حديث رقم: 4159

حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ ، وَفَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَا : حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ , عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو , عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ رَجُلًا لَزِمَ غَرِيمًا لَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا عِنْدِي شَيْءٌ أَقْضِيكَهُ الْيَوْمَ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لَا أُفَارِقُكَ حَتَّى تُعْطِيَنِي ، أَوْ تَأْتِيَنِي بِحَمِيلٍ يَتَحَمَّلُ عَنْكَ قَالَ : وَاللَّهِ مَا عِنْدِي قَضَاءٌ ، وَمَا أَجِدُ أَحَدًا يَتَحَمَّلُ عَنِّي قَالَ : فَجَرَّهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ هَذَا لَزِمَنِي ، وَاسْتَنْظَرْتُهُ شَهْرًا وَاحِدًا ، فَأَبَى حَتَّى أَقْضِيَهُ ، أَوْ آتِيَهُ بِحَمِيلٍ ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ مَا عِنْدِي حَمِيلٌ ، وَلَا أَجِدُ قَضَاءً الْيَوْمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ تَسْتَنْظِرُهُ إِلَّا شَهْرًا وَاحِدًا ؟ قَالَ : لَا قَالَ : فَأَنَا أَحْمِلُ بِهَا عَنْهُ ، فَحَمَلَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَهَبَ الرَّجُلُ ، فَأَتَاهُ بِقَدْرِ مَا وَعَدَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مِنْ أَيْنَ أَصَبْتَ هَذِهِ الذَّهَبَ ؟ قَالَ : مِنْ مَعْدِنٍ قَالَ : لَا حَاجَةَ لَنَا بِهَا ، لَيْسَ فِيهَا خَيْرٌ ، فَقَضَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الذَّهَبِ الَّذِي جَاءَهُ بِهِ ذَلِكَ الرَّجُلِ لَمَّا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ بَعْضِ الْمَعَادِنِ : أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِيهِ , فَقَالَ قَائِلٌ : وَهَلْ جَمِيعُ الذَّهَبِ الَّذِي فِي أَيْدِي النَّاسِ يَصْرِفُونَهُ فِي زَكَوَاتِهِمْ ، وَفِي مُهُورِ نِسَائِهِمْ ، وَفِي أَثْمَانِ بِيَاعَاتِهِمْ إِلَّا مِنَ الْمَعَادِنِ الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا ، وَدَفَعَ بِذَلِكَ هَذَا الْحَدِيثَ أَنْ يَكُونَ مَقْبُولًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ : قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أُخِذَ مِنَ الْمَعَادِنِ مَا فِيهِ خِلَافُ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ

حديث رقم: 4160

فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ , عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَيْضَةٍ مِنْ ذَهَبٍ أَصَابَهَا فِي بَعْضِ الْمَعَادِنِ ، فَقَالَ : خُذْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَوَاللَّهِ مَا أَصْبَحْتُ أَمْلِكُ غَيْرَهَا ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، ثُمَّ أَتَاهُ عَنْ شِمَالِهِ ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، ثُمَّ أَتَاهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَقَالَ : هَاتِهَا مُغْضَبًا ، فَأَخَذَهَا ، فَحَذَفَهُ بِهَا حَذْفَةً لَوْ أَصَابَهُ لَشَجَّهُ أَوْ عَقَرَهُ ، ثُمَّ قَالَ : يَأْتِي أَحَدُكُمْ بِمَالِهِ كُلِّهِ ، فَيَتَصَدَّقُ بِهِ ، ثُمَّ يَجْلِسُ يَتَكَفَّفُ النَّاسَ ، إِنَّهُ لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى

حديث رقم: 4161

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ , عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ حَدِيثَهُ مِنْ فِيهِ ، فَذَكَرَ حَدِيثَهُ بِطُولِهِ ، وَقَالَ فِيهِ : فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَاتِبْ فَسَأَلْتُ صَاحِبِي ذَلِكَ ، فَلَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى كَاتَبَنِي عَلَى أَنْ أُحْيِيَ لَهُ ثَلَاثَ مِائَةِ نَخْلَةٍ ، وَبِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً مِنْ وَرِقٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَعِينُوا أَخَاكُمْ بِالنَّخْلِ فَأَعَانَنِي كُلُّ رَجُلٍ يَقْدِرُ بِالثَّلَاثِينَ ، وَالْعِشْرِينَ ، وَالْخَمْسَ عَشْرَةَ ، وَالْعَشْرِ ، ثُمَّ قَالَ لِي : يَا سَلْمَانُ ، اذْهَبْ فَفَقِّرْ لَهَا ، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَضَعَهَا ، فَلَا تَضَعْهَا حَتَّى تَأْتِيَ ، فَتُؤْذِنَنِي ، فَأَكُونُ أَنَا الَّذِي أَضَعُهَا بِيَدِي فَقُمْتُ فِي تَفْقِيرِي ، وَأَعَانَنِي أَصْحَابِي حَتَّى فَقَّرْنَا شِرْبَهَا ثَلَاثَ مِائَةِ وَدِيَّةٍ ، وَجَاءَ كُلُّ رَجُلٍ بِمَا أَعَانَنِي بِهِ مِنَ النَّخْلِ ، ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَعَلَ يَضَعُهَا بِيَدِهِ ، وَجَعَلَ يُسَوِّي عَلَيْهَا تُرَابَهَا وَيُنْزِلُ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا جَمِيعًا ، فَلَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا نَفَقَتْ مِنْهَا وَاحِدَةٌ ، وَبَقِيَتِ الدَّرَاهِمُ ، فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي أَصْحَابِهِ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِمِثْلِ الْبَيْضَةِ مِنْ ذَهَبٍ أَصَابَهَا مِنْ بَعْضِ الْمَعَادِنِ ، فَتَصَدَّقَ بِهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا فَعَلَ الْفَارِسِيُّ الْمِسْكِينُ الْمُكَاتَبُ ؟ ادْعُوهُ لِي ، فَدُعِيتُ لَهُ ، فَجِئْتُ ، فَقَالَ : اذْهَبْ ، فَأَدِّهَا عَنْكَ مِمَّا عَلَيْكَ مِنَ الْمَالِ قُلْتُ : وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ مِمَّا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ سَيُؤَدِّي بِهَا عَنْكَ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ لَا نَعْلَمُهُ كَمَا حُكِيَ ، إِذْ كَانَ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَالَ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ مَا قَالَهُ فِيهِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ الْمَعَادِنُ لِلنَّاسِ ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْغَنَائِمِ ، وَالْخُمُسُ وَاجِبٌ فِيهَا لِوُجُوبِهِ فِي الْغَنَائِمِ ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ فِي الْمَعَادِنِ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ ، وَقَدْ كَانَتِ الْغَنَائِمُ مُحَرَّمَةً عَلَى مَنْ قَبْلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ الْأُمَمِ ، وَعَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي مُدَّةٍ مِنَ الْإِسْلَامِ حَتَّى أَحَلَّهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ رَحْمَةً مِنْهُ إِيَّاهُمْ ، وَتَخْفِيفًا مِنْهُ عَلَيْهِمْ ، فَكَانَتْ قَبْلَ إِحْلَالِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهَا لَهُمْ لَا خَيْرَ لَهُمْ فِي الْمَوْجُودِ فِيهَا ، وَهِيَ عِنْدَ قَوْمٍ آخَرِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَمْوَالِ الصَّدَقَاتِ ، وَهُمْ أَهْلُ الْحِجَازِ ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ فَرْضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الزَّكَاةَ عَلَى عِبَادِهِ فِي أَمْوَالِهِمْ ، فَلَمْ يَكُنْ مَا وُجِدَ مِمَّا إِذَا أَخَذُوهُ مِنَ الْمَعَادِنِ كَانَ مَالًا لَهُمْ فِيهِ خَيْرٌ لِذَلِكَ ، ثُمَّ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا الزَّكَاةَ ، فَعَادَتْ إِلَى خِلَافِ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَصَارَتْ مِمَّا فِيهِ الْخَيْرُ وَالْقُرْبَةُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَدَّى الْمَفْرُوضَ فِي ذَلِكَ إِلَيْهِ ، فَكَانَ مَا ذَكَرْنَا مِمَّا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ فِي حَالِ الْحُكْمِ كَانَ فِيهَا فِي الْمَوْجُودِ فِي الْمَعَادِنِ خِلَافَ الْحُكْمِ فِي الْمَوْجُودِ فِيهَا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَيْضًا وَجْهٌ آخَرُ ، وَهُوَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَانَ قَدْ تَحَمَّلَ عَنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِالدَّيْنِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ ، صَارَ ذَلِكَ الدَّيْنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ لِمَنْ هُوَ لَهُ ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ الدَّيْنُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مَضْرُوبَةً ، فَلَمَّا جَاءَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْمُتَحَمَّلُ عَنْهُ بِمَا جَاءَهُ بِهِ مِمَّا وَجَدَهُ فِي الْمَعْدِنِ الَّذِي وَجَدَهُ ، وَلَيْسَ بِدَنَانِيرَ مَضْرُوبَةٍ ، إِنَّمَا هُوَ ذَهَبٌ غَيْرُ مَضْرُوبٍ ، وَذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ دُونَ الدَّنَانِيرِ الْمَضْرُوبَةِ مِنْ مِثْلِهِ ، وَكَانَ أَدَاءُ ذَلِكَ قَضَاءً عَنْ مَا قَدْ كَانَ ، صَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحَمُّلِهِ إِيَّاهُ عَمَّا قَدْ كَانَ عَلَيْهِ ، وَقَدْ كَانَ مِنْ شَرِيعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً ، وَكَانَ هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِذَلِكَ ، فَكَانَ أَنْ دَفَعَ إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي يَحْمِلُ لَهُ ذَلِكَ الذَّهَبَ قَضَاءً عَنِ الدَّنَانِيرِ الَّذِي يَحْمِلُ لَهُ بِهَا الْمَضْرُوبَةَ لَمْ يُحْسِنْ قَضَاءَهُ ، وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْعَدُ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ ، فَكَرِهَ أَخْذَهَا لِذَلِكَ ، وَأَدَّى إِلَى الَّذِي تَحَمَّلَ لَهُ بِهَا مِنْ مَالِهِ دَنَانِيرَ لَا نَقْصَ عَلَيْهِ فِيهَا ، وَلَا كَرَاهَةَ عِنْدَهُ فِي أَخْذِهِ إِيَّاهَا ، وَهَذَا تَأْوِيلٌ حَسَنٌ ، وَكَانَ مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا حَمَلْنَا مَا رُوِّينَاهُ فِيهِ عَلَى مَا حَمَلْنَاهُ عَلَيْهِ ، وَمَنْ صَرَفْنَا إِيَّاهُ إِلَى مَا صَرَفْنَاهُ إِلَيْهِ مَا قَدِ انْتَفَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِمَّا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِيهِ تَضَادٌّ أَوِ اخْتِلَافٌ ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ

حديث رقم: 4162

حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ أَبِي سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الْيَمَنِ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِذَهَبَةٍ مِنْ تُرْبَتِهَا ، فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ : بَيْنَ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ ، وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ ، وَزَيْدِ الْخَيْرِ الطَّائِيِّ ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ الْعَامِرِيِّ ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلَابٍ ، فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ ، وَقَالَتْ : يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّمَا أُعْطِيهِمْ أَتَأَلَّفُهُمْ

حديث رقم: 4163

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ الْبَجَلِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : بَعَثَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذُهَيْبَةٍ فِي تُرْبَتِهَا مِنَ الْيَمَنِ ، فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةٍ : الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ التَّمِيمِيِّ ، وَبَيْنَ عَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ الْعَامِرِيِّ ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلَابٍ ، وَبَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ ، وَبَيْنَ زَيْدِ الْخَيْلِ الطَّائِيِّ ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ قَالَ : فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالْأَنْصَارُ ، وَقَالُوا : يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا فَقَالَ : إِنِّي أَتَأَلَّفُهُمْ فَقَالَ قَائِلٌ : فِي صَرْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الذَّهَبَ الْمَوْجُودَ فِي الْمَعْدِنِ إِلَى الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ مِنَ الْمَالِ الَّذِي يُعْطَى مِنْهُ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ ، وَهُوَ أَمْوَالُ الزَّكَوَاتِ ، فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ لَا دَلِيلَ لَهُ بِذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرَ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ يَتَأَلَّفُ قُلُوبَ أُولَئِكَ الْقَوْمِ مِنَ الصَّدَقَاتِ كَمَا قَدْ ذَكَرَ هَذَا الْقَائِلُ ، وَقَدْ كَانَ يَتَأَلَّفُهُمْ مِنْ غَيْرِهَا

حديث رقم: 4164

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى مِنْ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ : عُيَيْنَةَ بْنَ بَدْرٍ ، وَالْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ وَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرْنَا كَذَلِكَ انْتَفَى أَنْ يَكُونَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ دَلِيلٌ لِهَذَا الْقَائِلِ عَلَى مَا تُوُهِّمَ أَنَّهُ دَلِيلٌ لَهُ عَلَى مَا اسْتَدَلَّ بِهِ فِيهِ ، وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ

حديث رقم: 4165

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ : دَعَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلِيًّا وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ، فَأَصَابُوا مِنَ الْخَمْرِ يَعْنِي قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ فَقَدَّمُوا عَلِيًّا فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ ، فَقَرَأَ : {{ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ }} فَخَلَطَ فِيهَا ، فَنَزَلَتْ : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى }} قَالَ : فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ السُّكْرَ الَّذِي يُسَمَّى صَاحِبُهُ سَكْرَانًا ، وَيَدْخُلُ فِي أَحْكَامِ أَهْلِهِ هُوَ الَّذِي جَعَلَهُ أَبُو يُوسُفَ سَكْرَانًا بِمَا يُحَدِّثُ فِيهِ بِالسُّكْرِ لَا السَّكْرَانُ الْآخَرُ الَّذِي جَعَلَهُ أَبُو حَنِيفَةَ سَكْرَانًا بِالْأَحْوَالِ الَّتِي ذَكَرَهَا مِمَّا يُحَدِّثُ فِيهِ , فَقَالَ قَائِلٌ : هَذَا الْحَدِيثُ مُنْقَطِعٌ لَيْسَ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُحْتَجَّ فِي هَذَا الْبَابِ بِمِثْلِهِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا فِي رِوَايَةِ الْفِرْيَابِيِّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، فَإِنَّ غَيْرَهُ مِنْ رُوَاةِ سُفْيَانَ قَدْ رَفَعَهُ مِنْهُمْ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَغَيْرُهُ ، فَذَكَرُوهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَلِيٍّ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ مَرْفُوعًا ، كَمَا ذَكَرْنَا

حديث رقم: 4166

مِمَّا نَاوَلَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ فِي كِتَابِهِ بِخَطِّهِ أَمَرَنَا بِانْتِسَاخِهِ لِيُحَدِّثَنَا بِهِ ، فَكَانَ فِيهِ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ سَعِيدٍ يَعْنِي الرِّبَاطِيَّ ، أَخْبَرَهُ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ الدَّشْتَكِيَّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ يَعْنِي الرَّازِيَّ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ , عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : صَنَعَ لَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ طَعَامًا ، فَدَعَانَا فَأَكَلْنَا ، وَسَقَانَا مِنَ الْخَمْرِ ، فَأَخَذَتْ فِينَا ، وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ ، فَقَدَّمُونِي ، فَقَرَأْتُ : {{ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ، لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ }} وَنَحْنُ نَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى }} فَعَادَ هَذَا الْحَدِيثُ مُتَّصِلَ الْإِسْنَادِ ، وَلَمَّا وَقَفْنَا عَلَى السَّكْرَانِ الَّذِي تَزُولُ بِهِ أَحْكَامُهُ عَنْ أَحْكَامِ الْأَصِحَّاءِ ، وَيَرْجِعُ إِلَى خِلَافِهَا مِنْ أَحْكَامِ أَضْدَادِهِمْ ، الْتَمَسْنَا مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى أَيْضًا

حديث رقم: 4167

فَوَجَدْنَا فَهْدَ بْنَ سُلَيْمَانَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ الْغَنَوِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ , فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ ، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي قَالَ لَهُ : ارْجِعْ , فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدَاةِ أَتَاهُ أَيْضًا ، فَاعْتَرَفَ عِنْدَهُ بِالزِّنَى ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ارْجِعْ , ثُمَّ أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَوْمِهِ ، فَسَأَلَهُمْ عَنْهُ ، فَقَالَ : مَا تَقُولُونَ فِي مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ ؟ هَلْ تَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا ، أَوْ تُنْكِرُونَ مِنْ عَقْلِهِ شَيْئًا ؟ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , مَا نَرَى بِهِ بَأْسًا ، وَمَا نُنْكِرُ مِنْ عَقْلِهِ شَيْئًا ، ثُمَّ عَادَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّالِثَةَ ، فَاعْتَرَفَ عِنْدَهُ بِالزِّنَى ، وَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ , طَهِّرْنِي ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَأَلَهُمْ عَنْهُ ، فَقَالُوا كَمَا قَالُوا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى : مَا نَرَى بِهِ بَأْسًا ، وَمَا نُنْكِرُ مِنْ عَقْلِهِ شَيْئًا ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَقَرَّ عِنْدَهُ بِالزِّنَى ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَحُفِرَتْ لَهُ حُفْرَةٌ ، فَجُعِلَ فِيهَا إِلَى صَدْرِهِ ، ثُمَّ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَرْجُمُوهُ قَالَ بُرَيْدَةُ : كُنَّا نَتَحَدَّثُ بَيْنَنَا أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ لَوْ جَلَسَ فِي رَحْلِهِ بَعْدَ اعْتِرَافِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَطْلُبْهُ ، وَإِنَّمَا رَجَمَهُ عِنْدَ الرَّابِعَةِ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُؤَالِهِ قَوْمَ مَاعِزٍ عَنْهُ : هَلْ تُنْكِرُونَ مِنْ عَقْلِهِ شَيْئًا ؟ وَلَمْ يُخَصِّصْ فِي ذَلِكَ سَبَبًا مِمَّا يُنْكَرُ بِهِ عَقْلُهُ مِنْ سُكْرٍ وَمِنْ غَيْرِهِ ، عَقَلْنَا بِذَلِكَ : أَنَّهُ إِذَا أُنْكِرَ مِنْ عَقْلِهِ شَيْءٌ ، خَرَجَ بِهِ مِنْ أَحْكَامِ الْأَصِحَّاءِ الْمَقْبُولَةِ إِقْرَارَاتُهُمْ إِلَى مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ لَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ ، وَأَنَّهُ يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْأَسْبَابِ الَّتِي بِهَا يُنْكَرُ مِنْ عُقُولِ أَصْحَابِهَا مَا يُنْكَرُ مِنَ الْجُنُونِ ، وَمِنْ غَيْرِهِ ، وَفِي ذَلِكَ دُخُولُ السُّكْرِ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى ، وَوَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا فِي أَمْرِ مَاعِزِ مَا يَزِيدُ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ

حديث رقم: 4168

وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَعْلَى بْنِ الْحَارِثِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ : حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَامِعٍ , عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ طَهِّرْنِي ، فَقَالَ : وَيْحَكَ ، ارْجِعْ ، فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ ، وَتُبْ إِلَيْهِ ثُمَّ جَاءَهُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , طَهِّرْنِي ، فَقَالَ : وَيْحَكَ ، ارْجِعْ ، فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، وَتُبْ إِلَيْهِ فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيدٍ ، ثُمَّ جَاءَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , طَهِّرْنِي ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ الرَّابِعَةُ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مِمَّا أُطَهِّرُكَ ؟ قَالَ : مِنَ الزِّنَى ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَبِهِ جُنُونٌ ؟ فَأُخْبِرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَجْنُونٍ ، فَسَأَلَ : أَشَرِبْتَ خَمْرًا ؟ , فَقَامَ رَجُلٌ ، فَاسْتَنْكَهَهُ ، فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ رِيحَ خَمْرٍ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَثَيِّبٌ أَنْتَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْكَشْفُ عَنْ أَحْوَالِ مَاعِزٍ الَّتِي بِهَا يَنْدَفِعُ عَنْهُ إِقْرَارٌ بِالزِّنَى ، وَوُجُوبُ الْحَدِّ بِهِ عَلَيْهِ ، وَأَنَّ السُّكْرَ مِنْهَا ، وَأَنَّ ذَلِكَ السُّكْرَ هُوَ السُّكْرُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ، لَا السُّكْرُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ السَّكْرَانَ الَّذِي مَعَهُ التَّخْلِيطُ الَّذِي لَا يَمْلِكُهُ مِنْ نَفْسِهِ يَدْخُلُ بِذَلِكَ فِي أَحْكَامِ مَنْ مَعَهُ ذَلِكَ التَّخْلِيطُ بِالْجُنُونِ ، فَيَكُونُ فِي أَحْكَامِهِ فِيمَا كَانَ سَبَبُهُ السُّكْرُ كَالْمَجْنُونِ فِي أَحْكَامِهِ مِمَّا يُشْبِهُ الْجُنُونَ الَّذِي هُوَ بِهِ ، ثُمَّ طَلَبْنَا الْوَجْهَ فِي ذَلِكَ مِنْ أَقْوَالِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حديث رقم: 4169

فَوَجَدْنَا الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَسَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ : أُتِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِسَكْرَانَ , فَقِيلَ : إِنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ، فَكَانَ رَأْيُ عُمَرَ أَنْ يَجْلِدَهُ ، وَأَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ، فَحَدَّثَهُ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ : لَيْسَ لِلْمَجْنُونِ وَلَا لِلسَّكْرَانِ طَلَاقٌ ، فَقَالَ عُمَرُ : هَذَا يُخْبِرُنِي عَنْ عُثْمَانَ ، فَجَلَدَهُ وَرَدَّ امْرَأَتَهُ قَالَ الزُّهْرِيُّ : فَذَكَرْتُهُ لِرَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ , فَقَالَ : قَرَأَ عَلَيْنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ كِتَابًا مِنْ مُعَاوِيَةَ فِيهِ السُّنَنُ : أَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إِلَّا طَلَاقَ الْمَجْنُونِ فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رَوَيْتَ عَنْ عُثْمَانَ مَا قَدْ رَوَيْتَهُ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَرَوَيْتَ فِيهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ مَا يُخَالِفُهُ فِيهِ ، وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ

حديث رقم: 4170

فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ قَالَ : سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ ، أَنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ : مَنْ طَلَّقَ أَجَزْنَا طَلَاقَهُ إِلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ

حديث رقم: 4171

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : كُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إِلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ وَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ عَلِيٍّ ، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ لَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِمَا رُوِّينَاهُ عَنْ عُثْمَانَ مِمَّا ذَكَرْنَا ؛ لِأَنَّ الْعَتَهَ قَدْ يَكُونُ مِنَ الْجُنُونِ ، وَقَدْ يَكُونُ مِنَ السُّكْرِ كَمَا يَكُونُ مِنَ الْجُنُونِ ، فَعَادَ مَعْنَى قَوْلِهِمَا فِي ذَلِكَ إِلَى قَوْلِ عُثْمَانَ فِيهِ , فَقَالَ قَائِلٌ : إِنَّ السَّكْرَانِ وَإِنْ كَانَ قَدْ ذَهَبَ عَقْلُهُ بِسُكْرِهِ فَهُوَ الَّذِي أَدْخَلَ السُّكْرَ عَلَى نَفْسِهِ بِفِعْلِهِ ، فَلَمْ يَكُنْ إِذْ كَانَ كَذَلِكَ كَالْمَجْنُونِ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ الْجُنُونُ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّا رَأَيْنَا الْمَجْنُونَ لَا تَخْتَلِفُ أَحْكَامُهُ فِي حَالِ جُنُونِهِ بِاخْتِلَافِ أَسْبَابِ جُنُونِهِ فِي أَنْ يَكُونَ بِأَفْعَالِهِ ، وَفِي أَخْذِهِ أَشْيَاءَ كَانَتْ أَسْبَابًا لِذَهَابِ عَقْلِهِ ، وَفِي حُدُوثِ الْجُنُونِ بِهِ مِمَّا لَا سَبَبَ لَهُ فِيهِ فِي لُزُومِ أَحْكَامِ الْمَجَانِينَ إِيَّاهُ فِي سُقُوطِ الْفُرُوضِ عَنْهُمْ ، وَفِي ارْتِفَاعِ الْعَمْدِ عَنْهُمْ فِي جِنَايَاتِهِمْ فِي الْقَتْلِ حَتَّى لَا يَكُونَ عَلَيْهِمْ فِيهِ قَوَدٌ ، وَحَتَّى يَكُونَ دِيَاتُ مَنْ قَتَلُوا عَلَى عَوَاقِلِهِمْ ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، وَكَانَ الْمُرَاعَى فِي ذَهَابِ عُقُولِ الْأَصِحَّاءِ ذَهَابَ عُقُولِهِمْ لَا الْأَسْبَابَ الَّتِي كَانَتِ أَسْبَابًا لِذَهَابِ عُقُولِهِمْ كَانَ كَذَلِكَ السَّكْرَانُ : يَكُونُ عَلَيْهِ ذَهَابُ عَقْلِهِ لَا السَّبَبُ الَّذِي كَانَ بِهِ ذَهَبَ عَقْلُهُ ، فَيَكُونُ بِذَهَابِ عَقْلِهِ لَهُ حُكْمُ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ ، وَلَا يُرَاعَى فِي ذَلِكَ اخْتِلَافُ أَسْبَابِ ذَهَابِ عَقْلِهِ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَدْ أُجْمِعَ عَلَيْهِ فِي الصَّحِيحِ الْمُطِيقِ لِلصَّلَاةِ قَائِمًا الَّذِي فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا كَذَلِكَ لَوْ كُسِرَ رِجْلُهُ حَتَّى عَادَ عَاجِزًا عَنِ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ وَأَنْ يُصَلِّيَهَا كَذَلِكَ أَنَّ فَرْضَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا قَاعِدًا عَلَى مَا يُطِيقُ صَلَاتَهَا عَلَيْهِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ حُكْمُهُ فِيهِ فِي الْعَجْزِ عَنِ الْقِيَامِ وَصَلَاتِهِ ، كَذَلِكَ فِي حُكْمِ الْعَجْزِ عَنِ الْقِيَامِ بِمَا يَحِلُّ بِهِ مِمَّا يُعِيدُهُ إِلَى تِلْكَ الْحَالِ مِنْ أَفْعَالِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ بِهِ , ثُمَّ مِنْ أَفْعَالِ عِبَادِهِ مِثْلَهُ بِهِ ، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّلَاةِ قَائِمًا ، وَإِنْ عَادَ إِلَى الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ طَلَاقَ السَّكْرَانِ وَسَائِرَ أَقْوَالِهِ وَسَائِرَ أَفْعَالِهِ يَعُودُ إِلَى أَحْكَامِ أَقْوَالِ ذَاهِبِي الْعُقُولِ سِوَاهُ ، وَإِلَى أَحْكَامِ أَفْعَالِ ذَاهِبي الْعُقُولِ سِوَاهُ ، وَهَذَا خِلَافُ مَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ يَقُولُونَهُ فِيهِ ، وَخِلَافُ مَا كَانَ مَالِكٌ يَقُولُهُ فِيهِ مِنْ إِجَازَتِهِمْ طَلَاقَهُ ، غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ : لَوْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْقِلُ مَا أَجَزْتُ طَلَاقَهُ ، فَكَأَنَّهُ أَعْذَرُ مِنْ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ ، لَا أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَلْزَمُهُ أَنْ لَا يُطَلِّقَ بِالشَّكِّ حَتَّى يَعْلَمَ بِالْيَقِينِ وُجُوبَ الطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّ مَا عُلِمَ يَقِينًا لَمْ يَرْتَفِعْ إِلَّا بِمَا يُزِيلُهُ يَقِينًا ، كَذَلِكَ فَرَائِضُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عِبَادِهِ فِي صَلَوَاتِهِمْ ، وَفِيمَا سِوَاهَا مِنْ عِبَادَاتِهِمْ ، وَمَا رَأَيْنَا فَقِيهًا مِمَّنْ يُنْسَبُ إِلَيْهِ النَّظَرُ مِنْ أَهْلِ الْفِرَقِ إِلَّا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ ، وَهُوَ الْقَوْلُ عِنْدَنَا الَّذِي لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ ، وَلَا يَسَعُ ذَا فَهْمٍ أَنْ يَتَقَلَّدَ غَيْرَهُ وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ

حديث رقم: 4172

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ : دَخَلَ مُجَزِّزٌ الْمُدْلِجِيُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا ، وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا , فَقَالَ : إِنَّ هَذِهِ لَأَقْدَامٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْرُورًا

حديث رقم: 4173

حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ ، فَقَالَ : أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا نَظَرَ آنِفًا إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، فَقَالَ : إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْأَقْدَامِ لَمِنْ بَعْضٍ فَقَالَ قَائِلٌ : لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقَافَةِ إِلَّا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، لَكَانَ فِيهِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ مَعَ أَهْلِهَا بِهَا عِلْمًا هَذِهِ مَعَانِي أَلْفَاظِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَلْفَاظُنَا أَلْفَاظَهُ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّا لَمُ نُنْكِرْ أَنَّ مَعَ أَهْلِ الْقِيَافَةِ بِالْقِيَافَةِ عِلْمًا ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْعُلُومِ الَّتِي يُقْطَعُ بِهَا فِيمَا تَذْهَبُ أَنْتَ إِلَى أَنَّهُ يُقْطَعُ بِهَا فِيهِ مِنَ الْأَنْسَابِ الْمُدَّعَاةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا ، وَإِنَّمَا هِيَ عِنْدَنَا كَعِلْمِ التُّجَّارِ بِالسِّلَعِ الَّتِي يَتَبَايَنُونَ ، وَمَنْ سِوَاهُمْ فِي مَعْرِفَةِ أَجْنَاسِهَا ، وَفِي مَعْرِفَةِ بُلْدَانِهَا ، فَيَقُولُ هَذَا : هِيَ مِنْ بَلَدِ كَذَا ، وَيَقُولُ هَذَا : هِيَ مِنْ بَلَدِ كَذَا ، فَيَخْتَلِفُونَ فِي بُلْدَانِهَا الَّتِي صُنِعَتْ فِيهَا ، وَيَتَبَيَّنُ ذَوُو الْعِلْمِ مِنْهُمْ فِيمَا يَقُولُونَهُ فِي ذَلِكَ بِالْإِضَافَةِ فِيمَا يَقُولُونَهُ فِيهِ ، وَحَتَّى يَقُولَ بَعْضُهُمْ : هِيَ مِنْ صَنْعَةِ فُلَانٍ ، فَيُصِيبُ بِذَلِكَ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ بِهِ حُكْمٌ ، وَلَكِنَّهُ عِلْمٌ يَعْلَمُهُ قَوْمٌ ، وَيَجْهَلُهُ آخَرُونَ فَمِثْلُ ذَلِكَ الْقِيَافَةُ الَّتِي يَتَبَايَنُ النَّاسُ فِيهَا ، فَيَعْلَمُهَا بَعْضُهُمْ وَيَجْهَلُهَا بَعْضُهُمْ ، وَيُضِيفُهَا بَعْضُهُمْ إِلَى صَانِعٍ بِعَيْنِهِ ، كَمَا يُضِيفُ الْقَائِفُ الْوَلَدَ إِلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ ، وَكَمَا كَانَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَحْكُمَ بِالسِّلْعَةِ الْمُدَّعَاةِ بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ أَنَّهَا مِنْ عَمَلِ فُلَانٍ أَحَدُ مَنْ يَدَّعِيهَا بِغَيْرِ حُضُورٍ مِنْهُ لِوُقُوعِهِ عَلَى عَمَلِهِ إِيَّاهَا ، فَمِثْلُ ذَلِكَ الْوَلَدِ لَا يَجِبُ أَنْ يُحْكَمَ بِهِ بِقَوْلِ الْقَافَةِ : إِنَّهُ مِنْ نُطْفَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَرَهْ قَطُّ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ إِقْرَارًا بِمَا أَضَافَهُ إِلَيْهِ يَكُونُ مَا يَقُولُهُ فِي ذَلِكَ عِلْمًا يَتَبَيَّنُ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَا عَلِمَ مَعَهُ بِمِثْلِهِ ، وَيَجُوزُ لِمَنْ يَقَعُ فِي قَلْبِهِ مِثْلُ ذَلِكَ ، أَوْ مَنْ قَدْ عَلِمَ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَنْ يُسِرَّ بِهِ ، وَلَا يَكُونُ مَعَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وُجُوبُ الْقَضَاءِ ، وَلَا وُجُوبُ الْحُكْمُ بِهِ ، وَلَوْ وَجَبَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ ذَلِكَ فِيمَا ذَكَرْنَا ، لَوَجَبَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ فِي قَفْوِ الْآثَارِ الَّتِي يَتَبَيَّنُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِهَا بِمَا يَعْلَمُونَ مِنْهَا ، فَيَكُونُ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ : إِنْ دَخَلْتَ مَوْضِعَ كَذَا الْيَوْمَ ، فَأَنْتَ حُرٌّ ، فَيَدَّعِي الْعَبْدُ بَعْدَ مُضِيِّ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ، وَيُكَذِّبُهُ مَوْلَاهُ فِي ذَلِكَ ، وَيَشْهَدُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِقَفْوِ الْآثَارِ عَلَى أَثَرِ قَدَمٍ يُرَى فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَنَّهَا قَدَمُ ذَلِكَ الْعَبْدِ أَنْ يَحْكُمُوا بِقَوْلِهِمْ ، وَأَنْ يَعْتِقُوهُ عَلَى مَوْلَاهُ بِذَلِكَ ، أَوْ يَكُونُ مَوْلَاهُ قَالَ لَهُ : إِنْ كُنْتَ دَخَلْتَ هَذِهِ الدَّارَ قَبْلَ قُولِي هَذَا ، فَأَنْتَ حُرٌّ ، فَيَدَّعِي الْعَبْدُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ دَخَلَهَا قَبْلَ ذَلِكَ ، وَيُنْكِرُ ذَلِكَ مَوْلَاهُ ، وَيَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقَافَةِ ، فَيَشْهَدُونَ : أَنَّ هَذِهِ قَدَمُهُ أَنْ يَحْكُمَ بِذَلِكَ ، وَأَنْ يَعْتِقُوهُ عَلَى مَوْلَاهُ فَمِمَّا قَدْ رُوِيَ مِمَّا كَانَ يُسْتَعْمَلُ فِيهِ قَفْوُ الْآثَارِ

حديث رقم: 4174

مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : أَتَى رَسُولَ اللَّهِ نَفَرٌ مِنْ حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ بَنِي فُلَانٍ فَأَسْلَمُوا وَبَايَعُوهُ ، وَقَدْ وَقَعَ الْمُومُ ، وَهُوَ الْبِرْسَامُ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , هَذَا الْوَجَعُ قَدْ وَقَعَ ، فَلَوْ أَذِنْتَ لَنَا خَرَجْنَا إِلَى الْإِبِلِ ، فَكُنَّا فِيهَا ، فَقَالَ لَهُمْ : اخْرُجُوا ، فَكُونُوا فِيهَا فَخَرَجُوا ، فَقَتَلُوا أَحَدَ الرَّاعِيَيْنِ ، وَذَهَبُوا بِالْإِبِلِ ، وَجَاءَ الْآخَرُ قَدْ جُرِحَ , فَقَالَ : قَدْ قَتَلُوا صَاحِبِي وَذَهَبُوا بِالْإِبِلِ قَالَ : وَعِنْدَهُ شَبَابٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَرِيبٌ مِنْ عِشْرِينَ ، فَأَرْسَلَهُمْ إِلَيْهِمْ ، وَبَعَثَ مَعَهُمْ قَائِفًا يَقْتَصُّ أَثَرَهُمْ ، فَأَتَاهُمْ ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ قَالَ : وَفِي إِجْمَاعِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَعْمِلُونَ أَقْوَالَ الْقَافَةِ فِيمَا ذَكَرْنَا مَا قَدْ يَلْزَمُهُمْ بِهِ أَنْ لَا يَسْتَعْمِلُوا أَقْوَالَهُمْ فِيمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : قَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَعْمَلَ أَقْوَالَهُمْ فِي الْأَنْسَابِ ، وَقَضَى بِهَا فِيهَا

حديث رقم: 4175

وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِيِّ , عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي طُهْرِ امْرَأَةٍ ، فَوَلَدَتْ ، فَدَعَا عُمَرُ الْقَافَةَ ، فَقَالُوا : أَخَذَ الشَّبَهَ مِنْهُمَا جَمِيعًا ، فَجَعَلَهُ بَيْنَهُمَا

حديث رقم: 4176

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى , عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ : أَنَّ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي طُهْرِ امْرَأَةٍ ، فَوَلَدَتْ لَهُمَا وَلَدًا ، فَارْتَفَعَا إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَدَعَا لَهُمَا ثَلَاثَةً مِنَ الْقَافَةِ ، فَدَعَا بِتُرَابٍ ، فَوَطِئَ فِيهِ الرَّجُلَانِ وَالْغُلَامُ ، ثُمَّ قَالَ لِأَحَدِهِمَا : انْظُرْ ، فَنَظَرَ ، فَاسْتَقْبَلَ ، وَاسْتَعْرَضَ ، وَاسْتَدْبَرَ ، ثُمَّ قَالَ : أُسِرٌّ أَمْ أُعْلِنُ ؟ فَقَالَ عُمَرُ : بَلْ أَسِرَّ قَالَ : لَقَدْ أَخَذَ الشَّبَهَ مِنْهُمَا جَمِيعًا ، فَمَا أَدْرِي لِأَيِّهِمَا هُوَ ؟ فَأَجْلَسَهُ ، ثُمَّ قَالَ لِلْآخَرِ : انْظُرْ ، فَنَظَرَ ، فَاسْتَقْبَلَ ، وَاسْتَعْرَضَ ، وَاسْتَدْبَرَ ، ثُمَّ قَالَ : أُسِرُّ أَمْ أُعْلِنَ ؟ قَالَ : بَلْ أَسِرَّ قَالَ : لَقَدْ أَخَذَ الشَّبَهَ مِنْهُمَا جَمِيعًا ، فَمَا أَدْرِي لِأَيِّهِمَا هُوَ ؟ فَأَجْلَسَهُ ، ثُمَّ أَمَرَ الثَّالِثَ ، فَنَظَرَ ، فَاسْتَقْبَلَ ، وَاسْتَعْرَضَ ، وَاسْتَدْبَرَ ، ثُمَّ قَالَ : أُسِرُّ أَمْ أُعْلِنُ ؟ قَالَ : أَعْلِنْ قَالَ : لَقَدْ أَخَذَ الشَّبَهَ مِنْهُمَا جَمِيعًا ، فَمَا أَدْرِي لِأَيِّهِمَا هُوَ ؟ فَقَالَ عُمَرُ : إِنَّا نَقُوفُ الْآثَارَ ثَلَاثًا يَقُولُهَا وَكَانَ عُمَرُ قَائِفًا ، فَجَعَلَهُ لَهُمَا يَرِثَانِهِ وَيَرِثُهُمَا ، فَقَالَ لِي سَعِيدٌ : أَتَدْرِي مَنْ عَصَبَتُهُ ؟ قُلْتُ : لَا قَالَ : الْبَاقِي مِنْهُمَا قَالَ : فَهَذَا عُمَرُ قَدِ اسْتَعْمَلَ فِي الْأَنْسَابِ أَقْوَالَ الْقَافَةِ ، فَجَعَلَ الْوَلَدَ الْمُدَّعَى بَيْنَ مُدَّعِيَيْهِ جَمِيعًا بِقَوْلِهِمْ ، وَذَلِكَ مِنْهُ بِحَضْرَةِ مَنْ سِوَاهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمْ يُنْكِرُوا ذَلِكَ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يُخَالِفُوهُ فِيهِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مُتَابَعَتِهِمْ إِيَّاهُ عَلَيْهِ ، فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ : أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَقْضِ فِي ذَلِكَ بِأَقْوَالِ الْقَافَةِ ؛ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا قَالُوا فِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ : إِنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ لِأَيِّهِمَا هُوَ لِأَخْذِهِ الشَّبَهَ مِنْهُمَا ، فَجَعَلَ عُمَرُ الْوَلَدَ مِنْهُمَا جَمِيعًا ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَا قَالَ الْقَافَةُ ، فَدَلَّ ذَلِكَ : أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَقْضِ بِمَا قَدْ جَهِلَهُ الْقَافَةُ بِقَوْلِ الْفَاقَةِ الَّذِي قَدْ جَهِلُوهُ ، وَلَكِنَّهُ قَضَى فِي ذَلِكَ بِغَيْرِهِ ، وَهُوَ مُدَّعَى مُدَّعِيَيْهِ إِيَّاهُ بِأَيْدِيهِمَا عَلَيْهِ ، وَجَوَازِ قَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ ، وَأَمَّا حَدِيثُ تَوْبَةَ ، فَجَعَلَهُ بَيْنَهُمَا ، فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ بَعْدَمَا قَدْ تَقَدَّمَهُ مَا فِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ ، فَإِنَّ الْمُحْتَجَّ عَلَيْنَا بِحَدِيثَيْ عُمَرَ هَذَيْنِ لَا يَجْعَلُ الْوَلَدَ ابْنَ رَجُلَيْنِ ، فَإِذَا كَانَ لَا يَجْعَلُهُ ابْنَ رَجُلَيْنِ ، وَعُمَرُ فَقَدْ جَعَلَهُ ابْنَهُمَا كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَيْهِ لَا لَهُ ، فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ ، فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ غَيْرُ هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ

حديث رقم: 4177

وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ يَحْيَى بْنِ حَاطِبٍ , عَنْ أَبِيهِ هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ بَحْرٌ وَإِنَّمَا هُوَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَتَى رَجُلَانِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي غُلَامٍ مِنْ وِلَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ ، يَقُولُ هَذَا : هُوَ ابْنِي وَيَقُولُ هَذَا : هُوَ ابْنِي فَدَعَا لَهُمَا عُمَرُ قَائِفًا مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْغُلَامِ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْمُصْطَلِقِيُّ ، ثُمَّ نَظَرَ ، ثُمَّ قَالَ لِعُمَرَ : وَالَّذِي أَكْرَمَكَ إِنِّي لَأَجِدُهُمَا قَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ جَمِيعًا ، فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ ، فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ حَتَّى اضْطَجَعَ ، ثُمَّ قَالَ : وَاللَّهِ لَقَدْ ذَهَبَ بِكَ النَّظَرُ إِلَى غَيْرِ مَذْهَبٍ ، ثُمَّ دَعَا أُمَّ الْغُلَامِ فَسَأَلَهَا ، فَقَالَتْ : إِنَّ هَذَا لَأَحَدَ الرَّجُلَيْنِ قَدْ كَانَ غَلَبَ عَلَيَّ النَّاسَ حَتَّى وَلَدْتُ لَهُ أَوْلَادًا ، ثُمَّ وَقَعَ بِي عَلَى نَحْوِ مَا كَانَ يَفْعَلُ ، فَحَمَلْتُ فِيمَا أَرَى ، فَأَصَابَنِي هِرَاقَةٌ مِنْ دَمٍ حَتَّى وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنْ لَا شَيْءَ فِي بَطْنِي ، ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْآخَرَ وَقَعَ بِي ، فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ ، فَقَالَ عُمَرُ لِلْغُلَامِ : اتَّبِعْ أَيَّهُمَا شِئْتَ ، فَاتَّبَعَ أَحَدَهُمَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ : وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مُتَّبِعًا لِأَحَدِهِمَا ، فَذَهَبَ بِهِ وَقَالَ عُمَرُ : قَاتَلَ اللَّهُ أَخَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ دَلَّ مَا فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ رَاوِيهِ : قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ ، فَكَأَنَّنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مُتَّبِعًا لِأَحَدِهِمَا عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي إِسْنَادِهِ أَنَّهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِلْغُلَامِ : اتَّبِعْ أَيَّهُمَا شِئْتَ ، وَهَذَا خِلَافُ مَا فِي حَدِيثَيِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْتُ ، فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ مَا فِي حَدِيثَيِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ فِي صَبِيٍّ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ ، وَيَدُ مُدَّعِيَيْهِ عَلَيْهِ فَرَدَّ حُكْمَهُ إِلَى مَا يَقُولَانِ فِيهِ ، فَجَعَلَهُ إِلَيْهِمَا جَمِيعًا ، وَمَا فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي صَبِيٍّ سِوَاهُ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ لَوِ ادَّعَاهُ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ ، أَوْ رَجُلٌ هُوَ فِي يَدِهِ لَا يَدَ عَلَيْهِ غَيْرُ يَدِهِ ، فَدَفَعَهُ عَنْ ذَلِكَ ، لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ إِيَّاهُ لَدَافَعَهُ إِيَّاهُ عَنْهَا ، فَلَمْ يَقْضِ عُمَرُ بِهِ لَهُمَا لِذَلِكَ ، وَرَدَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا يَقُولُهُ الْغُلَامُ الْمُدَّعَى فِيهِ ، وَهَكَذَا نَقُولُ نَحْنُ فِي الْغُلَامِ الَّذِي لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ إِذَا ادَّعَاهُ رَجُلَانِ أَيْدِيهِمَا عَلَيْهِ ، لَا يَدَ عَلَيْهِ سِوَى أَيْدِيهِمَا أَنَّهُ يَكُونُ ابْنَهُمَا جَمِيعًا ، وَإِذَا كَانَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يُجْعَلِ ابْنَهُمَا جَمِيعًا بِدَعْوَاهُمَا إِيَّاهُ ، وَجُعِلَ ابْنَ الَّذِي يُصَدِّقُهُ مِنْهُمَا عَلَى مَا يَدَّعِيهِ فِيهِ ، فَكُنَّا نَحْنُ الْمُتَمَسِّكِينَ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ كُلِّهَا ، وَكَانَ هُوَ فِيهَا بِخِلَافِ ذَلِكَ ، وَعَادَ مَا احْتَجَّ بِهِ عَلَيْنَا لِقَوْلِهِ فِيمَا ذَكَرْنَا حُجَّةً لَنَا عَلَيْهِ فِيمَا خَالَفَنَا فِيهِ وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَسْتَعْمِلْ قَوْلَ الْقَافَةِ لِمَعْنًى غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَ الْقَافَةِ لَوْ كَانَ مُسْتَعْمَلًا فِي ذَلِكَ ، لَكَانَ الْوَلَدُ الْمُدَّعَى ، لَمَّا صَدَقَ أَحَدُ مُدَّعِيَيْهِ ، يَكُونُ قَوْلُ الْقَافَةِ حُجَّةً لِلْآخَرِ أَنَّهُ ابْنُهُ ، وَيَكُونُ كَوَلَدٍ ادَّعَاهُ رَجُلَانِ ، فَصَدَقَ أَحَدُهُمَا ، وَكَذَبَ الْآخَرُ ، فَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ لَهُ بِهَا ، وَأَنَّهَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْغُلَامِ ، فَفِي تَرْكِهِمُ الْأَخْذَ لَهُ بِقَوْلِ الْقَافَةِ فِي ذَلِكَ أَنْ لَا مَعْنَى كَانَ لِقَوْلِ الْقَافَةِ عِنْدَهُ مِنْ وُجُوبِ حُكْمٍ بِهِ فِي نَسَبٍ ، وَلَا فِي غَيْرِهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : كَيْفَ يَجُوزُ مَا ذَكَرْتَ ؟ وَيَكُونُ قَوْلُ الْقَافَةِ عِنْدَهُ لَا مَعْنَى لَهُ ، وَهُوَ قَدْ دَعَاهُمْ ، وَسَأَلَهُمْ عَنْ مَا خُوصِمَ إِلَيْهِ فِيهِ ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا وَبِهِ حَاجَةٌ إِلَى قَوْلِهِمْ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ قَدْ كَانَتْ بِهِ حَاجَةٌ إِلَى قَوْلِهِمْ : إِنَّ الْوَلَدَ قَدْ يَكُونُ مِنْ رَجُلَيْنِ ، وَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَحِيلٌ ، فَيُسْتَعْمَلُ فِيهِ الْوَاجِبُ اسْتِعْمَالُهُ بِقَوْلِ مُدَّعِيَيِ الْوَلَدِ ، لَا بِقَوْلِ الْقَافَةِ ، أَوْ يَكُونُ مُحَالًا ، فَلَا يَتَشَاغَلُ بِذَلِكَ ، وَلَا يَقُولُ فِيهِ شَيْئًا ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ كَذَلِكَ

حديث رقم: 4178

أَنَّ بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا قَالَ : سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا عَوْفُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَضَى فِي رَجُلٍ ادَّعَاهُ رَجُلَانِ ، كِلَاهُمَا يَزْعُمُ أَنَّهُ ابْنُهُ ، وَذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَدَعَا عُمَرُ أُمَّ الْغُلَامِ الْمُدَّعَى ، فَقَالَ : أُذَكِّرُكِ بِالَّذِي هَدَاكِ لِلْإِسْلَامِ لِأَيِّهِمَا هُوَ ؟ قَالَتْ : لَا ، وَالَّذِي هَدَانِي لِلْإِسْلَامِ ، لَا أَدْرِي لِأَيِّهِمَا هُوَ ، أَتَانِي هَذَا أَوَّلَ اللَّيْلِ ، وَأَتَانِي هَذَا آخِرَ اللَّيْلِ ، فَمَا أَدْرِي لِأَيِّهِمَا هُوَ ؟ فَدَعَا عُمَرُ مِنَ الْقَافَةِ بِأَرْبَعَةٍ ، وَعَادَ بِبَطْحَاءَ ، فَنَثَرَهَا ، فَأَمَرَ الرَّجُلَيْنِ الْمُدَّعِيَيْنِ ، فَوَطِئَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدَمٍ ، وَأَمَرَ الْمُدَّعِيَ ، فَوَطِئَ بِقَدَمٍ ، ثُمَّ أَرَاهُ الْقَافَةَ ، فَقَالَ : انْظُرُوا ، فَإِذَا أَثْبَتُّمْ فَلَا تَكَلَّمُوا حَتَّى أَسْأَلَكُمْ ، فَنَظَرَ الْقَافَةُ ، فَقَالُوا : قَدْ أَثْبَتْنَا ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمْ ، ثُمَّ سَأَلَهُمْ رَجُلًا رَجُلًا ، فَتَعَاقَدُوا يَعْنِي : فَتَتَابَعُوا أَرْبَعَتُهُمْ ، كُلُّهُمْ يَشْهَدُ أَنَّ هَذَا لَمِنْ هَذَيْنِ ، فَقَالَ عُمَرُ : يَا عَجَبًا لِمَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ ، قَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ الْكَلْبَةَ تَلْقَحُ بِالْكِلَابِ ذَوَاتِ الْعَدَدِ ، وَلَمْ أَكُنْ أَشْعُرُ أَنَّ النِّسَاءَ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ قَبْلَ هَذَا ، إِنِّي لَأَرَى مَا تَرَوْنَ ، اذْهَبْ فَإِنَّهُمَا أَبَوَاكَ فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا عَلَى أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّمَا احْتَاجَ إِلَى الْقَافَةِ لِتَنْتَفِيَ الْإِحَالَةُ عَنِ الدَّعْوَى ، لَا لِمَا سِوَى ذَلِكَ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ عُمَرَ كَانَ أَلَّا يَقْضِيَ بِقَوْلِ الْقَافَةِ فِي نَسَبٍ وَلَا فِي غَيْرِهِ

حديث رقم: 4179

مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ ، وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ ، قَالَ الْمُزَنِيُّ , عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، وَقَالَ عَلِيٌّ : قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ ، عَنْ أبيه قَالَ : أَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى شَيْخٍ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا ، فَذَهَبْتُ مَعَ الشَّيْخِ إِلَى عُمَرَ وَهُوَ فِي الْحِجْرِ ، فَسَأَلَهُ عَنْ وِلَادٍ مِنْ وِلَادِ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ : وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ، أَوْ مَاتَ عَنْهَا ، نَكَحَتْ بِغَيْرِ عِدَّةٍ ، فَقَالَ الرَّجُلُ : أَمَّا النُّطْفَةُ فَمِنْ فُلَانٍ ، وَأَمَّا الْوَلَدُ ، فَعَلَى فِرَاشِ فُلَانٍ ، فَقَالَ عُمَرُ : صَدَقَ ، وَلَكِنَّ قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : أَفَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى مَا قَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْمَسْئُولُ فِي النُّطْفَةِ ، وَهِيَ مَا سُئِلَ بِهِ الْقَافَةُ عَلَى مَا يَقُولُونَهُ فِي ذَلِكَ ، وَرَدَّ الْحُكْمَ إِلَى مَا يُخَالِفُهُ مِمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِهِ ، وَمَا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ أَهْلَ الْإِسْلَامِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الرَّجُلِ يَنْفِي وَلَدَ زَوْجَتِهِ الَّتِي قَدْ وَلَدَتْهُ عَلَى فِرَاشِهِ ، وَيَقُولُ : لَيْسَ هُوَ مِنِّي ، وَتَقُولُ أُمُّهُ : هُوَ مِنْهُ أَنَّهُ يُلَاعِنُ بَيْنَهُمَا ، وَيُنْفَى مِنْهُ ، وَيُرَدُّ إِلَى أُمِّهِ ، وَأَنَّ أُمَّهُ لَوْ جَاءَتْ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْقَافَةِ يَشْهَدُونَ لَهَا بِتَصْدِيقِهَا ، وَأَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُمْ فِي ذَلِكَ كَلَا قَوْلٍ ، وَأَنَّ حُكْمَ اللِّعَانِ الَّذِي يَكُونُ نَفْيِ نَسَبِهِ بِهِ مِنْهُ قَائِمًا عَلَى حَالِهِ ، وَأَنَّ قَوْلَ الْقَافَةِ فِي ذَلِكَ لَيْسَ كَشَهَادَةٍ بَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ عَلَيْهِ أَنَّهُ ابْنُهُ ، هَذِهِ يُقْضَى بِهَا ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ مَعَهَا اللِّعَانُ وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ أَقْوَالَ الْقَافَةِ فِيمَا ذَكَرْنَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ ، وَإِنَّمَا كَانَتْ أَقْوَالُ الْقَافَةِ تُسْتَعْمَلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى فِي مَا قَدْ نَفَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرَدَّ الْأَحْكَامَ إِلَى خِلَافِهِ مِمَّا أَهْلُ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ

حديث رقم: 4180

مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ : فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ ، يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ ابْنَتَهُ فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا ، وَنِكَاحٌ آخَرُ : كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا : أَرْسِلِي إِلَى فُلَانٍ ، فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ ، وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا ، وَلَا يَمَسُّهَا أَبَدًا حَتَّى يَبِينَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ ، الَّذِي يَسْتَبْضِعُ مِنْهُ ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِنْ أَحَبَّ ، وَإِنَّمَا يَصْنَعُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الْوَلَدِ ، وَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ الِاسْتِبْضَاعَ وَنِكَاحٌ آخَرُ : يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ دُونَ الْعَشَرَةِ يَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ ، فَكُلُّهُمْ يُصِيبُهَا ، فَإِذَا حَمَلَتْ ، وَوَضَعَتْ ، وَمَرَّتْ لَيَالٍ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا ، أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ أَنْ يَمْتَنِعَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا ، فَتَقُولُ لَهُمْ : قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِهَا ، وَقَدْ وَلَدْتُ ، وَهُوَ وَلَدُكَ يَا فُلَانُ ، وَتُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ مِنْهُمْ بِاسْمِهِ ، فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا ، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ وَنِكَاحٌ رَابِعٌ : يَجْتَمِعُ النَّاسُ الْكَثِيرُ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ فَلَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا ، وَهُنَّ الْبَغَايَا ، كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ ، فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ ، فَإِذَا حَمَلَتْ إِحْدَاهُنَّ ، وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا ، جَمَعُوا لَهَا وَدَعَوْا لَهُمُ الْقَافَةَ ، فَأَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ ، وَدُعِيَ ابْنُهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ ، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ هَدَمَ نِكَاحَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ إِلَّا نِكَاحَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ الْيَوْمَ قَالَ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ نَفْيُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَ الْقَافَةِ فِيمَا كَانَ يُسْتَعْمَلُ فِيهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , وَرَدُّ أَحْكَامِ الْأَنْسَابِ إِلَى الْفُرُشِ لَا إِلَى مَا سِوَاهَا وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ ، فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَسَائِرُ أَهْلِ الْكُوفَةِ ، فَلَا يُسْتَعْمَلُونَ لِلْقَافَةِ قَوْلًا فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ ، وَأَمَّا مَالِكٌ ، فَقَدْ كَانَ يَسْتَعْمِلُ أَقْوَالَ الْقَافَةِ فِي الْإِمَاءِ ، وَلَا يَسْتَعْمِلُهُ فِي الْحَرَائِرِ ، وَفِي نَفْيِهِ اسْتِعْمَالَهُ فِي الْحَرَائِرِ مَا يَجِبُ بِهِ نَفْيُ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْإِمَاءِ ، وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ ، فَقَدْ كَانَ يَسْتَعْمِلُهُ فِي الْحَرَائِرِ وَفِي الْإِمَاءِ جَمِيعًا ، وَفِيمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا قَدْ وَضَحَ بِهِ الْأَمْرُ فِي أَقْوَالِ الْقَافَةِ بِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيهِ مِمَّا يُوجِبُ نَفْيَهُ فِي الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ

حديث رقم: 4181

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا ، حَدَّثَهُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ , عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ أَنَّهُ قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حُنَيْنٍ ، فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ قَالَ : فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَاسْتَدَرْتُ لَهُ حَتَّى أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ ، فَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ ضَرْبَةً ، حَتَّى قَطَطْتُ الدِّرْعَ ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتَ ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ ، فَأَرْسَلَنِي ، فَلَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، فَقُلْتُ : مَا بَالُ النَّاسِ ؟ فَقَالَ : أَمْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ فَقُمْتُ ، فَقُلْتُ : مَنْ يَشْهَدُ لِي ؟ ثُمَّ جَلَسْتُ ، ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ الثَّانِيَةَ ، ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ الثَّالِثَةَ ، فَقُمْتُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ ؟ فَاقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَسَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدِي ، فَأَرْضِهِ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ : لَا هَا اللَّهِ إِذًا لَا يَعْمِدُ إِلَى أُسْدٍ مِنْ أَسَدِ اللَّهِ ، يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ ، وَعَنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : صَدَقَ , فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ ، فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ : فَأَعْطَانِيهِ ، فَبِعْتُ الدِّرْعَ ، فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلَمَةَ ، فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ فَقَالَ قَائِلٌ : فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْقَاتِلِ سَلَبَ مَنْ قَتَلَهُ مِنَ الْعَدُوِّ ، كَانَ الْإِمَامُ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ : مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَالَهُ ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ ، فَلَهُ سَلَبُهُ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى قَتْلٍ مُتَقَدِّمٍ لِذَلِكَ الْقَوْلِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقَوْلُ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلٍ كَانَ تَقَدَّمَ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ : مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا ، فَلَهُ سَلَبُهُ , فَقَالَ مَا قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِيَعْلَمَ مَنِ الْقَاتِلُونَ ، فَيَدْفَعَ إِلَيْهِمْ أَسْلَابَ قَتْلَاهُمْ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ : هَلْ رُوِيَ فِيهِ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَمْ لَا ؟ فَوَجَدْنَا

حديث رقم: 4182

مَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَا : أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ جَاءَتْ هَوَازِنُ بَكْرَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ ، فَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، فَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُطْعَنَ بِرُمْحٍ ، أَوْ يُضْرَبَ بِسَيْفٍ ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ : مَنْ قَتَلَ مُشْرِكًا ، فَلَهُ سَلَبُهُ فَقَتَلَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ عِشْرِينَ ، فَأَخَذَ أَسْلَابَهُمْ قَالَ أَبُو قَتَادَةَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنِّي ضَرَبْتُ رَجُلًا عَلَى حَبْلِ الْعَاتِقِ ، فَأَجْهَضْتُ عَنْهُ ، وَعَلَيْهِ دِرْعٌ لَهُ ، فَانْظُرْ مَنْ أَخَذَ الدِّرْعَ ، فَقَامَ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَنَا أَخَذْتُهَا ، فَأَعْطِنِيهَا ، وَأَرْضِهِ مِنْهَا ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُسْأَلُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ ، أَوْ سَكَتَ ، فَقَامَ عُمَرُ ، فَقَالَ : لَا وَاللَّهِ ، لَا يُفِيئُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِهِ ، ثُمَّ يُعْطِيكَهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : صَدَقَ عُمَرُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى تَقَدُّمِ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا ، فَلَهُ سَلَبُهُ ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ إِنَّمَا كَانَ عِنْدَ انْهِزَامِ النَّاسِ وَتَفَرُّقِهِمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعِنْدَ حَاجَتِهِ إِلَى رُجُوعِهِمْ إِلَيْهِ ، فَقَالَ ذَلِكَ تَحْرِيضًا لَهُمْ عَلَى قَتْلِ الْمُشْرِكِينَ ، وَعَلَى رُجُوعِهِمْ إِلَيْهِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ : مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ ، فَلَهُ سَلَبُهُ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا إِلَيْهِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ الثَّانِي الَّذِي فِي حَدِيثِ أَبَى قَتَادَةَ إِنَّمَا كَانَ لِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ الَّذِي فِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ مَنَ قَتَلَ قَتِيلًا فِي الْحَرْبِ لَا يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ كَانَ الْإِمَامُ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ : مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا ، فَلَهُ سَلَبُهُ ، كَمَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ ، وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ ، لَا كَمَا يَقُولُهُ مَنْ خَالَفَهُمَا فِيهِ ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ

حديث رقم: 4183

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْهَرَوِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا دُحَيْمٌ قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَوْفٍ ، قَالَ الْوَلِيدُ : وَحَدَّثَنِي ثَوْرٌ , عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ , عَنْ جُبَيْرٍ عَنْ عَوْفٍ : أَنَّ مَدَدِيًّا رَافَقَهُمْ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ وَأَنَّ رُومِيًّا كَانَ يَشُدُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، وَيَفْرِي بِهِمْ ، فَتَلَطَّفَ بِهِ ذَلِكَ الْمَدَدِيُّ ، فَقَعَدَ لَهُ تَحْتَ صَخْرَةٍ ، فَلَمَّا مَرَّ بِهِ عَرْقَبَ فَرَسَهُ ، وَخَرَّ الرُّومِيُّ لِقَفَاهُ ، وَعَلَاهُ بِالسَّيْفِ ، فَقَتَلَهُ ، فَأَقْبَلَ بِفَرَسِهِ وَسَرْجِهِ وَلِجَامِهِ وَسَيْفِهِ وَمِنْطَقَتِهِ ، وَسِلَاحُهُ مُذَهَّبٌ بِالذَّهَبِ وَالْجَوْهَرِ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ ، فَأَخَذَ مِنْهُ خَالِدٌ طَائِفَةً ، وَنَفَّلَهُ بَقِيَّتَهُ ، فَقُلْتُ : يَا خَالِدُ ، مَا هَذَا ؟ مَا تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَّبَ الْقَاتِلَ السَّلَبَ كُلَّهُ قَالَ : بَلَى ، وَلَكِنِّي اسْتَكْثَرْتُهُ ، فَقُلْتُ : أَمَا وَاللَّهِ لَأُعَرِّفَنَّكَهَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ عَوْفٌ : فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ أَخْبَرْتُهُ خَبَرَهُ ، فَدَعَاهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى الْمَدَدِيِّ بَقِيَّةَ سَلَبِهِ ، فَوَلَّى خَالِدٌ لِيَفْعَلَ فَقُلْتُ : كَيْفَ رَأَيْتَ يَا خَالِدُ ؟ أَوَلَمْ أُوَفِّ لَكَ مَا وَعَدْتُكَ ؟ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ ، وَقَالَ : يَا خَالِدُ ، لَا تُعْطِهِ ، وَأَقْبَلَ عَلَيَّ ، فَقَالَ هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو أُمَرَائِي ، لَكُمْ صَفْوَةُ أَمْرِهِمْ وَعَلَيْهِمْ كَدَرُهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ : أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ كَانَ دَفَعَ إِلَى الْمَدَدِيِّ بَعْضَ سَلَبِ قَتِيلِهِ ، وَمَنَعَهُ مِنْ بَقِيَّتِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّبُ الْقَاتِلَ سَلَبَ مَنْ قَتَلَهُ فَتَأَمَّلْنَا ذَلِكَ ، فَاحْتُمِلَ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لِا يَعْرِضُ لِلْقَاتِلِينَ فِي أَسْلَابِ قَتْلَاهُمْ ، وَلَا بِوُجُوبِهَا لِلْقَاتِلِينَ ، وَلَكِنْ لِسَمَاحَتِهِ بِهَا لَهُمْ ، لَا بِوَاجِبٍ لَهُمْ فِيهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ

حديث رقم: 4184

مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ أَيُّوبَ , عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ أَخَا أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بَارَزَ مَرْزُبَانَ الزَّارَةِ ، فَطَعَنَهُ طَعْنَةً فَكَسَرَ الْقُرْبُوسَ ، وَخَلَصَ إِلَيْهِ ، فَقَتَلَهُ ، فَقُوِّمَ سَلَبُهُ ثَلَاثِينَ أَلْفًا ، فَلَمَّا صَلَّيْنَا الْغَدَاةَ ، غَدَا عَلَيْنَا عُمَرُ ، فَقَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ : إِنَّا كُنَّا لَا نُخَمِّسُ الْأَسْلَابَ ، وَإِنَّ سَلَبَ الْبَرَاءِ قَدْ بَلَغَ مَالًا ، وَلَا أُرَانَا إِلَّا خَامِسِيهِ ، فَقَوَّمْنَاهُ ثَلَاثِينَ أَلْفًا ، فَدَفَعْنَا إِلَى عُمَرَ سِتَّةَ آلَافٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا مَعَ حُضُورِ عُمَرَ ، وَأَبِي طَلْحَةَ ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ يَوْمَ حُنَيْنٍ مِنْ قَوْلِهِ : مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا ، فَلَهُ سَلَبُهُ ، وَفِي ذَلِكَ مَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ خُمُسٌ ، وَقَدْ طَلَبَ عُمَرُ أَخْذَ الْخُمُسِ مِنْ سَلَبِ الْبَرَاءِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ : أَنَّهُمْ كَانُوا يَتْرُكُونَ أَخْمَاسَ الْأَسْلَابِ لَا بِوَاجِبٍ عَلَيْهِمْ تَرْكُهَا ، وَلَكِنْ سَمَاحَةٍ مِنْهُمْ بِهَا لِلْقَاتِلِينَ لِأَهْلِهَا ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي أَخْمَاسِ الْأَسْلَابِ كَانَ كَذَلِكَ هُوَ فِي بَقِيَّتُهَا ، فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ مِمَّا لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ ، وَكَانَ مِنْهُ مَا كَانَ مِمَّا لَهُ أَنْ يَسْمَحَ بِهِ ، وَإِمْضَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ قَوْلِ عَوْفٍ ، وَبَعْدَ قَوْلِهِ عَلَى مَا أَمْضَى الْأَمْرَ عَلَيْهِ بِمَا قَدْ كَانَ لَهُ أَنْ يُمْضِيَهُ عَلَيْهِ ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ أَسْلَابَ الْقَتْلَى لَا تُسْتَحَقُّ إِلَّا بِقَوْلٍ مُتَقَدِّمٍ مِنَ الْإِمَامِ : مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا ، فَلَهُ سَلَبُهُ ، فَذَلِكَ الَّذِي لَا يَجُوزُ أَنْ يُمْنَعَ مِنْهُ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ

حديث رقم: 4185

بِمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَّلَهُ سَيْفَ أَبِي جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ تَنْفِيلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ مَسْعُودٍ سَيْفَ أَبِي جَهْلٍ لَا مَا سِوَاهُ مِنْ سَلَبِهِ ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدَّ دَلَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ تَقَدَّمَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ قَوْلٌ يُوجِبُ سَلَبَ الْقَاتِلِ ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، لَدَفَعَ سَلَبَ أَبِي جَهْلٍ بِكُلِيِّتِهِ إِلَى قَاتِلِهِ ، وَمِمَّا قَدْ رُوِيَ فِي أَمْرِ أَبِي جَهْلٍ مِمَّا هُوَ أَصَحُّ مِمَّا ذَكَرْنَا ، وَأَثْبَتُ إِسْنَادًا

حديث رقم: 4186

مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ قَالَ : حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ : إِنِّي لَقَائِمٌ يَوْمَ بَدْرٍ بَيْنَ غُلَامَيْنِ حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا تَمَنَّيْتُ لَوْ أَنِّي بَيْنَ أَضْلُعٍ مِنْهُمَا ، فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا ، فَقَالَ : يَا عَمِّ , أَتَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ ؟ فَقُلْتُ : وَمَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ أَخِي ؟ فَقَالَ : أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ رَأَيْتُهُ لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الْأَعْجَلُ مِنَّا ، فَعَجِبْتُ لِذَلِكَ وَغَمَزَنِي الْآخَرُ ، فَقَالَ مِثْلَهَا ، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ تَرَجَّلَ فِي النَّاسِ ، فَقُلْتُ : أَلَا تَرَيَانِ ؟ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي تَسْأَلَانِ عَنْهُ ، فَابْتَدَرَاهُ ، فَضَرَبَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا حَتَّى قَتَلَاهُ ، ثُمَّ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخْبَرَاهُ ، فَقَالَ : أَيُّكُمَا قَتَلَهُ ؟ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا : أَنَا قَتَلْتُهُ ، فَقَالَ : أَمَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا ؟ قَالَا : لَا ، فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ ، فَقَالَ : كِلَاكُمَا قَتَلَهُ ، وَقَضَى بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ ، وَالرِّجْلَانِ : مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ ، وَمُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّلَبِ لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ قَدْ أَخْبَرَا رَسُولَ اللَّهِ قَبْلَ ذَلِكَ : أَنَّ كِلَيْهِمَا قَدْ قَتَلَهُ ، فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِسَلَبِهِ مُسْتَحِقٌّ بِعَيْنِهِ ، وَإِنَّمَا كَانَ سَلَبُهُ مَرْدُودًا إِلَى مَا يَرَاهُ رَسُولُ اللَّهِ فِيهِ مِنْ سَمَاحٍ بِهِ لِمَنْ يَقْتُلُهُ ، وَمِمَّا سِوَى ذَلِكَ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا أَيْضًا : دَفْعُ بَعْضِ سَلَبِهِ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَمَنْعُهُ بَقِيَّتَهُ ، وَدَفَعَ بَقِيَّةِ سَلَبِهِ بَعْدَ الَّذِي نَفَّلَهُ مِنْهُ ابْنُ مَسْعُودٍ ؟ إِلَى مُعَاذِ بْنِ عَمْرٍو دُونَ مُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ ، وَفِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ تَقَدَّمَ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ : أَنَّهُ كَانَ تَقَدَّمَ مِنْهُ مِنَ الْقَوْلِ يَوْمَئِذٍ ، وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ مِمَّا سَمَحَ بِهِ لِمَنْ شَاءَ أَنْ يَسْمَحَ بِهِ لَهُ ، وَمِمَّا مَنَعَ مِنْ سِوَاهُ مِمَّا مَنَعَهُ مِنْهُ مِنْ قَتَلَةِ أَبِي جَهْلٍ ، لَا لِمَا قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ

حديث رقم: 4187

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الرَّبِيعِ اللُّؤْلُؤِيُّ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ ، وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ ، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ، وَوَضَعَهَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَخْشَبَيْنِ لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي ، وَلَمْ تَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا ، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا ، وَلَا يَرْفَعُ لُقَطَتُهَا إِلَّا مُنْشِدٌ , فَقَالَ الْعَبَّاسُ : إِلَّا الْإِذْخِرَ ، فَإِنَّهُ لَا غِنَى لِأَهْلِ مَكَّةَ عَنْهُ لِبُيُوتِهِمْ وَقُبُورِهِمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِلَّا الْإِذْخِرَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ : أَنَّ تَحْرِيمَ مَكَّةَ كَانَ بِتَحْرِيمِ اللَّهِ إِيَّاهَا يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ، وَوَضْعِهِ إِيَّاهَا بَيْنَ الْأَخْشَبَيْنِ اللَّذَيْنِ وَضَعَهَا بَيْنَهُمَا

حديث رقم: 4188

وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، وَبَحْرُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَابِقٍ قَالَ الرَّبِيعُ ، وَبَحْرٌ : حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ : أَخْبَرَنَا أَبِي ، وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ , عَنِ اللَّيْثِ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ مَكَّةَ ، وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ ، فَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، فَلَا يَسْفِكَنَّ فِيهَا دَمًا ، وَلَا يَعْضُدَنَّ فِيهَا شَجَرًا ، فَإِنْ تَرَخَّصَ مُتَرَخِّصٌ ، فَقَالَ : قَدْ حَلَّتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنَّ اللَّهَ أَحَلَّهَا لِي ، وَلَمْ يُحِلَّهَا لِلنَّاسِ ، وَإِنَّمَا أَحَلَّهَا لِي سَاعَةً وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ , عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا شُرَيْحٍ الْكَعْبِيَّ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ

حديث رقم: 4189

وَحَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ , عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ : لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ ، قَتَلَتْ هُذَيْلٌ رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ بِقَتِيلٍ كَانَ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ الْقَتْلَ ، وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ ، وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي ، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي ، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَتَيْنِ مِنْ نَهَارٍ ، وَإِنَّهَا بَعْدَ سَاعَتَيَّ هَذِهِ حَرَامٌ لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا ، وَلَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا ، وَلَا تُلْتَقَطُ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ , عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ , عَنْ يَحْيَى ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَبَسَ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ الْفِيلَ

حديث رقم: 4190

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمِنْقَرِيُّ قَالَا : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْحَجُونِ ، ثُمَّ قَالَ : وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي ، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي ، وَمَا أُحِلَّتْ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ ، وَهِيَ بَعْدَ سَاعَتِهَا هَذِهِ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ الدَّرَاوَرْدِيِّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالَ : فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ مَكَّةَ حَرَامٌ ، وَأَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَى مَنِ انْتَهَكَ حُرْمَةَ صَيْدِهَا الْوَاجِبِ عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ فِي الْإِحْرَامِ كَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ ، بِقَوْلِهِ : {{ لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ، وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ }} الْآيَةَ ، وَمَا أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ جَمِيعًا عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي حُرْمَةِ مَكَّةَ ، وَهُوَ حَلَالٌ مِنْ وُجُوبِ مِثْلِ ذَلِكَ عَلَيْهِ غَيْرَ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الصَّوْمِ فِي ذَلِكَ ، وَمِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ : إِنَّهُ لَا يُجْزِئُ صَوْمٌ ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ : أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ ، وَمِنْ قَوْلِ غَيْرِهِمْ : إِنَّ الصَّوْمَ يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ كَمَا يُجْزِئُ فِي الْقَتْلِ فِي الْإِحْرَامِ ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ مِنْهُمْ : مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، وَهُوَ الْقَوْلُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا أَنْبَأَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ مِمَّا كَانَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا مِنْ قَوْلِهِ : {{ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا }} ، وَمِنْ قَوْلِهِ : {{ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا }} ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنَ التَّحْرِيمِ الَّذِي كَانَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي شَيْءٍ ، كَمَا لَمْ يَكُنِ الرِّبَا الَّذِي حَرَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الرِّبَا الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ فِي شَيْءٍ ؛ لِأَنَّ الرِّبَا الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ فِي النَّسِيئَةِ ، وَالَّذِي حَرَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي التَّفَاضُلِ ، وَكَانَ مَا دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ مَكَّةَ هُوَ الْأَمَانُ الَّذِي يَبِينُونَ بِهِ عَنْ سَائِرِ أَهْلِ الْبُلْدَانِ سِوَى مَكَّةَ ، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ }} ، وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِمَا كَانَ مِنْ دُعَاءِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَلَوْنَا ، ثُمَّ نَظَرْنَا إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَحْرِيمِهِ الْمَدِينَةَ ، كَيْفَ كَانَ ؟

حديث رقم: 4191

فَوَجَدْنَا عَلِيَّ بْنَ مَعْبَدٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْمَازِنِيُّ , عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ ، وَدَعَا لَهُمْ ، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ ، وَدَعَوْتُ لَهُمْ بِمِثْلِ مَا دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ لِأَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يُبَارِكَ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ وَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّنَا عَلَى أَنَّ الَّذِي كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَدِينَةِ ، هُوَ مِثْلُ الَّذِي كَانَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَكَّةَ فِي أَمَانِ أَهْلِهَا فِيهَا ، وَفِي أَنْ يَكُونُوا فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ النَّاسِ فِيمَا سِوَاهَا ، غَيْرَ أَنَّا وَجَدْنَا فِيمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حديث رقم: 4192

مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ بَيْتَ اللَّهِ وَأَمْنِهِ ، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ مِمَّا بَيْنَ لَابَتَيْهَا ، لَا يُقْطَعُ عِضَاهُهَا ، وَلَا يُصَادُ صَيْدُهَا وَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَحْرِيمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ أَنْ لَا يُقْطَعَ عِضَاهُهَا ، وَلَا يُصَادُ صَيْدُهَا ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ زِيَادَةً زَادَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَدِينَتِهِ عَلَى مَا كَانَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَكَّةَ ، وَدُعَاؤُهُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ ، وَإِجَابَتُهُ إِيَّاهُ فِيهِ ثُمَّ نَظَرْنَا : هَلْ حُكْمُ مَا تُنْتَهَكُ حُرْمَتُهُ بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ مِنَ الصَّيْدِ وَالْعِضَاهِ ، كَمَا تُنْتَهَكُ فِي حُرْمَةِ مَكَّةَ مِنْهُمَا ، وَفِي الْوَاجِبِ بِذَلِكَ عَلَى مُنْتَهِكِهِمَا ؟

حديث رقم: 4193

فَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ابْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ سَعْدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَكِبَ إِلَى قَصْرِهِ بِالْعَقِيقِ ، فَوَجَدَ غُلَامًا يَقْطَعُ شَجَرًا أَوْ يَخْبِطُهُ فَأَخَذَ سَلَبُهُ ، فَلَمَّا رَجَعَ أَتَاهُ أَهْلُ الْغُلَامِ ، فَكَلَّمُوهُ أَنْ يَرُدَّ مَا أَخَذَ مِنْ غُلَامِهِمْ ، فَقَالَ : مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا نَفَّلَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَأَبَى أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : هَكَذَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ

حديث رقم: 4194

وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَا : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ : سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ يُحَدِّثُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : شَهِدْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَأَتَاهُ قَوْمٌ فِي عَبْدٍ لَهُمْ أَخَذَ سَعْدٌ سَلَبَهُ رَآهُ يَصِيدُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ الَّذِي حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَلَّمُوهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ سَلَبَهُ ، فَأَبَى ، وَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَدَّ حُدُودَ حَرَمِ الْمَدِينَةِ ، فَقَالَ : مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَصِيدُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْحُدُودِ ، فَمَنْ وَجَدَهُ ، فَلَهُ سَلَبُهُ وَلَا أَرُدُّ عَلَيْكُمْ طُعْمَةً أَطْعَمَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَكِنْ إِنْ شِئْتُمْ أَنْ أُعَوِّضَ لَكُمْ مَكَانَ سَلَبِهِ فَعَلْتُ ، وَاللَّفْظُ لِيَزِيدَ

حديث رقم: 4195

وَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ , عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخَذَ عَبْدًا صَادَ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ الَّذِي حَرَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَلَبَهُ ثِيَابَهُ ، فَجَاءَ مَوَالِيهِ إِلَى سَعْدٍ فَكَلَّمُوهُ , فَقَالَ سَعْدٌ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ هَذَا الْحَرَمَ ، وَقَالَ : مَنْ أَخَذَ يَصِيدُ فِيهِ شَيْئًا فَلِمَنْ أَخَذَهُ سَلَبُهُ فَلَمْ أَكُنْ لِأَرُدَّ عَلَيْكُمْ طُعْمَةً أَطْعَمَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَكِنْ إِنْ شِئْتُمْ أَعْطَيْتُكُمْ ثَمَنَهُ فَكَانَ فِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّنَا أَنَّ الْوَاجِبَ فِي انْتِهَاكِ الصَّيْدِ وَالْعِضَاهِ بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ غَيْرُ الْوَاجِبِ فِي انْتِهَاكِهِمَا فِي حُرْمَةِ مَكَّةَ ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي انْتِهَاكِهِمَا فِي حُرْمَةِ مَكَّةَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ فِي ذَلِكَ ، وَالْوَاجِبُ فِي انْتِهَاكِ حُرْمَتِهَا مِنَ الْمَدِينَةِ هُوَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ ، ثُمَّ وَجَدْنَا فُقَهَاءَ الْأَمْصَارِ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَيْهِمُ الْفُتْيَا ، وَيُؤْخَذُ الْعِلْمُ عَنْهُمْ فِي الْحَرَمَيْنِ وَفِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ سِوَاهُمَا مُجْتَمِعِينَ عَلَى أَنَّ أَخْذَ سَلَبِ مُنْتَهِكِ حُرْمَةِ الصَّيْدِ وَالْعِضَاهِ بِالْمَدِينَةِ غَيْرُ مُسْتَعْمَلَةٍ ، فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ إِجْمَاعَهُمْ عَلَى تَرْكِ مَا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ كَانَ لِوُقُوفِهِمْ عَلَى نَسْخِهِ ؛ لِأَنَّهُمُ الْمَأْمُونُونَ عَلَى مَا رَوَوْا ، وَعَلَى مَا قَالُوا ، وَلِأَنَّ مَنْ تَرَكَ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَوْ حَكَمَ بِهِ خَارِجٌ مِنْ هَذِهِ الرُّتْبَةِ ، غَيْرُ مَقْبُولٍ قَوْلُهُ ، وَغَيْرُ مُسْتَعْمَلَةٍ رِوَايَتُهُ ، وَحَاشَ للَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونُوا كَذَلِكَ ، وَلَكِنَّ تَرْكَهُمْ لِذَلِكَ كَانَ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى مِثْلِ تَرْكِهِمْ مَا سِوَاهُ مِمَّا قَدْ رُوِيَ فِي انْتِهَاكِ الْحَرَمِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي مَانِعِ الزَّكَاةِ : إِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ وَمَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرِيسَةِ الْجَبَلِ : أَنَّ فِيهَا غَرَامَةَ مِثْلَيْهَا ، وَجَلَدَاتِ نَكَالٍ وَمَا رُوِيَ عَنْهُ فِيمَنْ وَقَعَ بِجَارِيَةِ امْرَأَتِهِ مُسْتَكْرِهًا لَهَا أَنَّهَا تُعْتَقَ عَلَيْهِ ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ مِثْلُهَا ، وَأَنَّهُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ إِلَيْهَا ، وَهِيَ مُطَاوِعَةٌ لَهُ كَانَتْ لَهُ ، وَكَانَ عَلَيْهَا مِثْلُهَا لِزَوْجَتِهِ ، فَأَلْزَمَ جَارِيَةً فَاسِدَةً ، وَجَعَلَ عَلَيْهَا مَكَانَهَا جَارِيَةً غَيْرَ فَاسِدَةٍ ، وَأَعْتَقَتْ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ وَقَعَ بِهَا مُسْتَكْرِهًا لَهَا ، فَمِثْلُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا رُوِيَ مِنَ السَّلَبِ فِيمَا ذَكَرْنَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ وَالْأَحْكَامُ فِيهِ كَذَلِكَ ، ثُمَّ نُسِخَ بِنَسْخِ أَشْكَالِهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ