بالْعَضِّ لَمَّا بَدَتْ قُلْتُ لِبَدْرِ الدُّجَى غُضَّ فَهَذَا قَمَرُ الْأَرْضِ
وَأَنْشَدَنِي أَبُو عَلِيٍّ الرَّحْبِيُّ لِيَعْقُوبَ بْنَ الرَّبِيعِ : أَيَا مَلِكُ يَا مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَوَدَّتِي لِأُنْثَى سِوَاهَا مِنْ نَصِيبٍ وَلَا شِرْكِ إِذَا ذَكَرَتْكِ النَّفْسُ بَادَرْتُ ذِكْرَهَا بِفَيْضِ دُمُوعٍ لَمْ تَزَلْ بَعْدَكُمْ تَبْكِي فَيَا طُولَ شَوْقِي لَيْتَ لِي مِنْكِ نَظْرَةً فَأَبْذُلُ فِيهَا مَا أَحَاطَ بِهِ مُلْكِي
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ الْبَصْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ , وَكَانَ عَلَى سَاقِ غَنَائِمِ خَيْبَرَ حَتَّى افْتَتَحَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . قَالَ : بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي سِكَّةٍ مِنْ سِكَكِ الْمَدِينَةِ إِذْ سَمِعَ امْرَأَةً وَهِيَ تَهْتِفُ فِي خِدْرِهَا وَتَقُولُ : هَلْ مِنْ سَبِيلٍ إِلَى خَمْرٍ فَأَشْرَبَهَا أَمْ هَلْ سَبِيلٌ إِلَى نَصْرِ بْنِ حَجَّاجِ إِلَى فَتًى مَاجِدِ الْأَعْرَافِ مُقْتَبِلٍ سَهْلِ الْمُحَيَّا كَرِيمٍ غَيْرِ مِلْجَاجِ نَمَتْهُ أَعْرَافُ صِدْقٍ حِينَ يَنْسِبُهُ أَخِي حِفَاظٍ عَنِ الْمَكْرُوهِ فَرَّاجِ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَرَى مَعِي النَّصْرَ , رَجُلًا تَهْتِفُ بِهِ الْعَوَاتِقُ فِي خُدُورِهَا , عَلَيَّ بِنَصْرِ بْنِ حَجَّاجٍ . فَأُتِيَ بِهِ فَإِذَا هُوَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا وَعَيْنًا وَشَعْرًا , فَأَمَرَ بِشَعْرِهِ فَجُنَّ , فَخَرَجَتْ لَهُ جَبْهَةٌ كَأَنَّهَا شِقَّةُ قَمَرٍ , فَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمَّ فَاعْتَمَّ فَافْتُتِنَ النِّسَاءُ بِعَيْنَيْهِ , فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَاللَّهِ لَا تُجَامِعْنِي بِبِلَادٍ أَنَا بِهَا . قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينِ , وَلِمَ ؟ قَالَ : هُوَ مَا أَقُولُ لَكَ . فَسَيَّرَهُ إِلَى الْبَصْرَةِ , وَخَشِيَتِ الْمَرْأَةُ الَّتِي سَمِعَ مِنْهَا عُمَرُ أَنْ يَبْدُرَ مِنْ عُمَرَ إِلَيْهَا شَيْءٌ , فَدَسَّتْ إِلَيْهِ أَبْيَاتًا : قُلْ لِلْإِمْامِ الَّذِي تُخْشَى بَوَادِرُهُ مَالِي وَلِلْخَمْرِ أَوْ نَصْرِ بْنِ حَجَّاجِ إِنِّي مُنِيتُ أَبَا حَفْصٍ بِغَيْرِهِمَا شُرْبِ الْحَلِيبِ وَطَرْفٍ فَاتِرٍ سَاجِ إِنَّ الْهَوَى ذِمَّةُ التَّقْوَى فَخَيَّسَهُ حَتَّى أَقَرَّ بِإِلْجَامٍ وَإِسْرَاجِ لَا تَجْعَلِ الظَّنَّ حَقًّا أَوْ تَيَقَّنْهُ إِنَّ السَّبِيلَ سَبِيلَ الْخَائِفِ الرَّاجِي قَالَ : فَبَكَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ : الْحَمْدُ اللَّهِ الَّذِي خَيَّسَ التَّقْوَى الْهَوَى . قَالَ : وَأَتَى عَلَى نَصْرٍ حِينٌ وَاشْتَدَّ عَلَى أُمِّهِ غِيبَةُ ابْنِهَا عَنْهَا , فَتَعَرَّضَتْ لَعُمَرَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَقَعَدَتْ لَهُ عَلَى الطَّرِيقِ , فَلَمَّا خَرَجَ يُرِيدُ صَلَاةَ الْعَصْرِ قَالَتْ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينِ , لَأُجَانِيكَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى , ثُمَّ لَأُخَاصِمَنَّكَ , أَيَبِيتُ عَبْدُ اللَّهِ وَعَاصِمٌ إِلَى جَنْبِكَ وَبَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِيَ الْفَيَافِي وَالْمَفَاوِزُ وَالْجِبَالُ . فَقَالَ لَهَا : يَا أُمَّ نَصْرٍ , إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ وَعَاصِمًا لَمْ تَهْتِفْ بِهِمَا الْعَوَاتِقُ فِي خُدُورِهِنَّ . قَالَ : فَانْصَرَفَتْ وَمَضَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ : فَأَبْرَدَ عُمَرُ بَرِيدًا إِلَى الْبَصْرَةِ قَالَ : فَمَكَثَ بِالْبَصْرَةِ أَيَّامًا ثُمَّ نَادَى مُنَادِيهِ : مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَكْتُبْ , فَإِنَّ بَرِيدَ الْمُسْلِمِينَ خَارِجٌ . قَالَ : فَكَتَبَ النَّاسُ وَكَتَبَ نَصْرُ بْنُ حَجَّاجٍ : سَلَامٌ عَلَيْكَ , أَمَّا بَعْدُ , يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ : لَعَمْرِي لَإِنْ سَيَّرْتَنِي وَحَرَمْتَنِي فَمَا نِلْتَ مِنْ عِرْضِي عَلَيْكَ حَرَامُ أَإِنْ غَنَّتِ الدَّلْفَاءُ يَوْمًا بِمُنْيَةٍ وَبَعْضُ أَمَانِيِّ النِّسَاءِ غَرَامُ ظَنَنْتَ بِيَ السُّوءَ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ بَقَاءٌ فَمَا لِيَ فِي النَّدِيِّ كَلَامُ وَيَمْنَعُنِي مِمَّا تَقُولُ تَكَرُّمِي وَآبَاءُ صِدْقٍ سَالِفُونَ كِرَامُ وَيَمْنَعُهَا مِمَّا تَمَنَّتْ صَلَاتُهَا وَحَالٌ لَهَا فِي قَوْمِهَا وَصِيَامُ فَهَاتَانِ حَالَانَا , فَهَلْ أَنْتَ رَاجِعِي فَقَدْ جُبَّ مِنَّا غَارِبٌ وَشِمَامُ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَمَا وَلِيُّ إِمَارَةٍ فَلَا . وَأَقْطَعَهُ مَالًا بِالْبَصْرَةِ وَدَارًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ : مَا كَانَ أَنْظَرَهُ بِنُورِ اللَّهِ فِي ذَاتِ اللَّهِ وَأَفْرَسَهُ , كَانَ وَاللَّهِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ : بَصِيرٌ بِأَعْقَابِ الْأُمُورِ بِرَأْيِهِ كَأَنَّ لَهُ فِي الْيَوْمِ عَيْنًا عَلَى غَدِ وَكَمَا قَالَ الْآخَرُ : تَزِيدُهُ الْأَيَّامُ إِنْ سَاعَفَتْ شِدَّةُ حَزْمٍ بِتَصَارِيفِهَا كَأَنَّهَا فِي حَالِ إِسْعَافِهَا تُسْمِعُهُ ضَجَّةَ تَخْوِيفِهَا وَفِي مِثْلِهِ : يَرَى عَزَمَاتِ الرَّأْيِ حَتَّى كَأَنَّمَا تُلَاحِظُهُ فِي كُلِّ أَمْرٍ عَوَاقِبُهْ وَذَلِكَ أَنَّ نَصْرَ بْنَ حَجَّاجٍ لَمَّا نَفَاهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى الْبَصْرَةِ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ السُّلَمِيِّ , وَكَانَ بِهِ مُعْجَبًا , وَكَانَتْ لِمُجَاشِعٍ امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا الْخُضَيْرَاءُ , فَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ , وَكَانَ لَا يَصْبِرُ عَنْهَا , وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرٌ عَلَى الْبَصْرَةِ , فَكَانَ لِشَغَفِهِ بِهِمَا يَجْمَعُهُمَا فِي مَجْلِسِهِ , فَحَانَتْ مِنْ مُجَاشِعٍ الْتِفَاتَةٌ وَنَصْرُ بْنُ حَجَّاجٍ يَخُطُّ فِي الْأَرْضِ خُطُوطًا , فَقَالَتِ الْخُضَيْرَاءُ : وَأَنَا ؟ فَعَلِمَ مُجَاشِعٌ أَنَّهُ جَوَابُ كَلَامٍ , وَكَانَ مُجَاشِعٌ لَا يَقْرَأُ , وَكَانَتِ الْخُضَيْرَاءُ تَقْرَأُ , وَانْصَرَفَ نَصْرٌ إِلَى مَنْزِلِهِ , وَدَعَا مُجَاشِعٌ كَاتِبًا فَقَرَأَهُ فَإِذَا هُوَ : إِنِّي لَأُحِبُّكِ حُبًّا لَوْ كَانَ فَوْقَكِ لَأَظَلَّكِ , وَلَوْ كَانَ تَحْتَكِ لَأَقَلَّكِ . وَبَلَغَ نَصْرًا مَا فَعَلَ مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ السُّلَمِيُّ فَاسْتَحْيَا لِذَلِكَ , وَاشْتَدَّ وَجْدُهُ , وَظَهَرَ دَنَفُهُ , وَعَظُمَتْ بَلِيَّتُهُ , وَجَلَّتْ رَزِيَّتُهُ , وَالْتَحَفَ عَلَيْهِ الضَّنَا , وَامْتَنَعَ مِنَ الْغِذَاءِ حَتَّى شَارَفَ الْفَنَاءَ . كَذَلِكَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّرْقُفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْمِصِّيصِيُّ , عَنْ مَخْلَدِ بْنِ الْحُسَيْنِ , عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ , عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَا كَانَ مِنْ قِصَّةِ نَصْرِ بْنِ حَجَّاجٍ , وَأَنَا ذَاكِرٌ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ , وَذَاكِرٌ مَا آلَتْ إِلَيْهِ حَالُ نَصْرِ بْنِ حَجَّاجٍ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ . أَلَا تَرَى إِلَى فِرَاسَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا أَوْضَحَهَا , وَإِلَى ظَنِّهِ مَا أَصْدَقَهُ , وَإِلَى قَبِيحِ مَا ارْتَكَبَهُ نَصْرٌ مَا أَقْطَعَهُ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ : حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ , عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِنَحْوِهِ
حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ : حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ : بَيْنَمَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَطُوفُ بِالْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِذْ بِنِسْوةٍ يَتَحَدَّثْنَ وَإِذَا هُنَّ يَقُلْنَ أَيُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَصْبَحُ ؟ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ : أَبُو ذُؤَيْبٍ . فَلَمَّا أَصْبَحَ سَأَلَ عَنْهُ فَإِذَا هُوَ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ , فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ , فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ قَالَ : أَنْتَ وَاللَّهِ ذَنْبُهُنَّ . مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا , لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , لَا تُجَامِعْنِي بِأَرْضٍ أَنَا بِهَا . فَقَالَ لَهُ : إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ مُسَيِّرِي فَحَيْثُ سَيَّرْتَ ابْنَ عَمِّي . فَأَمَرَ لَهُ بِمَا يُصْلِحُهُ ثُمَّ سَيَّرَهُ إِلَى الْبَصْرَةِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ , عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : خَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غَازِيًا وَتَرَكَ امْرَأَتَهُ وَكَانَ إِلَى جَنْبِهَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : مَعْقِلٌ , لَهُ جَمَالٌ وَشَعْرٌ , فَكَتَبَ الرَّجُلُ : أَعُوذُ بَرَبِّ النَّاسِ مِنْ شَرِّ مَعْقِلٍ إِذَا مَعْقِلٌ رَاحَ الْبَقِيعَ وَرَجَّلَا قَالَ : فَأَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : الْحَقْ بِنَاحِيَةِ أَهْلِكَ حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ
حَدَّثَنَا الرَّبَعِيُّ , عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْبَاهِلِيِّ , عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ : كَانَ الرَّشِيدُ يَهْوَى عَنَانَ جَارِيَةَ الْعِاطِفِيِّ , وَكَانَتْ صِيَانَتُهُ لِنَفْسِهِ تَمْنَعُهُ مِنْهَا قَالَ الْأَصْمَعِيُّ : فَمَا رَأَيْتُهُ قَطُّ مُبْتَذِلًا الْإِمْرَةَ , فَإِنِّي دَخَلْتُ إِلَيْهِ وَفِي وَجْهِهِ تَخَثُّرٌ وَعِنْدَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الشِّطْرَنْجِيُّ , فَقَالَ لَنَا : اسْتَجْمِعُوا بِنَا , فَمَنْ أَصَابَ مَا فِي نَفْسِي فَلَهُ عَشْرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ , فَوَقَعَ بِقَلْبِي أَنَّهُ يُرِيدُ عَنَانَ , فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ بِجُرْأَةِ الْعِمْيَانِ : مَجْلِسٌ يُنْسَبُ السُّرُورُ إِلَيْهِ لِمُحِبِّ رَيْحَانَةَ ذَاكِرَاكِ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ : فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ قُلْتُ : لِمَ أُحْرَمْ أَنَا , فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَقُولُ أَنَا , قَالُ : قُلْ , فَقُلْتُ : لَمْ يَنَلْكِ الرَّجَاءُ أَنْ تَحْضُرِينِي وَتَجَافَتْ أُمْنِيَّتِي عَنْ سِوَاكِ فَقَالَ الرَّشِيدُ : أَنْتَ أَتَيْتَ بِمَا أَرَدْتُ , فَلَكَ عِشْرُونَ أَلْفًا , ثُمَّ أَطْرَقَ سَاعَةً فَقَالَ : أَنَا أَشْعَرُ مِنْكُمَا , قَدْ قُلْتُ : فَتَمَنَّيْتُ أَنْ يُعِيشَنِي اللَّـ ـهُ طَوِيلًا فَلَعَلَّ عَيْنَيَّ تَرَاكِ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ : بَلَغَنِي لِابْنِ الْمُؤَمَّلِ لَمَّا قَالَ : شَفَا الْمُؤَمَّلَ يَوْمَ الْحِيرَةِ النَّظَرُ لَيْتَ الْمُؤَمَّلَ لَمْ يُخْلَقْ لَهُ بَصَرُ عَمِيَ , فَرَأَى فِي النَّوْمِ كَأَنَّ آتِيًا أَتَاهُ فَقَالَ : هَذَا هَذَا مَا تَمَنَّيْتَهُ فِي شِعْرِكَ لِبَعْضِ الْأَعْرَابِ : يَا لَيْتَ شِعْرِيَ , وَالْأَمَانِيُّ رُبَّمَا أَوْفَتْ بِصَاحِبِهَا عَلَى مِيعَادِ هَلْ بَعْدَ فُرْقَتِنَا اجْتِمَاعٌ أَمْ لَنَا فِي غَابِرِ الْأَيَّامِ حُسْنُ تَنَادِي وَأَنْشَدَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا : وَدِدْتُ وَلَا يَمْقُتُنِي اللَّهُ دُونَهَا نَصِيبِي مِنَ الدُّنْيَا وَإِنِّي نَصِيبُهَا فَإِنْ تَجْنِ لَيْلَى بِالْمَوَدَّةِ تَجْزِنِي وَإِنْ تَجْزِ بِالْقُرْبَى فَإِنِّي قَرِيبُهَا
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ قَالَ : كَانَ دَاوُدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَاصِمٍ يَهْوَى جَارِيَةً يُقَالُ لَهَا : وَرْدَةُ ابْنَةُ عَائِذٍ الطَّائِيِّ , فَخَرَجَ يَوْمًا فَاسْتَقْبَلَ النُّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ فِي يَوْمِ بُؤْسِهِ وَهُوَ يُرِيدُهَا , فَقَالَ : مَا حَمَلَكَ عَلَى اسْتِقْبَالِي فِي يَوْمِ بُؤْسِي ؟ قَالَ : شِدَّةُ الْوَجْدِ , وَقِلَّةُ الصَّبْرِ وَقَالَ : أَلَسْتَ الْقَائِلَ : أَلَا لَيْتَنِي مَكَّنْتُ مِنْ وَرْدَةَ الْمُنَى بِعَذْلٍ مِنَ الْبُلْدَانِ فِي مَهَمَّةٍ قَفْرِ نَكُونُ بِهَا فَرْدَيْنِ لَا نَبْغِ ثَالِثًا هُنَاكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالْحَشْرِ فَلَا زَادَ عِنْدِي غَيْرُ فَضْلِ سَلَامٍ وَأَبْيَضَ مِنْ مَاءٍ زُلَالٍ مِنَ الْقَطْرِ أُعَانِقُهَا طَوْرًا وَأَلْثَمُ خَدَّهَا وَطَوْرًا أُعَاطِيهَا أَحَادِيثَ كَالشَّدْرِ قَالَ : بَلَى , وَأَنَا الَّذِي أَقُولُ : وَدِدْتُ وَكَاتِبُ الْحَسَنَاتِ أَنِّي أُقَارِعُ عُمْرَ وَرْدَةَ بِالْقِدَاحِ عَلَى ذَبْحِي بِأَبْيَضَ مَشْرَفِيٍّ وَكَوْنِي لَيْلَةً حَتَّى الصَّبَّاحِ فَإِنْ تَكُنِ الْقِدَاحُ عَلَيَّ تُلْقَى ذُبِحْتُ عَلَى الْقِدَاحِ بِلَا جُنَاحِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ لِينُ خَدِّي لَهَوْتُ بِكَاعِبٍ خُودٍ رِدَاحِ لَأَوَّلِ لَيْلَتِي حَتَّى إِذَا مَا أَضَاءَ الْفَجْرُ أُبْتُ إِلَى الْفَلَاحِ قَالَ : فَإِنِّي أُخَيِّرُكَ أَحَدَ أَمْرَيْنِ فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ . قَالَ : وَمَا هُمَا أَبَيْتَ اللَّعْنَ ؟ قَالَ : أُخَلِّي سَبِيلَكَ فَتَمْضِي , أَوْ أُمَتِّعُكَ بِهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ أَقْتُلُكَ . قَالَ : تُمَتِّعْنِي بِهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ تَقْتُلُنِي . فَسَاقَ مَهْرَهَا إِلَى عَمِّهَا , وَخَرَجَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا , فَمَكَثَ مَعَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ , فَلَمَّا انْقَضَتِ الْأَيَّامُ أَقْبَلَ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ يَقُولُ : إِلَيْكَ ابْنَ مَاءِ الْمُزْنِ أَقْبَلْتُ مَا مَضَتْ لِيَ السَّبْعُ مِنْ يَوْمِ دُخُولِي عَلَى أَهْلِي فَجِيءَ مُقِرًّا بِاصْطِنَاعِكَ شَاكِرًا مَنَنْتَ عَلَيْهِ بِالْكَرِيمِ مِنَ الْفِعْلِ لِتَقْضِيَ فِيهِ مَا أَرَدْتَ قَضَاءَهُ مِنَ الْعَفْوِ أَوْ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ قَتْلِي فَإِنْ يَكُ عَفْوًا كُنْتَ أَفْضَلَ مُنْعِمٍ وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى فَمِنْ حَكَمٍ عَدْلِ قَالَ : فَأَحْسَنَ جَائِزَتَهُ , وَخَلَّى سَبِيلَهُ , وَأَنْشَأَ يَقُولُ : لَمْ يَنَلْ مَا نَالَ مِنَّا ابْنُ سَعْدٍ مِنْ أَنِيسِ إِذْ حَوَى مَا كَانَ يَهْوَى وَنَجَا مِنْ يَوْمِ بُؤْسِي وَكَذَاكَ الطَّيْرُ يَجْرِي بِسُعُودٍ وَنُحُوسِ وَأَنْشَدَ لِسَعِيدِ بْنِ حُمَيْدٍ : كَيْفَ أُثْنِي عَلَى الزَّمَانِ وَهِجْرَانُـ ـكَ مِمَّا جَنَتْ بِهِ صُرُوفُ الزَّمَانِ صِرْتُ أَجْفُوكِ مُكْرَهًا وَعَلَى الْـ ـوُدِّ دَلِيلٌ مِنْ نَاظِرِي وَلِسَانِي كُلَّمَا عُدْتُ بِالتَّجَلُّدِ عَنْكُمُ كَذَّبَتْنِي نَوَاظِرُ الْأَجْفَانِ وَلَوْ أَنَّ الْمُنَى تُحَكَّمُ يَوْمًا مَا تَهَدَّتْ إِلَّا إِلَيْكِ الْأَمَانِي
وَأَنْشَدَنِي أَبُو صَخْرٍ الْأُمَوِيُّ لِيَعْقُوبَ بْنِ الرَّبِيعِ : أَلَا إِنَّمَا الْعَيْشُ اللَّذِيذُ مِدَاحُهُ عَقَارٌ كَلَوْنِ النَّارِ صَفْرَاءُ قَرْقَفُ يَسِيرُ بِهَا رِيمٌ لَهُ جِيدُ شَادِنٍ غَدِيرٌ وَطَرْفٌ يُدْنِفُ الْقَلْبَ مُذْلِفُ وَلَيْلٌ جَلَا بَدْرُ السَّمَاءِ ظَلَامَهُ فَصَارَ نَهَارًا حُسْنُهُ لَيْسَ يُوصَفُ كَأَنَّ نُجُومَ اللَّيْلِ وَهْيَ طَوَالِعٌ عُيُونٌ إِلَى الْكَاسَاتِ تَرْنُو وَتَطْرُفُ
وَسَمِعْتُ الْمُبَرِّدَ يُنْشِدُ : وَأَحْسَنُ مِنْ رَبْعٍ وَمِنْ وَصْفِ دِمْنَةٍ وَمِنْ جَبَلَيْ طَيٍّ وَمِنْ وَصْفِكُمْ سَلْعَا تَلَاحُظُ عَيْنَيْ عَاشِقَيْنِ كِلَاهُمَا لَهُ مُقْلَةٌ فِي خَدِّ صَاحِبِهِ تَرْعَى
حَدَّثَنِي السَّرِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَلَبِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو مَالِكٍ النَّخَعِيُّ , عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ : اجْتَمَعَ مَشْيَخَةُ الْحَيِّ إِلَى الْمُلَوِّحِ أَبِي قَيْسٍ الْمَجْنُونِ فَقَالُوا لَهُ : لَوْ حَجَجْتَ بِوَلَدِكَ فَلَاذَ بِالْبَيْتِ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَشْفِيَهُ مِمَّا بِهِ . فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ , فَبَيْنَمَا هُوَ بِمِنًى إِذْ سَمِعَ صَائِحًا مِنْ تِلْكَ الْخِيَامِ يَا لَيْلَى , فَأَنْشَأَ يَقُولُ : وَدَاعٍ دَعَا إِذْ نَحْنُ بِالْخَيْفِ مِنْ مِنًى فَهَيَّجَ أَحْزَانَ الْفُؤَادِ وَمَا يَدْرِي دَعَى بِاسْمِ لَيْلَى غَيْرَهَا فَكَأَنَّمَا لَطَارَ بِلَيْلَى طَائِرٌ كَانَ فِي صَدْرِي ثُمَّ صَاحَ صَيْحَةً فَغُشِيَ عَلَيْهِ , فَجَعَلَ أَبُوهُ يَرُشُّ عَلَى وَجْهِهِ الْمَاءَ حَتَّى أَفَاقَ مِنْ غَشْيَتِهِ , فَأَنْشَأَ يَقُولُ : دَعَا الْمُحْرِمُونَ اللَّهَ يَسْتَغْفِرُونَهُ بِمَكَّةَ شُعْثًا أَنْ يَمْحِي ذُنُوبَهَا وَنَادَيْتُ يَا رَبَّاهُ أَوَّلُ مُنْيَتِي لِنَفْسِيَ لَيْلَى ثُمَّ أَنْتَ حَسِيبُهَا فَإِنْ أُعْطَ لَيْلَى فِي حَيَاتِيَ لَمْ يَتُبْ إِلَى اللَّهِ عَبْدٌ تَوْبَةً لَا أَتُوبُهَا
حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمِصْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ : خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ إِلَى مُتَنَزَّهٍ لَهُ فَذَكَرَ جَارِيَةً كَانَتْ لَهُ يُحِبُّهَا وَكَتَبَ إِلَيْهَا : فَلَمَّا أَتَيْنَا مَنْزِلًا ظِلُّهُ النَّدَى أَنِيقًا وَبُسْتَانًا مِنَ النُّورِ حَالِيَا أَجَدَّ لَنَا ذِكْرُ الْحَدِيثِ وَطِيبُهُ مُنًى فَتَمَنَّيْنَا فَكُنْتِ الْأَمَانِيَا