حديث رقم: 117

كَمَا قُرِئَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْجُنَيْدِ الْبَغْدَادِيِّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَاصِمٍ ، قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، وَعَاصِمٍ الْأَحْوَلِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ كَانَتِ الْيَهُودُ يَعْتَزِلُونَ النِّسَاءَ فِي الْحَيْضِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ : {{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ }} الْآيَةَ فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ نُؤَاكِلُهُنَّ وَنُشَارِبُهُنَّ وَنَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ فَقَالَتِ الْيَهُودُ : مَا يُرِيدُ مُحَمَّدٌ أَنْ يَدَعَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِنَا إِلَّا خَالَفَنَا فِيهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ مِنَ الْحَائِضِ إِلَّا النِّكَاحُ فِي الْفَرْجِ ، وَهَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الرَّجُلَ لَهُ أَنْ يُبَاشِرَ الْحَائِضَ وَيَنَالَ مِنْهَا مَا دُونَ الْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ ، وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَأُمِّ سَلَمَةَ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَمَسْرُوقٍ ، وَالْحَسَنِ ، وَعَطَاءٍ ، وَالشَّعْبِيِّ ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا الْحَدِيثُ الْمُسْنَدُ دَالٌّ عَلَيْهِ

حديث رقم: 118

قُرِئَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَا يَحِلُّ لِي مِنَ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ ؟ قَالَتْ : كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الْفَرْجَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَذَا إِسْنَادٌ مُتَّصِلٌ وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُبَاشِرُنِي فَوْقَ الْإِزَارِ لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى حَظْرِ غَيْرِ ذَلِكَ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فَوْقَ الْإِزَارِ وَهُوَ مَفْرُوشٌ فَهَذَا قَوْلٌ قَالَ عُبَيْدَةُ : اللِّحَافُ وَاحِدٌ وَالْفَرَاشُ مُخْتَلِفٌ وَهَذَا قَوْلٌ شَاذُّ يَمْنَعُ مِنْهُ مَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ نِسَاءَهُ وَهُنَّ حُيَّضٌ وَقَوْلٌ ثَالِثٌ أَنْ يَعْتَزِلَ الْحَائِضَ فِيمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ مَيْمُونَةُ وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْحُجَّةُ لَهُمْ

حديث رقم: 119

مَا حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَرِيكٍ ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ ، قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ حَبِيبٍ ، مَوْلَى عُرْوَةَ ، عَنْ نَدْبَةَ ، مَوْلَاةِ مَيْمُونَةَ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يُبَاشِرُ الْمَرْأَةَ مِنْ نِسَائِهِ وَهِيَ حَائِضٌ إِذَا كَانَ إِزَارُهَا إِلَى نِصْفِ فَخِذَيْهَا أَوْ إِلَى رُكْبَتَيْهَا مُحْتَجِزَةً بِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : اللَّيْثُ يَقُولُ نَدْبَةَ وَغَيْرُهُ يَقُولُ بُدَيَّةَ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى حَظْرِ مَا تَقَدَّمَتْ إِبَاحَتُهُ وَقَدْ زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ الَّذِي بَدَأْنَا بِهِ مَنْسُوخٌ لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ مَا نَزَلَتِ الْآيَةُ وَأَنَّ النَّاسِخَ لَهُ

حديث رقم: 120

حَدِيثُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عُمَيْرٍ ، مَوْلَى عُمَرَ عَنْ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَائِضِ لَكَ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ وَلَيْسَ لَكَ مَا تَحْتَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا ادِّعَاءٌ فِي النَّسْخِ وَلَا يُعْجِزُ أَحَدًا ذَلِكَ ، وَالْإِسْنَادُ الْأَوَّلُ أَحْسَنُ اسْتِقَامَةً مِنْ هَذَا ، وَهَذَا الْقَوْلُ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ قَدْ ذَكَرْنَاهُمْ ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِيهِ بِنَسْخٍ وَالَّذِي قَالَ هَذَا بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ وَالتَّقْدِيرُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَاعْتَزِلُوا جِمَاعَ النِّسَاءِ فِي مَوْضِعِ الْمَحِيضِ أَيْ فِي الْفَرْجِ فَيَكُونُ الْمَحِيضُ اسْمًا لِلْمَوْضِعِ كَمَا أَنَّ الْمَجْلِسَ اسْمٌ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ وَكَذَا {{ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ }}

حديث رقم: 121

كَمَا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ ، قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، {{ فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ }} قَالَ اعْتَزَلُوا نِكَاحَ فُرُوجِهِنَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَمَنْ قَرَأَ {{ حَتَّى يَطْهُرْنَ }} فَمَعْنَاهُ حَتَّى يَحِلَّ لَهُنَّ أَنْ يَطْهُرْنَ كَمَا تَقُولُ قَدْ حَلَّتِ الْمَرْأَةُ لِلْأَزْوَاجِ أَيْ حَلَّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ وَمَنْ قَرَأَ {{ حَتَّى يَطَّهَّرْنَ }} جَعَلَهُ بِمَعْنَى يَغْتَسِلْنَ وَقَدْ قَرَأَ الْجَمَاعَةُ بِالْقِرَاءَتَيْنِ وَهُمَا بِمَنْزِلَةِ آيَتَيْنِ لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَطْهُرَ وَتَطَّهَّرَ فَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهَا تَحِلُّ لَهُ إِذَا غَسَلَتْ فَرْجَهَا مِنَ الْأَذَى بَعْدَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْحَيْضِ فَقَوْلٌ خَارِجٌ عَنِ الْإِجْمَاعِ ، وَعَنْ ظَاهَرُ الْقُرْآنِ ، قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ : {{ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا }} وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ {{ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا }} فَجَاءَ الْقُرْآنُ يَتَطَهَّرُوا وَيَغْتَسِلُوا بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، وَكَذَا حَتَّى يَطْهُرْنَ أَيِ الطُّهُورَ الَّذِي يُصَلِّينَ بِهِ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ : إِذَا طَهُرَتْ مِنَ الْحَيْضِ حَلَّتْ وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى فَخَارِجٌ أَيْضًا عَنِ الْإِجْمَاعِ وَلَيْسَ يُعْرَفُ مِنْ قَوْلٍ وَاحِدٍ ، وَإِنَّمَا قَيْسَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا يَمْلِكُ مَعَهُ الرَّجْعَةَ كَانَ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا مِنْ غَيْرِ إِذْنِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ إِلَّا أَنْ تَطْهُرَ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَيَدْخُلُ عَلَيْهَا وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى وَلَمْ تَغْتَسِلْ ، فَقَاسُوا عَلَى هَذَا وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ

حديث رقم: 122

مَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِي ، قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ ، قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ {{ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ }} قَالَ مِنَ الدَّمِ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ قَالَ اغْتَسَلْنَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ : وَلَا أَعْلَمُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا اخْتِلَافًا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَأَمَّا {{ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ }} فَفِي مَعْنَاهُ اخْتِلَافٌ فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَمُجَاهِدٍ ، قَالَا فِي الْفَرْجِ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ ، قَالَ : مِنْ قِبَلِ الْحَلَالِ مِنْ قِبَلِ التَّزْوِيجِ وَعَنْ أَبِي رَزِينٍ ، قَالَ : مِنْ قِبَلِ الطُّهْرِ لَا مِنْ قِبَلِ الْحَيْضِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا الْقَوْلُ أَشْبَهُ بِسِيَاقِ الْكَلَامِ وَأَصَحُّ فِي اللُّغَةِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْفَرْجَ كَانَتْ فِي هَاهُنَا أَوْلَى فَإِن قِيلَ لِمَ لَا يَكُونُ مَعْنَاهُ مِنْ قِبَلِ الْفَرْجِ ، قِيلَ لَوْ كَانَ كَذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَطَأَهَا مِنْ دُبُرِهَا فِي فَرْجِهَا ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ {{ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ }} قَالَ عَطَاءٌ : أَيْ مِنَ الذُّنُوبِ وَهَذَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى {{ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ }} فَمِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ مَنْ قَالَ : الْمُتَطَهِّرِينَ مِنْ أَدْبَارِ النِّسَاءِ ، وَقِيلَ مِنَ الذُّنُوبِ وَقَالَ عَطَاءٌ : الْمُتَطَهِّرِينَ بِالْمَاءِ وَهَذَا أَوْلَى بِسِيَاقِ الْآيَةِ وَاللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ أَعْلَمُ وَأَمَّا الْآيَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ فَقَدْ أَدْخَلَهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ وَهُوَ قَتَادَةُ فَذَكَرْنَاهَا لِيَكُونَ الْكِتَابُ مُشْتَمِلًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ

حديث رقم: 123

كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِي ، قَالَ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ حَسَّانَ ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَمْرِو بْنَ الْعَلَاءِ ، يَقُولُ : الْعَرَبُ تُسَمِّي الطُّهْرَ قُرْءًا ، وَتُسَمِّي الْحَيْضَ قُرْءًا ، وَتُسَمِّي الطُّهْرَ مَعَ الْحَيْضِ جَمِيعًا قُرْءًا وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ : أَصْلُ الْقُرْءِ الْوَقْتُ يُقَالُ أَقْرَأَتِ النُّجُومُ إِذَا طَلَعَتْ لِوَقْتِهَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَلَمَّا صَحَّ فِي اللُّغَةِ أَنَّ الْقُرْءَ الطُّهْرُ ، وَالْقُرْءَ الْحَيْضُ وَأَنَّهُ لَهُمَا جَمِيعًا وَجَبَ أَنْ يَطْلُبَ الدَّلِيلَ عَلَى الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ {{ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ }} مِنْ غَيْرِ اللُّغَةِ إِلَّا أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ : هِيَ الْأَطْهَارُ وَيَرُدُّهُ إِلَى اللُّغَةِ مِنْ جِهَةِ الِاشْتِقَاقِ وَسَنَذْكُرُ قَوْلَهُ بَعْدَ ذِكْرِ مَا فِي ذَلِكَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ ، فَمِمَّنْ قَالَ الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ عَائِشَةُ بِلَا اخْتِلَافٍ عَنْهَا

حديث رقم: 124

كَمَا قُرِئَ عَلَى إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَابِرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ ، قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : إِنَّمَا الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ بِاخْتِلَافٍ ابْنُ عُمَرَ ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ

حديث رقم: 125

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ كَمَا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يوسُفَ ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَرَأَتِ الدَّمَ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهَا وَلَا تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا وَإِنَّمَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

حديث رقم: 126

لِأَنَّ بَكْرَ بْنَ سَهْلٍ حَدَّثَنَا ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يوسُفَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إِذَا طَلَّقَ الْعَبْدُ امْرَأَتَهُ اثْنَتَيْنِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً ، وَعِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ وَعِدَّةُ الْحُرَّةِ ثَلَاثُ حِيَضٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَالْحَدِيثَانِ جَمِيعًا فِي الْمُوَطَّأِ ، فَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدٍ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ

حديث رقم: 127

إِحْدَاهُمَا مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، قَالَ عِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ ، وَعِدَّةُ الْحُرَّةِ ثَلَاثُ حِيَضٍ وَالْمُخَالِفُ لَهُ

حديث رقم: 128

مَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَرِيكٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ ، قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ ، حَدَّثَهُ أَنَّ الْأَحْوَصَ وَهُوَ ابْنُ حَكِيمٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بِالشَّامِ فَهَلَكَ وَهِيَ فِي آخِرِ حَيْضَتِهَا يَعْنِي الثَّالِثَةَ فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ يَسْأَلُهُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ لَا تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا وَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهَا ، قَالَ نَافِعٌ : فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مِثْلَ ذَلِكَ

حديث رقم: 129

وَقُرِئَ عَلَى بَكْرِ بْنِ سَهْلٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، قَالَا يُبِينُهَا مِنْ زَوْجِهَا إِذَا طَعَنَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَؤُلَاءِ الصَّحَابَةُ الَّذِينَ رُوِيَ عَنْهُمْ أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْأَطْهَارُ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ فَأَمَّا التَّابِعُونَ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فَفِيهُمُ الْقَاسِمُ ، وَسَالِمُ ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالشَّافِعِيُّ ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا الْأَقْرَاءُ الْحَيْضُ فَأَحَدَ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِلَا اخْتِلَافٍ عَنْهُمْ وَزِيَادَةُ اثْنَيْنِ بِاخْتِلَافٍ

حديث رقم: 130

كَمَا قُرِئَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : وَحَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، وَوَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ ، قَالَا : حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ أَبِي عِيسَى ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ أَحَدَ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَوِ اثْنَا عَشَرَ الْخَيْرُ فَالْخَيْرُ مِنْهُمْ عُمَرُ وَزَادَ وَكِيعٌ وَأَبُو بَكْرٍ قَالَا وَعَلِيٌّ ، وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ : إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ تَطْلِيَقَةً أَوْ تَطْلِيْقَتَيْنِ فَلَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ مَا لَمْ تَغْتَسِلْ مِنَ الْقُرْءِ الثَّالِثِ وَقَالَ وَكِيعٌ فِي حَدِيثِهِ مَا لَمْ تَغْتَسِلْ مِنْ حَيْضَتِهَا الثَّالِثَةِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : الْأَحَدَ عَشَرَ أَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ ، وَعُثْمَانُ ، وَعَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ ، وَمُعَاذٌ وَعُبَادَةُ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ ، وَأَبُو مُوسَى وَأَنَسٌ وَالِاثْنَانِ بِالِاخْتِلَافِ ابْنُ عُمَرَ ، وَزَيْدٌ

حديث رقم: 131

قُرِئَ عَلَى بَكْرِ بْنِ سَهْلٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ ، قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ قَالَ : قَالَ عَلِيٌّ : هُوَ أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ

حديث رقم: 132

قَالَ سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عُمَرَ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمَا قَالَا : هُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ قَالَ سُفْيَانُ : وَحَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنِ الْحَسَنِ عَنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ، : مِثْلَ ذَلِكَ وَمِنَ التَّابِعِينَ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، وَطَاوُوسٌ ، وَعَطَاءٌ وَالضَّحَّاكُ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ ، وَالشَّعْبِيُّ ، وَالْحَسَنُ ، وَقَتَادَةُ ، وَالْأَوْزَاعِيُّ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ ، وَإِسْحَاقُ ، وَأَبُو عُبَيْدٍ وَحَكَى الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ ثُمَّ وَقَفَ فَقَالَ : وَكَانَ الْأَكَابِرُ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُونَ غَيْرَ هَذَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَذَا مَا جَاءَ عَنِ الْعُلَمَاءِ بِالرِّوَايَاتِ وَنَذْكُرُ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ النَّظَرِ وَاللُّغَةِ مِنَ احْتِجَاجَاتِهِمْ إِذْ كَانَ الْخِلَافُ قَدْ وَقَعَ ، فَمِنْ أَحْسَنِ مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ قَولُهُ جَلَّ وَعَزَّ : {{ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ }} فَأَخْبَرَ جَلَّ وَعَزَّ أَنَّ الْقُرُوءَ هِيَ الْعِدَدُ ، وَالْعِدَدُ عَقِيبَةُ الطَّلَاقِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الطَّلَاقُ فِي الطُّهْرِ فَلَوْ كَانَتِ الْأَقْرَاءُ هِيَ الْحُيَّضُ كَانَ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِدَّةِ فَصْلٌ وَاحْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ

حديث رقم: 133

حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يوسُفَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهَيَ حَائِضٌ فَسَأَلَ عُمَرُ بْنِ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ قَالَ الْمُحْتَجُّ فَتِلْكَ إِشَارَةٌ إِلَى الطُّهْرِ

حديث رقم: 134

وَفِي حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، وَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : ( فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ ) قَالَ : فَقُبُلُ عِدَّتِهِنَّ هُوَ الطُّهْرُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَمُخَالِفُهُ يُحْتَجُّ عَلَيْهِ بِالْحَدِيثِ بِعَيْنِهِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ مِنْ قَرَيْتُ الْمَاءَ أَيْ حَبَسْتُهُ فَكَذَا الْقُرْءُ : احْتِبَاسُ الْحَيْضِ وَهَذَا غَلَطٌ بَيِّنٌ لِأَنَّ قَرَيْتُ الْمَاءَ غَيْرُ مَهْمُوزٍ وَهَذَا مَهْمُوزٌ فَاللُّغَةُ تَمْنَعُ أَخْذَ هَذَا مِنْ هَذَا وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْآيَةَ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ بِالهَاءِ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ لِلطُّهْرِ لِأَنَّ الطُّهْرَ مُذَكَّرٌ وَعَدَدُ الْمُذَكَّرِ يَدْخُلُ فِيهِ الهَاءُ وَلَوْ كَانَ لِلْحَيْضَةِ لَقِيلَ ثَلَاثٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا غَلَطٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ لِأَنَّ الشَّيْءَ يَكُونُ لَهُ اسْمَانِ مُذَكَّرٌ وَمُؤَنَّثٌ فَإِذَا جِئْتَ بِالْمُؤَنَّثِ أَنَّثْتَهُ وَإِذَا جِئْتَ بِالْمُذَكَّرِ ذَكَّرْتَهُ كَمَا تَقُولُ رَأَيْتُ ثَلَاثَ أَدْؤُرٍ وَرَأَيْتُ ثَلَاثَةَ مَنَازِلَ لِأَنَّ الدَّارَ مُؤَنَّثَةٌ وَالْمُنْزِلُ مُذَكَّرٌ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَأَمَّا احْتِجَاجُ الَّذِينَ قَالُوا الْأَقْرَاءُ الْحَيْضُ فَبِشَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَمِنَ الْإِجْمَاعِ وَمِنَ السُّنَّةِ وَمِنَ الْقِيَاسِ قَالُوا قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ {{ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ }} فَجَعَلَ الْمَيْئُوسَ مِنْهُ الْحَيْضَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْعِدَّةُ وَجَعَلَ الْعِوَضَ مِنْهُ الْأَشْهُرَ إِذَا كَانَ مَعْدُومًا وَقَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ : {{ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ }} وَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّ مَعْنَى {{ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ }} أَنْ يُطَلَّقَ فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامَعْ فِيهِ وَلَا تَخْلُو لِعِدَّتِهِنَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ لَيَعْتَدِدْنَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ يَكُونُ لِلْحَالِ أَوِ لِلْمَاضِي ، وَمُحَالٌ أَنْ تَكُونَ الْعِدَّةُ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي حَالِ عِدَّتِهَا فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ لِلْمُسْتَقْبَلِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَالطُّهْرُ كُلُّهُ جَائِزٌ أَنْ يُطَلَّقَ فِيهِ وَلَيْسَ بَعْدَ الطُّهْرِ إِلَّا الْحَيْضُ وَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ : {{ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ }} قَالُوا : فَإِذَا طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ ثُمَّ احْتَسَبَتْ بِهِ قُرْءًا فَلَمْ تَعْتَدَّ إِلَّا قُرْئَيْنِ وَشَيْئًا وَلَيْسَ هَكَذَا نَصُّ الْقُرْآنِ وَقَدِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ فِي هَذَا فَقَالَ : التَّثْنِيَةُ جَمْعٌ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ : {{ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ }} وَإِنَّمَا ذَلِكَ شَهْرَانِ وَأَيَّامٌ فَهَذَا الِاحْتِجَاجُ غَلَطٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ جَلَّ وَعَزَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ فَيَكُونُ مِثْلَ ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ وَإِنَّمَا هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ : {{ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا }} فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْهَا وَكَذَا فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ

حديث رقم: 135

فَأَمَّا مِنَ السُّنَّةِ فَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ أَخْبَرنِي اللَّيْثُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةِ أَبِي حُبَيْشٍ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا ، أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَشَكَتْ إِلَيْهِ الدَّمَ فَقَالَ : إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ فَانْظُرِي إِذَا أَتَاكِ قُرْؤُكِ فَلَا تُصَلِّي وَإِذَا مَرَّ الْقُرْءُ فَتَطَهَّرِي ثُمَّ صَلِّي مِنَ الْقُرْءِ إِلَى الْقُرْءِ وَهَذَا لَفْظُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَمَّى الْحَيْضَ قُرْءًا فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ : فَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ بِحَيْضَةٍ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِحَضْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ نِصْفُ عِدَّةِ الْحُرَّةِ وَلَوْ قَدَرْتُ عَلَى أَنْ أَجْعَلَهَا حَيْضَةً وَنِصْفًا لَفَعَلْتُ وَهَذَا يَدْخُلُ فِي بَابِ الْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَالُوا قَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا إِذَا وَلَدَتْ فَقَدْ خَرَجَتْ مِنَ الْعِدَّةِ لَا اخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا قَالُوا فَالْقِيَاسِ أَنْ يَكُونَ الْحَيْضُ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ ؛ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا يَخْرُجَانِ مِنَ الْجَوْفِ وَفِي سِيَاقِ الْآيَةِ أَيْضًا دَلِيلٌ ، قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ : {{ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ }} فَلِلْعُلَمَاءِ فِي هَذَا قَوْلَانِ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْحَبَلُ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ الْحَيْضُ ، وَلَيْسَ ثَمَّ دَلِيلٌ يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ أَحَدِهُمَا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا جَمِيعًا ، وَإِنَّمَا حُظِرَ عَلَيْهَا كِتْمَانُ الْحَيْضِ وَالْحَبَلِ لِأَنَّ زَوْجَهَا إِذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا يَمْلِكُ مَعَهُ الرَّجْعَةَ كَانَ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا مِنْ غَيْرِ أَمْرِهَا مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا فَإِذَا كَرِهَتْهُ قَالَتْ قَدْ حِضْتُ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ أَوْ قَدْ وَلَدْتُ لِئَلَّا يُرَاجِعَهَا فَنَهَيْتُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ جَلَّ وَعَزَّ : {{ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ }}

حديث رقم: 136

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ ، قَالَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، {{ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ }} قَالَ : هُوَ أَحَقُّ بِرَدِّهَا فِي الْعِدَّةِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : التَّقْدِيرُ فِي الْعَرَبِيَّةِ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ وَأَمَّا {{ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ }} فَقَالَ فِيهِ ابْنُ زَيْدٍ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ فِيهَا وَأَمَّا {{ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ }} فَفِيهِ أَقْوَالٌ : فَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ : عَلَيْهَا أَنْ تُطِيعَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُطِيعَهَا قَالَ الشَّعْبِيُّ : إِذَا قَذَفَهَا لَاعَنَ وَلَمْ يُحَدَّ وَإِذَا قَذَفْتُهُ حُدَّتْ وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِيهِ مَا رَوَاهُ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : مَا أُرِيدُ أَنْ أَسْتَنْظِفَ حُقُوقِي عَلَى زَوْجَتِي قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَدَبَ الرِّجَالَ إِلَى أَنْ يَتَفَضَّلُوا عَلَى نِسَائِهِمْ وَأَنْ تَكُونَ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ فِي الْعَفْوِ وَالتَّفَضْلِ وَالِاحْتِمَالِ ؛ لِأَنَّ مَعْنَى : دَرَجَةٌ فِي اللُّغَةِ زِيَادَةٌ وَارْتِفَاعٌ قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ : وَاللَّهُ عَزِيزٌ فِي انْتِقَامِهِ حَكِيمٌ فِي تَدَبِيرِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ أَيْ عَزِيزٌ فِي انْتِقَامِهِ مِمَّنْ خَالَفَ أَمْرَهُ وَحُدُودَهُ فِي أَمْرِ الطَّلَاقِ وَالْعِدَّةِ حَكِيمٌ فِيمَا دَبَّرَ لِخَلْقِهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا نَاسِخَةً وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا مَنْسُوخَةً وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا مُحْكَمَةً وَهِيَ الْآيَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ

حديث رقم: 137

وَحَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ : قُرِئَ عَلَى عَبْد اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، عَنْ أَبِي الْأَزْهَرِ ، قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ {{ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ }} قَالَ : فَنَسَخَ هَذَا مَا كَانَ قَبْلَهُ فَجَعَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ حَدَّ الطَّلَاقِ ثَلَاثًا وَجَعَلَ لَهُ الرَّجْعَةَ مَا لَمْ يُطَلِّقْ ثَلَاثًا فَهَذَا قَوْلٌ وَالْقَوْلُ الثَّانِي : إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ : {{ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ }} وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ : إِنَّهَا مُحْكَمَةٌ وَافْتَرَقَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهَا مُحْكَمَةٌ عَلَى ثَلَاثِ جِهَاتٍ : فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَنْبَغِي لِلرِّجَالِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا إِلَّا اثْنَتَيْنِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {{ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ }} ثُمَّ إِنْ شَاءَ طَلَّقَ الثَّالِثَةَ بَعْدُ وَهَذَا قَوْلُ عِكْرِمَةَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّهُ يُطَلِّقُهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ إِنْ شَاءَ وَاحِدَةً وَإِنْ شَاءَ اثْنَتَيْنِ وَإِنْ شَاءَ ثَلَاثًا وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ : الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَيُحْتَجُّ لِصَاحِبِ هَذَا الْقَوْلِ : بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِعُمَرَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ وَكَانَتِ السُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ كُلِّ طَلْقَتَيْنِ حَيْضَةٌ فَلَوْ طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ ثُمَّ رَاجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَةَ وَقَعَتْ تَطْلِيقَتَانِ بَيْنَهُمَا حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَهَذَا خِلَافُ السُّنَّةِ فَلِهَذَا أَمَرَ أَنْ يُرَاجِعَهَا ثُمَّ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ وَمِنَ الْحُجَّةِ أَيْضًا {{ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ }} لِأَنَّ مَرَّتَيْنِ يَدُلُّ عَلَى التَّفْرِيقِ كَذَا هُوَ فِي اللُّغَةِ قَالَ سِيبَوَيْهِ : وَقَدْ تَقُولُ سِيرَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ تَجْعَلُهُ لِلدَّهْرِ أَيْ ظَرْفًا فَسِيبَوَيْهِ يَجْعَلُ مَرَّتَيْنِ ظَرْفًا فَالتَّقْدِيرُ أَوْقَاتُ الطَّلَاقِ مَرَّتَانِ

حديث رقم: 138

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ ، قَالَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، قَالَ أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُمَيْعٍ ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ ، أَنَّ رَجُلًا ، قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْمَعُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ {{ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ }} فَأَيْنَ الثَّالِثَةُ ؟ قَالَ : التَّسْرِيحُ بِإِحْسَانٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ فِي الْمَنْسُوخُ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ فِي مُخَالَفَةِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ قَالَ جَلَّ وَعَزَّ : {{ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ }} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ قَالَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ سَأَلْتُ بَكْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيَّ عَنِ الرَّجُلِ تُرِيدُ امْرَأَتَهُ أَنْ تُخَالِعَهُ ، فَقَالَ : لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا قُلْتُ فَأَيْنَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ {{ فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ }} قَالَ نُسِخَتْ ، قُلْتُ : فَأَيْنَ جُعِلَتْ ؟ قَالَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ {{ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا }} وَالْآيَةُ الْأُخْرَى قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا قَوْلٌ شَاذٌّ خَارِجٌ عَنِ الْإِجْمَاعِ وَلَيْسَ إِحْدَى الْآيَتَيْنِ رَافِعَةً لِلْأُخْرَى فَيَقَعُ النَّسْخُ لِأَنَّ قَوْلَهُ جَلَّ وَعَزَّ {{ فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ }} لَيْسَ بِمُزَالٍ بِتِلْكَ لِأَنَّهُمَا إِذَا خَافَا هَذَا لَمْ يَدْخُلِ الزَّوْجُ فِي {{ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ }} لِأَنَّ هَذَا لِلرِّجَالِ خَاصَّةً وَمِنَ الشُّذُوذِ فِي هَذَا مَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، وَالْحَسَنِ أَنَّهُمْ قَالُوا : لَا يَجُوزُ الْخُلْعُ إِلَّا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ قَالَ شُعْبَةُ قُلْتُ لِقَتَادَةَ عَمَّنْ أَخَذَ الْحَسَنُ الْخُلْعَ إِلَى السُّلْطَانِ قَالَ عَنْ زِيَادٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهُوَ صَحِيحٌ مَعْرُوفٌ عَنْ زِيَادٍ وَلَا مَعْنَى لِهَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّ الرَّجُلَ إِذَا خَالَعَ امْرَأَتَهُ فَإِنَّمَا هُوَ عَلَى مَا يَتَرَاضَيَانِ بِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْبِرَهُ السُّلْطَانُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ : هُوَ إِلَى السُّلْطَانِ وَمَعَ هَذَا فَقَوْلُ الصَّحَابَةِ وَأَكْثَرِ التَّابِعِينَ إِنَّ الْخُلْعَ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ السُّلْطَانِ فَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ عُمَرُ ، وَعُثْمَانُ ، وَابْنُ عُمَرَ

حديث رقم: 139

كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَيَّانَ ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ ، قَالَ أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ الرُّبَيِّعَ ابْنَةَ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ ، تُخْبِرُ عَبْد اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا فِي عَهْدِ عُثْمَانَ فَجَاءَ عَمُّهَا مُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ إِنَّ ابْنَةَ مُعَوِّذٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا أَفَتَنْتَقِلُ ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ : لِتَنْتَقِلْ وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَكِنْ لَا تُنْكَحُ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ بِهَا حَمْلٌ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : عُثْمَانُ خَيْرُنَا وَأَعْلَمُنَا

حديث رقم: 140

وَفِي حَدِيثِ أَيُّوبَ ، وعُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ عُثْمَانَ ، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَحْكَامٌ وَعُلُومٌ فَمِنْهَا أَنَّ عُثْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَجَازَ الْخُلْعَ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَجَازَهُ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ السُّلْطَانِ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ زِيَادٌ وَجَعَلَهُ طَلَاقًا عَلَى خِلَافِ مَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَجَازَهُ بِالْمَالِ وَلَمْ يُسْأَلْ أَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ صَدَاقِهَا أَمْ أَقَلُّ عَلَى خِلَافِ مَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ : إِنَّ الْخُلْعَ لَا يَجُوزُ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَاقَ إِلَيْهَا مِنَ الصَّدَاقِ وَأَجَازَ لِلْمُخْتَلِعَةِ أَنْ تَنْتَقِلَ وَجَعَلَهَا خِلَافَ الْمُطَلَّقَةِ وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهَا عِدَّةً كَالْمُطَلَّقَةِ وَقَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ قَالَ : وَلَيْسَ عَلَى الْمُخْتَلِعَةِ عِدَّةٌ وَإِنَّمَا عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَا اخْتِلَافٍ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ اخْتِلَافٌ فَلَمَّا جَاءَ عَنْ ثَلَاثَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ لَمْ يَقُلْ بِغَيْرِهِ وَلَا سِيَّمَا وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ خِلَافُهُ فَأَمَّا عَنْ غَيْرِهِمْ فَكَثِيرٌ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْد اللَّهِ ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالزُّهْرِيُّ ، وَالْحَسَنُ ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، وَالْأَوْزَاعِيُّ ، ومَالِكٌ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ أَنَّهُ أَوْجَبَ أَنَّ الْمُخْتَلِعَةَ أَمْلَكُ بِنَفْسِهَا لَا تَتَزَوَّجُ إِلَّا بِرِضَاهَا وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تُطَلَّقْ إِلَّا وَاحِدَةً ، وَفِيهِ أَنَّهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى وَأَنَّهُمَا لَا يَتَوَارَثَانِ ، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةٍ وَفِيهِ أَنَّهَا لَا تُنْكَحُ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً وَفِيهِ أَنَّ عَبْد اللَّهِ بْنَ عُمَرَ خَبَّرَ أَنَّ عُثْمَانَ خَيْرٌ وَأَعْلَمُ مِنْ كُلِّ مَنْ وُلِّيَ عَلَيْهِ

حديث رقم: 141

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَحَدَّثْنَاهُ ، أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِي ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ طَاوُسٍ : أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ ، جَمَعَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَتَيْنِ وَخَالَعَهَا وَهَذَا قَوْلٌ شَاذٌّ خَارِجٌ عَنِ الْإِجْمَاعِ وَالْمَعْقُولِ وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ إِذَا كَانَ كَذَا فَوَقَعَتِ الصِّفَةُ طُلِّقَتْ بِإِجْمَاعٍ فَكَيْفَ يَكُونُ إِذَا أَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا وَطَلَّقَ بِصِفَةٍ لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ فَهَذَا مُحَالٌ فِي الْمَعْقُولِ ، وَطَاوُسٌ وَإِنْ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا فَعِنْدَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَنَاكِيرُ يُخَالَفُ عَلَيْهَا وَلَا يَقْبَلُهَا أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْهَا أَنَّهُ : رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِنَّمَا يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ وَلَا يُعْرَفُ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَّا مِنْ رِوَايَتِهِ وَالصَّحِيحُ عَنْهُ وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهَا ثَلَاثٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ {{ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ }} أَيِ الثَّالِثَةُ فَأَمَّا الْعِلَّةُ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمُخْتَلِعَةِ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : وَقَعَ الْخُلْعُ بَيْنَ طَلَاقَيْنِ ، قَالَ جَلَّ وَعَزَّ : {{ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ }} ثُمَّ ذَكَرَ الْمُخْتَلِعَةَ فَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ : {{ فَإِنْ طَلَّقَهَا }} قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ قَوْلَهُ جَلَّ وَعَزَّ {{ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ }} كَلَامٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ جَلَّ وَعَزَّ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا فَكَانَ هَذَا حُكْمًا مُسْتَأْنَفًا ثُمَّ قَالَ جَلَّ وَعَزَّ : {{ فَإِنْ طَلَّقَهَا }} فَرَجَعَ إِلَى الْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَ عَلَى مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمْ تَكُنِ الْمُخْتَلِعَةُ إِلَّا مَنْ طُلِّقَتْ تَطْلِيقَتَيْنِ فَهَذَا مَا لَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ وَمَثَلُ هَذَا فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ {{ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ }} قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا بَيِّنٌ فِي النَّحْوِ وَفِي الْآيَةِ مِنَ اللُّغَةِ وَقَدْ ذَكَرَهُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ نَصًّا فَقَالَ الْمُخْتَلِعَةُ الَّتِي اخْتَلَعَتْ مِنْ كُلِّ مَالِهَا وَالْمُفْتَدِيَةُ الَّتِي افْتَدَتْ بِبَعْضِ مَالِهَا وَالْمُبَارِئَةُ الَّتِي بَارَأَتْ زَوْجَهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ، فَقَالَتْ : قَدْ أَبْرَأْتُكَ فَبَارِئْنِي قَالَ : وَكُلُّ هَذَا سَوَاءٌ وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ وَقَدْ يَدْخُلُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ فَيُقَالُ مُخْتَلِعَةٌ وَإِنْ دَفَعَتْ بَعْضَ مَالِهَا فَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَكَذَا الْمُفْتَدِيَةُ وَإِنِ افْتَدَتْ بِكُلِّ مَالِهَا فَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَخْتَلِعَ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَاقَ إِلَيْهَا مِنَ الصَّدَاقِ فَشَيْءٌ لَا تُوجِبُهُ الْآيَةُ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ : {{ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ }} وَلَيْسَ فِي التِّلَاوَةِ {{ فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ }} مِنْ ذَلِكَ وَلَا مِنْهُ فَيَصِحُّ مَا قَالُوا عَلَى أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يُرْوَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَا يَجُوزُ الْخُلْعُ إِلَّا بِأَقَلَّ مِنَ الصَّدَاقِ وَقَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ مَنْ أَخَذَ الصَّدَاقَ كُلَّهُ فَلَمْ يُسَرِّحْ بِإِحْسَانٍ وَقَدْ أُدْخِلَتِ الْآيَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ قَالَ ذَلِكَ مَالِكُ بْنَ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ

حديث رقم: 142

كَمَا قُرِئَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَفْصٍ ، عَنْ يوسُفَ بْنِ مُوسَى ، قَالَ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ ، قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : أَنَّ عُمَرَ ، أَجْبَرَ بَنِي عَمٍّ عَلَى مَنْفُوسٍ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ : الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ وَقَالَ الْحَسَنُ إِذَا خَلَّفَ أُمَّهُ وَعَمَّهُ الْأُمُّ مُوسِرَةٌ وَالْعَمُّ مُعْسِرٌ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْعَمِّ وَالَّذِينَ قَالُوا : وَعَلَى وَارِثِ الْمَوْلُودِ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ : إِذَا خَلَّفَ أُمًّا وَعَمًّا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَقَالَ قَتَادَةُ عَلَى وَارِثِ الصَّبِيِّ عَلَى قَدْرَ مِيرَاثِهِمْ وَقَالَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ الْوَارِثُ الصَّبِيُّ

حديث رقم: 143

كَمَا قُرِئَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَفْصٍ ، عَنْ يوسُفَ بْنِ مُوسَى ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ ، قَالَ أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ ، قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ ، {{ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ }} قَالَ : الْوَارِثُ الصَّبِيُّ وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ : إِذَا كَانَ لِلصَّبِيِّ أُمٌّ وَعَمٌّ أَجْبَرْتُ الْأُمَّ عَلَى رَضَاعَةٍ وَلَمْ يُطَالِبِ الْعَمَّ بِشَيْءٍ وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا عَلَى كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَذِهِ جَمِيعُ الْأَقْوَالِ الَّتِي وَصَفْنَاهَا مِنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ ، فَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ فَلَمْ يُبَيِّنُهُ وَلَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ بَيَّنَ ذَلِكَ وَالَّذِي يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ النَّاسِخُ لَهَا عِنْدَهُ وَاللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ : أَعْلَمُ أَنَّهُ لَمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا مِنْ مَالِ الْمُتَوَفَّى نَفَقَةَ حَوْلٍ وَالسُّكْنَى ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ وَرَفَعَهُ نُسِخَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ الْوَارِثِ ، وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ : {{ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ }} أَنْ لَا يُضَارَّ فَقَوْلٌ حَسَنٌ لِأَنَّ أَمْوَالَ النَّاسِ مَحْظُورَةٌ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا شَيْءٌ إِلَّا بِدَلِيلٍ قَاطِعٍ ، وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ عَلَى وَرَثَةِ الْأَبِ فَالْحُجَّةُ لَهُ أَنَّ النَّفَقَةَ كَانَتْ عَلَى الْأَبِ فَوَرَثَتُهُ أَوْلَى مِنْ وَرَثَةِ الِابْنِ وَأَمَّا حُجَّةُ مَنْ قَالَ عَلَى وَرَثَةِ الِابْنِ فَيَقُولُ : كَمَا يَرِثُونَهُ يَقُومُونَ بِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ يَخْتَارُ قَوْلَ مَنْ قَالَ الْوَارِثُ هَاهُنَا الِابْنُ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ قَوْلًا غَرِيبًا فَالْإِسْنَادُ بِهِ صَحِيحٌ وَالْحُجَّةُ بِهِ ظَاهِرَةٌ ؛ لِأَنَّ مَالَهُ أَوْلَى بِهِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ إِلَّا مَنْ شَذَّ مِنْهُمْ أَنَّ رَجُلًا لَوْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ طِفْلٌ وَلِلْوَلَدِ مَالٌ وَالْأَبُّ مُوسِرٌ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ نَفَقَةٌ وَلَا رَضَاعٌ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ قِيلَ قَدْ قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ {{ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ }} قِيلَ هَذَا الضَّمِيرُ لِلْمُؤَنَّثِ وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ حِذًا لِلْآيَةِ مُبَيِّنٌ لَهَا لَا يَسَعُ مُسْلِمًا الْخُرُوجُ عَنْهُ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنَ الْأَبَوَيْنِ فَحُجَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْأُمِّ تَضْيِيعُ وَلَدِهَا وَقَدْ مَاتَ مَنْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ عَلَى كُلِّ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ فَحُجَّتُهُ أَنَّ عَلَىَ الرَّجُلِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى كُلِّ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ إِذَا كَانَ فَقِيرًا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ عُورِضَ هَذَا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَلَا مِنْ إِجْمَاعٍ وَلَا مِنْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ بَلْ لَا يُعْرَفُ مِنْ قَوْلٍ سِوَى مَنْ ذَكَرْنَاهُ ، فَأَمَّا الْقُرْآنُ فَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ {{ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ }} فَتَكَلَّمَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ فِيهِ بِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْوَارِثِ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ فَقَدْ خَالَفُوا ذَلِكَ ، فَقَالُوا : إِذَا تَرَكَ خَالَهُ وَابْنَ عَمِّهِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى خَالِهِ وَلَيْسَ عَلَى ابْنِ عَمِّهِ شَيْءٌ فَهَذَا مُخَالَفَةُ نَصِّ الْقُرْآنِ لِأَنَّ الْخَالَ لَا يَرِثُ مَعَ ابْنِ الْعَمِّ فِي قَوْلِ أَحَدٍ وَلَا يَرِثُ وَحْدَهُ فِي قَوْلِ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ ، وَالَّذِي احْتَجُّوا بِهِ مِنَ النَّفَقَةِ عَلَى كُلِّ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى خِلَافِهِ وَأَمَّا الْآيَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ فَقَدْ تَكَلَّمَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِيهَا فَقَالَ أَكْثَرَهُمْ : هِيَ نَاسِخَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِيهَا مَا نُسِخَ