أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ حَافِظُ الْعَصْرِ أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ الشَّافِعِيُّ سَمَاعًا عَلَيْهِ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ التَّنُّوخِيِّ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الدَّائِمِ ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْإِرْبِلِيُّ ، قَالَ : قُرِئَ عَلَى شُهْدَةَ بِنْتِ أَحْمَدَ الْكَاتِبَةِ وَنَحْنُ نَسْمَعُ قَالَتْ : أنا أَبُو الْفَوَارِسِ طَرَّادُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الزَّيْنَبِيُّ ، أنا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ ، أنا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ الْبَرْذَعِيُّ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ ، ثنا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا الْقُرَشِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ ، ثنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنِي خُمْرَةُ بْنُ حَبِيبٍ ، عَنْ أَبِي يَعْلَى شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنِ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، قَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا ، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا ؛ فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ ، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ {{ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ }}
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، ثنا مَعْنُ بْنُ عِيسَى ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمًا وَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلَ حَائِطًا فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ جِدَارٌ وَهُوَ فِي جَوْفِ الْحَائِطِ : عُمَرُ بْنَ الْخَطَّابِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَخٍ وَاللَّهِ لَتَتَّقِيَنَّ اللَّهَ ، ابْنَ الْخَطَّابِ أَوْ لَيُعَذِّبَنَّكَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْعِجْلِيُّ ، ثنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ ، ثنا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، {{ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ }} قَالَ : لَا يُلْقَى الْمُؤْمِنُ إِلَّا يُعَاتِبُ نَفْسَهُ مَاذَا أَرَدْتُ بِكَلِمَتِي مَاذَا أَرَدْتُ بِأَكْلَتِي مَاذَا أَرَدْتُ بِشَرْبَتِي وَالْعَاجِزُ يَمْضِي قُدُمًا لَا يُعَاتِبُ نَفْسَهُ
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى ، ثنا عَمْرُو بْنُ حُمْرَانَ ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، {{ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا }} قَالَ : أَضَاعَ أَكْبَرَ الضَّيْعَةِ أَضَاعَ نَفْسَهُ وَعَسَى مَعَ ذَلِكَ أَنْ تَجِدَهُ حَافِظًا لِمَا لَهُ ، مُضَيِّعًا لِدِينِهِ
وَأَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ مَالِكٍ ، أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ النَّاجِيَّ ، حَدَّثَهُمْ قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ : إِنَّ الْعَبْدَ لَا يَزَالُ بِخَيْرٍ مَا كَانَ لَهُ وَاعِظٌ مِنْ نَفْسِهِ وَكَانَتِ الْمُحَاسَبَةُ مِنْ هِمَّتِهِ
حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ ، قَالَ : لَا يَكُونُ الرَّجُلُ تَقِيًّا حَتَّى يَكُونَ لِنَفْسِهِ أَشَدَّ مُحَاسَبَةً مِنَ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ
حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الصَّفَّارُ أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ ، يَقُولُ : رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا قَالَ لِنَفْسِهِ النَّفِيسَةِ : أَلَسْتِ صَاحِبَةَ كَذَا ؟ أَلَسْتِ صَاحِبَةَ كَذَا ؟ ثُمَّ ذَمَّهَا ثُمَّ خَطَمَهَا ، ثُمَّ أَلْزَمَهَا كِتَابَ اللَّهِ ؛ فَكَانَ لَهَا قَائِدًا
حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الْعَبْدِيُّ ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ ، قَالَ : التَّقِيُّ أَشَدُّ مُحَاسَبَةً لِنَفْسِهِ مِنْ سُلْطَانٍ عَاصٍ ، وَمِنْ شَرِيكٍ شَحِيحٍ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَنَّهُ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ ، يَقُولُ : قَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ : مَثَّلْتُ نَفْسِي فِي الْجَنَّةِ ، آكُلُ ثِمَارَهَا ، وَأَشْرَبُ مِنْ أَنْهَارِهَا ، وَأُعَانِقُ أَبْكَارَهَا ، ثُمَّ مَثَّلْتُ نَفْسِي فِي النَّارِ ، آكُلُ مِنْ زَقُّومِهَا ، وَأَشْرَبُ مِنْ صَدِيدِهَا ، وَأُعَالِجُ سَلَاسِلَهَا وَأَغْلَالَهَا ؛ فَقُلْتُ لِنَفْسِي : أَيْ نَفْسِي ، أَيُّ شَيْءٍ تُرِيدِينَ ؟ ، قَالَتْ : أُرِيدُ أَنْ أُرَدَّ إِلَى الدُّنْيَا ؛ فَأَعْمَلَ صَالِحًا قَالَ : قُلْتُ : فَأَنْتِ فِي الْأُمْنِيَةِ فَاعْمَلِي
حَدَّثَنِي أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ وَغَيْرُهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ ، يَخْطُبُ وَيَقُولُ : امْرَأً وَزَنَ نَفْسَهُ ، امْرَأً اتَّخَذَ نَفْسَهُ عَدُوًّا ، امْرَأً حَاسَبَ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ الْحِسَابُ إِلَى غَيْرِهِ ، امْرَأً أَخَذَ بِعِنَانِ عَمَلِهِ فَنَظَرَ أَيْنَ يُرِيدُ ؟ امْرَأً نَظَرَ فِي مِكْيَالِهِ ، امْرَأً نَظَرَ فِي مِيزَانِهِ ، فَمَا زَالَ يَقُولُ امْرَأً حَتَّى أَبْكَانِي
حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي الْأَغَرِّ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : مَكْتُوبٌ فِي حِكْمَةِ آلِ دَاوُدَ : حَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ لَا يَغْفَلَ عَنْ أَرْبَعِ سَاعَاتٍ ، سَاعَةٍ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهِ ، وَسَاعَةٍ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ ، وَسَاعَةٍ يَخْلُو فِيهَا مَعَ إِخْوَانِهِ الَّذِينَ يُخْبِرُونَهُ بِعُيُوبِهِ وَيَصْدُقُونَهُ عَنْ نَفْسِهِ ، وَسَاعَةٍ يَخْلُو فِيهَا بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَيْنَ لَذَّاتِهَا فِيمَا يَحِلُّ وَيُحْمَدُ ؛ فَإِنَّ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ عَوْنًا عَلَى تِلْكَ السَّاعَاتِ ، وَإِجْمَامًا لِلْقُلُوبِ ، وَحَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ لَا يُرَى ظَاعِنًا إِلَّا فِي ثَلَاثٍ ، زَادٍ لِمِيعَادٍ ، أَوْ مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ ، وَحَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِزَمَانِهِ ، حَافِظًا لِلِسَانِهِ ، مُقْبِلًا عَلَى شَأْنِهِ
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ زُرَيْقِ بْنِ رُدَيْحٍ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ مَنْصُورٍ ، عَنْ مَوْلًى لَهُمْ كَانَ يَصْحَبُ الْأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ قَالَ : كُنْتُ أَصْحَبُهُ فَكَانَ عَامَّةُ صَلَاتِهِ الدُّعَاءَ وَكَانَ يَجِيءُ الْمِصْبَاحَ فَيَضَعُ أُصْبُعَهُ فِيهِ ثُمَّ يَقُولُ : حِسِّ ثُمَّ يَقُولُ : يَا حُنَيْفُ ، مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ يَوْمَ كَذَا ؟ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ يَوْمَ كَذَا ؟
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الثَّقَفِيُّ ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ ذَكْوَانَ الْمُعَلِّمُ ، عَنْ سَلَامِ بْنِ مِسْكِينٍ ، قَالَ : خَطَبَ الْحَجَّاجُ ، أَوْ قَامَ خَطِيبًا ، فَقَالَ : أَيُّهَا الرَّجُلُ وَكُلُّكُمْ ذَلِكَ الرَّجُلُ ذُمُّوا أَنْفُسَكُمْ وَاخْطِمُوهَا وَخُذُوا بَأَزِمَّتِهَا إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَكُفُّوهَا بِخَطْمِهَا عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ
حَدَّثَنِي يَحْيَى أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ ، ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ، ثنا شِهَابُ بْنُ خِدَاشٍ ، ثنا سَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ ، سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ ، عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ : يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ وَكُلُّكُمْ ذَلِكَ الرَّجُلُ رَجُلٌ خَطَمَ نَفْسَهُ وَذَمَّهَا فَقَادَهَا بِخِطَامِهَا إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَعَنَجَهَا بِزِمَامِهَا عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الطَّالْقَانِيُّ مَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ ثنا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ إِلَى بَعْضِ عُمَّالِهِ فَكَانَ فِي آخِرِ كِتَابِهِ أَنْ حَاسِبْ نَفْسَكَ فِي الرَّخَاءِ قَبْلَ حِسَابِ الشِّدَّةِ ، فَإِنَّهُ مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الرَّخَاءِ قَبْلَ حِسَابٍ فِي الشِّدَّةِ ؛ عَادَ مَرْجِعُهُ إِلَى الرْضَا وَالْغِبْطَةِ ، وَمَنْ أَلْهَتْهُ حَيَاتُهُ ، وَشَغَلَتْهُ أَهْوَاؤُهُ عَادَ أَمْرُهُ إِلَى النَّدَامَةِ وَالْحَسْرَةِ فَتَذَكَّرْ مَا تُوعَظُ بِهِ لِكَيْمَا تُنْهَى عَمَّا يَنْهَى عَنْهُ وَتَكُونَ عِنْدَ التَّذْكِرَةِ وَالْمَوْعِظَةِ مِنْ أُولِي النُّهَى
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُخْتَارِ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : الْمُؤْمِنُ قَوَّامٌ عَلَى نَفْسِهِ يُحَاسِبُ نَفْسَهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَإِنَّمَا خَفَّ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَوْمٍ حَاسَبُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الدُّنْيَا ، وَإِنَّمَا شَقَّ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَوْمٍ أَخَذُوا هَذَا الْأَمْرَ مِنْ غَيْرِ مُحَاسَبَةٍ ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَفْجَأَهُ الشَّيْءُ وَيُعْجِبُهُ ، فَيَقُولُ وَاللَّهِ أَنِّي لَأَشْتَهِيكَ وَإِنَّكَ لَمِنْ حَاجَتِي ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ ، مَا صِلَةٌ إِلَيْكَ هَيْهَاتَ ، حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَيُفْرَطُ مِنْهُ الشَّيْءُ فَيَرْجِعُ إِلَى نَفْسِهِ فَيَقُولُ : هَيْهَاتَ مَا أَرَدْتُ إِلَى هَذَا وَمَا لِي وَلِهَذَا وَاللَّهِ مَا أُعْذَرُ بِهَذَا وَاللَّهِ لَا أَعُودُ إِلَى هَذَا أَبَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمَالِي وَلِهَذَا ، وَاللَّهِ مَا أُعْذَرُ بِهَذَا وَاللَّهِ لَا أَعُودُ إِلَى هَذَا أَبَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ قَوْمٌ أَوْقَفَهُمُ الْقُرْآنُ وَحَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ هَلَكَتِهِمْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ أَسِيرٌ فِي الدُّنْيَا يَسْعَى فِي فِكَاكِ رَقَبَتِهِ لَا يَأْمَنُ شَيْئًا حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ عَلَيْهِ فِي سَمْعِهِ ، وَفِي بَصَرِهِ ، وَفِي لِسَانِهِ ، وَفِي جَوَارِحِهِ ، مَأْخُوذٌ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ
حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، ثنا هُشَيْمٌ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، قَالَ : لَمَّا قَالَ يُوسُفُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ {{ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ }} قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وَلَا حِينَ هَمَمْتَ بِمَا هَمَمْتَ بِهِ ، حِينَ حَلَلْتَ السَّرَاوِيلَ قَالَ {{ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ }}
وَحَدَّثَنِي أَبِي ، ثنا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْأَنْصَارِيُّ ، حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ حِينَ قُتِلَ دَعَا النَّاسُ : يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ وَهُوَ فِي جَانِبِ الْعَسْكَرِ وَمَعَهُ ضِلَعٌ وَجَمَلٌ مُنْهَشَةٌ ، وَلَمْ يَكُنْ ذَاقَ طَعَامًا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلَاثٍ ، فَرَمَى بِالضِّلَعِ ، ثُمَّ قَالَ : وَأَنْتَ مَعَ الدُّنْيَا ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَاتَلَ فَأُصِيبَ أُصْبُعُهُ فَارْتَجَزَ فَجَعَلَ يَقُولُ : هَلْ أَنْتِ إِلَّا أُصْبُعٌ دَمِيتِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ يَا نَفْسُ ، إِلَّا تُقْتَلِي تَمُوتِي هَذَا حِيَاضُ الْمَوْتِ قَدْ صَلِيتِ وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ لَقِيتِ إِنْ تَفْعَلِي ؛ فِعْلَهَا هُدِيتِ وَإِنْ تَأَخَّرْتِي ؛ فَقَدْ شَقِيتِي ثُمَّ قَالَ : يَا نَفْسُ ، إِلَى أَيِّ شَيْءٍ تَتَشَوَّفِينَ إِلَى فُلَانَةَ ، فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَإِلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ - غِلْمَانٍ لَهُ - وَإِلَى مَعْجَفٍ - حَائِطٍ لَهُ - فَهُوَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ : يَا نَفْسُ ، مَا لَكِ تَكْرَهِينَ الْجَنَّهْ أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَتَنْزِلِنَّهْ طَائِعَةً أَوْ لَتُكْرَهِنَّهْ فَطَالَمَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّهْ هَلْ أَنْتِ إِلَّا نُطْفَةٌ فِي شَنَّهْ قَدْ أَجْلَبَ النَّاسُ وَشَدْوُ الرَّنَّهْ
وَحَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ ، قَالَ : كَانَ الْأَسْوَدُ بْنُ كُلْثُومٍ إِذَا مَشَى نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ قَالَ : وَدُورُ النَّاسِ إِذْ ذَاكَ فِيهَا تَوَاضُعٌ فَعَسَى أَنْ يَفْجَأَ النِّسْوَةَ ، فَيَقُولُ بَعْضُهُنَّ لِبَعْضٍ : كَلَّا إِنَّهُ الْأَسْوَدُ بْنُ كُلْثُومٍ إِنَّهُ لَا يَنْظُرُ فَلَمَّا قَرُبَ غَازِيًا ، قَالَ : اللَّهُمَّ ، إِنَّ هَذِهِ النَّفْسَ تَزْعُمُ فِي الرَّخَاءِ أَنَّهَا تُحِبُّ لِقَاكَ ، فَإِنْ كَانَتْ صَادِقَةً ؛ فَارْزُقْهَا ذَاكَ ، وَإِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً ؛ فَاحْمِلْهَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَرِهَتْ ؛ فَاجْعَلْ ذَلِكَ قَتْلًا فِي سَبِيلِكَ ، وَأَطْعِمْ لَحْمِي سِبَاعًا وَطَيْرًا قَالَ : فَانْطَلَقَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ ذَلِكَ الْجَيْشِ الَّذِي خَرَجَ فِيهِ حَتَّى دَخَلُوا حَائِطًا فِيهِ ثَلْمَةٌ وَجَاءَ الْعَدُوُّ حَتَّى قَامَ عَلَى الثَّلْمَةِ ، فَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ ، وَضَرَبَ وَجْهَهُ فَانْطَلَقَ غَايِرًا ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى الْمَاءِ فِي الْحَائِطِ ، فَتَوَضَّأَ مِنْهُ ، وَصَلَّى ، قَالَ : تَقُولُ الْعَجَمُ هَكَذَا اسْتِسْلَامُ الْعَرَبِ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ وَعَظُمَ الْجَيْشُ عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ وَفِيهِمْ أَخُوهُ ، فَقِيلَ لِأَخِيهِ : أَلَا تَدْخُلُ الْحَائِطَ فَتَنْظُرَ مَا أُصِيبَتْ مِنْ عِظَامِ أَخِيكَ فَتُجِبَّهُ ، قَالَ : مَا أَنَا بِفَاعِلٍ شَيْئًا دَعَا بِهِ أَخِي فَاسْتُجِيبَ لَهُ
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ ، ثنا الْمُبَارَكُ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ نُسَيْرِ بْنِ ذُعْلُوقٍ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ أَبُو أُمَيَّةَ الْغِفَارِيُّ ، قَالَ : كُنَّا فِي غَزَاةٍ لَنَا ، فَحَضَرَ عَدُوُّهُمْ ، فَصِيحَ فِي النَّاسِ ، فَهُمْ يَثُوبُونَ إِلَى مَصَافِّهِمْ ، وَفِي يَوْمٍ شَدِيدِ الرِّيحِ ، إِذَا رَجُلٌ أَمَامِي ، رَأْسُ فَرَسِي عِنْدَ عَجُزِ فَرَسِهِ ، وَهُوَ يُخَاطِبُ نَفْسَهُ ، فَيَقُولُ : أَيْ نَفْسِي ، أَلَمْ أَشْهَدْ مَشْهَدَ كَذَا وَكَذَا ؟ فَقُلْتِ لِي : أَهْلُكَ وَعِيَالُكَ ، وَأَطَعْتُكِ فَرَجَعْتُ ، أَلَمْ أَشْهَدْ مَشْهَدَ كَذَا وَكَذَا ؟ ، فَقُلْتِ لِي : أَهْلُكَ وَعِيَالُكَ ، فَأَطَعْتُكِ ، فَرَجَعْتُ ، وَاللَّهِ ، لَأَعْرِضَنَّكِ الْيَوْمَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، أَخَذَكِ أَوْ تَرَكَكِ ، فَقُلْتُ : لَأَرْمُقَنَّهُ الْيَوْمَ فَرَمَقْتُهُ فَحَمَلَ النَّاسُ عَلَى عَدُوِّهِمْ فَكَانَ فِي أَوَائِلِهِمْ ، ثُمَّ إِنَّ الْعَدُوَّ حَمَلَ عَلَى النَّاسِ فَانْكَشَفُوا وَكَانِ فِي حُمَاتِهِمْ ، ثُمَّ حَمَلُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَكَانَ فِي أَوَائِلِهِمْ ، ثُمَّ حَمَلَ الْعَدُوُّ وَانْكَشَفَ النَّاسُ فَكَانَ فِي حُمَاتِهِمْ ، قَالَ : فَوَاللَّهِ ، مَازَالَ ذَلِكَ دَأْبَهُ حَتَّى رَأَيْتُهُ صَرِيعًا فَعَدَدْتُ بِهِ وِبَدَابَّتِهِ سِتِّينَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ طَعْنَةً