عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ ، {{ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ }} قَالَ : " الْوَارِثُ الصَّبِيُّ "
كَمَا قُرِئَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَفْصٍ ، عَنْ يوسُفَ بْنِ مُوسَى ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ ، قَالَ أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ ، قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ ، {{ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ }} قَالَ : الْوَارِثُ الصَّبِيُّ وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ : إِذَا كَانَ لِلصَّبِيِّ أُمٌّ وَعَمٌّ أَجْبَرْتُ الْأُمَّ عَلَى رَضَاعَةٍ وَلَمْ يُطَالِبِ الْعَمَّ بِشَيْءٍ وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا عَلَى كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَذِهِ جَمِيعُ الْأَقْوَالِ الَّتِي وَصَفْنَاهَا مِنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ ، فَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ فَلَمْ يُبَيِّنُهُ وَلَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ بَيَّنَ ذَلِكَ وَالَّذِي يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ النَّاسِخُ لَهَا عِنْدَهُ وَاللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ : أَعْلَمُ أَنَّهُ لَمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا مِنْ مَالِ الْمُتَوَفَّى نَفَقَةَ حَوْلٍ وَالسُّكْنَى ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ وَرَفَعَهُ نُسِخَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ الْوَارِثِ ، وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ : {{ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ }} أَنْ لَا يُضَارَّ فَقَوْلٌ حَسَنٌ لِأَنَّ أَمْوَالَ النَّاسِ مَحْظُورَةٌ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا شَيْءٌ إِلَّا بِدَلِيلٍ قَاطِعٍ ، وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ عَلَى وَرَثَةِ الْأَبِ فَالْحُجَّةُ لَهُ أَنَّ النَّفَقَةَ كَانَتْ عَلَى الْأَبِ فَوَرَثَتُهُ أَوْلَى مِنْ وَرَثَةِ الِابْنِ وَأَمَّا حُجَّةُ مَنْ قَالَ عَلَى وَرَثَةِ الِابْنِ فَيَقُولُ : كَمَا يَرِثُونَهُ يَقُومُونَ بِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ يَخْتَارُ قَوْلَ مَنْ قَالَ الْوَارِثُ هَاهُنَا الِابْنُ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ قَوْلًا غَرِيبًا فَالْإِسْنَادُ بِهِ صَحِيحٌ وَالْحُجَّةُ بِهِ ظَاهِرَةٌ ؛ لِأَنَّ مَالَهُ أَوْلَى بِهِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ إِلَّا مَنْ شَذَّ مِنْهُمْ أَنَّ رَجُلًا لَوْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ طِفْلٌ وَلِلْوَلَدِ مَالٌ وَالْأَبُّ مُوسِرٌ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ نَفَقَةٌ وَلَا رَضَاعٌ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ قِيلَ قَدْ قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ {{ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ }} قِيلَ هَذَا الضَّمِيرُ لِلْمُؤَنَّثِ وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ حِذًا لِلْآيَةِ مُبَيِّنٌ لَهَا لَا يَسَعُ مُسْلِمًا الْخُرُوجُ عَنْهُ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنَ الْأَبَوَيْنِ فَحُجَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْأُمِّ تَضْيِيعُ وَلَدِهَا وَقَدْ مَاتَ مَنْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ عَلَى كُلِّ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ فَحُجَّتُهُ أَنَّ عَلَىَ الرَّجُلِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى كُلِّ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ إِذَا كَانَ فَقِيرًا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ عُورِضَ هَذَا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَلَا مِنْ إِجْمَاعٍ وَلَا مِنْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ بَلْ لَا يُعْرَفُ مِنْ قَوْلٍ سِوَى مَنْ ذَكَرْنَاهُ ، فَأَمَّا الْقُرْآنُ فَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ {{ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ }} فَتَكَلَّمَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ فِيهِ بِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْوَارِثِ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ فَقَدْ خَالَفُوا ذَلِكَ ، فَقَالُوا : إِذَا تَرَكَ خَالَهُ وَابْنَ عَمِّهِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى خَالِهِ وَلَيْسَ عَلَى ابْنِ عَمِّهِ شَيْءٌ فَهَذَا مُخَالَفَةُ نَصِّ الْقُرْآنِ لِأَنَّ الْخَالَ لَا يَرِثُ مَعَ ابْنِ الْعَمِّ فِي قَوْلِ أَحَدٍ وَلَا يَرِثُ وَحْدَهُ فِي قَوْلِ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ ، وَالَّذِي احْتَجُّوا بِهِ مِنَ النَّفَقَةِ عَلَى كُلِّ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى خِلَافِهِ وَأَمَّا الْآيَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ فَقَدْ تَكَلَّمَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِيهَا فَقَالَ أَكْثَرَهُمْ : هِيَ نَاسِخَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِيهَا مَا نُسِخَ