• 2392
  • أَتَى رَجُلَانِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي غُلَامٍ مِنْ وِلَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ ، يَقُولُ هَذَا : هُوَ ابْنِي وَيَقُولُ هَذَا : هُوَ ابْنِي فَدَعَا لَهُمَا عُمَرُ قَائِفًا مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْغُلَامِ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْمُصْطَلِقِيُّ ، ثُمَّ نَظَرَ ، ثُمَّ قَالَ لِعُمَرَ : وَالَّذِي أَكْرَمَكَ إِنِّي لَأَجِدُهُمَا قَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ جَمِيعًا ، فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ ، فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ حَتَّى اضْطَجَعَ ، ثُمَّ قَالَ : " وَاللَّهِ لَقَدْ ذَهَبَ بِكَ النَّظَرُ إِلَى غَيْرِ مَذْهَبٍ " ، ثُمَّ دَعَا أُمَّ الْغُلَامِ فَسَأَلَهَا ، فَقَالَتْ : إِنَّ هَذَا لَأَحَدَ الرَّجُلَيْنِ قَدْ كَانَ غَلَبَ عَلَيَّ النَّاسَ حَتَّى وَلَدْتُ لَهُ أَوْلَادًا ، ثُمَّ وَقَعَ بِي عَلَى نَحْوِ مَا كَانَ يَفْعَلُ ، فَحَمَلْتُ فِيمَا أَرَى ، فَأَصَابَنِي هِرَاقَةٌ مِنْ دَمٍ حَتَّى وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنْ لَا شَيْءَ فِي بَطْنِي ، ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْآخَرَ وَقَعَ بِي ، فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ ، فَقَالَ عُمَرُ لِلْغُلَامِ : " اتَّبِعْ أَيَّهُمَا شِئْتَ " ، فَاتَّبَعَ أَحَدَهُمَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ : وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مُتَّبِعًا لِأَحَدِهِمَا ، فَذَهَبَ بِهِ وَقَالَ عُمَرُ : قَاتَلَ اللَّهُ أَخَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ

    وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ يَحْيَى بْنِ حَاطِبٍ , عَنْ أَبِيهِ هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ بَحْرٌ وَإِنَّمَا هُوَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَتَى رَجُلَانِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي غُلَامٍ مِنْ وِلَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ ، يَقُولُ هَذَا : هُوَ ابْنِي وَيَقُولُ هَذَا : هُوَ ابْنِي فَدَعَا لَهُمَا عُمَرُ قَائِفًا مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْغُلَامِ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْمُصْطَلِقِيُّ ، ثُمَّ نَظَرَ ، ثُمَّ قَالَ لِعُمَرَ : وَالَّذِي أَكْرَمَكَ إِنِّي لَأَجِدُهُمَا قَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ جَمِيعًا ، فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ ، فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ حَتَّى اضْطَجَعَ ، ثُمَّ قَالَ : وَاللَّهِ لَقَدْ ذَهَبَ بِكَ النَّظَرُ إِلَى غَيْرِ مَذْهَبٍ ، ثُمَّ دَعَا أُمَّ الْغُلَامِ فَسَأَلَهَا ، فَقَالَتْ : إِنَّ هَذَا لَأَحَدَ الرَّجُلَيْنِ قَدْ كَانَ غَلَبَ عَلَيَّ النَّاسَ حَتَّى وَلَدْتُ لَهُ أَوْلَادًا ، ثُمَّ وَقَعَ بِي عَلَى نَحْوِ مَا كَانَ يَفْعَلُ ، فَحَمَلْتُ فِيمَا أَرَى ، فَأَصَابَنِي هِرَاقَةٌ مِنْ دَمٍ حَتَّى وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنْ لَا شَيْءَ فِي بَطْنِي ، ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْآخَرَ وَقَعَ بِي ، فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ ، فَقَالَ عُمَرُ لِلْغُلَامِ : اتَّبِعْ أَيَّهُمَا شِئْتَ ، فَاتَّبَعَ أَحَدَهُمَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ : وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مُتَّبِعًا لِأَحَدِهِمَا ، فَذَهَبَ بِهِ وَقَالَ عُمَرُ : قَاتَلَ اللَّهُ أَخَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ دَلَّ مَا فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ رَاوِيهِ : قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ ، فَكَأَنَّنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مُتَّبِعًا لِأَحَدِهِمَا عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي إِسْنَادِهِ أَنَّهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِلْغُلَامِ : اتَّبِعْ أَيَّهُمَا شِئْتَ ، وَهَذَا خِلَافُ مَا فِي حَدِيثَيِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْتُ ، فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ مَا فِي حَدِيثَيِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ فِي صَبِيٍّ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ ، وَيَدُ مُدَّعِيَيْهِ عَلَيْهِ فَرَدَّ حُكْمَهُ إِلَى مَا يَقُولَانِ فِيهِ ، فَجَعَلَهُ إِلَيْهِمَا جَمِيعًا ، وَمَا فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي صَبِيٍّ سِوَاهُ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ لَوِ ادَّعَاهُ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ ، أَوْ رَجُلٌ هُوَ فِي يَدِهِ لَا يَدَ عَلَيْهِ غَيْرُ يَدِهِ ، فَدَفَعَهُ عَنْ ذَلِكَ ، لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ إِيَّاهُ لَدَافَعَهُ إِيَّاهُ عَنْهَا ، فَلَمْ يَقْضِ عُمَرُ بِهِ لَهُمَا لِذَلِكَ ، وَرَدَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا يَقُولُهُ الْغُلَامُ الْمُدَّعَى فِيهِ ، وَهَكَذَا نَقُولُ نَحْنُ فِي الْغُلَامِ الَّذِي لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ إِذَا ادَّعَاهُ رَجُلَانِ أَيْدِيهِمَا عَلَيْهِ ، لَا يَدَ عَلَيْهِ سِوَى أَيْدِيهِمَا أَنَّهُ يَكُونُ ابْنَهُمَا جَمِيعًا ، وَإِذَا كَانَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يُجْعَلِ ابْنَهُمَا جَمِيعًا بِدَعْوَاهُمَا إِيَّاهُ ، وَجُعِلَ ابْنَ الَّذِي يُصَدِّقُهُ مِنْهُمَا عَلَى مَا يَدَّعِيهِ فِيهِ ، فَكُنَّا نَحْنُ الْمُتَمَسِّكِينَ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ كُلِّهَا ، وَكَانَ هُوَ فِيهَا بِخِلَافِ ذَلِكَ ، وَعَادَ مَا احْتَجَّ بِهِ عَلَيْنَا لِقَوْلِهِ فِيمَا ذَكَرْنَا حُجَّةً لَنَا عَلَيْهِ فِيمَا خَالَفَنَا فِيهِ وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَسْتَعْمِلْ قَوْلَ الْقَافَةِ لِمَعْنًى غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَ الْقَافَةِ لَوْ كَانَ مُسْتَعْمَلًا فِي ذَلِكَ ، لَكَانَ الْوَلَدُ الْمُدَّعَى ، لَمَّا صَدَقَ أَحَدُ مُدَّعِيَيْهِ ، يَكُونُ قَوْلُ الْقَافَةِ حُجَّةً لِلْآخَرِ أَنَّهُ ابْنُهُ ، وَيَكُونُ كَوَلَدٍ ادَّعَاهُ رَجُلَانِ ، فَصَدَقَ أَحَدُهُمَا ، وَكَذَبَ الْآخَرُ ، فَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ لَهُ بِهَا ، وَأَنَّهَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْغُلَامِ ، فَفِي تَرْكِهِمُ الْأَخْذَ لَهُ بِقَوْلِ الْقَافَةِ فِي ذَلِكَ أَنْ لَا مَعْنَى كَانَ لِقَوْلِ الْقَافَةِ عِنْدَهُ مِنْ وُجُوبِ حُكْمٍ بِهِ فِي نَسَبٍ ، وَلَا فِي غَيْرِهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : كَيْفَ يَجُوزُ مَا ذَكَرْتَ ؟ وَيَكُونُ قَوْلُ الْقَافَةِ عِنْدَهُ لَا مَعْنَى لَهُ ، وَهُوَ قَدْ دَعَاهُمْ ، وَسَأَلَهُمْ عَنْ مَا خُوصِمَ إِلَيْهِ فِيهِ ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا وَبِهِ حَاجَةٌ إِلَى قَوْلِهِمْ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ قَدْ كَانَتْ بِهِ حَاجَةٌ إِلَى قَوْلِهِمْ : إِنَّ الْوَلَدَ قَدْ يَكُونُ مِنْ رَجُلَيْنِ ، وَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَحِيلٌ ، فَيُسْتَعْمَلُ فِيهِ الْوَاجِبُ اسْتِعْمَالُهُ بِقَوْلِ مُدَّعِيَيِ الْوَلَدِ ، لَا بِقَوْلِ الْقَافَةِ ، أَوْ يَكُونُ مُحَالًا ، فَلَا يَتَشَاغَلُ بِذَلِكَ ، وَلَا يَقُولُ فِيهِ شَيْئًا ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ كَذَلِكَ

    قائفا: القائف : من يتتبع آثار الأقدام على الرمال ويعرف النسب من الشبه
    بالدرة: الدرة : السوط يُضرب به
    وقع: وقع : جامع
    هراقة: هراقة الدم : إراقته وإسالته وصبه
    القافة: القافة : جمع قائف ، وهو : من يتتبع آثار الأقدام على الرمال ويعرف النسب من الشبه
    اتَّبِعْ أَيَّهُمَا شِئْتَ ، فَاتَّبَعَ أَحَدَهُمَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات