" خَرَجْتُ مِنَ الْبَصْرَةِ وَأَنَا أُرِيدُ عَسْقَلَانَ ، فَإِذَا أَنَا بِرَكْبٍ ، فَقَالُوا لِي : أَيُّهَا الشَّيْخُ ، أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قُلْتُ : أُرِيدُ الرِّبَاطَ بِعَسْقَلَانَ ، قَالُوا : مَا مَعَكَ وَحْشَةٌ ؟ قُلْتُ : ، لَا وَمَضَيْتُ مَعَهُمْ حَتَّى وَرَدْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، فَلَمَّا أَرَدْتُ فِرَاقَهُمْ قَالُوا لِي : نُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَلُزُومِ دَرَجَةِ الْوَرَعِ ، فَإِنْ تَبْلُغُ بِهِ الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا ، وَإِنَّ الزُّهْدَ يَبْلُغُ بِكَ حُبَّ اللَّهِ ، فَقُلْتُ لَهُمْ : فَمَا الْوَرَعُ ؟ فَبَكَوْا ، ثُمَّ قَالُوا : يَا هَذَا ، الْوَرَعُ مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ قُلْتُ : وَكَيْفَ ذَاكَ ؟ قَالُوا : تُحَاسِبُ نَفْسَكَ مَعَ كُلِّ طَرْفَةٍ ، وَكُلَّ صَبَاحٍ وَمَسَاءٍ ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ حَذِرًا كَيِّسًا لَمْ يَخْرُجْ عَلَيْهِ الْفَضْلُ ، فَإِذَا دَخَلَ فِي دَرَجَةِ الْوَرَعِ احْتَمَلَ الْمَشَقَّةَ ، وَتَجَرَّعَ الْغَيْظَ وَالْمَرَارَ أَعْقَبَهُ اللَّهُ وَرَعًا وَصَبْرًا ، وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّبْرَ مِنَ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ ، وَمِلَاكُ هَذَا الْأَمْرِ الصَّبْرُ ، وَأَمَّا الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ أَلَّا يُقِيمَ الرَّجُلُ عَلَى رَاحَةٍ تَسْتَرِيحُ إِلَيْهَا نَفْسُهُ ، وَأَمَّا الْمُحِبُّ لِلَّهِ فَهُوَ فِي ضِيقَةٍ ، لَا يَزْدَادُ لِلَّهِ إِلَّا حُبًّا ، وَمِنْهُ إِلَّا تَوَدُّدًا "
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ذَكَرَ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ يَحْيَى ، نا عُثْمَانُ بْنُ عُمَارَةَ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ قَالَ : خَرَجْتُ مِنَ الْبَصْرَةِ وَأَنَا أُرِيدُ عَسْقَلَانَ ، فَإِذَا أَنَا بِرَكْبٍ ، فَقَالُوا لِي : أَيُّهَا الشَّيْخُ ، أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قُلْتُ : أُرِيدُ الرِّبَاطَ بِعَسْقَلَانَ ، قَالُوا : مَا مَعَكَ وَحْشَةٌ ؟ قُلْتُ : ، لَا وَمَضَيْتُ مَعَهُمْ حَتَّى وَرَدْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، فَلَمَّا أَرَدْتُ فِرَاقَهُمْ قَالُوا لِي : نُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَلُزُومِ دَرَجَةِ الْوَرَعِ ، فَإِنْ تَبْلُغُ بِهِ الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا ، وَإِنَّ الزُّهْدَ يَبْلُغُ بِكَ حُبَّ اللَّهِ ، فَقُلْتُ لَهُمْ : فَمَا الْوَرَعُ ؟ فَبَكَوْا ، ثُمَّ قَالُوا : يَا هَذَا ، الْوَرَعُ مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ قُلْتُ : وَكَيْفَ ذَاكَ ؟ قَالُوا : تُحَاسِبُ نَفْسَكَ مَعَ كُلِّ طَرْفَةٍ ، وَكُلَّ صَبَاحٍ وَمَسَاءٍ ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ حَذِرًا كَيِّسًا لَمْ يَخْرُجْ عَلَيْهِ الْفَضْلُ ، فَإِذَا دَخَلَ فِي دَرَجَةِ الْوَرَعِ احْتَمَلَ الْمَشَقَّةَ ، وَتَجَرَّعَ الْغَيْظَ وَالْمَرَارَ أَعْقَبَهُ اللَّهُ وَرَعًا وَصَبْرًا ، وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّبْرَ مِنَ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ ، وَمِلَاكُ هَذَا الْأَمْرِ الصَّبْرُ ، وَأَمَّا الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ أَلَّا يُقِيمَ الرَّجُلُ عَلَى رَاحَةٍ تَسْتَرِيحُ إِلَيْهَا نَفْسُهُ ، وَأَمَّا الْمُحِبُّ لِلَّهِ فَهُوَ فِي ضِيقَةٍ ، لَا يَزْدَادُ لِلَّهِ إِلَّا حُبًّا ، وَمِنْهُ إِلَّا تَوَدُّدًا