ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ السَّعْدِيُّ ، ذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نُوحٍ وَكَانَ مِنَ الْعَابِدِينَ قَالَ : صَحِبْتُ شَيْخًا فِي بَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ فَأَعْجَبَتْنِي هَيْئَتُهُ فَقُلْتُ : إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَصْحَبَكَ ، قَالَ : أَنْتَ وَمَا أَحْبَبْتَ ، قَالَ : فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّهَارِ ، فَإِذَا أَمْسَى أَقَامَ فِي مَنْزِلٍ كَانَ أَمْ غَيْرِهِ ، قَالَ : فَيَقُومُ اللَّيْلَ يُصَلِّي ، وَكَانَ يَصُومُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ ، فَإِذَا أَمْسَى عَمَدَ إِلَى جُرَيْبٍ مَعَهُ فَأَخْرَجَ مِنْهُ شَيْئًا فَأَلْقَاهُ فِي فِيهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ، وَكَانَ يَدْعُونِي فَيَقُولُ : هَلُمَّ فَأَصِبْ مِنْ هَذَا ، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي : وَاللَّهِ مَا هَذَا بِمُجْزِيكَ أَنْتَ ، فَكَيْفَ أَشْرُكُكَ فِيهِ ؟ قَالَ : فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ ، وَدَخَلَتْ لَهُ قَلْبِي مَهَابَةٌ عِنْدَمَا رَأَيْتُ مِنَ اجْتِهَادِهِ وَصَبْرِهِ ، قَالَ : فَبَيْنَا نَحْنُ فِي بَعْضِ الْمَنَازِلِ إِذْ نَظَرَ إِلَى رَجُلٍ يَسُوقُ حِمَارًا ، فَقَالَ لِي : انْطَلِقْ فَاشْتَرِ ذَلِكَ الْحِمَارَ ، قَالَ : فَمَنَعَتْنِي وَاللَّهِ هَيْبَتُهُ فِي صَدْرِي أَنْ أُرَادَّهُ ، قَالَ : فَانْطَلَقْتُ إِلَى صَاحِبِ الْحِمَارِ ، وَأَنَا أَقُولُ فِي نَفْسِي : وَاللَّهِ مَا مَعِي ثَمَنُهُ ، وَلَا أَعْلَمُ مَعَهُ ثَمَنَهُ ، فَكَيْفَ أَشْتَرِيهِ ؟ قَالَ : فَأَتَيْتُ صَاحِبَ الْحِمَارِ فَسَاوَمْتُهُ ، فَأَبَى أَنْ يَنْقُصَهُ عَنْ ثَلَاثِينَ دِينَارًا ، قَالَ : فَجِئْتُ إِلَيْهِ ، فَقُلْتُ : قَدْ أَبَى أَنْ يَنْقُصَهِ عَنْ ثَلَاثِينَ دِينَارًا ، قَالَ : خُذْهُ وَاسْتَخِرِ اللَّهَ ، قُلْتُ : الثَّمَنُ ، قَالَ : سَمِّ اللَّهَ ثُمَّ أَدْخِلْ يَدَكَ فِي الْجِرَابِ فَخُذِ الثَّمَنَ فَأَعْطِهِ ، قَالَ : فَأَخَذْتُ الْجِرَابَ ، ثُمَّ قُلْتُ : بِسْمِ اللَّهِ ، وَأُدْخِلْتُ يَدِي ، فِيهِ فَإِذَا صُرَّةٌ فِيهَا ثَلَاثُونَ دِينَارًا لَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ ، قَالَ : فَدَفَعْتُهَا إِلَى الرَّجُلِ ، وَأَخَذْتُ الْحِمَارَ وَجِئْتُ ، قَالَ : فَقَالَ لِيَ : ارْكَبْ ، فَقُلْتُ لَهُ : أَنْتَ أَضْعَفُ مِنِّي فَارْكَبْ أَنْتَ ، قَالَ : فَلَمْ يُرَادَّنِي الْكَلَامَ وَرَكِبَ ، فَكُنْتُ أَمْشِي مَعَ حِمَارِهِ ، فَحَيْثُ أَدْرَكَهُ اللَّيْلُ أَقَامَ ، فَإِنَّمَا هُوَ رَاكِعٌ وَسَاجِدٌ ، حَتَّى أَتَيْنَا عُسْفَانَ فَلَقِيَهُ شَيْخٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ خَلَّيَا فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ ، فَلَمَّا أَرَادَا أَنْ يَفْتَرِقَا قَالَ صَاحِبِي لِلشَّيْخِ : أَوْصِنِي ، قَالَ : نَعَمْ ، أَلْزِمِ التَّقْوَى قَلْبَكَ ، وَانْصُبْ ذِكْرَ الْمَعَادِ أَمَامَكَ ، قَالَ : زِدْنِي ، قَالَ : نَعَمْ ، اسْتَقْبِلِ الْآخِرَةَ بِالْحَسَنِ مِنْ عَمَلِكَ ، وَبَاشِرْ عَوَارِضَ الدُّنْيَا بِالزُّهْدِ مِنْ قَلْبِكَ ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَكْيَاسَ هُمُ الَّذِينَ عَرَفُوا عَيْبَ الدُّنْيَا حِينَ عَمِيَ عَلَى أَهْلِهَا ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، قَالَ : ثُمَّ افْتَرَقَا ، فَقُلْتُ لِصَاحِبِي : مَنْ هَذَا الشَّيْخُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ ؟ فَمَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ كَلَامًا مِنْهُ ؟ قَالَ : عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِ اللَّهِ ، قَالَ : فَخَرَجْنَا مِنْ عُسْفَانَ حَتَّى أَتَيْنَا مَكَّةَ ، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى الْأَبْطَحِ نَزَلَ عَنْ حِمَارِهِ وَقَالَ : اثْبُتْ مَكَانَكَ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ نَظْرَةً ثُمَّ أَعُودَ إِلَيْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، قَالَ : فَانْطَلَقَ ، وَعَرَضَ لِي رَجُلٌ فَقَالَ : أَتَبِيعُ الْحِمَارَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : بِكَمْ ؟ قُلْتُ : بِثَلَاثِينَ دِينَارًا ، قَالَ : قَدْ أَخَذْتُهُ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا هَذَا ، وَاللَّهِ مَا هُوَ لِي ، وَإِنَّمَا هُوَ لِرَفِيقٍ لِي ، وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى الْمَسْجِدِ ، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَجِيءَ الْآنَ ، قَالَ : فَإِنِّي لَأُكَلِّمُهُ إِذْ طَلَعَ الشَّيْخُ فَقُمْتُ إِلَيْهِ ، فَقُلْتُ : إِنِّي قَدْ بِعْتُ الْحِمَارَ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا ، قَالَ : أَمَا إِنَّكَ لَوِ اسْتَزَدْتَهُ لَزَادَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَأَمَّا إِذْ بِعْتَ فَأَوْجِزْ ، فَأَخَذْتُ مِنَ الرَّجُلِ ثَلَاثِينَ دِينَارًا وَدَفَعْتُ الْحِمَارَ وَجِئْتُ بِالدَّنَانِيرِ ، فَقُلْتُ : مَا أَصْنَعُ بِهَا ؟ قَالَ : هِيَ لَكَ ، فَانْتَفِقْهَا ، قُلْتُ : لَا حَاجَةَ لِي بِهَا ، قَالَ : فَأَلْقِهَا فِي الْجِرَابِ ، فَأَلْقَيْتُهَا فِي الْجِرَابِ ، قَالَ : وَطَلَبْنَا مَنْزِلًا بِالْأَبْطَحِ فَنَزَلْنَاهُ ، فَقَالَ : ابْغِنِي دَوَاةً وَقِرْطَاسًا ، قَالَ : فَأَتَيْتُهُ بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاسٍ ، قَالَ : فَكَتَبَ كِتَابَيْنِ ثُمَّ شَدَّهُمَا ، فَدَفَعَ أَحَدَهُمَا إِلَيَّ ، فَقَالَ : انْطَلِقَ بِهِ إِلَى عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ وَهُوَ نَازِلٌ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا فَادْفَعْهُ إِلَيْهِ ، وَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ ، وَمَنْ حَضَرَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، ثُمَّ دَفَعَ الْآخَرَ إِلَيَّ فَقَالَ : لِيَكُنْ هَذَا مَعَكَ ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ فَاقْرَأْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، قَالَ : فَأَخَذْتُ الْكِتَابَ فَأَتَيْتُ بِهِ عَبَّادَ بْنَ عَبَّادٍ وَهُوَ قَاعِدٌ يُحَدِّثُ وَعِنْدَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ ، فَسَلَّمْتُ ، ثُمَّ قُلْتُ : رَحِمَكَ اللَّهُ ، كِتَابُ بَعْضِ إِخْوَانِكَ إِلَيْكَ ، قَالَ : فَأَخَذَ الْكِتَابَ فَإِذَا فِيهِ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، أَمَّا بَعْدُ يَا عَبَّادُ ، فَإِنِّي أُحَذِّرُكَ الْفَقْرَ يَوْمَ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَى الذُّخْرِ ، فَإِنَّ فَقْرَ الْآخِرَةِ لَا يَسُدُّهُ غِنًى ، وَإِنَّ مُصَابَ الْآخِرَةِ لَا تُجْبَرْ مُصِيبَتُهُ أَبَدًا ، وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ إِخْوَانِكَ ، وَأَنَا مَيِّتٌ السَّاعَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَاحْضُرْ لِتَلِيَنِي ، وَتَوَلَّ الصَّلَاةَ عَلَيَّ ، وَأَدْخِلَانِي حُفْرَتِي ، وَأَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ وَجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ ، وَاقْرَأِ السَّلَامَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ، وَعَلَيْكُمْ جَمِيعًا السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، قَالَ : فَلَمَّا قَرَأَ عَبَّادٌ الْكِتَابَ قَالَ : يَا هَذَا ، أَيْنَ هَذَا الرَّجُلُ . قُلْتُ : بِالْأَبْطَحِ قَالَ : أَفَمَرِيضٌ هُوَ ؟ قُلْتُ : تَرَكْتُهُ السَّاعَةَ صَحِيحًا ، قَالَ : فَقَامَ وَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ ، فَإِذَا هُوَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ مَيِّتٌ مُسَجًّى عَلَيْهِ عَبَاءَةٌ ، فَقَالَ لِي عَبَّادٌ : هَذَا صَاحِبُكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : تَرَكْتَهُ صَحِيحًا ؟ قُلْتُ : تَرَكْتُهُ السَّاعَةَ صَحِيحًا ، فَجَلَسَ يَبْكِي عِنْدَ رَأْسِهِ ، ثُمَّ أَخَذَ فِي جِهَازِهِ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَدَفَنَهُ ، وَاحْتَشَدَ النَّاسُ فِي جَنَازَتِهِ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ قُلْتُ : وَاللَّهِ لَأَقْرَأَنَّ الْكِتَابَ ، فَفَتَحْتُهُ فَإِذَا فِيهِ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ : أَمَّا بَعْدُ ، فَأَنْتَ يَا أَخِي فَنَفَعَكَ اللَّهُ بِمَعْرِوفِكَ يَوْمَ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَى صَالِحِ أَعْمَالِهِمْ ، وَجَزَاكَ عَنْ صُحْبَتِنَا خَيْرًا ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْمَعْرُوفِ يَجِدُ لِجَنْبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَضْطَجَعًا ، فَإِنَّ حَاجَتِي إِلَيْكَ إِذَا قَضَى اللَّهُ عَنْكَ تَنْطَلِقُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَتَدْفَعُ مِيرَاثِي إِلَى وَارِثِي ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، قَالَ : قُلْتُ فِي نَفْسِي : كُلُّ أَمْرِكَ رَحِمَكَ اللَّهُ عَجَبٌ ، وَهَذَا مِنْ أَعْجَبِ أَمْرِكَ ، كَيْفَ آتِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَلَمْ تُسَمِّ لِي أَحَدًا ، وَلَمْ تَصِفْ لِي مَوْضِعًا ، وَلَا أَدْرِي إِلَى مَنْ أَدْفَعُهُ ؟ قَالَ : وَخَلَّفَ قَدَحًا وَجِرَابَهُ ذَاكَ وَعَصًا كَانَ يَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا ، قَالَ : وَكَفَّنَّاهُ فِي ثَوْبَيْ إِحْرَامِهِ ، وَلَفَفْنَا الْعَبَاءَةَ فَوْقَ ذَلِكَ ، فَلَمَّا انْقَضَى الْحَجُّ قُلْتُ : وَاللَّهِ لَأَنْطَلِقَنَّ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَعَلِّي أَنْ أَقَعَ عَلَى وَارِثِ هَذَا الرَّجُلِ ، قَالَ : فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَهُمْ حِلَقٌ حِلَقٌ ، قَوْمٌ فُقَرَاءُ مَسَاكِينُ ، قَالَ : فَبَيْنَا أَنَا أَدُورُ أَتَصَفَّحُ النَّاسَ لَا أَدْرِي عَمَّنْ أَسْأَلُ إِذْ نَادَانِي رَجُلٌ مِنْ بَعْضِ تِلْكَ الْحِلَقِ بِاسْمِي : يَا فُلَانُ ، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ ، فَإِذَا بِشَيْخٍ كَأَنَّهُ صَاحِبِي ، قَالَ : هَاتِ مِيرَاثَ فُلَانٍ ، فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ الْعَصَا وَالْقَدَحَ وَالْجِرَابَ ، ثُمَّ وَلَّيْتُ رَاجِعًا ، فَوَاللَّهِ مَا خَرَجْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى قُلْتُ لِنَفْسِي : تَضْرِبُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَقَدْ رَأَيْتَ مِنَ الشَّيْخِ الْأَولِ مَا رَأَيْتَ ، وَرَأَيْتَ مِنْ هَذَا الشَّيْخِ الثَّانِي مَا رَأَيْتَ ، لَا تَسْأَلُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ أَيُّ شَيْءٍ قِصَّتُهُمْ ؟ وَتَسْأَلُهُمْ عَنْ أَمْرِهِمْ ، وَمَنْ هُمْ ؟ قَالَ : فَرَجَعْتُ وَمِنْ رَأْيِي أَلَّا أُفَارِقَ هَذَا الشَّيْخَ الْآخَرَ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ أَمُوتَ ، قَالَ : فَجَعَلْتُ أَدُورُ فِي الْحِلَقِ ، وَأَجْهَدُ عَلَى أَنْ أَعْرِفَهُ أَوْ أَقَعَ عَلَيْهِ ، فَلَمْ أَقَعْ عَلَيْهِ ، قَالَ : فَجَعَلْتُ أَسْأَلُ عَنْهُ وَلَبِثْتُ أَيَّامًا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ أَطْلُبُهُ وَأَسْأَلُ عَنْهُ فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَدُلُّنِي عَلَيْهِ ، فَرَجَعْتُ مُنْصَرِفًا إِلَى الْعِرَاقِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَعْفَرٍ ، ذَكَرَ ابْنُ أَبِي نُوحٍ ، ذَكَرَ رَجُلٌ بِمَكَّةَ قَالَ : كَانَ رَجُلٌ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ لَا يَفْتُرُ بُكَاءً وَنَحِيبًا ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : إِنِّي لَأَرَى أَنَّ عِنْدَهُ خَيْرًا ، فَجَعَلْتُ أَرْصُدُهُ ، قُلْتُ : يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَأَتْبَعُهُ ، فَكَانَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا فِي نَحْوٍ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ ، قَالَ : فَخَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَاتَّبَعْتُهُ ، فَأَتَى الثَّنِيَّةَ ثُمَّ جَازَهَا ، حَتَّى خَرَجَ عَنِ الْأَبْيَاتِ وَأَصْحَرَ وَأَنَا خَلْفَهُ لَا يَشْعُرُ بِمَكَانِي ، قَالَ : فَاسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ ، ثُمَّ قَالَ : إِلَهِي وَخَالِقِي وَسَيِّدِي ، قَدْ سَئِمْتُ لِطُولِ النَّظَرِ إِلَى أَهْلِ مَعْصِيَتِكَ ، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَجْعَلَ لِي مِنْ ذَلِكَ فَرَجًا فَعَجِّلْهُ سَرِيعًا يَا كَرِيمُ ، ثُمَّ جَلَسَ فَاحْتَبَى بِكِسَاءٍ كَانَ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ ، فَإِذَا رَجُلٌ قَدْ أَتَاهُ بِطَبَقٍ فِيهِ طَعَامٌ وَدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ ، فَوَضَعَ الطَّبَقَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُ ثُمَّ أَخَذَ الدَّلْوَ فَشَرِبَ مِنْهُ ، قَالَ : وَلَمْ يَقْعُدِ الرَّجُلُ الَّذِي بِيَدِهِ الدَّلْوُ وَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى تَنَاوَلَ الدَّلْوَ مِنْهُ ، فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ فَتَبِعْتُهُ ، قُلْتُ : أَسْأَلُهُ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ وَحَالِهِ ، قَالَ : فَكَأَنَّ الْأَرْضَ انْشَقَّتْ فَدَخَلَ فِيهَا فَلَمْ أَرَ لَهُ أَثَرًا ، قَالَ : فَحَرَصْتُ بَعْدُ عَلَى أَنْ أَرَى الرَّجُلَ فِي الطَّوَافِ فَلَمْ أَرَهُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ذَكَرَ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ : سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ صَخْرٍ ، يَقُولُ : رَأَيْتُ سَالِمًا الدَّوْرَقِيَّ بِمَكَّةَ وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ فَرَأَيْتُ عَلَيْهِ قِيشَاشَ وَقَدْ أَتَى الْمُلْتَزَمَ ، وَهُوَ يَقُولُ : إِلَهِي ، كَمْ أَسْأَلُكَ وَأَطْلُبُ إِلَيْكَ أَنْ تُجِيرَنِي مِنْ نَفْسِي مَا أَرَى مِنْهَا
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ جَنَابٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : قَالَ أَرْمِيَا : أَيْ رَبِّ ، أَيُّ عِبَادِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : أَكْثَرُهُمْ لِي ذِكْرًا ، الَّذِينَ يَشْتَغِلُونَ بِذِكْرِي عَنْ ذِكْرِ الْخَلَائِقِ ، الَّذِينَ لَا تَعْرِضُ لَهُمْ وَسَاوِسُ الْغِنَى ، وَلَا يُحَدِّثُونَ أَنْفُسَهُمْ بِالْبَقَاءِ ، الَّذِينَ إِذَا عَرَضَ لَهُمْ عَيْشٌ مِنَ الدُّنْيَا قَلَوْهُ ، وَإِذَا زُوِيَ عَنْهُمْ سُرُّوا بِذَلِكَ ، أُولَئِكَ أُنْحِلُهُمْ مَحَبَّتِي ، وَأُعْطِيهِمْ فَوْقَ غَايَاتِهِمْ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِيُ مَرْيَمَ ، عَنْ زُهَيْرٍ بنِ سَعِيدٍ الْمَوْصِلِيِّ ، قَالَ : أُخْبِرْتُ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ دَخَلَ خَرِبَةً فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ ، فَنَظَرَ إِلَى ثَعْلَبٍ قَدْ أَقْبَلَ مُسْتَوْفِرًا بِذَنَبِهِ حَتَّى دَخَلَ جُحْرَهُ ، فَقَالَ : الْحَمْدَ لِلَّهُ الَّذِي جَعَلَ لِكُلُّ شَيْءٍ مَأْوًى ، إِلَّا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ لَا مَأْوَى لَهُ ، فَإِذَا بِصَوْتٍ : يَا ابْنَ آدَمَ ، ادْخُلِ الْفَجَّ ، فَدَخَلَ عِيسَى الْفَجَّ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ يُصَلِّي ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا يَنْتَظِرُهُ لِيَنْفَتِلَ مِنْ صَلَاتِهِ فَيُكَلِّمَهُ ، فَلَمَّا انْفَتَلَ قَالَ لَهُ : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، مَا الَّذِي أَذْنَبْتَ ؟ فَأَقْبَلَ الْعَابِدُ عَلَى الْبُكَاءِ وَقَالَ : يَا رُوحَ اللَّهِ ، أَذْنَبْتُ ذَنْبًا عَظِيمًا ، قَالَ : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : قُلْتُ يَوْمًا لِشَيْءٍ كَانَ يَا لَيْتَهُ لَمْ يَكُنْ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ذَكَرَ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ يَحْيَى ، نا عُثْمَانُ بْنُ عُمَارَةَ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ قَالَ : خَرَجْتُ مِنَ الْبَصْرَةِ وَأَنَا أُرِيدُ عَسْقَلَانَ ، فَإِذَا أَنَا بِرَكْبٍ ، فَقَالُوا لِي : أَيُّهَا الشَّيْخُ ، أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قُلْتُ : أُرِيدُ الرِّبَاطَ بِعَسْقَلَانَ ، قَالُوا : مَا مَعَكَ وَحْشَةٌ ؟ قُلْتُ : ، لَا وَمَضَيْتُ مَعَهُمْ حَتَّى وَرَدْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، فَلَمَّا أَرَدْتُ فِرَاقَهُمْ قَالُوا لِي : نُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَلُزُومِ دَرَجَةِ الْوَرَعِ ، فَإِنْ تَبْلُغُ بِهِ الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا ، وَإِنَّ الزُّهْدَ يَبْلُغُ بِكَ حُبَّ اللَّهِ ، فَقُلْتُ لَهُمْ : فَمَا الْوَرَعُ ؟ فَبَكَوْا ، ثُمَّ قَالُوا : يَا هَذَا ، الْوَرَعُ مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ قُلْتُ : وَكَيْفَ ذَاكَ ؟ قَالُوا : تُحَاسِبُ نَفْسَكَ مَعَ كُلِّ طَرْفَةٍ ، وَكُلَّ صَبَاحٍ وَمَسَاءٍ ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ حَذِرًا كَيِّسًا لَمْ يَخْرُجْ عَلَيْهِ الْفَضْلُ ، فَإِذَا دَخَلَ فِي دَرَجَةِ الْوَرَعِ احْتَمَلَ الْمَشَقَّةَ ، وَتَجَرَّعَ الْغَيْظَ وَالْمَرَارَ أَعْقَبَهُ اللَّهُ وَرَعًا وَصَبْرًا ، وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّبْرَ مِنَ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ ، وَمِلَاكُ هَذَا الْأَمْرِ الصَّبْرُ ، وَأَمَّا الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ أَلَّا يُقِيمَ الرَّجُلُ عَلَى رَاحَةٍ تَسْتَرِيحُ إِلَيْهَا نَفْسُهُ ، وَأَمَّا الْمُحِبُّ لِلَّهِ فَهُوَ فِي ضِيقَةٍ ، لَا يَزْدَادُ لِلَّهِ إِلَّا حُبًّا ، وَمِنْهُ إِلَّا تَوَدُّدًا
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَاهِلِيُّ ، قَالَ : نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ ، قَالَ : كَانَ رَجُلٌ كَثِيرَ الْبُكَاءِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ : أَبْكَانِي تَذَكُّرِي مَا جَنَيْتُ عَلَى نَفْسِي حِينَ لَمْ أَسْتَحيِ مِمَّنْ شَاهَدَنِي وَهُوَ يَمْلِكُ عُقُوبَتِي ، فَأَخَّرَنِي إِلَى يَوْمِ الْعُقُوبَةِ الدَّائِمَةِ ، وَأَجَّلَنِي إِلَى يَوْمِ الْحَسْرَةِ الْبَاقِيَةِ ، وَاللَّهِ لَوْ خُيِّرْتُ أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ تُحَاسَبَ ثُمَّ يُؤْمَرُ بِكَ إِلَى الْجَنَّةِ أَوْ يُقَالُ لَكَ كُنْ تُرَابًا ، لَاخْتَرْتُ أَنْ أَكُونَ تُرَابًا
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، نا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ صَالِحٍ ، قَالَ : كَانَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ يَرْعَى رِكَابَ أَصْحَابِهِ وَغَمَامَةٌ تُظِلُّهُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، نا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ صَالِحٍ ، قَالَ : كَانَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ يُصَلِّي وَالسَّبُعُ يَضْرِبُ بِذَنَبِهِ لَحْمَتَهُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ذَكَرَ سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ ، نا سَهْلُ بْنُ عَاصِمٍ ، نا عُثْمَانُ بْنُ صَخْرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ زَيْدٍ ، يَقُولُ : خَرَجْتُ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِي فِي الْبَحْرِ وَمَعِي غُلَامٌ لِي لَهُ فَضْلٌ يَخْدُمُنِي ، فَمَاتَ الْغُلَامُ فَدَفَنْتُهُ فِي جَزِيرَةٍ فَنَبَذَتْهُ الْأَرْضُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي ثَلَاثِ مَوَاضِعَ ، فَبَيْنَا نَحْنُ وَقُوفٌ نَتَفَكَّرُ فِيهِ مَا نَصْنَعُ ، إِذِ انْقَضَّتِ النُّسُورُ وَالْعُقْبَانُ فَمَزَّقُوهُ ، فَلَمَّا قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ أَتَيْتُ أُمَّ الْغُلَامِ ، فَقُلْتُ لَهَا : مَا كَانَ حَالُ ابْنِكِ ؟ قَالَتْ : خَيْرًا ، كُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا يَقُولُ : اللَّهُمَّ احْشُرْنِي مِنْ حَوَاصِلِ الطَّيْرِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ذَكَرَ سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ ، نا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ عُمَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَحمرِ ، قَالَ : خَرَجْتُ وَأَنَا أُرِيدُ لِقَاءَ رَجُلٍ مِنْ أَوْلِيَائِهِ فَلَمْ أَزَلْ أَدُورُ حَتَّى وَقَعْتُ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أُفَارِقَهُ قُلْتُ : أَوْصِنِي قَالَ : صَدِّقِ اللَّهَ فِي مَقَالَتِهِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ذَكَرَ سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ ، نا سَهْلُ بْنُ عَاصِمٍ ، نا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، نا مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ ، قَالَ : كَانَ شَيْخٌ يَدْخُلُ عَلَيْنَا الْمَسْجِدَ فِي كِسَاءٍ لَهُ ، فَأَتَانِي يَوْمًا فَقَالَ لِي : بِكَمْ أَخَذْتَ قَمِيصَكَ ؟ قُلْتُ : بِكَذَا وَكَذَا ، قَالَ : فَعِمَامَتَكَ ؟ قُلْتُ : بِكَذَا وَكَذَا ، قَالَ : فَرِدَاءَكَ ؟ قُلْتُ : بِكَذَا وَكَذَا ، فَقَالَ لِي : قَدْ بَلَغَتْ كَسَوْتُكَ هَذَا وَأَنْتَ تَقُصَّ عَلَى النَّاسِ ؟ قَالَ مَيْمُونٌ : فَأَخَذَ قَوْلُهُ بِقَلْبِي ، فَقُلْتُ لِشَرِيكٍ لِي : اجْمَعْ مَالَنَا ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ جُمْعَةٍ مَرَّ بِي ذَلِكَ الشَّيْخُ فَقَالَ لِي : لِمَنْ هَذَا الْمَالُ ؟ فَقُلْتُ : لِي ، فَجَلَسَ إِلَيَّ ، فَقَالَ : لَرُبَّ خَيْرٍ قَدْ عَمِلْتَهُ ، وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ جَمِيعَ حَسَنَاتِكَ لِي وَأَنَّ هَذَا الْمَالَ بَاتَ فِي مَنْزِلِي ، قَالَ : ثُمَّ أَرَادَ صَاحِبُ الْكِسَاءِ الْخُرُوجَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَطَلَبْتُ إِلَيْهِ فِي نَفَقَةٍ يَقْبَلُهَا مِنِّي فَأَبَى فَطَلَبْتُ إِلَيْهِ فِي كِرَاءٍ لِيَرْكَبَهُ فَأَبَى قَالَ : فَسَأَلْنَا الرِّفَاقَ عَنْهُ فَلَمْ نُخْبَرْ عَنْهُ بِشَيْءٍ حَتَّى قَدِمَتْ رُفْقَةٌ فَسَأَلْنَاهُمْ عَنْهُ فَقَالُوا : أَمَّا الرَّجُلُ فَلَا نَعْرِفُهُ وَأَمَّا صَفِيُّكُمْ صَاحِبُ الْكِسَاءِ فَقَدْ مَرَّ بِنَا وَقَدْ حَبَسَ السَّبُعُ الطَّرِيقَ وَأَهْلَهُ ، وَصَاحِبُ الْكِسَاءِ سَالِكٌ فِيهِ فَقُلْنَا : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، أَمَا تَرَى السَّبُعَ فِي الطَّرِيقِ ؟ فَمَا كَلَّمَنَا وَلَا تَكَلَّمَ إِلَّا أَنَّا رَأَيْنَا كِسَاءَهُ أَصَابَ السَّبُعَ حِينَ مَرَّ بِهِ وَهُوَ مَاضٍ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، نا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ ، نا أَبُو شِهَابٍ الْحَنَّاطُ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنِ ابْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُوسَى وَهَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ إِلَى فِرْعَوْنَ ، قَالَ : لَا يَرُعْكُمَا لِبَاسُهُ الَّذِي لَبِسَ فِي الدُّنْيَا ، فَإِنَّ نَاصِيَتَهُ بِيَدِي ، لَيْسَ يَنْطِقُ وَلَا يَطْرُقُ وَلَا يَتَنَفَّسَ إِلَّا بِإِذْنِي ، وَلَا يُعْجِبْكُمَا مَا مُتِّعَ بِهِ مِنْهَا فَإِنَّمَا هِيَ زَهْرَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، وَزِينَةُ الْمُتْرَفِينَ ، وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أُزَيِّنَكُمَا بِزِينَةٍ مِنَ الدُّنْيَا لِيَعْرِفَ فِرْعَوْنُ حِينَ يَرَاهَا أَنَّ مَقْدِرَتَهُ تَعْجَزُ عَمَّا أُوتِيتُمَا لَفَعَلْتُ ، وَلَكِنِّي أَرْغَبُ بِكُمَا عَنْ ذَلِكَ ، وَأَزْوِي ذَلِكَ عَنْكُمَا ، وَكَذَلِكَ أَفْعَلُ بِأَوْلِيَائِي ، وَقَدِيمًا مَا خِرْتُ لَهُمْ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا ، وَإِنِّي لَأَذُودُهُمْ عَنْ نَعِيمِهَا كَمَا يَذُودُ الرَّاعِي الشَّفِيقُ غَنَمَهُ عَنْ مَرَاتِعِ الْهَلَكَةِ ، وَإِنِّي لَأُجَنِّبُهُمْ سَلْوَتَهَا كَمَا يُجَنِّبُ الرَّاعِي الشَّفِيقُ غَنَمَهُ عَنْ مَبَارِكِ الْعَرَةِ ، وَمَا ذَاكَ لِهَوَانِهِمْ عَلَيَّ ، وَلَكِنْ لِيَسْتَكْمِلُوا نَصِيبَهُمْ مِنْ كَرَامَتِي مُوَفَّرًا ، لَمْ يَكْلَمْهُ الطَّمَعُ ، وَلَمْ تَنْتَقِصْهُ الدُّنْيَا بِغُرُورِهَا ، إِنَّمَا يَتَزَيَّنُ لِي أَوْلِيَائِي بِالْخُشُوعِ ، وَالذَّلِّ ، وَالْخَوْفِ ، وَالتَّقْوَى تَثْبُتُ فِي قُلُوبِهِمْ فَتَظْهَرُ عَلَى أَجْسَادِهِمْ ، فَهُوَ ثِيَابُهُمُ الَّتِي يَلْبَسُونَ ، وَدِثَارُهُمُ الَّذِي يُظْهِرُونَ ، وَضَمِيرُهُمُ الَّذِي يَسْتَشْعِرُونَ ، وَنَجَاتُهُمُ الَّتِي بِهَا يَفُوزُونَ ، وَرَجَاؤُهُمُ الَّذِي إِيَّاهُ يَأْمَلُونَ ، وَمَجْدُهُمُ الَّذِي بِهِ يَفْخَرُونَ ، وَسِيمَاهُمُ الَّتِي بِهَا يُعْرَفُونَ ، فَإِذَا لَقِيتَهُمْ فَاخْفِضْ لَهُمْ جَنَاحَكَ ، وَذَلِّلْ لَهُمْ قَلْبَكَ وَلِسَانَكَ ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَنْ أَخَافَ لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ ، ثُمَّ أَنَا الثَّائِرُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ذَكَرَ أَبُو السُّكَيْنِ الطَّائِيُّ ، ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ مُسْلِمٍ ، ذَكَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ قَالَ : خَرَجْتُ إِلَى نَاحِيَةِ الْخُرَيْبَةِ فَإِذَا أَسْوَدُ مَجْذُومٌ قَدْ تَقَطَّعَتْ كُلُّ جَارِحَةٍ لَهُ بِالْجُذَامِ وَعَمِيَ وَأُقْعِدَ ، وَإِذَا هُوَ يَزْحَفُ ، وَإِذَا صِبْيَانٌ يَرْمُونَهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى رَمَوا وَجْهَهُ ، فَرَأَيْتُهُ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ لَأَسْمَعَ مَا يَقُولُ ، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ : يَا سَيِّدِي ، إِنَّكَ لَوْ قَرَضْتَ لَحْمِي بِالْمَقَارِيضِ ، وَنَشَرْتَ عَظْمِي بِالْمَنَاشِيرِ مَا ازْدَدْتُ لَكَ إِلَّا حُبًّا ، فَاصْنَعْ بِي مَا شِئْتَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، نا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَبْدِيُّ ، نا غَسَّانُ بْنُ الْمُفَضَّلِ ، ذَكَرَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، قَالَ : كَانَ بَيْنَ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ وَبَيْنَ رَجُلٍ تَنَازُعٌ ، فَتَنَاوَلَ الرَّجُلُ سُلَيْمَانَ فَغَمَزَ بَطْنَهُ فَجَفَّتْ يَدُ الرَّجُلِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، نا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، نا أَبُو مُعَاوِيَةَ الْغَلَّانِيُّ ، قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ قَوْمًا تَبِعُوا النَّضْرَ بْنَ كَثِيرٍ يُرِيدُونَ أَنْ يَسْتَقْفُوا ثِيَابَهُ بَعْدَ الْعَتَمَةِ قَالَ : فَقَالُوا : كُنَّا إِذَا دَنَوْنَا مِنْهُ صَارَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سَدٌّ حَتَّى لَا نَرَاهُ ، فَلَمَّا رَأَيْنَا ذَلِكَ رَجَعْنَا وَتَرَكْنَاهُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، نا الْمُعَلَّى بْنُ عِيسَى ، نا نَهْشَلُ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَفَعَهُ قَالَ : ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ اسْتَحَقَّ وِلَايَةَ اللَّهِ وَطَاعَتَهُ : حِلْمٌ أَصِيلٌ يَدْفَعُ بِهِ سَفَهَ السَّفِيهِ عَنْ نَفْسِهِ ، وَوَرَعٌ صَادِقٌ يَحْجِزُهُ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ ، وَخُلُقٌ حَسَنٌ يُدَارِي بِهِ النَّاسَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْزُوقٍ الْعَتَكِيُّ ، ذَكَرَ فَضْلٌ أَبُو حَاتِمٍ قَالَ : لَمَّا كَانَ حَرِيقُ عَرْمَانَ كَانَ رَجُلٌ فِي خُصٍّ لَهُ يَسِفُّ خُوصًا ، وَالنَّارُ قَدْ أَحْدَقَتْ بِهِ فَلَمْ تَضُرَّهُ ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ : إِنِّي عَزَّمْتُ عَلَى رَبِّ النَّارِ أَنْ لَا يُحْرِقَنِي بِالنَّارِ ، قِيلَ لَهُ : فَاعْزِمْ عَلَيْهِ أَنْ يُطْفِئَهَا ، قَالَ : فَفَعَلَ ، فَلَمْ تَلْبَثِ النَّارُ أَنْ طُفِئَتْ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْزُوقٍ ، ذَكَرَ يَحْيَى بْنُ الْفَضْلِ الْخُرْقِيُّ ، ذَكَرَ عَبَّادُ بْنُ وَاقِدٍ وَهُوَ عُبَيْدٌ ، قَالَ : خَرَجْتُ أُرِيدُ الْحَجَّ ، فَوَقَفْتُ عَلَى رَجُلٍ بَيْنَ يَدَيْهِ غُلَامٌ كَأَحْسَنِ الْغِلْمَانِ وَأَكْثَرِهِ حَرَكَةً ، فَقُلْتُ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : ابْنِي ، وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْهُ ، خَرَجْتُ مَرَّةً حَاجًّا وَمَعِي أُمُّ هَذَا وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ ، فَلَمَّا كُنَّا فِي بَعْضِ الْمَنَازِلِ ضَرَبَهَا الطَّلْقُ فَوَلَدَتْ هَذَا وَمَاتَتْ ، وَحَضَرَ الرَّحِيلُ ، وَأَخَذْتُ الصَّبِيَّ فَلَفَفْتُهُ فِي خِرْقَةٍ وَجَعَلْتُهُ فِي غَارٍ ، وَبَنَيْتُ عَلَيْهِ أَحْجَارًا وَارْتَحَلْتُ وَأَنَا أَرَى أَنَّهُ يَمُوتُ مِنْ سَاعَتِهِ ، فَقَضَيْتُ الْحَجَّ وَرَجَعْتُ ، فَلَمَّا نَزَلْنَا ذَلِكَ الْمَنْزِلَ بَادَرَ رَفِيقِي إِلَى الْغَارِ فَنَقَضَ الْأَحْجَارَ ، فَإِذَا هُوَ بِالصَّبِيِّ مُلْتَقِمٌ إِبْهَامَهُ ، فَنَظَرْنَا فَإِذَا اللَّبَنُ يَخْرُجُ مِنْهَا ، فَاحْتَمَلْتُهُ مَعِي ، فَهُوَ هَذَا الَّذِي تَرَى